(البحرين القديمة: نفوذ التجارة) في الشارقة يستمر حتى 29 مارس القادم

حيث يحتفظ التاريخ بسجلّاته الإنسانية، يستمر معرض "البحرين القديمة: نفوذ التجارة" من روائع مقتنيات متحف البحرين الوطنيّ "الألفيّة الثانية قبل الميلاد – القرن الثالث الميلادي"، والذي يستقبله متحف الشارقة للآثار بدولة الإمارات العربية المتحدة، بتوفير الصورة الحصريّة والعميقة لآثار المملكة وثقافتها الغنية، وذلك حتى 29 مارس 2015م.

 وفتح المعرض أبوابه أواخر شهر أكتوبر 2014م تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور معالي الشيخة ميّ بنت محمد آل خليفة.


و تم تنسيق المعرض من قبل متحف البحرين الوطنيّ، في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الثقافة في البحرين لتعزيز التبادل والحوار الثقافي، كما وتم انتقاء القطع الخاصة بالعرض من ضمن مجموعة المقتنيات الدائمة لمتحف البحرين الوطني، كونها تستعرض أهميَة دلمون القديمة ومكانتها كسوقٍ نابضٍ وحيوي يقع على طرق التجارة البحريّة القديمة التي كانت تربط الشرق الأدنى بشبه القارة الهنديّة.

 

ويسعى معرض "البحرين القديمة: نفوذ التجارة" لدراسة السياق الاجتماعيّ والثقافيّ من خلال عدسة الثقافة الماديّة للبحرين القديمة، فقد كان لحجم الأنشطة التجاريّة على الجزيرة، وسهولة الوصول إليها، والاحتكاك والتفاعل مع مختلف الأسواق والثقافات، تداعياتٌ اجتماعيةٌ وثقافيةٌ كبيرة. وعلى الرغم من وجود بعض الأدلّة على تغيّر الثقافة المحلية إلى حدٍّ ما، إلا أن السجلّات الأثريّة تشير بكلّ جلاء إلى صلابة الثقافة المحليّة للجزيرة وصمودها في وجه تلك العوامل، بل وفرض نفسها كذلك.

 هذا وتمثل تشكيلة القطع المنتقاة من مجموعة المقتنيات الدائمة لمتحف البحرين الوطني التي يحتويها هذا المعرض شاهداً على أهميّة حضارة دلمون القديمة -  والتي عرفت فيما بعد باسم تايلوس - ومكانتها كسوقٍ نابضٍ وحيويٍّ يقع على طرق التجارة البحريّة القديمة التي كانت تربط الشرق الأدنى بشبه القارة الهنديّة.

وقد تم توزيع المعرض على أربعة أقسام رئيسيّة هي "دلمون وتايلوس: قرونٌ من التجارة والازدهار"، "دلمون: مستودع الخليج في العصرَين البرونزي والحديدي (2,000-500 ق. م.)"، "تايلوس، ملتقى طرق التجارة الدوليّة الناشئة (200 ق. م. -  300 م.)" وقسم "ما وراء تأثيرات التجارة: ثقافة فريدة لجزيرة".

 وتحتوي الأقسام على ما يقارب 150 قطعةٍ أثريّةٍ متنوّعة، مثل الأختام المصنوعة من الحجر الصابوني، والقطع الفخاريّة والزجاجيّة والعاجيّة والأواني المرمريّة المعمولة بدقّةٍ عالية، بالإضافة إلى القطع الذهبيّة والشواهد الجيريّة المتميّزة، حيث تدل هذه القطع الأثريّة على حركة التجارة النشطة للمنطقة في الفترة ما بين الألفية الثانية قبل الميلاد إلى القرن الثالث بعد الميلاد، كما وترسم ملامح قرونٍ طويلةٍ من روح المبادرة ومدى ازدهار وغنى التجارة البحرية على جزر البحرين، موطن حضارة دلمون ومركزها السياسيّ منذ عام 2,050 ق.م. والتي بفضل مزاياها الطبيعيّة وموقعها الاستراتيجيّ على ملتقى الطرق التجاريّة القديمة لعبت دوراً محورياً في التجارة الدولية وكوّنت من ورائها ثروةً ضخمة،وقد تكرّر ذكرها في النصوص الإداريّة الرسميّة وكذلك الاقتصادية التي خلفتها حضارات ما بين النهرين القديمة التي تخصّ حركة استيراد المواد الخام، لا سيّما النحاس. ونظراً لانعدام وجود المناجم على أرض دلمون، فمن المرجّح أن تلك النصوص دليل على وجود حركة تجارية ما فتأت تزدهر وتتوسّع في العصور اللاحقة. وعلى الرغم من اضمحلال دورها مع نهاية الألفيّة الأولى قبل الميلاد، إلا أن دلمون – والتي عُرفت باسم تايلوس في العصر الهلنستي - واصلت نموّها عبر القرون التالية. حيث كانت موانئ تايلوس مقصداً تجارياً هاماً، وكان تجّارها يتحلّون بروح المغامرة ويصارعون الأمواج العاتية ليصلوا إلى المناطق النائية والأسواق المربحة