تمهيد: متى اكترثت حروب الرأسمالية بالأطفال؟
اجادل ان الحروب التي يشعلها قادة العالم بقيت تتعين على تقصد قتل اطفال الغويم - خصوم اعراب الشتات على مر السنين باللعنات والنبؤات والعقاب الالهي وخصوم الأشكنازي والرأسمالية. المالية التجريب علي الاطفال بالأوبئة السامة وبالقنابل العنقودية مثلا في العراق وبالمواد الكيماوية مثلما في سوريا واتهام الحكومة بتلك الجريمة. وبمناسبة مولد المسيح الطفل المقدس الذي عرف بوصفه كمثل الانسان الكامل ولم يكن له اب وتصفه المسيحية الشرقية بابن الانسان وبالإنسان الكامل. ولم يثلث ولا اله حتى رحلت المسيحية الشرقية عبر كورينثيا على يدي بولص الرسول الى غرب اوروبا حسب قول ابونا ابراهيم رسيب الحلبى من سوريا.(1) وحيث انقتضت ايام كانت الطفولة فيها بريئة مقدسة. وكانت الاسرة مقدسة، وكان المجتمع الانساني مقدسا، والبشرية مقدسة تربأ بالطفولة وبالمجتمع مهما كان غنيا او مفقرا عن تعهير او أبلسة الطفولة من كل الشرور. ناهيك عن تعديل الاطفال جينيا كسلع طبية.
النسووقراط .. قرصانات الحيوان المنوي:
الا اننا نلاحظ ان بعض النسويات المغاليات، وقد ازدرين الاسرة ومؤسسة الزواج والانوثة والامومة، تعينت لحساب الصهيونية القبلية على الزراية بالمجتمع وبالبشرية، الا ما خلا المجتمع والبشرية الانتقائيين. وتعيد النسويات المغاليات انتاج المسيج الذي بلا اب. فتتعين النسوية المغالية - التي كنت قد عرفتها منذ اكثر من عشرين عاما بـ«النسووقراط» تعني تلك النسوية المشبوهة مرة بالعنوسة وراء مستقبلهن البرجوازي، ومرة بالحصول على الطفل كما السلعة من فوق ارفف السوبرماركيت، ومرة بكراية أم وسيطة Surrogate mother ومرة بأطفال الانابيب، ومرة بالإخصاب الصناعي والتلقيح الصناعي والذاتي مرة؛ ومرة بانجاب "طفل خارج عمليات التكوين التقليدية والولادة الطبيعية تسمى علميا بـ"الانجاب الفائق للتكوين"Extra-genesis والاخطر مرة بسرقة النطف من رجال لا يعرفنهم ولا يهتممن بذلك اصلا، الا بقدر ما تنهب هاتيك النساء حيوانات الرجال المنوية نهبا منظما. ذلك ان قرصانات الحيوان المنويsemen bandits هاتيك لا يعرفن الرجال الذين يسرقن نطفهم، ولا يرغبن في معرفتهم ولا يستحبونهم بل يكرهن كافة الرجال، ويزرين بهم الا بقدر ما يتعين على غوايتهم واستدراجهم. وذلك هو قمة الحقد النوعي او العنصري او الطبقي او سمه ما شئت.
واحاول تأمل السياقات والعمليات التي خلقت شرط ابلسة الطفولة مثلما كانت الكنيسة فد ابلست المرأة. ففيما عدى ام المسيح مريم التي ليس كمثلها امرأة فقد ابلست كافة النساء بمغبة اقتراف الخطيئة الكبرى. وقياسا لم تكن الكاثوليكية تعفو عن المرأة حتى تنجب طفلا ذكرا. الا انه ما ان قيضت الامتدادات انجاب العبيد والاماء لم يعد ثمة حاجة لان تنجب المرأة ذكرا او طفلة فتحررت المرأة من عبودية نصف آدمية الكائن الدنيا او المواطن من الدرجة الثانية التي حاقت بها حتى عشية الثورة الجنسية. وقياسا فقد سلب الرجل بدوره ما كان يحتسب له من الاولوية في الشرف في الابناء والعائلة. فقد ازدرت الرأسمالية ما بعد الصناعية الاسرة الممتدة والعائلة تباعا فلم يعد يهم كل من شرف الرجل في ابناء والزوجة او يكترث لعراقة النسب.
ذلك انه لما قدس المال بات المال هو القيمة المعلاة. وقياسا غدى المال يبتاع كل شيء من النسب الى الشرف والعقار والمركز الاجتماعي وصولا الى رتب الارستقراطية التي كانت قد راحت تباع منذ الربع الاول من القرن العشرين، خصما على الارستقراطية الكلاسيكية. وعليه فقد بتنا نعيش زمان حافظة النقود خصما على المنبت النبيل او المحتد Purse at the expense of Birth وعصر الانا the age of the self حيث بات الفرد مفردا في عراء كل من الثروة والبؤس بلا انتقاء.
تغريب الاطفال قبل ان يولدوا:
كان الدوس هكسليHuxley قد نشر رواية بعنوان عالم جسور جديد A Brave New World عام 1932 وقد تنبأ في روايته بإنجاب طفل داخل زجاجة. ونشر ديفيد بيمبردج David Bembridge وهو عالم فى الانجاب كتابا بعنوان "طفل فى زجاجة a child in a bottle في خريف 2000 يؤكد فيه ان فترة الحمل قد راحت تتقلص حتى وصلت 17 الى 20 اسبوع فى ظرف 30 عاما منذ اخترعت وسيلة اطفال الانابيب والتلقيح الصناعي والذاتي. وانه حيث اختصرت عملية الانجاب من طرفها الاول بنطف الانابيب واصبح بمقدور الطب ان "ينتج" جنينا في 17 اسبوعا او عشرين اسبوعا في الارحام او الحاضنات الصناعيةArtificial Incubators فان امكانية انجاب طفل خارج الرحم البشرى غدت امكانية غير بعيدة في الزمان، وستصبح مبذولة للمرأة وشيكا.
