ترجمة : محمد عبدالحليم غنيم
الشخصيات :
- هيدويج
- أميليا
- الأم
- هوفمان
- مينا
- آرنو
- هرتز
- فلاحون – نساء – جنود .
الزمان : الحاضر .
المكان : بلد فى دائرة الحرب ( 1915 )
المشهد : حجرة فى منزل فلاح فى بلد تعصف بها الحرب . توجد مدفأة كبيرة على الجانب الأيمن ، وبجوارها مقعد مرتفع الظهر . على الجانب الأيسر منضدة من الخشب ومقاعد وحصير يدوى مفروش على الأرض . باب على اليسار يقود إلى غرفة النوم ، توجد خزانة فى الركن و فى الخلف شباك واسع مع نبات الجيرانيوم القرمزي وباب مفتوح . يوجد عدد قليل من الأسلحة النارية بجوار الموقد . ثمة جو من الألفة العائلية والترتيب والتنسيق فى الحجرة . عبر الباب المفتوح يمكن رؤية النساء وهن يقمن بتخزين الحبوب. وكذلك رؤية أخريات يتحركن وهن يحملن سلالا ضخمة من العنب أو كميات من الخشب ، وتدريجيا يُفهم أن جميع العاملات هنا من النساء ، الأرستقراطيات مع الفلاحات جنبا إلى جنب . بين الحين والآخر تُسمع من بعيد ضربات بوق أو دقات طبل. أو خطوات فرقة من الجنود تسير سريعا . يخيم على المكان كله أجواء من التوتر والقلق والإثارة من أثر الحرب .
أميليا ، فتاة ذات شعر كتانى فى سن التاسعة عشر ، تدخل . لا تلقى بالاً إلى القش الذى كان يغطيها . تقوم بتعبئة حقيبة سراً، لكن بعزيمة تمر الأم بالنافذة و تظهر فى مدخل الباب . امرأة عجوز لكنها قوية وصبورة . تحمل حملاً ثقيلاً من الخشب فى ضجر . تلقى نظرة حادة على أميليا )
الأم : ماذا تعميلن يا فتاة ؟ (تجفل أميليا وتضع الحقيبة فوق الخزانة ) من الذى ذهب بعيداً ؟ ألم يرسلوا فى طلب أرنو؟ .
أميليا : لا .
الأم : ( تتنهد وتسقط حملها فوق الموقد ) هل كل القش فى الداخل ؟
أميليا : نعم . لقد وضعت آخر حمل . كل عملنا الكبير فى شقتنا انتهى ، و مع ذلك ... ( تنظر إلى أمها وتتردد . تبدأ أمها فى قطع الخشب إلى قطع صغيرة ) سوف أفعل ذلك يا ماما .
الأم : دعينى أفعل يا فتاة ، إنه يبعدنى عن القلق . هاتى لقمة نأكلها . ماذا تفعلين بهذا الكيس؟ لأجل من تعبئين ذلك ؟
أميليا : ( مع تسبيل عينيها ) لنفسى .
الأم : ( بقلق ) لأجل ماذا ؟
أميليا : اجلسى يا ماما ، و اثبتى وسأخبرك ...
( تدفع أمها المقعد )
الأم : ( تجفل) هل توجد أية اخبار ؟ بسرعة ! أخبرينى !
أميليا : لا منذ أمس . فقط قالوا أن فرانز فى الجبهة . لا نعرف أين إميل و أوتو ، وكانت هناك تلك المعركة . لكن ....
الأم : ( مغمغة ، وعيناها مغلقتان ) أولادى . أولادى !
أميليا : لا ياماما . يمكن أن يعودوا ( يسمع هتاف )
الأم : ( متنبهة ) ما هذا ؟
أميليا : ( تجرى نحو الباب و تنظر )
إنهم يهتفون لعرائس الحرب . ذلك كل ما فى الأمر .
الأم : آى . كان هناك حفل زفاف آخر .
أميليا : نعم .
الأم : كم عدد عرائس الحرب اليوم ؟
أميليا : عشرة . يقولون .
الأم : ( تومئ بالموافقة ) هذا جيد . هل طلبك أحد يا أميليا ؟ ( تنظر أميليا فى حرج ) لابد أن أحدا ما سيطلبك . أنت فتاة جميلة .
أميليا : ( فى صوت منخفض )
طلبنى هانز هوفمان ليلة أمس .
الأم : أذلك الملازم الشاب الوسيم ؟ أنت محظوظة . هل قلت نعم .؟
أميليا : ( تهز رأسها ) لا .
الأم : آه . حسناً .
أميليا : أنا بالكاد أعرفه . لقد تحدثت معه مرة واحدة من قبل . أوه ماما ... ليس ذلك ما أريد أن أعمله .
الأم : ماذا قلت له ؟
أميليا : ( بحياء ) ذلك أننى كنت فى طريقى للالتحاق بالصليب الأحمر .
الأم : أميليا !
أميليا : لم يصدقنى . قبلنى ... وجريت بعيداً .
الأم : الصليب الأحمر !
أميليا : ( بلهفة ) نعم . ذلك ما كنت أنوى أن أقوله لك حالاً . ذلك هو السبب فى أننى كنت أحزم الحقيبة . ( تأتى بها ) أنا ... أريد أن أذهب . أريد أن أرحل الليلة . لا يمكن أن أقف انتظر .
الأم : هل تتركينى . أيضاً ؟
أميليا : أريد أن أذهب إلى الجبهة مع فرانز و أوتو و إميل ، لكى أطببهم . لكى أعتنى بهم إذا جرحوا ... و كل الآخرين . اسمحى لى يا ماما . أنا أيضاً يجب أن أفعل شيئاً ما من أجل بلدى . جُمع العنب ، و رُتب القش ، وستحصد هدويج القمح . يمكنك أن تستغنى عنى . لقد كنت أحلم بهذا ليل نهار .
الأم : ( تزم شفتيها بشكل حاسم ) لا يا أميليا ؟
أميليا : أوه ماما، لماذا ؟
الأم : يجب أن تساعدينى مع هدويج . لايمكن أن أتدبر أمرها وحدى .
أميليا : هدويج !
الأم : هى غريبة . هى كثيرة السرحان . ألم تلاحظى ؟
أميليا : لماذا ؟ ، نعم . لكنى فكرت أنها كانت قلقة على فرانز . إنها تعبده وأى يوم ربما تسمع أنه قد قتل ، إنه الانتظار وهو الأكثر رعبا .
الأم : لكن مع هدويج ثمة شيء أكثر من الانتظار. آى . سوف تساعدين فرانز أكثر ببقائك فى المنزل لكى تهتمى بزوجته يا أميليا، خاصة الآن .
أميليا : ( مرتبكة ) الآن ؟
الأم : ( تتجه نحو سلة عملها ) هل قالت هدويج لك أى شيء ؟
أميليا : لا .
الأم : آه .. إنها فتاة غريبة ! لقد طلبت منى أن أحفظ ذلك السر .. لا أعرف لماذا ... لكن الآن أعتقد أنه عليك أن تعرفى . انظرى ( بفخر شديد تمسك ملابس الطفل الصغير التى خاطتها )
أميليا : ( بفرح و دهشة ) هكذا فرانز و هدويج ...
