ضمن جهوده في الحفاظ على التراث الإنساني في الوطن العربي، يشارك المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، وبالتعاون مع المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم-آثار ICCROM) ومكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO) في العاصمة اللبنانية بيروت، بتنظيم ورشة عمل ل 22 خبيراً سورياً في مجال التراث الثقافي، وذلك في مقر منظمة (UNESCO) في بيروت في خطوة أخرى لدعم المؤسسات السورية في حماية التراث الثقافي، حيث تستمر الورشة لمدة أسبوعين.
ورشة العمل، وهي الأولى من نوعها منذ اندلاع الصراع في سوريا، انطلقت بتاريخ 25 من شهر نوفمبر الماضي وتستمر تحت عنوان "الإسعافات الأولية للتراث الثقافي المبني في سوريا"، ويشارك فيها خبراء سوريّون من كافة أرجاء سوريا، لاسيما مدن درعا، حمص، حلب ودمشق، وذلك بهدف تدريبهم على اتخاذ التدابير الطارئة لتأمين الأبنية الأثرية المهددة أثناء النزاعات والحروب والتحضير لمرحلة الترميم بعد انتهاء هذه النزاعات.
أكد مدير المركز الإقليمي للتراث العالمي الدكتور منير بوشناقي في كلمته أن لمنظمة اليونيسكو مهمة فريدة في مجال حماية وحفظ التراث الثقافي، مشدّدا على أن هذه المهمة مسؤولية مشتركة وجماعية. كما أوضح الدكتور بوشناقي أن المركز الإقليمي يقدّم دعمه الكامل للمبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي في الدول العربية التي تعاني من أزمات كسوريا، والعراق واليمن. وأعرب عن أمله في أن تعتبر هذه الورشة خطوة أولى ضمن استراتيجية الرد على الأضرار التي لحقت بالتراث الثقافي السوري، وبأن تكون استجابة لسلسلة النداءات التي أطلقتها السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو لصالح الإسراع بحماية التراث الثقافي السوري. كما أشار الدكتور بوشناقي إلى أن المركز الإقليمي العربي ابتعث الدكتور كمال البيطار لتمثيله في ورشة العمل.
دوره أشاد مدير مكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حمد الهمّامي بجهود المنظمّات المشاركة في تنظيم ورشة العمل، موجّها شكره الخاص إلى المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي على مبادرته بتقديم فكرة الورشة أثناء زيارة د. مأمون عبد الكريم لمملكة البحرين في وقت سابق.
أما الدكتور عبد الكريم، مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، فقد أعرب عن شكره لمعالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، وذلك لدورها في دعم التراث الثقافي السوري من خلال المركز الإقليمي الذي عمل جنباً إلى جنب مع المنظمات الدولية كمنظمة (ICCROM) و ال(ICOMOS) وغيرها لحماية التراث السوري الذي ما زال معرّضا للخطر منذ ثلاث سنوات.
كما أكد الدكتور زكي أصلان مدير مركز (ICCROM) على ضرورة التعاون ما بين جميع المنظمات الدولية لحماية التراث السوري المهدّد بالخطر، مشيراً إلى أن مركز (ICCROM) اكتسب خبرة طويلة في تدريب العاملين في مؤسسات الحفاظ على التراث في سوريا لعمله في هذا المجال منذ عام 2004م.
من جهته رحّب الدكتور أسعد سيف المدير العام للآثار والمتاحف في لبنان بالخبراء المشاركين من سوريا، مؤكداً على ضرورة تفعيل دور ورشة العمل على الحد من آثار الحروب على التراث. واستعرضت الدكتور سيف في خطابه العديد من الدروس المستفادة في حماية التراث خلال الحروب التي مر بها لبنان.
ويأتي هذا التدريب في إطار مشروع "الصون العاجل للتراث الثقافي السوري"، وهي مبادرة رائدة بتمويل من الاتحاد الأوروبي والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، وتهدف إلى بناء القدرات التقنية للمؤسسات والأفراد السوريين، وتمكينهم من حماية تراثهم الثقافي الملموس وغير الملموس والحفاظ عليه.
يذكر أن المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في مملكة البحرين افتتح عام 2012م في المنامة عاصمة الثقافة العربية بعد إقرار إنشائه من قبل المؤتمر العام لليونسكو في دورته الخامسة والثلاثين التي عقدت عام 2010م، ويعدّ المرجع الأوّل للعالم العربي للحفاظ على الإرث الثقافي الإنساني والطبيعي للمنطقة.