انطلق صباح أمس في فندق "راديسون بلو" الملتقى الفكري المصاحب لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي تحت عنوان "أفق المسرح الخليجي في ظل التحولات الاجتماعية الراهنة"، وتناول المحور الأول من الملتقى "المسرح الخليجي: هوية أم هويات"، حيث تعاقب مجموعة من الأساتذة والمسرحيين على الحديث عبر مداخلات سبرت ثنايا القضية، وطرحت بعض الإجابات عنها .
البداية كانت مع د . حسن رشيد (قطر) الذي عاد إلى بدايات رهانات المسرح خليجياً متطرقاً بصفة تدريخية ومتسلسلة لمعضلة الهوية في هذا المسرح حيث ذكر "كان المسرح في دول المنطقة يحاول أن يلحق بركب المسرح، العربي"، هذا الرهان لم يطمس هوية المسرح الخليجي، ولم يلغها بل أسهم في إثرائها عن طريق تناثية التأثير والتأثر مع احتفاظ الخشبة الخليجية بسمات تنحت هويتها ولا تلغي البتة انفتاحها على الآخر، حيث ذكر الرشيد "نعم للمسرح الخليجي هويته الخاصة . . لغة وتجسيداً . . وحيث يستلهم مضامينه من بعض القضايا، ولكن لا يمكن أن نقول إننا نمتلك هويتنا الخاصة عبر الطرح والتناول، فللمسرح الخليجي هويته عبر اللهجة والرؤية الإخراجية ونوعية الجمهور، لكن هذا لا يعني أننا نعيش بمعزل عن الآخر، فمسرحنا الخليجي له هويته التي تمتزج وتقتبس وتخلجن إبداعات الآخر" .
الدكتور فهد الحارثي من السعودية بين في مستوى أول أن المسرح الخليجي يعاني معطى الثبات ولا ينخرط بمرونة وطوعية في التحولات التي تطرأ من حوله، حيث أشار إلى هيمنة معجم البحر بمفرداته وجمالياته على سبيل المثال على اهتمامات العروض المسرحية غالباً، وهذا التمسك بهذا المحور والمغالاة في التغلل فيه، يعيق انخراط المسرح الخليجي في حركة التغيير عموماً، حيث ذكر الحارثي "مسرحنا لا يزال ثابتاً ويسير بالوتيرة نفسها، فقد حصلت هزات اقتصادية عنيفة في الخليج ولم يتوسع مسرحنا في معالجتها، وحتى لو أتت عليها بعض العروض فتناولها في هذا الإطار كان سطحياً وعابراً، وهذا ما يجعل مسرحنا بعيداً عن صميم مشاغل وهموم الناس اقتصاديا واجتماعياً، فمسرحنا قد اتينا به من الخارج وألبسناه حلة محلية" .
ونبه الحارثي إلى قيمة تعديل رؤيتنا للمقاربة المسرحية للواقع الخليجي، حيث بين "من المهم والبناء الاستفادة من تجارب الآخرين والانفتاح عليهم لكن النهوض بمسرحنا لا يكون إلا بتعميق التصاق مسرحنا بواقعنا واكتسابه مقاربة عميقة له، وقتها فقط ينخرط مسرحنا في التحولات ويخرج من شرك الثبات" .
غانم السليطي من قطر قال: "إن أضواء ومتطلبات المهرجانات المسرحية يمكن أن تنال من حرصنا على نحت هويتنا المسرحية، مبيناً أن من أكبر اشكاليات مسارحنا أنها غرقت في الترميز، وهذه اللعبة أسهمت بشكل أو بآخر في ابعاد المسرحي عن واقعه، لينشغل بمعطيات الابهار في السينوغرافيا وتحقيق شروط العرض المبهر عموماً، وذلك على حساب تغلغل العرض المسرحي في تفاصيل ومفردات واهتمامات الواقع الذي ينتمي إليه في الأصل" .
وأكد السليطي أن هوية المسرح لا تمنح الا بالتصاق هذا الأخير بجمهوره وقال: "المهرجان الحقيقي هو حضن الجمهور، والمسرح الخليجي ابتعد عن جمهوره، فنحن ننظم مهرجانات لكن لا نلبس الثوب الحقيقي المستوحى من هموم جمهورنا نفسه، لا بد أن يلتصق مسرحنا بجمهوره من الناس وأن يبتعد عن الوقوع في شرك غربة المتلقى، وبالتالي ضبابية الهوية أو الانسلاخ عنها أحياناً" .
الدكتور دخيل صالح الدخيل بين أن المسرح الخليجي ليس هوية بل هويات، حيث ذكر أن "المسرح الخليجي ليس وحده من يعاني من مشكلة الهوية، فالمسرح العربي أيضاً يشاطره هذا الهم، لكن اذا تحدثنا عنى الهوية في مسرحنا الخليجي، فيمكن اعتبار أن مسرحنا يحمل هويات وليس هوية واحدة، وهويته تقتصر على الكلمة الخليجية فقط، وأما ماهية هويته عموما ففسيفسائية مستوحاة من تفاعله مع تجارب مسرحية عدة أثرت فيه وأثر فيها، وخلقت على خشبته مناخاً من الثراء وشكلت بذلك هويات له" .
علاء جابر فند كل المقاربات المنادية بالبحث عن هوية أو هويات للمسرح الخليجي وقال "في ظل العولمة والانفتاح الكبير لماذا نبحث عن كيفية إعادة مسرحنا للداخل؟ هل نحن بحاجة إلى جواز سفر في المسرح أيضاً؟ المسرح عالمي وإنساني بامتياز وهويته انسانية حد النخاع"