الأم : ( تومئ موافقة ) من أجل طفليهما . فى ستة أشهر من الآن ، حفيدى الأول يا أميليا . ابن فرانز ، لربما سوف أسمع صوت مخلوق صغير فى هذا المنزل من جديد .
أميليا : ( بتردد ، وهى تنظر إلى الأشياء الصغيرة )
مع ذلك ... أريد أن أذهب .
الأم : ( بثبات ) يجب علينا الاعتناء بهدويج يا أميليا . ستكون أماً . تلك أول مهمة لنا . أملنا الوحيد فى وريث إذا لم تتزوجى قريباً – وإذا – و إذا لم يعد الأولاد .
أميليا : أرنو رحل .
الأم : آه ، لكنهم سوف يستدعونه بعد ذلك . إن عيد ميلاده اليوم أيضاً . فتاى المسكين . إنه يتعجل الرحيل ؛أراه وقد رحل أيضا . الله يعلم لربما لا أرى أحدا منهم أبداً مرة أخرى . أجلس هنا أمسيات طويلة و أفكر كيف يمكن للموت أن يأخذ أولادى ... حتى هذه اللحظة ربما ماولوا يتنفسون آخر أنفاسهم ... ومع ذلك أحيك هذه الجوارب للطفل وأفكر فى الحياة الصغيرة الثمينة القادمة . إنه عزائى الأول يا أميليا . لا شيء ينبغى أن يحدث الآن .
أميليا : ( مع قليل من نفاد الصبر ) ما الأمر مع هدويج ؟
الأم : لا أعرف ما هذا . إنها تتصرف كما لو كانت لا تريد أن تنجب طفلها إلى العالم . تتحدث بعنف . أقول لك يجب أن يكون لدينا ذلك الطفل يا أميليا ! لا أستطيع العيش بدونه . هدويج تخيفنى . قبل ليلتين وجدتها على حافة سريرها تحدق ... عندما كان ينبغى أن تكون نائمة ... كما لو كانت ترى أشباحاً و تهمس " سوف أرسل رسالة إلى الإمبراطور " ما الرسالة ؟ يجب أن أوقظها من هذا . إنها ترفض أن تفعل شيئاً لطفلها و تقول " أنتظر حتى أرى ما سيحدث لفرانز " إنه أمر غير طبيعى .
أميليا : لا أستطيع أن أفهمها . أبداً لم أستطع . دائماً كنت أفكر فى ذلك لأنها كانت فتاة من بلدة صناعية
الأم : لو أن شيء قد حدث لفرانز و هى فى هذه الحالة الآن ، فلربما فقدت هدويج عقلها تماماً . لذلك من الأفضل أن تبقى بجوارها يا أميليا ، يجب أن نجعلها نصب أعيننا. ( يوجد طرق على الباب ) من ذلك ؟
أميليا : ( تنظر عبر النافذة ثم تهمس ) إنه هانز هوفمان ؟
( يتكرر الطرق )
الأم : افتحى يا فتاة . لا تقفى هناك !
( يدخل هوفمان ، مرح و مألوف ، يميل إلى البدانة ، لكنه مقبول الشكل ، متعود على إذعان النساء إليه )
هوفمان : ( إلى أميليا ) آه . هاه ! أنت أعطيتنى قصاصة الورق أمس .
أميليا : أمى .
هوفمان : ( يومئ برأسه ) طاب يومك يا ماما .
( تنحنى إحتراماً )
( يقترب هوفمان من أميليا ) كيف سارت الأمور معك ؟ لقد و عدتنى أن تتزوج منى اليوم يا أم و عندئذ ...
أميليا : أوه لا .
هوفمان : نعم . أنت وعدت . لقد سمحت لى أن اقبلك .
أميليا : ( تتراجع ) أوه . سيدى .
هوفمان : و عندما جئت إلى ميدان الكنيسة اليوم . لم أجد عروسة لهانز هوفمان . حسناً ، ينبغى أن أقول ، لقد سخروا منى . لأننى قلت لهم لقد وجدت الفتاة المناسبة لى .. أجمل عروس بين الجميع ، لكن غداً ...
أميليا : لا أستطيع .
هوفمان : ( يمسك بها ) أوه ، نعم ، تستطيعين . لن أزعجك كثيراً . أنا فى الجبهة فى أى يوم من الآن . هيا ، عدينى . ماذا تقولين يا ماما ؟
الأم : ( ببطء ) أحب أن أرى زفافها .
هوفمان: هناك !
أميليا : ( جافلة منه و من فكرته ) لكن لا أعرف إذا كنت مناسباً بما يكفى بعد .
هوفمان: حسناً ، القى نظرة على ، ألا تعتقدين أننى جيداً بما يكفى لها يا ماما ؟ بالإضافة إلى ذلك ، لا يمكننا أن نتوقف عن التفكير فى مثل هذه الأشياء الآن يا أميليا . إنه وقت الحرب . إنها حالة طارئة . أنا أيضاً جندى ... أحب أن أموت من أجل بلدى . ذلك يلزم فى الحسبان معاملة طيبة ، ينبغى أن أقول ... لو أنك تحبين بلدك ، و أنت تحبين ، ألست كذلك يا أميليا ؟
أميليا : أوه . نعم !
هوفمان: حسناً ، إذن ، يمكننا أن نتزوج ثم نتعارف فيما بعد .
أميليا : ( بخفوت ) أريد أن أكون ممرضة .
هوفمان : هراء ! الفتيات الجميلات مثلك عليهن أن يتزوجن . الكهنة و الجنرالات ينصحون بذلك . إنه من أجل أرض الآباء . ينبغى أن أذهب . إنها لا تريد أن تتزوجنى يا ماما ؟
الأم : ( مومئة بشكل غير ودى ) آى ، إنه من أجل أرض الآباء كما طلبوا .
هوفمان: بالطبع . إنه واجب وطنى يا أميليا . أنت مضحكة . كل النساء الصغيرات ينتهزن الفرصة . لكنك الوحيدة التى اخترتها . و أنوى أن تكون لى . الآن ، أيتها الفتاة الطيبة – عدينى ( أصوات صاخبة و هتاف يُسمع فى الخارج ، تدخل مينا . متوردة و جميلة )
أميليا : مينا !
مينا : ( تمد يدها ) أميليا ، انظرى ، خاتم زواجى .
أميليا : هارون !
مينا : ( بانتصار ) نعم . عروس حرب .
أميليا : نعم ؟
مينا : ذلك ما أنا عليه ( تدور بفرح )
هوفمان : سعيد من أجلك ! تهانى .
مينا : ألم تسمعوا هتافهم ؟ كان ذلك من أجلى .
هوفمان : لديك شعور بالوطنية يا أميليا .
