أي تشابه بين أسماء الشخصيات في الرواية، وأشخاص خارجها، إنما هو من فعل الصدفة المحض، وعلى وفق الخيال الأدبي، لا غير.
كتبت هذه الرواية تحت تأثير السموم الرائعة: افكسور، ولبترين، سيركويل، رسبردين. زايبركسا.
- إنَّ البقرَ تشابهَ علينا -
سورة البقرة الآية 70
- الصرخة المدوية الزائفة التي تخفي الجنون، ستؤدي ببيزنطة إلى تغيير قوانينها.
نوستراداموس 40
الفصل الأول
هذا إعلانُ كتابِ أرواحِنا في الهجرة، اللجوء، الزرائب، الذي أُوحيَ إليَّ بهِ في دُبُرِ ذي القعدة الموافق لعيد سمسمائيل، أنا الأنوناكيّ، من العام الذي أوله مبعرة وآخره إرهاص وفكوك مجروشة. ومن خلال الفُتُقِ النورانية والآفاق التَّيَهَانيّة، لي أنا العبدُ الخَلوصُ، الكبريتُ الاحمرُ، الذي سُمَّي مثقفاً أو واحداً من الإنتليجنسيا، أسد بن غالب الذي نزهت نفسي بنفسي، وكنت حياً ومتُّ، وميتاً فاستيقظت، ثم أدخلت المحسوس إلى اللامحسوس، فَوِلْدتُ مصادفةً والقمر في منازل النّحس، ومن المزبلة انتُشِلتُ وإلى المزبلة أعودُ.
* *
أكتب هذا الزَّبور بفيض استدلالات تاريخيَ الشخصيِّ، وهو الوطوطة والهروب. حدا بي الأمر أن أكون، وينبغي أن يكون، ثم ما عاد بعد ذلك شيء مما كان. اسمي لا علاقة له بي، فأنا في الذات، منذ أن نكَّلت بنا الحروب، لما ثبت السموات كنت هناك، أنا، وهكذا أقول: الجنرالات والعرفاء مضوا، التشنجات أقبلت، الأموات ينهضون، الطبول تُضرب، الطائرة تهبط، الأزيز مخيف، الصوت دبَّقَ على جسمي وفي عيني. تتمايل الطائرة كما رِخٌّ في ألف ليلة وليلة. الهندي المجاور لي يصلي، حقائبه المحشوة بالكركري والبخور في ممر الطائرة، بيني وبينه، ورائحة زوجته تصل الكاظم. تعدل زوجتي الحجاب، الضغط الجوي ينفجر، الأولاد يبكون، عيوننا تجحظ، المضيفات يجمعن سماعات الأذن، ينحنين إلى الأرض كل هنيهة، كراعينهنَّ ملساء بالفطرة لا بالنورة، شميمهن روح وريحان. تفك الأحزمة، أنتحر في النوستالجيا، تتشتت موسيقى البلوز. قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان.. أصل كندا.
* *
السماء غائمة، علكة، لا أفق، لا دخان. مدافع هاوتزر تتبرز على وجوهنا بعد ثلاث عشرة ساعة قحبة من الطيران. اني اكتب بدهشة، سموق، بسوق، سفال، نشز من الارض، فرقعة اصابع، تأوهات، جيفة جوارب، احذية مهترئة، ايرانيات مخبولات يمارسن الاستمناء في مرحاض الطائرة، حجاب، سراويل كاوبوي نسائية تنبثق منها خطوط الوجف بين الفخذ والبدن، انتصاب تشنجي. حتى هنا، انقبضت وسائلنا، تصرمت علائقنا، انقطعت اواخينا وما قدرنا على التخلص من الايرانيين. التصقوا بصرمنا ومبعرنا، لم تكفهم فرط دهور الحرب، ولا مستطرف الموت، ولا التهجس ورعشة المواضع والليل الأجلب لعنان الموت وانشداد الخصية وانقطاع الرمق وصلصال الدروع وتوحش الوجوه.. متلاصقون نحن هنا، بؤسنا وخيبتنا، منذ ان قام العالم، لما ارعدت الرعود. هنود في الهواء، نحن في السماء. اتعثر مع الدهماء، اتدافع مع العائلات الايرانية التي رافقتنا من اسطنبول، مثلنا، هاربون، لاجئون ومناويك، يتعكزون المناكب للوصول الى الابواب. اني اكتب وفي نفسي ضحضاح خيبات، همسات، قفقفات، شبق مرضي، قبلات للجميع وللفارسيات وهن يمارسن تصاريف هزم اطلاء قم .. الايرانيات ينزعن عنهن الحجاب الان بعصبية والجبب طبعا، ليظهرن الافخاذ والربلات، وتلك القباقب التي تنكل بالخصية من الجانب الاخر للركبة، دون ان تفوتنا بهاريج الاثداء التي لا امل فيها، المدرارة اللاسليكونية.. في اللحظات المدغمة تلك لا يدركك الانتصاب الجم، الحيدري في استعاراته، انما اعتراك افتراضي وانت تلتصق بهن، تتشممهن. تلتمس بضراعة النشوه العقلي، مجانسة بخور النهدين والجبروت، رحموت حلمات (داكنات) وشعرات قرب الحلمة، وما من ينتف، ولم النتف؟ انها رائعة هكذا، بقوائفها، بالشكولاطا كما تقول هدية حسين، بالدفء والمرار، بالدم والمحيض، والليل اذا سجى.
اميل للنظر من النافذة. المح ثلجا. قيقب وصنوبر. اسير بين جرائد على ارضية الطائرة، اراكل ما استحلس، علب اغذية، كلينكس، محرمة نسائية بالسيلفون، (مصاصات)، اقداح بلاستيكية. اقلام، اوراق تجمع، مضيفات يتحركن بارهاق، حدقات، دهشة، امتعة تتساقط، حقائب على المقاعد، بقايا حلويات ولعب اطفال. اسير في الممر مرتبكا، انه الهباء.. اين الحقيبة ؟ الحقيبة القحبة. نتعثر، انا والاطفال. زوجتي في المقدمة، كالعادة، استجمر، منذ ان تزوجنا، منذ ان ارتكبت الخطيئة الاولى، ومعها الخطايا الاصغر، اطفالي. اسير مع زراجيني، اتجه الى المجهول، الحلم، اليقظة، السهاد، النعاس، الالتواء. الس في بلاد العجائب، السندباد في بلاد الهندباد. ارض الحشرات والصلبان والكفار، كما يقول شيوخنا. احاول الحديث مع المضيفة، تقترب السماء من الميزان*، لا تفهمني، انا ايضا. تضحك، انا ايضا. قحبة.
انزلق مع الاطفال في رعونة الخرطوم، خرطوم البهجة، خرطوم حياتي الجديدة. اشتبه في اني ابُتلع معلقا في منقار طائر، لكن لاطائر هنا، هناك، في كل مكان. انا قملة دبت الى المنافي الباردة بفعل الايدلوجيات. اين تقع كندا، اين تقع روحي؟ احتاج الى جهاز ثوري لتحديد الامكنة واستراتيجيات الدماغ المغلف بالصمت. احتاج الى زنابير تلدغ، تلسع حياتي في السأم، احتاج الى انا ضمن المدرك. خبرني صديق ونحن امام باب الامم المتحدة في تركيا طالبين اللجوء. كندا في القطب، ههههه، ستعيش مع الدببة يامطي، ستعيش مع الراكون، الراكون حبيبي،، خرب، شاهدت صورا له، هذا الراكون اللوطي، لكني اهاب الدببة، والدب القطبي تحديدا. حسنا يمكنك ان تعيش في بحار الشمال مع الصيادين وزوارقهم والملابس الصفراء الخاصة بالبحر والحيتان. ستعيش مع موبي ديك والاسكتلنديين، ههههه. ليس مهما، عليك ان تتكيف، تكيف روحك وجسدك على اعتوار درجة اربعين تحت الصفر. الكاظم * وحده يعرف ما تعنيه درجة - ٤٠.
اشعر برغبة مهلوسة ومحطمة الى التشمش، هكذا افكر، السير في ساحة النصر مع درجة زائد ٥٠ مئوية او فهرنهاتية، لا اعرف كم تعادل درجة خمسين مئوية مع الفهرنهاتية. درسونا اياها في المدرسة. غالبا ما كنت افشل في المقارنة. اقول، ذكري في الفهرنهاتية، تعيش المئوية. واذهب الى حانوت المدرسة بعد ان أُطرد من الصف والمراقب يرسل نظراته من النافذة والنافذة لم تغسل منذ ان اوكل امرنا الى العزى، وابتاع سميطا وبطل مشن واجلس قرب المغاسل عالسا.
اجراءات الدخول الى كندا طويلة، مملة. نقف في الطابور كأحذية اجلك الله ، نحمل اكياسا كتب عليها اسم منظمة الهجرة الدولية، بملابس بالية. الاولاد يتثائبون. عيني تجس الجميع، تلحس نساء جنجر *، متانقات بابداع، شاعرا لاول مرة في حياتي الثلمة ، أني وجها لوجه مع رومي شنايدر. رومي، ياللروعة، كم لحستها حدقاتنا المفتوحة الى الاخر، كم من مرة مارسنا الاستمناء، مع شق زيقها ودوائر فخذيها، واستدرك المزيد ضاحكا، الانياب تبرز حتما من فمي وجوربي، من الحذاء ايضا. هل تذكر يا ارعن اول ما شاهدت، وانت تلتهم الاهيفين - البيض والعمبة - ، بيرجيت باردو بملابس البحر، ثم تبزغ متلاهفة مع الموج، بلا خفر، كأنها ريح لترمي عنها الجسوة* وتسير في الشمس والبانزين والكهرباء، في الجوهر الزمني لسينما الخيام وضراط البيض، بين الندافين والقرمبارية، في موائع الغرائز الجديدة للرجولة - حدث هذا قبل سيطرة خير الله طلفاح على مباركنا واختراعه شرطة الاداب - هل تتذكر ايها القذر ذلك الذي شل حياتك؟ شقها الصغير الهمهمي* وقبة اللحم.
ذلك كان اول مابلغك عن الاعضاء الافروديتية لامرأة بالغة، ويجب ان تقر، ان هذا الحفيسيء، المسكين، الحزين، الصامت، الجبار في لوغوسه، في عدميته، كان صفة الفائض في الموجود الكلي. دمر كل توصيلاتك الدماغية، وحتى بعدما ازرى بك وتزوجت، فانك ما كنت (تسافد) الحرمة، انما اللوغوس واليونغ وذلك الطائر- جوهر الفيض الالهي- وضع فيك والى الابد بلية نكح الكف بلا صابون جمال *. وبعد ان اكتهلت، روحا ومعرفة وفي يوم مقداره الف عام مما تعدون، تتحدث معه، تغني له، تفكر به وتتحنن ان يبعثه ربك يوما مقاما محمودا.
اسبل الجفن دقائق، في المكان المترع بالناس، اطلق عليهم النار واكابد بالروح. انظر بلا نظر الى الحقائب. اصابعي ترتعش، اتأملها، امسها باحتداب وشفقة. اسحل اطفالي بالملابس المستجداة وانتظر. تذهب زوجتي لتدخن، مع جبتها المستجداة ايضا. يقول الشرطي المستند الى الباب، انها باردة، اربعون تحت الصفر. لا تفهم. انا ايضا لا افهم. من يفهم ؟ تثرثر مع الشرطي باشارات. الشرطي لايفهم. انا ايضا لا افهم. من يفهم ؟ الدماغ مقفل. اسأل الشرطي، لايفهم، حمار وحمال الحقائب لا يفهم ايضا،مطي. الجميع لا يفهمون. لا يعرفون من انا. اسأل الزوجة، انا مضرط الحجارة غدوت جرذ اختبار للنظريات الايدولوجية. تتثائب وتنزع حذاءها.
قحبة.
* *
تنتهي اجراءات التفتيش، او لا تفتيش اطلاقا، كأنما تدلف الى بيت قحاب. كل شئ يوحي بالثقة. انهم يثقون بنا، بك، بها، بهم. الوطن لا، به، بنا، بهم. احساس بغصة سفرجلية وانتعال.
لا اعرف ان كنت قد جربت شعور الانتعال، انه سفرجل الاحتذاء الابدي، احساسك بالعدم، قبالة شرطي، ضابط امن، عضو شعبة *، او حتى قبالة صاحب الحانوت العسكري ،انت خرقة، حبق عنز، طلقة ضائعة. نائب العريف فقط من يهتم بك، فيك، يزرعك كشتلة شلب في الفضاء المتناهي على السواتر الترابية بين الدخان داخل الملاجئ الشقية مع آلاف من خوذات الموتى والجرذان ورائحة الجولة * انهم هنا، هناك، في الذاكرة، في الصرخة التي تصرع كل منام. الذاكرة متهافتة كلبوة اضاعت الاشبال، في الحويزة، الفاو، كردمند، بحيرة الاسماك، هور العمية، ساحة ام البروم. محطات القطارات، في الذاتية الحزبية اذ تستمني خلف الاضابير وفرق الاعدامات، وفي مرحاض الجامع فيما وراء النعلان. فكرت بالوطن طويلا وانا اقف في الطابور. فكرت به هنا وفيه على الرأي مدا، بين اناس من عوالم اخرى، من كون غيري- انكليز- بقبعات نيوز بوي او بدونها، من ثيمة ذهنية مختلفة. افكر، كيف مكنهم عقلهم الجمعي من انتاج حضارة تختلف عن الايدلوجيات المطية في الاوطان؟ عليك ان تتكيف، لا، ان تنزع. يجب ان تنزع عنك دبق الوطن ورائحة الحمير والمطال والزوري*. نغادر القاعة. الذي منحنا الاقامة، قال انها مهمة جدا. ذكر اشياء اخرى ولم نفهم. يخطر في البال ان حال الاستحمار يتلبس الواحد اينما كان في هذه المجرة. نسير خطوات ونقف مثل اغبياء، ننتظر الحقائب امام السلسلة الدوارة في عالم دائري اصلا. اين الحقائب؟ الحقائب القحبة؟ انظر في كل الاتجاهات مع صفنات، لا حقائب. تدفعني زوجتي تحت هجاسة الخربطة الجسمانية او الذهان او اي لعبان نفس اخر الى موظفة شقشقية. اشم رائحتها واطقطق اصابعي وبصعوبة امكنني افهامها ان حقابنا طارت، مشكلا بيدي عصفورا هاربا، وتضحك واضحك انا، واتبعها منغما بالعطر والانتصاب الذي يأتيني امام مشهد اي امرأة وان كانت في علاوي الحلة بين الزبل وباعة الشربت*
ارتنا الموظفة اوراقا وسُجلت مواصفات الحقائب. وقفنا كبعران في صالة الانتظار. مامن شخص ينتظرنا،، ومن ينتظر ات من الصحراء. كنا نشعر بالافتقاد والكفر. الايرانيون فرحون جدا، سيعملون اخيرا في مطاعم البيتزا - امنيتهم العظيمة - وسيناكون ايضا. انهم بحاجة الى الرقص، الطبل، الغناء، العصافير، البلابل والرمان. يتهامسون لصق اناثهم، بالاثداء والمؤخرات العظمى واللفوء والثرثرة والضحكات وتكريز الحب. آريون ينبغي ان تحشى مؤخراتهم بالرصاص. الاناث لا، الاناث لممارسة الجنس في المراحيض.
الحقائب اليدوية المسجل عليها اسم منظمة الهجرة الدولية نحتضنها كقبر ولي. تتدلى من رقابنا. قالوا لنا هناك، في اسطنبول، في المطار قبل ان تنكحنا الطائرة، سيستقبلكم احدهم. من هذا الاحد؟ هل لديه عيون، قلب، لا ادري..
اقف في الصالة الخارجية مع حقيبة التعرف، لامكن الاتي من رؤيتها. بعد ذلك وكجوار كنس، ادخن. زوجتي تثرثر باسارير مع احدهم. المح اشارات اصابعها الغبية. اتركها لا سير مسرنما. اقف امام الحمام وفي الخارج. كيف ساستقبل العالم من عيون تحدق بك من كل الاتجاهات ؟! اشعر برغبة للتبول. العاصفة في الخارج تضرب بقوة، انها تنيك العصافير والاشجار واسلاك الهاتف والشوارع، عاصفة كهربائية قادمة من ذاتك وليس من اماكن مجهولة. اقف عاجزا، امام المبولة. عضوي الذهبي، خزعة نوستالجوية، في النهاية سافرت به عبر الحروب ورجال الامن والجنرالات والجنود الجدد يعرفوه ايضا، هناك، بين السرخس البري والقصب على ضفاف نهر جاسم وفي مستشفى الرشيد العسكري على نقالة الموتى. اترك العضو يعمل، شاعرا بالدفق البولي مخضبا، يهتز لارتطامه بالمبوله.المح في ذروة المتعة شعيرة. اميل والمبولة تقرقر في شارع الرشيد، بعيدا عن محلات الخياطين والفروخ واهل المعلاك. ولا افهم هذا العالم ابدا مفكرا، انه يسحبني الى ماخور. واقول ، بين فتيات متعة زائفة، واقول، عاهرات عراقيات لا يُجدن فن اللذة، ومسجل توشيبا ينبعث منه صوت سعدون جابر والقواد على الباب يحش سجائر اريدو والقحبة ممطولة كانما دابة مباعدة ما بين ساقيها الخشبيين، في زمن رمادي، عوجاوي، مختلطا مع رائحة دخان سجائر كنت وزفرة بيرة ومرحاض. انحني بتشنج محاولا فهم حقيقة الشعرة، والحظ انها تتحرك. وعندما استدير لاغسل يدي بصابون بهجتنا العظيمة مستدركا أناي. افاجأ بصرصار يدبي. اصرخ فزعا: رحماك يا (ابا لهب) ويتقدم الصرصار مني، دافعا لوامسه الى انفي خالطا الشعر بالشعر، المتعة بالمتعة، التيهان بالتيهان، ثم يجلس على الحنفية، الصرصار الانكليزي، قائلا: وصلت اخيرا. اقول: من انت ؟ يقول:. انا الذي امام كل الذين يجيئون، مثلك، من عالم ما قبل الطوفان. اقول: سابدأ حياة جديدة.. اريد البدء بمشروع كتابي، هل تفهم؟ الجوع والحروب والحصارات في العراق حرمتنا فرصة التأمل والكتابة. اشعر اني ساعيش هنا من جديد. ثقافة ، جاز، مكتبات وفلسفة. يضحك الصرصار هابطا: ستكتشف اشياء رائعة هنا. اقول: مثل ماذا؟ يقول: لاحقا.
اخرج من الحمام باحساس نبوي، الهواء من باب المطار الخارجي - التي تلم ثنياتها كل لحظة اتوماتيكيا، يا دلع. اشعر كما لو اشعر بعد كل هجوم ايراني بشفرات تتاتى على وجهي وذراعي. اجتاز الباب على امل اللاعودة والثلج في الخارج يتروح بين ثنيات اشجار التنوب وقممه العالية والاوز البري . ثم تتلاشى الدفقات داخل الصالة، وفروخي قبالة الباب، الى الجهة الاكثر قربا من الثنيات والثنيات ترتج منزلقة على سكك محشورة في الارض البلورية، واطفالي يقفون مثل الذين هبطوا من السماء، ينظرون خارجين داخلين الى الوعي، مختبرين جبروت الطغيان، الرغبة، الى الغرفة الثانية قبل الولوج الى المطار، من الخارج الى الداخل، والشرطي يحمل عصا صغيرة معلقة في حزامه ينظر وشعره احمر جنجر، ثم ينظر مرة اخرى بهشاشة تمزجها بشاشة ، تأكيدا من لدنه، ثم يتنحى عن البرد والفروخ يفرفطون انبهارا والحرمة، امهم، تنظر الى العلى، كبومة وسط الخراب، ولا تهتم، والشرطي بعد خروجات مخبولة للاطفال، في الفراغ، بين الباب الداخلي والخارجي على السكك المنزلقة، في المساحة التي تسبق دخول الملاك، من جهة وقوف السيارات، الى الداخل امام المذبح، يشمئز، ويلقي الى زوجتي نظرة مؤنبة، غير ان البومة صافنة، في النساء الملائكة، بطعم الفراولة وشحم الخنزير، وانا اسير، في الجاذبية لثقل ساقيّ في الحرب، بين المؤخرات الممزقة للرجال المحرومة من الجنس الفموي. اشعل سيجارة والايرانيون الاحاديو الخلية يشترون من الدكاكين، ماكنات جوليت نسائية حرمها عليهم روح الله، ابان ثورة الفساء العظيم عام ٧٩، واناثهم على الارض مع الجيبس واحداهن غفت وعظمة وركها قمر مازنداران، بعد مولد زرادشت، تحت اجمات الاشجار النفضية في بيت طفولتي، وزهر الرازقي يؤب خيال وحدتنا، هنا بين البروق، ملمحة الى غضب، منحولة الى بقع بهوت وجهي للاستدارة العظمى للورك مقايسا نقائص جثة الزوجية. وفي القاعة المُوهجة كالنور الاول عندما رأته الخلائق، بين الشقر والانوف (المقطوطة)، ليس كما انوف خرابنا.
لبثنا ساعة وساعتين وثلاث ساعات، ولا احد. وفي صحائف دانيال، في الرمز العبري ورد، انه قد اشفقت على انتظاراتنا، موظفة في التيه اللامفهوم في اقصى ما يمكن من الجمال السلتي بنمش الجلد وكتل نهد لاتحفظ من طَّمٍ ورَّم ترتج في الزيق بجانب بروشور مطار نوفا سكوشيا. وسألتنا عمن سيستقبلنا؟ اشرت بسبابتي الى حقيبة المنظمة الدولية. ادخن بعنف، بأقوى من قطار مارّ بين المقابر الازلية، والموظفة تٌقول انها ستجري اتصالاتها، وانا امامها خامل الذكر من جوع ومن غري، ولا انتهي من تأمل دقائقها وتأويلات عجيزتها والحقوين كفرس في وجوف قلبي وكرشة الساق، انحناء تيار المطر، زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد يضئ، لام رمان شفتيها الماثل على الاشجار، في بساتين ابراهيم البهرزي *على ديالى* في الضياع الكحولي.
بعد ساعات تجيء الموظفة بأحدهم، على انه المرسل من فرع المنظمة في المدينة. هششنا، كان اضطراب واصوات. ويعتذر المطي عن ظروف فروق التوقيت. ونمتطي دابته القديمة نوع كرايسلر والمجوس ينظرون بلا استنباط لما اصاب سواهم، بانتظار سيارة اخرى، لانهم آريون وبحاجة لأن يلاط بهم. وترتسم على وجهي ابتسامة القادسية، لأول مرة. وابصق في وجه المتخيل والوجوه التي تتابع تخطياتنا مثل عصفور نائم على حماقات الاشجار. ونحمل جوالاتنا * ولا يعرف سائقنا الفرنسية ولا اليديشية ولا الانكليزية، ولا نحن. لكنا فهمنا، انه من الهرسك وامه خدمت كإسكافية عند سلوبودان ميلوسوفيتش، وعندما كانت تمسح الطرمة والبلابل في الشمس وزحل في السرطان، سافدها على الماصة غير معترفا بالطفل الذي هو هو، ثم هرب- هو - ورماه تيار الهجرة الى ساحل كندا، قبل وصول سمك السلمون.. كان هذا بعد تاشوراء.
الفصل الثاني
الطريق أبدي، يمر بتمعجات يضيع فيه الاثرمان. اكاليل غاب مذهلة، غزلان تتأرجح تحت الثلج، قوة مبهرة. زوجتي يصيبها العصاب بسبب الغابات والثلج والاصقاع ولغو البوّم.
بعد ساعة من السفر، وصلنا الى بناية فوق رابية، على البوابات القمرية صليب ونقش لمريم العذراء.. قالوا لنا، هذا هو الماذر هاوس. ماهو الماذر هاوس؟! وابحث عن زوبعة ولا اقشعه - زوبعة من (السادة) الجن، قيل عنه في غوغل: انه اسلم في طريبيل اثناء الهجرة، عن اقتناع وايمان بعد ان صمطه* عريف امن بعجل *. قيل ايضا: ان اعم اكله وحش الطاوة *، الفسنجون وغالبا مرقة الهوه*، مثلنا في الحصار، وهو وحده الذي ساق الى رئي دموعنا في الحرب، وفي جحورنا عند اخوتنا الفلسطينيين في جبل الجوفة * صور امهاتنا. وان كان لهذا الجن اسما عبرانيا، فلا يلمح الى شيء، فكلنا ابناء ابراهيم، وأعمنا ابناء قحبة.
نزلنا من السيارة بالقرف وبلا حقائب. ساقونا بعد ذلك كقافلة - البوسني امامنا يعرج، بسبب ميلوسوفيتش - تقودنا سيدة بوجه شمعي، على هوامش صدر شيخوختها صليب قرمزي، يتوهج الصليب كلما مررنا بمصباح، الاضاءة مائلة على جثثنا - الى حضيرة مزودة بهاربات وبيانو اسود ولوحات لرامبرانت. الاولاد كانوا مثل قرود مع مرقصات. زوجتي لا، مسكينة كانت كدب حيثما تسير تصدم هذا الولد وتلك الايقونة، نقيق الكلمات الانكليزية يتقافز على وجوهنا. حيثما تولي وجهك تراه، الصليب مدندلا * بخيط شليلة.
عندما نقف في الازدراء منتظرين اجراءا والاعرج بجانبنا والسيدة تبحث عن المغاليق، يهجم علينا فيض مرارتنا. اصير فجأة، جلجالا اخرق بلا اتجاه ولا معين ولا طرقات ولا ثلج يُرى من النوافذ، هناك حيث اقف، كنت اتنسم شغف ارتباكنا مرسوما على جدار لواطنا الموسيقي، كنت افكر بسرعة باحثا عن مكنون هتك شعور الاستلاب، الخصاء، الطعن بالسماهر، اشعر بشعور من بخصيته تأكل، بصليل آلامه، يهرب العقل مثل كلب الى الفلوات، عاويا على الموتى والبيارق والسبايات * وايقونات سيد مالك ووليد الفلوجي يقرأ من سورة فاطر في باص ريم والشهداء على الجدران واللبلبي رائع واللوطية في الكوسترات والانضباط العسكري يجول.
في النهاية وصلنا - عبر منعرجات السلالم، الاروقة المفتوحة على السماء، بق الفراش، القديسات المجنحات - الى مكاننا. عندما ولجنا الغرفة انبثق في وجوهنا مرة اخرى الصليب، نور اسود، مسوخ القرون الوسطى، البابا المجنح، قرب النهر العظيم خندق عظيم. تحفر الارض. كنا في انتكاثات خيوط عقولنا نراقب الموازين القسط، شفرات الرهبة، نسخ الكتاب المقدس. كتب بجلد اسود، حواش مذهبة، حروف قوطية.
في الغرفة على السرير، كان الصليب امامي. كنت افكر فيه على النحو الذي سافقد فيه وليد الفلوجي وعبد الزهراء الكعبي واسرار طيران الدراويش. كنا نطوف وشموع النذور في كنائس العراق، وماكان هذا يمثل انتزاعا لذاتنا.
النوم يجافيني. الافكار تتوارد في هياج الحياة الجديدة، بنتف الشعر، بالرعب من المجهول، بالمراحيض الافرنجية ومسح الطيز بالورق، الخوف، الاغتراب، الوحشة تدهمك على حين غرة ولا يمكنك الافلات، والى اين؟ نحن القادمون من بلاد التشنجات والهستريا والمؤامرات المستمرة من قبل الصليب العالمي ورؤى الشيطان وتدمير بابل من جديد وفكر عزيزي، فكر معي ارجوك، بصوت خافت، او باصوات مبهرة في جهجهة الدماغ البشري المشحون بالاركلوجيا والتاريخ الدنسي والتثقيف الايدلوجي والجماهير ومؤامرات الغرب على ديننا وبأنهم يفعلون مايفعلون لجعلنا نصارى. ويبرز من الظلمة الكدر الهرمنطيقي لوجه شيخ لقيته على باب سفارة هولندا في تركيا وهو يتوسل الموظفين ويعربد في وجوه الموجودين قائلا، بعدما لم يحصل على الفيزا: ستجتمع عليكم الامم كما تجتمع الاكلة على قصعتها.
وفيما انا اقُلب في السرير كسمكة والزوجة تعبث بالحقيبة الوحيدة والاطفال مثل القرود تتشلبه* افكر في هذا الشيخ وهو يدفع السواك الى فمه ودشداشته قصيرة وعيناه عينا ذئب ويقول: ستسافر ايها السفيه الى بلاد الصليب، عليك بنسائهم وغلمانهم كفرة، بنو الاصفر. سيخرج المهدي وينيك خالاتهم. اولئك النصارى واليهود الانجاس الى جهنم، بعضهم اولياء بعض. واقول: لكن الوطن رفسني ايها الشيخ واذللني. ويعقب الرجل: اعلم ياولدي ان الرحيل الى بلاد الفرنجة مرهون بان تحارب هناك من اجل اسلامك ومن اجل السيطرة على هذه المجتمعات الفاسقة وفرض الشريعة المحمدية عليهم واقول: خرب، هم يستقبلوننا ويعتنون بنا كأم رؤم. ويقول: قبحك الله. اعلم ان قتلهم حلال. هم يفعلون هذا لتغيير دينك ايها السفيه.. واضحك بقوة ماسونية، اضحك واتضخم في الغرفة وكأن بي انفجر مثل عصفور متخم بالجراد ولا اهجع في هذا الهجيج الذهني ولا التشنجات العضلية ولا الصراع النفسي وربما الخوف وانا في كنيستهم او ديرهم وصلبانهم امامي وباني ساحول الى نصراني مع الاطفال - لا مشكلة مع الزوجة، فهي تعاني الجرب على اية حال - واقول: تركت الحجر والمدر، هججت اوجار الثعالب. في النهاية تنتهي المغامرة الى هذا المكنون المخيف او الصدمة التي ما فكرت بها يوما و… انهض بخراعيب عقلي المشوش مكفهرا مرهقا واقول مع دربكة كبكبة خيل في رأسي، حسنا نريد ان ناكل الان يا خوات القحبة، الجوع حطمنا. واسير بجوعي في ممرات البناية كمهلوس او نبي يعاني من اضطراب ثنائي القطب ويتنبأ على اليهود. واقول للموظفة التي استقبلتنا، نحن جياع من ميزوبوتاميا. ولا تفهم، وبعد بربرة ورطن ولعثمة افهم منها، ان وقت وجبة العشاء قد انقضى. واصاب بالاحباط، بالنثيث والضوء ينزف من المصباح والذباب على الجثث. وتعود ثانية، دربكة الخيول والفحيح في تشنجات الاذان واكاد ابك في الممر وتأخذني المرأة المتشحة بالصليب - وتسير بي كمومياء، في انبهار نجمة الصباح الخرافي، الى ثلاجة صغيرة وتريني الشيبس والشكولاتة والحليب. واقول: نريد همبركة، كتشب، منسف اردني، دليمية، سمك زوري، محروك اصبعة، حليب نيدو، قلية، واشرح محاولا افهامها اننا نريد لحم غنم واذا امكن مع الالية على الرز. ولا تفهم وامعمع مثل طلي، وتقول: اوه - سو سوري - حديقة الحيوانات مغلقة الان، عليك الالتزام بالمواعيد سيدي. ما الذي يعنيه الموعد والوقت والتوقيتات، لعنة الله والملائكة مردفين، في بلادنا نأكل كل الوقت وفي كل ساعة ونأكل كثيرا وكثيرا جدا وتعاني منا الطرقات والمراحيض ويعاني منا السيفون و- البريج والطرمبة ـ والنزاحون في العراق العظيم يتراكضون شافطين البقايا ويذهبون بها الى مزارع الخس. وماذا سنفعل اذن ؟ ياللجحيم، ياللعنة، دمرتمونا بالتوقيتات. واعلن براءتي من هذا العالم الانكليزي الذي يحيل كل شئ الى الوقت والاعداد والساعة والدقيقة والذرة وساعة بيغ بن ويحيل انسانيتنا معه الى ضراط ويجعلنا اشبه بماكنة وروبوت لايعرف الا الشيفرات والمعالجات والاوامر، متذكرا حياتنا البدوية والصحراء والانفلات في الارض والتبول في اي مكان وفي اي وقت وفي كل ساعة من ساعات حياتنا المتناهية الصغر و(الاكبر) وفكرت بسلق احذية اطفالي كما فعل شارلي شابلن، لكن لا قدر، طنجرة، طاوة او روث البقر المتكتل لنشعل عليه موقدنا في برد شباط والنذر السماوية تجتاحنا منهكين. تفو، قلت متوقفا وساهما امام النافذة الكبيرة في الغرفة.
ما الذي سنفعله الان. هل سنسلق الفلسفة، نأكل نظريات النشوء والارتقاء واللغو الجاهز عن سفسطائية ارواحنا المعذبة متناهية الكلي القدرة والروح يرفرف على سطح المياه وتعامة البابلية واليهودية في اخيلة الاولاد فقاعة في جوعنا المهزوز امام الزمن.. بعد نصف ساعة تقتحم غرفتنا راهبة بعربة عصير الجنجر والشيبس وعلب اللبن المحلى بالعسل والروزبري وسخافات اخرى. ونضطر لالتهام كل شئ، ضمنا الاكياس والطاولة والموتى المتيبسين وكأننا ماعز. وعندما ارادت الراهبة ان تخرج بفجع جوعنا والتهاباته عند مغيب الشمس في عرجون، اصطرلاب، تهشمات القر والمدي تتجه نحو ارواحنا. نوهت الى ان وجبة الفطور تبدأ في الساعة السابعة، احرصوا على النهوض، رجاءا.. ووقفت ثانية عند نافذة الغرفة، ليس بالهسيس الذي يزحف مبتعدا، ليس بنقاط الضوء المستحيلة الرؤية، ليس بالفر اشات الهاربة انما بالثلج يهبط بطيئا. الاشجار المغلفة بالماء المتجمد تعكس كما الكريستال اضواء المدن الرجراجة. الحشائش تغلف بشراشف البياض، لا عصفور، لا عنادل، لا غربان، لا زعيم الطائي *. الليل يتغير الى انبهار ضوئي لانعكاس البياض في العالم. يجب ان تعرف اين تختبيء العصافير ايها القرد باستصراماتك القديمة. وعوضا عن توجعات الطير لمحت ـ بفسطاس - العين وبؤرة التماهي ايائلا تمشى بسلام ، في الغابة المدورة عند الاجمات ـ الغنوصية ـ شاهدت سناجبا تتقافز على الافرع المثلجة للاشجار. شاهدت سماء بلا نهاية، ارضا بلا نهاية، نجوما بلا نهاية. احسست فجأة بغمر تمثال مريم العذراء في بستان الجشماني يسير على الثلج ومن العباءة اللازوردية تتقافز نجوما صغيرة وذبالات متوهجة، ثم يرتفع كل شيء متجانسا مع السلام الكوني اللامحدود، وعندما خرجت لادخن في مستشرف البناية، بلل وجهي ندى الثلج.
نهضت في اليوم التالي باكرا على فوضى اصوات الايرانيين. السماء انتهت من تدفقاتها النثارية، كل شئ غدا ابيضا. السماء، الارض، الايائل التي تغفو بعيدا، وكر النسور النائية، حدقات الارانب البرية والسناجب والاشجار، اوجار الثعالب هي الاخرى.
اخذت حماما. وذهبنا الى صالة الطعام، وما ان دخلنا حتى انفجر كل شيء، بتصفيق حار. تهت، لم اعرف معنى للتلبث كما عرفته في تلك اللحظة ، اصفق، ازمر، انحني كجنتلمان، ازحف كبدوي، اعربد كمربي طيور. لكننا املنا الرؤوس والهامات، انخناها قرابة العشر دقائق، للانكليز والايرلنديين والاسكتلنديين والالمان، للاستقبال الباهر، للورود الاركواز، للحب اليسوعي، للتفاهة في حياتنا. عشرات العجائز تقدمن كجوق وقبلن الاولاد بصلبانهن، صافحونا، مسدوا فروات اولادنا كالقطط، التمسوا سفاسف عقولنا، لحسوا وجوهنا الميتة.. هجسنا اشياء غريبة تعتمل في صدورنا.
شخصيا احسست ان الدموع تنفجر في قلبي. لم احظ في الوطن بالترحيب ولا السلام ولا المودة. بل الضرب والملاحقة والقنادر ومؤامرات الخبازين والادباء والانتهاب واللعنات والشتيمة والدسائس. شكرا.
اجُلسنا الى منضدة بصحبة العجائز والاسنان الاصطناعية وزهور توليب على سترات ملونة مع وردة حمراء تسمى بابي، ذُكرت بعجائزنا امام مستشفى الكرامة وقناني ماء الاسهال والطحال ورائحة البول فظيعة. الايرانيون سبقونا الى القاعة. التقيتهم امام البوفيه. كانوا سرسرية، طالبوا بلحم الخنزير، واجابهم المشرف، انه لم يعد طعاما منه، لاننا ابلغنا انكم مسلمون. وينفجر فروخ الاكاسرة ويقولون اللعنة على الاسلام، نحن خراء، ماعدنا مسلمين. نريد لحم خنزير، نريده الان. ويهمهم المشرف، ويأتي اللحم. ويضحك الكاسرة ويتهللون وصحونهم بايديهم ويمرون مرددين لحم خنزير، لحم خنزير، فك اسلام، ويضحكون ويقولون ايضا، تخلصنا منكم ومن سيوفكم على رقابنا. والايرانيات يسرن ايضا، ومؤخراتهن رقص زرادشتي وتشير واحدة الى مؤخرتها قائلة: محمد !! ويهجمون على اللحم بجنون ودهشة، ويمزقون كل شيء.
* *
مر على نزولنا اربعة ايام. ننتظر في الماذر هاوس ريثما يتم تأجير شقة واتمام الاوراق. زارنا عراقي يُعرف بعبد الزهرة بعد ان اعلمته ميسا بوصول عراقيين، ولاجل التقليل من شعور الوحدة والكآبة والعزلة والحشرجة والضراط والفساء واللعنة واهل العوجة وكل شئ، دفعوا لزيارته حفنة من الدولارات..
وصل عبد الزهرة الماذر هاوس ببدلة تكسيدو يصحبه فاروق - صديقه - الذي قال على الفور، انه كردي كوردي. جاء كما اسر عبد الزهرة - ليتشمشم - اخبار الكرد - لاجل ارسالها الى حزبه في شمال العراق.. جلس عبد ورحب بنا في كندا. قال ايضا انه هنا منذ عامين. صديقه فاروق، اخذ يستفسر عن عائلتنا في العراق ومحل سكناها واقرب نقطة دالة على البيت. شرحوا لنا خلال الساعتين الكثير عن كندا. الحياة، الموت، تربية الكلاب، اللواط، كلينكس التواليت، الكيّ واللازبن * والبوي فرند وعن انه لا توجد هنا حلاوة الخريط ولا مقبرة اسلامية وانهم يضطرون لدفن الموتى في مقبرة مسيحية بعد اقتطاع جزء منها.
روى عبد الزهرة طويلا وباشارات من يده عن التأمين، حدثنا انه اذا توفرت لنا فرصة طيبة لان نُضرب بسيارة فعلينا اهتبالها، لان التعويضات يمكن ان تصل الى مليون دولار. واذا سُرقت سيارتك فأنهم يمنحوك سيارة جديدة. وانه سيعلمني كيف يتم ذلك عندما اشتري سيارة. حدثنا ايضا عن عائلة عراقية وجدت ساقا لضفدع في كيس خضار مسلوقة، فدفعت لهم الشركة مليون دولار كتعويض. كان مبهورا ويلهث وعيناه لا تستقران، وبرعب اسر ونحن نهبط السلم ان الوضع هنا مختلف. احذر، انتبه، عليك ان لاتضرب زوجتك، هل هذا مفهوم، هل هذا واضح..اضاف الاهتمام هنا كالتالي: المرأة، الطفل، الكلب واخيرا الرجل. ويشعل سيجارته ويقول ونحن في الباحة الخارجية والغزلان تلتهم اوراق الشجر، وهو يستند الى السياج ويدخل اصبعه خلسة في انفه و- يلكلك - * عليك ان تكون مختلفا. ويأخذ نفسا: انتبه الى التاكس ـ الضريبة - يجب ان تتفاداها بكل الطرق. لا تأكل في مطعم لانك ستدفع تاكسا. لاتشرب قهوة في مقهى. لاتدخل السينما، هل هذا مفهوم. التاكس مصيبة كبيرة، انهم يستنزفونا، يحلبونا، ليسوا موالين لآل البيت. عليك ان تجد عملا لاتدفع منه تاكسا، عمل تحت الطاولة، اسود. يبتسم وينفث الدخان باتجاه الغابة. الانكح ان تفعل المستحيل للتهرب من التاكس. انتبه لهذه المسألة الشرعية جيدا. ويبصق باتجاه تمثال مريم العذراء وينظر الى كل الجهات ويقول: هل تعلم ان هذه ويشير الى تمثال العذراء، هي العقيلة زينب وانهم خمطوها منا. كندا مصيبة، ورطة كبيرة. انت جديد هنا. ستمنح خمسة الاف دولار لمساعدتك في شراء اغراض لبيتك الجديد. اسحب الخمسة الاف دولار من البنك نقدا واذهب في اليوم التالي الى دائرة الهجرة وقل سرقت نقودي الطم هناك، لابأس اذا شققت زيقك. خذ زوجتك ايضا وابكوا جميعا و.. اضربوا رؤوسكم بالحائط ولا بأس ان تكونوا قد شربتم قنينة من الويسكي علامة على الوجع والمصيبة، حينها ستمنح مبلغا اخر. قل لهم ايضا انك لم تكن تفهم وانك مطي. بالمناسبة، ماهو اسم المطي بالانكليزي، يبدو اني نسيت، علي ان اسال فارق. مهمتي ان اساعدك. قل لهم دائما انك بحاجة الى مترجم واعطهم اسمي. قل لهم ايضا بانك بحاجة الى مساعدة عبد الزهرة للتسوق والذهاب الى طبيب الاسنان لان اصبعك يؤلمك وشراء نظارات حتى وان كنت زرقاء اليمامة،ساشرح لك فيما بعد. اردت ان اقول قبل ان انسى: انتبه لامرأتك، لانه يمكن ان تتصل بالبوليس وتقول انك اغتصبتها. فعلتها معي زوجتي، مصيبة. تصور انه حتى الاولاد لا تستطيع السيطرة عليهم. خوات قحبة. ضربت ابني الصغير ضربة خفيفة بالنعال، كما هي عاداتنا، وفوجئت انه يمنحني (فنكرا) ويهددني ويقول صارخا- فك يو - هذا الكلب يهددني دائما بالاتصال بالشرطة. انت لا تعرف ما الذي يعنيه هذا، خراء، هو يعني ان ياخذوا منك الاولاد. لكن لا مشكلة هنا - اخذ الاولاد - انما بمنحة الحكومة الخاصة بالاطفال، ستقطع عنك، حينها ستأكل الخراء. عليك ان تفعل اول واهم الاشياء في كندا. ان تتخلى عن رجولتك. ثم هناك البوي فرند. فاروق، هذا الكردي الطيب، سكن في بيوت البلدية، المصادفة وحدها جعلته يسكن في شارع كلهم من العبيد. تخيل، عالم كامل من البراطيم والاعضاء الجنسية الطويلة. مسكين، ناكوا زوجته وشفطوا حليب الطفل، فاصيب بمتلازمة داون. ماهي متلازمة داون؟ حسنا، اسمع:
عليك ان تكون ماصوصا كبيرا، جنتلمانا بكل معنى الكلمة. عليك ان تقول للزوجة اذا فوجئت باحدهم يمتطيها - او ماي كاد - انتبه، لاتضربها ولا تزعجها، اقصد اتركها حتى تكمل عملية الحب الفموي. يمكنك الانتظار في الغرفة الجانبية او تذهب لحلاقة وجهك في الحمام ويجب ان تغني، نعم تغني ليمكنك هذا نسيان الكلب الذي نام على شرفك. لخاطر داحي الباب، لم كل هذا ؟ كم نحن مناويك. بالمناسبة، يمكنك بعد اتمام الحلاقة ان تذهب وترجع الماكنة الى السوبر ماركت وتقول لهم انها لا تعجبني وتأخذ نقودك. انا افعلها دائما. هكذا فعلتها مع ماكنة ثرم اللحم. بعد ان احصل على كمية كبيرة من اللحم، اشتري ماكنة الثرم وبعد الانتهاء ارجع الماكنة واقول لهم انها لاتعجبني، لا تتصور انهم يخسرون، انهم لايؤمنون بآل البيت. الصينيون افضل حالا منا واحسن في التملص من التاكس. التاكس، خوات قحبة، انهم يمتصوننا به. هل تعرف اننا ندفع ١٥% تاكس على كل شئ، حتى لو اردت ان تضرط، عليك ان تدفع تاكسا لانك ستلوث البيئة. يالهذا البلد. انا احدثك عن اشياء صغيرة، في الحسينية او الجامع ستتعلم الكثير عن بلد الكفار هذا. حسنا.. سادلك على الجامع او الحسينية. ستتعرف هناك الى مؤمنين، ستتعلم منهم كل ماهو رائع ! ستتعلم كيف تتهرب من التاكس، ايجاد عمل اسود، فائدة صنع اطفال جدد، الجنس الفموي. كيف تتفق مع احد الاخوة ليسرق سيارتك او يضربها لك، لتستلم تأمينا. كيف نحافظ على حبنا لآل البيت. هذا البلد يحكمه ال امية. خوات قحبة يسيطرون على كل شئ. بالمناسبة: لا تشتر الجبن من الاسواق الكندية لانه يحوي مادة الرنيت! بالمناسبة انت ايسي لو ديسي*؟
الفصل الثالث
صباح، نور، ضوء بهتان النفي ينفجر من حلوقنا. عصب الوجه مشدود الى الاذن. اين انت ايها الفناء والادراك، في الارض ام في السماء ؟! لا سماء، لا ارض، هنا الايلاف والنفي والضراط. فساء النوستالجيا والاركيولجيا. لا يمكنني نسيان عبد الزهرة الذي الذي يشبه حصان شرطة. اتمدد على فيض هفهاف ابيض وشمس تهج على صفحات الثلج الانكليزي. كل ما يجدر فعله ووجهك كأنما بوز حمار مصاب بقنبلة كيمياوية، هو تزرير القميص والنافذة امامي لوحة مائية باهتة. جوقات الزرازير تنبش الثلج بحثا عن كفايتها من طعام وخمر. اخر العناقيد ملونة تنام على فرط بتلات تخفق للريح المتلاطمة في كل الجهات. لا سكوت، لا نوم، لا خذلان.. زوجتي مصابة بالقرحة المهبلية، تحاول تعقيمها بالماء والملح، وننتظر تلفونا من الميسا. اقلب صورا قديمة عن رحلتنا، بداعي التسرية. ما كنت قلقا كما هذه الايام. يقول عبد الزهرة: ان من السهل الاصابة هنا بالرهاب والاكتئاب، انه مرض الغرب والغربة. حسنا، ساحاول ان لا اصاب. لكن ماذا عن الجنون، العصاب، الذهان وامراض الحروب، ثم امراض الحصار وامراض العراق. الصور القديمة خرساء والوانها ناحلة ومامر عليها زمن. وجوهنا تصحو كما ليس في مثل اي يوم. الانبهار والضجيج في الغرفة يحطم سكون الخارج المتوهج. اخرج الى الروشن وادخن، اشعر بانزياح كبير لاحجار من مكامن الجبال، الهضاب تسير كالعهن المنفوش، السناجب ترتجي المضاجعة واناثها تهرب، لماذا تفر بحق الحمزة. الاشجار تتحرك كهيعص. كل شئ يتمحور حول سلام كوني شفيف ومتشنج. احدق في السماء، كلون عيون الانكليز، شديدة الزرقة. صفاء لا ينكحه نكد الحضارة ولااهل العوجة ولا ابواق سيارات المدن البدوية لبلادنا، مدن اكلتها انصاف الالهة المستنزفة باستمناء الحروب العبثية والانتصارات التي لم تأت، وصرخات الدعس والجنس الفموي في الظلام والنفير العام وهلاك كل الذين ولدوا عام ١٩٥٧، والجيش الشعبي وامر القاطع وعضو الشعبة الحزبية وقحاب الداربين ولاتعود الى البيت الذي غادرته بالبجامة - ورعشة الكلاب التي تضاجع بعضها في خرابات بغداد، بعيدا عن اعين الذين لم يولدا بعد، لكنهم سيولدون لاجل ازمنة الخراء القادمة - ودون ان تغسل وجهك المضروب بالف نعال، لشراء الصمون، بل يمضون بك، في كفرك وتخشبك وبجامتك المقلمة، الى شاحنات الهينو، حيث تجلس الى الخشب البارد والجادر يخفق لسرعة الريح بمؤخرتك المتحولة الى جرد عظام ومصارينك بلا حركة ولا ضراط او فساء، ومن الشعبة الى الفرع * ثم معسكرات التدريب في النباعي حيث الصمت المتكتل واللاادراك، ومنها الى الحرب والمصائر المجهولة ثم الاسر في اقليم سربيل زهاب والمحمرة ثم الرحلة الى سجن نيفين قريبا من بلاد المسقوف، بعيدا عن الله، ميتا في الموت وهالكا في الحياة.. تسير امامي عجائز بادوات التزلج، الاذان مغطاة بصوف وفرو، الابتسامات رائقة. يلوحن لي باذرع رفيعة قوية، اذرع رقراقة. ارفع ذراعي كشامان، ساحر كلداني في بلاط الخليفة بين وزراء الشيعة ومضحكات ومرقصات وخصيان بلا نهاية. انام في الاطلس منعما بديباج الملوك الاكاسرة وسحر خانات بغداد وسمرقند، حيث يقودك متصوف بملابس خلقة نحو تخوم الوجد الساطع والسحاب وحسان وافخاذ وابضار ممتلئة لا نهاية لمتعتها. وفي هذا الوجد يصلني صوت مديرة الماذر هاوس، وكأنما همس تحت شحمة الاذن: هل تلاحظ المقبرة البعيدة، هي مقبرة غرقى التيتانك. نضع لهم كل يوم مع جوق الانشاد، باقات الورد الاكلة للروح.