وكان علماء يابانيون من جامعة طوكيو قد نجحوا في خلق جدى خارج امه المعزة باصطناع حبل سرة ما. كما رتب عالم اخر بكيمبريدج احتمال نجاح العلم فى صنع حبل سرة مماثل يمكن المرأة من "انجاب" طفل خارج عمليات التكوين التقليدية والولادة الطبيعية تسمى علميا بـ"الانجاب الفائق للتكوين Extra-genesis .وتقول النظرية اعلاه ان انجاب طفل مختبريا افضل للطفل والمرأة واكثر عافية، بوصف ان المرأة وعاء اقل صحة وامانا للطفل. وبالمقابل يعفى الانجاب الفائق على التكوين بهذا الوصف جسد المرأة من وعثاء تجربة الحمل والولادة مرة واحدة والى الابد. ذلك ان المرأة النازعة الى المساواة بالرجل لا تروم اكثر من علاقة جنسية وحسب مع الرجل من اجل الاستمتاع بالجنس. ومن ثم فقد تجد تلك المرأة صعوبة في انجاب طفل من علاقة مشتركة مع رجل يشاركها تربية الطفل. وحيث قد يعفى تفادى الحمل والولادة المرأة ويحررها الا ان مسألة التربية تبقى وقفا على النساء، رغم نشوء ما سمى ظاهرة "الرجل الجديد New man.
وتعود فكرة التربية فتهجس للنساء اللواتي يرغبن في تفادى ما يعتبرنه تجربة مرعبة تطاردهن، وهى تجربة الحمل والولادة والتربية وهكذا في حلقة مفرغة. وعلى الرغم من ان الجانب الأخلاقي للإنجاب التكنولوجي لم تنحسم بعد، الا ان هاتيك النساء تدركن الى ذلك ان المؤسسة القائمة على توفير الانجاب تكنولوجيا خارج الرحم البشرى مؤسسة ذكورية (شدما امقت هذه المفردة) ومحافظة، لا تكترث بضرورة فصل "الجندر" Gendre النوع الاجتماعي عن وظائفه البيولوجية من اجل اطلاق سراح المرأة من مغبة الحمل والولادة الخ. `ذلك ان زمان الرأسمالية المالية كان قد حل بالدول الاوربية الغربية الصناعية سراعا؛ فراح يعيد تشكل كل شيء بما في ذلك الانسان. ففيما قد تحدد المؤسسة القائمة على توفير الانجاب تكنولوجيا خارج الرحم كنظائرها السلوك والتطلعات البشرية في المجتمعات الغنية بتوفير عرض سلعة تغرى بعض النساء، الا ان تلك المؤسسة ليست وحسب محافظة، انما غالبا ما تسعى للربح اكثر مما تهتم بالمساواة بين النساء والرجال(2) .
الرأسمالية وعمالة الاطفال:
اجادل ان رأسمالية دعه يعمل Laissez faire كانت قد الفت بداية المرحلة الماثلة لتحور الرأسمالية الصناعية الى رأسمالية مالية، خصما على رأس المال البشرى. مما كرس تجاهل او التقليل من قيمة العمل الحي Living labourوبخاصة عمل الاطفال منذ ازدهار صناعة الدبابيس ابان الثورة الصناعية. ففيما وثقت عدة دراسات تاريخية للعلاقة العرضية بين تقسيم العمل وعمالة الاطفال في بعض الصناعات، خاصة صناعة النسيج والتعدين الا ان باحثا لم يتعين على دراسة كافية لعمالة الاطفال في الصناعات التى ذكرها ادام سميث Adam Smith 1723-1790 لتبيان اهمية تقسيم العمل بوصفه اداة رأس المال في المراكمة الرأسمالية، وبالتالي للرأسمالية بهذا الوصف. ففي تبيانه لما اسماه صناعة الدبابيس المتهافتة يوضح ادم سميث ما قدر بما بين %240 الى 4800 % من العوامل التي من شأنها ان ترفع من معدلات الانتاجية عن طريق تقسيم العمل الى 18 عملية محددة. وقد كان على بعض الباحثين اللاحقين مثل باباج Babbage ان يتعينوا على توضيح حقيقة ان اهم خاصية في تقسيم العمل من حيث المردود تميز رب العمل اي الرأسمالي انه يستأجر العامل وحده دون اسرته اي زوجته واولاده. مما كان وما يبرح حريا بان يخفض كل من اجر العامل بثلاث مرات ونصف المرة كما يقلل من تكلفة الانتاج خصما دخل الاسرة وقيمة عملها مرة ثانية. وفي نفس الوقت فان المخدم يحظى بهذا الوصف بزيادة في الانتاجية غير مسبوقة.
ذلك ان تقسيم العمل اصبح معه ممكنا للرأسمالي ان يستخدم- ضمنا بتشغيل اسرة العامل معه دون الاعتراف بوجودها او قيمة عملها- يستخدم عمالة رخيصة واقل مهارة من عمالة القوة العاملة التي يستأجرها علنا. واجادل ان لعل ذلك كان راجعا الى ان الاسرة كانت حتى القرن التاسع عشر بمثابة رقيق منقول Chattel slaves للزوج وانه كان يملك ان يبيع الزوجة والاولاد بوصفهم متاع منقول(3) وقياسا فقد امكن تشغيل اطفال في صناعية الدبابيس في عمليتين من عمليات انتاج الدبابيس، واحدة من هاتين العمليتين كمساعدين للعمال المهرة. وعلمية اخرى يشغل الاطفال فيما سمى بالورش الخارجية التي تعتمد على العمل البيتي. وكانت العمالة فى الاخيرة بمثابة عمالة السويت Sweat Labourأي بأجور لا تذكر. أو-و بلا اجر.