أميليا : متى تزوجتى يا مينا ؟
مينا : الآن حالاً . كان هناك عشرة منا . أجبنا جميعاً مثل الكورس . كان رائعاً .. حقاً مثل المسرح . ثم ألقى الكاهن الخطاب و رئيس البلدية و القائد . هتف الناس ثم ذهب أزواجنا إلى التدريب العسكرى . . أوه ، لم أكن أبداً مثارة جداً هكذا من قبل . لقد كان عظيماً قالوا لنا أننا كنا وطنيات حقيقة .
هوفمان: عاشوا ! و أنت كذلك .
مينا : سوف تسجل أسماؤنا فى التاريخ ، فى لوحة الشرف كما يقول الناس جميعاً .
( الجميع يتأثر بحماس مينا ، حتى أميليا تتأثر )
أميليا : لكن من الذى ستتزوجين يا مينا ؟
مينا : هنريش برج .
أميليا : ( بشك ) ذلك المتكاسل .
مينا : إنه بخير . إنه جندى الآن . لماذا ، يمكن أن يكون بطلاً ، يقاتل من أجل أرض الأباء ؛ و هذا يختلف كثيراً يا أميليا .
هوفمان : ماذا قلت لك ؟
مينا : ربما لم أكن لأختاره فى وقت السلم ، لكن الظروف مختلفة الآن . لقد طلبنى فقط ليلة أمس ، بالطبع ربما يُقتل . قالوا سيكون هناك معاش للأرامل ... لنا و لأولادنا ... إلى الأبد ، و حتى لو أن الأولاد لم يعودوا . لذلك كما ترىن . ، لا أريد أن أكون خارج أى شيء . على أية حال . كل ذلك من أجل الوطن . سوف نكون مشهورات بعرائس الحرب ، حتى لو كان الاسم براق ، أليس كذلك عروس حرب ! أليس ذلك جيدا .
هوفمان : هنا سيدة شابة سوف تسمع اسمها يُنادى غدا . ( يمسك بيد أميليا )
مينا : ( تصفق بيديها ) أميليا عروس حرب أيضاً . جيد .
هوفمان : سوف تكون فخورة بسماع اسمها ينادى . أليس كذلك يا ماما ؟ امنحينا بركتك .
مينا : أفضل أن أكون زوجة أو أرملة اليوم عن أن أكون عجوز ؛ و أكون عروس حرب ... أوه .
( أميليا تخجل و تضطرب )
الأم : ( مع نظرة تأمل بعيدة ) إنه من أجل أرض الأباء يا أميليا . آى . يا ، لقد قال السادة ذلك . إنها رغبة وحكم هؤلاء الأعظم منا ، إنهم حكماء . بلدنا يحتاج إلى الأطفال . . آى . قولى نعم يا ابنتى . ليس عليك أن تقولى لا عندما يريدك بلدك ! إنها الإمبراطورية . بلدك الذى يطلب أكثر من هانز هوفمان.
أميليا : ( متأثرة و سائلة نفسها أن ترى لو أن وطنيتها قوية بما يكفى لكى تجرب الاختبار ، بينما هوفمان مسحورا برقة أميليا ، يتحرك بمزيد من مشاعره الشخصية )
هوفمان : (يقبل أميليا فى خديها ) هناك ، استقر الجميع .
( هتاف ضعيف يُسمع بالخارج ) غداً سيهتفون لك هكذا ، و عندما أرحل ، سيكون لدى عروساً تقول لى مع السلامة بدلاً من ... ( تدخل هدويج )
( تقف فى الطرقة . تنظر من على بعد إلى الحشود . إنها طويلة . حسنة البنية ، تنظر إلى نفسها بفخر . قوية ، ذات ملامح ذكية ، لكنها شاحبة . عيناها واسعتان بقلق , ذات شعر أسمر ناعم و متموج ....
تستمر الأصوات من بعيد ، هتاف ، و نقاش مختلط بصوت النفير و الخطوات العسكرية . )
هدويج : ( بازدراء ) ها !
( ينبه الصوت الآخرين . يستديرون جميعاً )
الجميع : هدويج !
هدويج : ( مازالت فى المدخل . تنظر فى الخارج ) عرائس الحرب .
مينا : ( بوقاحة ) أنت نفسك عروسة حرب ، يا هدويج
هدويج : ( تلتفت سريعاً ، تحدد مكان مينا و تكاد تقفز عليها )
لا تجرؤىن على أن تقولى عنى عروس حرب . خاتمى ذهبى . انظرى .
( تقبض على يد مينا ثم تقذف بها بعيداً عنها ) ليس من حديد مثل خاتمك.
مينا : ( معنفة بجرأة ) حتى أنهم يسمونك عروس الحرب الأولى.
هدويج : ( بعنف تعلوها و يدها فوق كتفيها ) قولى لماذا ، لماذا ؟
مينا : ( ماشية ) لأنك كنت أول من تزوج عندما اشتعلت الحرب .
هدويج : ( كلتا يديها فوق كتفيها ) لأن الحكومة أمرت ؟ لأنهم رشونى بالوعد بمعاش أرملة ؟ قولى الحقيقة ؟
مينا : ( بخفوت ) لا . دعينى أذهب .
هدويج : و مع ذلك . منذ متى أنا و فرانز مخطوبان ؟ الآن قولى .
مينا : ( شاعرة بالخوف) سنتان .
هدويج : ( تطرحها بعيداً ) بالطبع . الكل يعرف ذلك . كل القرى التى على جانب هذا النهر تعرف أننى كنت سأتزوج هذا الصيف . لقد حلمنا و عملنا من أجل لا شيء آخر طوال هذه الأشهر . لم يكن هناك ما يمكن عمله مع الحرب ... حبنا ، زواجنا . لذلك ترين ، لست عروس حرب ( تمشى بازدراء بعيدا ) لست مثلك ،على أية حال .
( يحدق فيها الجميع )
هوفمان: ( يتقدم إلى الأمام فى سخط ) لا أعرف لماذا هذا الازدراء لعرائسنا ، و الحديث بهذا الشكل .
هدويج : ( تجلس ، نصف مستديرة بعيداً . تهز كتفيها ، وعلى شفتيها ابتسامة خفيفة )
هوفمان : إنهم قادمون لإنقاذ و طنهم و حفظه ، و إلا فسوف يموت .
هدويج : ( بمرارة ) ها !
هوفمان : ( بود شاحب ) إنهن منقذات المستقبل .
هدويج : ( بحزن ) المستقبل !
الأم : ( بهدوء ، وهى تضع يديها على كتف هدويج ) هدويج ، كونى أكثر احتراماً . السيد هوفمان برتبة مقدم .
هوفمان : عندما ذهبنا ...الأفضل منا ... ماذا ستفعل الدولة إن لم يكن لدينا أطفال ؟
هدويج : لماذا لم تفكر فى ذلك من قبل ... قبل بدء الحرب الشريرة ؟
هوفمان : أقول لك إنه لمجد أن تكونى عروس حرب . لهذا الخصوص !
هدويج : ( باستهجان ) ماكينة نسل ( يتراجع الجميع ) لماذا لا تسميها كذلك ؟ قل الحقيقة المجردة و لو لمرة واحدة .