في مقبرة التيتانك اتخيل متحسسا كتفي وبرد الشمال واغاني فيروز في سرافيم انسيابها ووحدة عظمى منيرة تبشر بانسكابات وحدانية روحك وانت هو، هو، كعبة العالم وكل الانهمامات والتوجعات والمحرقات متذكرا بولنا على قبورنا في الشيخ معروف بمواجهة تانكي* الماء الذي سألت جدتي: كيف يمكن للموتى شرب البيبسي؟ فأجابت: أكيد من التانكي!
في اوقات التفكير المهلوس المعتل الدلالات ومع سيجارة رائعة وبرد ينعش القلب تهجر نكايات، تشويش اهل العوجة وتنبئني المديرة بالانف شبه نبلة القلم. ان عليك الاستمتاع هنا. وتخايلني وتساميني وتعاليني، وهكذا قالوا لنا في ميسا ايضا. استمتع بسقف بهاء لاينتهي، ابتسامات لا تنتهي، مطر لا ينتهي، كل همهمة تشبه لذائذ حلمات النساء والزردان وقتما تبول عليك في الهميم، ولا عراك بين العصافير، الحساسين، الغربان، بين النوارس البيضاء والرمادية والعنادل والسناجب والديدان والراكون والبيفر. الغذاء متاح للجميع، لاحروب، لا مخاوف، لا مهالك، لا رجال دين، لا مناويك، لاعسس، لا عاصفة الصحراء، ولا ملاحقات لدفع الاشتراك الحزبي. واحمل على تذكر عصافير لم ار مثلها من قبل، في رجراج شقوق الحرب مع ايران. افكر، بما الذي يدفع عصفورا الى الوقوف على ساتر اشتجارالقنابل والقصف والهلاك والرؤوس المشطورة والاذرع المقطعة والايور المخنطلة في حفر عشق الوطن في بحيرة الاسماك حيث اكلنا ملاك الحرب وحيث زحف جندي وانا اتأمل تلك العصافير ليقول لي في جراحات صلصال عذاباته المتوهجة هذا هو عصفور الجنة. واترك هذيان موت الموت واغسل قصعة الاكل في بركة مياه، بلنا فيها كلنا قبيل الهجوم الاخير والعصفور يتأمل حياتي.
وتتركني مديرة الماذر هاوس في جائحة نكايات التذكر وتخرج مع مجموعة راهبات متقاعدات، ليقتن العصافير والغزلان والسناجب. الغزلان والسناجب آمنات الجَناب، لا ترتعش وهي تجتبي طعامها من ايدي الراهبات بمكنون خزين الكم الانساني من الرأفة. الضباب يمد غلالته الشفيفة على الارض وقائما نحو السماء في شهقات ولادته العذراوية من البحر. الصباح يفرز اشتقاقات اللغة العصية على ادراك الحس لتوحدك وانت تصلي قائما قاعدا في محراب الاله البعيد القريب، حيث يشفع لك بنبرة السلام السرمدي الذي يفوق العقول ويقتلك. في تحجراتنا وصوارفنا وصمتنا وريباتنا تنفرج ابتسامات للوجوه الطرية مع روائح الغابات البكر والمياه المتجمدة في برك متناثرة. القلب لما يزل يحمل وجيزضغنات، تراخيم، اواخي، شذاذات، شذرات، اشتطاطات، تلغزات القلق المالانهائي. كل الذين التقيناهم في ميسا يرددون: لا تبك، كب ضيمك في مارستان الامراض ومارس الحب كما ينبغي ان يكون. كما ينبغي ان يكون! اجل، مارس جل الحب بالشهقة والجمرة بالجمرة والتصديق بعد الانكار والوصف بعيد المشاهدة فيتحول المغبون الى التجرد ومنه تجري قداديس انهار الحياة، وروض المشتاقين يفيض بارواح الصديقين المجانين البوهيميين.. وتتناهبني الكلمات المثقلة بندى كعبة الحشن وروضة المزن وأملاءات التكيف و- زمزمة - المطر، في بهجات سقوطه الابدي من السماء العضو الى الارض الانثى.
الضيوف الذين يلجون الماذر هاوس يلوحون ثم يصعدون الى الروشن. يروون لي عن اخمر الشتاء والخريف القادم والصيف المذهل واشجار القوغ والمابل. ستشاهد السلام الكوني مع سباسب اشعاعات تفجرات السحر القطبي. ساشاهد الدببة مع صغارها واتقبع القبعة الاسكتلندية بالكركوشة والمعطف التويت القادم من لانكشاير، وتتمشى في ميناء هليفاكس، وبين الشفتين والقلبين، غليون نوتية بحر الشمال في سفن الحروب الشراعية على ضفاف الجزر الانكليزية برايات بريطانيا العظمى، وستشرب بيرة سليمن وموس والبيرة الايرلندية جينيس وترتدي التنورة الحمراء وطيزك بارد في تيارات رياح الشمال بين الادغال، في كوخ خشبي وتتدفأ بفحم الكوك. وفوق الموقد الحجري صورتي بشعري النيجرو في ساحة السباع وعلاقة مفاتيح (تتدندل) من حزام بنطلوني التركال وحذائي من زبلوق وفي الخلفية مصري يبيع لفات البيض والعمبة والذباب وسجائر سومر. هل تحب الجعة؟ اوه، نحن اسفون لاننا اتينا على ذكر البيرة ونسينا في افتقاداتنا انك مسلم. اسفون جدا سيدي. لكنكم اول من صنع الجعة في بابل! واضحك بهمهمات خذلاني. لا اريد ان اكون دينيا، لا اريد الا ان اكون الانسان، وامتع بفرصة التفكير الحر، بعيدا عن الهريسة والزناجيل والائمة ونعم سيدي ومولاي واللحى والدشاديش القصيرة وعبد القادر الكيلاني ونعال اسفنج يخرج منه كعب القدم.
ميناء هاليفاكس تتعشقه نوارس بيض ورمادية وروائح القطب والسمك والدلافين والحيتان التي تعيش بالسلام المريمي ستراها كلها في الميناء الذي استقبل غرقى باخرة التيتانيك.
انزل من الشرفة تقودني اياد سرية، ملائكية، مقاربة للسحر وبحدقات لاتتوقف عن الرمش لانه لاقلق، تدفع بي كشراع وجود الذات الى مدافن الغرقى. ساعة المقبرة الانكليزية - الاولد سكول - تشير الى -صباح العاشرة - وجوقة منشدين تقرأ في كتيبات السلام اليسوعي للغرقي الذي مر عليهم ربما، قرن من السكينة. ادلف مع الموسيقا بالشغف والورود التي تنام قرب الشواهد المكتوب عليها بحروف غوطية: ارقد بسلام. بسلام العالم وعصافير البلوجايز تتنطط بين باقات الورد الاحمر والابيض وانواع ماعرفتها في خرائب حياتي المبهمة بسعادين الوقت وقرود عيشتنا البدوية ويشاميغنا وياكاع ترابج كافوري وفوت بيها وعاالزلم خليها، والزلم هربت والنشامى ضُرط بهم، وعلي حسن المجيد والفساء الجليل حسين كامل قبل ان يتحول من حمار الى مطي في سابقة جينية، يقف في معمل تصنيع الصوندات* صارخا: انتجوا مليون قطعة كلاشنكوف في الاسبوع ويقول المديرون سيدي هذا مصنع صوندات وبرِكان*. ويقول بانفه البدوي الاورشليمي الكبير: تبا للمستحيل. لكن سيدي! - انجب وطيح الله حظ الشوارب - وسيدي في العراق وكل بلاد العظايا، تختلف عن كلمة سيدي الانكليزية التي تلمح الى الاحترام ومع حسين كامل واهل العوجة وشذاذهم والفيائهم تعني الاذلال والعبودية في مجتمع اليعاريب والكلاب والخنازير البرية واحلاف لعقة الدم وتشوهات العشيرة الخالية من اخلاق العشيرة والدواوين وكل من شاء ان يصبح سيدا على الاخر بالدينولوطيه وبقوة البوليس ووفق اعتبار انه من السادة الاشراف وانت لست من السادة ولا من الاشراف يامفاخذين حياتنا المتكهلة.
وفي الهميم الحلمي، في المقبرة والذاكرة العرجاء تدفع ويتوقف كل شيء مع اصوات الآت القِربْ والملابس الاسكتلندية تتماشى مع رونق بهي والصباحات السابحات تختفي فيها الشمس كل هنيهة وراء غيمات ناشزات تلوذ بالشتات. اقترب من مسطبة بين بقايا الزهور الافعوانية ـ ممدة على الارض في تلبلباتها، تنتهب ذرات التراب في حنو الاشتهاءات للنمو مع المطر المغلف بالجنس الفموي - البرد لذيذ، مذاقه رضاب وحلمة، يمشي كعرجون، كأسطرلاب الكواكب الدرية. اجلس مستمعا للموسيقا وزركشات الملابس والتنورات والجوارب الصوفية ونساء وصبايا ادهش بياضا من حليب مهراق. اقطف بتلات حلقية واضع في فمي تناغمات اللذائذ والنظرات المشوهة لبدوي قادم من ازمنة الموت والذباب. ويحلق هذا البدوي الاجرب في سماء اوطاننا النحاسية المتربة ويعبث بالجثث المتعفنة على جوانب طرقات الموت ما بين الكويت والعراق وحروب العبث مع ايران.
اشم جالسا كبوذا، روح زهور اتيه من مسمياتها الكونية وامسها باصابعي يبللني نوع خاص من الندى مستأنسا بمسيس الرازقي في حدائقنا القديمة وصباحات تموز في جنينة المنزل بين اشجار التين والصوندة والمشمش والاجاص ونبتة العطر ومن مدى تاتيك طقطوقات فريد والاجاصات غفو والزهر لا ينام وفي نهاية الممرات اللوزية الجهنميات الارجوانية. صباحات فرط قبل ان تغزو حياتنا البداوة ويسحقوا الرازقي. ان مما يلح في استدرار التعشاقات والاحلام ان اذكر ذكرى تتعشق ركوب الدراجات وغزواتنا لمكتبة الطفل مقابل الزوراء، ونصير صباح الذي لا ينزع عنه معطفه. اني اشعر بالعصافير على اسلاك الكهرباء وسيارات الدخان واغنيات حلاقة النفق وطارق الحلاق يروي اجمل الكذبات في العالم، وكل ثمرة نارنج، تعني قراءات غنوصية وثنية في معابد ارهاصات مستأنفات عشتار وانت تسير في شارع الرشيد وتستذوق الباجة والرأس التنوري في انصاص الليالي والغالبية الاعم من كلمات اهل الجعيفر تنداح في سوق اللحم ومع القصابين والصدرية والنهود المشنوقة بردا سيميالوجيا بالحلمات المطرية وهبوبات الهواء تلصق الدشاديش بالافخاذ ولذائذ نهر وصيحات برودات حسين القصاب قبل ان ينال العضوية * وهو يرش الطريق ويكفر بالصوندات المثقوبة، ونضحك من حلاوة الساهون والجزر والفرارات والجلكلة والجلاليق، وبيت (ابو اريج) يطبخ بقدر ولاية المجروحين، ثواب الحسين ورائحة الخشب والدخان للستار.
اترك مقبرة التيتانك تودعني عيون حب واضج انا بالشكر والعرفان. اصعد المرتفعات واصل وتقول زوجتي ان مندوبة ميسا اعلمتنا ان اوراقنا الر سمية أُكملت. ثم علينا انتظارها لترينا الشقة. لم اشعر يوما من الايام بماهية شعور الارتباك. حلقت ذقني واخذت حماما بالبخار وجاء شخص من المطار يحمل حقائبنا الضائعة.
ارتديت ملابسي امام النافذة. الغزلان التي لا تتيه تسير في الغابة، الثلج شرع بالهطول. مرأى الغابة ناسوتي، اهتبالي، أبيض مثل القلوب التي استقبلتنا. اردت ان اجلس امام النافذة مع كرسي هزاز مدخنا ومرتشفا انكلش بريكفست، تي، لكن لا وقت، لا ازمنة، لا خباء. العيون افرصتها اللهفة. سيكون لنا بيت، بيت حقيقي. العيون شاردة، في لهف. القلوب ايضا. علينا ان نجهز انفسنا. زوجتي - تدردم - كأي عراقية في العالم، تشعر بالارتباك، بالقحط العصبي، وفي هذا القحط نسيت اين وضعت حفاظاتها النسائية. اقول موجها لم القلق ؟ فتجيب انه بدل سخافاتك هذه، انهض واعني لكني استمر في التأمل. وتنشغل هي بالباس الاطفال وتدردم *قائلة طاح حظك وحظ اليوم الي اخذتك بيه. تنتهي من الاطفال ونهبط السلالم بدربكة وعياط وكأنما كبكبة حصن. الايرانيون يطلون برؤوسهم المسطحة من خلال الفرجات. نصل الطابق الارضي ونجد عبد الزهرة في انتظارنا الانتظار ويقول بشفته الزمبابوية: سيأخذونك لرؤية شقق عديدة.اسمع، فك، لا تأخذ شقة منطقة سبراي فيلد، هل فهمت. انها تكساس هاليفاكس. واطلب منه ايضاحا ويقول: اسمع انها منطقة عصابات المخدرات وكل يوم يجدون فيها جثة مرمية في مكب النفايات. هل فهمت. اضطر للمغادرة الان، اردت تحذيرك فقط، لا تقل لهم اني، فك، قلت لك هذا، سمعت في ميسا انهم سياخذونكم الى هناك. انتبه، حسنا، اكرر عليك اسم المنطقة سبراي فيلد، لا تنس. ويتركنا ونقف نحن بالانتظار متأكلين وتقول زوجتي بلا اهتمام: شراد؟ واقول: يمكن انلاصت، خرة بعزره.
* *
تصل سيارة ميسا ومعها المسؤولة عن برنامج الاسكان، امرأة من جذر فايكنغ، بنية وذراع قوية، مكتملة التنسيق مع المؤخرة والصدر وشعر منسدل كينبوع ، لكن الافتك هو الانبعاث الماسوشي للباسها الداخلي.
نصعد السيارة كمجانين متعثرين وحقيبة اليد فيها اوراقنا الرسمية وعليجة* منظمة الهجرة اضمها الى صدري رغم انتفاء الحاجة. وعندما تغلق باب السيارة، نكتشف ان طرف جبة زوجتي خارجا.و احاول ان اشرح المصيبة والحرمة متشنجة وانا اومئ، والسائق البغل لا يفهم ونتوقف بعد انطلاقنا بدقائق على صوت العويل والرجم والتكبيرات للكاظم، واكفر بعزره، وتترجل الفايكنغ وتدور حول السيارة وصدرها كبير وتكتشف طرف الثوب ومؤخرتها صلبة. واكفر مرة اخرى واقول للحرمة التي لا تفهم المذهب السريالي، لم لم تنتبهي يابومة. وتجيب هي: ليس ذنبي يا مثقف، انما ذنب الاولاد. والسائق يتفرج والمسؤولة تدخن خارج السيارة والاطفال يتسلقون رقابنا وتقول زوجتي افتح الباب بدل سخافاتك واقول: انه لايفتح. وتقول المسؤولة: القفل بجانب زوجتك الايمن واقول لا اشاهده وتقول انه هنا وتنقر على النافذة. وفي النهاية يميل البغل بجثته ويرفع شظية القفل وتدفع المسؤولة الثوب الى الداخل. وننطلق تحت النظرات المؤنبة والابتسامات الخبيثة تحلق في الارجاء. وبعد الانطلاق تقول المسؤولة اننا في طريقنا الى سبراي فيلد واقول: اي سبراي فيلد؟! وتقول ماذا؟! واردد بعصبية انها تكساس، لا نريدها. وتقول المسؤولة: ماذا؟ واقول: انه من غير المعقول ان اصل كندا لاعيش في تكساس. وتقول المسؤولة: لكنها سبراي فيلد وتكساس في الولايات المتحدة ! واقول بتشنج: لا اريد شقة هناك. وتقول لماذا؟ واقول لا اريدها فقط. وتقول لنلق نظرة اولا. واقول اسمعي: اني مجنون، هل تعرفين هذا، مثل حسن النواب، بل لدي القدرة ان اعوي. ويمكنني ايضا ان اطلق الرصاص. وتقول زوجتي باستنكار: لا تهتمي له، انه مجنون. واقول لست مجنونا، هل هذا واضح. لا اريد السكن في سبر اي فيلد. وتقول زوجتي مرة اخرى: انه مجنون واقول: لنعد الى الماذر هاوس. وتعلق المسؤولة: امبسبل، لا اقدر، هناك عوائل اخرى تنتظر. واقول: من هم، الايرانيون، خرائي عليهم، انهم مجوس. انا اعرف انكم تكرهوننا لاننا عرب، اليس كذلك، اعترفوا انكم تكرهوننا لاننا مسلمون، اما الايرانيون فتداهنوهم. وتقول المسؤولة وهي تنظر الى البغل: ماذا يقول هذا؟! وتقول زوجتي: اتركيه فهو معمم ومصاب بالجنس الفموي. وتقول المسؤولة بعربية محطمة: ماذا يعني هذا رجاءا؟ ونصل سبراي فيلد وتقول المسؤولة: ان الشقق هنا رخيصة تتناسب مع منحة الحكومة التي ستقدم لكم خلال سنة. واقول اللعنة على الحكومة، لماذا احضرتمونا يا كفرة. واتشبت بمقعدي، واتشنج ويزرق وجهي والعصب السمعي يبرز من خلف عظمة الاذن وينتفخ واقول من بين اسناني: لن انزل وتقول زوجتي: بل تنزل واقول: لن انزل، هل سمعتم، لن انزل. وتنظر المسؤولة بخوف الى وجه زوجتي والسائق يعبث باسنانه دون اهتمام وهو يقول فك*. والاولاد يبكون ويقرفصون في المقعد الخلفي قربي ويفسي احدهم وتحاول المسؤولة الاتصال بالمركز ونحن نختنق، وتقول لهم معي معمم ماذا افعل؟! وبعد ربع ساعة، ننطلق لرؤية شقة في منطقة غير سبراي فيلد مقررة لعائلة ايرانية، بعد ان تم تغيير جدول الاستلام.
نصل شقة المجوسي. ثلاث غرف نوم وكاربد وحمام كما في فنادق الدرجة الاولى. للشقة ايضا مستشرف رائع يطل على واد صغير وامرأة تعد شواءا على الباربكيو. من المستشرف انظر الى نوافذ العمارة المواجهة. هناك هلوسة في العقل الباطن. منظر نافذة في شقة لايعني لي الا نساء ومؤخرات وعري واحذية وملابس داخلية نسائية، واصابع تنثني مع احمرار الركب على الزولية * ليمكنك السيطرة على ارخبيل المرأة العاوي، ولتنقض انقضاض النسر، الصقر والفريسة متناهبة، ترتعش، تشهق تحتك وفي النهاية تلتهمك الانثى مثل عنكبوت في زاوية شارع او ظلمة - قمرية - تعريشة عنب او خرابة خلف الدار دون ان تفهم او ترى سوى مخاط ولعاب وشفاه وحرارة وانتصاب وشهقات ومذي واختناقات وخربشات وعباءة على الارض ولباس خام الشام ابو الخراطة.
عندما اكتب الان، فأني اشعر بنوع لا مفهوم من الانهزام يدعى انهزام المخيلة وهو ليس هينا اذ اجتزت ليس الزمن بزمنه ولا المحيطات بسواحلها، انما الفتق بين الحضارات لتستقر في الحضارة الانجلوسكسونية. ومع الفسول الحاصل سابقا يتلبس انك مهزوز، وان دماغك يعربد وان العصافير لم تزل تتنطط على روث الابقار وان الحروب لم تنته وان باعة الشاي يدورون في محيطات جنائز سواد كراج النهضة، وانك لست في الوادي المقدس طوى ولست قدام الاله بعد من اجل ان تقرأ مدراشك على العالم. وامام الانهزام الروحي اقعد منهكا على السرير وانفاسي تتلاحق بفعل ارتقاء السلم. اصابعي صفر من التدخين ورائحتي عفنة ولحيتي كما رؤوس الشياطين واهذي باشياء لا افهمها. الاطفال يعوون ولا يمكنني اسكاتهم واصواتهم ضجيج، عربدة، واود ان اضع يدي على عيني واسرح في ربض الاحلام ، لكن الباب تطرق وافزع وتقول زوجتي، هذا الايراني يريد الحديث معك. ويقول الايراني: عندك نيفيا اغا؟ واقول: ماذا؟! ويقول: كريم احتاجه لتسهيل عملية الايلاج. واقول، انتظرني دقائق. ويقول ساذهب الى غرفتي. واقول لن انساك حتما.
اعود الى السرير. صداع قحفي. الاولاد مستمرون في تسلق الستائر، زرابودكا اينما حللت. الزوجة تنظر الى السناجب، قدح القهوة بين اصابعها. انا الوحيد الذي يرتعش دون ان يٌعرف السبب. افتش الحقيبة بحثا عن كريم نيفيا ولا اجد. اطلب مساعدة الحرمة وهذه لا تستجيب. اخرج من الغرفة هائما. اسأل موظفة عابرة ان كان لديها كريما للترطيب. وتعتذر هذه وتقول هناك نوع اخر لكنه يستعمل ايضا للترطيب. اتركها. اسرح في ممرات الماذر هاوس واستغرب اني اهتم بطلب الايراني الى هذه الحد. لا اجد كريما في مطبخ الماذر هاوس ولا في علبة الطوارئ. ارجع الى الموظفة واقول: حسنا اعطيني الكريم وتقول شيئا ما لم افهمه. لكني اتناول الكريم واركض في الممرات. اقف على باب غرفة الايراني واطرق، اسمع هسيسا ونخر. اقول الكريم في يدي. يقول الايراني، ارمه من الاسفل. اقول من اين ؟ يقول من اسفل.. امك. اعود الى غرفتي. بعد دقائق ينفجر رعد والايراني وزوجته يتراكضون ورجال الاسعاف خلفهم.
الفصل الرابع
كجذر في ارض يابسة اجلس، لاصورة لي ولا جمال يسترعيان النظر، ولا منظر فتشتهيه الارواح. وصل عبدالزهرة وجلس ماذا فعلت لخاطر الكاظم، فك ؟! لا اجيب، كان هناك ارتحال كيميائي للدماغ.. قلت ساقتلهم كلهم. يبصق عبد الزهرة على الارض ويقول: الايراني وزوجته عادا من المستشفى بعد الحروق التي فعلها الكريم باعضائهم الجنسية. هل هذا حسن. يعرجون الان في الممرات والمطعم.
وصل موظف الميسا ايضا. قال جهزوا حقائبكم. الى اين، السجن، مسافدة الحيوانات ؟ ويجيب الموظف: الى شقتكم. تعدل زوجتي الاشياء في الغرفة باسرع من طلقة مسدس، كنا في اخيلة، لعبان نفس، بدأ العالم الان، هناك مضاجعات طيور انكليزية واستكلندية، يبرز تانكي الماء في السطح ارخبيليا الى الذهن ومعه مس النذور.. احمل الحقيبة واتبع زوجتي، هي في المقدمة، انا في المؤخرة. اسير في الممر كمن به رئي. الاطفال وعبد الزهرة امامي ايضا. موظف الميسا يشرح لزوجتي عن الشقة. انظر الى الوراء واشاهد الايرانيين يطلون برؤوسهم الارية من ابواب الغرف واللعاب يسيل من افواههم. اقول السلام على الشرق، السلام على العري الخفي لملمس المؤخرات الدنيئة. وتجيبني الاصوات كهدير، الى الجحيم، الى الجحيم ياقذر. ويعرج الايراني المحروق وزوجته في الممر المؤدي الى المطعم.
نصل المكان ونحن مضطربون بالحقائب واللغو واضاعة الاشياء وهروب الاطفال القرود. نرتقي سلما الى المصعد ونحشر كنعل في جامع. لا احد يهذر، كلنا ينظر الى السقف. الاكتئاب كما يقول عبد الزهرة يتفجر في مؤخراتنا. نخرج من المصعد ويلاقينا مدبر العمارة - السوبر تنت - تيري
يمضي بنا تيري القصير في الممر. اسير كخلفه مثل حيوان ما بعد الايدلوجيا. ذراعي الى الامام ورقبتي تندفع وظهري مقوس ولعاب في الزاوية اليمنى للفم، اهجس في ذلك الزمن اني اعيش لحظة تغير كيمياء العقل واني اتراجع الى المكونات الاصلية للاحفورة قبل ان تتحول الى انسان الحضارة والايدلوجيا.
نصل الشقة ويرطن تيري بالاسكتلندية، ولورا حرمته بشورت قصير ولا افهم منه شيئا، لورا مثل فلفل حار في مؤخرة، تمضي بك انا تشاء، الى الاستمناء، الى الموت في النوارج. نلج الشقة كلنا، مثل صخول* بعلزبول. يُقرأ العقد والاوراق كثيرة. نضع توقيعنا الانكليزي المضحك على عشرة الاف عقد لانفقه منها شيئا، وفيما المعمعمة عارمة والاوراق على الارض والشروحات تتلى ولورا تطلق ضحكة مجلجلة ومن شورتها القصير المح لباسها ابيض وعانتها جنجر وعضوها الالهي زهري ومؤخرتها برقوقة بشامة تحلق مع الحساسين وسكسوكة جواد الحطاب في بهاء المطر ومزارع الخس قبل الطوفان. ابحث انا عن مستشرف ومن المستشرف عن نوافذ ومن النوافذ امارس ارق واجمل والذ هواية عراقية في اقتناص نساء اجسادهن انحناءات..
ما ان يخرج الغجر، بمن فيهم عبد الزهرة، حتى تُطرق الباب ويقف امامي تفس* بوجه مجدر يدعى سيد عباس، من الاحواز. ويرفع هذا البغل قبعة البيسبول المنتفة وينزلق الى الداخل قائلا: اهلا وسهلا بكم في كندا، من اين انتم ؟ ها، ماذا قلت، ويستمر في الانزلاق ثم يدور مثل قحبة في الشقة وكمقاول بناء ينقر على الحائط وينظر الى السقف ويكرر انا سيد عباس الموسوي ، جاركم، اسكن فوقكم، يا عبد الله الرضيع، ما الذي جاء بكم الى كندا، فك. ويجلس على الارض ويرغي ماذا ستفعل ؟ واقول اين ؟! ويجيب: هنا في كندا، واقول: انا صديق نصيف الناصري وشوقي كريم، وساذهب الى المدرسة طبعا، ويقول: من هؤلاء، مستثمرون ؟! هل انت مستثمر ؟! واجيب: لا، لجوء سياسي. ويقفز كجرادة: ستستلم معونة من الحكومة اذن، اليس كذلك ؟ واقول: وما المشكلة. وتنتفخ الدنابل في وجهه وبراطيمه ويقول ماذا، ستصرف عليك الحكومة ؟! نحن ندفع هذا التاكس، فك. اسمع يجب ان تجد عملا بسرعة واقول لكني مثقف، ثم يتوجب علي الذهاب للمدرسة اولا وتعلم الانكليزية ويقول ماذا، اي مدرسة، ماهذا المثقف، هل هو نوع من انواع الحلاقة ؟ فك. لاتحتاج الى المدرسة. الا تعرف ان تقول يس ونو وفك. هذا كل ماتحتاجه هنا. يا عبدالله الرضيع، لا تذهب الى المدرسة، ابحث عن عمل، عمل، فك. اي عمل مهما كان صغيرا. يجب ان تعمل. اترك المدرسة، ستتعلم الانكليزية بالاختلاط، مثلي. انا اعمل منظفا وابتعت سيارة جديدة وبيتا في ايران. اترك كل شئ واعمل. ويطلب كلينكس ويمسح براطيمه كنت اعمل ٢٠ ساعة في اليوم وغالبا كنت اكل البيض مع القشر، انت في كندا، هل تعرف ماذا يعني هذا. ويولول ويقول انه الجحيم. ما الذي جاء بكم الى هنا. وقبا ان يغادر يدعونا لزيارته، سننتظركم، اهلا وسهلا بكم في كندا، فك.
في اليوم التالي يزورنا عبد الزهرة وبعورته - زوجته وقروده - في يده باقة ورد يقول انه جمعها من مقبرة التيتانك القريبة، ويضحك ويدور في الشقة ايضا ويتفحصها. زوجة عبد الزهرة زايرة وتعرج ومتدينة جدا - كما تلاحظون - تحمل بين اصابعها سبحة ٩٩ خرزة. تقول بعد ان وضُعت الزهور على الارض، ان مفاصلها تؤلمها وينبري عبد الزهرة: انها تركع وتسجد كثيرا، كثيرا جدا ويضيف: مائة ركعة في الليلة الواحدة، عدا التسابيح، مسكينة. وترمقني زوجتي. وبدوري ودون ارهاص انظر الى عبد الزهرة وبقرته وابتسم شاعرا ان هناك ما هو غير صحيح.ويقول عبد الزهرة، هل الزهور رائعة ؟ ارجوكم ضعوها في قدح او مزهرية. انها زهور التيتانيك جمعتها من قبور الضالين. مجانين لا ادري لم يضعون زهورا على الاموات، ويضحك والبقرة تُسَبح. ثم ينهض بقامته القصيرة ويتجه الى النافذة ويهمهم: المنظر من هنا رائع ويحاول اخراج رأسه الا ان القفل لايفتح ويتراجع دون ان يستطيع ان يرمي بنظره الى ما وراء مقبرة التيتانك.. امام الشقة يتمدد البحر رخوا في الافق وفي الاسفل مقبرة التيتانك والى الجوار ازاء النافذة امرأة تشوي اللحم على المنقلة (الباربكيو) وتنحني هذه ويبرز لباسها الداخلي ويهمهم عبد الزهرة وهو يبحلق في المؤخرة، كنت قد سألتك ان كنت سنيا ام شيعيا ؟ واقول ساخرا: شيوعي. ويصرخ، صحيح ويردف انت من جماعتنا اذن، السلام عليك يا ابا عبد الله الحسين. السلام على ذريتك المعصومين، السلام على هريستك وقيمتك. السلام عليك في الاولين والاخرين. السلام عليك ايها الشهيد بكربلا، لماذ لا نتجه الان الى كربلا ونقرأ دعاء كميل. بالمناسبة، ما الذي فعلته بموضوع الشغل ويكمل اسرع في ايجاد عمل لان الراتب الذي تمنحه لك جماعة يزيد لايكفي. جد عملا اسود كي لاتدفع تاكسا. واهز رأسي واقول بمرارة: لا اعرف احدا هنا. ويبربر: العمل صعب في هليفاكس لن تستطيع ان تجد عملا هنا، تورنتو هي المكان الممتاز للعمل. ستموت من الجوع هنا، اسرع، لاتبق في هليفاكس.. وقبل ان يغادر يقول مشيرا الى زوجته، ان لديها مزهرية جميلة. تعال الى البيت وخذها. واقول بوداعة شكرا و،، اسير معه لاودعه وعندما نصل موقف السيارات، تبدأ زوجته صراخا وتحمل التراب وتلقيه على السيارة وتركلها ويركض عبد الزهرة وقروده ينظرون ويحاول ايقافها، الا انها تزبد وتضرب عبد الزهرة بحجر كبير ويهرب هذا وارتعب انا ويقع الحجر على السيارة ويتضرر البدن واهرع محاولا تهدئتها لكن اصابعي تنغرز تحت الثدي الكبير واشعر بحرارة تلسعني، وفيما عبد الزهرة منشغل، اتحسس مكمن الحليب والهطول والفصول. وفي النهاية وبعد ان تجلس - هي - على الارض وترغي ويسود اعتقاد انها تتعرض لموجة صرع والناس ينظرون من النوافذ، يتمكن عبد الزهرة من زلقها الى داخل السيارة، مع القرود وهو يقرأ دعاء كميل، ووجهه نعال يحترق شرق البصرة ثم يشغل المحرك ويصفق الباب ويتحرك مستديرا مثيرا الطين والاحجار الصغيرة وقالعا كل الحشائش.
**
صباح رخي، الشمس في برج السرطان. لا هبل في الشوارع، لا ايجات *لا مطايا ولا حتى ولدان شقر. اين يدفع الواحد بعضوه.. اتصل بعبد الزهرة للاطمئنان وتجيب الزايرة: النغل ليس موجودا، ذهب الى الغابة ومن هناك الى الحسينية. لكن يمكنك أخذ المزهرية، تعال. واهجس ان ذكري يتنفس، واقول، لكنه غير موجود في البيت. وتقول: وما المشكلة، لا تهتم، هذه عادات الجاهلية.
اتوجه الى المحطة وانتظر. كل من يمر يبحلق وينظر الى ساعته. بعد ساعة يصل الباص. وحينما اقف امام بيت عبد الزهرة يكتنفني تنمل الخصية وعصافير تحلق على علو، ثم يلجني الوهم الاكلينكي والعقل الباطن يتنبأ، نسر بجناحيه يبحر، فلما شاهده شيخ الطريقة في وتر صلاته ناجاه، النسر التهم مساكين الطير، وما ان هرب حتى ابتلعه صل اجلح، لكن الشيخ ناداه فاقبل باجراس مع المريدين من لاهور. اتردد عند قرع الباب وتلتبسني من جديد حالة العودة لموروثنا الاخلاقي، ووقتما يسقط في يدي، ببهاء قدرة الادراك الكلبي لرائحة الانثى، اطرق واسمع رجع عياط قرود - أطفال - عبد الزهرة وصوت ارتطام معجانة *. وتهرب من امامي سناجب ودعالج وغربان عمياء وراكونات واسماك معلبة، وامام التنبؤات والمسير الاسود للروح على غمام الوقت وانا احس بشئ حلزوني يدب في مؤخرتي، احاول ان اهرش لكن عضوي ينتفض واشعر بحرارته وانا امد كفي لافركه متذكرا اول درس في الحضارة الغربية، انه لايجوز ان تفرك في مكان عام ولا ان تحك. واقول مثل سيد عباس الموسوي، فك، ولا اطيق واهجس شيئا ما ينتفخ داخل البنطلون يتمدد على ساقي وان هذا الشيء ينبغي عوضا عن قمعه، مداعبته وتمسيده والحنو عليه. والتصق محاولا الاختباء خلف شجرة قوغ وامد اصابعي ناكحا عرض الحائط باللياقة الانكليزية والايتكيت واهرش كقط يلحس شعره وبقوة شيطانية وعندماتظهر خاكية بالفوطة السوداء ولا اعني بالفوطة الحفاضة النسائية كما يسمونها في بلاد الشام، انما الفوطة العراقية المصنوعة من البريسم وتستعمل كغطاء للرأس ـ تتضخم كل الحواس اللمفاوية
ترحب بي خاكية والمح تلاسنات في عينيها والطفلة بين اصابعها ككرة والمصاصة في فم الطفلة. وتقول مع رائحة دم. ادخل. وانزلق مقادا بالهلوسة وعابرا الاسكفة وناسيا كينونة الزمن والفلسفات الفرنكشتانية وعلم الفسلجة والعصاب والسحايا والطيور الاسطورية ومصباح علاء الدين والجنيات والطناطل والخصيان تلعق رقبتي لاني افكر ولم ازل، بذلك الوسنان، الديماغوجي، المتطرف، الذي يتضخم تحت بنطلوني، ورغم اني لا افكر ابليسيا الا ان له عقلا خالصا منفردا.
ما ان نلج، انا وهي بالتأملات، بالاضطرابات، بالتسلح الافروديتي لتدمير الحمض النووي والسناجب الرمادية والخفافيش، حتى ترفع عن رأسها - خاكية - الفوطة ويظهر ما استخفى من الكرافيص الحناء في زمن البخور بعيد وجبة سمك وتقول: تأخرت؟! ولا ارد متأثرا بتوحد الطفولة قائلا لنفسي: سيكون كل شئ بخير طالما حسن النواب وسعد جاسم بخير، واجلس في الصالة مواجها صورة حصن *. وبعد لحظات يؤت ببيرة حلال واعتذر مضيفا وهي تقترب والغيوم كثيفة والفساء يلوث السماء. يستحسن ان اخذ المزهرية وامضي ز لكنها تمد يد وتلمس رأسي وتقول: هاي منو زينك؟ والاصابع تنيك كذلة التوكالون، ارث طفولتي واسترخائي. وتسأل ثانية: عندك جكارة ؟! واناولها واحدة وتقبض عليها برؤوس، انامل، عظام اصابعها، واشعل انا وتنفخ هي، الى السماء، الى النباعي، الى ساحة سعد، وتقح كمصاب بالسل ودوار بسيط يضربها لانها شهقت الدخان بقوة وتقول: دعني اقرا لك البخت والنصيب، وتلصق ثقل لحمها الى مؤخرتي ويعتورني تنمل بس مو تنمل، لعمودي الفقري، ويزحف التنمل الى العصعوص ومنه الى ذيلي وحراشفي، كما يقول عبد الستار ناصر قبل اقتران هدية حسين به. وتضغط اصابعي نافثة دسمها والسحلب ينز مني وفسول السمك تتدفق مثل عاصفة الصحراء وتقول انت متعب والشيطان بتوابعه يحيط بك، سقتك مرتك سحورة وستشهد حياتك الما وتعبا وترى نجوم الظهر. وتزحف بشحمها مع رائحة حليب حامض وابط وسمك، تنفلق في المكان، وارتعش كسعفة حملها اهلنا، لوحوا بها في المحيه* على اعتبارنا اخر الاديان ومن حقنا الاستيلاء على الارث الجماعي لاديان العالم، ولهذا نحتفل بكل انبياء اليهود ومعبدهم في اورشاليم والمسيحيين والصبة والزرادشتيين والملاويين والبنغال والبهائية والبوذية والمانوية، واحاول النهوض منتصبا كلحية علي السوداني* عندما يتقيأ علينا الباقلاء والمزة في عمان، وفي الساعة التي توسوس فيها الرغبة يتوقف العقل ويمسي الحمار شهيا، جميلا، فما بالك بالحمارة ويتوجب عليك ان تزيل السم من مدفع الـ م ط 57 وان تمرخه بالنيفيا او الفازلين او دهن الراعي، وتولجه الى اي شيء وان كان هذا الشئ ثقبا في حائط او (فرج) قطة او رقية *. وليس حمارة لان الحمير مباحة للضرورة وحياتنا كلها ضرورات. وتهمهم هي: لم العجلة يافسيلتي ؟ وتدفع ركيكها باتجاه خطافي وال م ط يهيج صمغا وتخرج من علبة شيئا اسمه فايبريتر وتضعه على بظرها وتشغله ويهتز هذا بحركة ترددية ويندفع مني شئ مفاجيء ارخبيلي، هندي، باكستاني، بنغلاديشي، شفاف، لابحري ولا نهري ، والهث صعدا الى ربوة، تلة، الاجتماع والفابريترز يهز وصوته يدمرني واحرق مدسماتي، وامد يد خفية بين سباسب قصب، بردي هور كثيف اسود، نزلا الى القباقب المترعة بطعم مذاق البول والتخمرات والكيروسين، في عمق اعماق ثنيات اللزج، قابضا نون كينها الذي يسل سوائله على كفي وندما اولج اصبعا يتيه مدلوله في مغطس اهوال، شرائح مغارات، مدافن، بساطيل، ساعات يدوية، قياطين، ثمرات، جزادين، ممرات، احجية، اقبية، شموع، غدد، بساطيل، اقبية، فرجها الذي لايملك الظفر به ولا تأويله الا الدكاك، بهاء طلعته وسواد كمرته ومدراكه عظيمة تحج بحار الشوق على التيه في بحر القدرة، الوجدان، متفردا بذاته، كائنا لمخصوص عمله وواجبه.. وانهض بالتشنجات والانقباضات وانخراط العصب الوجهي وامسح اصابعي بالبردة * وتمسك هي ذراع توسلي في الضيكة العظيمة قبل صعود العباس وكأني سيد دخيل، قائلة دعني اكمل القراءة، وتضيف: لقد بيضت. واقول لم افهم؟! وتعلق: قالوا في المدرسة، ان للمرأة بيضة كل شهر. واضرب جبهتي: تقصدين الـ … وفيه يكون اوج رغبة المرأة للحب لاجل تلقيح البويضة. وتقول نعم هذا ماقصدته. واقول: تدعى مرحلة الاباضة. وتقول: مني البيض وعليك التلقيح. وتفرج مابين مهربيها ويفل الدود وتقول: اانت خصي؟! واشعر بالتقزز ويرن الهاتف واقول: هذا عبد ورب الكعبة. وتقول: انس عبد الخرة هذا. سيترك مساجا في كل الاحوال. ابن الحصان هذا لا يستحقني. وتبكي الصغيرة واقول: تشبه اباها كثيرا. وتقول خاكية: هذه ليست ابنته. وادخن: ابنة من اذن، فك؟! وتدخن: كل النساء هنا يصنعن اطفالا من غير ازواجهن. وادخن وترفع هي دشاشتها السوداء، وتدخن، بسبب عاشوراء ولباسها بوبلين اسود خياطة منزلية وادخن، وتلقيه تدخينا على الماصة، وفرجها كبير ويدخن. وتتمسك بقوة اشد وتقول. فقط دخن معه. وادخن بهلع: سيكبسنا عبد الزهرة! وتشتد: فك يور اس. وانفث نفثا وتنفد نفدا وهي وجلة وانا إجل وبظرها جفل، اتقيأ.