وعلى الرغم من ان ادام سميث لم يذكر عمالة الاطفال فى ثروة الامم (1776) the wealth of nations مما يعبر عن تجاهل مدهش حقا، يقول البعض ان ادم سميث كان غافلا عن الثورة الصناعية حوله، واخرون قالوا انه كان متغافلا عمدا عن تداعيات عمالة الاطفال على نظريته بشأن الاقتصاد السياسي للإنتاج الرأسمالي السلعي. ولعل ذلك بقي وراء الأخذ برأي ادام سميث طويلا مما وقف امام تقنين عمالة الاطفال لوقت طويل. ذلك ان ادام سميث لم يذكر عمالة الاطفال في صناعة الدبابيس كما انه لم يشر الى عمالة الاطفال الا في موضعين فقط وبصورة انتقائية في كتابه ثروة الامم. ففي الاشارة الاولي اكتفي بذكر طرفة او خرافة ان صبيا هو الذى اخترع الآلة البخارية. وفي الاشارة الثانية تذرع بان العامة ليس لديهم وقت لتعليم ابنائهم، فما ان يملك الاطفال القدرة على العمل، فان ابائهم يدفعون بهم لاجادة حرفة يقيمون بها اودهم Smith (1776) ص 432.
تقسيم العمل وعمالة الاطفال ومراكمة الثروة:
اجادل ان مبادئ ومفهوم تقسيم العمل خاصة فى نظرية ادام سميث بشأن اتجاهات السوق الحر Free market اي ما اعرفه باصولية السوق Market fundamentalism ان بادئ تقسيم العمل ادت الى عدم تقنين علاقات العمل الحي الا بقدر ما اصدرت عن الاقتصاد السياسي لرأسمالية دعه يعمل Laissez faireوعمالة الاطفال تاريخيا وحتى اليوم. ذلك نشوء رأسمالية دعه يعمل كانت قد الفت بداية المرحلة الماثلة لتحور الرأسمالية الصناعية، الى رأسمالية مالية، خصما على رأس المال البشرى. هذا ولم يكن ادم سميث وحده الذي تعين على تجاهل او التقليل من قيمة عمل الاطفال في صناعة الدبابيس، فقد كان الاخصائيون البريطانيون قد امروا حتى 1841 بتجاهل عمل الزوجات والبنات والاولاد في مساعدة رب العائلة او الرجل في تقاضى اجور؛ (Kirby 2003) وهي نفس السياسة التي لم تنفك وقد ادركت في 1967 ان ثمة موارد هائلة في عمل المرأة There is tremendous resources in women’s labourفراحت تنادي بتمكين المرأة Empowering women خصما على الرجل، وكأنها احلت بعض النساء مكان جميع الرجال والاطفال، انكارا لعملهم وخصما عليهم جميعا وعلى كافة النساء فى الهوامش والامتدادات مثلما انكر ادام سميث عمل الاطفال في المراكمة وفي ثروة الامم معا.
وقياسا اجد في موقف ادام سميث ما هو اخطر من تجاهل عمل الاطفال. فان قال ادم سميث بان ثروة الامم تقاس بالمعادن النفيسة، فقد قصد من ثم ان رأس المال وظيفة تلك الثروة بهذا الوصف. وفي هذه المقولة نكران لدور العمل الحي في مراكمة الثروة. وقياسا فان انكر ادم سميث احد اباء دعه يعمل وهي نظرية الفيزيوقراط الفرنسيين النبلاء، وكانت تدعو الى العودة الى الارض، والى ان الملك عليه اطعام العامة لأنه اكبر من يملك من الاقطاعات، كما ان عليه بوصفه راعي الشعب ان لا يترك الاخير محتاجا، فان ادام سميث خلق انتفاء شرط اعادة التوزيع التي تعرف بها الرأسمالية المالية، خصما على الاطفال اكثر من غيرهم.(4) الا ان الانجليز حرفوا النظرية. فقد باتت نظرية دعه بعمل دعه يمر هى السلف الذي تعود اليه كل من نظرية الفيزيوفراط الجدد، والأرثوذوكسية الجديدة، واقتصاد السوق الحر، او اصولية السوق التي كرست الرأسمالية المالية، وصولا الى ظاهرة رأس المال الهارب. ومن المفيد تذكر ان رأس المال الهارب هو سفر تكوين الازمة الاقتصادية او المالية منذ صيف 2007 بسقوط مصرف نورثارن روك Northern Rock عبورا بكارثة الائتمان العقاري، الامر الذي ما لبثت اسواق المال ان اجبرت على الاعتراف به بوصفه وراء الازمة التي جاءت لتبقى .
ثروة الامم وانتاجية العمل الحي ماجورا او مسخرا:
من المقر به ان ثروة اي امة تتمأسس فوق أمرين: الاول هو النسبة بين عدد الذين يعملون فيما يسمى العمالة المنتجة، وبين اؤلئك الذين لا يعملون بهذا الوصف اي تتمثل فى المعارف والمهارات والقدرات اي رأس المال البشري المستخدم بواسطة العمل، اي بصورة عامة انتاجية العمل. وأن اهمية ذلك تعود الى اعادة انتاج الثروة بين منتجي الثروة بهذا الوصف. ولكن عندما ينكر على العمل الحي دوره في انتاج الثروة فان المنتجين حريون بان يدفعوا الى ما يشارف القنانة، اذ لا يعود لرأس المال البشرى حق على رأس المال النقدي او العيني. وهذا ما اوصلت الرأسمالية ما بعد الصناعية العمل اي رأس المال البشري اليه تباعا.(5) وحيث كانت عمالة الاطفال قد اقصيت عن علميات مراكمة رأس المال اي الثروة، فيما ردت الثروة الى المعادن النفيسة خصما على فائض العمل الحي، فقد خرج الاطفال من المعادلة. ولما اخرجت الطفولة من معادلة انتاج الثروة، فقد باتت الطفولة عبئا على المجتمع. ويعبر ذلك عن نفسه في مجتمع كالمجتمع الانجليزي في كراهية الاطفال، وفي الحوادث التي يتعرض لها الاطفال من سوء المعاملة والاستغلال والعصف الجنسي.