هوفمان : سوف تتراجعين عن ذلك ، عندما تقف أختك فى الكنيسة معى .
هدويج : ( تبدأ ) أميليا ؟ تتزوجك أنت ؟ لا ! أميليا . هل هذا حقيقى ؟
أميليا : ( مضطربة و مترددة وغير واثقة ) يقولون لى يجب أن أقبل – من أجل وطن الاسلاف .
هدويج : تتزوجين هذا الرجل . الذى لا تعرفينه بالكاد . و الذى بالتأكيد لا يمكن أن تحبيه ! لماذا ؟ تجعلين الزواج مسخرة ! أليس الموضوع هو محاولة رشوتكن براتب الأرملة ، إنه شيء تافه جداً ، إنه بعد ذلك لا شيء . بالتأكيد لن تستسلمى لذلك .
أميليا : ( خائفة ) أردت أن أذهب كممرضة ، لكن الكهنة و القادة ... قالوا علينا أن نتزوج ... إلى .. من أجل و طن الآباء يا هدويج .
هوفمان : ( إلى هدويج ) أنا آمرك بالصمت .
هدويج : ليس عندما تكون سعادة أختى على المحك . إذا عدت سوف تضطر للعيش معك بقية حياتها .
هوفمان : ليس هذا هو السؤال الآن . نحن ذاهبون بعيداً ... الأفضل لنا – يمكن أن نموت ، على الأرجح . ألا تفترضين أننا يمكن أن نرسل جزء من أنفسنا إلى المستقبل ، لأننا لا نستطيع أن نعيش جميعاً ؟ و من ثم . ذلك طبيعى و حق أيضاً .
هدويج : ( مومئة ببطء) ما قلته ...أن تلد جندياً من أجل الإمبراطورية . من أجل إعادة الأرض ( بشراسة ) من أجل ماذا ؟ من أجل الغذاء لقائمة الأجيال القادمة . أوه ، إنه إهانة لأنوثتنا ! أن تنتهك كل ذلك لجعل الزواج مقدساً ، ( بهياج ، تسير فى الغرفة ) ألا يمكن لنا نحن النساء أن نتخلص من هذا الغباء ؟ لم تسألنا أبداً إذا كنا نريد هذه الحرب ، ومع ذلك تطلب منا أن نجمع المحاصيل ، و نقطع الأخشاب ،و ندير شؤون الحياة : الخدم و العبيد و الانتظار و النضال وفقد جميع ما لدينا . ، و حمل مزيد من الرجال ... و أكثر لكى يطلق عليهم النار . ! إذا أنجبنا الرجال لكم . لماذا لا تسمحون لنا أن نقول ماذا سيصبحون ؟ هل تريد أن نقتلهم بالرصاص ... حتى النفس الأخير من حياتنا ؟
هوفمان : إن ذلك كله من أجل الوطن .
هدويج : أنت تستغلنا ، و تستخدمنا ... مثل الدُمى و دواب الحمل ، و تتوقع منا أن نتحمل ذلك إلى الأبد دون أن ننطق ، لكن لن أفعل ! سوف أصرخ حتى الموت و الآن تقول ذلك بصوت عال تقريباً ؛ اذهبن . أنجبن من أجل الامبراطورية " يا عرائس الحرب . مرحى !
( تشهق مينا و تبدأ فى الشعور بالرعب . يغضب هوفمان ، و تحدق الأم بقلق . تشحب أميليا )
هوفمان : لم أكن أبداً أحلم أن يكون الحديث عن أميليا بهذا الشكل . إنها أجمل فتاة رأيتها منذ أيام عديدة .
هدويج : ماذا سوف يحدث لأميليا ؟ هل فكرت فى ذلك ؟ أخمن أنك لن تفعل ؟ حسناً ، انظر . عدة قبلات و كلام حلو ، و إثارة فى الحفل ، وسط هتاف الجماهير ، و العيش معاً لبعض الأيام ... أنا لا أسمى ذلك زواجاً . بالنسبة لفرانز و أنا فنحن نعرف ما هو الزواج الحقيقى ، و كيف يكون مقدساً ... ثم ماذا ؟ قبل أن تعرف ذلك . الأمر بالمشى . تترك أميليا لانتظار طفلها . لا زوج ينتظر معها ، أو يراقبها ،فكر فى قلبها لو تعلمت أن تحبك . أى نوع من الأطفال سيكون ؟ انظر إلىً ، ما نوع الطفل الذى يمكن أن يكون لى ، هل تفكر ؟ أستطيع بالكاد أن أتنفس بسبب التفكير فى انتظار فرانز دون أن أعلم ، لحظة بلحظة . بالمناسبة أشعر أننى يجب أن أفكر فى أن طفلى سيولد غاضبا . أنا تلك الطائشة الممتلئة بالقلق . وبالنسبة لأميليا ستعانى الكرب وحدها ، لا زوج يساعدها خلال ساعات الفزع ، ما العزاء الذى يقدمه الوطن عندئذ ؟ وبعد ذلك إذا لم تعد ، من الذى يذهب للحصول على الخبز من أجل طفلها ؟ تكافح وتكافح من أجل إطعام نفسها وطفلها ؛ والوقع الجميل للاسم الذى تدعوننا به ... عروس الحرب ! همف ! كل ذلك سوف ينسى عندئذ . الشىء الوحيد الذى يجعل ذلك يستحق لفترة ، هل تعرف ما هو ؟ الحب . نحن نقاوم ... وسط النار و الماء من أجل ذلك ؛ لكن بدونه ... ( تشير )
هوفمان : ( يسحب أميليا نحوه ) لا تنصتى إليها يا أميليا .
أميليا : ( دافعة هوفمان بعيداً عنها فى عنف ، و تجرى خارجة من الغرفة )
لا . لا . لا يمكن أن أتزوج منك . لا أريد . لا أريد .
( تغلق الباب فى وجهه )
هدويج : ( بانتصار ) لن تكون أبدا عروس حرب لك يا هانز هوفمان .
هوفمان : ( فجأة بغضب ) وسط هذا الصخب . لقد تعرفت اكتشافاً . أنت المرأة . أنت المرأة !
هدويج : أى امرأه ؟
هوفمان : أمس كان هناك اثنين من عروس الحرب . قبل أمس كان هناك تقريباً 30 . اليوم كان هناك فقط عشرة . هناك شائعات ( بالضبط ) سأكتب تقريراً عنك ، سوف يكتشفون أنك مذنبة . سوف أكشف ذلك بنفسى .
هدويج : حسناً ؟
هوفمان : سمعتهم يقول فى الثكنات أن هناك شخص يحدث النساء أن يرفضوا الزواج . و لا يعرفون من هو . لكنهم قالوا لو أمسكوا بها – أمسكوا بأى واحد يتحدث كما تفعلين الآن . ، و يتجرأ على التشكيك فى حكمة الامبراطور و جنرالاته و الكنيسة أيضاً . . ستكون متهمة بالخيانة . أنت تعملين ضد الإمبراطورية . ، ضد أرض الأجداد . ها أنت تفعلين ذلك مباشرة أمام عينى . أعرف ، لقد أخذت أميليا من بين ذراعى . انت المرأة التى تزعج الآخرين و لا تنكرى ذلك .
