زياد جيوسي ومنى عساف
عقد اللقاء الشهري في قاعة مركز مسارات لمبادرة "هات يدك وارفعني درجة على السلّم" تحت عنوان: التجربة الغنية والمشوار الطويل للكاتب والقاص جمال القواسمي ابن القدس البار في كتابة القصص القصيرة، بحضور عدد من المهتمين من كتاب وشعراء وإعلاميين وقراء.
افتتحت اللقاء ورحبت بالحضور والكاتب جمال القواسمي الفنانة المسرحية ميساء الخطيب، وهي صاحبة الفكرة الإبداعية "هات يدك وارفعني درجة على السلّم". حيث أشارت إلى جرأة القواسمي في مجموعته القصصية "لا ذات لي"، التي تناولت الحياة المعاشة للمواطن المقدسي واستخدامه الجريء للألفاظ المحكية اليومية بشكل مباشر ودون مواربة، قائلة: "نحن أمام حالة متميزة لكاتب بعيد عن النمطية في الكتابة، حيث ينقل القارئ ليعيش القصة ومواجهة ذاته أثناء قرائتها، كمطرقة تخرج القارئ عن النمطية المعهودة والروتين". ثم تركت المجال للشاعر ماجد أبو غوش ليقدم ويعرف الحضور بالكاتب، حيث قال: "واجهت الموت في حياتي مرات عديدة وبأشكال مختلفة، ولم أشعر بالخوف، ما كان يصيبني بالرعب فقط احتمال الإعاقة، مجرد فكرة تحول الحب والمحبة والصداقة الى شفقة كانت تثير في جسدي القشعريرة، مجرد فكرة الذهاب الى الحانة على كرسي متحرك، مجرد أن تنظر نحوي امرأة عابرة بالأسى، مجرد مشاهدة ركض الذئاب في البراري من خلف النافذة، مجرد عدم مقدرتي إهدائك وردة أو كتاب من مدن بعيدة، وعدم استطاعتي السير حافياُ والركض خلف النوارس ومعاكسة السمك على الشواطئ ... كان يصيبني بالرعب.. لهذا كله كنت أخبئ طلقة من اجل هذا اليوم! حتى صادفت جمال القواسمي ... صادفت من هو أشجع مني وأجمل... صادفت من أنقذه الحب/ ماجدة ومحبوبة وديار... حيث أصبحت الحياة تستحق أن نحياها رغم كل شيء... من أجل بسمة من ماجدة، ورسمة من محبوبة، وكلمة جديدة من ديار، وكأس نبيذ جديد مع الأصدقاء... في القدس في الصوانة تحديدا... صار لنا بيت جديد.. بيت الأصدقاء المحبين، بيت جمال القواسمي القاص الأقرب للحكّاء، يرصد ويسرد لنا أحوال الناس في القدس، وإن أردت أن تتعلم شيئاً عن الحب عليك الذهاب لبيته".
رحب الكاتب جمال بالحضور وشكرهم على الحضور في ظل الجو الماطر والبرد القارص الذي تتميز به رام الله في موسم الشتاء، وبدأ جمال الحوار بقوله أن الشخص "المعاق مجبر على التقبل وعليه الفصل بين إعاقته وأن يكون مثال وقدوة وأمل، وفي النهاية المخيلة ليست معاقة وعليه ان يكون كما يريد وكيف يرى نفسه لا كما يريد ويراه الآخرين". وبناء على رغبة الحضور قام بقراءة النصين " تحرير، ضياع" من مجموعته "ذلك هو بيتي"، وقراءة اللحظات الأخيرة من مجموعته القصصية " لا ذات لي" ونص اخر لم ينشر بعد تحت عنوان " أيبكي أم يضحك، يعيش أم يموت".
وخلال اللقاء توالت العديد من التساؤلات المتنوعة حول كتاباته للقصة القصيرة؛ ولماذا لا يكتب للمسرح بشكل مباشر؟ مع أنها ظهرت بوضوح في مجموعته القصصية "نون وقصص أخرى". أجاب الكاتب جمال على هذا التساؤل قائلاً "المسرح هو لحم ودم، وحاولت كثيراً لكنني وجدت نفسي أقرب للقصة". وفي سؤال أخر حول علاقته اليومية بالقدس، كانت إجابته بمثابة قصة قصيرة جداً حيث قال "بكل لحظة تشعر أنك غريب وآخر، أنت لا شيء، وهذا ينطبق على كل شيء، والفلسطيني يدفع ضريبة كل شيء". وعند إجابته على سؤال لماذا يكتب جمال القواسمي؟ أجاب قائلاً " أكتب لأرضي نفسي، والكتابة هي عبارة عن نقطة ارتكاز في مواجهة جبروت الذات والتغلب عليها، والكتابة بحد ذاتها خلق جميل تمثل لحظة تفتح تحتاج الماء والهواء لتخرج".
أما بخصوص السؤال عن يوم المعاق العالمي وماذا يعني له؟ تذكر ما حدث معه وهو يعمل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وبمناسبة يوم المعاق العالمي طلب منه ككاتب أن يكتب عنه وهو الذي يعرف ويدرك ويعيش الإعاقة، تذكر إجابته التي استحضرها قائلاً: "الكاتب الحقيقي لا يستكتب" ويوم المعاق ليس لي ولا يعنيني ولا يذكرني بشيء هو يوم وجد للآخر لكي يتذكر. وفي رده على السؤال الجريء من أحد الحضور، "لو أخذت الكتابة من جمال ماذا يتبقى له"؟ أجاب وبكل ثقة واعتزاز وفخر يبقى جمال!!! وذكر بعض من الظروف الصعبة التي مرّ بها في الفترة الواقعة ما بين 2002 لغاية 2010، وكيف كان عليه البدء من جديد، وخوفه من فقدان أشياء كثيرة بعد توطيد علاقته بها، لأن كل شيء في حياة البشر قابل للتوقف بلحظة ما. وكان سؤال أخر تناول رأيه ورضاه عن كتاباته بعد نشرها؟ قال اشعر برضا بنسبة معينة!!! لكنها تبقى كما هي لأنها تمثل لحظة خروجها وكتابتها، مشيراً إلى ضرورة عدم التضليل في القصة وأهمية محافظتها على الحقائق التاريخية كما هي مع إبداع وخيال الكاتب، وان الكاتب الحقيقي من تجد في كتاباته التسلسل والتراكم المعرفي والإبداعي بشكل مستمر دون تراجع.
وكانت خاتمة اللقاء حول علاقة جمال القواسمي بمدينة رام الله؟ وهل هو فعلاً ينتقد طبيعة الحياة فيها بخصوص ما يعتريها من صخب ومجون؟ توقف قليلاً وابتسم قائلاً: رام الله رغم ما تظهر عليه لعيون الجميع، هي مدينة هشة وبائسة. ومن ثم شكر الجميع وأبدى رضاه عن هذا اللقاء الذي تميز بنخبة من الحضور التي أثرت الحوار وأشعرته بالسعادة والرضى. وغادر الجميع لتناول كوب من القهوة في صومعة العمدة أبو غوش، وعلى موعد مع اللقاء في شهر شباط والذي سيكون محوره قراءات من كتابات الناشئة.