ما ان انتهي والقيء على القنفة والارضية والماصة مثل حلاوة، حتى يخرطني بكاء متذكرا بصل ثوم فجل زوجتي والافرازات المهبلية. وفي العواء الكوني لذهب حياتي الباهرة على الصفيح لشفافيات خرابي وملاحقة عامل المقهى لمؤخرتي وعياطي في مؤخرة باص مصلحة الركاب، وفي مقاهي سقط متاع الماويين الذين تحولوا الى طوابير بلا نهاية للتجسس وكتابة التقارير للمشيمة المعلقة بالحبل الصدامي بلا دنس، والحرب قائمة قاعدة في اهوار العمارة والطيب،المنفلتة على الصخب المعبأ بالعواء المترائي من سكك طرقات مزاريب المطر المثبتة الى سطوح الهواء البارق في الهباء ومعمل احذية حسين الدهش في زواريب شارع السعدون حيث نكنا الولدان المخلدون بمعية المستكي لاول مرة بلا مزة ولا هم يحزنون في الحرب والحبوب المخدرة في مؤخرات بيوت اليهود القديمة المصادرة بانتظار عودة المسيا، ونحن نشهد من الغرف المناكة بمصابيح الصفر صراخ العاهرات الباجيات والمخمورين، ونحن نشهد اطلاق الرصاص على الموتى في الحرب والجروح المنبثقة من عيون شارع المشجر في خباء اضطرام الهجومات الحيوانية والحصارات اللاحضارية للغرب الانساني التي اماتتنا مثلما اماتت القداح والجوري والقرنفل والبلابل والقطط والكلاب والدعاميص المائية والقوائع، برحمة بركة القائد والغرب ونحن للحياة الماضية والاتية الى الهباء. واقول بانسداد بلعومي وبكائي من السحل الايدلوجي في الفرقة الحزبية وخطابات الرئيس التحشيشية واللعبان نفس والزواع في الاجتماعات الحزبية وفي مراحيض عدمنا وعدم البهائم في ايران، جنوننا وجارنا الذي ابتلينا بشم ضراط عفاط هوج خبث دينه ومدلوله، كل حين. ولئيمه لا يتجه الا الى حدودنا ومزاراتنا قبل بعد الله كعباتنا، وعقولنا عبر السلابيح المائية والافاعي والفحيح ونحن نعدم الرفاق الموتى الذين بالوا في سراويلهم الكاكية والمفاجئة الهائلة للضراط الماساوي لاول امرأة تضاجعها - زوجتك - في نكاح الامطار وقوائف ظلمة جانحة والصمت في الشوارع المتربة واعمدة الكهرباء المائلة والكلاب في الخرابات والرفاق يترصدون خلف براميل الزبل وعند فتحات المنهولات وافران الصمون، ويتعسسون عند الدكاكين ايضا ونحن نبتاع قيمر المصلحة في تراقي نعاس بجاماتنا، لالقاء القبض - علينا - في وهجات الخيبة الابدية والشلل المعرفي ومصانع اسلحة خيباتنا تقبض عليك في الموت الكيماوي وابر الانعاش والافخاذ المزرقة والبقع الدموية والانعاش العاجل في المنشاة المتصحرة بالخبال وتشوه الخصوبة والموتى معبؤن في الشاحنات المبردة علامتها معامل تعليب كربلاء القادمة الى ابو غريب في الرمال والعاصفة ورعد بندر العمودي ولؤي حقي العمودي والشعراء الشعبيون وفرقة الريف والمسرح العسكري يعوون عبر اجهزة التلفاز منتظرين القائد الرمز وهطول عطايا الله الابدية على حياتهم وحياتنا بين الذبان * في احتشاد المقاهي البائسة بالفلافل والهاربين من جبهات الحرب ونزوات جناس كتاب جريدة الثورة ووعي العمال والقادسية علينا وعقيل علي جثة تلعقها الكلاب في المياه الاسنة لمغارات احتشاد اشواقنا في باصات مصلحة نقل الركاب وسوق العورة وبتر اصابعنا هناك وكسر اذرعنا لاجل اجازة تعفينا من الالتحاق لمواجهة حمير اية الله المصرة على الصلاة في كعبة حشن كربلائنا ورجال الطائفة ينزون على خمسنا واخماسنا في لندن، ومن ثم الى مسجد اليهود الذي باركنا حوله وال عمران وموسى فضلناهم على العالمين في الفساء الديني لقريش. وتستمر زناجيل سماوياتنا بلا خيم ولا اجازات الدكتور فاضل ابو رنا المزورة ولا قراءات الدراويش في التكايا والجلسات الخاصة عن موت الله العربي على الطرقات ينفث اكتئابات واعراض الذهان والاحباط السرمدي لاستمرار حياته الابدية مع هكذا خوات قحبة.
واتمدد متذكرا ايضا احفور زوجتي البائس بلا كثافة شعر، واغماض عيني مستبطنا النيك البكر لرجولتي الاولى مع سمية زوراء زوجة حميد كردة سائق اللوري - التي تشبه ناهد شريف وحميد كردة هجر النسوان وتعلق بالولدان والزحلة * - فهجرني نسيان رسم جناب حضرت ولي عضو سمية الجنسي الانطباعي وشعره وضخامة المبرك واتساع الفرج وسمرته ورعشته وخروج لزوج الجماع الذي كنت الحسه وبالجملة عضو فرقتها ممزمزا رهيف منفلجها الحامض الغامق وانشطار الربوة الى اثنتين وما بينهما رأسي وفمي وانفي شاما غارقا ملتوتا في رجراج روح ريحان رحمها في قعر الرعشة وصراخها وسبها المجنون وكفش شعري وتمزيق المخدة غير المندوفة والقمر في برج السرطان من النافذة والفانوس على الماصة يرسم اخيلة مؤخراتنا على فراش زوجيتها المليء بحامض اباط قدم حميد الذي لايغتسل الا كل عام، ورائحة المني في ارداف الغرفة والشرشف والعياط والكفر والشهقات والاختناق والقذف في عمق اعماق مهبلها الوردي المرن ورفع مؤخرتها تاليا مخافة خروج الحيمن واحتفاظها به قريبا من قناة فالوب في الحجرات الى يوم يبعثون. ويرفع آذان الصلاة فجأة، من ساعة توقيت عليها صورة الكعبة. وتترك خاكية الفايبريتر على الماصة وعضو شعبتها بكفشته اشد لوثة من قبل وسوائلها تتلألأ على جوانب اجناب ضرغامها في ضحضاح الشمس الكندية وتعلق: اكره تأخير الصلاة. وتذهب وتغتسل وتصليباتجاه معبود قريش وعندما تأتي تقول مستبشرة هل تعلم ان الاذان يضرط الشيطان، ومن الاذان الى الاذان يغفر لك المولى ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وتكمل يجب ان تنام معي الان. واقول ملتاصا: لايمكنني. وتصرخ بي: لماذا. واقول: نسيت حبوب الفياغرا.
* *
شوارع هاليفاكس باردة، لا راكون لا بشر، الابنية خلف الضباب، الطيور تغرق في السائل الحليبي، مؤخرتي في طريقها الى الانجماد. ادخل مقصفا في الداون تاون. ظلمة، موسيقا مديفل تايم وبراميل الخمر الخشبية على الجوانب. اجلس الى طاولة قروسطية في زاوية وامامي شمعة. انظر ببله وتأت النادلة تتثنى مع الموسيقا، شقراء طروب، كتلة النهد رجراجة تحت القميص الابيض، لو هبطت في ديارنا لقتتلت لاجلها قريش كل الدهر وتركت الموت من اجل الزعامة. بعد دن بيرة يسري في خدر لذيذ وتتراقص امامي جثث اخواننا السود والبراطيم والهوملس والتعتعة، جثتي تتراقص ايضا.. اترك المقصف واندفع ثانية الى الضباب الاكرونولوجي. العالم جميل وملوث بالتفاهة والبراز. كل زيف هو حقيقة وكل حقيقة هي زيف. يوما سانتظر على جسر الشهداء، سيكون معي في ذلك اليوم للكتابة، الذكاء والارادة والاشعاع والسطوة، وقتها ساقتل كل مناويك العالم، ضمنهم نكرات حياتنا العراقية التي صنعت لنا الاكتئاب والبؤس والمصائب.. اصل مقبرة التيتانك. لانباح في السماء، الملائكة تتوقف عن تأنيب العالم لاجلي، سمك السلمون يصل الاسكا، لا مزيد من النبوات، لامزيد من ابناء القحبة، لاحروب، فقط الصوفية من تستحق الحياة وقحاب الكرادة داخل، اي قحاب من منطقة ثانية يجب ان تعامل مثلما يعاملنا رجال الدين، اعني بلداء اغبياء وحمقى ومعدان. الزهور المثلجة على القبور تزحف لتدخل ثقبي وتخرج من فمي، وجسمي لم يزل تحت خطرات صدمة خاكية.
بعد ساعة من الجلوس، اهجس انحياشا في الدماغ، الانحياش هو نتاج الانتقال التسارعي الى حضارة اخرى، لا افهم شيئا هنا، بما فيه الضباب والاعضاء التناسلية للنساء الاستكلنديات والانكليزيات. اتساءل ان كن يشبهن اناثنا الخالبات العقل بالمؤخرة والفرج وكبر الركب وانخفاض البظر وتوهج اللقاف وضآلة انبوب الغاز وقوة نابض الارجاع وانسداد الشبع ورهس المناشطة وكثرة الحيلة وغزارة الماء. واقول في ذاتي ايشبه الركب الانكليزي والاستكتلندي الان ذلك الذي رأيناه في المجلات الخلاعية ايام ما قبل انصرام الدهر من الرحموت الى الرهبوت وقبل امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. هل يشبه قِدم عري العانة عري اليوم وانتفاخ الفرج ولهاليب نبوت الشعر بعيد الحلاقة، ام انهم - الاجناب، الامم - كانوا يصدرون لنا بضعة مما كنا نرغب في رؤيته ونستلذ به فنجلس مؤطرين لهاث نعل ارواحنا في الشهقة والثول والدوخة تحت شجر مشمشنا في عز الظهاري والحرارة انبط من ستين.. علي هنا ان اذكر فرجينا وولف، الانتحار، السقوط من شاهق، اقول، عاصفة في السماء الناصورائية. الضباب المحيط من بحر القدرة يندفع في كتل مساقا بالهواء. كل شيء يتدافع في هذا العالم، يتجه الى المجهول. الارادة الحية والجوهر غير المفهوم الا بالمصبوتا *. الضباب يدعوني الى السير فوق حافة الكون والوجود الملغز لي، هنا.. اذكر على نحو مشوش حياتي. الحرب العراقية الايرانية التي لم تزل تولد كل يوم في التيه، في محطات الانتظار الجحور وشرب الشاي في الظلمة ولفات الباذنجان والمخلمة والوجوه المشوهة والجري الوحشي خلف الريمات * كل شئ كان يجري في الظلام، لم نكن نشاهد وجوه بعضنا. كنا نشم روائحنا فقط ونحن نمتزج في صراع وعراك وتدافع حيواني للولوج الى الباص. البديهة الوحيدة لنا كجنود اننا حشود صامتة متراكضة. ما من احد يتكلم، مامن احد يكفر، يضحك او يبك.كنا مسيرين بطاقة العنصريات العلوية المجهولة المجانسة للانتحار تحت عجلات الريمات. كان سائقوا الباصات يحشوننا في علب وسخة صغيرة اسمها الكوسترات ورائحة الجواريب والمطال والمراحيض والشخير والبصاق ودخان السجائر على وجوهنا وفوق رؤوسنا. افكر بالجنون البوهيمي، بالمطلق العبثي الذي دفع بالرفيق القائد، قديم الايام، الى مد اشرعة الحرب التي استمرت اربابها وشياطينها بلا نهاية، حتى الان. ويكرر الغلط الاستاتيكي ثانية في الهجوم على الكويت خارج قوانين المنطق والعقل والعلم العسكري والاستراتيجيا والتكتيك، لان حسين كامل، المفوض الفريق الركن كان العقل العلوي الملهم الكامل في تمامه للدولة العتيدة البوليسية وعلي حسن المجيد مفكر الحزب الملهم في سيمرغ ضراط فساء حبق عنوزتنا الاسبارطي في جليل آلياذته، قبل انقضاء الدهر.. في الحرب الثانية نسينا الرفيق القائد وحل بدلا عنه، السيد الرئيس، القائد العام للقوات المسلحة، المهيب الركن، ولكل حرب القابها التي تليق بمجد بهاء اسطورة القائد الرئيس الرمز، حادي الركب، سليل قريش وبيوتاتها وتجارتها ومؤخراتها وجبريل الامين ونبوات الروح والمولد الذاتي والمجد الذي لم يدركه انسان الدهور. لكننا نحن الذين دفعنا سلخ اراوحنا الهائمة في العدم المطلق، اجيال الخائبين المتصحرين العصابيين. الموتى الذين قُبروا وعاشوا والاحياء الذين ماتوا، الارامل والذراري ضاعوا في التورية والايهام والشوارع، الزوجات اصبن بالسرطانات والاسلحة اليورانيومية،و العصافير التي لم تدرك موتها الالكتروني والدماء مضت والارض تغيرت. القانون الدائم لسومر العظيمة، الحتمي بلا استثناء. النساء والرجال الذين ضرب الوحش الشرقي معابدهم، مدنهم وخمرتهم وقشدة اللبن والمراعي المثمرة والسوسنات. الربة اينانا،حامية المدن، حارستها، تحب - ان يجمع كل شيء في المخازن، ان تكون مدينتهم موطنا راسخ الاركان، ان ياكل اهلها مامون الطعام، ان يشرب اهلها مأمون الماء، ان تشيع الرؤوس المستحمة البهجة في الساحات، ان يزين الناس مكان الافراح، في تلك الايام امتلأت اجياد بالذهب *- بعدها فلنفر بالوطن، نسير به كركب مساكين اليهود الذين وضعهم الله، مثلنا ايضا، في الزمان الخطأ والمكان الخطأ والتاريخ الخطأ. نحن واياهم ، من ارض شنعار، نحمل الارث الرافديني لطما وبكاء، نحث التراب، سوية، على رؤوسنا، ومسوحنا السواد والطين والترحال بين موانيء العالم والمحارق. في المحصلة كلنا ابناء قحبة، وحسن النواب ومحمد الاحمد ومنصور ابو الكتب يعرفون هذا، وشوقي كريم وصلاح زنكنة ووارد بدر السالم عرفوا ايضا، لكن بعد سقوط المطر..
ارجع الى البيت وما ان ادخل واتمدد كنعال، حتى تُضرب الباب ضربات قوية واحدهم يطلق صوتا اشبه بخوار. تهرع زوجتي والاطفال وانا وسط الصالة وتفتح الباب ويدخل عبد الزهرة كمن اضرم به، ويغلق الباب بقوة، ويرتمي الى اول مقعد جلبته زوجتي من مكب النفايات، ثم يبدأ الانين مضرطا به شبه قتيل واجما وجوم الزرازير، ونهش مبهورين اناو الزوجة والاطفال ونقول: ماالذي اصابك؟ ويطلب ماء وتاتيه الحرمة بقدح واصابعه لاتستقر بتفاريق ما عنده ويقول: الولفير، الولفير. من هذا الولفير ؟ ونسأل بصوت واحد وكأنما عميان في مولد نبوي ينتظرون هبيط اللحم. ويضع رأسه بين كفيه واصابعه شليلة ويبربر: اكلت فشقي*. واطلب من زوجتي ان تأتيه بقدح ماء اخر واسحبه الى الحمام ليغسل وجهه ويبول لازالة اثار الصدمة. وبعد نصف ساعة من التدخين وتوقف اللهاث يقول: زارتنا بنت البعير موظفة الولفير وشاهدتني في البيت. واقول: حسنا حدثنا دون ارتباك ومن البداية. من هو الولفير وماهو الموضوع؟!
بعد دقائق من النظر الى وجوهنا يفتح عبد الزهرة فاه ويقول: ساخرط كل شئ، كل شئ، دون كذب او مواربة. اسمع، انت لا تعرف الولفير، فك. انه شئ جحيمي. الولفير هو دائرة مساعدة العاطلين عن العمل. انا وزوجتي نأخذ اموالا من هذا البرنامج، لكنها غير كافية. الكفاف هو العنوان الاكبر. نصحوني في الحسينية، عندما وصلت كندا. ان اقول اني منفصل عن زوجتي، ليمنح كل منا راتبا منفصلا عن الاخر. طبعا الانفصال يعني ان لاتعيش مع زوجتك، وعندما جاءت موظفة الولفير بشكل مفاجئ، كنت في فراش الزوجية واستطعت الهرب من الباب الاخر ونسيت اللباس على الماصة. لو ضُبطت في البيت فانه سيجرى تحقيقا واحال الى المحكمة ونطرد من برنامج المساعدة، انا وزوجتي. وعندها سنأكل وحل ويكتب في سجلنا الشخصي الى الابد، اننا محتالون. الموضوع خطير جدا ولا اعرف ان كانت الموظفة قد لمحتني او شاهدت لباسي على الماصة. ارجوك ساعدني. واقول له كيف، اذهب واخذ اللباس. ويبربر: لا ادري، لا ادري. واشعل سيجارة واقول له: طيب لماذا تفعل هذا اصلا. وينبري: فك اراوند، المساعدة المادية للعاطلين لاشيء، وانا اشتغل بالاسود. المصاريف كثيرة، والعمل الرسمي هنا قليل جدا، بالاضافة الى انهم يقتطعون ماقيمته ربع الراتب تقريبا كضرائب وتأمينات وغيرها. انصحك ان لاتبقى في هاليفاكس، اتركها، اذهب الى تورنتو. ساعة العمل هناك تسع دولارات، هنا خمس. نحن نأكل التبن هنا، انه جحيم، جحيم حقيقي. كل ماسمعته عن كندا كان كذبا، عليهم ان يدفعوا لنا نقودا اكثر. انهم كفرة، ليسوا من اتباع آل البيت، ياكلون الخنزير وكأنه لحم غنم ولاينظفون مؤخراتهم بالماء. حسنا، ماذا تستطيع ان تفعل لانسان لايغسل دبره بالماء. عليك ان تتخيله، انه ملاك من الخارج وخاصة النساء، لكن بمجرد ان ان تنزع عنها اللباس، تكفخك * تلك الرائحة. صحيح اننا همج وعربان ومخانيث وابونا ابراهيم قدم زوجته. الا اننا نؤمن بالمهدي عجل الله فرجه الشريف. انت لا تعرف، حسنا، هل تدري ان القائم يعيش في كندا. لا تسألني لماذا، انه يعيش في مسيساغا تحديدا وفي منطقة تسمى سكوير وان، قرب الهنود وسيخرج عما قريب، من سكوير وان، ويخلصنا من كل ابناء الهرمة. هل سمعت نصيحتي بخصوص مادة الرنيت في الجبن ؟ انها مأخوذة من معدة الخنزير. كل شئ هنا مصنوع من الخنزير. الدجاج ولحم البقر والعلكة والماشميلو، والزبدة، حتى علف الدجاج مصنوع من بقايا لحم وعظام الخنزير. كل شئ، كل شئ صدقني. والنساء هنا مصيبة. اين زوجتك ؟ لا اريدها ان تسمع هذا الخراء. انتبه، فك، لاادري ان كنت قد نبهتك سابقا. انتبه، يمكن ان تدخل البيت وتجد (الحرمة) تحت عبد اسود رافعة.... يا للمصيبية، لا اعرف ما افعله. اترك هاليفاكس، ستموت جوعا هنا، صدقني.. وقبل ان يخرج يقول، انه سيذهب ويراقب البيت من بعيد واذا ما وجد ان سيارة الموظفة غادرت، فأنه سيدخل ويأخذ لباسه من الماصة ويعرف بما حصل.
انزل لاوصل عبد الزهرة الى بوابة البناية وشاعرا وهو يغادرني بسيارته القديمة، اني قد دخلت جهنم. ما الذي سافعله اذا ما وجدت زوجتي تحت عبد اسود. المصيبة ليست هنا، المصيبة اذا ما لقيتها رافعة ساقيها كما يقول عبد الزهرة.
اعود الى البيت بعد سير تائه لاستكشاف شوارع المدينة وفمي مفتوح ولساني مندلق ككلب اجرب، ما ان احاول احتساء قدح القهوة، حتى تُطرق الباب واجد عباس الاحوازي واقفا مثل كالة وبوزه طويل . اطلب منه بلا حماسة الدخول، لكنه يعتذر ويعبر: انه مستعجل - اسمع يجب ان تتىعلم شيئا في كندا وبسرعة، الوقت مهم جدا - وانه جاء ليدعونا ايضا الى وجبة طعام في شقتهم ويحاول فيما هو يتكلم مثل الحصان ان ينظر الى الداخل ويجتهد ان يلمح شيئا. اشكره واعود الى الجلوس مقابل النافذة. الثلج يهطل بشكل خفيف، نثاري لكنه سريع جدا، الندف البيضاء في السماء، يغدو مدى الرؤية ضعيفا او لا رؤية وعندما يحل المساء، نصعد الى شقة عباس وما ان ندخل حتى تنفجر بوجوهنا لعنات وعباس الموسوي يسب باللغة الايرانية ويجري في الشقة ويقفز فوق الطاولة ويقرفص ويعوي والعصافير هربت من القفص وقتما كانت صبيحة زوجته تضع الحبوب، وبعد وقت لا اعلمه من الدربكة والصراخ واللعنات والسب والكفر والضمير الميت والتراشق بالاحذية يتم القبض على العصافير المسكينة وهي ترتعش ويموت عصفور وتنهار صبيحة ويُضرب راسها بالحائط ثم تمر باغماء واتي بالكولونيا من الحمام ويكفر عباس ويقول فك هول، كولونيا اولد سبايس غالية. واقول ليس مهما. ويخطف الزجاجة من يدي ويهرع الى غرفة النوم ويأتي بمعطر قدم ونرش قرب الانف وعلى الشعر الخارج منه وبعد لحظات تبربر صبيحة كأنها خارجة من سباية ويعود الهدوء والسكينة والتحشيش ويُحمل العصفور الميت في موكب جنازي ونضعه بالثلاجة لان صبيحة تريد تحنيطه لاحقا.
نجلس بعد الخراب والشقة حساء. ويسأل عباس ان كنت قد وجدت عملا ؟ واقول: كلا. ويقول فك هول، ماذا تنتظر، يجب ان تعمل. واجيب: المدرسة. ويرد بعصبية: المدرسة غير مهمة، وهو بدأ العمل ولا يعرف الا كلمة يس ونو وفك. وكان يتفاهم بالاشارات. واقول لكن هذا غير ممكن في عصر المعلوماتية ويقول بل ممكن. ماهو عصر المعلوماتية ؟! واجيب: انه تدفق وتداول المعلومة على المستوى الكوني. ويقول: لم افهم. واحاول تقريب الموضوع بسبيل التوضيح: ان من اجل الحصول على المكناسة يتطلب الامر ان تذهب الى السوق. مع العولمة بامكانك شراء مليون مكناسة مختلفة من كل دول العالم وانت جالس في البيت. وانظر الى صبيحة واقول: زوجتك متعبة. ويجيب بحدة: انها ليست زوجته. وتلقي صبيحة نظرات مؤنبة ويقول عباس: هنا لا يتزوجون. واقول: لا افهم. وماهو وضع صبيحة اذن ؟ ويجيب انها (الكيرل فرند) وتخجل صبيحة ويتحول لونها الى سائل اصفر وتتركنا لاعداد الشاي وقطعة كلينكس معلقة بتنورتها من الخلف، ويكمل الاحوازي: ان الجميع هنا بلا زواج وكل الاطفال نغولة * ويحدثني عن الاخرين في العمارة ويقول: هل تعرف المراة التي تسكن مقابل شقتي، انها (لازبن) وستتزوج عما قريب امرأة اخرى (لازبن) والشقة التالية للوطي (كي) وسيتزوج هو الاخر (كي) مثله. والمرأة التي في نهاية الطابق ام لاولاد من اب غير معروف، كانت قد سكرت في البار وحملها رجل ما وحبلها. فك. ولا افهم واشعر بالدوار والعالم المعلوماتي يتبخر امامي وينهمر مثل الاحذية على الرأس. واقول: كيف تعيش مع امرأة بلا زواج؟ ويضحك: نحن لا نأتي منكرا، وحصلت عل فتوى من السيد وفق اعتبار ان حكم النساء هنا اما إماء يمكن نكحهن بلا عقد او جواري. يا اخي لماذا تُعقدون الاسلام، الاسلام دين يسر، ثم ان هذا ليس مهما، المهم ان تجد عملا بسرعة. واقول سافعل، سافعل.
نعود الى البيت واثار الصدمة تقذف بي الى تيه كامل واشاهد في الممر الرجال مع الرجال والنساء يقبلن بعضهن البعض والنغول تملأ المصعد والاعضاء الجنسية المنهكة تنهمر علي من السماء. وقبل ان اصل الشقة اشاهد بابا مفتوحا لشقة ورجل اسود يضاجع امرأة سوداء وهذه تنخر وترطن بلغة لا افهمها واحاول ابعاد الاطفال والسماء تستمر برشقنا والزنجي يتوقف عن النيك ويقول: واتس اب مان؟!
نصل الشقة ويرن جرس التلفون ويصرخ عباس من الطرف الاخر: ماذا؟ هل حصلت على عمل؟ حاول بسرعة، اوك. اترك المدرسة. واقول: خرب دينك، وصلنا الان؟! ويقول لا باس، ابق في بحث دائم عن العمل، اوك، فك. يجب ان تعمل بسرعة، نحن من يدفع لك.
في صباح اليوم التالي اذهب الى المدرسة واقول اني ساترك الدراسة،لاجل البحث عن عمل. واخرج من الصف والمعلمة خلفي تقول: ان ما تفعله غلط كبير. عد ارجوك واكمل دراستك. لكني لا اجيب شاعرا بالخرس وصوت عباس يسوطني. واتركها وادخل غرفة القهوة واصب لي قدحا والنفذة امامي وفيما انا اشرب وهائما الى الثلج، تأتي خاكية وتلتصق بظهري وتقول لماذا هربت يوم امس. واقول ارجوك. وتعقب هي: لكنه جميل ودبقه يسيل. واقول لا اريد، صدقيني وتقول هل انت معقد. واقول: لا. وتقول حسنا. تعال اليوم بعد المدرسة وساعدني بطبخ قيمة الحسين * سنلطم سوية، هل نسيت، اجلب معك ال …. نحن في عاشوراء. واتركها تدفع بمؤخرتها الى طاولة القهوة وتدس حافتها بين ساقيها.
اخرج من المدرسة هبل واسير في الشوارع، شوارع كثيرة، ملتوية ومستقيمة ومائلة واخرى بلا نهاية، ما ان تضع عليها قدمك حتى تأخذك الى الجحيم والموت والنهاية الاركولوجية لعظامك. ثم هناك مضافا للشوارع غمغمات بعيدة وافواه غير مرئية، صورة عباس تضغطني وعبد الزهرة يصرخ بوجهي: ما الذي ستفعله اذا ما اخذوا ربع راتبك كضريبة. اني اتشنج، ونوارس وحشية غامقة ورمادية تقتتل لاجل الطعام، كل شيء في هذا العالم رتب من اجل الصراع والقتال والنيك والاستمرارية، اي شيء اخر كالمعرفة والذكاء والطيبة وحسن النواب وفارس الكامل ونصيف الناصري وحسين الصعلوك ومحمد الاحمد وناهد شريف، هو محض هراء وتدليس. لكن عليك ان تخوض الصراع لتعبر الطفولة المجانية، ولا تخف ولا تبتأس لان لديك الجلغ والدين الذي سيمنحك كل الادوات التي تساعدك على الكذب والصراع والخديعة، خرب دينك عباس. ابصق..
اصل البيت وادخل الحمام وابول في المغسلة متناغما مع الصوت الكوني للبول. وفيما انا في حالة الاسترخاء المثاني، اسمع ضربات قوية وسريعة وتفتح زوجتي باب الحمام وانا امسح مؤخرتي وتقول باشمئزاز هذا عبد الزهرة يطلب ان يراك. واخرج وسحاب بنطلوني مفتوح واشاهد الحيوان يلتهم قطعة كيك والفتات على الطاولة التي جلبتها زوجتي من مكب النفايات ايضا. وما ان يراني حتى ينطلق بالكفر والسباب على زوجته القحبة، ويتوسلني ان اسمح له بالاتصال باخيه من تلفون البيت لان خاكية تمنعه من الاتصال باهله في العراق. ويبكي، دون ان يتوقف عن التهام الكيك البكاء وبلع الاشواك والاطباق والصحون والعصافير والغيوم والاحذية والخلاءات والمبولات العمومية غير الموجودة في العراق العظيم. واناوله التليفون ويقول هذه القحبة دمرتني، تلزمني سنوات لاتعافى. لا استطيع الاتصال باهلي الا نادرا. ويمسك التليفون بقوة ويتصل ويجيب من الطرف البائس من العالم اخ له ويعلو صوت عبد الزهرة وهو يكفر ويقول لمن في الجهة الاخرى من العالم: اسمع، اسمع، فك. لا اقدر، لا يمكنني ارسال الحصان ، ويقسم بالعباس ويلح الاخ ويتوسل. ويكفر عبد الزهرة مرة اخرى وتستلم الام سماعة الهاتف، من الجانب الاخر ايضا، وتعربد قائلة. انت نغل ومرتك ام السحورة اعرفها، اعرف هذه القحبة، هي من يمنعك من ارسال الحصان. ويتوسل عبد الزهرة: لا يا امي، صدقيني ليست هي، لانه فعلا لايمكني ارسال حصان بالبريد، فك اراوند وتقول الام بل هي، اعرف هذه المنكَوبة*. هل اصبحت كندية كافرة بعد ان كانت تصنع المطال هنا. هل اصبحت مثلهم كفرة. ويقول عبد الزهرة لا يا امي، صدقيني، احلف بالقديس فرنسس، انها ليست هي. وتقول امه: من هذا فرنسس ويقول عبد الزهرة: هذا الحمزة مالتهم. اسمعي امي، لا استطيع ارسال حصان فعلا. ويُغلق الهاتف واسمع الصافرة وعبد الزهرة يصرخ: اين انتم، اسمعوني، لماذا اغلقتم الهاتف يا كواويد. ونسمع ضربات سريعة على الباب وتقتحم خاكية الشقة وعيناها تقدح شررا وتبعد عن طريقها زوجتي وتقول وين هذا المنبوش الصفحة * اريد اشوي على طيزه بصل. اين اختفى ؟ وعندما ندير وجوهنا لا نجد عبدا ولا الزهرة ونسمع صوت صريف الماء وتذهب خاكية وتحمل النعال وتضرب باب الحمام ويصل السوبر تنت * ويدخل من الباب المواربة ويقول ماذا يحدث هنا بحق الجحيم، فتطير الدعالج والزرازير في الخارج، وتصرخ خاكية: فك يور مام. ويُصطدم السوبر تنت لل فك وينكفئ الى الوراء، وعبد الزهرة يلتصق بالمبولة ونحاول اخراجه ونتعهد ان خاكية لاتضربه، لان من حق النساء هنا ضرب الرجال. واشعر بالقيء يتدفق الى فمي. وفي النهاية يخرج عبد الزهرة ويأتي ويجلس عاقلا وخاكية تقول لماذا تتصل باهلك، الم احذرك. فك يو، فك بهايند. فك يور ماذر.
الفصل الخامس
تترك خاكية الشقة بعد اقناعها ان عبد الزهرة تاب توبة نصوح، ونقسم لها ايضا بهبل واننا مع شهود يهوه شهود، وسنمنعه من تكرار المحاولة. يجلس عبد الزهرة عاقلا خائبا واطلب من زوجتي ان تأتيه بفنجان قهوة. وفي الفوضى المح زوجتي تلقي الى وجهي نظرات تأنيب كعادتها، عندما بدأ عبد الزهرة بـ (التلويص) *عن حرية النساء في كندا. اسكته واقترح ان نذهب الى مقبرة التيتانك، اذ لا اريد لزوجتي سماع اي خراء عن هذه الحرية.
نسير انا وعبد الزهرة في تجاسير ندف الثلج، ثم نجلس كبعران اجلك الله في المقبرة. يبدأ عبد الحديث بآلم: لقد خسرت كل شئ بالقدوم الى كندا. خسرت اطفالي وزوجتي. لا تتصور كم دُمرت بسبب الحرية التي تمتعت بها النساء هنا. اتذكر حياتي في العراق واتذكر خاكية عندما لم تكن بنت الطراك تقدر على رفع النظر الى وجهي ولا الصراخ. لو اننا في العراق لقتلتها. ويطلب مني سيجارة ويدخن بقوة حشاش ويقول: قحبة، قحبة كبيرة ويبكي: نامت مع كل الرجال في الحسينية وحتى الاطفال، اطفالي، لا اريد القول انهم نغولة. من يعلم من ابناء من ؟ لماذا يحدث لي هذا بحق طويريج، انها الحرية. لم تكن هكذا في العراق، ولا في الاردن عندما طلبنا اللجوء من الامم المتحدة. كل شئ انقلب راسا على عقب وقتما دخلت المدرسة، مدرسة تعليم اللغة. علموها هناك انها حرة وان لا احد يمكنه فرض امرا عليها. وعند ذاك بدأت المأساة. نامت مع الجميع في الحسينية وطردتني عندما اعترضت. قالت لي يجب ان تعترف بحريتي. انا حرة هنا والقانون معي، وانها يجب ان تنتقم مني ومن امي وخواتي منكوبات وان وامي منكَوبة ايضا. انتبه صديقي، لاتدع زوجتك تذهب الى المدرسة، هذه نصيحتي. هل تريد ان تصبح ديوثا. حسنا تعال الى كندا. واقول: لمَ جئت الى كندا اذن. ويهمهم في فنائي انهم قالوا له في العراق ان بامكانه ان يقدم اوراقه الى الولفير ويمنح راتبا ويعيش بلا عمل ويشتغل من تحت الطاولة. وقدمت اوراقي فعلا الى الولفير بعد ان عملنا انفصالا انا وزوجتي قاننيا ليحصل كل منا على راتب لوحده، هذا ما نصحوني به في الحسينية. اني اتألم جدا، متذكرا حياتي في العراق عندما كنت ابيع النفط. ما اشوقني لابو خضير - حصاني- ورائحة النفط وخاكية تصنع المطال كل عشية وانيكها كل مسية دون ان تعترض، لان الملائكة تلعنها. عندما ضاجعتها هنا، طلبت الشرطة وقالت انني اغتصبتها. اي اغتصاب، فك. لكن الشرطة لم تسمع لي، واخذت الى السجن وقضيت شهرا ونيف وقالو ا لي: اذا اغتصبتها مرة اخرى سيطول سجنك.. انتبه الى نفسك. اجعل زوجتك توقع على اقرار بانها هي التي تريد ان تمارس الجنس معغها لتحمي نفسك.. اسمع صديقي: ليس لك هنا الا اهل البيت،اقرا المقتل كل يوم وفي السيارة ايضا واجعل زوجتك تعيش مع الجالية ولا تذهب الى المدرسة. تشدد في مسألة الحجاب والنار والقيامة واقرا عليها كل يوم احاديث المعصومين وعذاب القبر وركز هنا، كيف ان الملائكة تلعن المرأة التي ترفض تلبية رغبة الزوج الجنسية. اجعلها تعيش في جو اهل البيت. قل لها ان الكنديين كفرة على ملة يزيد وسيذهبون الى الجحيم، الى النار، جهنم. اقرأ عليها كل يوم الاسراء والمعراج والقسم الخاص بالنساء اللاتي يعلقن من اثدائهن بالكلاليب لمجرد اخراج شعورهن للغرباء. قل لها ان كندا دار عدو الامام الغائب. قل لها ان لاتثق بالكنديين لانهم نصارى وديوثين واننا اتباع ال البيت سنذهب الى الجنة وهم الى النار، الى النار، الى الجحيم. اولاد القحبة دمروا حياتي بحريتهم، جعلوني قردا مع موسيقا الجاز وحصانا مع الراب يسير بامراضه وقيحة وفي ساقه دمامل وفي النهاية يطلق احدهم النار على راسه، لكن قبل ان يطلق النار ستكون هناك القيامة، سيظهر المعصوم وترتفع رايات وياتي المدد السماوي وتنهار العمارات، وقاعات الرقص والفهود السود، وحمامات الشمس وغرف التدليك والبنوك وافلام البورنو ورقص التانكو والقديس جوزيف واتباع اليوفو والمدرسة والكنائس واللوطية واللوطيات ولا يشمل هذا قاعات التعري. وكل شئ سيكون غائطا. واقف انا فوق الخراب وسانيك الباحثة الاجتماعية المسؤولة عني والهنود الحمر والنيتف المساكين وكل يخدعوننا ويقولون لنا انهم من اسبانيا وهم من المكسيك والاروغواي. هل تعلم ان القائم على وشك الظهور؟! انت لم تقرأ رسائل المرجع السرية للطائفة ؟! قال وكنا وقتها في العراق، ان اولى علامات الظهور قد حصلت عندما نفق مطي بيت نشمية، قال المرجع ايضا انه يجب ان نجمع نقودا لمساعدة القائم روحي له الفداء. سيظهر يا صديقي، صدقني. واحد من الموامنة هنا عنده علم من الجفر قال: ان الحجة سيظهر مع حفيد يعفور من سكوير وان. ماهو سكوير وان، فك ساقول لك، نها منطقة في مسيساغا تشبه ايريا ٥١ في امريكا. والسكوير وان المنطقة التي سيتجمع فيها انصار الامام وكُبل للبارات والنسوان الشقر. هههه، انا اشاهد الرايات الان، في الافق،. انه قادم وسيسحق غير الموالين وال اميه معهم، على جبل رضوى، سيبحث عنهم عبر خرائط كوكل وسيحرر بيت الله الحرام بعد موت عبد الله وسيصلي المسيح خلفه ويقتل قريش ويُجلس ابو بكر وعمر على البطل* ويكون هناك عالم متكامل من قوانين الائمة الاطهار وتعود الخلافة الى آل البيت. وتنتهي الحتوتة. اني مضطرب اليس كذلك ؟ ! وتحيط راسه غمامة كبيرة من دخان السجائر ولا يمكنني رؤيته. وحينما انهض منتويا الخروج. يقول لي اسمع، اذهب الى المدرسة والغ تسجيل زوجتك. اذا ذهبت زوجتك، سأنتظرك في اقرب نادي ستربتيز. لن تتأخر، اعرف هذا، هههه وسامنحك كلينكس، ستحتاجه حتما. اني مهزوز. محطم اليس كذلك ؟ وكلما اتصل با أمي تقول: ما الذي يحدث لخاطر الزهرة، لاني اشاهد في عالم الرؤيا زوجتك وقد ركبها صخل اسود، من هذا الصخل ، لتكللي هذا القديس مالتهم. واقول لا، لاشئ يا امي، لاشئ. انه مجرد تعب بسيط. وتقول: لا، الاحلام تخبرني وتحدثني عنك. انس موضوع الحصان، سمعت. الرئيس منحنا دجاجة مكرمة للاربعين ما ل ابوك والرفيق مسؤول الشعبة طلب الفخذ، بس اخوك سبع، بعنا الدجاجة وملابس المرحوم ابوك ونوط الشجاعة وبندقية الجيش الشعبي والاوتي والساعة وبعنا نقاط الكهرباء بالبيت وبعنا الصَبة* وغطا السبتتنك ولباس اختك هم بعناه،قبل ما تهرب للاردن مع سيد واثق ابن الطراك، ودبرنا باقي المبلغ واشترينا حمار وربطناه الى عربة النفط. المهم انت واطفالك، وزوجتك يجب ان تعود ايضا،لنعلمها ماهي الاخلاق. سنسجنها في غرفة ونضربها كل يوم ونحرق شعرتها، ونقتلها في نهاية الامر لانها غدت عارا علينا وسيرتها في المضايف. عودوا الى العراق، لانريد اي شئ، لا حصن ولااحـذية نيكي. واقول انها ليست نيكي يا امي ، انها نايكي،تقول حسنا لانريد نايكي ولا كوكرس، واقول انا: ارجوك امي، انت لا تعرفين، لاتعرفين مايحدث هنا. وتقول هي ما الذي يحدث بروح جدك ؟ واقول لا يمكنني الحديث. وحاولت ان اشرب عرق غنطوس واتكلم، لكني لم استطع القول ان خاكية صارت مهورة، ومجانية ايضا. لو كان الموضوع متعلقا بالنقود لربما قبلت، اذ انه بيزنس حاله حال اي بيزنس اخر. لكنها تفعل هذا الشئ مجانا، فك اس.