هدويج : أنكر ماذا ؟ أنا فخورة بذلك .
هوفمان : إذن المكان المناسب هو السجن . هل تعلمين ماذا ستكون نهايتك ؟
هوديج : ( فجأة نظرة بعيداً ) نعم ، أعرف ، إذا لم يعد فرانز . أعرف ، لكن أولاً .
[ تقبض يديها ] لابد أن أوصل رسالتى إلى الأمبراطور .
هوفمان : ( بغضب شديد ) سيتم إطلاق النار عليك بتهمة الخيانة .
هدويج : ( عائدة تضحك قليلاً )
إطلاق النار ؟ أوه ، لا . يا سيد هانز لن تطلق أبداً النار علىً .
هوفمان : لمَ لا ؟
هدويج : هل ينبغى أن أقول لك أنك غبى ؟ أنا امرأة ، أستطيع أن أجمع المحاصيل ، أستطيع أن أحافظ على استمرار الحياة فىً ، وأنت تقاتل هناك بعيداً . والأهم ، يمكن أن أعطيك جندياً لجيشك المقبل .... من أجل المملكة ألا ترى قيمتى ؟ ( تضحك بقوة ) أوه ، لا ، لا يمكنك أبدا أن تطلق النار علىً .
الأم : الآن إذن ، الآن إذن لا تثيرها يا سيدى .
هوديج : [ رأسها بين يديها على المنضدة ] ياإلهى . أتمنى أن تطلق النار علىً ! إذا لم تعد إلىّ يا فرانر ، فلن يكون من الحكمة إنجاب ولد فى هذا العالم ، من أجل هذا الشيء الدموى المدعو حرب .
هوفمان : أنا ذاهب مباشرة إلى مركز القيادة للإبلاغ عنك . [ يبدأ فى الخروج ]
[ يدخل آرنو مثاراً . إنه طفولى الوجه وأشقر، فى أوائل العشرينات ، ويبدو فى الواقع أصغر من سنه ]
أرنو : ( إلى هوفمان ) هناك أمر بالسير حالاً .... فوجك .
هوفمان : الآن .
أرنو : على الفور . أنت مطلوب . قالو أن أخبرك .
[ يتحرك هوفمان بخطوات عسكرية إلى الباب ، ثم يلتفت إلى هوديج ]
هوفمان : سأوفر الوقت للإبلاغ عنك . ( يخرج )
مينا : ( إلى أرنو ) هل فوج هينريش راحل أيضاً ؟
أرنو : هنريش من ؟
مينا : هنريش برج .
أرنو : لا . غداً .
[ مينا ، خائفة الآن تماماً ، تسير خلسة إلى الباب إلى أن توقفها هوديج ]
هوديج : ها ! صغيرتى مينا ، لماذا تسرعين جداً ؟ لن يرحل هنريش حتى الغد . [ تنظر إليها بتمعن ]
هل ستكونين قادرة على محاربة هذا يا صغيرتى مينا أثناء قدوم الأيام الصعبة ، لو أنجبت للإمبرواطوية الجندى سيكون فى ذلك أى عزاء لتعرفى أنك تساعدين فى رفع معدل المواليد .
مينا : ( مرتعشة ) أوه . أنا خائفة منك !
هوديج : خائفة من الحقيقة تقصدين . أنت ترين كل ذلك فى الماضى بما فيه من خواء وحشى يا صغيرتى المسكينة مينا ! ( تضع ذراعيها حول مينا مع رقة مفاجئة ) لكن لست فى حاجة إلى الخوف منى ، يا مينا الصغيرة أوه لا . المشكلة معى هى أننى لا أريد مزيداً من الحرب . فرانز فى الحرب . أنا نصف مجنونة مع الحلم بأنهم قد قتلوه فى أى لحظة ربما أسمع . لو أحببت رجلك مثلى ، يا مينا الصغيرة ، ستفهمين . حسناُ ، اذهبى الآن وغداً قولى مع السلامة لزوجك ... ليوم واحد ...
[ مينا ، تحدق إلى الوراء بخوف ، ثم تجرى نحو الباب ]
[ ينهض آرنو الآن ، بعد أن كان يتحدث إلى أمه فى صوت خفيض ]
أرنو : حسناً ، ماما ، ليس لدى وقت كثير . [ تتعلق بيده ]
هوديج : ( جافلة ) أرنو !
أرنو : أنا ذاهب أيضاً . أعدى هذه الأشياء الصغيرة من أجلى يا ماما ، هل ستفعلين ؟
الأم : ( تذهب إلى الباب وتنادى ) أميليا ـ تعالى ، تم استدعاء أرنو . ( تدخل أميليا ، كل منهما تعانق أرنو بحزن لكن بشجاعة . ثم تجمع الأم والأخت معاً المناديل والكتان وقصاصات الورق المكتوبة وقلم الرصاص وبعض الخردوات الصغيرة ]
أرنو : لدى فقط خمس دقائق .
هوديج : ( برقة ) أرنو ، أخى الصغير ، أوه ، لماذا ، لماذا ينبغى أن تذهب ؟ أنت تبدو صغيراً جداً ,
أرنو : أنا رجل مثل الأخرين ، لا تنسي ذلك يا هوديج كونى شجاعة ... ساعدينى أن أكون شجاعاً .
[ يجلسان على المقعد ]
هوديج : ( متنهدة ) نعم . لا يمكن المساعدة . هل سترى فرانز يا أرنو ؟ أنت تبدو مثله اليوم ... اليوم الذى رأيته فيه أول مرة ، فى الحقول ، فى يوم من أيام نزهة المصنع ، يبدو ذلك من وقت طويل . قل له كم جعلنى سعيدة ، وكم أحببته . إنه لا يؤمن بهذه الحرب ، ليس أكثر منى ، ومع ذلك كان لابد أن يذهب . لقد خشى ألا يلقى أصدقائه فى الجانب الآخر . هل تتذكر هؤلاء الشباب القادمين عبر الحدود ؟ كانوا يعملون جميعاً ذات شتاء جنباً إلى جنب فى المصنع مع فرانز . ذهبوا إلى بلدهم لكى ينضموا إلى أفواجهم عندما بدأت الحرب تؤثر علينا . لم يستطيع أبداً أن يساند هذا ، لم يستطيع فرانز ، حتى لو تطلب الأمر دفع حريته . [ تنهض ، ممتلئة بعاطفة التعبير عن الماضى ] أوه . إنها أمر وحشى جداً ! ولأجل ماذا ... لأجل ماذا ؟
أرنو : إنه واجبنا . نحن ننتمى إلى الوطن . أود أن أقدم حياتى من أجل وطنى .
هوديج : وأنا أود أن أقدم حياتى طوعاً من أجل السلام .
أرنو : لابد أن أذهب ، مع السلامة يا هدويج .
هوديج : ( تتحكم فى عاطفتها وهى تقبله ) مع السلامة يا شجاع ، أيها الأخ الصغير الرائع .