وازعم ان النسوية المغالية ساهمت بقسط ملحوظ في الزراية بالطفولة جراء استعرار النسووقراط من الانوثة والامومة، وتأجيل الحمل. ان ارادت احداهن طفلا او شراءه من فوق الشبكة كأي سلعة وفي افضل الشروط تطلب طفلا حسب مواصفات بعينها. فشيأت الطفل وبضّعت الطفولة. واجادل ان النسووقراط ساهمن في انتشار العصف بالأطفال محليا وفي السياحة الجنسية بين اطفال المفقرين في الهوامش مرة. ومرة لان النسووقراط غدون عدوانيات كارهات للرجال، تستفز الواحدة منهن ذكورة الرجل، مما اسفر عن تدمير العلاقة المعافاة بين الجنسين بين بعض الشرائح الاجتماعية. ومرة ثالثة ساهمت النسووقراط في تبضيع الطفولة.
الرأسمالية المالية الاستهلاكية وتبضيع البهجة بالعصف بالأطفال جنسيا:
عندما خلقت الثورة الصناعية شرط نشوء الحداثة وجيزا، لم تلبث الرأسمالية الصناعية ان خلفت مكانها للرأسمالية المالية التى سرعان ما اصطنعت ما بعد الحداثة Post Modernismأي القضاء على الحداثة لحساب كل ما هو غير معرف، بما في ذلك موضعة الطفولة والثقافة ايديولوجيا في سياق التجارة والاستهلاك. وقياسا على ما كانت الرأسمالية الصناعية والحداثة التي انتجتهما الاخيرة، فقد موضعت الحداثة الاطفال والثقافة موضعا ايديولوجيا داخل الحداثة الرأسمالية الصناعية بوصفهما مقدسات، مقارنة مع مجال التجارة والصناعة المدنسين. الا ان ما بعد الثورة الجنسية شهد اختراق صناعة ثقافة الاطفال الرأسمالية المالية وما بعد الحداثة للبناء الرومانسي للطفولة بوصفهما مقدسات مقارنة مع مجال التجارة والصناعة المدنسين. وذلك بإدراج الرأسمالية المالية والنسووقراط ولم تعد الأخيرات تصدرن عن المرأة الام او الاخت او الابنة او الزوجة بمغبة كراهية الامومة والحمل والولادة، وصولا الى تغريب الاطفال – ادرجت الأخيرات بدورهن البناء الرومانسي للطفولة في مجال التجارة والصناعة المدنسين. وكان البناء الرومانسي للطفولة قد استقر على مر قرون ولو مظهريا، بالنسبة للطفولة الملكية والثرية وما الى ذلك.
الا ان صناعة ثقافة الاطفال ما انفكت ان تحولت الى استراتيجية تسويق. ذلك ان الطفولة الرأسمالية باتت مجالا للاستهلاك محليا وللسياحة الجنسية في الخارج. وقياسا فقد اعادت الرأسمالية المالية خاصة تشكيل صناعة ثقافة الطفولة الى استراتيجية ناجزة للتسوق والاستهلاك او-والى عمالة رخيصة للأطفال في علاقات العمل العبودي الذي قيضته وسائل انتاج واعادة انتاج الرأسمالية ما بعد الصناعية، اي المالية، الية التقنية او بادوات انتاج العوالم السفلية. ذلك ان الرأسمالية المالية خاصة وقد راحت تستدعي كيماء المخاتلة والشك في اسطورة قداسة الطفل فقد قيضت انتشار افلام عديد من افلام هوليوود، ظهر فيها الطفل من فيلم البراءة الى بيت امنا our mother’s house الخ شريرا خبيثا متطيرا وحتى مجرما ومتكاذبا وعنيفا يصفع ابيه ويضاجع امه مثلا. كما راحت الرأسمالية المالية تعيد تعريف، وتثير الظن بشأن، نجاسة التجارة والصناعة والسوق، وتسقط عليهم قدسية وتنفي اختراق الأخيرات لعالم الطفل. وقياسا فقد خلقت ما بعد الحداثة مناخ الالتباس بشان التشكيك في سردية كل من الخير والشر والقناعة والجشع وغيرها من مفردات قاموس الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية. وقياسا راحت الرأسمالية المالية تنظم ثقافة الطفل، على ضوء وفي تقابل مع الشروط التي تنتج الرأسمالية المالية، السلع الاستهلاكية للطفل.
ففيما راحت اله الاعلان والكتاب الرديؤن يستدعون لغة جورج اوريل فى روايته 1984 القديمة والجديدة، فقد جردت عملة اي لغة أولئك الكتاب الرديئين الرديئة عملة او لغة الكتاب الشرفاء الجيدين. وربما كان مفيدا الاستطراد فيما فعل اورويل لمصلحة من يكون قد فاته ذلك. فقد اصطنع جورج اورويل في روايته 1984 مفردتين اصيلتين الاولي هي Orwell's Oldspeak الكلام او اللغة القديمة، والمفردة الثانية هي الكلام او اللغة الجديدة Newspeak(6)ويقول اورويل ان تلك اللغة تختزل الخيارات المتوفرة لأولئك الكتاب الرديئين (لذلك يحنق علينا المتزلمون والمتمولون والمرتزقة. فايا الاخرين يجبرونهم على تلك اللغة الرديئة مثلهم او-و الاحرى ليس لديهم لها بديل لإفلاسهم. فلا يملكون استخدام سوى ما تفرضه عليهم اعتبارات تزلمهم (فيتمنون موتنا ويهددوننا بالقتل تخلصا من نموذجنا الذي يؤرقهم ليس لان لهم ضمير ولكن لان وجودنا يفضحهم حتى امام اسيادهم) فاختزال الخيارات المتوفرة لأولئك الكتاب الرديئين بسبب اللغة الجديدة تلك يشوه الكتاب اخلاقيا مجددا مرة بمغبة المال السياسي الخ. ومرة ثانية يشوههم المال السياسي والتزلم سياسيا. فتلك اللغة تسمح لأولئك الكتاب ان يشوهوا انفسهم وقرائهم عن طريق استخدام نثر مصنوع سلفا Ready Made Prose بوساطة اسيادهم. وقياسا لا يملك أولئك الكتاب الحياد او الخروج عن ذلك النثر المصنوع سلفا لهم، مما يجعلهم مثل الاسطوانة المشروخة يكررون ذلك النثر المصنوع سلفا. اما الكلام او اللغة الجديدة Newspeak فهي لغة مسيطر عليها، وقد اصطنعت الدولة التوتاليتارية تلك اللغة كأداة لتحجيم المفردات والمفهومات، وتجريف حرية الفكر، وكل ما من شأته ان يؤلف تهديدا للنظام. ومن ذلك مثلا كلمة الحرية والتعبير الفردي والفردية والسلام. فكل كلمة غير تلك التي يستخدمها ويسمح باستخدامها النظام تعتبر جريمة فكر Thought Crimeويطلق عليها هذا التعريف بهذا الوصف. وحيث يتفادى قاموس 1984 فيما يتفادى كل ما من شأنه ان يشير الى الموارد البشرية Human resources ازعم ان الاخيرة مفردة تكفيرية. فالرأسمالية المالية الصهيونية العالمية وكذا اصلها وفرعها الاكثر سمّية More Toxic الصهيونية القبلية Feudal Zionism تتطير من اي ذكر للبشرية اي للشعوب فهي كارهة للشعوب منذ موسى ويشوع(7). وللأطفال منذ تبعة الدمBlood Libel مما اناقشه فى الجزء الثاني. المهم تعين اولئك الكتاب الرديئين قصدا على اشاعة التشكك فيما بقي البعض يراه فداحة تبضيع الطفولة. وذلك لان الاخيرين اخيار الناس وقد روعهم سيرورة المال، وقد بات يكتسب هالة قدسية(8). خصما على ما عداه. وانه ما ان باتت للمال تلك القدسية فقد بات لكل شيء ثمن. وما ان بات لكل شيء ثمن فلم يعد لشيء قيمة بما في ذلك الطفولة والبشرية جمعاء.
