"أَيُّها الشَّاعرُ فيَّ - شذراتٌ شعريَّةٌ"، هوَ عنوانُ المجموعةِ الشِّعريَّةِ الجديدةِ، ثنائيَّةِ اللُّغةِ؛ العربيَّةِ والإِنجليزيَّةِ، للشَّاعرِ محمَّد حِلمي الرِّيشة، وهيَ المجموعةُ الشِّعريَّةُ الخامسةُ عشرةَ لهُ. قدَّم لهَا الشَّاعرُ والنَّاقدُ د. صَلاح بوسْريف (المغرب)، تحتَ عنوانِ: الإِقامةُ فِي الشِّعرِ"، وممَّا جاءَ فِي تقديمهِ:
"محمد حلمي الريشة، في هذا العمل الشِّعري، لم يتفادَ مفهوم الإقامة هذا، بل إنَّه كان بين أهمّ ما حَرِصَ على تَثْبِيتِه، وعلى فَضْحِه، خصوصاً في هذه "الأنا" التي هي تعبيـر أنطولوجي، بالمفهوم الهايدغيري، عن إقامة الشَّاعر، شِعْرِياً، في الوُجود. المُفارَقَة، أو ما يمكن النظر إليه باعتباره مفارقةً في هذه الإقامة أو السَّكَن، هي أن يصيرَ الشَّاعر هو نفسُه السَّاكِنَ والمسكون. لا مسافةَ بين "الاثنين"، فهُما واحدٌ، كلاهُما يُقيم في الآخر، يَحُلُّ فيه ويَسْكُنُه، وكِلاهُما يَحُثُّ الآخر على استنفار نفسه أو ترويضِها، بالأحرى، على أن تعيش الشِّعْرَ كلباس. وليس مديح الذَّات هذا، في "النص"، سوى تعبيـر عن ذوبان الذات، أو النفس الشَّاعرة، في ذاتها، أو في نفسها، مثلما يذُوبُ الماء في الماء، ويجري في طَيَّاتِه." وأَضافَ: "الشَّاعر، هنا، هو الشَّاعر الذي يعيش مستقبلَه الآن، ويعيش الشِّعر كقضية جوهرية، وكإقامة، وتعبيـر عن هذه الإقامة التي هي انفتاح وانشراح على الوجود، في ما هي انتماءٌ للذات، للدَّم الشخصي الذي هو هذا اللِّسان المفرد، أو ما يمكنه أن يكون المفردَ بصيغة الكُلّ، وليس الجَمْع، هذه المرة." وختمَ تقديمَهُ بقولهِ: "في هذه الشذرات، ما يُتيح للنفس أن تَنْفَرِطَ، وتبدو مُتَشَظِّيةً، مَشْرُوخَة، مُفْعَمَةً بجراحها، لكنها نفسٌ سائِلَةٌ، لا تَفْتَأُ تَلْتَمُّ، وتَنْفَرِطُ في كينونتها، وفي هذه الإقامة التي فيها يصير الشِّعر السَّاكِنَ والمسكونَ، ويصير الشَّاعرُ، جوهرَ ورُوحَ هذه الإقامة، أو ما يجري في اللِّسان من كلام."
أَمَّا النَّاقدُ د. محمَّد سَمير عَبد السَّلامِ، فقدْ قدَّمَ مدخلاً إِلى قراءةِ "أَيُّها الشَّاعرُ فيَّ"، تحتَ عنوانِ: "القصيدة بين إنتاجية الشاعر وإنتاجية الشعر"، وممَّا جاءَ فيهِ: "الحالة الإبداعية التي تهيمن على الوعي المبدع أثناء الكتابة، تصير موضوعاً للقصيدة عند الشاعر محمد حلمي الريشة؛ إذ يصور المواقف المتباينة التي تذوب فيها ذات المتكلم في القصيدة التي تتخذ- استعارياً- موقع الأنثى؛ فثمة حوارية روحية مفتوحة بين الشاعر وقصيدته التي تنتج كينونته الشعرية أحياناً؛ وهي مجموعة اللحظات التي تجلى فيها المتكلم كمبدع محض؛ إنه يحاول القبض على ثراء تلك اللحظات المجازية النسبية، دون أن تكتمل أبداً؛ فهي تقع في مسافة من التأجيل المستمر؛ لأنها تقوم على الإضافة واستنزاف اكتمال مدلول كل من القصيدة، والشاعر معاً؛ ومن ثم تظل الحوارية ظاهرة، ومؤجلة فيما وراء النص." ويضيفُ: " تجمع القصيدة بين كونها اختلافاً منتجاً لصوت نهايات النار، وبدايات اتساع الماء الذي يشبه عوالم اللاوعي الفسيحة، وحضورها التدميري الذاتي الذي يولد مجالات إبداعية جديدة، أو قصائد وليدة تقاوم ذلك الغياب في الاستعارة من خلاله، وهي صورة السيف الأخرى، ولعبه الشكلي الذي يحاكي الموت محاكاة ما بعد حداثية ساخرة تشبه تشبيهات (بودريار)، وأطياف (دريدا)." وختم المدخلَ بقولهِ: "نحن أمام امتزاج يجمع بين التناغم، والاختلاف في الكون، وحضوره النصي الآخر في تلك الإنتاجية الإبداعية للقصيدة، وفاعليتها المدهشة عند الشاعر محمد حلمي الريشة."
أَنجزتِ الشَّاعرةُ والمترجمةُ شُروق حمُّود (سوريَّة)، ترجمةَ المجموعةِ الشِّعريَّةِ إِلى اللُّغةِ الإِنجليزيَّةِ، فيما راجعتْها الأَكاديميَّةُ والمترجمةُ ماسَة محمَّد الرِّيشة (فلسطين).
وقدْ ساهمَ فِي الغلافِ كلٌّ مِن: الخطَّاطُ الفنَّانُ إِبراهيم المِصْراتي (ليبيا)، والفوتوغرافيُّ الفنَّانُ TXOMIN TXUEKA (أيرلندا)، فيما صمَّمهُ ونفذَّهُ الفنَّان عُمر محمَّد الرِّيشة (فلسطين).
يُذكر أَنَّ هذهِ المجموعةَ الشِّعريَّةَ، والَّتي وقعتْ فِي 176 صفحةً منَ القطعِ الخاصِّ، صدرَتْ على نفقةِ الشَّاعرِ وبالتَّعاونِ معَ بيتِ الشِّعرِ- فلسطين.