أميليا : يمكن أن أذهب إلى الجبهة أيضاً .
[ يتعانقان بحنان ]
الأم : [ بقوة وهدوء ودون القدرة على الكلام تمسك يده وتضعها على صدرها للحظة ]
قاتل جيداً يا بُنى .
أرنو : نعم يا أمى ، [ ينأى بنفسه عن الدموع ، معاناة صامتة للأم تثير الشفقة . يداها متعامدتان على صدرها ، تتحرك شفتاها فى صلاة . تأخذها هدويج بين ذراعيها وتهدئها ]
هوديج : وهذه الحرب ... لكى تمزق قلوبنا هكذا ! اعملى بعض الشاى لماما يا أميليا ، هل يمكنك ؟
[ تعد أميليا كوبا من الشاى لأمها ]
الأم : [ بعد عدة لحظات تجمع شتات نفسها ] هناك ، أنا على حق الآن ، يجب أن أتذكر ... ويجب أن تساعدانى يا بناتى ... كل ذلك من أجل الوطن .
هدويج : [ على ركبتيها بجوار النار ، تهز رأسها فى بطء ] أتساءل ، أتساءل أوه ماما . أنا لست صبورة مثلك . لا أستطيع أن أتحمل ذلك . أن يكون لك طفل صغير عزيز و ترينه يكبر حتى يصبح رجلاً . ثم تفقديه هكذا ! فأنا أفضل ألا أرى وجه طفلى أبداً .
الأم : نحن نحتاجهم لبعض الوقت . أنا ممتنة لله لما أتاحه لى من نعم .
هدويج : إذاً لابد أننى شريرة جداً .
الأم : هل تنامين جيداً يا طفلة ؟
هدويج : لا . أنا افكر فى فرانز . ربما يكون نائماً هناك و حده فى ميدان المعركة . بدون أية مساعدة ، و أنا هنا أتوق لوضع ذراعى حوله .
( تدفن رأسها بين ركبتى الأم و تنتحب )
الأم : هاش هدويج ! كونى شجاعة ! اهتمى بنفسك ! يجب أن نرى الطفل فرانز يولد بشكل جيد .
هدويج : إذا عاد فرانز نعم ، إن لم ... أنا ...
( تنهض باندفاع ، كما لو كانت تجرى خارج المنزل )
أميليا : ألا تريدين شايك يا هدويج ؟
( تندفع عبر الباب المفتوح و فجأة تواجه رجلا كان على وشك الدخول إلى المنزل . إنه الضابط ، الحاكم العسكرى للبلدة ، و المعروف بالكابتن هرتز لسنوات طويلة و هو مصاب بالروماتزيم ، لكنه مغرور جداً )
هرتز : ( موقفاً هدويج ) انتظرى دقيقة واحدة ، أنت الشابة التى أريد أن أراها ، لن تبتعد عنى هكذا .
هدويج : ( تسحب نفسها متجهه إلى الوراء خطوة أو اثنين ) ما هذا ؟
هرتز : ( ملتفتاً إلى الأم العجوز )
حسناً ماريا ، ابن آخر يجب أن يذهب .- آرنو - . أنت امرأة شريفة . مثال للنبل فى الدولة ( ملتفتاً إلى أميليا ) لقد فقدت زوجاً جيداً جداً ، أفهم . حسناً ، أنت فتاة حمقاء . أما بالنسبة لك ( ملتفتاً إلى هدويج و متطلعاً إليها بانتقاد و قسوة ) سمعت أشياء سيئة جداً . نعم ، لقد تحدثت إلى الناس ... تقولين لهم ألا يتزوجن ، ليس من أجل التناسل . بمثل هذا العمل أنت تعملين ضد الحكومة . إنه طلب صريح و أمر أن جنودنا على وشك أن يستدعوا إلى الجبهة ، و أن على نسائنا الصغيرات الزواج . أنت تضعين نفسك عن عمد فى مواجهة مع الأوامر . هل تدركين أن ذلك خيانة .
هدويج : لماذا يطلبون هذا يا سيد كابتن ؟
هرتز : حكامنا حكماء . إنهم يفكرون فى مستقبل الدولة . الوطن يتلاشى سريعاً . يجب علينا اتخاذ تدابير وثائقية ، يجب أن يكون لدينا رجال للمستقبل ، أحذرك من فعل أو قول أى شيء من شأنه إفساد خطة الإمبراطورية فى الحفاظ علينا ، و لاسيما فى وقت و جودنا القومى فى خطر شديد . إنها خيانة . إن لم تكونى زوجة ابن صديقى القديم ( يشير إلى الأم ) لما كان ينبغى أن أهتم بتحذيرك . و إلا حملتك إلى السجن على الفور . و لا كلمة أخرى منك. مفهوم؟
هدويج : ( بهدوء ، حتى بعذوبة ، و لكن النار فى عينيها )
لو قلت أننى سأصمت هل تعدنى بشيء ما عند العودة ؟
هرتز : ماذا تقصدين ؟ هدوء ؟ بالطبع عليك أن تبقى هادئة مثل شاهد القبر . لو كان لدى شيء أقوله فى ذلك .
هدويج : ( هادئة و متوترة ) أنا أعنى ما أقول ، عدنى أن أرى ذلك لو حملنا لكم الرجال من أجل وطنك ، أنه لن يكون هناك مزيد من الحرب . التأكد من أنهم لن يخرجوا مستعدين للقتل أو أن يكون قتله . ذلك هو العدل . سنقوم بواجبنا .... نحن دائما ... هل ستفعل ذلك ؟ عدنى .
هرتز : أنا- أنا – سخيف ! ستكون هناك دائماً الحرب .
هدويج : إذن يوما ما سنتوقف عن منحكم الرجال . انظر إلى الأم . أربعة أبناء لها مزقوا إرباً خلال شهر واحد . ولا أحد منكم سألها إذا كانت تريد الحرب . أنتم تحتفظون بنا هنا بلا حول ولا قوة نحن لا نريد المدرعات والجيوش والمعارك ، نحن النساء . انتم تمزقون أزواجنا وأبناءنا . لم تسألنا أبداً أن نساعدكم فى إيجاد طريقة أفضل ... وليس لدينا أى شيء نقوله ؟
هرتز : لا . الحرب شغل الرجال .
هدويج : من الذين يعطونك الرجال ؟ نحن النساء . نحن اللائى يحملن ويربين ويتألمن . حسناً ، لو أننا مهيئات لذلك ، فإننا مهيئات لأن يكون لدينا رأى فى مصير رجالنا الذين نحملهن . إذا كنا نستطيع جلب الرجال طائعات من أجل الوطن ، فيمكن لنا أن نجلس معكم فى المجالس الخاصة ونشكل مصير الوطن ، ونقول إذا ما كنا من أجل الحرب أم السلام نقدم أبناءنا الذين نحملهم .
هرتز : [ يقهقه ] الجلوس فى المجالس ؟ ذلك مزحة أفهم ، يا ماما ، إنها صغيرة ... ( يلمس جبهته بغير احتشام ] الجلوس فى المجالس مع الرجال وتشكيل مصير الوطن ! هاه !