اترك عبد الزهرة في المقبرة يدخن ويعلس زهور الموتى. واذهب الى المدرسة واقول للمديرة: ان زوجتي تريد ترك المدرسة وتقول المديرة اوه، غير ممكن، يجب ان تاتي هي. واحاول الاحتيال مهمهما اسمعي، انها مريضة ولا تستطيع السير. وتقول المديرة: نو برابلم، سنذهب نحن اليها. اعطنا عنوان البيت، وافزع وارتبك واكون اشبه بمن حقن بماء بارد: لا يمكنك الذهاب، اذ في البيت عناكب كبيرة يمكن ان تلتهم مؤخرتك وتقول: ماذا؟ واجيب: نعم عناكب كبيرة من جنوب افريقيا واردف انها بكبر الزمال * وتلتهم الجميع بمجرد الاقتراب منها، ولا تفهم. واقول زميلتي خاكية ستترجم لك. وابحث عن خاكية والمديرة تشرب القهوة وصور كلابها امامها. واسمع احدهم يؤذن بلكنة باكستنانية والكفرة من البوذيين والمسيحيين واتباع جنجا هاها والاحمدية وجماعة شاينة كوكو والمانوية والشنتوية وعبدة النار والبهائية والبوذية والسيخية وعبدة القرود والبقر واتباع الدلاي لاما وكريشنا وماو تسي تونغ وهوشي منه وفيدل كاسترو وكارل ماركس والدهرية والنساطرة والملاحدة، مكفهر ة وجوههم في الممر واسأل عن خاكية وتقول النسوة الهلعات بسبب الاذان: انها ذهبت لتصلي والباكستاني يؤذن والمراحيض مكتظة بالمتوضئين يدخلونها افواجا وتظهر (العرقجينات) الافغانية والهندية والباكستانية والملاوية ورائحة عطر بنت الهند الاسود وماء زمزم بعبوات بلاستيكية مغشوشة والبناطيل معكوفة. واقول وهم يتدافعون بالمناكب رصا للصفوف والكثير منهم يباعد مابين ساقيه وكأنما يبول في بئر: اين خاكية من العراق. ويجيبني احدهم بوجه متجهم ولحية باكستانية شعثاء واسنان متباعدة انها تصلي مع الشيعة الكفرة. وادخل الغرفة التي حولت الى حسينية واجد خاكية راكعة ومؤخرتها تبرز من البنطلون وتأتي بعد انتهاء الصلاة التي استمرت نصف ساعة وتترجم للمعلمة كلمة العناكب وتفزع المديرة وتقول: مستحيل، هل الاطفال في البيت ؟ يجب ان نتصل بالشرطة وبحماية البيئة. الان، حالا. واقول لخاكية: قولي لهذه البعيرة * ليس لدي مفتاح الشقة وتقول المديرة، رجال الاطفاء سيتولونه. واشعر بالخبال وادور حول نفسي. واقول: لخاطر القحاب. قولي لها ان كل شئ بخير، واني قتلت العناكب بالنار. وتفزع المديرة - وتتناول الهاتف وترطن بانكليزيتها طالبة شرطة مكافحة الارهاب وتقول خاكية: كفاك تلويصا. ما الذي فعلته لخاطر العزير. ويرين صمت قاتل، فيزيائي كمي متوحش ويتملكني احساس مضاعف باني مجرد خبل في سيرك او في حضرة الكاظم وجدتي تطوف بي حول الضريح وتقول فدواتك يا ابو الجوادين، اشفي لي هذا الطرن *. واسير ماسورا بفكرة الخبال. وتاتي الشرطة ومعي خاكية باعتبارها المترجمة ونذهب الى الشقة واجد هناك رجال الاطفال والاسعاف. وتقول خاكية: انظر ماذا فعلت. وافسر اني اردت ابعادهم عن البيت وعن زوجتي وتقول: لكنك زربت بكل شيء. ويتقدم رجال الاطفاء بمعاول يريدون كسر الباب واقول بصوت مشوش: حسنا، هذا هو المفتاح. وفيما انا اهم بوضعه في الشق الصغير اللزج المشرشر وخاكية تنظر متأففة والمديرة تنظر ورجال الاطفاء والشرطة يدفعون بي يمينا وشمالا مثل مجرم. يخرج ساكنوا الشقق الاخرى وينظرون للجلبة الحاصلة. ويأسف رجال الشرطة ويقولون نحن اسفون جدا على الازعاج. وتقول احدى الساكنات، لقد ايقظتم كلبي من النوم وعجوز حيزبون يردد: اللعنة على هؤلاء، خربوا حياتنا الوادعة واقول لخاكية: ماذا يقول؟ وتوشوش في اذني واجيب بأني لن احتمل وساهدم المعبد على من فيه. وتستفسر: كيف وانت لا تعرف الانكليزية واقول: ساسبهم بالكردي واصرخ واهرج وتحذر ني، انهم سيغلقون فمك ويسجنوك بتهمة اقلاق راحة الاخرين وربما يُذهب بك الى حي الرشاد * وتربط جمجمتك باسلاك وتصعق بالكهرباء وتخرج مصارينك بعد عملية الكوي وتبقى ضاحكا وانت تسير في الشارع وتبول على نفسك والتفال يتطاير من فمك وبلا اسنان وتدمن الخمر والمسكر لعنهما الله وتاكل لحم الخنزير والعياذ بالله وتسجل في ـ الريكورد - وتفعلها في البنطلون واحيان اخر في الشارع قرب عمود الكهرباء وتسيء الى سمعتنا كأتباع لال البيت. واقول هلعا ما هو الريكورد، هل هو المسُجل. وتجيب هي: اف لك. ان الواحد يصاب بالجلطة والانهيار العصبي عندما يتعامل مع اناس من العالم الثالث. ماذا، الا تفهم الريكورد حقا ؟ اسمع: كل ماتفعله في كندا يدون في اللوح المحفوظ - سجلك الشخصي - واذا كذبت واكتشفوا فانهم سيدونون في سجلك انك كذاب وستلاحقك هذه التهمة اينما حللت، في كندا. واضرب راسي واقول: اريد ان اجلس على الارض واهيل التراب على وجهي وامزق ثيابي. وتهز برأسها اسفا وفراغ صبر. وتقول الشرطة خذوه ويدُفع بي الى داخل الشقة وافاجأ بالزوجة والاولاد يقفون خلف الباب مباشرة. وتقول المديرة لنفتش الزوايا والاسرة حيث تختبيء العناكب. ويندفع رجال الاطفاء وشرطة مكافحة الارهاب واصرخ بهم وزوجتي تحتضن الاطفال واقول اتوني بعباس وتهرول زوجتي وتتصل تلفونيا ويأتي سيد عباس الموسوي مستفسرا عما يحدث وفي يده قطعة فلاش لذر ويقول نحن مسلمون، انتم تضطهدوننا وسنرفع الامر الى البرلمان. وتقول المديرة: يجب اخذ الاولاد. واصرخ لماذا ايها الغجر؟ ويندفع عباس ويتوسل المديرة ويقول لها انه لايزال حمارا، وليس له الا اسبوعين في البلد . وتنظر المعلمة باحتراس وندفع لها بعقد الايجار. وتنظر في وجوهنا وخاكية تتحدث وتضحك مع شرطي واسمعها تقول: انه جوسي واويلي*. وزوجتي في الحمام تتقيأ والاولاد في المطبخ يعدون السباكيتي وانا وعباس نقول لهم: لاعناكب. وعباس الموسوي يردد والتفال يتطاير من فمه انه كافحها بنفسه وافري ثنك از اوكي. وتقول المديرة: اذا لم تكن حريصا على الاولاد سنأخذهم منك، هل فهمت. وتخرج عصابة الالوية الحمراء بعد مداولات. وانهار وعباس يقول، لن تجد عملا وانت بهذه الحالة، يجب ان تعمل وتترك المساعدة الاجتماعية لان اقتصاد المدينة لايحتمل. ثم لماذا تبقى تستلم المساعدة الاجتماعية وهي لاتكفي الا القليل جدا. لماذا تبقون عالة على المجتمع، ها، فك بهايند. انكم تأخذون هذه الاموال من عملنا لاننا ندفع الضرائب. نحن نعمل مثل الحمير وانتم تأخذون الاموال على الحاضر.. وتأتي زوجتي باكية اذ سمعت انهم سيأخذون الاطفال وتقول خاكية بعد ان عادت من توديع الشرطي واستلام رقم البيجر. الحمد لله، مر كل شيء بسلام، قضي الامر، يجب ان تصلوا وتشكروا الزهرة لمساعدتها لاني نذرت. وتضم زوجتي وتقول: كل شئ بخير حبيبتي، لن يأخذوا الاطفال. لكن زوجتي تستمر مع العويل وتقول: لماذا فعلت بنا هذا؟ لماذا فعلت هذا بنا يا قواد؟ واقول: اخرسي يابومة. وتضمها خاكية ثانية وتوجه اصبعها نحوي وتقول: احذرك، لانها ستتصل بالشرطة، وتقول انك ضاجعتها رغما عنها، فك بهايند. ويقول عباس: لطفا لاترددي هذه الكلمة امام الاطفال. وتقول خاكية: هذا ليس شغلك، اذ سيتعلمونها في المدرسة مع المخدرات، اذهب وامسك الممسحة واغسل الممر. وينبري عباس: وماذا يعني كوني كناسا في المستشفى، انا موظف حكومي واشتريت بيتا في ايران ومعي سيارة هوندا جديدة وكله من هذا العمل، ثم اني لست مثلكم اعيش على المساعدة الاجتماعية. ثم ماذا كنت تعملين انت في العراق، ها؟ الم تكوني تصنعين المطال وزوجك يبيع النفط. وترتعش خاكية وتجيب: موظف حكومي! البيت والسيارة اشتريتها من خداع الكيرل فرند المسكينة التي تعيش معك وتعمل عشر ساعات في اليوم. ويردد عباس: كذب كذب ويضرب الحائط بقبضته ويقول: اسمعي، انا لا اخذ نقودا منها، هي التي تتسوق وانا لا امنعها، هل هذا مفهوم. وتقول خاكية لكنك تقول لها انك سيد وتستطيع اخراج الشياطين منها وشفاءها من الجنون والسحر بسبب زوجها السابق في العراق. ويردد عباس هذا ليس عيبا، ثم اننا نسينا المصيبة هنا. وينظر باتجاهي: ما فعله هذا اليوم سيمنعه من ايجاد عمل وتجيب خاكية: الى متى يستمر هذا التخلف؟ ويقول عباس: بامكاننا الذهاب اليوم الى منشرة الخشب. وايجاد وظيفة له. واقول: لكنها ادب سز. وتجيب زوجتي: ماذا افعل مع هذا المطي؟ ويقول عباس: الموضوع انه هل يستطيع العمل بقطع الاخشاب؟ وتقول خاكية: لماذا. ويقول عباس: لان المنشرة بعيدة في الشمال وهناك دببة. واقول: مستحيل ؟! وتعلق خاكية: نعم انه اغتصبها. وتستشيط زوجتي: لكنهم سيفحصونني حتما. وتسير بها خاكية جانبا وتقول: لاتهتمي حبيبتي، ضعي بداخله قليلا من صابون سائل ورددي دعاء كميل؟ وتقول زوجتي ليس لدي الدعاء ويقول عباس. الدببة خطرة. واقول: سمعت قصصا غريبة عن اناث الدببة في الجيش. ويقول عباس لكن هذه الدببة تختلف. وتقول خاكية: ساتصل بالحسينية واحصل على نسخة. وتقول زوجتي، ماذا عن صلاة الاستخارة، الا تكفي؟ وتقول خاكية: دعاء كميل مجرب؟ ويقول عباس: المشكلة ان من يخطف الرجال هنا ليس اناث الدببة، انما الذكور. واقول: حسنا لتنتهي هذه المهزلة. وتقول خاكية. ليس بهذه السهولة. ويقول عباس ماذا سنفعل؟ وتجيب خاكية: لكني اضعت رقم السيد. ويقول عباس. هل هو سيد نور. وتقول خاكية نعم، انه صاحب الحسينية النورانية. ويقول عباس، انه قذر ولم يزل يمارس العادة السرية. واقول: من الافضل ايجاد عمل هنا. ويقول عباس: حسنا ساخذك الى المطبعة. وتقول زوجتي: لا استطيع الكذب. وتجيب خاكية: انه ليس كذبا، بل تقية. ويقول عباس: من المحتمل انهم سيزرعون كاميرات مراقبة للتأكد من عدم وجود عناكب. وتقول خاكية: من المحتمل ايضا انهم سيراقبونهم للتأكد من عدم اضطهاد الاطفال. وتردد زوجتي: انت السبب، انت السبب. واقول: ليست مشكلتي. وتقول خاكية: اذا اغتصبتها ستسجل الكاميرا مسألة اغتصابك. ويقول عباس: وسيزرعون الكاميرات في الحمام ايضا، انهم يكرهوننا لاننا مسلمون، ماذا قلت بخصوص العمل. اقول: لا اريد العمل مع الدببة خاصة انهم ليسوا اناثا. وتقول زوجتي:ماذا سنفعل اذا زرعوا الكاميرات؟ وتجيب خاكية: الصمت، الصمت، اطفيء الاضواء. واقول. انها مصيبة. سيهرب الاولاد، اذ لا استطيع ضربهم. ستهرب المرأة عندما لا استطيع لعنها، سيخرب كل شئ، كل شئ حتما.
* *
تغادر جماعة قريش الشقة. واجلس وحيدا مثل عصفور اغتصبه غراب. الاولاد يلتهمون السباكيتي بلا ادم، نعاج امام مذبح والزوجة تنظر من النافذ الى المجهول والمجهول هو الكرة التي بلا مركز ولا محيط ولا بداية او نهاية، انها ابدية تنطلق من العدم وتستمر الى العدم، قديسو الرب امامي ووجهي قبالته. خائف ومحزون ابن اينانا ويدركني الافتقاد اذا ما اصرت الزوجة على الذهاب الى المدرسة ؟ ماالذي افعله مع الكاميرات التي ستنصب وتركب فوق رؤوسنا. الزوجة ستهرب حتما. السود يحاصرون عقلي. الوعي في الدرك الاسفل من النار. كل شئ يفر من قلعة كما الزرازير في مقفيات الاسود والانهار وفي مشاجب القتال والاسلحة السرية التي تحاكي تكتونية الارض. لم تكف سنوات الحرب والحصار والركض والاشبال جاعت وموت الملائكة وتفصد الصدر وموت اللغة وارتعاش المستكي المزيف وجوع الله الابدي والدماء والهروب من عدن والطشار في بابل واللجوء الى هذا البلد حتى اصطدم بالحرية. اني انهار وفيما الزرازير والنافذة والمؤامرات الكبيرة واجهزة التجسس التي ستزرع والاطفال والعراك واللعنات تتفجر وديدان السباكيتي على الارض. يتصل عباس تلفونيا ويقول: هل انت جاهز لنبحث عن العمل؟
نصل الداون تاون. وندخل مطبعة لكننا نطرد منها. وبعد رحلة طويلة في الشوارع لانحصل فيها عمل لاني بلا لغة. ويقول عباس: اللعنة عليهم، لماذا لايمنحوك عملا بدلا من ان تأخذ المساعدات الاجتماعية. لا استطيع، لا يمكنني الاستمرار في دفع الضريبة وانتم تأخذونها. اللعنة عليهم. واشعر بالتفور، واشعر بمرارة كلماته التي تدفعني الى التفكير باني عالة على المجتمع وفي الحرب تعلمنا كيف نلتهي عن القلق، وادخل اصبعي في انفي ويدي وذراعي ثم ادخل انا بجسمي..
اعود في اليوم التالي الى المدرسة ويتجمع حولي الهنود والسريلانكيون والباكستانيون والافغان والبوسنيون وكلهم يقولون هل اخذوا الاولاد منك ؟ قل لنا بماذا تشعرون الان ؟ هل زرعوا الكاميرات ام لازالوا يتباحثون. ماذا كانت التهمة اصلا، اغتصاب او قوادة، ام ضرب اطفال او احتيال ؟ وينحني سريلانكي ويصلي لكرشنا والبوسني يستغفر الله. والعواء مثل ذئب يدور في المدرسة والسماء ترمي ضراطا مغناطيسيا هائلا، لان العالم لم يعد يسع المزيد من الرصاص والرحمة والاديان والالهة والقيامة وتريلونات البشر يساقون عرايا ومثل العبيد الى الهولوكست الالهي وجهنم، وهناك يلقون الايرانيين والمراجع والوهابية والخراء والبعثيين والشيوعييين والماويين واليهود والبابا والحاخامات ولا متسع لمزيد من ابناء القحبة، والمديرة تمر من امام الصف وتحدجنا بنظرة صارمة ثم تقتحم الغرفة الدراسية وتقول لي: اين زوجتك ؟!. واتلعثم والسريلانكي يستمر في الصلاة وبراهما يرفرف. وتدخل الغرفة نساء عراقيات وتقول الاولى:شفتي المعلمة ماذا تقول عن زوجها ؟! تقول يأكل مثل الحصان. وتعلق الثانية: كيف تحكي بمثل هذا الشكل عن زوجها. وتقول الثالثة: عزة العزاني هاي كحبة اكيد. وتستفسر الاولى. ماذا نعمل ببطاقة الحفلة السمفونية التي وزعتها علينا المعلمة. وتجيب الثالثة: لا ادري. ويدخل باكستاني ولحية الماعز تسبقه ويستفتونه في الامر. ويقو ل بعد ان يحك مؤخرته، انه حرام شرعا الاستماع الى الموسيقا، الموسيقا فاجرة وستعلقون بالكلاليب وتدخل افاع كبيرة في مؤخراتكم وتلسعها. انهم يريدون ان ترتدوا الى النصرانية. وتقول الاولى لكنا كنا نسمع السمفونيات في بغداد قبل الثورة الايرانية. ويجيب الباكستاني: شوف بابه الله شسوا بيكم. هل وزعت المعلمة بطاقات على اخريات وتقول الثانية: نعم. ويقول الباكستاني، فلنذهب ونحذرهن من مكيدة الشيطان ويستشهد باية من القرعان، ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. وتقول الثالثة لكن هذه الاية عن الصلاة ويقول الباكستاني انت لا تعرفين تفسير القرآن، انا درسته في مكة.
ادخل الشقة واجد زوجتي تحضن الاطفال نوبة اكتئاب في السماء، واقول: هل وضعوا الكاميرات ؟! وتقول لا ادري. واطيح بكرسي واقول قومي صلي ركعتين واطلبي من العباس ان يحمينا. وتقول لااستطيع لاني نجسة * واقول هل تركتي الشقة وتقول لا. واقول لا اعتقد اذن انهم وضعوا الكاميرات. وتقول الزوجة لماذا لاتصلي انت. واقول: متعب وعصاب يضربني. وتقول: انت تتهرب من الصلاة. قم لاجل ان لايلعنا الله اكثر من هذه اللعنة. وتحتضن الاطفال مرة اخرى وتبكي. وادخل الحمام واشعر ان امعائي منتفخة وتهدر مؤخرتي، ثم اسمع الاولاد يصرخون: انها منهارة، منهارة.
اخرج بعجالة وحزام البنطلون غير مربوط واجد الزوجة تضرب راسها وتقول: ماذا فعلنا ياالله لتفعل كل هذا بنا، وصوت صبيحة يقول عبر الهاتف من المحتمل انهم سياتون وياخذون الاطفال. واقول لا لقد انتهى الامر . وتقول صبيحة لا، انتبهوا، القوانين الكندية تدمر عوائل المسلمين. واقول لا هذا غير معقول وتقول صبيحة اذا وضعوا المايكروفونات في شقتك فاقرأ على اولادك السلام ، واقول حتى الان لا. وتقول صبيحة سياخذونهم منك ويسلمونهم الى عوائل كندية. هذه العوائل ليست عوائل جيدة، وتقول زوجتي قالت صبيحة ايضا انها عوائل مخدرات ويتقاضون راتبا من الدولة نظير ايوائهم الاطفال وهي مهنة وليس حبا بالاطفال وبعد ان تأخذهم هذه العوائل يترك الطفل الى مصير مجهول اذ يعرف طرق المخدرات ويضيع في العالم الاسود. واقول مستحيل هذا الذي يحصل. اي جنون. وتهز راسها وتقول: صبيحة قالت انه حدث هذا مع كثير من العوائل المسلمة وصديقتها السودانية اخذوا كل اطفالها منها، حتى الرضيع اخذوه وانهارت الام وكل هذا بسبب ان الاب ضرب احد الاطفال بالحزام واقول ماذا حصل بعد وتقول لا شئ، هكذا قالت صبيحة، سارت الحياة بشكل طبيعي، الام جُنت والاب ادمن الخمر. وقلت لصبيحة: لم هذا العدد الكبير من الاطفال اساسا اذ كان الواحد لا يستطيع تربية عائلة كبيرة هنا. وتجيب عبر الهاتف: انهم يفعلونها من اجل زيادة مخصصات الاطفال التي تمنح للام.. وهناك ايضا الاسلاميين المتعصبين الوهابية الذي يفكرون في غزو كندا من الداخل وتحويل نظامها الاجتماعي الى نظام اسلامي. وافتح فمي الى العاصفة. وتقول زوجتي صبيحة تقول ان من الافضل ان تشدوا الرحال الى اونتاريو، هناك مهاجرون كثر ويحس الواحد انه ليس في كندا انما في باكستان او الهند او ايران..
الفصل السادس
جوع، ضنك، قشف. رأس الفجل بدولارين، البصل الاخضر اطكع. يشترون هنا نصف موزة. برتقالة. خيارة، جزء من فخذ دجاجة. انهم لايأكلون. اهل هليفاكس، فساء يلوث السماء، نحن في ضيق الى باقلاء بالدهن الحر، لا دهن حر لديهم. كيس صغير من الباقلاء بحفنة من الدولارات، استمرار العراقي لاشهر دون باقلاء بالدهن الحر والبيض يعني فقدان معنى الحياة، الجنون، من سيطلق الرصاص، نأكل ثلاث وجبات رزا. تحولنا الى صينيين صفر. الحليب تركناه للاولاد. اولاد الكلب استطعموه، يشفطون ما مقداره طنا في اليوم. اني انز، انزُ من حائط. والحيطان متداخلة باتجاه وجهي. خاكية تقول ستموتون جوعا هنا. انت انخرطت خرط، باجر طبك، تعال اخذ قيمة، تغذى، لكن عليك ان تلعب معه اولا. عبد الزهرة يقف كل يوم ثلاث ساعات لاستلام معونة من الكنيسة عبارة عن معلبات ذرة وشرائح خبز. سنوننا قصار وليالينا انهار. عباس فرخ زادة يكنس المستشفى كل يوم ويحول نقوده الى المحمرة. صبيحة تقول ان خاكية تعمل سحورة. اناو زوجتي نخاف . سمعنا في العراق ان هناك نوعا من السحورة يصنع بتمويع ادمغة الموتى الجدد بشعل شمعة في فتحة الانف، نساء النجف تشتهر به، خاكية من اكناف النجف. عباس الاحوازي يطاردني كل يوم. انا لا افهم، هي لا تفهم، هو لا يفهم، هم لا يفهمون، نحن لا نفهم، اولئك لايفهمون، الشيطان لايفهم، يهوه لا يفهم، الساروفيم لاتفهم، الانكليز ايضا لايفهمون ولا الروس، الهندي الاحمر يدخن الحشيش امام النار ولا يفهم، العاهرات لاتفهم، من يحكم العالم اذن، كل شيء يخض لقانون، قيل، لكن لا احد بمسيطر، كيف يجري كل شيء، لا افهم، هي لا تفهم، نحن، لا نفهم، اولئك لا يفهمون.
اكشن..
كل محاولاتي باءت بالفشل. اريد ان ابدأ مشروع حياتي، كتابة روايتي، لكن لا متاح ان تموت ولا ان تعيش. عليك ايجاد المعادل النفسي للامحاء، بالافراط لعملية الجنون وسط الخبال. وضعنا قضيمة البصل الاخضر عل المائدة، نحن ننظر باتجاهها، اوفاز ومجاز. حلمت قبل يومين بشرائح ستيك، قطعة اللحم بعشر دولارات، صبيحة تمنح عباس كل يوم ثلاثة ارطال لحم مقابل مضاجعتها مع الاوردة الزرقاء في ربلتيها. كل شيء زائل. من يملك القوة الوحيدة على الكرة الارضية هو الشيطان، المسيحيون يقولون هذا، الشيطان اله هذا العالم. عباس الموسوي يتصل كل يوم ويقول ماذا فعلت، فك. لماذا لم تجد عملا حتى الان، فك. صبيحة تعلق: اترك الرجل لخاطر المسيح، سوف يموت، فك بهايند. عباس يعاجلها: فك يور ماذر، لا اريد استمراره في استلام معونة العاطلين من جيوبنا. صبيحة تعاجله، فك از، لم يمض عليه شهرا. عباس يعاجلها، فك اراوند، ولا ليوم واحد،سالاحقه كل ساعة، دقيقة حتى اجعله يعمل ويدفع الضريبة ويكمل بالانكليزية وصبيحة امامه:
Im gonna work my butt off. ok , shut up
من يملك القدرة على الضراط في هذا الهزيم فليضرط، الدنيا فناء المعبود وبقاء الرائحة. حرب كبيرة لمدة سبعة اعوام، يموت الناس بسبب الشر. نحن لسنا اكثر من رائحة، روائح في هذا العالم المتواري في باطنيته. سوف تسقط النار من السماء علي، عندما يضعف ضوء الحرب. من يملك الموت فليمت ومن يملك ارادة الاستمرار فليضرط ايضا، لان كل ما حدث كان وكل ما كان يتكرر. نحن لسنا البشرية الوحيدة التي زرعتها الالهة لاجراء التجارب هنا. نحن لسنا الا قرود التجربة المشفوعة بالتكرار اللا اخلاقي لاكتشاف انسان الفضيلة الاول. ليليث المرأة الغاوية الهاربة من الله نحو اضطرام جذوة انوثتها. سوف تنتج اعدادا هائلة من ذباب نعرة الخيل والجنادب. يوما ستهبط الاقدار الدنيئة بحيث تسد الافق بسحبها عين الشمس. ثم،، يفجر الشك والحقيقة كل ما كان منه. ما نلمحه الان، ما تشاهده العين ليس لا البذرة، البداية. القادم اعظم. كل ات وزوبعة ومطر وثلج وعاصفة ترابية تقربنا من المصير العبثي للوجود او نهاية معقولة للمصائر المتفسخة على الارض. يوما ما ستكون جنة هنا. بعد مليارات من الاعوام الهزيلة، بعدما تجرب الالهة كل طرقها اللااخلاقية ويعاد بناء الجينوم وبابل لينتج انسان الوجود الكمي، حتى ذلك الوقت، سنموت بالامراض، نموت في هيئات التصنيع العسكري، نموت مع الساتان والنوائب وابليس والامبرياليين والراسماليين والعصابيين واللبسان ابو الخيط، واصحاب البنوك الدولية والشيوعيين وحملت الفكر الماسوني ورجال الدين اتباع ساتان الملك، لان ابليس هو النزعة المنتزعة من الارادة السماوية لدحر القيمة الاستثنائية للنصر على النازية.
اتصل بعبد الزهرة واقول: اسمع اننا بلا نقود، دبرني.. يصل هذا بعد ساعة مدخنا وبهيئة نفاد صبر. نصعد سيارته وننطلق. بعد ربع ساعة يتوقف امام محل سيرس ويقول: تعال نضع ريحة. ندخل ويذهب الى واجهة العطور ويضع من كل الانواع، النسائية والرجالية وكريم بعد الحلاقة ايضا. نخرج ونصعد السيارة ثم نتوقف امام سوق وول مارت في منطقة اغنياء. يقول اسمع، تريد مصرف لو لحم. اقول مصرف. يقول حسنا اتبعني. نذهب الى مزبلة السوق خارج البناية. يدخل الحاوية مع بعض الهوملس ويخرج لحم. ويقول اتبعني. نذهب الى مكان خدمة الزبائن. يقول لهم بانكليزية ركيكة، هذا اشترى قطعة اللحم قبل يوم واكتشف انها فاسدة. يريد الان ارجاع نقوده. تعتذر الباعة وتسأل عن وصل الشراء. يقول انه اضاعه. تأخذ البائعة قطعة اللحم وتقدم له دولارات عوضا عن قطعة اللحم مع هدية اعتذار عبارة عن كارت فيه دولارات اخرى. يأخذ عبد الزهرة الكارت ويمنحني مبلغ قطعة اللحم. نرجع ثانية الى محل سيرس ويضع معطر ابط وكريم بعد الحلاقة على وجهه ويرش كمية كبيرة من العطر على ملابسه الداخلية. يقول انه شاهد فلما خلاعيا لهنود يضعون عطرا في ملابسهم الداخلية. انت في الايون. نقطة رأس سطر.
خاكية تحيط زوجتي مثل افعى مع انثيالات ال فك وتزورها في العشي والاصال وتنصحها في المدرسة بان تضربني بالقندرة لفرض الارادة النسوية على المجتمع الذكوري، الانتصابي، الحيواني. حبيبتي انهم لا يبحثون - الذكور - عن الحب، انما عن العصفور فقط. حصني عصفورك ولا تطلقيه الا لماما، هو سلاحك في وجه العالم. غير ان العالم خرب وعجوز الى ما لانهاية، بلا ابعاد. بدأنا الهلوسة مبكرا، في الحرب، في الحاصرويم * في القطط الميتة على قناة الجيش، طيور الكناري التي (تعوي) على الكلاب، الكلاب التي (تغرد ) في الضباب، التفكير الاستقلابي من اجل سعادة حقيقية، اترك التفكير في است الزمن، انحره في الافاق، والى هناك اذهب، الى مقبرة التيتانك، العنادل والطيور المنيوكة لا تمنحني اللذة المباغتة ولا العصافير الجذلى ولا التزامن ولاطائر السيجل يصارع من اجل الطعام، اللعنة الابدية. البروتين، دفق الهنيهة. عندما تخرب حياتك في مكان ما فانها تخرب في كل العالم.، هكذا قيل، واتوسل عبد الزهرة ان يساعدني في ايجاد عمل اسود، لكنه يتهرب خوفا من استيلائي على عمله. يتصل بي تلفونيا ويقول: انتبه فمن المحتمل انهم زرعوا المايكروفونات في شقتك والكاميرات الخفية ايضا. يجب ان تهرب. اهرب الى مقاطعة ثانية وساساعدك. وفيما انا افكر بالوسيلة والكيفية التي ساسافر بها، اسمع طرقات على الباب، فتتقافز الشياطين الى النوافذ ، وافتح واجد عباس الموسوي مصغرا حدقة عينه ويهذر بلهجة آمرة: الان، سنذهب الى شغل. واقول بفم مفتوح مثل سمكة. اي شغل ؟ ويجيب مثل كنغر داسا كفه في جيب بنطلونه ومستندا بالاخر الى حافة الباب وضوء يتدفق من نهاية الممر. وجدت لك عملا، يجب ان نسرع والا خسرناه.
يسير عباس عابرا بسيارته السرعة القانونية، كأقتناص الجحيم، فوق الغيوم. وفيما ادخن كقاطرة قديمة يقول اسمع، وجدت لك عملا مع مصلح ومؤجر ثلاجات واقفز كجندب: ومن قال لك اني افهم بتصليح الثلاجات ؟!. ويضغط على الفرامل ويكاد رأسي يصطدم بالزجاج الامامي وتتبعثر السيجارة. ويقول عباس ماذا، فك. الاتريد ان تعمل، حقا الاتريد ان تعمل ؟! واجيب بنفاد صبر: لكني لا اعرف اكثر من كلمتين ويقول انها تكفي. واقول هل تعتقد ؟ ويجيب جدا. تحتاج لكلمتين فقط. واقول وماذا اذا علق سيفون التواليت ؟ وماذا بخصوص الباص. ويقول ساتي معك في المرة الاولى. اسمع، يجب ان تعمل، ميزانية المقاطعة لا تحتمل، فك. هل احرقت سجاد السيارة واقول لا. لكنه يشتعل . ويقول ماذا بحق الجحيم، فك، انها هوندا جديدة ويدفعني الى خارج السيارة ويبحث عن الجمرة ويسحقها بحذائه..
بعد نصف ساعة نصل المكان، القلعة الفرنكشتانية والجنجلوتيات والعناكب المتجحفلة الى رحبات وقوفنا. نتقدم الى المالك وهو مليونير عجوز جمع امواله بواسطة زوجته التي كانت تدير مرقصا للوطيين العرب واليهود في كوانتيمالا وكوستاريكا. يقول رب العمل: هل يعرف الانكليزية؟! ويجيبه عباس، نعم (فلنت). ويهز الحيزبون راسه وسيجاره لايفارقه ويقول لعباس. حسنا، اذهب انت.
يطلب مني المالك باسترقاقات زنوج مزارع القطن، ان اذهب مع السائق لتحميل ثلاجات مؤخرته لمعرض الايس كريم في بد فورد. ومثل مطي سماوي اسير، ورائحة دهان الثلاجات تدير الرأس، فنسير سكارى وما نحن بسكارى ونحمل آلات مؤخراتنا ونذهب الى المعرض. بعد الانتهاء من العرض وفيما نحن نعيد الثلاجات القحبة الى الشاحنة القحبة. المحهم يرمون علب الايس كريم الى حاوية النفايات ويجن جنوني، وينفلق في راسي فالق الحصار ، ضخما، كقنبلة الارتجاع الحلزوني في سماء جدب كبير والجوع ايضا وابنتي تقول: بابا اريد ايس كريما، واجيب وكان عربات السحق الاشورية تنداح على جثثي لانقود بابا. وتبكي ابنتي بهستريا واكرر: اني مفلس وامير الحلاج لم يعطني نقود اكياس الحب التي صنعت ولا ابراهيم حيدر، وإنا في حصار لايبقي ولا يذر. لكنها لاتفهم. واذهب الى بيت حمي عابرا دروب عباس ياسة المليئة بماطورات الثلاجات العاطلة ورائحة الحصن، واتوسله ان يمنحني بضعة دنانير لاشتري موطا* ويقول: ماذا ؟! موطا في زمن الحصار ونحن لا نجد الكاهي*. واشرح، لكن هذه الحِيوانة * حفيدتك تريد ايس كريما ويقول: هل انا كفيل بك. وتأتي زوجته - حماتي - وتقول ماذا يريد هذا الشفية ؟ ويعقب زوجها، يريد شراء موطا ونحن نبحث عمن يبيع الكاهي ولانجد. وتتعالى نظرات الاجحاد بل القتل وتقول” حماتي “ بهزء، لم تتزوجون بنات الناس وانتم كاتلكم الهبري*. واقول: ليس الا، وتجيبني قبل ان اكمل: لو كنت رجلا لامكنك نبش الارض وايجاد النقود. واقول بعد تلبث: حسنا سابيعكم حصة الطحين. وتقول بعجرفة: نحن لا نأكل طحين الحصة، هل نحن حيوانات؟! وتكمل: لو انك تصلي لكان بالامكان مساعدتك. دفعنا ٥ ملايين دينار خُمس للسيد عبد الكريم واشترينا لكريم الزبال اربع كيلوات لحم غنم. ويكاد ان ينفجر العالم امامي ويلهبني شعور مسيس الحاجة الاكيدة لان اطلق الرصاص، غير اني لا املك ثمن الاطلاقات. وفي النهاية ومع التفاهة والبؤس واللعنات والطرد بدفعهم اياي الى الطرمة* وفيما هما يتباحثان عن امكانية ايجاد كاهي في قرية شفتة. ااسحل الصغيرة واذهب الى الجامع ، واقول لاحدهم خارجا من الصلاة حائرا قرب النعل والاحذية والكالات. اريد ان اشتري قرآنا للصغيرة وليس عندي نقود. فيمنحني حفنة من الدنانير ويقول لو انك لبست دشداشة قصيرة وتركت لبس نعال ابو الاصبع واستعملت السواك واطلقت لحيتك، لمنحتك اكثر.. واركض مع ابنتي الى المدى، الى الانفلات، الى الله، الى…. قريبا من العنافصة، الى السوق واقول: اين هذا الايس كريم الكلب؟ وتجيب البنت ، انها رأت احدهم يخرج وبيده قمع. وفي ذلك الزمان ولجنا سرداب عمارة بيت الدهلكي بخوف، لان صناعة الايس كريم حُرمت، ووجدنا البائع وماكنته وطلبت ان يعطيني ثُليمة. وقال البائع: هل تريده بالحليب ام بابن عمه ، واقول ما ابن عمه ؟! ويجيب انه شئ مثل الحليب ويعبر: لا تهتم انه ارخص. واقول حسنا اعطني شوية. ويمنح ابنتي القمع ونذهب فرحين مهللين، وقرب مطعم مغلق ورائحة البول تعمي العيون، نعثر بسرج حصان تركه عباس ياسه الى جانب الزقاق ويسقط الايس كريم واجن وابكي وربما كفرت، واجلس انظر للشبيه وهو يذوب وابنتي تقول استطيع ان المه. واجيب: حسنا ارفعي الجزء الاعلى منه ورائحة الحصن مخيفة والشمس هفهافة والتراب احمر كثيف يوحي بالموت. وتستمر الانفلاقات واحلم بالايس كريم والجوع والعري والملابس الممزقة وطحين الحصة. وتطوف الاشياء بتوهج ذاكرة، مثل الحساء، مثل الشربت، وينفجر فيّ مالا افهمه، لكنه جنوني، ميكافيللي، اعتواري، واكفر واترك الشاحنة والسائق واخرج العلب وافتحها واذوق باصابعي، كل ما يمص، كل ما يلحس، والسائق غير مصدق. ثم احملها - العلب - الى صدري ويقول السائق ماذا تفعل بحق الجحيم ؟!. وارد، ساحملها الى اولادي. ويقول هذا غير ممكن، غير مسموح. واتوسله لاننا اخوة. ويقول فك، اي اخوة، انت تخالف القانون، القها واقول: لا ويقول، بل تفعل، الان. الكاميرات ترقبنا، جيسس، ارمها بسرعة. واقول لو يحضر الحمزة . ويصرخ السائق ويتصل باللاسلكي مع الشركة. وانا معرت بالعلب وكأنها شبك الكاظم، وبين الفينة والفينة اذهب واتي بعلب جديدة، وصار لدي نكهات مختلفة، والسائق يجري اتصالاته ويقول: حسنا اكلت الان، ارمها. واقول، مستحيل، انت لا تعرف الحصار. ولا يفهم لاني اتحدث بلغة اهل الجنة -العربية- واقول: اسمع يا منيوك لماذا ترمون نعمة الله. كنا نموت جوعا وانتم ترمون الايس كريم. ويعاود السائق الاتصال بالشركة، ويكاد ينفجر ويخرج مدير المعرض وربعه، ويشاهدني وانا اقفز كل دقيقة الى داخل الحاوية واقول حولتمونا الى جرابيع. الطيور قتلت، البغال ماتت، الحمير نفقت، القطط هربت، النسور تحولت الى عصافير، التماسيح الى ابو بريص، النمور الى قطط، حتى الايور نامت ولامن موقظ. ويضحك الجميع والمدير ينظر بابتئاس وعصبية ويقول، اخرجوه قبل ان تأتي وسائل الاعلام. واحُمل واخرج، لكني لا اتخلى عن العلب متذكرا بؤس حياتنا في الحصار عندما منعنا صدام من الايس كريم والبقلاوة والكرفس وماتت محلات الخاصكي، والمذاق لم يزل في رؤوسنا مدوخا وعارما ومدمرا واحدهم استطاع اغتصاب عشر نساء دفعة واحدة بماكنة الايس كريم التي كان يخفيها في سرداب بيته في البارودية. ويعطيني مدير الشركة وصديقته مائة دولار ويقول : اذهب الى بيتك ولا تعد. واقول حسنا، ساذهب لكني لن اتخلى عن العلب. ويقول، حسنا، فك، فقط اذهب من هنا بسرعة. واخذ عربة اجرة واعود الى البيت واضرب الباب بقدمي وادخل والاولاد يسلقون الرز ونتجمع حول العلب والملائكة والطارق ونلتهم بخبال الحصار، بخبال الروح وارتجافها. وتُطرق الباب بصخب ونفتحها ونشاهد عباس فرخ زادة يضرب رأسه ويقول ماذا فعلت بحق الجحيم، شت. فك از. فك يو. واقول له اسمع، فك يو انت. هل سمعت. هل فهمت واضرب الباب ضربة يهتز لها القوي واتمدد على الارض والقرود تغرق في العلب وافواههم لا تُرى.
بعد اسبوع من التهام الايس كريم مرات متعددة في اليوم والدوران على الكنائس للاستجداء وزيارات عباس الموسوي المفاجئة وقحبته صبيحة وهي تنصح بترك المدرسة والبحث عن عمل، دون ان اجد ، وتنبهنا في ذات الوقت الى ضرورة مراعاة كل كلمة نقولها خوفا من ان تسجل من قبل اللاقطات المزروعة وضرورة ان يكون لزوجتي بوي فرند او تجرب ان تكون لازبن، لان جينات المرأة تتقبل هذا النوع من اللذة عكس الرجل. اشعر بالارهاق وقضم الاظافر والتشوش عندما يقتحم شقتنا اتباع مورمون ويقدمون لنا نشرات وصلبان وكتيبات. ويقترب مني مبشرون من جماعة شهود يحيى فيما انا تحت سلطة الانتهاب جالسا في مقبرة التيتانك هربا من عباس الموسوي تحت وابل المطر بلا مظلة ولا قبعة، ويقولون انه من الضروري ان تشتري قطعة ارض في الجنة. ويعرضون اصطحابي الى مؤتمرهم والتبرع بالاموال. واقول: لكني فقير ولا املك الا خصيتي ويولولون: حسنا تبرع لنا بواحدة. واحدة لك وواحده لنا، انه عرض ممتاز. واجيب: ان هذا غير ممكن. ويقولون: بل ممكن جدا. تستطيع ان تسير حياتك بواحدة. فقط تبرع لنا. واجيب اني احتاجها فعلا. ويقولون: صدقنا، واحدة تكفي،لان خصية واحدة يمكن لها ان تقوم بعمل خصيتين. واقول: لكني لا اصدق. ويقولون: انها الحقيقة. اثنتنان وضعهما الله لنا في العهد القديم، لانك تحتاج ان تتزوج باكثر من واحدة، اما في العهد الجديد فلا، اذ تغير كل شئ. ويفتحون كتبهم ويقرأون لي عن ضرورة التبرع بها لانهم يحتاجونها للابحاث العلمية ولمساعدة الافارقة المصابين بسرطان الخصية. واشعر بالغضب واقول: اسمعوا، لن اتبرع بخصيتي الثانية،اني متزوج. ويقولون: وماذا يعني هذا، انه لا يعني شيئا وتستطيع ان تمارس اللعبة بواحدة. واقول: انتم لاتفهمون المرأة الشرقية، لانكم انجلوسكسون وفايكنك ايضا. ويقولون: انت مخطئ تماما، بامكانا ان نرسل لك سيدات يفهمنك انه يمكن للمؤمن ان يعيش بخصية واحدة وان الخصية الثانية يجب ان تىتبرع بها وستمتلك قطعة ارض سماوية. اين ستسكن بعد القيامة، ها، هل فكرت ، قل لنا؟! واقول: عادي جدا سارجع الى فضوة عرب. ويقولون: ما هي فضوة عرب واقول: انه مكان تأكل الارواح العراقية فيه الباجة بعد الحياة مع العرق. ويهزون رؤوسهم اسفا. وقبل ان يغادروا يمنحونني ارقام تلفونات للاتصال بهم اذا ما غيرت ماي ماين ، وانهم سينتظرون لانه لا يمكن للواحد ان يضحي باخرته..
اعود من المقبرة واتصل بعبد الزهرة واقول له: هذه هي النهاية، لم اعد احتمل، قررت الهرب الى تورنتو. ويفرح ويتهلل ويقول: ستخسر خاكية واحدا. يستطيع الان ان يشتري حصانا لاهله - ولا ادري لماذا- ثم يتصل بصديق له يدعى رياض الجعب يعيش في تورنتو لاجل تأجير شقة لي، ويمنحني رقم هاتفه.
وصلت مطار تورنتو. سنبدأ من جديد. الفيلم الطويل سينتهي هنا. قالوا ان لتورنتو سحرا، المعلمة في المدرسة اشمئزت. لم تفصح عن شيء. امكانية ايجاد عمل هنا متوافرة، عمل يقيم الاود. مللنا الكنائس، مللنا الاستجداء. كلمات عبد الزهرة، خاكية، صبيحة، عباس فرخ زادة ، لم تزل تتأرجح، لكنها تتجه الى النسيان. بهذا الشكل نحن هنا. المطار هائل كبير، لكني بدأت المح اشياء غير مفهومة، ثم.. اصعق. لا شعور شقراء، فقط قرود، عدد لانهائي من الهنود والسمبوسة. هنود في كل مكان ، في الهواء والمجارير ودورات المياه. بدأ كل شيء من نزولنا الطائرة وحتى صعود التاكسي.
اصل بيت رياض الجعب واجده باللباس الداخلي يسير بين اناثه وذكوره . ياخذني هذا الى شقتي في سكاربورو، ويقول بتزلف، انه مسرور لمساعدتي ويغمز، سأتي لزيارتك قريبا.
