بكلمات مكثفة ونص يصور القاص المغربي مشهدا وحواراً بين طفلة ووالدها وهم في نزهة في حديقة عامة يكشف فيها التكوين غير السوي للرجل المتعصب إذ تتحول أفعال الطبيعة العفوية إلى أفعالٍ تهدد وجوده الأخلاقي والعائلي في وهمٍ مركب من أوهام الأيدولوجيا الدينية المتعصبة.

حـمــام

عـزيز سـتـراوي

في خلوتهما على غصن الشجرة كانا يتبادلان القبل ..قبلا ساخنة سخية ...ينطفئان ، ويشتعلان .. كلما نهضا من تحت رماد قبلة التحما ، واحترقا بنار قبلة أخرى... - انظري ماما ..ماذا تفعل الحمامتان ؟ قالت الصبية مندهشة. ماكادت الام تفتح فمها حتى ردعتها نظرة زوجها. أطرقت برأسها، ولاذت بالصمت . قال الزوج الملتحي:

– قبل أن تتطور الأمور إلى...علي أن..

حمل الصبية بين ذراعيه ، وهم بمغادرة الشجرة ، لكن الصبية باغتته – بابا انظر... الحمامة الرمادية تصعد فوق الحمامة البيضاء. - هيا تحركي يا امرأة ..هل أعجبتك الفرجة

صاح ساخطا في وجه زوجته. مستغربة قالت الصبية :

- بابا لم أنت غاضب؟ وقد رايتك البارحة تصعد فوق ماما مثل الحمامة الرمادية .. بعصبية فظة أودع صغيرته في حضن زوجته . - علمي.. علمي ابنتك كيف تغلق فمها، ثم اندفع يحرث الأرض بقدميه .. مستاءة قالت الصبية:

- ماما ...لماذا لا يحب بابا الحمام ؟ - بابا لا يعرف الحب ...ويا ليته تعلمه من الحمام ... كان بودها لو قالت لها ذلك لكن كعادتها أثرت الصمت وهي موقنة أن ابنتها ستعي كل شيء عندما ترتدي البرقع مثلها، آنذاك ستكون قد تعلمت كيف تغلق فمها ، وتكف عن طرح الأسئلة.