هدويج : اضحك يا كابتن . لكن سيأتى اليوم ، وعندئذ لن يكون هناك مزيد من الحروب . لا . سوف لن تحتفظ بنا هنا دائماً ، خرساوات ، وكاداحات فى صمت . لسوف نجد الوسيلة .
هرتز : [ ملتفتا إلى الأم ] هذا ما يأتينا بسبب السماح لفرانز بالذهاب إلى بلدة المصنع يا ماريا . ذلك حيث قابل هذه الفتاة . بلاد المصنع تولد هذه الأفكار ( إلى هدويج ) حسنا لن يكون لدينا شيئاً من هذا هنا [ بلهجة أمرة ] كلمة أخرى من هذا النوع من التمرد . كلمة أخرى للنساء من خيانتك ، وإلا سيتم القبض عليك وتأخذين عقابك العادل . تذكرى أننى كان يجب أن أبحث عنك فى البداية عندما تحدثت ضد هذه الحرب . أنت متشددة ، وتعلمين كيف يمكن التعامل مع أمثالك [ يذهب إلى الباب ، ثم يلتفت إلى الأم ] آسف . ينبغى أن يكون لديك هذه المشكلة يا ماريا ، على رأسى أى شيء آخر . أنت لا تستحقين ذلك [ إلى هوديج ] لقد تم تحذيرك . راعى نفسك . [ تقف هدويج متصلبة ، مع صعوبة فى قمع سيل مشاعرها . نسمع دقات طبول وغناء رجال عن قرب ]
أميليا : [ عند الباب ] إنهم يمرون من هذا الطريق .
هدويج : حى آرنو . تعالى يا ماما . آه . كم يذهبون سريعاً !
[ الخطوات الرسمية خارج الباب . ثمة إيقاع سريع لأقدام مشى أثناء مغادرة الفوج بعيدا جدا عن المنزل ]
هناك هو ؛ حى يا ماما . مع السلامة . مع السلامة !
( تقف النساء عن مدخل الباب ، يلوحن بوداع حزين و يبتسمن فى شجاعة . تخفت الأصوات أكثر فأكثر ، حتى نصل إلى الصمت المعتاد )
فى شهر آخر ، فى أسبوع آخر، ربما ، سوف يذهب جميع الرجال . و سنكون قرية من النساء . دون رجل واحد باق .
( تعود الأم العجوز داخل المنزل مرة أخرى )
هرتز : ( عند الباب ) ماذا قلت ؟
هدويج : لم يبق رجل ، قلت .
هرتز : أنت نسيت سأكون أنا هنا .
هدويج : أنت عجوز . أنت غير محسوب . إنهم يعتقدون أنك فقط امرأة يا سيد كابتن .
هرتز : ( مهان ) أنت .. أنت .
هدويج : أوه . لا تعد ذلك إساءة يا سيدى . أنت شريف . هل اسم امرأة دائما يكون محتقراً ؟ انظر إلى تلك الحقول . من الذى يقوم بتطهيرها و يجعل الكروم نظيفة ؟ أنت تظن أننا نبقى فى البيت لأننا ضعفاء . آه . لا . نحن أقوياء . ذلك هو السبب . القوة لكى تحافظ على استمرار العالم . للحفاظ على أعظم الأشياء المقدسة فى الحياة ... الحب و البيت و العمل . لإبقاء الرجال فى سلام [ مع تغير سريع ] لو كنت حقاً امرأة فقط . يا سيد كابتن ، فلربما يمكن أن تنجب جنوداً للامبراطورية ، ويمكن أن يكون مجدك كاملاً .
[ كان الكابتن العجوز على وشك اتخاذ رد غاضب عندما كان هناك صياح فى الخارج ، الكلمات : أخبار من الجبهة ... وهى الآن أكثر وضوحاً ، يندفع الكابتن خارجاً . للحظة تتجمد النساء شاعرات بالتوجس ]
الأم : أميليا ، اخرجى وانظرى . تعالى هنا يا هدويج .
[ تجثم هدويج على الأرض على مقربة من الأم ، وعيناها متسعتان من الرهبة . بعد لحظات قليلة تعود أميليا ، وهى تجر قدميها ، والحزن على وجهها وغير قادرة على التعامل بما يجب أن يسقط على وجهه المرأتين ، اللتين تحدقان فى وجهها بوجهين شاحبين جدا ]
أميليا : [ ساقطة عند ركبة والدتها] ماما .
الأم : ( تكاد تتنفس ) من منهم ؟
أميليا : كلهم جميعاً .
الأم : [ فى ذهول ] الجميع ؟ جميع أولادى ؟
أميليا : : إميل ... شكراً لله أن بقى أرنو .
[ تسقط الأم رأسها للخلف على المقعد وتصلى فى صمت تزحف هدويج بالقرب من أميليا وتمسك بوجها بين يديها . وتنظر فى عينيها ]
أميليا : ( هامسة ) فرانز ؟
هرتز : فرانز أيضاً .
[ ترقد هدويج منبطحة على الأرض . حزنها صامت جداً ورهيب لأن الموقف جد وقور ورزين . الأم أول من أفاق نفسه وتنحنى على هوديج ]
الأم : هدويج [ تبكى هدويج بتشنج ] لا تفعلى . الطفل . كونى حذرة من الصغير .
[ تجلس هدويج ] من أجل طفلك كونى هادئة ، كونى شجاعة .
هدويج : أحبه جداً يا ماما .
هرتز : نعم ، كان ابنى .. ابنى البكر .
هدويج : ابنك البكر ... وهذا هو الأخير . [ ينهض فى غضب لا يوصف ويأس ] أوه ياربى .
الأم : ( قلقة عليها )
عدينى أن تكونى حريصة يا هدويج . من أجل طفلك . ابنك البكرى ، ذلك الذى يمكن أن يكون ...
هدويج : طفلى ؟ من أجل هذه النهاية ؟ من أجل الامبراطورية ... الحرب التى يمكن أن تكون لا .
الأم : [ لنفسها ] ربما يشبه فرانز .
[ تستولى هدويج بسرعة على المسدس من الرف المعدنى وتتحرك نحو باب غرفة النوم . تشاهدها أميليا وترى ما تفعله ، وتصرخ فى قلق وتندفع لتأخذ منها المسدس ]
أميليا : ( فى فزع ) هدويج ! ماذا تفعلين ؟ أعطنى هذا ! لا . لا يجب أن تفعلى ! لديك الكثير جداً الذى يستحق أن تعيشين من أجله .
هدويج : ( فى ذهول ) العيش من أجل ؟ أنا ؟
أميليا : لماذا ، نعم ، أنت على وشك أن تكونى أماً .
هدويج : أم ؟ مثلها ؟ [ تنظر بحزن إلى الأم العجوز الثكلى ] انظرى إليها . الأم المسكينة ولم يسألوها أبداً إذا ما كانت تريد لهذا الشيء أن يكون أوه . لا . لن أتصرف أبدا بهذا الشكل . أبداً ! لكن أنت على حق يا أميليا . لدى شيء مهم يجب القيام به أولا .