استغل وجودي في سكاربور واذهب للتنزه في تورنتو. كل شيء يميل للبياض. اصعد الباص متوجها الى السيبوي. لا شيء في السماء، لاشيء غير هنود ما بعد الحضارة وما قبلها. الصينيون يصنعون التاريخ المدوي الجديد للعالم. والهنود يفرون الى السماء. السود في الباصات الهزيلة مدانون، نحن نسير في ما بعد بعد الحداثة. التسمية الحقيقية لها هو العهد اللاوجهي. انهم ينزفون، ينزفون ويلا ط بهم في الحضارة الجديدة. حضارة رؤوس الاموال المهربة والجمعيات السرية والرآسماليين العابرين الحدود. الخدعة الجديدة، العالم المفتوح. العولمة التي يريد الرأسماليون من خلالها دحر الشيطان الجميل والتنزه في العالم ومضاجعة نساء امريكا اللاتينية وعاناتهن المشعرة واعضائهن الجنسية الكبيرة، لان كل ما هو غير جنسي يجب ان يباد. ان محاولات القضاء على الشيطان مستمرة للاسف في العالم، انهم يبحثون عنه في المجارير والعوالم الخلاقة من اجل اغتياله لانه اراد لهذا العالم النظافة، اراد التخلص من الرآسمالية والامبرياليين والشيوعيين والقوميين والمثليين فكريا. يوما ما سيعود ابليس بابهته العظيمة وجلاله المهول، وهاهو يعود مع الفلسفة الماوية ليدحر النظرية الاشتقاقية للعدم. ان الشيطان وحيد وتجب نصرته لينتصر على الشيطان الاخر. انها دورة العدم اللا اخلاقي التي تحكم المصائر في هذا العالم وفي الكون وفق بنية الاندحار والنهب للطبقة العاملة البيروفية التي تئن والصينية التي تنزف. انهم ينزفون ما مقدارة تريليونات من الدموع والحب واللهفة كل يوم واسنانهم متأكلة صفراء تشبه اسنان السمك ورائحة اجسادهم لا تطاق، لكنهم سيحررون العالم، اني اؤمن، مع المخلص، صدام المنبثق من ال البيت الاطهار، الذي غزا العالم يوم ممثلا ومتجانسا في هيئات مختلفة ومتشاكلة. اني اؤمن باشياء عديدة في هذا العالم، كما اؤمن بكولالة نوري معتما على الحاسة السادسة التي تقول انها - كولالة نوري - الشفيعة التي ستدخل بالاكراد يوما ما الى السماء، كما اني اؤمن بحسين علي يونس ونصيف الناصري واسكندر غريب ولؤي حمزة عباس و…… يجب ان تفهم النساء في هذا العالم ان للرجل سما يقتله ان لم يتخلص منه، يجب ان تفهم الاناث في العالم وتعي دورها الشفاهي وانها صيغة الطبيعة لتخليص الذكورة من السم ، وان الوعاء الذي يحملنه بين افخاذهن خلق وجعل لازالة الالم لا التمنع به. يجب على النساء ان تأخذ ادوارهن الاخلاقية في ازالة ارق سماجات الشبق الجنسي وحبوب الالتهابات التي تضرب وجوهنا بسبب عدم الافراغ. افراغنا من محنتنا المعاصرة المبجولة على القتل والحرب والمتفجرات واستنشاق البنزين والسيكوتين وتهريب الحبوب المخدرة. العالم يتجه الى موت حقيقي ويجب اعانة النساء لاجل حريتهم، يجب ان نمنح النساء الحرية لا المساواة. لان المساواة عذاب خفي، فيما الحرية تمكن المرأة من ان تمارس دورها الحقيقي في العالم، العري والتناسل واهاجة الذكور لاجل تخليصهم من سمومهم ومن سموم السرقة والنصب والاحتيال وعدم عبادة نجمة الصبح البهية. الرجال ملعونون دائما، انهم نهب اخلاقيات الخلق والغرائز والمعادلات الكيميائية في الدماغ وللمرأة الامكانية الحقيقية لزرع السلام، وهذا يتطلب حرية اكثر واوسع. حرية تجعلنا نؤثر العودة الى الصيغة الفنية الاولى في جنة عدن بلا ملابس ونبول على الاشجار ونمارس الجنس في كل وقت ومع الجميع والكل يلوط. ليس من داع ايها الرفيق لان ينتصب عضوك بلا فائدة. يجب افهام النساء ان انتصاب عضو الذكورة هو قتل وخريط وخربطة دماغية تجب معالجتها بسرعة خارقة من اجل البشرية والسلام، وكل الطغاة في العالم عانوا من سم قاتل بسبب الحرمان الجنسي العصفي الذي صنعه الكهنوت الديني التسلطي العبثي العقلي. ان من وضع صيغة التحريم الجنسي، هم رجال امراض وقتل وتجارة ورأس مال وتجار وبرجوازية كمبرادورية. ومن شن الحروب هم مجانين ومن وضع التحريمات الجنسية هم البشر المعقدون الذين عانوا امراضا عقلية في صغرهم واغتصبوا من رجال دين وطبقة عاملة رثة واهل سياسة وباعة صمون ومطيرجية ، واخيرا اصحاب معارض السيارات. يجب ان تفهم الحقيقة كما هي وبشكل اكاديمي ويتم التخلص من كل الانظمة الاقتصادية في العالم ونظرياتها الخراء والصناعة والحداثة وما بعدبعد الحداثة والطائرات والاشكالوية ونظرية النقد الفني والاسلحة االكهرومغناطيسية والنحو،لان العودة الى الجذور، الى جنة عدن السومرية والتقاط الطعام باليد ونبش الارض بحثا عن الجذور والسحالي والعري والمضاجعة الاستشفائية، هي الحلول الحقيقية والعلمية لاجل ان تعاد البشرية الى صواب السلام. اما ما يتعلق بالصينيون والهنود فلا حل بايدينا الا التخلص من مانسبته ٩٠ ٪ منهم لكي نستطيع ايجاد وفرة في الطعام دون كيمياء وصناعات. انه الحل الوحيد الذي امام نور عقلانيتنا. لكن الراسماليين الحقراء يعارضون من مبدأ الاخلاقية الانسانية، وهم كاذبون، طبعا، اذ يريدون اعدادا هائلة من البشر لاجل بيعهم اسلحة وبضائع وحليب نيدو وسيريلاك ونعل ولبسان داخلية وسبح وسجاجيد وزخم نسائية وسانتي وساعات تحديد القبلة واسباين واعضاء انثوية مطاطة ولقم وافلام ثقافية خلاعية ومنشطات هرمونية وفلاش لذر ودهن مشك وقياطين وبساطيل، وجمع الارباح ومراكمتها، ثم يموتون ويذهبون الى الجنة متفسخين بسبب الفيزياء الكمية، وبعد ان حولوا الحياة نفسها الى جحيم ارضي لاجل راحتهم. انهم مجانين وعهرة، فبدلا من اتاحة الحرية الجنسية يعملون على جعل الانسان” متوحد، ذاتي” ويوفرون ادوات الممارسة الجنسية الفردية والذاتية بلا اهتمام بتنمية العلاقات الانسانية واشاعة الثقافة واتاحة رجال كثيرين للنساء ونساء كثيرات للرجال مخالفين منطق الفسلجة في الخلق والوجود. اني افكر في نظام اخلاقي جديد ويجب ان نفهم الاحصائيات الحديثة التي تقول ان المرأة تفكر بالجنس ثماني مرات في اليوم ، وهذا يعني مزيدا من شعر نصيف الناصري وناصر مؤنس وحسين علي يونس وكزار حنتوش وعبد الزهرة زكي وركن الدين يونس وزاهر الجيزاني وكريم شعلان وصلاح حسن ووسام هاشم. ولا اذكر الاصدقاء الروائيين والقصاصيين، لانهم يبولون دائما في المطر ومعقدين. واريد ان اكتب فقط واسجل مشاعري الحيوانية المضطربة مع اصدقائي الشعراء، اذ ان روح الشعر انثى، لذا تكتبه النساء في غرامياتهن الملوثة مع نساء اخريات لسن من هذا العالم، وانا لا اكتب عن المثليين ادبيا، الذين يكتبون الشعر والقصة والرواية والمسرحية والنقد الادبي والاخلاقي والديني والسياسي وفي الجنوسة لهم صولات ، رغم انهم يتناولن الفياغرا وتمر الزهدي كل يوم بلا منفعة حقيقية. كل هؤلاء - المثليون - سيذهبون الى جهنم ايضا تحت طائلة قانون الايمان اليهودي الذي ابتدأ من مرحلة التكوين وينتهي بتحطيم المقدس، وانفلات القوة الكاسحة لما بعد تكنلوجيا الكومبيوترات في عالم معد فقط لاستعباد الجنس البشري بواسطة الماكنات الدينية المبرمجة على العبادة. ان المفهوم الاعتباري الذي اؤمن به يقوم تحت كهنوت ارضاع الكبير، الذي يعني ارضاع من تجاوز الخمسين والذي عبر على اجنحة وديان الحروب والحصارات وبيع الحصة التموينية والاوتي والقاط واللباس الداخلي والجلوس مثل المشوه امام الاسواق المركزية بين الدلالات ودهن المشك. هذا الرجل يستحق ان ينطبق عليه سماويا مبدأ ارضاع الكبير، لانه في مسيس الحاجة الى الحنان ودفء النهد ومشاكسات الحلمة المنتصبة واللا ارتعاش، لكي يتوقف نزيفه الفكري والتبول اللا ارداي والزهايمر والجوع الابدي.. النساء غريبات فعلا، فما ان تجتمع امرأتان حتى وان كن طبيبات او جامعيات او منحرفات جنسيا لتبدأ على الفور، النميمة ووصفات الطعام والحديث عن شخير الزوج ورائحته القذرة وقراءة الفنجان ورائحة المني والبخت والابراج والطالع وابطال السحر. كل شيء خرب والعالم قذر جدا والبشر اقذر وعليكم ان لا تنتظروا مسيحا اخر ولا اماما حجة ولا سفياني ولامسيا يهودي. اذن انك، انت، المسيح الحقيقي الذي تنبأ به زكريا سيتشن، تموز، فاحمل سيفك واحثو حثوك واركب مطيتك وتخلص من الشرير بجاه سيد محمد. اني ادعو كل من له احساسا ضميريا بانه المسيح او المهدي او اية فكرة خلاصية ان يحمل سيفا او رشاشا ويخلص العالم، لان هذا العالم مكون من ما نسبته ٩٩٪ من الاشرار وعليك تترتب مهمة ملائكية لمفاجئة الرب وجعل النسبة المتبقية تعيش ممجدة في وئام ودعة وحبوب مخدرة وسلام كوني، وما من طريق الا اختيار منهجا استقرائيا معتمدا على التخلص من الاشرار وابدأ بزوجتك، وهذه ليست فكرة شيطانية اذا اعتبرنا الشيطان هو مخلص العالم الحقيقي وليس من احد غيره، وكل من يقول العكس فهو خاطيء وربما منيوك ولا يفهم ولن يفهم. انت مسيح جديد وعليك كما قلت تعبيد طريق الرب الذي ارسل ملاكه امامك. المرأة بطبيعتها جنسانية. انها محرك الكون الذي استخدمها ابليس لانارة العالم فاستحق الغضب والسحق وطرحه الى الارض. وهذا المحرك - المرأة - بحاجة الى الطاقة والطاقة بدورها بحاجة الى طعام كثير ومكياج وكوافير وجنس يومي لادامة فكرة السيطرة على العالم وتدبيره، اذ لا قوة تعادل قوة المرأة في التدمير والبناء والقدرة الخلاقة على الانجاب. اني استغرب ان تكون المثلية الجنسية منتشرة عند النساء اكثر من الرجال. فالمرأة تعجب بالمرأة واذا اعجبتها مارست معهاالجنس الفموي في الاحلام ومنها انتقل الجنس لبدو العرب في حب المطية ومجانستها في الصحراء الميثودية وهذا ينزو على ذاك في بيوت قريش ربة العرب والجرب، وهذا كان سبب فشل الثورة الصناعية والفلسفية والجنسية والالكترونية وموت القراءة وتضخم الذات وخروج ملايين ملايين الدكتاتوريين الذين سيحكموننا الى الابد.. اني افكر انه لم تبق لي الا اعوام لاكتهال الخمسين. الخمسون بداية الموت. هكذا يبدأ كل شيء. وجع رأس ثم دوخة، ثمر سكر، ثم التهاب الاعصاب، وما ان تصل الستين حتى يكون كل شيء قد انتهى ويترتب عليك ان تعد جدولا زمنيا لتناول الادوية. كل شيء سيخرب وستكون هناك حبوب للضغط والكورسترول والنظر ولا تستطيع التبرز الا بتناول ادوية الامعاء ونفس الشيء عن البول والجيوب الانفية والاكتئاب والذاكرة. انهم يطيلون عمرك ليس حبا بك، بل من اجل شركات الادوية وتعويضات الشيخوخة في الغرب ،ويجب ان تظل تدفع وتدفع ولا تتناول الا حساء العدس لانك غير قادر على مضغ اي شيء. انها الانسانية الجديدة، انسانية رأس المال والراسماليين في اطالة عمرك لمنفعة جيوبهم. اني اؤمن بالطبيعة الجموح التي تعلن لك في الخمسين ان مرحلة موتك قد اطلت وما عليك الا التهيؤ وزيارة الكاظم والنجف وان تتحول الى طلي تسير خلف رجال الدين الذين يمارسون شيزفرونيتهم وعصابيتهم عليك قبل ان يرسلوا بك الى الجحيم وبعد ان تتبرع بكل اموالك لهم ولا تمنحها لشركات الادوية.
* *
مر الاسبوع الاول مثل دخان. كل يوم اخرج متسكعا بين المهاجرين. هناك ابهار كبير لكن هذا يضيع في موت البنية الجمالية لعمارة العصر السابق. العصر الذي كان فيه الفن المعماري رائعا.. في الاسبوع الثاني جاء الجعب وقال لنخرج. ما ان صعدنا سيارته وقبلما اطلب منه مساعدتي على ايجاد عمل، يضرط وضرطته كانت صغيرة جدا،لكنها كبرت وتضخمت وتبلبلت وغدت على هيئة فقاعة، كنا داخل الفقاعة والجعب يقود دون الم وتأثر.
نصل الحسينية ويهمس الجعب: خلّي اعرفك على احباب الحسين. ويقودني كأعمى ونجلس قرب جماعة ويقول: طير جديد. ويضحك الموالين ويقول صاحبي: هذا اولا سعود البدون * وهو انسان رائع ونزيه وعليه نذورة للزهرة بان يساعد كل مهاجر جديد. هذا سيد عبد مناحي خطيب المنبرالحسيني ومسؤول الحسينية. وينحني الجعب ويقبل الكف ويسحبها سيد مناحي وتلمع المحابس في اصابعه. ثم هذا سيد مزاحم وسيد صباح وسيد مرتضى وسيد نور وسيد مجتبى. ويُرحب بي بابتسامات وعيون مشوهة وسبح - مدندلة - وزبائب على الجبهة كبيرة وصغيرة، متقيحة ولامتقيحة. ويقول رياض الجعب انه مضطر للذهاب بسبب المشاغل، ويتطلع الاخوة لبعضهم بابتسام. واحدهم يحرك يده باشارة ما، والجعب يفهم ويبتسم وانا لا لاافهم والشيطان ايضا لا يفهم. ونلتئم في زاوية بعد ان نترك مكاننا قرب الباب، وتنهال الاسئلة كأنك في مقر الشعبة * وسعود البدون يلتصق بي يكاد يمس مؤخرتي واحاول ثنيه ولا ينثني، ويقول غامزا، وانا اعرف هذا الغمز الذي يذكرني بعاهرات الباب الشرقي والقواويد: انه مستعد لاي مساعدة، واشكره ويتكلم احد الاخوة ويقول: هل عرفت القواعد الذهبية؟! واقول ببلاهة: لا. ويجذبني سيد نور الى جنب ويوشوش في اذني: تقلد من؟ واجيب: لا احد . ويستغرب ويصير متحيرا كآنه يضاجع كلبة ثم يقول:عليك ان تقلد مرجعا، انت هنا في الغربة وعلينا ان نقدم لك نصائح مهمة لان الغربة تجعل الواحد يضيع اصله. واهز رأسي كحمار ويكمل: عليك ان تبقى محبا لال البيت. الطم في اي مكان. الطم في السيارة، الطم وانت في العمل. قد لا يكون اللطم قويا. لكن مجرد ان تضرب يدك على صدرك يكفي. المهم ان تلطم. لا تحتفل بالكريسمس. لا تردد قسم (او كندا). اكره كندا، لكن حب نسائهم. نيك بالقدر الذي تستطيعه ولكن ليكن كل شيء بصيغة. تمتع مثلما شئت. شت نسيت : حكم لعب اللوتو مسموح بنية التسلية لا الفوز، يعني ان تذهب وتشتري البطاقة على اساس انك تتسلى ولا تلعب القمار. واعرف حكم اللعب بعورة الرجل وحكم المص واللحس لانك ستحتاجه غالبا. لاتدفع التاكس، حاول التهرب منه. هناك حكم شرعي بجواز الاحتيال على الضرائب ودفعها كخمس للسيد عبد مناحي. يجب ان تحضر زوجتك الى الحسينية، هذا شئ مهم، هل فهمت، مع الزينبيات. انا احدثك عن القواعد حتى لاتنهار عائلتك في الغربة. و… اه نسيت لعنة الله على يزيد. نحن هنا نستمتع بالنساء، ما رأيك ؟ واقول له: طبعا، انا معكم. وينظر في عيني ويقول: هل تفهم ما اقصد؟! واقول نعم، بالتأكيد. ويقول: على اية حال ستعرف في المستقبل. واقول هل تستطيع مساعدتي لايجاد عمل. ويقول بعد تلبث ؟ لتأت عائلتك الى الحسينية اولا ويصير خير. واخرج من الحسينية كآتان ابن حمار والاستحمار مشكلة صعبة في مجتمع التكنلوجيا والمعلومات، ويلحقني سعود البدون ويصر ان يوصلني الى البيت. وفي الطريق يقول. ماذا قال لك سيد نور عني؟ اكيد نبشني، مو، بالعباس عليك. واجيب: انه لم يات على ذكرك. ويجعلني اقسم بالقائم اني لا اكذب، وتنفرج اساريره ويشغل المسجل ويستمع الى قراية* ويقول: تدري ؟ سيد نور اكبر دودكي في نورث امريكا. اردت تحذيرك، زوجته دولكة ومصابة بالتهاب الرحم الدائم، لا ادري لماذا. على العموم، انا اخوك، لا تتردد في السؤال عن اي شئ، اوك، فك.. ما ان نصل البيت حتى يصر على زيارتي بيته. اشكره لكنه ينزل من السيارة ويقول ما رأيك اليوم بعد صلاة العشاء. واقول له مستحيل. امنحني فرصة فقط.
اصعد السلم واحساس عميق باللعبان نفس يضربني. وعندما افتح باب الشقة تهجم علي زوجتي وطقم اسنانها الامامية قرب الطباخ وتقول: هل حصات على عمل، ماذا قالوا لك في الحسينية، اعرف انك مطي، لكن ماالذي حصلت عليه ؟ وقبل ان اجيب تكمل: لا تختبئ في المرحاض، لا تلجأ الى اساليبك السخيفة، هل سمعت، انبهك. هل كلمتهم عن الشغل، ها، ماذا عنه ؟! واجيب بعدم تركيز: نعم. لكنهم قالوا ليس الان. وتجيب ماذا سنأكل، زرجين، قل لي زرجين، ها، ماذا سنأكل. واقول دبري اي شئ. وتعربد: هل تريد ان اسلق لكم الخباز، لكن لا خباز في كندا ، اسمع لقد تعبت منك. غالبا ما تضعنا في مواقف ملعونة ماالذي سنفعله، لم تعد لدينا الا دولارات قليلة من الراتب. واتركها واهرب الى الحمام واجلس على حافة البانيو وادخن ثم انظر الى وجهي في المرآة واحاول تمزيقه وقبل ان اشرع بالنكاية ترفس الباب وتقول الزوجة معربدة هل تريد ان تنتحر، لاتهددني، لن اخاف بعد اليوم. اني امتلك حريتي، هل سمعت. ثم تهدأ وتقول انهم اتصلوا من الحسينية ويريدون ان نحضر مولد القائم. سيطبخون هناك، هل تسمعني، سيطبخون.
في اليوم الموعود ، في انحلالات الزمن الخصاء المتورم، يتصل بنا سيد مناحي ويطلب ان ننتظره عند مدخل العمارة، لانه سيحملنا بسيارته الى الحسينية ومعه بعض الهدايا للصغار وللزوجة. اقول عظيم، لنر ما يفعله هؤلاء المناويك.. انتظر مع القرود عند مدخل البناية وزوجتي مثل موس . يمر من امامي هنود وسيرلانيكون وسود، اضحك، وجوههم منزوعة القشرة وافواههم معوجة واصابات ذهنية وعوق نفسي ولهاث من اجل الدولارات واحذية مهترئة وركض في الشوارع والتبرز قرب التواليتات لان براهما يرفض التواليت الاجنبي.
بعد ساعة من الانتظار وتلوي الاطفال وتململهم وعبوس وجه الزوجة الابدي كشبح ليل والجلوس على الرصيف والطيور المنيوكة تذرق على ملابسنا ،ياتي سيد مناحي متأخرا ولايعتذر، كأي عربي. ونصعد سيارته الميني فان ويشغل دعاء كميل ويضرب بيده ضربات صغيرة على صدره ويقول : انا الطم في اي وقت وفي كل مكان. العمل هنا لايمنحنا وقتا للطم وليس مثلما الحال في العراق، اذ نلطم كل السنة. الوقت محسوب لذا الطم في السيارة وفي المرحاض وفي السرير وعند (الباربيكيو)، الطموا انتم ايضا. ونرفع اكفنا ونضربها على صدورنا وزوجتي تتطلع الى وجهي وانا اقول مشوشا، ان لم نفعل هذا لا يساعدوننا. ويدخل سيد عبد اصبعه في انفه ويدوره ثم يمسح اسفل المقعد. ونصل الحسينية وندخل في الزحام الهيولي، وتذهب زوجتي لتجلس مع النسوان وانا مع الاحباب ويجذبني سيد عبد مناحي جانبا ومحابسه تلتمع والزبيبة مجددة بطاوة * المطبخ ويقول بحذلقة: الله يستر على زوجتك، ولاادري بم اجيب ويداخلني احساس ان الامور في كندا تختلف عن العراق ويمكن للواحد هنا ان يعبر عما يدور في مؤخرته بكل صراحة، وان الموضوع ليس عيبا، ويقول لي ايضا ونحن نسير في الممر: ماذا قال لك هذا (الكرن) * سعود البدون عني، وارتبك اذ لم اكن مهيئأً للاجابة ونحن نحتفي بمولد القائم ومع الجو الرسالي اقول : لا شيء. ويقول بنظرة صقر، اعرف انه حدثك عن اشياء كاذبة، انا اعرفه. واقول لا، انما كان حديثه عن سيد نور. وينظر سيد مناحي الى وجهي شاردا ويقول: هل قال لك ان زوجة سيد نور مريضه. يكذب، لقد عولجت من التهاب المهبل. وما بقيت الا اورام حميدة، لكن زوجة سعود مريضة بداء الدودة. ويضحك. على اية حال، لا تصدق اي شئ يقال عني، انهم يغارون لاني المسؤول عن الحسينية ولاني املك اكبر محل لبيع المحابس وترب كربلا.
* *
ما ان نبلغ نهاية الحفل والرايات الخضر يلوح بها، وما ان تظهر الفرنجة والترك على احصنتها البردعات الملونة في قرقعات وهي بلدة في الشام، حتى يظهر السفياني والابقع واذا بثلاث رايات من جهة الشام تسعى سعي الجمال وخلفها فرسان شديدة البأس، وتلطم النساء وسيد عبد مناحي يعربد على المنبر فيزداد الهرج والمرج واكل الهريسة والتقيؤ والتبول خارج فتحات المراحيض الافرنجية ويقال في زوبعة البرادين الحراذين، اين المقاتلة ؟ وتصطدم السيوف بالسيوف والنصال بالنصال والنعال بالنعال، فينزل صاحبكم من الملأ الاعلى ويكسر رقابهم في قرقعات، قيل وما قرقعات واقول: انه مكان يؤت بالرجل فيفعل في إسته. ويعم الصراخ والعياط واللطم الشديد، ولا تكاد تسمع القطار اذا مرق. وينفعل احد الحاضرين ويأخذ بالصراخ والهستيريا ويهجم على بطانية النمر الفاصلة بين الذكور والاناث فيمزقها ويصرخ بوجه النساء، امهات السحورة، كلجن قحاب وبرابيق * ويرتمي على الارض والزبد الابيض يفيض من فمه ويتراكض الذكور ويقول طبيب ايراني ، انه مصاب بالصرع ويُضرط بالمسكين امام الملأ من قريش ويقوده احدهم الى المغاسل وتبكي النسوة واهرب في التدافع الحيواني وروائح الجواريب والتعرق وحكاك الخصاوي الى خارج الحسينية لتنفس الهواء النقي، واصطدم متعثرا بالنعل، الشحاطات ولا افلت الا وانا في قمة الانهيار وبعد زمن لا اعرفه تخرج زوجتي والاولاد بالرعب والرعشة ويقترح سيد صباح ان يوصلني بسيارته. وما ان نصعد حتى يبادر بعصبية : قلت لهم لاتسمحوا لهذا المجنون بالدخول، الا انهم لم يمنعوه، وهذه ليست المرة الاولى التي يكشف فيها عورات نسائنا، ابن الطحال هذا. لكن سيد عبد مناحي هو المسؤول، اذ لايمنعه، لان عم الشاب احد مراجع قم، بالا ضافة الى انه مصاب بلوثة بسبب الحرب العراقية الايرانية وامه زوجة سابقة لسيد عبد مناحي وكانت من قبل زوجة لعميد في الباسدران ناكه العراقيون في الفاو خمس مرات. ويضرب على لوحة العدادات بقبضة يده. سيد عبد هذا اكبر قواد عرفته في حياتي. ويلتفت الى الوراء وينظر الى زوجتي ويقول: عفوا عن الكلام البذئ، لكنها الحقيقة. السيد عبد مناحي يتاجر بكل شئ تقريبا وعليك ان تفهم. ونصل العمارة وننزل واشعر بالدوار مع احساس كبير بالقيء. وما ان ادخل الشقة حتى ارتمي على السرير دون ان انزع ملابسي واغرق في نوم مرتبك واحلام غريبة.
في يوم اخر ومع - الاشراقات الاولى للنهار وهروب الظلمة وقدوم الضياء وارتعاش العصافير وانتشار الهنود وانحشارهم معك في المصعد وهيجان راحة الثوم والبصل والمريوانا والحشيشة وعرق الاباط والبهارات - انزل الى اسفل العمارة واجلس الى الرصيف ادخن، وما ان تمضي ساعة مؤلمة من الاكتئاب الحاد حتى يأتي سعود البدون ويجدني متكأ بظهري الى سياج العمارة ويقول: ماذا تفعل هنا ؟! وابربر، لاشئ مجرد اختناق، ولم اجد عملا حتى الان. ويقول: لا تهتم. لا تهتم ابدا طالما انا موجود. ويطلب مني ان اذهب معه الى بيته لتناول الباجلة* بالدهن الحر. واقول، سابلغ زوجتي. فيجيب: بإنا سنتصل بها من بيته. وعبر تدفقات افواج الهنود والبراطيم والمرضى والمعاقين نفسيا والهوملس والقبعات المدورة الموضوعة عند ملتقيات الشوارع وبين اسلاك الكهرباء المعلقة والعصافير المنيوكة تتجمع فوقها وشهود يهوه يوزعون كتبهم. نصعد سيارته ونسير نصف ساعة كاملة. وخلال النصف ساعة هذه يضرط خمسة عشر مرة. ونصل منزله، ويركض امامي ويقول لاعد لك طريقا. وانتظر عند الباب نصف ساعة، ثم ياتي ويدفعني الى السير امامه متلفتا ومضطربا، ومن دأبه يضرط مرة اخرى. ثم نلج بابا واختار مقعداقرب الباب، عند صندوق براز القطة وحيث وضعت صورة كبيرة لابراج الكويت، وشهادات سعود عندما كان نائب عريف في الجيش الكويتي، وصورة اخرى وهو في البر مع سحلية كبيرة تدعى ارول وصورة اخرى مع سيارته الكابرس يحمل بين يديه سمكة كبيرة وقربه هندي يحمل فردة حذاء بقيطان وفي اليد الاخرى كيس بلاستيك اسود وعلبة زيت محركات برقان. ويقول سعود ، هذا خادمي الخاص وهو المسؤول عن مشاوير الحرمة. وابتسم، ويقول اما الصورة الثانية قرب الطاولة فهي للخادم ايضا، وهو مع الحرمة في البر حيث تذهب كل عام وتخيم هناك مع صديقاتها والطفل الصغير ابني حمد. وحمد يشبهالهندي، خاصة البراطيم والخشم. اما الصورة الاخرى فهي في كربلا وتحديدا في البراني والهندي يحمل حقيبة اموال الخمس لتسليمها لابن المرجع.
ويهمهم سعود ويتنفس عميقا ويقول ساتركك دقائق لاعداد القهوة، اذ اننا بدو ونحبها بالهيل وعلى الجمر وابتسم قائلا: والنعم . ويكمل بحذلقة: ستتمتع جيدا ويردف: سانادي الحرمة * لتسلم عليك، ويختفي وتظهر الحرمة بعد ربع ساعة يسبقها هجيج لطيط العطر والبخور . واقول يا ارض احفظي ما عليك، وانتصب مثل عضو واستقبل المرأة التي تفاجئني بطولها وسمرتها والكحل المخيف والدشادشة الخليجية السوداء التي تلتصق بالافخاذ عندما تسير وتبدو الزرور مخيفة وهائلة ويتجمع القماش عند نقطة المنتهى. وتقول وهي تضع دلة القهوة ورائحة الهيل تضمخ المكان. اهلا وسهلا بك، اسمي ام حمد. واشعر بالغصص وابتلع ريقي وشيئا ما يبدأ في التدحرج والنهوض واقول، انا صديق سعود الجديد، ووصلت حديثا الى كندا . وتقترب هامسة: نعم اعرف، كيف الاحوال معك ؟ اقول: لابأس ، ستتحسن. وتضحك ضحكة خافتة وتقترب وتصب القهوة في فنجان وتقدمه لي. ثم تسأل إن كنت قد استلمت منحة الحكومة للمهاجرين الجدد واجيبها بنعم والمح كفها المليء بنقوش الحناء واشعر بالانتصاب بسبب الرائحة والنهود المخيفة تنبثق بوجهي واشعر بضغط العضو الهائل وهو يندفع تحت البنطلون ،وتقترب مني قائلة: كيف هي حال المره ؟! واقول دون كذب: سيئة وهي دائما تلعنني وتقول: انك مثقف لافائدة ترتجى منه، وهي غبية لاتفهم الاحساس بالكتابة ولاتمنحني الفرصة. وتضحك ام حمد وتقترب اكثر وتقول: انتبه لزوجتك في هذا المجتمع . وتفتح الزر الاعلى من دشادشتها والمح الزغب منتصبا ما بين النهدين وما بين القصرين وثرثرة فوق النيل ولا ضراط في الحج ولا نفور في غير المزدلفة ، واشم لوعة هياج اباضة انثى وتقول بتردد هل اصب لك فنجانا اخر. واجرع التفل في فنجاني واقدمه وتمس اصابعها الطويلة السمراء السمينة اصابعي وتقول ، تحتاج الى مساعدة هنا،و لن نتركك وحدك . هذا بيت صديقك. واشكرها وترفع نفسها قليلا زاحفة بالمؤخرة المهيبة المدشدشة نحو ارتجاسات فخذي وزغبي وهواني على الناس. وتقول ببحة: لا بد ان النساء هنا اثرن نظرك. واقول: لا ابدا، اني مطي وافكر بالكتابة فقط. وتضحك : هل تريد ان اقرأ لك البخت والنصيب وما سيحدث لك في القادمات. واقول بتردد وانا اشم رائحة الديس ، اين سعود ؟ وتجيب: لا عليك، لا تفكر به، فهو مشغول ولن يأتي. واقول لماذا؟ وتتدفق فجأة دموع وتردد ان سعود يضربها دائما وانها لا تحبه، اذ انه تسبب بموت حمد. وتجهش واقترب منها مع الريبة ويلمس كتفي زندها واقول، لا بأس عليك. وتعلق هي، اني اعيش حياة ماساوية وسعود يعذبني ولا يحترم كينونتي كأنثى ويقيم علاقات مع الصبيان. واقول: لكنه يبدو متدينا. وتجيب ، هذا كذب وتخرج لحمها وتقول: انظر اثر الضرب. وانظر الى الزند الاسمر الرقراق الهش المتين السؤدد، والمسه متحسسا اثار الضرب والازرقاق واقول: لم لا تقيمين دعوى، سمعت ان بامكان النساء هنا الانتقام من الرجال . وتجيب وهي تمسح دموعها: انا امرأة شريفة والاسلام يمنعني من فعل شائن، بالاضافة الى هذا اني وحيدة وليس لي احد هنا. واقول وانا امد يدي والمس كتفها: انا اساعدك ولا تهتمي، انا صديقك. وترفع رأسها مستبشرة: صحيح. واقول: نعم كوني على ثقة وتقول: دعني اشكو لك بعضا من همي. وتصب لي فنجانا اخر من القهوة والهندي في الصورة امامي يضحك ممسكا بصندوق الاموال المُسلمة الى المرجع. ان زوجها خنثي، وهو لايقوم بواجبه الفراشي. واشعر بالكرب لهذه الناقة، بالبدن المهيب السفسطائي الايكولوجي المنبعثة منه حكايات اللؤلؤ والغرق. واقترب اكثر والمس كتفها مرة اخرى واضغطه وتضيع اصابعي واقول عليك بالصبر والدعاء لان ابواب السماء مفتوحة لدعوة المظلوم. وتنظر الى وجهي وترفع عجيزتها مع قهقهة وتلقيها في حضني واضعة في البدء مؤخرتها بكل جلال قوتها وليونتها وحرارتها على حافة الكرسي من جهة صندوق براز القطة وتفيض المؤخرة عني الى الجوانب، وكل فردة منها عظيمة ويهتز الكرسي ويئن بالتوجع الجنسي لمسيس حافته لحم مؤخرتها وانا ينشف مني اللعاب وتتهيج الانثيين ويصعهد بخار الباه الى حلقي ودوائر الدماغ الكهربائية وتحدث تشنجات هبائية وتقلصات وسرعات نبض اشعاعي من غير فالوذج على الريق، فيصير هذا شبه شمبانزي يجاري الريح في الغابة، واشعر بالكون كله وقد جلس علي واحس بالجغرافيا والوهاد والجبال والتماوع والتموج وانفراج الفخذين ووادي الموت والحياة بين فخذي واهجس رطوبة وبللا وتلفني بالذراع واشم شعر ابطها وتعصرني واصاب بالخرس والصمم وتتيبس مني الغدد اللمفاوية والبصاقية، ويزيغ النظر واعرف لذة الخيبة لاول مرة والخيانة اللذيذة وارتعاشاتها واهتزازاتها وعرقها وحرارتها وتشابطها وتشابكها عنقي، وتمتد اصابع السماء المطلية بالعذاب والرهبة والكبرياء والزخم العرضي وتماوجات الافلاك وانهيار السماء وانفلاق الظلمة، وتفك عنها ازارها، دشادشتها ، التي تحيل المرأة الى غراب، وترفع يدي المشلولة الصفراء المبهورة المتأكلة المتشاكلة وتضعها على صدرها ولا المس لحما، انما هشيم نار ماوجدته في المرأة التي تسمى زوجتي، لان متعة الثمرة المحرمة الذ واعتى واطيب مذاقا متذكرا سطونا على اشجار النارنج في (صيفيات) انشباب شبوبيتنا وتفجر الرجولة وطعم النارنج الرائع الحامض الحلو المثير المنير البهجة السؤدد الاظلام البحر الاقيانوس، طبع نعال الحجية الاسود على الوجه، الاختباء في الخرابة المجاورة، وزوجة عبود المحامي تستحم في حمام النوافذ، فيلهبك حد الموت شعر عانتها في تثاليثه واضطراب الدماغ وزوغان النظر وتلعثم الكلمة ولا اشهى من تشنج العضو الافروديتي عليك وفيك، اذ تحسه واخزا منفلقا، وبعد ذلك ارتباطه بالذكرى، ومع كل عري تشم عطر النارنج والشهوة والاختباء في السطوحات في تموزات حياتنا وممارسة العادة السرية التي استهلكت نصف انصاف حياتنا في صمط حرارتنا، وآب اللهاب يلفحنا لفحا. وعندما امتلك الدهشة المعربدة والقوة والعنفوان والتدفق وادفع باصابعي الى ماتحت النهدين واسفل المنكبين وبين الهلالين وتغوص الاصابع في زبد البحر بلا ربابين السفن ونوتيتها المسحورين باسطرلابات المركبات الفضائية من زمن التيه الفكري وصواريخ الليزر لما قبل الولادة الجهنمية في مكة وكل هذا يدور في صموتات وخزات ذبح الالهة على مساطب التشنجات العضلية في ارتخاءات اللذة المقدسة ورأس ام حمد الى الوراء تريد انفعالات صرامتنا بان ندع الاصابع تقتحم لا عبة بما بين براطيم الشفرين مطلقين صابون سائلنا. يقتحم سعود البدون الغرفة وتصرخ ام حمد وتغيم الدنيا وتنطفئ السماء وتتمازج الصور وتُفقد الالسنة، والاهتزازات تسيطر على جسدي وافتح فمي والكلام لايتدفق وترفع سماعة الهاتف وام حمد تصرخ وتكفش شعرها وتمزق ثيابها وشعر ابطها ظاهر وتأتي الشرطة وادفع الى داخل السيارة والاضوية والاشارات تلعلع والعيون من البيوت المجاورة تنظر والالسن تندلق والظلمات كثيفة والنهار مخيف والخرس يدمرني والبهوت والثول يعقدان لساني.
الفصل السابع
يحدث الآن.
هل انت دايخ؟
لا، بس مسطور.
حسنا ماذا بعد؟
هل استطيع ان انتحر.
بالطبع، لكن ليس هنا.
اين يمكن اذن؟!
هل تشاهد عامود الكهرباء ذاك.
نعم اراه.
حسنا، اذهب وادخله في مؤخرتك.
نقطة.
حدث قبل قليل.
من مركز الشرطة اتصل بزوجتي واحكي لها بعضا مما حصل، ثم اتوسلها ان تتصل برياض الجعب وتطلبه للحضور .. بعد ساعة كاملة من التحقيقات، ام حمد امامي وسعود البدون يتحرك مثل اخطبوط في الغرفة. يصل الجعب ويدخل سريعا الى مكاننا ويقول بهلع: ما الذي حصل لخاطر الكحاب* ؟ ! ويهب سعود البدون شبه خبل ويصف اعتدائي على عرضه. لكن شرطيا يطلب منه السكوت واخرط انا كل شئ للجعب. ويجيبني هذا انها مسألة عرض وناموس، لكنها سهلة ومن الافضل تقديم تعويض وانهاء المشكلة. واقول: لكني لا املك اموالا. ويسر في اذني: ماذا عن منحة الحكومة؟! واتردد شاعرا بالرهبة والثول. ويعود هامسا: من الافضل حل المسألة هنا قبل الوصول الى القاضي، لانك ستدان. واهجس مخاط لزج بين الاصابع واقول: ارجوك، اتوسلك. واحاول بقدر ان لا انهار الى الارض القحبة ولا اتمكن من كتمان الحشرجة التي ضربت حنجرتي عميقا دونما اهتمام من الجعب. ويغادرني الرجل واسمع نتف حواره مع سعود وام حمد تبكي مثل تمساح وتمخط كل ثانية في خرقة وتتمايل، وسعود يحلف كل لحظة بستر خواته وام حمد تضع جبهتها على حافة الطاولة المنيوكة والشرطي يستجيب لوجيب قلبها قائلا كل شئ سيكون بخير سيدتي، فقط ابعدي هذه الخرقة عني. ثم يقدم لها بين اللحظة والاخرى قنينة ماء، ولا يمنع هذا شعرها من التماس الشحنات الكهربائية التي تجعله كفشة زنجي، والمؤلم كمركب سكران، هو زندها الضخم الوضاء، اذ تعريه بين الفينة والفينة بترهلات البداءة الاولى للجنس البشري في اقترابه من الاربعين، ثم تري الشرطي السحجات والكدمات وتقول بعد كل جرعة ماء، اراد امتطائي على (الجمني)* وهو لا يفهم الثقافة الكندية ولا البيفر، ويتصورني من الاماء، لانه من الصحراء وانا امرأة مستورة من القوارير، وهذا سبب لي صدمة نفسية مرعبة، واطلب احالتي الى الطبيبب النفسي، وتنفجر في جعير وقحة وتخرج غموس خرقتها اخرى وتمخط. ويهز الشرطي رأسه ويسجل قليل وكثيركل شئ ضمنا نهج المخط. وتدبب شرطيات من الحجرات ويزحفن بمسدساتهن على وقع طبول البكاء والمخط، ويواسين ام حمد ويجلسن حولها وحواليها مقرفصات، واحداهن امامها “ مباشرتن “ على الكرسي، تلمس سمين اصابعها بحنو وتضغطها، وسعود النغل يجهد مشهدا اضطهاديا ويحيط كتف عرضه بذراعه ويقول الدنيا احركها، والجعب يخفف عنه. وترمقني الشرطيات باشمئزاز واقول بضراعة: كذب، بالعباس كذب. ويتدخل الجعب محذرا: عندما تتحدث النساء في كندا عليك ان تخرس . وبعد اضطرابات ذهنية وقلق البحار والسفاد مع الحمير ومشاورات. يعود الجعب ليقول: ماذا فعلت ابو الهلس، الموضوع في غاية الصعوبة ، لكني اقنعتهم بتعويض خمسة الاف دولار. واقفز من مكاني باكيا قائلا متوسلا ، مستحيل والثلج في الخارج ينزل صفائح، وانا لم افعل شيئا صدقني، هي التي بدأت. انا لا املك الا هذا المبلغ واريد شراء اثاث للمنزل وملابس للاولاد وحفاظات نسائية. وينظر رياض الجعب نظرة تنشق منها جبال مكة ويقول، حسنا كم تريد ان تدفع؟! واقول النصف. ويتركني وينتقل الى الجانب الاخر ثم يعود بعد دقائق قائلا : انت محظوظ،، يقبلون باربعة الاف ويتنازلون فورا. واتوسله ويقول ، انصحك بقبول العرض. وفي النهاية اذعن واكتب ايصالا، على ان اسلم المبلغ الى الجعب. وتتمقلج الدولكة امامي بشعرها المنفوش وتخرج ومؤخرتها كوكبة خيل ترتج، وخلفهاابن الزنيم يبتسم دافعا عرضه واحس بالخبال والانحشار الروحي والاختناق ويدفعني رياض الجعب لكي اخرج من حال البهوت وعدم التصديق، ونتجه مباشرة الى البنك واسحب النقود ورياض الجعب يعد بتمهل شيطاني لذائذي وابتسامته قاتمة وفخاتي على افاريز النوافذ، هاجسا لعابه ينقط على يدي ويقول بلهفة: كل شئ تمام. ويقترح ان اذهب الى الحسينية للصلاة والترويح عن النفس. لكني اقول: اني بحاجة الى السير بمفردي. وينظر لوجهي دقائق ثم يعبر: حسنا، لكن اسمع هذه النصيحة. اشتر بما تبقى لك من نقود سيارة، لن تستطيع العمل بدونها . ويردف خذ هذه واشتر لك قهوة. وانظر الى الدولارات وامد يدي المقوسة كظهر نحلة، والفخاتي يخفقن واصابعي مثل ارنب يقشعر ويقول ايضا: الحياة مليئة بالسموم . المهم ان لاتُهزم. وانه من الامور الجيدة، انه لم تزل عندك الف دولار، ويضرط، واغلق باب السيارة وانزلق الى الشارع وهو ينظر بصمت، ثم يقول اجرك على ابي عبد الله. الطم وانت تسير، لا تنس، هل سمعتني. وانظر الى وجهه ببله، ثم اتركه لاغرق في وخامة الزمن واضطراباته، ثم سائرا مثل صوت غراب في شارع تحسراتي. البرد لهوم ونذر عاصفة في السماء. اوراق تائهة تلتئم في مكان ما ثم تهرب كاشباح، وكاشباح يتحول الشارع مع سماء رصاصية تشعرك بالجبروت والضآلة ثم تريك - الشوارع المائلة - جوانبها المفتتة بفعل البرد واكتهال الزمن المفاجئ. وفي دقائق يداهمك احساس ملجلج مع المنبوذين وقبعاتهم البيسبول العفنة وافرشتهم الوسخة، تتحول الخيبة الى منسوب الم غير عابر بين هنود بوزراتهم المقلمة وقمصانهم المدعوكة وصوماليون وباكستانيون بلحى طويلة خفيفة منفوشة، والكل يركض ليؤكل من اجل الحصول عل الدولارات، والقوادون والقوادات يخرجن من نهايات الازقة الباهتة يتماوجون في اضواء السيارات، والفخاتي لاتظهر ولا مزيد من الصحو والاندفاع والشدة، وتنقلب الاضواء بغتة الى نقاط وهنود من كوكب زحل يرتدون قلنصوات مائلة الى الخلف ونظارات شمسية يوزعون مجلات وجرائد على صناديق بيع الجرائد الاوتوماتيكية وسياراتهم الوسخة تنفث دخانها على الارصفة والاشجار، ثم تتحد مع بخار يخرج من فتحات مجارير تنفسه متلائما مع السؤال الجوهري عن الماهية وتحاكيها مع الذات التي تشعر بالاضمحلال. لكن هذه الوحدانية الميتة على الارصفة المبقعة بالثلج الاسود، لاتمكنني من الوصول الى المنزل ضمن تنائيات الزمن الحالي. وامر بالاعمدة والاعمدة باردة لاسعة، لكنها دافئة عند قبضات ايادي العاهرات وبطونهن واحذيتهن الصينية باردة ايضا ومتأكلة من الجوانب وهن يعرضن بضاعتهن عليك، بلا رافة لرغبة السحق، سحق عظامك، والبارات المبجلة ليوم الدينونة العظيم، مقفلة وسيارات الشرطة بلا اضواء، لان التوهج في قيمومة الاموات خطيئة ترتكبها البشرية العمياء في الجوانب والشوارع الخلافية للاحلام المنهارة، والدموع راغبة في الخروج في تشبهات الموت البارد واشباح شرائح الثلج تبدأ بالتساقط الحر وتكتسح وجوه الخيبة والوجوه المتراصفة مع وجهك ووجوه العاهرات المتشظية والم مع السعال المرير والحبوب المسكنة والفياغرا الرخيصة ولفائف المريونا المرمية الى فتحات تصريف المياه والجعة في حانة وسخة يملكها اناس من شنغهاي. وعندما يتناهبك اليأس كما قديسي الايام الاخيرة، في معركة ابناء النور مع ابناء الظلمة، وفي اللامعنى ومداهمة حيوان التفاهة، الج المنزل، الشقة، بين الاحصنة الغافية والزوجة التي تتقلب كمصنوع من النار وعاء احلامها. ولا اشعر برغبة النوم بل بالاحلام والاحلام هلوسة وكوابيس وشياطين، وتمر الليلة اشبه بعرجون الحكايات الخرافية وسؤال منكر ونكير ودماغ لا يتوقف عن اللهاث.
