بمناسبة إقامة معرض "تسونامي الخط2" في جاليري رؤى32 للفنون نظم الجاليري مساء السبت الماضي ندوة فكرية حوارية حول تجربة الفنانيين عدنان يحيى وابراهيم أبوطوق في معرضهما المشترك.
تحدث في الندوة د. كايد عمرو استاذ الفنون في الجامعة الهاشمية، اضافة إلى الفنانيين يحيى وابوطوق، حيث استهلا الندوة بالتعريف برؤية كل منهما من إقامة المعرض المشترك.
في تقديمه للفنانين المشاركين والقضايا التي تتناولها الندوة قال هاني حوراني، مدير الندوة، ان من دواعي اعتزاز جاليري رؤى للفنون تكرار تجربة "تسونامي الحرف" للعام الثاني على التوالي للثنائي يحيى وابوطوق، وهما فنانيين جاءا من خلفيتين متباينتين، فالأول، وهو عدنان يحيى، رسام تشكيلي ومدرس للفنون والثاني ابراهيم ابوطوق هو مهندس وخطاط. وقد جمعهما الإنشغال بإمكانات تطوير الخط العربي، وحتى"تثويره" ،واذا أمكن تجاوز قواعده التقليدية المعروفة.
وقال ان المعرض يعرض تجربتين يعكسان الخيارين الرئيسين في التعامل مع الخط والحروفية العربية، أولهما تطوير الخط نفسه واستكشاف امكاناته التشكيلية دون الخروج من نطاق الحروفية، والخيار الأخر هو تطويع الحرف ليكون مادة تشكيل لوحة فنية عربية. فإبراهيم ابوطوق يريد تطوير الخط من داخل قواعده المعروفة، والتي تطورت تاريخياً، بينما عدنان يحيى يرسم الخط ويستعين به لتشكيل لوحة فنية، فهو ليس بخطاط وان كان خبيراً بالخط العربي ومدارسه وأنواعه المختلفة.
اما المتحدث الثالث فهو د.كايد عمرو، وهو ناقد وأستاذ اكاديمي وفنان تشكيلي مخضرم.
الفنان عدنان يحيى عرّف مساهمته بالمعرض من خلال ثلاث اقسام، أولها للوحاته عن مذبحة صبرا وشاتيلا (عام 1982)، وقال ان أعماله المعروضه في جاليري رؤى هي استمرار لأعمال سبقتها تناوبت على قراءة وتوثيق المذبحة في عدة معارض شخصية منذ عام1993، حيث سقط ثلاثة الاف ضحية فلسطيني في المخيمين، وقال ان ملتزم اخلاقياً وفنياً بابقاء ذكرى هذه المجزرة حاضرة في الأذهان والضمائر عن طريق تناولها بأعمال فنية جديدة.
اما المساهمة الثانية فهي مجسماته او منحوتاته التي تعالج موضوعات انسانية عامة، حيث موضوعها حقوق الإنسان المضطهد أينما كان.
وعن القسم الثالث والأكبر من مساهمته في المعرض، فهو لوحاته الحروفية، حيث أخذ يستعمل الحرف العربي ويجسده في كلمات وعبارات تحيلها إلى مرتكز او بؤره للوحته. وقال انه يتقن مختلف أنواع الخط العربي، لكنه لا يمارس مهنة التخطيط وانما يرسم الخط بطريقة فنية خاصة به.
وبدوره شدد الفنان ابراهيم أبوطوق على جمالية الحرف العربي، وقال أن كل من اشتغل به، بما فيهم مدرسة بغداد، والمرحوم شاكر حسن أل سعيد، لم يعوا كما يجب جذر الحرف والطاقة والمعنى والرمزية التي يتضمنها.
واضاف انه منذ ظهور مدرسة "البعد الواحد" وحتى الأن لم يوظف الحرف، ولم يكتمل التعامل معه كما يجب، لأن جذرالحرف لم يفهم كما يجب. وانتهى إلى ان مساهمته في هذا المعرض ماهي الا محاولة في الطريق الطويل للكشف عن طاقة الحرف العربي.
في مستهل حديثة اكد د.كايد عمرو على انه لدينا مشكلة في فهم وظيفة النقد من حيث عدم الوعي ببعده التعليمي والثقافي، ودوره في تجسير الفجوة ما بين المشاهد والفنان وعمله الفني. كما انتقد احجام الفنان التشكيلي عن الحديث عن فنه، بدعوى ان العمل الفني يتحدث عن نفسه، وقال ان على الفنان مسؤولية نشر المعرفة عن فنه، وعن الفن عموما،ً فهو قرأ وشاهد وتفاعل مع بيئته، ومن ثم فإن من واجبه ان يتحدث عن عمله الفني.
ثم انتقل إلى الحديث عن أعمال عدنان يحيى الواقعية التعبيرية، حيث اشاد بها شكلاً ومضموناَ، وقال انها تذكرنا بالوانها وموضوعاتها بالفنان الأسباني العظيم "جويا". واضاف ان أعمال عدنان يحيى رغم انطلاقها من قضايا وطنية أو محلية إلا انها تبتعد بالشكل والمعالجة عن التخصيص وتقترب اكثر من الصفة العالمية.
وأشار إلى بعض خصائص لوحة عدنان يحيى من حيث بعدها عن التشويش اللوني، والأهم من ذلك الإنسجام ما بين الشكل والمضمون، والجمع ما بين الأسلوب الكلاسيكي والتدرجات اللونية المتناسبة مع موضوع اللوحة (درجات الأصفر والبني).
وحول اعمال ابراهيم ابو طوق الحروفية علق د.كايد عمرو بأن الخط العربي والحروفية تصنف عادة ضمن الفنون التوضيحية والزخرفية. ويعتبر فن الخط أحد اشكال الفن الجرافيكي، لما يتمتع به من حس زخرفي. واضاف: ان ابراهيم ابوطوق يحرص على اظهار الخط العربي بصورة جمالية مهما كان نوع الخط. ولاحظ ان ابوطوق اجهد نفسه في تصميم خلفيات الخط بالوان نقية وتناسى امكانية توظيف الكمبيوترفي هذا المجال.
هذا، وقد تخلل النقاش العام دعوة للعودة إلى تعليم اطفالنا اصول الخط العربي، وتفادي تأثير الكمبيوتر السلبي على فن الخط العربي، والتصدى لأشكالية ادخال الحروف الاتينية على الكتابة العربية عبر الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي.
وشكر الحضور جاليري رؤى32 على إهتمامها المتواصل بإقامة معارض فنية للحروفية والخط العربي، وحثوا الصالة على تنظيم دورات لتعليم الخط العربي للصغار والكبار على حد سواء.