[ تتيح لأميليا أن تضع المسدس فى الدولاب ] ينبغى على أن أرسل رسالة للامبراطور .
[ الأخرون أكثر إنزعاجاً من مزاجها أكثر من حزنها ]
قلت أنك كنت على وشك الذهاب إلى الجبهة لكى تعملى ممرضة يا أميليا . هل يمكن أن تحملى هذه الرسالة من أجلى ؟ أم يحب أن أخذها بنفسى ربما .
أميليا : [ مترددة ، دون أن تعرف ماذا تقول أو تعمل ] دعينى أعطيك بعض الشاى يا هدويج .
[ تسمع الأصوات فى الخارج ، وأصوات حزينة . أحدها قريب من المنزل يبكى نظرة برية عزيمة شرسة تضيء وجه هدويج ]
هدويج : [ مندفعة سريعاً من المنزل ] لقد أخذوا منى فرانز .
الأم : اجعليها تعود ! أخشى ذلك . الحزن جعلها تُجن .
[ تخرج إيمليا مسرعة . صخب الأصوات فى الخارج ، يمكن سماع هدويج وهى تتحدث بغموض إلى النساء . أخيراً يسمع صوتها وحدها ، وفى لحظة تظهر عائدة إلى الداخل وهى لا تزال تتحدث إلى النساء ]
هدويج : ( ضوء مأساوى على وجهها ويد مرتفعة ]
سأرسل رسالة إلى الامبروطور . لو أن عشرة من النسوة أرسلن واحدة مثل هذه ، سيكون هناك السلام ولا مزيداً من الحرب . وعندئذ سوف يستمعون إلى دموعنا .
صوت : ما هذه الرسالة ؟ قولى لنا!
هدويج : حالاً ستعرفن ( بصوت عال )
لكنى أقول لكن الآن ، لا تحلمن مزيداً من الأطفال حتى يعدوننا بأنه لن تكون هناك حرب .
هرتز : ( ظاهراً فجأة وأميليا وراءه )
سمعتك . أعلن أنك رهن الاعتقال . تعالى معى سوف يطلق عليك النار بسبب الخيانة .
الأم : ( بخوف ساحبة إياه إلى جنب ) لا تقل ذلك يا سيدى . انتظر أوه ، لا لا يمكنك أن تفعل ذلك .
[ تخرج من عملها فى السلة وتعرض عليه أشياء الطفل التى حاكتها وتحدق بنظرات ذات مغزى فى هدويج . تظهر ابتسامة بشعة على وجه الرجل . تخطف هدويج الأشياء وتضمها بقوة إلى صدرها كما لو كانت قد ارتكبت دتنيس المقدسات ]
هرتز : هل هذا صحيح ؟ تتوقعين ...
هدويج : ( بفخر ، وإزدراء ) هل لن تطلق النار على لو أننى أعطيتك جندياً من أجل امبراطوريتك وسلاحك ، هل تفعل ، يا سيد كابتن ؟
هرتز : لماذا ... إنه ، لا ، كل طفل يعول عليه فى هذه الأوقات . لكننا سوف نضعك تحت القفل والمفتاح . أنت متشددة . وقد حذرتك . هيا .
هدويج : أنت تريد طفلى ، لكنك مازلت لم تعدنى بما سألتك إياه . حسناً لسوف نرى .
هرتز : تعالى . اسرعى .
هدويج : أعطنى فقط دقيقة . أريد أن أرسل رسالة إلى الامبراطور .
الأم : ( متوقعة ) تسخر منها .
هرتز : حسناً ، حسناً ، اسرعى .
[ تجلس هدويج إلى المائدة وتكتب رسالة قصيرة ]
الأم : ( هامسة ) لقد فقدت فرانز . إنها مجنونة .
هدويج : ( ناهضة ) خذا. لابد أن يتم وضعها فى أيدى الامبراطور .
[ تعطية الرسالة ] مع السلامة يا أميليا ! لن تكونى أبدا عروس حرب يا أميليا .
[ تقبلها ثلاث مرات ]
مع السلاامة يا ماما . [ تحضنها . بعاطفة قوية ]
[ تجمع أشياء الطفل فى يديها ، تعبر الحجرة ، تضغط بالجورب الصغير على شفتيها . وأثناء مرورها بالخزانة تستولى بمهارة على المسدس ، ثم تتحرك داخله غرفة النوم . عند عتبة الباب تنظر من فوق كتفها]
هدويج : ( بثبات ) يمكن أن أقرأ الرسالة بصوت عالٍ .
هرتز : ( تقرأ الملاحظة ) رسالة إلى الامبراطور : أرفض أن أحمل طفلى حتى تعدنى أنه لن يكون مزيد من الحرب "
[ إطلاق نار فى غرفة النوم . يندفع الجميع داخل الحجرة تقف الأم مرتجفة بجوار المائدة ]
هرتز : [ فى رعب ، خارجاً من الحجرة بأشياء الطفل ، والتى يضعها على المائدة ] ميتة . تشا ! تشا ! كانت مجنونة . سوف أكتم هذا ماريا .
[ يمزق هرتز رسالة هدويج إلى الأمبراطور ويخرج من المنزل وهو يهز رأسه . أميليا راكعة فى مدخل غرفة النوم ومنحنية فوق شيء ما وهى تبكى بهدوء . تجمع الأم ببطء مُزق رسالة هوديج وملابس الطفل ، الآن مختلطة بالدم ثم تجلس على المقعد وهى تضمها برقة إلى صدرها ، وتحدق مباشرة إلى الأمام وشفتاها تتحرك بشيء غير مسموع ، تغلق عينيها تتحرك ذهاباً وإياباً وهى ما تزال تغمغم وتصلى ]
[ ستار ]
المؤلفة :
مارون كريج وينتورث ( 1872 – 1942 ) Marion Craig Wentworth
كاتبة مسرحية أمريكية وشاعرة ، ولدت فى مينسوتا عام 1872 . تخرجت من جامعة مينسوتا 1884 ، وعملت بعد التخرج معلمة فى مدرسة فى بوسطن ، حيث انتقلت إليها . من أبرز أعمالها المسرحية " محل الزهور " وهى مسرحية اجتماعية طويلة فى ثلاثة فصول ، تدافع فيها عن حرية المرأة وحقوقها ، ونُشرت عام 1912 . وكتبت أول عمل سياسى لها ضد الحرب عام 1914 وهو " عرائس الحرب " التى يتم ترجمتها للعربية لأول مرة . ولقد نشرت هذه المسرحية فى كتاب عام 1915. وعرضت على المسرح فى العام نفسه ، كما تم تحويلها إلى فيلم سينمائى عام 1916 . من أعمالها الأخرى " يوم قزحى " [ قصائد شعرية ] عام 1939 ، و " العباءة الزرقاء " مسرحية عام 1940 . لكن تبقى أشهر مسرحياتها وأهمها مسرحية " عرائس الحرب " .التى تعد أول صرخة نسائية إبداعية فى وجه الحرب .