زياد جيوسي ومنى عساف
رام الله: نظم المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" (مؤتمر العدالة الفلسطيني السادس تحت عنوان "انهاء الانقسام يتطلب استعادة وحدة القضاء والنيابة العامة" في مدينتي رام الله وغزة عبر الفيديو، وشارك في المؤتمر العديد من مؤسسات المجتمع المدني وأساتذة القانون وخبراء اقليمين ودوليين. وبعد السلام الوطني افتتح المؤتمر الاستاذ ياسر جبر رئيس مجلس الادارة في مساواة، ورحب بالحضور وتمنى ان يخرج المؤتمر بتوصيات ومطالب مثمرة ليتمكن المركز "من رفعها لأصحاب القرار السياسي والقانوني والإداري للوقوف أمامها واتخاذ الاجراءات اللازمة والواجبة لوضعها موضع التطبيق". وأشار في حديثه الى أن وحدة القضاء والنيابة العامة واستقلالهما بعيداً عن منطق المحاصصة الحزبية، متطلب قانوني لتجسيد الحلم الوطني ووحدة شطري الوطن.
شمل المؤتمر تسعة أوراق عمل مقدمة من قبل المشاركين كما يلي:
الورقة الأولى: "لا وحدة حقيقية دون وحدة القضاء" للسيد هاني المصري مدير مركز مسارات في رام الله، اشار فيها لمخرجات الانقسام السلبية على كافة مناحي حياة المواطنين، بما فيها القضاء والنيابة العامة، وأشار لضرورة انهاء الانقسام "على اسس وطنية وديمقراطية "توافقية" وشراكة حقيقية، بما ينسجم مع حقيقة ان الشعب الفلسطيني يمر بمرحلة تحرر وطني، وضرورة تحويل التحديات الى فرص، والتي تلزم الجميع الوقوف في مواجهة جماعات مصالح الانقسام، التي نمت وازدادت نفوذاً وثروة في الضفة والقطاع بعد أكثر من سبع سنوات على الانقسام"، واستمرار الصراع بين طرفي الانقسام حتى بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، مؤكداً على ضرورة أن تكون كافة القوانين في غزة والضفة شرعية ولا تخضع للمزاج السياسي لأي طرف من طرفي الصراع، وان الصراع الحقيقي هو مع الاحتلال، ولن يكون هناك أي سيادة للقانون والنيابة ولا لأي شيء كان دون انهاء الاحتلال.
الورقة الثانية: "أزمة النظام العدلي الفلسطيني: جدلية السياسة والقانون" للمحامي ابراهيم ابو شمالة نائب مدير برنامج دعم سيادة القانون في برنامج الامم المتحدة الانمائي في غزة، التي أكد فيها على ضرورة توحيد منظومة العدالة في فلسطين، لصيانة دولة القانون، وحماية الحريات والحقوق العامة، وضرورة لم شمل مؤسسات وأركان العدالة وفقاً لأحكام القانون الاساسي وقانون السلطة القضائية، وشروط اشغال الوظيفة القضائية.
الورقة الثالثة: "وحدة مؤسسات العدالة كمتطلب للوفاء بالتزامات فلسطين بالاتفاقيات الدولية" للدكتور معتز قفيشة استاذ القانون الدولي وعميد كلية القانون في جامعة الخليل، تحدث فيها عن الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الرئيس وبلغ عددها لغاية اللحظة 46 اتفاقية دولية، دون إبداء اي تحفظ على اي اتفاقية منها، وعليه تصبح مسئولة عن تنفيذ وتطبيق هذه الاتفاقيات أمام القانون الدولي، وتساءل عن دور النيابة العامة والقضاء والمحاميين أمام هذه الاتفاقيات، وعن ضرورة وأهمية فهم القانون الدولي وعدم مقاومته بسبب الجهل.
الورقة الرابعة: "استقلال القضاء من وجهة النظر الكندية والدولية" للمحامية ساندرا لودك من كندا، أشارت فيها الى أن الواقع الفلسطيني بحاجة الى استقلالية السلطات القضائية الثلاث، وتبني ما ينطبق مع الواقع الفلسطيني ليصبح يتماشى مع الواقع العالمي، مع التركيز عل ضرورة أن يتوفر في سلك القضاء والنيابة العامة، الأمن المالي والوظيفي والإداري لضمان استقلاله ونزاهته.