في الصباح، مع اول رائحة عابرة للقهوة من منافذ الابواب، تستقيظ الزوجة وتجدني بملابسي وحذائي، فترفسني، واتدحرج الى الارض، مع جعير ودون مكنة فتح الجفون، واسمع انفجار الاصوات واللعنات تنهال، واقسم والاطفال يتفرجون: ان الموضوع كله عبارة عن خدعة وانه يجب ان تصدقني. وتصر انني اكذب لاني بالطبع والطبيعة، كاتب. ولاتمنحني الوقت لاشرح، وتنهار بكاءا وآنا سيمون تنشد: انك لن تسير وحدك، وانا اقول ان لم اكن وحدي فمع من انا في خراب الطهرانيين العراقيين وهم يسيرون في مزدلفة حزقيال امام المراثي الدائمة للموت، والاولاد ينظرون بعيون باردة ويتحركون بلا اهتمام وبهدوء قاتل ضجر يعدون حقائبهم. وتدخل من جهة المستشرفـ، رائحة قاتلة، واشعر بالاختناق مع الخدر، وافتح الباب واجد الهندي جاري الهندي يتأمل ويأكل من قدر صغير ورائحة الثوم والبهارات للستار، واعود الى الداخل، واللعنات تترى، وفي النهاية تنهار الزوجة واقول كل شئ سيتحسن، سنعوض كل شئ. صدقيني. وفيما هي ممدة على الارض، ادفع الاولاد الى مغادرة الشقة وتقول ابنتي ماذا حدث؟ واجيب: امك اضاعت معجون الاسنان. واطلب ان لا يحكوا اي شئ للمعلمة.
تستمر زوجتي في الدراما وتتحول مع الزمن الى اوديسيا. وعندما تلاحظ عدم اهتمامي ومستمرا في تأمل ابليس عبر النافذة، تحاول ضربي بالحذاء القبغلي * مرددة: اني جننتها، وان لافائدة ترتجى مني، واني سخيف وعاطل وعار على الشعب العراقي، واي مجتمع اعيش فيه، ايها الدودة الثكلى بالضراط. واجيبها: انت لاتفهمين دور المثقف في الحياة. وتخمش وجهها وتقول: خره بالثقافة، اي ثقافة، انت واحد عاطل عن العمل وفاشل، لم تستطع ان تجد لك عملا حتى في العراق، ومن لم يكن به خير في وطنه، ليس به خير في اي مكان في العالم. وتضرب راسها، واهجس اني اريد ركلها كما في العراق العظيم، لانها غير مثقفة، وليست من الانتليجنسيا ولا تشبه هدية حسين. وفيما انا اهم بفعل ارتكاب الجريمة الكندية الكاملة، تُطرق الباب طرقات سريعة واهرع وافتح، واجد هنديا يعرض سكاكينا للبيع، واقول لا نريد . لكنه يستمر ولا افهمه، ويقول انه يحكي لغة انكليزية!! واتخلص منه بعد ان افسي عليه، ويهرب وتعم رائحة الطاعون في ممرات العالم، وارجع مكملا دورة السب السماوي والكفر واقول ساتدبر الامر، ساتدبر الامر بنفسي. انا كائن ذكي، مثقف، ولي القدرة على المناورة كالثعلب لكني لست لوكياً * وهذا كل ما في الامر. وتنهض الحرمة وتتسمر الى النافذة مثل بعوضة، على المصير الانساني لها كأنثى وتردد ان سحرا عُمل لنا والا فما التفسير؟! وانهار الى الكرسي، المحطم، الوحيد، الذي وجدناه مصادفة امام بيت عائلة صينية لاعلاقة لها بالعالم الانكليزي وتعتمد في تغذيتها على ما تجود به لذائذ عظام الكلاب مع المرق وصلصة الترياكي الملهمة،. وفي الارتماء الحر على الكرسي، اخال الدخان فوق راسي واشعر اني في حروب الردة اقاتل الانبياء الكذبة، والزوجة اسمع تضرعاتها. لكني اهجس انه لم يزل هناك امل، امل من نوع خاص. ولابد للقيمة الفعلية على المقاومة ان تستمر، ولا بد لفلسفة الانوار ان تورد مكارمها في انهزام فكرة اليأس. وافكر بالذي يحدث، بالقانون المترسخ في دورة الافلاك وزحل في خرائب دوراته وخلو مساره وتأثيره في بيوت الولادة والطالع، الموت، فينوس المنقذ من الضلال الاتي على ارض العرب. انها استقصاءات التخيل واللاهدف واقول ثانية، ان الذي اخرجك من ارضك لقادر ان يمنحك الفرصة المشعة ايضا، واتصل برياض الجعب، ويحضر هذا ويطلب من زوجتي ان تجلس معنا لانه يريد ان يساعدنا في التخلص من مأزق الخسارة ويقترح أن اشتري بما تبقى سيارة. ويتفق هو مع احدهم لسرقتها ويتم تعويضنا من قبل شركة التأمين. وتنظر زوجتي باستنكار واوضح انها فرصتنا الوحيدة ويؤكد الجعب: نعم وهناك ان نؤمن على اثاث الشقة. وتضحك زوجتي قائلة اي اثاث! ويجيب الجعب: لا عليكما انا من سيتدبر الامر، ساتي باثاث عتيق من الطرقات وتلفزيونات واشياء من فاليو فلج *. ريثما يتم التأمين وبعد ذلك نحرقها ونطالب بالتعويض. وابتهج رغم الصدمة واقول: هل هذا ممكن؟! ويقول: طبعا، الموضوع سهل جدا، عليكما الاعتماد علي، لكن نسيت ان اقول، اني استحصل ٧٠ ٪ من التعويض. ونتردد واقول بلوعة لكنها نسبة كبيرة. ويجيب الجعب: على العكس حبيبي، انها نسبة صغيرة وهي لمستلزمات الاعداد والاجور التي سندفعها لمن يسرق سيارتك والنقل.. الخ، وفي النتيجة سوف تربح كثيرا. مبلغ التعويض ليس هينا على اية حال. وتردد زوجتي: لا اريد ان ادخل في متاهات حقيرة. ويقول الجعب: لامتاهات. واقول انا ولا حقيرة. ويقول الجعب ستحصلون على اموال كثيرة واقول: سنشتري سيارة جيب واثاثا وسيجار. ويقول الجعب: وستذهبون الى كي اف سي وبرجر كنك، واقول وساشتري كتبا وغليونا واسافر الى كوبا وابدأ من هناك الكتابة واقتني قططا مثل ارنست همنغواي. وتقول زوجتي: خدعة وسرقة ولن تسافر وحدك الى كوبا ياقواد، انا اعرفك. ويقول الجعب: ليست بسرقة، لان شركة التأمين ليست شخصا. واقول انا ولا احتيال. وتقول زوجتي: مستحيل، هل هذه هي النهاية؟! واقول: انها فرصتك الاخيرة لتصبحي مثقفة مثل مرسيدس زوجة غارسيا ماركيز. ويقول الجعب العملية مضمونة. وتقول زوجتي: كيف عرفت ؟! ويقول الجعب: لاني عملتها عشرات المرات. ويضحك واضحك انا ويدعوني الى قدح قهوة في مقهى تيم هورتنز - تيمي - ونترك الشقة. ونجلس في المقهى مع موسيقا الزنوج واحتسي ويحتسي ونحتسي ويحتسون، والهنود يطيرون والسرطان ينمو، واتباع يحيى يبشرون، واعضاء كنيسة الساينتس يجمعون التبرعات والكل مناويك، وهذا زمن الظهور. والمح اني اهذي في العدم، اهذي ولا احد يعرف كيف يموت المثقف الذي لم يكتب حتى الان، انا، في الذات والذات في. وفيما انا افكر في روح هذا العالم يقول الجعب: زوجتك، يمكن ان تسبب لنا المشاكل واغمغم بانقباض: اي مشاكل، ساجعل طشارهم ماله والي. ويرد الجعب: اهدأ ابو حلك*. ويكمل وهو يجرع قهوته: انت تعرف ان النساء ثرثارات بطبعهن، وهذا الموضوع ليس من الاشياء التي يثرثر بها. واقول اطمئن لن تتكلم، انا اعرفها. ويبتسم ويرتشف رشفة اخرى ويتلمظ قائلا: انا صاحب علاقات واسعة. وبعد سرقة السيارة، نفتح لك ملفا، مع محامي اعمل معه، ونذهب بك الى طبيب خاص ليعد لك تقريرا بأنك تعرضت لصدمة نفسية، هكذا سنجعل شركة التأمين تدفع لك الاف الدولارات للعلاج. لاتقلق، لاتحزن، ان الله معنا، كل شئ مرتب وبعد الانتهاء من هذه القضية. نحرق الشقة كما قلت لك، وسارسل لك مختصا في الحرائق - ويضرط - من اصدقائي وهو اوكراني. واقول: لمَ اوكراني. ويهمس: اني اتعامل مع المافيا الاوكرانية. واقول: اني خائف ويردف لم الخوف، عملنا هذا الموضوع عشرات المرات. هل تعرف سيد نور، لقد اشترى بيتا هنا بمبلغ التعويض. سيد عبد مناحي اشترى بيتا في السيدة زينب وسيد منير اشترى مطعما في النجف، وغيرهم الكثير. وفيما هو يحكي عن تفصيلات، انظر الى الشارع والضجيج الذي يختلط مع موسيقا السود، في المقهى، وتنحدر اشياء غير مفهومة من روحي، اشياء غير واضحة المعالم،لكنها مزيج من الخوف والابتئاس واللوعة والاحساس بالضياع واني اشبه بلص متناسيا مطر هليفاكس وعجائز الماذر هاوس. وفيما اختلاط الموسيقا يتسرب الى اذني وكأني اسمعه من مكان ناء او عبر انبوب، يخرج الجعب اوراقا لاوقعها واقول ماهذه ويجيب: مجرد اوراق لاثبات حقوقنا التي اتفقنا عليها، اعني تسليم المبلغ المتفق عليه معك واشعر برعشة وهوس انفعالي واضراب. وفي النهاية ارفع القلم واوقع كل الاوراق دفعة واحدة.
* *
بعد شراء السيارة باربعة ايام تحقق المأمول. حرقنا الاثاث، والزوجة تبكي والاولاد والثلج يهطل والهنود ينظرون وسيارات الاطفاء ترش والبوليس يسجل وكلاب الشقق تحملق من النوافذ ووجوهنا وسخة والقطط اوقفت رحلة البحث عن اوديسيا الفئران والمرحاض مسدود وكلينكس المؤخرات منثور ومعجون الاسنان معصور وفرش الاسنان في المغسلة والمغسلة مفطورة والحنفية مفتوحة وطرمبة البانيو تشخر وعلبة النفايات متأكلة ولا ابو بريص في الشقة. ثم تدور عجلة السوء والحظ والقدر الاغبر في اليوم التالي وتسرق السيارة ويزداد سوء الحظ بؤسا وتتم احالتي الى الطبيب الخاص والطبيب الخاص سيستلم ١٠ الاف دولار ويكتب التقرير قائلا ان اصابته في المؤخرة ولانه (كي) * فلا يمكنه التمتع بجسده، واعترض ويقول الجعب: اسكت، هذا ضروري. وياخذ التقرير ويسلمه الى المحامي ثم شركة التأمين وشركة التأمين ترفع اسعار التأمين والمهاجرون يدفعون والطيبون يسيرون بسياراتهم بلا تأمين والسريلانكيون يقتطعون لقمة الخبز من افواه اطفالهم ويزحفون في الشوارع وشركات التأمين تبتسم وتضحك والمديرون يستلمون الملايين ويسافرون الى البهاما وفلوريدا. وفي الحسينية قدم لي الاحباب التهنئة بمناسبة سرقة السيارة والحريق وطلب مني سيد عبد مناحي ان اقدم بعض المال للحسينية كتبرع، واخر قال اني اصبحت منهم. والضحكات تترى والعيون تتلصص مع الرؤوس المنحنية للدعاء والافواه تتلمظ. واحد الموالين قال باهتمام: ماذا ستفعل بالمبلغ؟ واخر سألني عن النسبة التي سادفعها. وفي يوم اخر يقترب مني سيد مناحي ويعرض علي استثمار الاموال معه في مشروع كبير، ولم يوضح ماهو المشروع. لكن سيد صباح اقترح ان نشتري - سوية - محلا كبير ثم نحرقه. وقلت للجميع: اريد الحصول على التعويض قبل الدخول في مشاريع. وبالرغم من الخوف اللاغارب والمرارة، الا اني كنت اكثر ثقة في اوان نفسي، وان آل البيت نظروا اخيرا الى الحال الغارب لانسانيتي. وبعد اربعة من العدم الشهور ، يأتيني الجعب بالبشرى والموافقة على التعويض والشيك معه، لكن هناك مصاريف غير محسوبة ظهرت، يقول، اذ ان الطبيب طلب مبلغا اضافيا واشعر بالاختناق وانا اقول: لكن هذا ما لم نتفق عليه. ويجيبني: هناك مفاجأت تحصل دائما واشياء غير منظورة تحدث. وانه في كل الاحوال سيبقى ما احصل عليه كبيرا، وانه سيساعدني بعد ذلك في طرق اخرى للحصول على الاموال. واقول هذا لزوجتي وتنفعل وتهددني بنعال بيبيتي الاسود الذي حملته معها من العراق وتكرر، انه لو كنت ذكيا بما فيه الكفاية، لعملت مع صدام حسين ولكتبت قصصا اوعملت في فرقة الاعدامات او في جريدة القادسية، ولحصلنا على بيت ووجبات طعام وسفرات الى وارشو وامواس حلاقة جوليت ولبسان* فرنسية وتسأل: لماذا؟ ألست مثل رعد بندر او على الاقل مثل ذاك التافه… واهجم بالقول واهذر: انه لا يمكنني ان اكون من التافهين واني لست لوكيا. وتجيب: بل تافه اذ سرت في لوذ شوقي كريم حسن وحميد المختار وجمال السوداني ورضا ذياب وذلك الذي لا يحضرني اسمه، واقول: تعنين حسن النواب؟ ولا تصغي وتكمل، انظر الى ما وصلنا اليه. واحاول ان اضرب رأسي بالحائط وتقول هي: اترك الحركات السخيفة. واحذرها بعصبية ونفاد صبر من ان تمس ثقافتي واصدقائي حتى وان كانوا من الصعاليك، والشيء الاخر، ان لا ريبة من هذه العمليات المالية. انه عالم المال والبنوك والسياسة والبورصات واسواق المال وكلهم في الحسينية يقولون: انهم كفرة * ولا ضرر شرعي ولا استشكال من الاحتيال عليهم مع الاحتياط وجوبا واضرب الحائط بقبضتي. واقول تلفونيا للجعب: اوكي، انا موافق واذهب الى المكتب القانوني ويستقبلني هناك بقامته المديدة وحذائه الروغان والسماء ضراط، والمحامي الشرير معه وننزل عجالا، مثل الوغى، مثل النسور ومثل الصراصر ايضا الى القبو. وفي غرفة - المشنا - المحامي الثانية، بين قناني البيرة والشمبانيا الفارغة والكلينكس والاقلام المبرية والضجيج الصامت وجدران قفص الضواري والعاب الجنس المحرمة دوليا، نوقع الاف الاوراق، الاف التوقيعات، الاف القبلات، لزيادة النسبة، واستلم الشيك واكتب شيكا على نفسي، وعلى ذاتي وعلى الملائكة القديسيين الذين تركوا ابن الله الوحيد بين خوات عاملات الجنس، بالمبلغ الذي ساسلمه ويتبين اني لن احصل الا على عشرة آلاف دولار من مبلغ التسعين الف دولار. واصطدم واكفر دون فتح فاه، ثم يسيح من جثتي شيء، ويستلم المحامي الشيك ويدخن سيكاره والدخان يلامس السقف والسقف يمور وقدم المحامي وقندرته مع الجواريب والقيطان على الطاولة وخلفه صورته مع سمكة كبيرة يحملها بين يديه وحذائه يلمع والقيطان رفيع والكعب متأكل من الجانب . ثم يغمز لي والجعب يبتسم ابتسامته قائلا: مبروك، ويحك خصيته ومؤخرته ويمسح شعره ويقول الى البنك، الحياة، التمتع. تمتع كما يحلو لك بالمبلغ، عوافي، سافر الى هوليوود، الى النجف، الى قم الى السيدة زينب. زور ايران وتمتع بالفروج الايرانية. والمحامي يدخن ويحدق بالكومبيوتر وقميصه ازرق مقلم والكلينكس على الارض وماكنة القهوة عاطلة وتفل القهوة على الارض مع اكياس سكرين والظلمة متداركة والضوء خفيف واشعاع الكومبيوتر يشبه لمع اقنوم الوحدة المطلقة، وينعكس على الحائط وورق الجدران ممزق، من جهة القلب، قلبي. واساق، شبه شاة الى الذبح، كبرعم نما في الحقول، لاصورة لي ولا جمال، والهنود ذابلون في الطرقات، القائمون امام مجمع القديسين اليهود الذين يحكمون العالم، من المكاتب، والعرب من محلات الشاورما، امام انهار بابل، سيحون وجيحون في ارض الذهب، القادم سيجمعه، المتجسد في خزائن اسرائيل، العصافير الذليلة امام قسوة عاصفة، نهم الثلج، ريشها، تهرب، والملائكة الواقفه، امام المذبح، تتساقط على اسلاك الكهرباء، تحترق، بنكاية البانزين، لان لاضياء في الشمس ولا ضوء في القمر. الصخب غارب، والمجد في محلات التعري، في صالونات التدليك، مع الاسيويات الضيقات، انت تصرخ في فرار الدروب، التمريغ، الضجيج بين الوجوه، المنتبهة الى المحنة، تضيع، تتمجد، بين حشرات الليل، الجري والعدم، الانبثاق من الهو، الزواحف في الغابات، مامن شيء لا ينيك بعضه، الالسن، الوجوه، السريلانكيون، الاعضاء الجنسية، اناث الصومال، مؤخراتهن عصية، عن الاحاطة، والهوملس ايضا، في العالم، مع استجداء السجائر ولفافات المريوانا. دراجاتهم هوائية بلا اطارات، كل شيء معلقا، اكياس محمولة، الاكياس محتشدة، علب بيبسي، علب كوكا كولا، بقايا البيتزا في الافواه. نموت، كلهم، لا هم، همو، الغوث، حي الطرب، الفضيلية، سبعة ميل، الشعبة الخامسة، استدردنا الحليب من الديوس. اكشن.
* *
يقول الجعب وهو يتنفس بعمق ونحن نخرج من البنك: ماذا ستفعل بهذا المبلغ، فك ؟ واقول، لا اعرف. ويقرب وجهه واشم رائحة انفه العفنة: يجب ان تعرف. على العموم هناك الكثير من المشاريع. استثمر اموالك ولا تهدرها على الملذات. وانظر الى وجهه، ويقول قبل ان يودعني. سنلتقي، هناك مشاريع اخرى. واهز راسي قبولا ويشعل لي سيجارة ويقدمها وامجها واشهقها ووميض البياض في عيني، ويتركني معلقا كشاة في مسلخ. اسير بوجه هزيل ويتلبسني ان شيئا ما كسر في داخلي، بل اشياء كثيرة ولن تعود. واذهب الى الشقة واحك لزوجتي ما حصل وهي تحاصرني. واقول: لم اقدر عليهم، كانوا ابناء عاهرات. كانوا اقوى مني. وتقول طبعا اقوى منك. ومن انت، انت لم تستطع فك سر علي الشلاه في مقهى الفينيق. واشعر بنزيف الاكتئاب وضيق صدري واضطر الى ملازمة البيت سبعة ايام وهي فترة الخلق والتكوين السومري. وعندما اشعر بازدياد مقدار التعاسة بسبب الاحتيال الذي تعرضت له، اذهب الى الحسينية، واشرح لسيد عبد مناحي سبب الاختناق ويقول: انت لم تخسر شيئا، بل عندك الان عشرة الاف دولار لم تتعب بها. رياض الجعب هذا انسان حقيقي وسبق ان ساعدني بنفس الطريقة. ويكمل مبتسما ، حسنا، ماذا ستفعل بالنقود، تذكر انه يجب ان تستثمرها. انا اقترح ان نعمل سوية، مارأيك ؟ واجيب: اتركني افكر. ويقول: لا وقت للتفكير، لاوقت للحصول على الاموال. انت جديد ولاتعرف القانون هنا. واقول اي قانون ؟! ويهمهم لسّن، كندا عبارة عن شركة ما عليك الا الحصول منها على الاموال. واجيب لكنها وطن جديد. لا تنس انها لفتنا يوم لم يلفنا احد، وانت كنت في رفحاء لاتجد ما تشطف به طيزك. ويقول بعصبية. فك، اي وطن، هذا ليس وطننا. هو مجرد بقرة نأخذ منها الحليب ثم نرفسها، صدقني انها ليست وطنا والجنسية لاتعني انها وطن. هم قادرون على سحب الجنسية منك في اي وقت،، وطردك. واقول له: مستحيل. ويقول: فك، اي مستحيل، انها بلاد الانكليز والفرنسيين، نحن حشرات فقط. هم علمونا انها شركة. انهم يحتقروننا ويحتقرون حتى حبنا لال البيت واسلامنا.. ماذا قلت ؟ واقول: بخصوص ماذا ؟ ويقول بخصوص استثمار المبلغ. واقول: لا ادري حقيقة، اشعر بالخوف. ويضحك ويقول: اسمع. تعال نشتري محلا. نشتريه بسعر التراب. انت بالاموال وانا بالخبرة وبعد هذا نحرق المحل ونحصل على التأمين ورياض الجعب يرتب لنا كل شئ. واقول، اريد ان استشير زوجتي. ويجن جنونه قائلا: لاتدخل النسوان في الامر، انهن ناقصات عقل ودين. ويكمل: لنتوجه الى كربلا الان، ساقرأ دعاء كميل ليرزقنا الله من حيث نحتسب ومن حيث لانحتسب. وينهض وانا معه ونتوجه الى كربلا ويقرأ ادعيته لمدة ساعة كاملة ولايحك خصيته ولا انا. ويقول ساجد المحل وساشتريه باسمك حتى تطمئن.
بعد اسبوع نجد المحل ونشتريه وزوجتي تلعنني كل يوم وتقول هذا حرام والله. واقول: هذا رزق بعثه الله لنا. وتولول: لا تجعلنا نأكل الحرام. واجيب: اين الحرام. ساجعلك مثل صوفيا لورين. وتقول: لا اريد اي شئ، اريد الستر وان نمشي قرب الحائط واقول: تبا. وتقول: لماذا تزرب بالبلد الذي استقبلنا بعدما طردنا من وطننا بسببك وبسبب حماقتك في عدم الكتابة لصدام. واقول: انت لا تفهمين بمجريات الامور، كلهم في الحسينية يقولون ان كندا بلد كفار وحلال علينا اموالهم واعراضهم. وتخمش وجهها وتقول: معقول ان تكون بهذه السفالة ايها المثقف. اين حشرت ثقافتك، في طيزك. الم تقل لي انك كنت تسمع باري وايت وديمس روسس وتينا جارلس وكان لك بنطلون جارلس ومسجل توشيبا تحمله معك في الزوراء، وتعرفت على لؤي حقي ولديك بناطيل كاوبوي ممزقة من الاسفل وفي غرفتك تعلق صور مارلين مونرو وجيمس لاست وفوكنر. اين ذهب جيمس جويس والاخرين؟ الم تكن تتغنى بالثقافة الغربية وتتابع المنوعات الاجنبية على قناة ٧ وتكرر: بسببك خرجنا من العراق وهناك متنا من الجوع والقهر واللوكية وحاربت في الجبهة ولم تكتب للدكتاتور. كيف تتحول بهذه السرعة. اين نذهب اذا طردنا من هنا؟ ويعلو النحيب واترك الشقة والاولاد ينظرون من فرجة باب الحمام ويغسلون افواههم ومعجون الاسنان في المغسلة والمغسلة مفطورة وطرمبة الحمام تشخر.
* *
اشترينا المحل، سيد عبد مناحي وانا. تم تسجيل الملكية باسمي. لبثنا شهرا او بعض شهر ثم حرقناه، جعلني سيد عبد احرق يدي ايضا وجزء من ساقي. اتصلنا برياض الجعب ورتب لنا هذا كل شئ، سريعا، مع المحامي صديقه. النسبة كانت ٨٠ ٪ عشرة لسيد عبد مناحي والباقي لي. صرت اشعر بالقوة والقرودة*. سهولة الحصول على الاموال تمكنك من الحلم. انها القوة، الاحساس الغريب والمذهل بالقدرة. تستطيع كل شيء، فهمت المدارك، فهمت نظرية الانسان ونظرة الاسترخاء، الاسترماء العظيم واللافوضى ـ وفمهمت لماذا كتب كثيرون للسلطة. فهمت ايضا قوة رعد بندر، تفهمت نوع نعله وتسلطه وهوانه الى الملك، وبنطلونه ولون طيزه ايضا. كثيرون لايفهمون معنى قوة ولون مؤخرة رعد بندر ـ انها نانونية التسلط. دولارات مأنوسة، وانت تدفع في محلات العري، من اجل تشمم التصورات الافروديتيه للمرأة، رائحتها. والسيد عبد مناحي يستحرم عاملات الجنس، كما يقول. واتوسله بلا انقطاع: اريد اروح للكحاب دخيلك. خذ بيدي الى السراديب كما في الافلام والمجلات الخلاعية. اننا معاقون، سيد عبد ارجوك، نحن الهائمون من هناك، حيث القوة الماحقة للصفر. وسيد عبد اطال المكث في بلاد الفرنجة، عرف دانيهم ونائيهم، وملح افلامهم وتعرف مجلات روح خلاعتهم. سيقودني خفيف الروح هذا الى قبو البصل، ساضع هناك الهام في كين - ليس لبنت ليل - انما عاملة جنس. وهناك ايضا، في لبث ملك ملوك العرب وانجب ساداتهم، في القفص الفضي والمنائر العالية والنطاسين والنعل والكشونجية وذروق الطير على قباب الضريح الوحيد في العالم، سوف ابكي. ابك كما كل العراقيين بعد البطل الثالث للبيرة. الايام غفلة والمواضع نائية، وما من وسيط الى مابغيت له وان الهتك هو هتك السر، وسرك لقالق ارتحلت باجنتها الى المضاء والصقالبة ولسان منحرف ووجوه مكنونة بالنور الجنجري والظلال المروعة، فليظهر برك كالنور وحقك كالظهيرة، في ذلك اليوم، امام ابهار الفرج وتقان صنعته وسحره الاعلى. يقول سيد عبد مناحي اسمع، عاملات الجنس هنا غير القحاب هناك. واقول لابأس، خذني. ونسير في شارع يونغ، نسير مثل وغف البيرة، حينما لم تسم السماء سماء، ولم تسم الارض ارض. ونصل في متاهات الشوارع مرورا بين ابنية الحجر والكلس والكنائس المخيفة، الصامتة، الى نزل عاملات الجنس. وندخل وتستقبلنا ثقافات الطنين والولع واللهفة. وتأتينا موظفة الاستقبال باستمارة. وانظر الى سيد عبد بيأس ويتناول هذا الورقة مني ويقول اسمع، عليك الاجابة عن كل الاسئلة هنا. هل انت جاهز. حسنا، ويبدأ:
الاسم الاول
الاسم الاخير
الحالة الاجتماعية
البلد
اذا كنت من دول الخليج الفارسي يرجى ذكر الحيوانات التي مارست معها الجنس
تاريخ اول ممارسة جنسية لك
اخر ممارسة جنسية
هل تمارس العادة السرية
مرة في اليوم
مرتان في الاسبوع
ثمانية مرات في الشهر
هل تشاهد افلام البورنو
ما رأيك بالسعودية وايران
الحالة النفسية
نوع الادوية التي تتناولها
هل تستخدم مقويات جنسية
طول العضو
اذا كنت تستخدم ادوية نفسية عليك تسجيل الاسماءمع ذكر المرض
هل لديك حساسية من نوع معين
المدة التي تحتاجها للانتصاب
هل تستخدم ادوية انتصاب، ذكر النوع
هل شعرت في يوم ما انك مطي
ما هو رد فعلك امام صراخ المرأة اثناء ممارسة الحب
هل لديك وازع ضميري
هل تتألم نتيجة ارتكاب خطيئة
هل يدفع انين وتوجع المرأة الى خفوت الرغبة الجنسية عندك.
كم تحتاج من الوقت للقذف
اذا كنت قد طلبت ساعة واحدة ولم تقذف فالوقت المضاف يحسب كاوفر تايم
يجب عليك استخدام كندوم يبيعه المحل ولا يقبل اي كندوم من اي شركة اخرى
اسئلة اخرى
هل لديك خبرة في التعامل مع متحسسات الاثارة عند المرأة
اسم طبيب العائلة
اذا كنت تشكو من اي عارض صحي يتعلق بالقلب/ الرجاء ذكر كل شيء
طول الجسم والوزن
نوع العملية الجنسية التي تحب
مساج جنسي
تعري باللباس او بدون للباس
نوع المرأة التي ترغب بممارسة الحب معها
هل سبق وان اغتصبت في طفولة. نبذة عن الموضوع
هل لديك وساوس قهرية
هل سبق وان اذيت حيوانا اذا كانت الاجابة نعم اذكر عدد المرات
اخلاء المسؤولية
المحل غير مسؤول:
اذا دخلت جهنم.
اذا اصبت باي عارض صحي او خدوش او حساسية معينة من الروائح المنبعثة من الفجاينا
عدم انتصاب عضوك
يحق لك تغيير المرأة وطلب رجل بدلا عنها، خلال الربع ساعة الاولى من دخولك الغرفة.
نصرم ساعة من نهار ونحن نترجم ونجيب ونلتاث ونحتبش بالهجاء الانكليزي. نقدم الاستمارة بعد الانتهاء وتقودنا موظفة الاستقبال بلباسها الداخلي المستور الى غرفة ثانية اكثر برودة وظلمة وصرير اسنان، وتضع امامنا اربع استمارات جديدة واسئلة. وفي الاخير ادرك انه ماعدت املك اعصابا، ويحدث شيء مثل الانهيار الاخلاقي والمعرفي الذي يصيب المثقف عند تغير نظام الحكم، وسيد عبد فاض به، وينهض واعصابه الى الانهيار. انها القوة الغاشمة للايروتيكيا، وانا في حالة تقلص، والاضاءة تتغير ورائحة الموكيت تخنق، لان لا نافذة. لكن الصمت عظيم، مستمر، ابدي، لا يشبه صمت بيوت قحابنا في سودوم عراقنا، كنعان. ويكفر سيد عبد كفرة كبيرة ويقول: كفى، فك خالاتهم. انهض، سادلك على مكان افضل، ما الذي تبحث عنه هنا. سنذهب الى لحم مرهوط وفرج مملوط، عراقي ١٠٠٪ وليس مثل العاهرات المتخشبات. واقول بتوسل لكني لا اعرف واحدة. ويقول لاتهتم، ساريك واحدة واقول: لا اريد تكرار تجربة ام حمد. ويقول: لا تخف انت معي. واتردد. ويتصل تلفونيا ونغادر و،، ونجد سهيلة بانتظارنا بمعية مظلة مطر، في باب عمارتها، لاتبارح انتظاراتنا وتفاجئ بي ويمتقع وجهها، ويقول سيد عبد: هذا حبيبي اسد. وبعد تردد تقول اذهبوا من المدخل الخلفي للعمارة. ونذهب تحت المطر، بعيدا عن اعين الخائبين والجياع لرمق شهوة الحلقوم عندما يتصاعد مع غصص الشهوة الانحرافية في سهل النار. وندخل ممرا، ونجد سهيلة تحت في القلق وتطالبنا بالاسراع لان مصالوة * سكنوا العمارة حديثا، ونسير في وابل الضوء على ارضيات قذرة. واقول لسيد عبد: سبق لي وان رأيت هذه المرأة في الحسينية؟! ويقول: هش، لاترفع صوتك. هي زوجة سيد نور المسؤول عن الفتاوى والحيل الشرعية. ويضحك كاتما ضرط الاست. ونتقدم وامامنا سهيلة تقودنا الى الشقة والصالة واجلس على الصوفة * ورائحة السمك المقلي تدمر المكان، او لا ينفع عطر ولا بخور. ويدخل سيد عبد الحمام ويغسل عضوه واقول له. لا تنسانا مولانا. ويقول: اصبر شوية. وتدخل سهيلة الحمام ايضا وتغسل عضوها المملوط. ثم ينزلقان والمطر على الاجمات وعلى حواف التنوب ثلج - الى غرفة النوم. واسمع رهسا وسيد عبد يجعر قائلا: اين الجي سبوت لخاطر الحمزة؟ وتجهد سهيلة وهي تقول: لا اعرف. والقطط في البناية المقابلة تنظر من النوافذ والستائر شبه مزاحة واشجار التنوب تهتز وسرعة الرياح تقارب ٢٠ كيلو متر في الساعة. ويقول سيد عبد: كان هنا في المرة السابقة. ثم اسمع اصوات اختناق وشبه ضربات سوط وجقجقة واحدهم يتفل. واشعر بالاحتقان واجعل ادور في مثل هبل واطرق الباب واقول: هل اتي؟ ويقول سيد عبد: دقيقة ابن النعال. ويوجه كلاما لسهيلة قائلا: هذا حبيبي. وانا انتظر، محتسبا وعجول الريح يزداد، واحتقان الخصية بهمن. ويقول سيد عبد: ممكن ياخذ راس. وتنفجر سهيلة واسمع لطمة وتقول: هل انا قحبة، هل انا قحبة؟ واصير اسمع ضربة ثانية، لكن صوتها شبه ضرب مخدة بحذاء، ثم يتبع كل هذا نشيج وسعال، ثم صوت تفلة قوية وبكاء مرة اخرى، ثم يعود صوت طقطقات متلجلجة، وتفوح رائحة مثل رائحة سفاد حمير، وتتمدد والمحها مثل الضباب تنتشر، واجعل اطرق الباب اخرى واقول: ها، اطب؟ فينبري سيد عبد: لم تقبل، اذهب الى الكومبيوتر وابحث في الانترنت عن موقع خلاعي اسمه دبليو دبليو دونت كوم، واضرب جلق. واترك الباب والاحتقان تحت البنطلون يتضخم وظلي يتمدد الى ما وراء الستائر واقف امام الكومبيوتر واقول صارخا: اني لا اعرف هذا النظام. ويجيب السيد: انه فقط وندوز ٩٥. واجعر: لا اعرف الا هذا الخراء نظام ام اس دوز. ويطلق سيد عبد كفرة. وسرعة الريح تتجاوز الثلاثين ثم تتحول الرائحة في الشقة الى رائحة قرود، واشعر بالعصاب الجنسي يضرب راسي ويكاد ينفجر و“خاصتن“ الكمرة، ويسيل المذي والدربكة ورعد بندر* يلقي قصيدته ولؤي حقي يطرد من رئاسة الجمهورية. وتتحول الدربكة الى ضجيج متصل واسمع في همهمة الاصوات وبحتها والحشرجات والاختناقات والطقطقات، احدهم وهو يطرق بقوة على الباب الخارجي. وافتح واجد امامي سريلانكي بوزرته المقلمة وفانيلة تعلاقة بيضاء * وهو يقول بعربية فصحى: كافي دم دم دم. واقول انا ايضا بعربية عظيمة: هذا يسوي فيكي فيكي. ولا يفهم السريلانكي. واقول له هل تعرف رعد بندر. واغلق بوجهه وانزع سروالي وامارس الاستمناء والبنطلون على الارض وامسح بحافة الاريكة والنقاط المشعة على الارض احاول ازالتها بحذائي، لكن المكان يلوص. ثم انهض واطرق باب الغرفة ودون انتظار افتحها ويقول سيد عبد: ناولني تلك الخرقة. واناولها اياه وتصرخ سهيلة: لا، هذا لباس سيد نور. وتناولنا لباسها الداخلي بدلا عنه، ويمسح سيد عبد عضوه مركزا على الكمرة وكمرتي يسيل منها المني مرة اخرى، وسهيلة ايضا وبذات الخرقة تمسح زرورها * والجي سبوت ورائحة البول تملأ الغرفة وزغب شعر عانة سهيلة اسود يلمع لكن جزءه العلوي محلوق حديثا بالموس. والريح صارت عاصفة واشجار التنوب تنحني بشدة ولا يمكن تخيل رعد بندر هنا.
نخرج من البناية وسيد عبد يتعرق ومؤخرته ايضا ولم تنفعه البوطرة ويمسح جبينه بكم سترته والزرازير على الثلج والمطر المتكتل تحول الى هباء وسرعة الريح تثني قمم التنوب واشجار القوغ تتمايل. واستفسر عن السبب الذي جعل سهيلة تجنح الى ممارسة الجنس مع الاخرين. ويجيب سيد عبد: هذه قصة معقدة. ويتبع باستنكار: لكنها لا تمارس الجنس مع الاخرين. انما معه فقط، وهذا لعدم اساءة الفهم. ويستل سيجارة ويدق طرفها على ظهر كفه الاخرى: هل تعلم انني استر على سهيلة. اذ لو اني لا انام معها، فانه يمكن لها ان تتحول الى قحبة، ولا اعتقد ان الضمير والدين ونسبي يسمح لي بهذا. ويتنفس: عملي الديني، ان امنع اناثنا من ممارسة الرذيلة، وقد استحصلت فتوى بهذا الخصوص. واتساءل: هل يعقل ان تكون هناك فتوى في هذا الامر. ويجبني: انا لا اعمل شيئا في حياتي دون فتوى. اذا كان هناك من ذنب، فإن المرجع يتحمله. عملي هذا من باب دفع الضرر والتقية * هل تفهم هذا؟ واستفسر ان كان سيد نور يعلم بالامر. ويقول باسترخاء وراحة تغمر وجدانه: سيد نور هو الذي اقترح الامر، وهو الذي وجد الحيلة الشرعية. اسمع، سيد نور لديه مشكلة قديمة لم يتمكن من حلها. انا مضطر لاماطة اللثام عنها. هو بصراحة يحب المطاية، ولا مطاية هنا. أهل سيد نور زوجوه للتخلص من هذه العادة البائنة، للاسف ما كان العلاج مرضيا. الان يزور سوريا بين الحين والاخر لاجل هذه المشكلة. ويكمل: يجب ان نتحمل هذه المسؤولية وانا بالذات مسؤول عن احباب آل البيت وعلي حل جميع مشاكلهم، لا تنس انني سيد* ولي سهمين وللناس سهم واحد. ثم تدمع عيناه ويمخط. واقبل رأسه ويتوقف عن البكاء ويقول وصوته يتغير منطلقا من البكاء الى التأمل والنظر الى السماء. ما الذي يمكنني عمله مع هذه المسؤولية، يجب ان يستر بعضنا بعضا. هل تتصور ان العملية سهلة؟ لا، انا متزوج من بقرتين وعلي مسؤوليات سريرية كبيرة، ورغم هذا اعمل هذه الاشياء قربى لال البيت عسى ان تنفعني حسناتها يوم نعرض على الحسين. رغم اننا لا نعرض على المحاكمة يوم القيامة، لاننا نشفع في الناس ونشفع لاتباعنا.ونسير دقائق واسأل: ان كيف استطاع الزواج باثنتين في كندا. ويقول: هن لسن زوجاته امام القانون. هنا يوجد شيء اسمه (سنكل مام) وتعني انه ليس بالضرورة ان يكون للمرأة زوج ليكون لديها اطفال. والاثنتان الان تاخذان معونة العاطلين على العمل وانا مثل الديج*. انكح وهن يحبلن والحكومة وتدفع لهن ولاطفالهن. ويكمل: اسمع، هل تمتعت * هنا. واقول لا. ويجيبني: ماذا تنتظر،، اسمع، الله يحبك اذ وضعك في طريقي. هنا نتمتع بالنساء، بالاضافة الى الزوجات. انت تعرف ان مسألة النوم مع الزوجة لعشرين سنة تجعل الواحد زمال. اقصد لا يحس بلحم زوجته، ودرجنا هنا على الخوف من التمتع بنساء غريبات. في السنة الماضية اضطر احد الاحباب الى التمتع بامرأة اتضح فيما بعد انها مصابة بالايدز. مذ ذاك اتفقنا ان نتمتع بنساء بعضنا البعض، اعني ان يتنازل الواحد منا عن زوجته للاخر ولمدة معينة. والحمد لله لم نصب بأي مرض. واقول لكن هذا غير معقول.. وينبري سيد عبد، ليش غير معقول؟! حصل لنا سيد نور على حيلة شرعية بمساعدة احد المراجع. شرحنا الاسباب الموجبة وجاء الحكم بالسماح مع الوجوب احتياطا، المهم ان تكون النية سليمة، ثم هو من باب دفع الضرر يا اخي. انت لا تعرف النساء هنا. كل واحدة من المجموعات الاثنية تحمل امراضا معينة. الصينيون يحملون السارس والفيتناميون يحملون جينات الفئران لانهم ياكلون الفئران والهنود يأكلون القرود والكوريون ياكلون الكلاب والافارقة ياكلون كل شئ. لذلك هنا باستمرار امراض تنتشر. من حسن الحظ انك تعرفت علي قبل ان تتورط مع امرأة غريبة. واقول في سري: فعلا يا اخ القحبة... اكشن.
الفصل الثامن
يحدث في سكاربورو الان، لا شئ عادي، لا مهم، لا شئ متوهج، بل باهت. الثلج فقط يهبط، بكثافة، متلاثما مع الرؤية، مثل فراشات مفتتة، مثل ديوك تئن، بعيدا عن الشمس، قريبا من العاصفة. لا قرابين للالهة. انا الانوناكي* الكاتب، لا سماء هناك انما اصوات مخنوقة في فضاء من ذرات متوهجة واصوات يمكن ان تكون قنابل، لكن هذا يحدث ولا ريح هناك ايضا، غيوم بلا ملامح وبلا نهاية، بلا ذاكرة ايضا، داكنة وخرقاء، تخترقها جوقات مشتتة، غربان بمناقير مفتوحة فوق ساحة حرب، وللتو ترتفع اشجار تنوب من حلمي، تعوم هازئة لا باكية، يحدها قوغ عار في الارجاء. فئران تقبع في المجارير مثل الخنازير، الغيوم ايضا.كل الاقوام البشرية، كل المخلوقات الحزينة في هذا اللوغوس ترتجف، منتصبة، ذقونها هاطلة ، تبك ببراطيم وبلا براطيم. فئران مسلوخة الجلد تهرب من شقة الهندي المجاورة وتقتحم شقتي، تخرج برغم الصقيع من فتحة خروج انبوب حوض غسيل الصحون. تنتشر بلا مودة في الشقة. لاموت، لاعزاء. زرازير تغفو على اسلاك الكهرباء، المشدودة في الثلج، تستيقظ هنيهة لتحك اجنحتها، وتغفو من جديد. السريلانكيون النبلاء يتراكضون مثل الواح خشبية داكنة على الثلج. التويجات العارية لوردة لم تنم بعد في نافذة مطبخ يطل على شارع. باصات النقل بيضاء بخطوط حمراء ووجوه قاتمة، بلا ملامح، مسحوقة ومعلوكة تتجه الى المصانع من اجل الدولارات. انا امام النافذة ادخن. عاطل، عضوي، بلا نرجسية. لاكاتب بلا نرجسية. لا اكتب، انا الانوناكي، لا حانة جعة ولا بغي على قارعة الطريق.
انا عاطل امام النافذة ولا ورود في الشوارع، الموتى فقط. كل شئ يحال الى الموت.لا بأس، سنمارس الجنس الفموي مع الفئران والقطط. ثلج وسخ وكلاب في مهاجعها دافئة تهر، والقطط ايضا، بلا مواء امام النوافذ وبلا فئران للتسلية. السريلانكيون بقاماتهم الضئيلة لا يزالون في الشوارع تتبعهم جوقات الهنود والبنغاليون والزنوج من بلدان افريقيا. من العالم الماورائي، النكرة. بومباي، كينيا، برازيل، لا رجال بيض من نيو اورلينز، او مسيسبي او من نوفا سكوشيا، لا شُقر في العاصفة. فهود خشنة بعضلات وبراطم مخيفة، سوداء ونساء من العالم الثالث بمؤخرات بشعة وملابس داخلية بالية . اني فزع تماما من فكرة الموت او لا افق حتى للكتابة، لكن الموت هنا بين الجدران والعاصفة، ولاعاصفة ولاريح، الهواء بارد يصفع النوافذ والزرازير اختفت. اين هربت، العصافير المنيوكة. قحاب، عاهرات. الاشجار وحيدة وكئيبة، راضخة بشكل مجحف للمصير، لا مصير. لا يمكنني التفكير. كل شئ عادي في سكاربورو.