كيف تبضع الرأسمالية الطفولة؟:
لاستغلال الرأسمالية للطفولة تاريخ طويل قديم. فرأسمالية القرن التاسع عشر استخدمت، وأساءت استخدام، واستغلت الاطفال كعمال، مما بينه بصورة مدهشة فردريك انجلز في كتابه احوال الطبقة العاملة في بريطانيا. وكذلك اي بي تومسون EP Thompson في كتابه صناعة الطبقة العاملة الانجليزية(9). وفي القرن العشرين بدأت الرأسمالية المالية تستهدف الاطفال كاحتياطي مستهلكين، وفي القرن الواحد والعشرين خطت الرأسمالية خطوة اخرى عن طريق رفع الكفالة والدعم، مما كان يؤلف مكونا واقيا عن طريق دولة الكفالة الراجعة وجيزا لنهاية الحرب العالمية الثانية. فقد فتح مايسمى المجتمع الكبير The big societyوهو مفهوم محافظ جديد Neo-con او ليبرالي جديد neo –lib فتحت بابا عريضا امام سوق الاطفال الذي تؤيده ايديولوجية الليبرالية الجديدة واسيادها المحافظون الجدد.
ففيما كانت الاخيرة تستدعي حرية الاختيار بما في ذلك معنى ان للطفل ان يدير التلفاز او يغلقه على برامج مخرجة اصلا لغواية الاطفال، فان عشرات من علماء النفس والمتخصصين في الاعلان وفي الطفل، كانوا قد راحوا يتعينون على توظيف كل اشارة وكل ضوء وكل لون وكل شكل وكل صورة من اجل اختراق ذهن الطفل وعقله، بغاية حض الطفل على الشراء والاستهلاك (10) وتتعين الشركات الكبرى وصناعة اللعب ودور النشر والمنظمات التعليمية على استهداف الطفل. وقياسا ما انفك الاطفال ان اصبحوا موضوعا سهلا للغزو الاعلاني، ولنماذج الاستهلاك التي من شانها تحويلهم الى مستهلكين وعمال طيعين تباعا to turn them into compliant workers and consumers وتقول نعومي كلاين في كتابها الماركة المسجلة the logoان الاطفال يتعرفون علي انفسهم بما يملكون وليس بما هم عليه. فما يهم في رأسمالية القرن الواحد والعشرين الاستهلاكية المتقدمة هو الماركة المسجلة للسلعة What matters in 21st century advanced consumer-capitalism is the value of a sign، a brand a label، a logo (11)
فقد حققت رأسمالية القرن الواحد والعشرين الاستهلاكية المتقدمة بذلك وظيفتين على درجة من الاهمية للرأسمالية الاستهلاكية وهما السيطرة على الطفل الفضولي وغير المروض او الثائر وكل طفل غير منضبط. وقياسا تخلق راسمالية القرن الواحد والعشرين المتقدمة تلك او الناكصة بالأحرى انضباط الطفل باكرا في قيم ومفاهيم وحاجة الرأسمالية من ناحية، ومن ناحية أخرى تخلق الفرد المجد في طلب ما تعرضه عليه الرأسمالية المالية من السلع التى لم تعد تنتجها وانما تنتج في الامتدادات بعلم اطفال ومسخرين فى فابركات السويت شوبز sweat shops وبقوت يومهم دون علم ذلك الطفل وافسادا له.
العلاقة الطردية بين امومة الطبقات العاملة والفقر وافقار الطفولة :
تعتبر النساء سواء عملن ما بين الحمل والولادة وتربية الاطفال او لم يعملن من افقر الفئات فى المجتمعات الغنية. ذلك ان الامومة تحسب على النساء وكأنها غرامة توقع عليهن لعدم الانخراط في سوق العمل الاجير او-و اذا خرجن من الاخير جراء الحمل والوضع وتربية الاطفال. ولعل الزراية بالأمومة وتربية الاطفال تعود الى فقدان المرأة الحق في التخفيض الضريبي على دخل الاسرة التي يعمل الاب على اعالتها. وكذا فان المرأة بهذا الوصف تفقد الحق فى معاشها كاملا. ذلك ان فترات تغيب الزوجة بسبب للحمل والوضع والولادة تخصم من فوائد ما بعد خدمة هاتيك النساء ويمثلن اغلبية النساء فى اى مجتمع. فان تترك المرأة العمل الرسمي للحمل والوضع والولادة وتربية الاطفال تضحى بالامتيازات المعقودة على غيرها من النساء العاملات.