الورقة الخامسة: "رؤية جمعية القضاة الفلسطينيين لاستعادة وحدة القضاء والنيابة العامة" للقاضي عبدالله غزلان قاضي المحكمة العليا ورئيس جمعية القضاة الفلسطينيين، أشار الى ان الواقع القانوني والقوانين التي صدرت تمر بحالة من الجمود، وأن الانقسام يطيل عمر الاحتلال، وادى لظهور سلطة قضائية تقف لجانب السلطة التنفيذية والتشريعية، ودعى لتشكيل لجنة وطنية عليا مختصة تتميز بالكفاءة والنزاهة، لاعادة ترتيب بيت القضاء الفلسطيني ووحدته، تخضع لسلطة العقل، هدفها وبوصلتها الوطن، لا تخضع لأي اعتبار او ضغط حزبي او فصائلي أو مناطقي أو عائلي.
الورقة السادسة: "أثر غياب وحدة السلطة القضائية على حقوق المواطنين" للباحثة القانونية زينب الغنيمي من غزة، أشارت الى التدخل السافر من قبل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية في كل من غزة والضفة، حسب ما هو موثق في تقارير حقوق الانسان، وواقع القضاء الحالي مشلول وينعكس سلباً على واقع المواطن، وبما أن القضاء سلطة مستقلة، يتوجب عليه القيام بدوره وعدم انتظار المصالحة السياسية وإنهاء الانقسام. واستشهدت بما جاء في اتفاق الشاطئ في عام 2014 الذي كانت كل تفاهماته تدور حول دور السلطة التنفيذية والانتخابات، ولم يتناول اي تفاهمات حول السلطتين التشريعية والقضائية.
الورقة السابعة: "توحيد القضاء ضرورة حتمية للاعتراف بالدولة الفلسطينية" للدكتور فتحي فكري استاذ القانون العام في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، الذي اعتبر الوضع الفلسطيني وتجربته فريدة من نوعها، واستقلال القضاء ليس مطلبا وشأن فلسطيني داخلي، بل هو مطلب دولي، ويحتاج لواقع قانوني عملي انتقالي لفترة محددة. وأن الانقسام القضائي القائم، أدى الى عدم المساواة بين المواطنين امام القضاء، ومنصب النائب العام حساس يحتاج لشخص كفؤ. ومطلوب من المحكمة العليا دراسة اوضاع القضاة المعينين بناء على الاصول القانونية والقضائية، وإبقاء من هم مؤهلين في عملهم وإعادة من هم غير ذلك الى اماكن عملهم السابقة، وتأهيل من يمكن تأهيلهم واستيفاءهم للشروط القانونية والقضائية، ليقوموا بدورهم كما يجب، واستشهد بتجربة كل من التجربة الالمانية واليمنية والمغربية وجنوب افريقيا.
الورقة الثامنة: "نحو سلطة قضائية واحدة موحدة في فلسطين" للمحامي ناظم عويضة من غزة، التي أشار فيها إلى أن الشعب عليه التحرك لمقاومة الانقسام، ومطلوب من السيد الرئيس العمل على حل كافة الاشكاليات المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة منذ اعلان حكومة الوحدة الوطنية، والوضع القضائي في غزة بحاجة لمتابعة الامور القضائية والإدارية، وضرورة مساواة غزة بالضفة بالنسبة لعدد القضاة، ليتمكنوا من متابعة قضايا المواطنين.
الورقة التاسعة والأخيرة: "التجربة الالمانية في توحيد السلطة القضائية بين الالمانيتين الشرقية والغربية" للدكتور وولف غانغ شميت من المانيا، الذي اعتبر أن الوحدة نجحت بسبب رغبة المواطنين في ذلك، وذكر بعض القضايا التي احتاجت لمعالجة قانونية مثل: قضية الموظفين الذين فقدوا وظائفهم في المانيا الشرقية، التعويضات لضحايا الاضطهاد والظلم، اعادة تأهيل القضاة في المانيا الشرقية ليتمكنوا من التعامل مع القوانين القضائية في المانيا الغربية، ومساعدة مواطنين المانيا الشرقية ليندمجوا في نظام السوق الحرة السائد في المانيا.
وبسبب ضيق الوقت لم يخرج المؤتمر بتوصيات واضحة وصريحة كما كان مقرر خلال المؤتمر، وفي النهاية نرى ان جميع اوراق العمل التي قدمت تناولت زوايا وجوانب قضائية مهمة، تحتاج لمتابعة ودراسة من قبل ذوي الاختصاص القضائي والقانوني لاستخلاص التوصيات منها، للتمكن من العمل من أجل توحيد القضاء والنيابة العامة في شطري الوطن، وبالتأكيد فإن إنهاء الانقسام السياسي يساهم بتوحيد القضاء وليس العكس، ويبقى السؤال: الى أين سنصل نحن والقضاء والعدالة في ظل الانقسام؟