يصلني اتصال من سيد عبد مناحي. اغادر النافذة. سيد عبد يستفسر ان كنت قد حدثت الحرمة عن الموضوع. اقول بنفاد صبر، اي موضوع. يقول، فك، هل نسيت، تبادل الزوجات. الزوجة تعد طعاما للاولاد، ماكنة القهوة تشخر وصوت هروب البخار يتمدد في المكان، لكن كل شيء عادي. هناك خطأ ما في هذا العالم. انا مبتئس ونظرتي كانت التقييم الخاطئ منذ ا ن لم اكتب للسلطة. لاني خسرت نفسي وخسرت العالم. الان، هنا، اقف كبوم على الاسلاك، احكي للزوجة عن فكرة الاباحية الطافية على سرافيمات عقلي، تقشعر وتنظر الى وجهي غير مصدقة. اقول ان سيد عبد اقترح ان ننضم لناديهم، الفكرة ليست سيئة، مو؟ لكن زوجتي ترفع نعالها وتسفع به صفحتي. اقسم امامها، انها فكرة ضد الملل. ولتحصين انفسنا، واشرح عظمة الانتماء الى مخزون اليأس القابع في اجسادنا. انها ثقافة، نوعا ما، بل هي الثقافة الحقيقية. لكنها تصرخ وتضربني هذه المرة بكفيها وتقول: اخرج، اخرج الان. احتملت مافيه الكفاية، جنونك وثقافتك وسخافتك الى الطهارة * واحاول اعادة الشرح، لكنها لا تسمع وتقول: ابن كلب، ابن كلب وديوث، اخرج من الشقة الان. والاولاد ينظرون. واعقب قبل ان اغلق الباب: فكري بالامر. وتنفجر مثل قذيفة. وعلى الباب اقف كتمثال وانا اسمع ضجيج البكاء وتقول: إن لم تخرج الان، ساتصل بالشرطة.
اقف خارج البناية شتيتا، نحن لا نسير في الزمن، الزمن هو الذي يسير.. ازحف امام حاويات الزبل.البراميل حزينة، مائلة، ومتوحدة. عجائز شهود يهوه تحت وابل الثلج يحملون مجلاتهم، يتوسلون ان تفكر في مصيرك.
في ليلة غامقة مثل هذه يرين علي شعور الغرق وبأني من اغبى الرجال. سرت نصف ساعة وفكرت ان اتصل بسيد عبد. وجدت محلا، ما ان دخلته حتى هش بوجهي البائع الصيني، وعندما اتجهت الى التلفون، انقلبت ابتسامته الى خراء. قلت لسيد عبد طُردت من البيت. اسمع لا ادري اين اذهب في ليلة الخراب هذه. ويجيب ، سارتب لك مكانا في الحسينية. انتظرني، اوك، شت. اسمع، لماذا لا تحكي معها مرة اخرى. واقول انها لاتريد ان تفهم. ويتساءل هل قلت لها انه حلال. واجيب:نعم، قلت لها كل هذا الخراء. ويقول سيد عبد: اسمع يجب ان تتوتي * لها، الكلام الناعم يخرج الحية من الزاغور. تخلى عن سلبيتك، تكلم معها بقوة وثقة، لاتقل لها انك مثقف او عضو تناسلي او ما شابه. النساء لا يعجبن بالمثقف، انما بالقوي. شخصيا لاياخذ مني امر اقناع انثى ازيد من عشر دقائق، حتى لو كانت ام المؤمنين. اسمع نحن نتمتع الان. اتكلم وفي احداهن انفي ، لو امكنك اقناعها، سيمكنك وضعك انفك انت ايضا، اوك، شت، اذهب الان.
* *
فكرت بنصح سيد عبد، على انه فرصة للتخلص من الزوجة والاولاد. لايمكن لمن يريد ان يكون كاتبا ان تكون له زوجة واولاد. كل هذه الاشياء هي اعاقات ذهنية. ثم ما النفع من الزوجة، انها لاشيء، يمكن الاستعاضة عنها بالعادة السرية. لو ان كل رجل نكح يده، لسارت الامور على اكمل وجه..
سرت مسافة قصيرة ورأيت هنديا يتقيأ وصاحبه يكرط الجبس. ادركني شعور اني اعيش في بومباي وليس في بلد انكليزي او فرنسي. ثم حدث ركض وجلبة وتطايرت نعل على شيء ما، ثم سمعت استغاثة،، ثم هدوء.. عندما كنت تسافر الى انكلترا سابقا، كنت تشعر انك في انكلترا فعلا. الان خراء. اينما تذهب تجد انك في بومباي او كلكتا او مدن الصين. اني اشفق على الحياة والعولمة التي ازرت بنا. يوما ستضيع الحدود والمدن والتراث والاصالة.. الطقس ٤٠ تحت الصفر. دخلت محل ستاربكس. كل شيء يجمد بما فيه مؤخرتك. درجة - ٤٠ درجة غريبة. في البدء لا تحس بالبرد، وفجأة يتجمد انفك وتحس بمؤخرتك لا تتحرك. الشيء الوحيد الذي يبقى متحركا دون هوادة هو ذاك الذي يسمى الضراط، الضراط لا ينتهي، انها سنة الحياة. احدى البحوث تقول ان المرأة تضرط في اليوم بحدود عشرين مرة. حسنا، هذه البحوث اجريت عل الجنس الابيض، فماذا عن الهنود ونحن. اخذت قدح القهوة وانزويت، افعل ذات الاشياء منذ ان كنت في الجامعة. من مكان الانزواء تستطيع ان تراقب العالم، انها متعة تجسسية كبيرة ورثناها عن الانظمة الخرائية في العراق. مرت عشر دقائق وابن الهايمة لم يصل. حاولت في هذا الوقت الانشغال بمراقبة البشر. فكرت ايضا بالطريقة التي ساكتب فيها كتابي الاول. اشياء عديدة تمر في الذهن. انها لاتمر، بل تكتسح. الفوضى والاضطراب هما سمة العصر، سمة الحضارة الراكضة المتهيجة.. الوقت يمر بطيئا. لم احمل معي كتابا، ثم ما حاجتنا الى القراءة اصلا. فيما كنت منشغلا، وصلت امرأة مع طفل، تشي ملامحهم بانهم من اوربا الشرقية. اقتعدت المرأة - مع ابنها - مكانا مقابلا. كانت تنظر باسترخاء الى الطفل وهو يقلب قطعة الكيك، منهكة لكنها تبدو سعيدة. عندما بدأ الطفل بالتهام الكيك اخرجت من حقيبتها كاميرا صغيرة، سوفيتية على الارجح. دفعت بقدح قهوتها امام الطفل ثم ادارته لتكون ماركة ستاربكس مواجهة للعدسة. ستذهب هذه المرأة الى البريد، وسترسل الصورة الى اوروبا الشرقية. ستشاهدها العائلة هناك، والغالب انهم سيرسلون بطلب القس، سيصلي الجميع بمعية القس على مائدة العشاء ابانا الذي في السماء، لان ابنتهم وصلت كندا، وتعيش الان ترفا. ستبكي الام والقس يقرأ في اعمال الرسل والاب يلف كتف زوجته ويضغطه. لكن البنت هنا تعمل ١٣ ساعة في اليوم من اجل اقامة الاود ودفع الفواتير، لكنها تستمر في ارسال الصور السعيدة، وسيستمر القس في الصلاة وستستمر الام بالبكاء والاب يلعب القمار. الافغان ايضا يفعلونها لكن بلا قسس ولا اشعيا، شاهدت واحدا منهم يلتقط لنفسه صورا امام رفوف السجائر، فيما يعيش في ربع غرفة ولا يستحم ابدا موفرا الشامبو. الحياة رائعة وعظيمة وجميلة جدا ايضا وتنكحك كل يوم الف مرة..
يصل سيد عبد بمعية حيواناته الصغيرة ويقول اصعد، فشلت اليس كذلك ؟! اوك، ساذهب بك الى الحسينية، تستطيع ان تنخمد هناك، ويقود بارتباك ويقول ناولني سيجارة، اعصابي محتركة، لو لا ستر آل البيت لكنت دعست عجوزا بيضاء. عبرت هذه القحبة دون الانتباه لسيارتي. لو لم تكن هناك كاميرات لخبزتها وارسلتها لجهنم، لعنة الله عليهم. واشعل السيجارة واقول كيف كانت الحفلة ؟! ويضرب مقبض القيادة: الحمد لله ، نكت اربعا من النساء. واستفسر ان كيف تم معالجة الامر دينيا ؟! ويجيب: هذا مايسمى بالحيلة الشرعية، اتزوج واحدة لربع ساعة ثم اطلقها وهكذا يفعل الاخوة ايضا. واقول: عظيمة هي قدرة الانسان. ويلتفت الى وجهي وتلمع على انفه الكبير اضواء الشوارع، وما ان اصل الحسينية حتى اتجه الى المراحيض وامارس الاستمناء متخيلا نساء سيد عبد واكوام اللحم.
* *
صباحا يأتي سيد عبد حاملا معه استمارة طلب بطاقة الاعتماد (الفيزا). يقول، انه سوف يملأ الاوراق بنفسه. سيكتب أنني اعمل في الحسينية، لان الحصول على الفيزا يتطلب ان يكون لي عملا. بعد توقيعي الاوراق، يبربر انه سيمنحني نسبة جيدة، لا تقلق، اوك، رياض الجعب سيرتب لنا مع صديق له في احد البنوك. بعد ان نسحب مبلغ البطاقة نتجه للحصول على قروض. اوك.
تصلني بطاقة الاعتماد بعد اسابيع، ورياض الجعب وسيد عبد معها. انهم ابناء كلبة ، وبعيون شائهة ولعاب يسيل، يقول سيد عبد لنذهب الى البنك ونسحب مبلغ البطاقة، بعد ذلك نتوجه الى صديق الرفيق الجعب في بنك اخر للحصول على قرض. اشعر بشبه شوكة تنخسني بمناخس وعيون الخفافيش تتماوج في الفضاء. اذكر للجماعة اني اشعر بالخوف ويقول الجعب: لا تخف كل شيء قانوني، فقط انتخ ابو الجوادين، اوك، ستخرج بمبلغ محترم. نترك الحسينية ونتوجه الى البنك. وفي الطريق يمد يقبض سيد عبد على سكسفوني،واصرخ بصوت مرتفع: ما الذي تفعله؟ ويقول سيد عبد ، من باب الميانة لا اكثر، اذا شئت العب بمؤخرتي. واقول لا اريد ، واقول اكره هذه الاشياء ويقول هو: لايحرم هذا في الفرض والله العالم، اليس كذلك رفيق رياض. واقول ليس مسألة دين ويقول هو. ماذا اذن. واقول الموضوع اكبر من هذا ويقول هو. لاتكلبها ثقافة، كلنا يفعلها هنا. واقول اين هنا؟ ويقول: في المسجد،يا اخي هذا ليس حراما. واقول: اسمع اترك هذا الان. انا خائف. ويقول هو: كن رابط الجأش. فك. لا تخربط علينا الامور في البنك. انت لا تتكلم. اوك، اترك الاجابات لرياض الجعب، انت لا تفهم الانكليزية الامريكية. ويناولني لفافة ماريونا ويقول:هذا يساعدك. واشهق نفسا ويتناولها الجعب، ويشهق بدوره ثم تعود - اللفافة - الى سيد عبد. ويشغل مسجل السيارة ويجهر باسم الكربلائي ويرتج زجاج السيارة وترتفع لدى سيد عبد فوبيا الحنين الى الوطن، وينفجر نوحا، ثم ينهار باكيا. واخرج انا راسي من النافذة واستفرغ ويقول سيد عبد: ساموت بلا عراق، اني اختنق هنا، والجعب يقول: الف سلامة سيدنا. ويعلق سيد عبد ماسحا باسفل المقعد، لكنه العراق رفيق رياض، العراق. سقى الله اياما كنت انيك فيها كل يوم فرخا ، ولافروخ هنا، حبيبي يا وطن. هل تتذكر رفيق رياض *، هل تتذكر ايامنا هناك. ويقول الجعب: نعم، كنت كحفا* تبيع اللبلبي وفطر قدمك ينام فيه العقرب. الان، صرت سيد والمسؤول عن الحسينية واموالك بلا حساب. وياخذ سيد عبد نفسا اخر من الماريوانا. ثم يزأر مباغتا صيرورتنا ويبدأ اللطم على صدره ورأسه يشبه عرموطة * لا شرقية ولا غربية، ثم يميل برأسه ويتقيأ على الارضية والكير * ويكفر الجعب ويقول: لم تفعلها دائما وفي نفس المكان. والسيد يستمر في الزواع، ونصل البنك ونترجل ونمسح القيء من على قمصلة سيد عبد ويبحث هو بجنون عن سبحته ويقول اريد ان اخذ خيرة* ويكفر الجعب مرة اخرى ويقول الم نفعلها عشرات المرات. لكن سيد عبد يبحث بجنون ويقول: اين هذه السبحة القحبة ؟ والجعب يواصل الكفر ويصل به الى سدرة المنتهى. ثم ندلف الى البنك زاحفين والبنك امامنا يترنح والباب تختفي، ثم تظهر وهي تلمع وفوقها غيوم حمراء ولقالق وثعالب تبول وكلاب قرب الاشجار . ويستقبلنا موظف باكستاني كل مالديه في الخلف شيئ لا علاقة له بالمؤخرة. ويقودنا هذا كاننا كلاب الى حجرة وابناء الكلبة معي والدماء تنقط من انيابهم ، ثم يدخل الجميع على الفور لعبة المخاتلة والتراجع والتقدم وكانما هي الحرب والاشباح والطناطل والسحرة والحيوانات الخرافية والانياب التي تنبثق من الظلام والهمس وتكتكة الكومبيوترات والعيون المبحلقة والوجوه المشروخة التي ضربها العباس واصيبت بعطب العصب والشرجي، ولا شرجي غير الباب الشرجي وكل ما هو اتٍ ات، وهنا أُتينا المخدرات ورائحة المريوانا وجيفة سيد عبد وجيفة خصية الرفيق رياض الجعب وهي تتراص وتتكابد وتتراكم وتلتهب وتتمعج وتخرج من حافات المقاعد في غيبوبة الوعي والارتعاش وتقزم الاصابع وتمزق العيون والشبكات المعالجة للمعلومات. وبعد ساعة كونية ونهاية الارب وبداية القمر واسوداد الوجوه والشمس خلف جبل قاف وقص الاظافر واللعب بالانف ولصقه بمقعد الكرسي والبصاق في علبة النفايات. ينفرج فم الموظف عن ابتسامة والجعب وسيد عبد يحدقون بدورهم ويقول الموظف: الحمد لله، مبارك لنا جميعا..
ننهض والجماعة يشربون القهوة في كعبة البنك، ويُحول الى حسابي مبلغ القرض. واكتب صكا على نفسي، ويتناهبه الجعب، ونهرب مثل اللقطاء الى بنك اخر وموظف اخر ويكمل لنا الجعب كل شئ، كل الاتفاقات، كل التوكيلات، ونستلم القرض الاخر. وفي السيارة حيث يجلس قربي سيد عبد في خوف الفكرة واضمحلال القمر، يناولني لفافة الميروانا واشهق نفسا عميقا ويحدث شئ ما في عقلي وكأن يسري في ما هو خفيف جذل، وتعوي العاويات في حاضرات المدن وفي المطارات والطائرات والشوارع بدورها تعوي ويتراكض البنغاليون في الزمن، الضوء، الضياء، للمطر والغبش الطباشيري للقمر هاربا نائيا باتجاه اسياخ الكهرباء المسلوخة المتخمة بملايين الزرازير المنتظرة والطير المبلولة وريح البول البارد في اقبية البيوت الخشبية وتساقطات المطر من السقوف وعلب القمامة المربعة وجذام اعقاب السجائر وحقن المورفين المستعملة قرب حيطان بلادات العقل الاول النوعي النمطي، منذ تأسيس العالم الخطأ، متناسين عن قصد الرغبة الشريرة في التماهي مع العمائر المبلولة وقبعات البيسبول الوسخة، تتلاقح وحدها في العاصفة وكرات البيسبول ايضا في المجارير المنفجرة بالغائط المتحول في ضوء البلازما والبكتريا الى سماد الحدائق ورائحة التراب الاسود مع زخم الهروب الى النثيث الثلجي والحقن الشرجية والجنس الفموي العراقي وعلم المدركات وتماهيه في ثورة الوجدان والفلسفة الاغريقية وتعاليم طريسميجيسطيس *وعلم الروح والتسفين في طلسم الوقت والزمن النسبي وسرعات مجهولة وكلاب تركض في القر مع الهنود والسيرلانكيون سود والسود تفس وقطط تقف في نوافذ البيوت الكئيبة الاضاءة ومداخن منهكة من زمن الفحم الحجري ومدافن لاموات ماتوا من الضحك في بلدان غير بلداننا لاننا في العراق نموت في الموت واللطم والنباح على الاموات لاننا في الفكرة من الاموات وسؤال منكر ونكير وجوع وعري وتوسلات للاحياء بذبح الذبائح ووئد المؤدات ونكاح الارامل وتفخيذ الطفلة وجواز مجانسة الابقار والمطاية مع عدم شبهة الانزال وملامسة الزانية وتقبيل راس القواد بالشوارب الطويلة المخيفة الشبيهة بشوارب البعثيين قبل اهتبال صدام حسين السلطة، ويوم كان الرجال رجالا والنساء نساءا وقبل ان نتحول الى بلد البله والركض خلف تفلة السيد لانها دواء لكل داء، ونبول مثل البعران ونشرب بولنا اللفظي المعنوي والعقلاني ومنذور كل العمر لعيون ابو هيثم * ويا كاع ترابج كافوري * وفوت بيها وعا الزلم خليها والزلم شردت بعد ان شبعت من الجوع والموت والحرب الرعناء والحصارات الشيطانية ونِيكوا مثلما تناك الدابة، وبعد كل معركة تبتر الاعضاء وما كان ذاك وقت الفياغرا ولا محلات الحب كما في بلاد الكفار ولا افلام جنسية لانهاض مالم ينهض. والاسرى المساكين الذي تركوا العراق وبعد مليون عام من الاسر واللاحب في بلاد المجوس ماعادوا يجدون في العراق العظيم لقمة ولازوجة ولا عائلة ولابيت ولا زريبة. وفي النهاية خسروا حتى العراق كاسم ووطن ناهيك عن بيوت الطين والصفيح. ولم يجدوا ادوية نفسية ولا مرحاضا عاما في العراق. ثم بدأت الحملة الايمانية واغلقوا العقول والافواه والحانات وديحوا القحاب في الشوارع بلا ملجأ ولا بيوت اذن ان يرفع فيها جمالهن والكيوليات القبيحات المبتذلات في بيوت النخبة البدوية الهمجية المبتذلة يرقصن. ونحن نقرأ القرآن والقحاب يقرأن والموتى يقرؤون والاحياء يبيعون كلاهم ودمهم في مصرف الدم والجوامع تنشئ والصوامع تفرغ والموتى يسيرون بامراضهم والاحياء بموتهم ومن اراد الله به خيرا فتح له جحيم الرحل والترحال الى الاردن لينام في الساحة الهاشمية، في بيت قمر بني هاشم والسيد الرئيس الهاشمي ايضا، يحدثنا كل يوم في خطابات مجهولة الفهم والنهاية والمصدر والمعنى عن الوعي في تحشيش بوهيمي عن ابراهيم والانبياء، وحمايته يمصون دماء الشعب، وعدي احد الليثين يستورد لنا كل شيء بما فيه كس خالاته. لان يهوه لم يعد هو الله ولا الملائكة عادت الملائكة ومدينة الثورة تزحف على الخراب البدوي الصحراوي بالقديسيين والعمم والاولياء والمحابس والخوشية في زمن التيه المنغولي الحيواني المثلث. ولا عرق في الشوارع ولافودكا، لاننا كنا نعد العدة للانخراط في فدائي صدام بعد ان متنا من الجوع، ثم تطوعنا في جيش القدس وفلسطين من النهر الى البحر. والرئيس يستمرفي خطابه عن ابراهيم الذي من ذريته كل ابناء القحبة والمناويك في هذا العالم. وفي البيوت، بيوتنا المكونة من ثلاث حجرات صارت تتناسل العوائل جيلا بعد جيل وصرنا اكثر من ثلاثين فردا في البيت مع النساء والاطفال والاحفاد وابناء الاحفاد والارامل ولا عبو النرد والمكبسلين، والمطلقات وابناء المطلقات اللاتي رجعن الى اهلهن والسيد الرئيس يبني قصوره قائلا انها قصور الشعب ويبتسم في وجوهنا كل يوم مستدركا، انه يبني قصورا لتشغيل اليد العاملة ونحن كغنانيص في الوطن ومن كانت له مدفئتان صارت واحدة، ومن الكهرباء انتقلنا الى مدفئة الغاز ومنها الى الكيروسين ثم منقلة الفحم والفحم نسيناه هو الاخر مع لحم السمك ثم الدجاج والغنم وقبلنا بلحم الهوش والنطيحة والمتردية ومنها انتقلنا الى الفشافيش ومن الفشافيش الى الامعاء ومنها الى العظام بقليل اللحم ثم العظم المقشوط قشطا ما انزل الله به من سلطان، لكنا سلقناه وشربنا محلوله ومنقوعه. ثم استعصا علينا هذا ايضا، لان مشغلي الاموال الجدد اخذوا يشتروه لكلابهم. واستعضنا عن الفحم بالاشجار وما ترك السبع والقطط رحلت الى السماء دون صغارها وصغارها ماتت مع الكلاب، ولم نضطر ونحن نموت ويموتون، لاكل الخنزير ولحم الديدان كما الهنود. وفي هميم اصطخاب احتضارنا الجسدي والروحي والاخلاقي وهلعنا وقلة حيلتنا، لم نترك صوما ولا صلاة، رغم كفرنا بالسماء كل دقيقة، ولم نتخل عن اخلاقيات عدم قلب النعال الى جهة السماء، والطير هجر والعمائر ذوت والوجوه بليت ومن اتقى الله جعل له مخرجا الى الاردن ومن الاردن الى ليبيا دون المرور بمصر لانها اغلقت الابواب بوجه حرماننا وجوعنا وجائحتنا، ثم من تمكن وقدر سافر الى اليمن السعيد وعاش كما عاش شاعرنا فضل جبر بين القات ومزارع العسل وجحور الجن والامم المتحدة تتوسل: ان بيعوا نفطا لتطعموا الارامل والمساكين، والمؤلفة قلوبهم في القصور وفي طرقات الثقافة يأكلون الدجاج في المطاعم، ولنا شبهة الفلافل ولهم هبيط الغزال وترف القوزي. ويقول العالم صدروا نفطا لتأكلوا وداووا مرضاكم، لكن والرئيس عنيد لايصدر النفط، لكنه يمنحه الى الاردن والاردن تصدر قوانينها بعدم تشغيلنا، ويشغلون بدلا عنا كل من هب ودب من العجم والافارقة، ومن حالفه الحظ ولقي عملا ناكوا خواته ولم يمنحوه حتى نقود وجبة فلافل في مطعم هاشم. فالتجأنا الى الطنطات، في بيوت اذن ان ترفع فيها صور السيد الرئيس. والقوميون يسبوننا جهارا نهارا في الشوارع والاندية متهميننا بالخيانة وترك القائد مع شبليه. ولم ينفع نيك ان نشرح لهم، ان القائد حط رحاله منذ ان كان حيمنا، في فلسطين. وهو يضحك عليهم وهم يضحكون عليه، وكلهم يضحكون علينا. لكن النفط يتدفق في كوبوناته العظيمة لكل القوميين العرب الذين اشتروا كل عاهرات الشيوعية في بودابوشت وعاهرات باريز وبنوا قصورا، واسسوا بيوت ثقافة للعرب العاربة والمستعربة. ودفع الرئيس كل الاموال لهم ايضا لينظموا قوة لمعارضة التطبيع مع اسرائيل وجعلوا لايشترون بضائع اليهود، انما يستثمرون اموال - اليهود - في مصانعهم، وبعد ذلك يشحنون كل شيء الى العرب، لكنهم - للامانة - مقاطعون.
وعند هذا الحد اعلن اني لن اموت مثلما مت في زمن صدام حسين ولم العب لعبة ادب المعركة ويكون مقر عملي في جريدة القادسية، ولن اموت موتة اخرى مثلما فعلت عندما لم انتم الى الشيوعية العراقية لاستفيد من الية اشهارهم واعلاناتهم ومؤسساتهم ومؤتمراتهم العالمية ومثلما نفخ في اخرين ـ لاني قررت الغباء واللاانتماء الا الى نفسي دون رهبوت رحموت الاحزاب والاديان والعقائد، لان ما من شيء الا هباء، لكن من يحكم الصلوة والفيزياء الكمية والفلسفة هو الهباء والعدم والفناء وتلك كانت خطيئة عظيمة لمن يبغ ان يكون شاعرا وكاتبا عالميا وعربيا - وهنا سوف ابحر في بحر القدرة وبحر النفاد وبحر السيطرة وبحر الرحمة متلامسا مع خشب الزوارق الارجوانية في رحلتي الى السماء الاولى. لان الحروب دمرتني وهنا الفرصة مواتية لبلوغ الشيطان، لبلوغ زهرة بنت الصبح والضوء المبهر القادم من سماء مجهولة المصدر وغير مرئية، لكننا هنا نراها قريبة. والحساب في البنك مليء بالدولارات، بالدولارات العظيمة المبهضة لرغبة الموت. ساكتب الكتب واترك الزوجة والاولاد وابدأ مشروع القراءة والتوحد.
* *
نصل الحسينية وانزلق من السيارة كقمامة بفعل المريوانا والقي بجثتي على اول سجادة مرتخي الوجه والشفاه وحيث مساحة الانفلات من العقل المتوحد لنفسي والعقل مشغول في بداية الروح الجديدة التي انطلقت صاهلة وكان بها فرس تخب في ارض اليمبوس وارض الاحلام النامية. واضع رأسي بعد نهار طويل من الارتكاض في ارض النار. لكن الاحلام تقلقني والكوابيس تتراكم في الذهن واجد صديقي الصرصار - وكانت مفاجئة - واسأله اني ظننت ظنا انه سحق بعد ان ضربه الهندي المخمور وصاحبه اكل الجبس، ويجيب بعد طول تأمل وتنهدا، انه نجا كاملا خلا بعض الجروح وامكن لصديقته ان تسحله الى السبتتنك وهناك عولج ثم مارسوا الحب للشفاء. واقول: كان درسا لاجل ان لا تسيروا في الابنية التي يقطنها هنود وسريلانكيون وصينيون. ويعقب ان الصينيين افضل حالا كونهم يدعونا ندب ونتليث اينما شئنا، لان عادتهم جارية على الضيافة والتكرمة، لكنه صدم، يروي لي، بهائل القسوة التي عومل بها من قبل الهنود. وافصح ان هذا يرجع الى مكنون العجز والعوز والاضطهاد النفسي لديهم. ويقول: وهل هم شبه العرب؟ واجيب بقدر واعتذر عن التفسير، كونه يوحش المأنوس. ويتفهم قولي ويدير قفاه مغادرا. وانظر متابعا اياه يختفي في عالم السبرانو. وما ان يضيع حتى اسمع صوتا من حجرة واقترب في الظلمة، وتزداد الطقطقة لما اصل بابا اتردد لفتحه، قائلا في الروح، اني لم ازل تحت عثوق الميروانا، لكن قوة الفضول تمد اصابعي وتدفعني في الظلمة، وافتح الباب واصدم بسيد عبد يعتلي صهوة مجد سيد مجتبى، ولحظة ما حاولت فتح عيني على اتساعها، سقطت ارضا، خارجا من الوعي والقهقهات والملامسات واحساس الوطىء يلاحقني، ثم داخلا الى توترات الكوابيس.
* *
أفقت في اليوم التالي ولم ازل اشعر بالهلوسة. بصعوبة امكنني السيطرة على عضلات جسمي، وامكنني ايضا توجيه الايعازات الدماغية نحو غسل وجهي. الشمس تتسلل من النافذة ثم تختفي لا ادري اين. الكدرة تعم، لاشمس، لارائحة بخور بعد، فقط عفن واقدام غير مغسولة. اتمدد في القاعة الرئيسية بين الرايات الخضراء والحمراء والسوداء، احاول استذكار كوابيس الليلة الماضية. وفيما انا احاول التركيز عل مقطع عرضي للمؤخرة البارزة الضخمة والعضو الجنسي الممدود والفحيح واصوات ضربات واصطفاقات هامسة يدفع سيد عبد شبه خبل الباب ويتجه نحوي. كان ينظر محدقا الى عيني. وجهه امامي وخلفي وفوقي، وفي كل الارجاء لكنه ينظر تحديدا هنا، الى البؤبؤ.لا لم يكن البؤبؤ، انما الحدقة مستعيضا عن الزمن وانا تحت هاجس المناورة والدهشة عندما قال مابك ؟ فاجبت لم ازل اشعر بالدوار من تأثير الماريوانا.
ـ هذا كل شئ؟
ـ نعم.
ـ هل تتذكر ما حدث ليلة الفائته؟
ـ لا، لا زال دماغي يعمل بشكل مشوش والعصافير في البراري وغابات اشجار التنوب تتمايل. ويقول لا اعني هذا. واقول هل تقصد الغرفة ؟ ويقول : نعم. واقول لمحت وجهك ومؤخرة على ما اعتقد. هل الشخص الاخر كان سيد مجتبى.
ويبعد سيد عبد وجهه عني ويقدم لي علبة سجائره ثم يدخل اصبعه في انفه ويدوره قانصا، ثم يقلب حافة السجادة ويمسح اصبعه.
ـ اسمع. سيد مجتبى مسكين، هل تعرف هذا؟ انت واحد منا. انت موالي. هل تعرف هذا؟ واقول: نعم بلا شك.
ويكمل: هذا الرجل، مسكين جدا. كررت عليه، انه يجب علاج نفسه، لاني لا استطيع الاستمرار بهذا العمل الى ما لانهاية. ليس لان فيه معصية الخالق. الموضوع اكبر من هذا. طبعا انا ذهبت الى سيد نور وقتها وحكيت له القصة، وقال الرجل: ان بامكانه ايجاد حيلة شرعية، لكن هذا يكلف كثيرا. وانت تعرف اننا نعتمد على سيد نور في المسائل الشرعية. والرجل لم يقصر طبعا. جاء بعد مدة قائلا: انه وجد الحل تشاورا مع كل المراجع في لندن وعفج وقطاع ٥٠. الحيلة الشرعية، هي ان ما افعله مع سيد مجتبى من درء الشبهات. واضطررت يا اخي ان ادفع المال من كيسي الخاص، لمجرد انه يجب ان اساعد حبيب الحسين هذا ، وهو سيد ايضا، مثلي وله سهمين.. انا مسؤول عن المؤمنين هنا ورقبتي اضعها ليعبروا.. واسأل ببهوت ان كان هذا المرض قد قرضه من فترة طويلة. ويهمم سيد عبد متألما واضعا كفه على فخذي: نعم من فترة طويلة، منذ ان كانوا في لبنان هو والعلوية زوجته، الله يستر عليها، خوش مرة، رغم ان الحِيوان * عنين.
وانظر في وجه سيد عبد مباشرة وارى دمعا واربت كتفا واقبل رأسا. ويتكئ ابن الكلبة الى الحائط، ثم يحك زبيبته ثم مؤخرته، ثم يخرج السبحة، التسعة والتسعين، ويشعل سيجارة ويغرق في تأمل العالم..
الفصل التاسع
استلمت اليوم انذارا من البنوك، يتوجب علي الان تسديد القروض وقروض بطاقة الائتمان. حسنا ماذا افعل، فك. اتصل بسيد عبد ويقول هذا: انتظرني في تورنتو، فك، اين. فك، في تقاطع يونغ وبلور، في مقهى تيمي، بعد ساعة، هل فهمت، لاتهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون. شت.
افر من الحسينية، الشوارع “نائكية “ في سكاربورو، لا مزيد من هنود يركضون في هذه اللحظة. كرشنا رائع وبسيط وغير متطلب، يمكنك ايجاده في اي مجرور “فقط ابحث وستجد، وهو قَسّم البشر الى طبقات ووضع الهنود على طبقة العبيد“ ولا ادري لم لا يكفرون به. هناك فقط الصوماليون، والصوماليات طبعا، في الشوارع، تائهات بملذات ولا يكفرنـ. ولم يكفرن طالما يأكلن الزفر ويضخمن مؤخراتهن؟ انا وحدي الذي يرفع شابيب الكفر. انا الانسان البدئي الابيقوري الانوناكي، انسان الخطيئة، الجذري، المرتد، والزارزير تلف بعضها باجنحتها، غرابيب سود في وجه الضوء اللامدرك، السماوي، ضوء كرشنا. ضوء يخرق السماء ويسقط كبقعة على الوجوه. لا بهرجة للايام. اصعد الباصات متدثرا بمعطف هزئي. لا يمكنني التفكير. العقل ماكنة صدئة. اهتزازات السيبوي* معقدة جدا ووجوهنا ازائية متشبثة بالمقابض. جرائد على المقاعد، نسل هوائية تتفلت من فتحات غير مرئية وتحرك الجرائد المهملة. الانكلو سكسون يقرأون بنهم. انا لست كاتبا عضويا بالمعنى المتطابق مع الوجود، انا شيء يزحف بلا تماسك ولا اريحية في الممرات، شئ يتبخر في الازدحام. كلهم صامتون، لاصوت فوق صوت العجلات الحديدية والاحتكاك والسرعة المذهلة. نحن في سكون ارتيابي، كلنا متلاصقون عن بعد. متلاصقون ومنفصلون في العدم ولا يثيرنا مرأى الافخاذ. فقط المراهقون اتباع الشيطان يمصون آلسنة بعضهم البعض. وبعد مئة عام سنكون كلنا في التراب مع حيواتنا.. اصل تورنتو، اخرج مع آلاف من السيبوي، ويصعد كلنا السلالم في حركات ترددية، عسكرية. الابخرة عظيمة، الابخرة تخرج من الافواه وفتحات التصريف ومؤخراتنا وعربات النقانق وروائح الشواء تسيح مع الثلج الوسخ والكلاب الوسخة للنساء والرجال الهوملس. لا ارقام، لا احداثيات في هذا الزمن، انها الشبكات، الشبكات التي تتناقل من حولك مليارات الاتصالات والموجات والاغاني والصراخ والقنوات الجنسية والفحيح وصراخ رجال الدين والسحرة ورجال الشرطة على خيولها الضخمة. كل شيء في الهوا. انهم يحملونها الى الفضاء ومن الفضاء الى الجحيم، والكل يزحف، يزحفون ويقلقون. على ظهرورهم حقائب الكومبيوترات وفي اليد حقائب اخرى وكان بهم يسافرون، في الطائرات والصواريخ وموجات تحويل الجزيئات الحية الى ذبذبات في الريح، انها الفيزياء الكمية. لكنهم في الحقيقة لايسافرون، انما يتساقطون في كتل المدينة الكونكريتية وراء الحياة ومحلات الملابس المستعملة وجمعيات الرفق بالحيوان ورجال يونايتد وي *، ورغم الذل والتيه واللامعنى، تسلط عليهم الكواكب هي الاخرى نبؤاتهاوتأثيرتها وابراجها، والملائكة تفترص الفرصة ايضا وتقيس افكارك وتتابعها عن اليمين والشمال ملاك يدون، حتى الفساء الخفيف او لمحك ملابس داخلية مراهقة بلا ملابس داخلية اصلا، ثم يدفعون بك بعد ذلك الى منصة تشريح والجميع فوقك بملاقط وشوك وسكاكين ليقطع هذا الانسان العضوي. وبعد انتهاء الوجبة يرمون بك لا الى المزبلة او الحاوية ـ انما الى المحرقة وغرف الغاز، هناك صريف الاسنان والكبريت ونار وقودها الناس والحجارة، ليتم شواء مؤخرتك بالذ الطرق واسرعها..الجميع يخرج من فتحات السبوي بظهور مقوسة، ويدفعون التاكس، وينامون مرضى ومشوهين فكريا وعقليا، وجلهم يرتجفون في بدء كل يوم عمل. الاسهم هبطت، الوقود ارتفع، البورصات تتارجح، الشركات تتوقف او ترحل او تفلس. ويصرخ احدهم فجأة من اعلى برج س ن تاور، ان الصينيون وصلوا، استعدوا للمشغلين الجدد، احفاد ماو تسي يونغ. وعصابات المافيا الايطالية والروسية، والصينيون مثل الشفلات لا يكترثون بشيء ولا لشيء، انهم يغزون العالم ويملؤون حياتنا لا باغاني البيتلز او سيارات فولكس فاغن وجكليت بسكولاته، انما باشياء سخيفة ويزيفون حتى امهاتهم ولا ينظفون مراحيضهم. البيوت اذا ما عجزت عن التسديد تستعيدها البنوك، البنوك خلف الجميع. يدفعون الى اصابعنا اموال كثيرة، وتضحك انت لانتصاراتك العظيمة، في بناء مستقبلك، ليتم استعبادك بعد ذلك، وتسير بظهر منحن وتركض وتهمش وتتسابق وتقلق وتتجرع القهوة على مضض والعلكة تبلعها والمدير يطردك والمديرة تكرهك لانك تكره المثليين جنسيا، وبعد كل هذا تصاب بالرهاب والعته والذهان وووو. لكن النساء رائعات في المطر، نساء من الثلج مع الهنود الحمر والزنوج والمشردين من اصقاع المعمورة الذين يستلمون الان ٨ دولارات في الساعة، وكانوا في بلدانهم يقبضون عشر دولارات في الشهر، ويعلقون الان الصلبان الشيطانية ويلونون مؤخراتهم بتاتو الشيطان واصمختهم كبيرة معوجة وينامون دون تفريش اسنانهم وسائقو التاكسيات يتوقفون غفلة ويلتهمون النقانق بالثوم امام محطات القطار بلا اكتراث كما في ايام الكساد العظيم * واليهود يديرون كل شيء من محلات تصليح الاحذية.. واصل التقاطع واجد مقهى تيمي. واختار مكانا قرب النافذة، ليس سيئا، لكنه يجعل بوزي طويل وانفي يتمدد. وتقترب مني امرأة ايرانية تدعى افسون، وافسون كوجر، وبالانكليزية الدارجة تعني قحبة، وهي تتحدث العربية مثل الهنود في ابو ظبي. وافكر على نحو مشوش باني املك اموالا ولا انتوي صرفها على عاهرات، وهذه فكرة جيدة الى حد ما وتبدد القلق الذي يحتويك من هروب النقود. وافضل الاشياء في مثل هذا الحال هو ممارسة العادة السرية، وافكر انها يجب ان تكون كما في الحرب، بقواعدها ولذتها وخوفها خلف صناديق العتاد او في مراحيض آلامر او في خلاءات* جامع (ابو الخصيب). ثم لما يشتد بي البأس انهض وادخل الحمام واجد القفل خربا فاضغط على الباب بساق وامارس الاستمناء عله ينفعني في رفع طاقة اليانغ، الا اني اعود بعد ان اشتري مافنا يطلق عليه، فروت اكسبلوجن * الى جوار النافذة منهكا مشوشا واليانغ لا يرتفع.
يصل سيد عبد بمعية الجعب وانا خدر وصماخي على الطاولة وفتات المافن* على فمي. ويقول الجعب: اسمع، عليك اتباع الخطوات التالية: اسحب نقودك من البنك، سدد اقساط هذا الشهر. ويوجه كلامه الى سيد عبد. استأجر له غرفة وبعد ان يسدد اقساط هذا الشهر، يرسل عنوانه الجديد الى البنوك وستصل فواتير الشهر القادم الى العنوان الجديد، ولا تسكن الغرفة الجديدة، بل ابق حيث انت. ويقول سيد عبد اطمئن. والعاملة تمسح الطاولة ووجوهنا تنعكس على صفحتها وعلى الصفحة مصاير ضائعة والمصاير ريح والقوة الهمجية للعالم هي روح الهرمونيطيقيا والتفاسير السرانية ايضا، وعلى وجه الغمر الطهراني، الكنزا ربا وسوريل شارويا وقناديل الظلمة وافاع وتنانين وهاجس ضائع ووحيد، ولا ننا في مرحلة تماحك النصوص فان سيد عبد يقول: وستبقى في الحسينية باعتبارك الخادم الذي ينظف المكان ويعتني به. والعاملة تنهي المسح ومؤخرتها صغيرة وصغائر الامور تخفي بلاوي وبأس، واذا ضاجعتك واحدة وهنا تدعى البتييت * فان هذا يعني نهاية الارب ونهاية حياتك وستخرج بعد التجربة لا انت ولا هو، انما الشمر على فرسه يطعن وطعناته هي التمن والقيمة التأويلية لتاريخ قريش. وتتجه العاملة الى الطاولة الاخرى ومؤخرتها في الحقيبة وندف الثلج امامها واللصوص في البارات مع عصابات العراقيين والهندوس امامها مثل عقبان والثلج يتحول ايضا الى هندوس الازمنة العجيبة والكنائس تستمر في توزيع هدايا الميلاد على الحشاشيين والمسلمين الكفرة، وكلنا كفرة في نظر كريستوفس كولومبس والقديس اوغسطين والحمزة، والثلج يتحول الى نثيث والى عدم ومطر، والفلسفة تهبط الى الحضيض. وسيد عبد امامي والجعب ايضا وننهض لنترك المقهى والمطر غزير في الخارج وصفحاته تضرب واشارات المرور صامدة والصوماليات في المطر وفي السريانية ان الصوماليات -ماجدات سياد بري - اردافهن فخيمة وقذال جباههن يصل الارض والربطات ايضا. ويتجمد المطر بغتة وتتوهج الارصفة لامعة، والارداف تطوف والزمن براخا. وما ان يعبر جوق الصوماليات حتى يأتي جوق السيرلانكيات، والسريلانكيات ممشكات - من المشك - وفرواتهن مدهونة وشعر كراعينهن لا محفوف ولا منتوف وربلاتهن بائسة. وانا ارتجف والجعب ينظر وافسون عاهرة ايرانية ولدت في مشهد وتربت في ارومية ودرجت في تهران وامها بهائية والاب قتل في سربيل زهاب وتكره البسيج وتعبد زردشت وتعشق ماني وحلمت بعزرا الكاهن، تراقبنا من مكانها وحقيبتها مفتوحة وتنورتها ايضا وسيد عبد يعبث بانفه، والسريلانكيات لسن مثيرات البتة ، انما يدفعن عربات اطفال السلت ومن العربات تمتد حبال، وفي نهاية الحبال كلاب والكلاب وضعوا في رؤوسها اقمعة من اجل ان لا تلتقط، وسيد عبد انتهى من اللعب بانفه ونتجه من المقهى الى البنك واسحب اموالي باستثناء القليل ويمنحني الجعب حقيبة صغيرة وقديمة.