وكانت الأخيرات اخترن بين الامومة والنجاح المهني والمادي، وقد تعينت بعضهن على كراهية الاطفال غالبا أو-و استعررت بعضهن من أنوثتها حتى وقت قريب حيث لم تنفك كلا المرأتين ان راحت تزوق طعم الندم على حياة انسانية سوية وقد فاتها قطارها مما اناقشه فى بحث اخر. المهم ان عادت المرأة الى وظيفتها السابقة تكون قد فقدت السنوات التي قضتها خارج، "العمل" وقياسا تبقى الامهات عند قاع السلم الاجتماعي اقتصاديا، ويكرس مفهوم الثروة المادية في التراث الرأسمالي دونية العمل الاجير الذى ينتج الثروة دون ان يقر له بذلك كما لا يقر له بالإسهام في انتاج قوى العمل. ذلك ان على المجتمع انتاج القوى العاملة بالمجان لأصحاب العمل فالرسماليين لا يتكبدون هم اعادة انتاج المجتمع بل قد يتعينون على تدمير المجتمع بالنيل من مكوناته كل على حدة برفع فئية خصما على اخري فتتحارب فئات المجتمع لحساب الراسماليين كما يدرك الناس في كل مكان
-افقار الامهات أو-و تأنيث الافقار أم افقار الحركة النسوية؟ The Feminisation of Poverty or impoverishment of the women Movement: يؤلف الرجال في بريطانيا 26% من القوى العاملة فيما يحتلون 79% من فرص العمل المتوفرة واكثر من 90% من الوظائف العليا. وتتراتب العلاقة العكسية بين مصالحة المرأة والدولة والخبراء والمنظمات غير الحكومية. وينشر مبدأ اقرب الى المرابحة في الاقتصاد التقليدي في اسواق العمل المهيكلة لحساب الرأسمالية ما بعد الصناعية وبعلاقات عمل تشارف العبودية. فقد الهمت طواعية قدرات المرأة فى الاعمال المنزلية وخارج المنزل فكرة تطويع العمل الحى فى سوق العمل المهيكل مما قيض احلال عمل المرأة غير المدرب الطيع اللا مسيس اللا منظم الرخيص وكذا عمل الاطفال المماثل بوسائل الانتاج المتقدمة بصورة غير مسبوقة مكان عمل الرجال المنظم المسيس المدرب. وبالمقابل اغوت الرأسمالية المالية اقليات النساء بدخول تفوق اجور أغلبيات النساء الحقيقيات فيما اوكلت الى تلك الاقلية استعداء الرجال وعلي تقويض العائلة. ومع ذلك ففيما تبقى تلك الاقلية من النساء بلا حول سياسيا الا انهن يأخذن على عاتقهن سواقة أغلبيات النساء والرجال والاطفال فى سوق عبودية اسواق العمل ما بعد الصناعي.
وتتنبه المرأة في المجتمعات الغنية تباعا على خطورة الفخ الذى أوقعت فيه بتصور انها تحررت واستقلت بتحرر من الحمل والولادة وسعدت وحيدة بلا زوج. ومع ذلك فان استمثال المجتمعات الغنية ينتشر بواقع ما يسمى الفجوة الثقافية Cultural Lag بمعنى انه فيما تنفطم النسووقراط وقد تستغفر بعضهم من التجديف بحق الانوثة ومؤسسة الزواج والامومة فان موضات الفكر والتنظيم غالبا ما تصل متأخرة سنوات فيما تصل موضات الازياء صبح اليوم التالي لعرض الازياء في العواصم الغربية. ولقد شهدت ذلك فى المجتمعات العربية وفي روسيا المرسملة اي الفيدرالية غب سقوط المعسكر الاشتراكي، وفي بولندا والمانيا الشرقية غب سقوط حائط برلين، وفي سلوفاكيا وسلوفينيا غب سقوط تشيكوسلوفاكيا، وفي الصين الشعبية غب الانفتاح. وقياسا فان الشلل يبقى وينتشر في اطراف المجتمعات المفقرة المستقطبة في العولمة وقد اذعنت تلك المجتمعات او بعض شرائحها لعصاب احتذاء كل ما تفعل المجتمعات الغنية، وتترك دون الانتباه الى ما قد تدرك تلك الشرائح ولو بعد حين ما خسرت او -وتستدعي ردود افعال اصولية
المتاجرة بالأمومة باستلاب الذكورة والابوة:
تدعى نساء انجبن ثمرة ليلة غرام واحدة One Night Stand حقوقا تسقطها على كافة حقوق الامهات العزباوات في مواجهة الرجال، بالمناداة بحرمان جميع الرجال من حقوقهم الابوية، في رؤية وزيارة، ناهيك عن حضانة، ابنائهم. وعندما تكون الام مدمنة مخدرات او كحول او مهملة فغالبا ما يعطى عمال الخدمة الاجتماعية الابناء لأسر تتبنانهم دون ابائهم. وتنبري هاتك النساء بمساعدة محاميات وغيرهن من المدافعات عن حقوق الامهات العزباوات، بالمطالبة بقوانين تمنع الاب من أي حق ولو في رؤية ثمرة علاقته بهاتيك النساء بتنويعاتها. وتشيع النسووقراط ومن تبعهن التشكيك فى قدرة الاباء على حضانة الاطفال ورعايتهم. لان اساليب نضال الرجال من اجل الحصول على حقوق مساوية للأمهات، وتكتيكاتهم في اكساب حركاتهم شعبية، اتسمت جراء عدم خبرة الرجال بسطحية وهمجية بعض تنظيماتهم احيانا.
ذلك انه قد يعتقد بالنظر الى حركة الاباء المنادين بحقوق مساوية لحقوق الامهات في حضانة او حتى رؤية أبنائهم ان الرجال يستخدمون اساليب تبدو عنيفة من تعطيل حركة المرور والقاء "قذائف" من الدقيق البنفسجي على الوزراء من فوق شرفة الزوار في مجلس العموم والصعود اعلى عامود الكهرباء مهددين بالانتحار وتسلق احدهم اسوار قصر باكينجهام الاثنين 13.9.2004 فقد تسلق فوصل احد زعماء حركة "العدل من اجل الاباء" الشرقة الشهيرة التي تطل منها الاسرة المالكة عادة على الشعب ابان المناسبات الملكية والوطنية. وكان الاب المذكور فى بذة باتمان Batman للفت الانظار مرة اخرى لشكاوى الاباء، مما اثار تطير الشرطة البريطانية ووزير الداخلية جميعا.
وكأن السفراجيتس Suffragettes اي المطالبات باكرا بحقوق المرأة كن اقل عنفا او ان بعض الامهات لم يعصفن بأطفالهن أو ينتهكنهم جنسيا. الا انه ليس من الصواب السياسي القول أن الطفل معرض على الاقل لاضطرابات عاطفية بدون اب وان الام وحدها لا تكفى. ويدعو حزب المحافظين لتعديل القانون الخاص بحق الاباء فى رؤية وزيارة ابنائهم بحيث يسمح للاب والام في حالة انفصالهما بتقاسم الحق فى تربية الابناء. وقد بات 1 من كل 5 أطفال يعيش في اسرة بلا اب. ولا يعيش 1 من كل 5 أطفال في اسرة بلا أب بسبب الطلاق، وانهيار اركان مؤسسة الزواج فحسب، وانما تتعين بعض النساء على "انجاب" اطفال بلا علاقة مع رجل معلوم او لان الانابيب توفر بديلا للرجال. وقد درجت الامهات بالمقابل على حرمان الاطفال من اباءهم البيولوجيين ان وجدوا، بمنع ابنائهن من رؤية ابائهم والعكس. وقد بقي القانون يتواطأ على او يغمض العين عن تجاوز الامهات المذكورات للأحكام التي قد تصدرها بعض المحاكم في قضايا تشارك حضانة الاطفال.
سوى ان حركة الاباء وبداية اهتمام الصحافة والاعلام بالظلم الواقع على الاباء راحت تؤدى الى درجة من استدعاء التوازن في معاملة الامهات للآباء. وقد اصدرت محكمة بريطانية الاسبوع الثالث من يوليو 2004 قرارا برفع مدة العقوبة على الامهات اللواتي يمنعن الاباء من رؤية الابناء. وقد بات بإمكان القاضي ايقاع عقوبة الخدمة الاجتماعية على الام ان خالفت قرار المحكمة المذكور، وكانت العقوبة في السابق ان تمت مخففة لا تزيد عن غرامة مالية بسيطة. وينادى حزب المحافظين بمحاولة الوصول الى تراض فيما بين الابوين ما قبل اللجوء الى المحاكم. وتكلف الحرب بين الجنسين الدولة البريطانية مثلا 700 مليون دولار سنويا في التقاضي بين الازواج. مما لا يستفيد منه غالبا سوى المحامين والمحاميات- النسووقراط- خصما على الجنسين والاطفال.
وينظم الاباء انفسهم بالمقابل في جمعيات تدافع عن حقوقهم بدورهم. وقد قامت حركات للرجال والاباء على الخصوص مثل "العدالة للآباء" او حركة الانصاف للاباء Movement of Justice for Fathers بقيادة ماثيو اوكونور ومنظمة "الاطفال يحتاجون اباء Children need fathers ومنظمة «تشارك الابوة» Parenting Partnership ومنظمة العائلة تحتاج اباء ايضا Families need fathers too. ذلك ان تكوين العائلة بات يتشكل على مختلف التدابير العائلية بين افراد لا يؤلفون بالضرورة ام واب وأطفال بل قد تتكون العائلة من ام واطفال انابيب وام ورفيق بلا زواج واطفال وزوجين من نوع واحد واطفال الانابيب. وتقوم حركات الرجال والاباء بما يشارف العمل المباشر Direct Action وهو من اساليب العمل الجمعي الفرنسي، اكثر منه الانجليزي. بمعنى طرح مظالم فئة اجتماعية والعمل على تحقيق مطالبها مباشرة وخارج العملية الديمقراطية الليبرالية، وبدون استدعاء اي من الفئات المندرجة حزبيا تحت قبة البرلمان.
وقد لجأ الاباء البريطانيين مؤخرا لأساليب تعتبر غير عادية وغير مسبوقة للفت النظر الى مظالمهم ومنها قذف دقيق ملون من قاعة الزوار في مجلس العموم على رئيس الوزراء، للفت النظر الى قضيتهم. ورغم انهم اخرجوا فورا من القاعة الا ان إحساسا عاما بات ينتشر بين الكثيرين، لأول مرة، بان المحاكم تتحزب للأمهات بلا انتقاء وضد الاباء بلا انتقاء ايضا. وقياسا بدأت مظالم الاباء والابناء تستدعي تعاطفا شعبيا، حتى ولو من باب التشفي في النسويات المغاليات. فقد نجحت تلك الحركة في استعداء الكثيرين رجالا ونساء. ذلك ان المرأة وقد استقوت اليوم طويلا في المجتمعات الغنية بقوانين تمكين المرأة في المحاكم وبالدولة على الرجل ولم تعد المرأة في تلك المجتمعات تعتمد على الرجل ابا او زوجا او ابنا في اعالتها فقد ادى اعتماد المرأة على الدولة بدل الرجل الى نشوء ظاهرة تبدل معايير انتقاء الجنسين لبعضهما وبقائهما مع بعضهما او اللجوء الى الانفصال او الطلاق. وقد بات اختيار الرجال للنساء يغاير المعايير التي كانت حتى نهاية القرن التاسع عشر.
فحيث كان الرجال يختارون النساء على اساس الجمال والجاذبية الجنسية فترضي المرأة الرجل جنسيا وعاطفيا، وكانت المرأة تختار او تقبل وتسعى الى الحصول على رجل يوفر لها ولأبنائها ضمانات عملية اكثر من أي شيء وفوق كل شيء اخر. فقد كان "عيب الرجل جبيه". وكانت افضل الزيجات حيث "يغلب الرجل امرأته بالمال وتغلبه بالعيال". سوى ان المرأة "المتمكنة" غدت تطلب الرجل على معكوس الاساس التقليدي. فلم تعد الضمانات العملية تهم المرأة المتمكنة. فللمرأة المتمكنة مالا ومكانة، مما انقلب معه دور الرجل فغدى الرجل يتوفر على ما تطلبه المرأة المتمكنة Empowered women في الرجل بوصف انه محض رفيق او-و قائم على ارضائها عاطفيا وجنسيا. بل تدنى دور الرجل حتى بات-و قد رفضت المرأة مؤسسة الزواج فيما قد تنشد الامومة- في "تزويد" المرأة بنطفة طفل وحسب، حتى لو كان ذلك عن طريق التلقيح الصناعي او-و بسرقة منى الرجل دون علمه طبعا. وقد نشأت ظاهرة ما يسمى بـ"قراصنة الحيوان المنوي" The semen bandits. ذلك ان بعض النساء يلجأن الى خداع الرجال فالحمل منهم دون اذنهم او-و مغافلتهم للحصول على الحيوان المنوي دون علمهم(21).
فتتسوق المرأة الفقيرة او البخيلة التي لا ترغب فى شراء النطف المعروضة على الشبكة حسب الطلب، او تكري اما بالنيابة، ان مثل تلك المرأة تتسوق في بعض المجتمعات الغربية طلبا لاب لطفلها فترتاد الحانات والنوادى الليلية وتتصيد من يروق لها من الرجال، من حيث الملامح والشخصية الخ، ثم تتقرب اليه وتحضّه على الشراب حتى يسكر، فتأخذه معها الى بيتها مخمورا لا يعي لتضاجعه، ثم تسرق منيه وقد تركه داخل المطاط الواقي، التي تحرص هي على الباسه له وهو في غيبوبة الخمر. وقد ذكر شاب انه قابل شابة وتعارفا والتقيا عدة مرات وكان حريصا الا تنتج العلاقة اطفال، فاتقى ذلك بلبس المطاط الواقي في كل مرة. الا انه ترك مرة المطاط الواقي في الحمام فاستخدمته المرأة دون علمه فيما يسمى بالتلقيح الذاتي.
ويشير ذلك فيما يشير الى حالة اليأس لدى المرأة في ان تحصل على طفل، وحالة اليأس لدى الشاب فى الا يغدو ابا(13). وهكذا تتحايل بعض النساء فتسرقن منى رجل رقدت معه ليلة واحدة، او عدة ليال لا فرق. لتستخدمن ذلك المني فيما يسمى بالتخصيب الذاتي ثم ما تنفك المرأة أن:
-تطالبه بنفقة طفل لا علم له ببنوته.
-تخفى عنه بنوة الطفل.
-تمنع علي الرجل رؤية الطفل ان علم. فيغدو الرجل إن عرف بأبوته للطفل تحت رحمة المرأة، في ان يرى الطفل او لا يراه بدعاوى عديدة. تدعمها السلطات القضائية التي باتت تتحزب للمرأة خصما على الرجل، مما ذكرنا تنويعا عليه في بحث اخر. وفي كل ذلك فان تلك المرأة تمنح نفسها حقا على كل من الرجل الذي لا تعرفه ولا تحبه، وعلى الطفل الذي لم تستشره في ان يوجد بلا اب. وهى التي بالمطالبة بحقها على جسدها، فهي نفس المرأة التي تسقط ذلك الطفل لأنه أتى في وقت لم تحسبه هي حسابا انانيا او-و غيرت رأيها في ان تغدو اما.
نهاية الجزء الاول
المراجع والقراءات
(1)شاهدي برنامج الم على قناة المياين الساعة 20.30 بتوقيت الفدس الشريف انظر(ي شاهدي برنامج الم على قناة المياين الساعة 20.30 بتوقيت الفدس الشريف
(2) Radio 4. Week end women's hour: 30.9.2000:415pm
(3) . انظر(ي) رواية توماس هاردي Thomas Hardy عمدة كاستربريدح :The Mayor of Casterbridge:1886
(4). من المفيد تذكر ان الفرنسيين كان يحكمهم دائما ملوك منهم فلم يحكمهم غريب مقارنة مع الانجليز الذين حكمهم و يحكمهم غرباء على مر التاريخ ولم يحكم الانجليز حاكما منهم على مر التاريخ سوى اوليفر كرومويل الذى قطعوا ارجله و ايديه من خلاف و القوا بكل قطعة منه في ركن من المدينة فيما فقد راسه و لم يعثر عليه الا حديثا.
(5) انظر(ي)How capitalism commercializes childhood Saturday، November 28، 2009 - 11:00 This Little Kiddy Went to Market: The Corporate Capture of Childhood By Sharon Beder، Wendy Varney & Richard GosdenUNSW Press، 2009288 pages، $39.95 (pb).
(6) انظر(ي) جورج اوريل في روايته 1984 حيث تقف المفردة المحورية الثانية في كلمة Orwell's Newspeak وهي طورها جورج اورويل بهذا الوصف.و تسمى اللغة الجديدة و يقول المحلل الروائي السياسي مايكل شيلدين Sheldon ان اللغة الجديدة هي لغة كاملة Perfect language لمجتمع الكتاب الرديئين
(7) انظر(ي) جورج اورويل فى روايته 1984 حيث تعنى Orwell's Oldspeak لغة رواية ارويل 1984 الافتراضية حيث بعتب اي خروج عليها بمثابة جريمةفكرية
(8) انظر(ي) Beryl Langer12 April 2002:Commodofied Enchantment and Consumer Capitalism: on he net
(9) انظر(ي)Friedrich Engels' The Condition of the Working Class in Britain and E. P. Thompson's The Making of the English Working Class.
(10) انظر(ي) (Baillargeon's Short Course in Intellectual Self-Defense — Find Your Inner Chomsky، 2007).
(11) انظر(ي) (Klein's No Logo، 2000).
(12) www.bbc.co.uk/horizon
(13) من مقابلة فى ساعة للمرأة فى البى بى سى راديو 4 الساعة 10.03 صباح 17 سبتمبر 2003. 8-تعديل الاطفال جينيا كسلع طبية.