* *
اجلس في الحسينية واجد اني افارق حياة وادخل اخرى وهيكل الانوار، الاموال امامي. حقيبة بالدولارات الشهية، الموخزة.. وعندما تتىحول الى حيوان فإن الاموال تنقذك، وتوجدك الى الانسان ثانية بحقائق الغنى والقدرة. لكني اخاف ان اخرج من الحسينية تاركا الحقيبة. واهجس بعد ايام من الجلوس القاتم ، اني اتعفن. وافكر حالما بالكتب، السفر، زيارة المعارض الفنية والحفلات الموسيقية وربما السفر الى مسارح برودواي والمسيسبي ومانهاتن. لكن هذا لا يمنع التفكير بالسجن وهذه الجدران المتآكلة مع صوت الزرازير التي تتوقف على افاريز النوافذ بفعل المطر، على الحافات، في ارواح سقمنا من الخوف والارعاش وكثرة التبول والصلاة في الحمام وهجيج الجن ومفارقة كولالة نوري، وكولالة شفيعة الكرد الى السماء. وفي هذا الوقت غزت العرب جزيرة ردوس وقلبوها على البطانة، والمطر يستمر لاطما نافذة الحسينية والنافذة قديمة وبالوحدة اشعر بالانهيار الذهني اذ لاضوء ولاحياة في الحجرة. وأحصيت كل حركات الفئران وخيوط العناكب، وادركت حيوات غائبة عن الجنس البشري. وبالرغم من هذا جعلت افكر باني اموت دون هواء، دون تسكع، دون لا قلق يمد لسانه ويلحسك كبقرة وكقطة تقف عند كوم ازبال عراقية في شارع عراقي ما، في زمن ما، في نهاية عراقية ما. والمطر يتسارع نافضا عنه الاضواء التي تتيه في المقتربات. واختلس النظر من ثقب الباب اذ لا يمكنني الوثوق باحد ومغادرة الغرفة لمشاهدة مراسيم زيارة كربلاء يقوم بها احباب الحسين، رجالا ونساءا، في الحسينية، بين الرايات، مع نشيج باسم الكربلائي، ومع الزناجيل والصنوج ومع الله وجبريل في لبوس دحية الكلبي ودحية هذا كان “ اجمل “ رجال العرب يقول لناصورائي هاشم: انت امير المؤمنين وقائد الغر المحجلين، وسيد ولد آدم يوم القيامة ما خلا النبيين والمرسلين ولواء الحمد بيدك يوم القيامة، تزف انت وشيعتك مع محمد وحزبه الى الجنان، زفا زفا، قد افلح من تولاك وخسر من عاداك، بحب محمد احبوك، ومبغضوك لن تنالهم شفاعة محمد، ادن مني صفوة الله. ومع المطر، رجال بانوف مجعمرة وجباه مكوية، ونساء ملتاعة للتمليس وبين الفردات عباءات تحشر عند الركوع والسجود، والمطر لجوج والجلغ عجول يفيض في عشريات الاكساس المشعرةالباشطة، ورسم ابن ابي طالب النبطي والنبط كلدان من العراق، على الطنوس بين البخور المشترى من سوق الدولار، في ايام العترة العلية وعاشوراء قائم قاعد على الهريس ولا دولمة في الافاق، لكن هذه البهجة الدائخة لم تمنع فتحات الصماخ من الاختناق وهذا هو المبتدأ والابتداء، وفي النهاية يدور التساؤل المُرهب. من يقول ان الموضوع سيؤول الى نهاية رائعة. نهاية سماوية بين مكتبة عظيمة تكونها وتُمنح وقتا لمشروعك الازلي في الكتابة والسفر والتزويج من امرأة مثقفة كما مديحة معارج، لاتأكل الفجل اثناء المضاجعة وتتخلص انت من الاستمناء او على الاقل تمارسه عليها وهي نائمة واصبع منها يبرز من ثنيات اللحاف والظفر احمر ودشداشتها كريمستن وتتنفس لباسها الداخلي دون ان يكون فيه اثر لالتهاب مهبلي. وانحني مع الاحلام الى الارض وامس بوجهي خطوط السجاد المهترئ، لكن فكرة الحرية كانت عقيمة مع الخوف من ان تجد نفسك في النهاية خلف قضبان سجن هائل بصحبة احدهم يحمل بين يديه شفرة حلاقة ليغرزها في عنقك عندما يهبط لديه مستوى السيروتونين .
بعد ايام قلقة على الاموال والتآكل واللانوم. يقترح سيد عبد ان ادخل معه في مشروع من مشروعاته الكثيرة. لانه يجب التحوط من ان يبلغ احدهم عنك الشرطة وتأتي وتشاهد الاموال وبالنتيجة يتم ايداعك السجن . ويكمل: ان شركته ليست شركة بالمعنى الكامل، انما هي اقرب ما تكون الى جمعية خيرية، وهي غير معلنة للكثيرين واعمالها سرية. ويعوي في داخلي صوت وتفجعني فكرة السجن. ويعاجلني سيد عبد: ما قولك. واقول: ماهو المشروع؟ ويقول: ان الغائب على وشك الخروج وهذا سر لا اريد البوح به ، وعلينا ان نجمع له اموالا كافية. وستكون اذا دخلت المشروع من اصحاب الرايات. المشروع قائم ومعنا المرجعية في لندن وانا وكيلهم. اكلمك لتطمئن ومعنا في المشروع ايضا سيد مزاحم وزوجته هاشمية صاحبة مقهى الملوك. واقول: هل هناك ارباح. ويجيب لا ارباح في الموضوع، لانه لتوفير الاموال للامام. لكن قائم ال محمد سيجعلك من اتباعه. عليك ان تستثمر اموالك ليس في اشياء زائلة. وستكون ملكا لدولة عندما يظهر الامام ويسيطر على العالم، سيحتاج للاتباع لحكم الارض وانت ستكون من الاتباع. تخيل فقط الموضوع، ثم ان نقودك ستكون في مكان امين. واقول بعد حيرة: موافق. لكن من اين لي ان اصرف ويقول: ساجعل رياض الجعب يسجلك في برنامج العاطلين عن العمل، لكن هذا يكلفك بعض النقود. واوافق ويقول: ممتاز لا مشكلة اذن. واتردد ويقول: فكر اذا ما القي عليك القبض لاي سبب واكتشفوا هذه النقود، ستطرد من كندا بعد السجن. الموضوع خطير وجدي. واقول بلعثمة: حسنا هل ادفع لك النقود الان. ويقول لا. سنذهب الى مقهى سيد مزاحم لانهم شركاء ايضا، ونوقع العقد بحضورهم. اريد ان يكون كل شئ صحيحا وشفافا أمام الإمام، روحي له الفداء. ويبكي ويلطم واقول: لم تلطم؟ ويجيب: من اجل الامام وانا ارى اتباعه يتكاثرون. وياخذني الى حجرة ثانية ويفتح ملفا ويريني مخاطبات المراجع معه ورسائلهم السرية عن ايام الظهور وحثهم له على جمع الاموال والتهيؤ في لندن وطهران.
نذهب بعد ايام مع الحالوب الى مقهى الملوك، وتستقبلنا هاشمية وتقبل يد سيد عبد ويركض باتجاهنا سيد مزاحم ويجلسنا قرب المنصة ويأتي بالبيرة ومع دورتين من سبحة سيد عبد وسيد مزاحم اسود، وامام الديوس الباشطة للسيدة هاشمية يشرح صاحبي عن موضوع دخولي كشريك، ويوافق سيد مزاحم وزوجته ونوقع العقد، ويقبلني سيد مزاحم وسيد عبد يشرح لي اليات عمل مشروع الحجة. ويقترح ان نسافر بعد ايام الى سوريا لنتابع المشروع هناك. ثم يبدأ الحفل وتظهر راقصة كأنها سلبوح، وتنطلق مع الاغاني اصوات التأييد والتشجيع والتشفيط والصفير والطبول والبيرة متاحة وبعد انتهاء الرقص، تصعد هاشمية على المسرح وتعزف الفرقة (السيموفونية) انغامها المضحكة وتغنى مقاطع من مكير * ياس خضر وترتفع البيرة فوارة وطلبات الاغاني وبعد الجاجيك والفتوش والشاورما تصعد الى الحلبة نساء محجبات، وتسكر هاشمية وتنفرد بالرقص على (الستيج) وفي غمرة الفوران والهتاف والبيرة والصلوات وبعد ان تتباعد النجوم ويتقارب الليل مع الكواكب والكواكب مع الاقمار والاقمار مع القطط والقطط مع الراكون، تنهار فجأة على المسرح ويتراكض الرجال وسيد عبد في المقدمة ويحاولون انهاضها ومع الانهاض يُقبض على النهود والديوس والافخاذ والخصور واللمس والقرص وما تحت التنورة، وسيد مزاحم يسب و.تعم الفوضى واشاهد الاضواء والاضواء تتأرجح واشعر اني اغيب عن الوعي، واشاهد الموسيقا تستمر واشاهد الماء واشاهده يصب الماء واشاهده يغسل وجه هاشمية، فاغيب في نوبة سكر واتيه وسيد عبد يتركني واوراق المشروع معه وهاشمية تستيقظ وحقيبة النقود مع عبد والكلاب تنبح وسيد مزاحم يعوي ويختلط كل شيء بكل شيء ويتحول المسرح الى الاضواء والاضواء الى الثلج والثلج في الخارج والخارج في الداخل والداخل في الحالوب والحالوب يتساقط، وانا في الحالوب، وانا في المطر والمطر يتعجل، فسول على رؤوسنا.
* *
شددنا الرحال الى سوريا ومن السوق الحرة في كندا ابتاع سيد بد لعبة (فتاة) يحركها بالريموت، وفي الطائرة لعب بها ومسدها، وانا حلمت ان لي القدرة على الحلم، وسيد عبد غير ملابسه في مرحاض الطائرة ولبس دشداشة والغترة ايرانية وعوضا عن القندرة القبغلي انتعل شحاطة سعودية بنعلجة * مضاعفة - وكان يضحك كلما امسك بيدي كتابا ويقول: لشوكت تبقى بهذا الطيحان حظ ؟! ويبتسم مثل وحش الحكايات، ويدخل اصبعه في انفه ويخرجه ويمسح اسفل المقعد. وهكذا سافرنا ونسافر وسافروا ويسافرون، على الغيوم، على اللغة تتمزق باصوات المحركات وكأنك في سيارة فولغا. وفي الطائرة وفرة من المضيفات تنانيرهن ضيقة وفتحات القمصان كافرة، تبرز كرات الحليب، وسيد عبد ينظر مثل ثعلب والشبق الجنسي يخر من مؤخرته وكلنا يحب الحليب… وبعد وجبة الاكل تربع السيد مثل حصان شرطة في حضيرة ينتظر الموت، وفي الحضيرة جرذان اسمها العبرات والنكايات وبقايا الطعام بين انيابه، اذ لاص بالشوكة والسكين وكب قدح البيبسي الدايت - كون خصيته متورمة من مشاوير النيك التي دار بها على العفيفات واللا عفيفات والرجال في دورة النزو الشباطية الميتافيزيقية - على دشداشته ونفسه كما طفل بال في حفاضته مليون بولة شبيهه بأبوال ابن بندر..
وصلنا دمشق وتوجهنا الى شقة الزايرة * في السيدة زينب. والزايرة استقبلنا بالواهلية * واحد المناويك ذبح طليا وعبرنا فوق شلالات الدم والبعرور والسلوات، وبعد انقضاء الدهر الاول مستمعين الى الفالي وقبلات ليد سيد عبد من زوار حضروا خصيصا لهذه المناسبة. نغادر المكان الى الكراج، وفي الطريق يقلق سيد عبد وعيناه لا تستقران، وما ان نصل حتى نتوجه الى مرآب ومعي اللعبة - الفتاة - وعند باص ليموني عبر من عمان - الاردن، نلقى شخصا لف رأسه بشماغ اسود اطلق عليه حجي حسين، وحجي حسين مثل بقرة ذلول بادلنا القبلات وهو يقول: الوجبة تمام. ويسأل سيد عبد ان كن - البنات - يعرفن. ويؤكد الحجي: ان كل شئ عال العال، واتفقت من عوائلهن بما يرضي الله ووليه روحي له الفداء. ويقول سيد عبد: لا اريد مشاكل كما في المرة السابقة. ويجيب الحجي بثقة : كلهن يردن ان يأكلن لقمة الخبز بشرف - ويقول هذا المقطع بحنان - وانا لم اضغط على عوائلهن. ويدخن سيد عبد من مؤخرته ويتركنا الحجي ويصعد الباص متعثرا بدشداشته ويُنزل مجموعة ذاوية من الفتيات والعباءات كالحة والدشاديش بازة والنعل محكوكة ويتأمل سيدنا الفتيات والى الاجساد الذاوية والوجوه الباهتة يرسل نظراته ويشعل سيجارة ثانية. وتطلب فتاة ان تذهب لدورة المياه وينهرها الحجي، لكن الفتاة تلح ويلقي سيد عبد نظرة حذرة الى عين الحجي الذي يطلب من احداهن مرافقة الفتاة الى زاوية بعيدة، قرب السياج، بين صفيحتين. وفي السماء سحب ولا امل ولا ريح، وسيد عبد يدخن وحجي حسين قبالتنا وانا اتأمل واشعر بمغص. وبعيد زمن غير زمننا وساعة غير معرفة على مقاييس المعرفة الكليانية، تغوطنا جميعا بمحاذاة السياج، بين صفيحيتن والفتيات اطعمن فلافل، ثم…. استأجرنا باصا صغيرا وفي الطريق تحدث الحجي عن الحال في العراق العظيم وعن الحصار وابن صبحة والجوع وانخراط السوق والقيل والقال وسرقات دخل العباس واسعار الباذنجان، وعن الصعوبات التي واجهها في جمع هذه الوجبة. وانه شخصيا لا يحصل الا على ما يقيم الأود. ويشير سيد عبد متفهما وبضيق صدره يقول: ان ارباح هذا العمل تذهب الى صندوق خاص في لندن لصالح الغائب عجل الله فرجه الشريف. ويعلق الحجي ذليلا، انه يدرك ويفهم، لكنه سمع ان الجماعة في لندن لغفوا الدخل ويعيشون بين الخمور والنساء الجاميكيات والسفر الى البهاما وهاواي ويساهمون برؤوس اموالهم في مجلة بلاي بوي ورائحتهم للستار. وينهره سيد عبد مشددا ان لا يصدق ما يشاع وما يقال، وان يستغفر لذنبه والجماعة في لندن يعانون شظفا وبالكاد يدفعون اجور المكتب ولديهم مشاكل مالية وديون وارامل شهداء سقطوا دفاعا عن الجمهورية الاسلامية ومدير المكتب على سبيل المثال طلق زوجاته وترك فروخه والزوجات بلا والي ولا معين في بلاد الكفار ويعشن على معونة العاطلين عن العمل. ويطاطأ حجي حسين رأسه، وينظر الى السيارات واصوات المنبهات والعالم والعصافير الدمشقية والياسمين ورائحة جبل قاسيون والباعة والعرق سوس والمقاهي. ثم يقول بشكل مفاجئ: سيد، لخاطر داحي الباب ابقني في سوريا، لقد تعبت من هذه المهنة ومن القيل والقال ويجيبه سيد عبد: على العكس انت تقوم بخدمة الغائب عجل الله فرجه الشريف، وهو لن ينس مساعدتك. ويشعل سيجارته بقلق ويسأل ان كانت الفتيات ابكارا مثلما كان الاتفاق، ويؤكد الحجي ويدقق سيد عبد: هل انت متأكد انه لم تجري لهن عمليات خياطة * مثلما في المرة السابقة وكدنا نخسر. ويقسم الحجي، انهن معيديات لا يعرفن اللف والدوران. ان شاء الله كل شئ تمام وبالموفقية سيدنا، لا تقلق. السيد جبارة والعلوية زوجته اشرفوا بانفسهم على الموضوع. ويقول سيد عبد: انا لا اصدق المعدان والشراكوة. ويجيب الحجي: المعدان والشراكوة لا يكذبون على السادة مولاي، ما ان تقول لهم انكم تخونون السيد يخرون في دشاديشهم. ويدخل سيد عبد اصبع في انفه ويسأل عن احوال سيد جبارة. ويهمهم الحجي: بلا حسد ربي، امورهم ممتازة والعلوية عادت من الامارات. ويجفل سيد عبد ثم يغرق في متاهة التفكير والتحليل والصدمة والضياع ويقول: هل عرفت سبب السفر؟ ويتشاغل حجي حسين بحك ابطه وخصيته ثم يعدل يشماغه ويقول ناك حبوبتي هذا الجرب.
نصل السيدة زينب وننزل مع الجرب والفتيات يسقن بالعباءات الكالحة والانسحاق والرغبة الميتة في الحياة وبخطوات متعثرة مرتبكة وبنعل* معادة مصنوعة في بوب الشام * وشحاطات سوداء. ويتركنا حجي حسين ليقوم بواجبات مراسيم زيارة المرقد. ونعرج بعد الزيارة على حسينية قريبة وندخل ونشاهد ان اللطم قد بدأ ونجلس الى زاوية ويقول سيد عبد اين اللعبة؟ واخرجها من الحقيبة ويقول لي عندما اذهب والطم مع اللاطمين وعندما اصيح ياحسين العطشان حرك اللعبة بالريموت ويذهب، وانا قلق والاصوات مدوخة واللطم شديد والضياع كبير والخمش ايضا والسحق النفسي هائل ويصرخ سيد عبد يا حسين العطشان. واشغل اللعبة وتنهال منها الدموع وتصرخ النساء والرجال ينامون على الارض واللعبة بين يدي سيد عبد يرفعها فوق الهامات والدموع همالة، من اللعبة، ويصرخ شوفوا بركات الحسين، اللعبة تبكي مقاتل اهل البيت. وتهجم النساء والغلمان ويمزق ثوب اللعبة ويجعل في معاصم النساء وعلى جباه الاطفال ويمنع التصوير ونتسلل في الفوضى الى خارج الحسينية.
وفي العاشرة ليلا - عندما تنام العصافير الدمشقية، في السيدة زينب وتصدح الموسيقا في الشوارع ومحلات الباجلا* في الزواريب وجنابر السجائر المهربة وبرميزات الباجة تفجر في الصمت صراخ اول الليل مع خفافيش تعشعش فوق يافطات المحلات المسكونة بالارواح، والنساء يشبهن في سيرهن الشوارعي ديدانا والرجال بكروشهم المتطامنة، ومحلات الروبة تمسي فضاء للصمت المدوي وخليجيون بسيارات السوبربان يشحنون الحقائب، ولا يمزق رجسة الليل الا سباب وزوار بحارنة يخرجون من الحسينية مع رائحة المسقول* والبخور ودهن العود ونساء بعباءات مترفة لماعة- تغسل الزايرة * اجساد الفتيات بعظامهن المنخورة وتمشط شعورهن وتضع عليه الدهن الخليجي والليل مخبول والبودرة الانكليزية على الاباط ودشاديش الستن لماعة والاشواق تائهة والسماء لاتكف ولا الغيوم تنث. تقبل اشباه الايور من صحراء السموم ويتم الاتفاق وتذهب العذارى في التيه والبخور والغمام والضباب على عيونهن، والى اماكن مجهولة غير قادرات الى الابد على استعادة الاماكن في العقل الجمعي للانسان.
في صباح هش اخر يحضر حجي حسين ويستلم الدولارات ويعدها امامنا، وسيد عبد يلفط الباجة، ويمسح شاربه ويحك فروة رأسه ويدعو حجي حسين لتناول الفطور وقضاء بضعة ايام في سوريا. لكن الحجي يعتذر، اذ ان عليه العودة الى العراق. ويقول سيد عبد، انه يجب ان نتفق على الوجبة الجديدة. وحجي حسين يجيب بعد مداورة، انه قد لايقدر على تدبير وجبة جديدة. ويتوقف سيد عبد عن اللفط ويسقط الثريد ويتلعثم الحجي ويناور، لكنه في النهاية يقول: لهذا طلبت منك ان لا ارجع الى العراق. لان هذه اخر وجبة. ويجن سيد عبد قائلا: شت، هل لغفت * اموالك؟ والحجي يهمهم: امام ام البنين اشهد على امانتك. ويعلق سيد عبد: اذا كانت حصتك قليلة ازيدها، ساقتطع من مصروف الامام واعطيها لك. ويقول الحجي: عمي شدتسولف، سيد جبارة والعلوية فتحوا مشروعهم الخاص لجمع الاموال وتهيئتها للامام وبنفس طريقتنا، واحب ان ازيدك من الشعر بيت، الشهر الماضي دزوا ٥٠ نثية للامارات، ما ملعوب بسركيهن. وتنط عينا سيد عبد ويقول: شنو ؟ ويجيب الحجي: مولاي، العلوية سافرت الى الامارات بنفسها واعدت الصفقة. ويقول سيد عبد: يا مناويج * على هل الدكة *. ويكمل حجي حسين: العلوية سافرت الى الخليج بجواز سفر دبلوماسي وعقدت صفقات واشترت بيوتا في الامارات وهنا في السيدة زينب عبر وكيلها واخرى في الاردن. الموضوع كله باشراف مرجعهم الذي طلب مني الدخول معهم. هذه هي القصة. ويزفر سيد عبد وتحمر عيناه ويقول: لكني انا ايضا اعمل تحت اشراف مرجع. سأتصل به في لندن. وينصح حجي حسين: لا تتصل، كل شئ انتهى. ويمسح سيد عبد اصابعه بالفرشة معقبا: ادمرهم. احطمهم. ويطلب الحجي من السيد ان يهدأ وان لا يجعل للشيطان دربا اليه ويرتكب الحماقة الكبرى، لان مرجعهم A ومرجعك B اتفقوا فيما بينهم. ويكمل: لا علم لي بالتفاصيل، لكني انصحك بان تتعقل لانهم لن يرحموا احدا متى تعلق الامر بالاموال. اهدأ واكمل باجتك واصطبر لعل للامام تدبيرا. وينهض حجي حسين ويتركنا وسيد عبد تحت تأثير الصدمة يختلج ويأنف اللقمة ويدخن منهزما مع التيهان في عالم الضباب.
في اليوم التالي يتصل سيد عبد بالمرجع B الذي يقول له “اجل يا بني تغيرت الامور ولا يمكنني التأثير على سيد جبارة لان العلوية قريبة المرجع A الذي له علاقة اقوى من علاقتنا بالحكومة وينسق معها ونحن لانريد بلاوي مع الحكومة. ويطلب سيد عبد من المرجع ان يطلق فتوى تأسيس صندوق جديد لا يشبه مشروع الحجة. ويقول المرجع: لا باس، ويمكن ان ارسل الشيخ طهراني الى كندا ليحث المؤمنين عندك على التبرع. ويعود سيد عبد متهللا، ناثرا الابتسامات في كل مكان ويقول سنرجع بعد يومين الى كندا ونبدأ المشروع الجديد. واشعر بالتآكل واقول ككلب اجرب: ماذا بخصوص اموالي سيدنا؟ ويستغرب السيد وينظر وكأنما ينظر الى دودة شريطية تستعد لان تسحق بنعال مع اللاندامة ويقول “غريب سؤالك. واقول اعرف انه غريب لكني مثل كلب وضعوا في مؤخرته شعلة نار. ويضحك ادام الله ظله الوارف: بأن لا اخاف لان الاموال محفوظة في بريطانيا. وكل ما سيصير اننا نغير الاسم، اطمئن. واشعر بالكلبية واعوي امامه وادفع بذيلي بين رجلي وادور واقفز واتمسح وابول على شجرة قريبة والعالم يشبه شجرة كبيرة نبول عليها احلامنا، في المطر والعاصفة.
في اليوم التالي يجلس سيد عبد في البيت وكأن به انتصر على كل الامة التي قتلت ابن بنت رسول الله. وتأتي الزايرة ومعها فتاة اسمها زيارة من وجبة عادت من الامارات. وتنحني الفتاة وتقبل قدم سيد عبد وتبكي وتقول: انها لا تريد العودة الى الخليج، وتريد الزواج من شخص يقيم في الخارج. ويعبث سيد عبد بخصيته والسيجارة بين اصابعه، ويستمع بانتباه الى الزايرة الجالسة بالقرب منه وهي تقول بعد انصراف زيارة: هذه قحبة ويمكن ان تحرض الفتيات الاخريات على التمرد ان لم نتخلص منها. ويقول سيد عبد سارحلها الى العراق. وتجيبه الزايرة بأن الفتاة ستدفع كل ما لديها من الاموال ان زوجتها من رجل في الخارج. ويصفن سيد عبد ويجعل يحك خصيته مرة اخرى والمطر يهمي خارجا ويقول “كم ستدفع“ وتجيبه ”الزايرة “ كل ما لديها ويقول سيد عبد ”اعرف كل ما لديها، لكن كم؟“ وتقول العجوز لديها كردانة عيار ١٨ ومحبس * فيه فص. ويقول سيد عبد بتأفف هذا قليل. وتتوسل الزايرة وتقول سفرها لخاطر ام البنين، لا نريد مشاكل، ثم انها استهلكت، فقد زوجناها تسع مرات. ويجيبها سيد عبد “انا لا املك وكالة ايتام حجية، هذه الكمية من الذهب لا تكفي. ثم ان هذه الاموال لا تنزل بجيبي، انها لظهور الامام روحي له الفداء. وتتوسل الزايرة بانكسار “اعرف، بالعباس اعرف“. وتأتي الفتاة من وراء الباب وتقبل قدم سيد عبد مرة اخرى وتجهش. ويقول السيد متأففا، حسنا، سأستخير الامام عجل الله فرجه، شت. وانظر انا مبهورا الى وجهه والعيون شائهة والفتاة نعجة تحاول اللاهرب، وتدفها الزايرة بيديها وتخرجها من الغرفة - الصالون ـ واقول لسيد عبد ”ماذا ستفعل“ ويقول ”الم تسمع، ساستخير الامام“. وتأتي العجوز بالنركيلة والمعسل البحريني ويدخل سيدنا اصبعه في انفه ويخرجه ويمسحه بالحشية والغرفة تعبق بروائح التفاح والدخان والضباب والمطر والعاصفة وصوت مسجل سانيو تنبعث منه لطميات باسم الكربلائي.
في صباح يوم اخر ينادي سيد عبد الزايرة ويقول وبين يديها صينية ”الباجة“: ابشرج، وافق الامام. وتقبل العجوز راسه وانا اعوي واغمس يدي في الكرشة وامص واعصر النومي بصرة والدهن يسيح والزفرة كابة وهذا كان قبل - من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذبابة، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر - وتسأل الزايرة ونحن ننهش: متى سفر البت. ويجيب سيد عبد انه سيتصل اليوم بشاب في كندا ويقنعه بالزواج من البت. وما ان نكمل وجبة الفطور الفرنسية، حتى ينزل على رؤوسنا خبر موت حجي حسين وانشطاره اثر انقلاب سيارته على الخط العسكري بين سوريا ولبنان ومعه جوقة من الفتيات للخليجيين الذي يريدون التمتع والمسيار، على جبل لبنان والحمرا وصنين، ومعه ايضا حسب الشائعات ٥٠٠٠ حبة فياغرامصرية وخمس درازن علوج ابو السهم وسجاد ايراني وفلاش لذر فرنسي وسبح وخرز لجلب البخت ومسدسات ربع وبلي وترب* كربلائية اصيلة ولبسان ابو الخيط سعودية وجوازات مسروقة. ونهج من المنزل ونتوجه الى مرقد السيدة ونصلي ويبكي سيد عبد ونبصبص وندور ونرفع الايادي عاليا حتى يتضح لحم الابط البيض من الاسود. ثم نخرج ونلتقي قريبا من المرقد على (قهوة على المفرق) * بسيد طريبيل الموسوي الذي يعرض علينا مساعدة لاجئين عراقيين بتقريب موعد مقابلتهم للامم المتحدة و… ففتي ففتي، ولايوافق سيد عبد ويطلب ٨٠ ٪ ويكفر سيد طريبيل ويرمي قطة الخبز التي امامه وسيد عبد يقول هذا لصندوق الامام حبيبي. ونتصل بسيد مرتضى بكندا ويخبره سيدنا بصوت مرتفع سيد ، لقيت المرة. ويقول له الحمار B سولفلي عنها ويجيبه الحمار A “ خوش مرة ومسكينة وارملة وزوجها قتل في العراق على يد صدام اثناء ركضة طويريج * وستكسب رضا آل البيت اذ تتزوج بزوجة شهيد وهي وتريد ان تستر على حالها، ونحن ايضا نريد ان نستر على نثايانا ولا نريدها ان تنحرف، ثم انها لاتستطيع العودة الى العراق لان غالب عائلتها اما في السجن او اعدموا. ويفرح الحمار B واسمع جلجلته وصراخه وتهليلة ويردف سيد عبد اسمع هذا يكلفك بعض المال. ويقول سيد مرتضى لا تهتم سيدنا، فك يو، استوليت بمساعدة رياض الجعب على اموال بطاقة الائتمان. واسمع الحشرجة والحيونة واللعاب والانياب ويقول سيد عبد: الف مبروك بالزوجة الصالحة والبيت العامر واكمال نصف دينك وساتصل برياض الجعب ليرتب كل شئ.
ويهدك سيد عبد سماعة التلفون ويعوي ويطلب مني انا ايضا ان اعوي، ونمارس العواء على تلة التراب في الليلة المقمرة بالوحشة الحالمة. ويتصل برياض الجعب ويتوسله ان يقلل قدر الامكان من الكلفة، لان الفتاة مسكينة وارملة وبالكاد دبرنا لها الدولارات وسيد مرتضى خبل مثلما تعرف، واجرى قبل عام عملية كوي دماغي. ويتم التفاهم على كل شئ، والكل شئ هذه تشمل مصاريف الطائرة وكلف التزوير التي ستدفع للمافيا الاوكرانية. ويتهلل وجه سيد عبد ونذهب تاليا الى ناد ليلي ويصرف السيد الاف الليرات وينام في احضان كل العاهرات والراقصات وفي النهاية يأخذ غلاما الى غرفة بالمرقص ويخرج بعد ساعة وعيناه متورمتان ويقول ”دمرني اخ الكحبة“ واقول : ليش؟ ويقول ، قاتله الله ، هوايه جبير.
الفصل العاشر
تركنا دمشق الجمال وفي الاوبة مررنا على الامارات. كنا فوق الغيوم، فوق الزمن واللامعنى واللامعنى يكتسب مضاعفات من تهشم الذاكرة، وانا اقلب في كتب جلبتها من سوريا لان العرب في كندا لا تقرأ. ومن هشم الذاكرة كنت اهجس اني اغرق في لهف القراءة. كنت اغرق بالطول والعرض في شيء يسمى يوليسيس. سيد عبد يفكر في الضباب، ونحن الضباب ويتامل ما فوق الغيوم ونحن السحاب. ثم يحدث شيء ما للهنود في الطائرة ويرفع هؤلاء الجثث بتمهل وبطء. استمر انا في يوليسيس انكماشا الى الكتاب والذات . سيد عبد يركز في أربه، وانا من خفي اتابعه ويقول بتأوه واصبعه في ثقب انفه، ماذا حدث ؟ واقول رافعا عيني عن الكتاب، لا شيء، روح نام. لكن الهنود تشنف اذانها التي تكبر وتنظر الى الوراء والمحجبات الباكستانيات يعدلن ربطاتهن واصوات الاطفال تتقافز مثل كناغر في الممر والهنود يتلفتون، وسيد عبد ينهض ويرمي سبحته ويرسل نظراته وكتابي بيدي اذ اقلب الصفحات بتان واسترخاء بطيط والزمن لاينفك يحتضر والمح شذاذات حمراء يقينا غامرة تسقط تباعا على الكتاب وكانما تكتسحه خلا الصفحة المقلوبة ولا ارفع عيني، ومؤخرة سيد عبد تقترب من تلامس انف وجهي والهنود بكامل قاماتها تقف والمحجبات يرفعن مؤخراتهن بخفر، كمكبس هايدروليكي بطيء، والملابس تنحشر في المؤخرات والسريلانكيات القاهرات كبنات يونان ينظرن الى العلى وفي الاعالي شعورهن منكوشة منفوشة وربلات سيقانهن تميت الباه مع المشك، وصوت نافر يتخلل اذنيّ واستمر " بجلال طلع بك ملكن من رأس السلم حاملا دورقا. وبمهابة تقدم وصعد منصة المدفع الاسطواني" ومؤخرة سيد عبد لم تزل امام ارنبة انفي، ثم تقدح اضوية وتخرج المضيفات مرتبكات ويبرزن في تداخلات الاضواء ويقلن اربطوا الاحزمة، ونشد بعجالة الهجومات في حرب مجنون، ويسقط سيد عبد الى كرسي وقته، على حافة كتابي، والمضيفات يسرن كبيارق بني تميم، ويدققن في الاحزمة واصابعهن ممهورة بالبياض الافق المهيج تمريخا ومرسا للذكر في استنهاض بخار الانثيين، ويبكي اول طفل في العالم السرافيمي ويضيع صوته في الضباب ويضاف بنبرة كاهن " لان هذه ايها الاثيرون الاعزاء " ضوء من نهاية العالم، ويعلن قائد الهنود المحجلين، قائد الطائرة، ان شيئا ما لايعمل، فتيبس الوجوه صعدا الى التخشب ويعلوها الرماد والمسوح والوجوه تسافر في رماد الطين، والمضيفات يطالبن بالهدوء ويصرخ طفل اخر ، ويرتفع لغو مثل حباحب المطر على نوافذ باص والباص يطير في علاوي الحلة * الى السماوات السبع حيث الكائنات الفضائية ترفع كؤوسها للانجاز الكوني في اكتشاف كوكب الارض، والطائرة تصير تتمايل وكتابي في يدي علامة الضوء النجومي واغمضوا الاعين ايها السادة لحظة واحدة، والاضواء الحمر تتوهج محدثة مايشبه الغطيط المتأتي من حضيرة حمير في السفاد الموسمي والبرسيم في افواهها جللا ومهابة، وتندفع فجأة عربة طعام واقداح المنكر تتطاير والرام المقدس وتصدم الرُكب المتخشبة محدثة ضوضاء والمضيفات يصرخن في فوضى التكوين الاول للخلق، لكن صراخهن يضيع مع صوت المحركات المشحون بالبحة، وسيد عبد يمتقع منه الوجه ويضرط عظيما ولحيته النيوترونية تقشعر والهنود ايضا، رغم اسوداد وجوههم يمتقعون، وهنديا مثل كرشنا تجحظ عيناه فجأة وكانما تريد ان تفر الى ماوراء العالم ويبدو انفه المقوس كبيرا، جدا، بكبر زعنفة الطائرة، وفيما انا انظر الى الانف يتدحرج طفل وتتأرجح الطائرة وتهبط اقنعة الاوكسجين، تهبط بسرعة. اغمضوا الاعين ايها السادة، وكتابي لم يزل في يدي اعصره مستنقذا اياه، لكني اضيع متشنجا، ويتشنج الجميع ولا تحيد او تتألم بعد الان. لان تكسير الضوء كما الاصوات يخترق الاذن بلجاجة والافواه والبلاعيم يدخلها ويختل الضغط الجنسي لارواحنا مع الضغط الديناميكي في معادلات التبادل الحراري للغرف المتوازية، وتبدو شبه حيوان يضاجع ذاته المقدسة وباصات المصلحة في بغداد تعوي بدورها مخترقة السماء مع القنابل الفسفورية وانفلاقها فوق رؤوسنا في الحرب التافهة بيننا وبين ايران، ويدخل المسرح فجأة اهل العوجة يقودوننا في موكب النصرة الى الموت الوحشي بعيدا عن انتحارنا بابر المورفين وكبسولات الكيف العظيمة والارتين في الجبهة الجنوبية عند ضفاف المملحة في الفاو والسدود والمتاريس الايرانية، والملح يلعق البساطيل* وينيكها نيكا ويبتلعها كما يبلع العضو الانثوي رجولة الرجال الميامين الاشداء من مدينة الثورة برايات العباس وتشنجات الرهاب في مستشفيات الامراض العقلية وصيدليات سوق مريدي والخوشية* في سوق مريدي بامواسهم ومطاويهم ام الياي. ويخرج سيد عبد دعاء كميل والفوضى كجأجأة مشحونة بالجهد الكهربائي عالي الفولتية بلا استفراغ، وانفلاقات الرؤوس تتناثر والباكستانيات يخرجن مصحف عثمان * طبعة بيشاور وكوالامبور من حقائب الحضائن والمضيفات يتوسلن الهدوء، ويفتح باكستاني قرعانه ويقرأ ما تيسر من سورة يس ثم يعلو صوته بعد هنيهة ويجعل يقرأ بصوت ويؤذن وابنه ينزلق من المقعد الى ماتحت فيرفسه دون علم منه والهندي امامي يخرج تمثال كرشنا والمضيفات يدرن كزنابير حديقة الامة يهرشن رؤوسهن ومؤخراتهن، ويشعل احدهم بخورا وصيني يتأمل ويبرز شخص حذائه ويضعه امامه ليصلي فيهجم عليه رهط من الغلمان ويمزقون القندرة وياخذ كل جزءا ويصلي عليه ولا يتبقى للرجل الا قيطان فيعكف مستدركا عمله في التضرع والصلاة والدموع هفهافة دموية والقيطان لا يتحرك ولا يميل وينهض يهودي ويضع على القحف طاقيته وعلى اكتافه وزرة بيضاء بخطوط سوداء وسيد عبد يرتعش منه الوجه ويكاد يلتهم كميل تصفحا وبربرة، وتقول المضيفات اننا نتجه الى الارض بسرعة ١٥٠٠ كيلومتر في الساعة ويطلبن بزبأة ان تمسكوا بالعروة الوثقى التي امامكم والرهس شديد والباه خرط، والمحركات زئير وكل مؤخرة غير ما لابن بندر لا يعول عليها، والطيار يترك عصا القيادة للملائكة السفلية واليهودي يصير يقرأ بعجالة، ثم يترك جبل قدسه ويأخذ بدفع نتف ورق ولفائف في فتحات التهوية وفي اي زاغور تصله يداه ويردد يا آله شدراخ، وفيما الهرج عارم ورائحة البخور قاتلة وصراخ الاطفال مميت، ينهض احد اتباع يهوه ويصير سائرا في الممر مبشرا، انه يجب ان نبتاع بيوعا في الجنة، ويخرج الايصالات. وينهض اتباع الدلاي لاما ويرتدون مسوح الرهبان الارجوانية ويرفعون مباخرهم وراياتهم ونواقيسهم وسط الطائرة وفي الممر اذ يفتح اليهودي جدائله، والعائلة الانكليزية بجانبي عبر الممر، في الوسط تخرج الكتاب المقدس وتضع الام قبعة يوم الاحد فيها زهور الكاردينيا الصناعية، والاولاد وردات العنق ويمشطون شعورهم والكذل توكالون والزوج في المقدمة ويبدأون القراءة باناقة في يوحنا اللاهوتي عن اخر الايام، واليهودي يهز جذعه وجدائلة المفلولة تتطاير والمورمون يخرجون بدورهم ناي الملاك مورمون ويعزفون، وينبطح الهنود على الارض بطحا ويرشون وجوههم بالوان صفر وبرتقالية والعائلة الانكليزية تخرج مناديلها وتضعها على الانوف وضراط البيض المسلوق يصل قمرة القيادة متفاعلا مع الضغط الجوي، وانا اجعل انظر من النافذة الى الهبوط المدوي وياسين النصير يصعد النخل في بغداد ونجمان ياسين يبول في مغسلة الاتحاد ورعد بندر يخرج مسدسا امامنا ولؤي حقي في السجن وجاسم الرصيف على الرصيف، وسيد عبد يفلت تربته ليصلي لكنها تتدحرج الى فتحة التهوية، ويختنق الجميع في كبرياء، وانا لم ازل في يوليسيس وفيما انظر من النافذة تظهر مركبة فضائية مشعة واضواء خيالية، وفي لحظات يعلن الطيار ان المحركات عادت للعمل، وترتفع الطائرة ويغمز لي الاجيجي* وتنطلق مركبته باسرع من الضوء مخترقة الحجب والسماء الاولى باتجاه كوكب نيبور. ويعم الفرح ويقبل الجميع آلهته. وتندفع لمة المضيفات بشعورهن المنفوشة مكابدات والزيج هدل* والزخم* ملونة، يوزعن شراب الرام المقدس والبيبسي الدايت واستمر انا في قراءة يولسيس مبتسما ” اصعد ياكنتش، اصعد ياجيزوت المريع “ وترتفع الطائرة بقوة.
* *
نصل ارض المبل ليف* وفي تصانيف الكلدان، ان سيد عبد لم يزل في ارصاد الكواكب دائرا على البيوت راويا ساقيا الزهرات والوردات والشتلات والنخلات وكل ماترك السبع، حتى ارتقى في اليوم السابع من حكم النماردة منبر الحسينية نائحا يقول:
الصلاة عليك يا مولاي يا ابا عبد الله. صل الله عليك يا مولاي يا ابن رسول الله. يا عبرة المؤمنين ورحمة الله الواسعة. ما خاب سيدي من تمسك بك ومن لجأ اليكم.
اشهد انك جاهدت في الله حق جهاده حتى اتاك اليقين. فلعن الله امة قتلتك ولعن الله امة ظلمتك يا ابا الفضل العباس ولعن الله امة استخفت بحقك ولعن الله امة استحلت بقتلك وهتكت بقتلك حرمة الاسلام. فنعم الصابر المجاهد. ان لله ابوابا امرنا ان نطرقها. سيدي انت باب الحوائج الى الله.
يااحباب ابن بنت رسول الله، وصلني من المرجع دام ظله ان القائم * في اوشاك الظهور نقلا عن كتاب الحجة في باب مواليد الائمة وقد تحقق في مولود لشيعتنا في ارض مشهد وهذا الوليد:
“مطهر مختون
-وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين
-ولا يجنب،
-وتنام عينه ولا ينام قلبه،
-ولا يتثاءب
-ولا يتمطى
- ويرى من خلفه كما يرى من أمامه،
- ونجوه (فساؤه وضراطه وغائطه) كريح المسك “
سنفتح يا اخواني صندوقا هنا. سنيسر الاموال لقائمنا يستخدمها في اظهاره للحق واعادة الخلافة الى بيت ابنة رسول الله. ويكمل والدشاشة سوداء والغترة خضراء. من له ذهبا فليبعه، من له اموالا فليقدمها.. ويجعلني السيد عبدا قائما على الصندوق. واشعر بالفخر واضطراب الروح والكلى. ويرتقي الشيخ الطهراني الذي جاء بامر من المرجع، المنبر. ويلقي خطبا وينوح نوحا ويلطم لطما. وتنهمر الاموال والنساء ينزعن عنهن الذهب والقلائد والاساور والمحابس وكل ما اكل السبع، وتقول واحدة فدتك نفسي، وتدفع بصغيرها الينا وتقول هذا للامام. ويقول لها سيد عبد: لا نريد اولادا. الامام لا يحتاج الى الاولاد، فك. معه ملائكة السماء. ورياض الجعب ينتظرنا خارجا والعويل في قاعة الحسينية متلاطم.
نخرج، سيد عبد وانا ونصعد سيارة الجعب ومعنا الابيض والاصفر، وفم سيد عبد يعاني جفافا وعيناه كرتا نار. ونتجه الى مكان، ما لكنهم يتوقفون قبل الوصول قائلين اهبط من السيارة وانتظرنا في الحسينية. واقول لكني كنت هناك! ويقول سيد عبد فك، انزل الان واشتر لك دبل دبل* ويرمي بدولارين، واعوي ببوزي الى السماء واعصاب الرقبة ظاهرة، وامسح مؤخرتي باطار السيارة والظلمة شفيفة والدولارين ضائعين ورائحة بول كلاب تسفع الوجوه، واسير في الشارع مع همهمة ريح واكتناس ولا حواص في عقلي، اذ يغلق عن اجتياز حاجز اشعاع الغدة الصنوبرية. ثم يتلبسني كماء رجراج استيحاش غامر اذ ينشب في قلبي ولا ينجبر الوهي. ومع مصابيح الشوارع وفي العلى تمر جوقات الزرازير بصراخها، يبددها ركض اهل سريلانكا والساعة تقترب من منتصف الليل والبرد مثل اي ابن عاهرة، يسير هامشا الوجه وتشعر مع كل خطو باتجاه الفراغ ان مؤخرتك تتجمد وهناك نوع خاص من البرد يشبه صراخ الحدأة وكأن البرد ينزل كما مطر ويدخل بهسيس واحيانا بعويل الى كل اجزاء عقلك ويتجمد وتغدو لاعب سيرك، اذ تركض الى ما لانهاية باتجاه نقطة وهمية في دماغك المتعب وتفكر بالسناجب وهي تصعد الارصفة مع اضاءات متفرقة قادمة من شوارع جانبية. وهنا تلقى دماغك مرة اخرى يسابق الفراغ المتحصل من الوحشة الدميمة التي تطل بوجهها عليك والهنود الذين يسيرون في جوقات بعمائم وقمصانهم مكوية بشكل حاد رائع، لا يدخنون ولا يحدث لهم انتصاب جنسي وقضيبي وهرموني لمرآى المؤخرات غير الهندية. لكن العاهرات يتمشين في الشوارع مع البهتان اذ انظر ورغم الجحيل * الى الرقابة الذاتية وتتحسس ترقب رجال الشرطة بسيارات الفورد الكبيرة وهم يحاولون اقتناص مقوم. فنهرب كلنا الى ملاذات الازقة وانظر الى البانوراما المتشكلة مع وحشتي، وتندفع العاهرات امامي من الجوانب مثل جثث وافواههن مداخن تنفث حمم وحشية والسجائر المنعنعة لاتعطي دفئا، وفي الارجاء والمقتربات ينمو مراهقون مع مراهقات ورائحة الاباط المجللة بالنيكوتين والعرق البارد والالسن المثقبة تندفق الى البرد. واندفع الى اقرب محل قهوة بغية تدفئة اصابعي ووجهي واجلس لصق النافذة وتزداد الوحشة اذ انظر للبهتان وانا اسير خلف سيد عبد ممسكا له بالكلينكس ريثما ينهي مضاجعاته، تاركا مشروع الكتابة، فيعم ليل بلا ليل. وفي البرد المجوقل، ينتابك النسيان لان تجد شخصا يمكنك الحديث معه، باستثناء منغوليين يجلسون على كراس متحركة يجرعون القهوة. ويدفعني هذا الى الانتحار، وينبغي اذا ما اقدمت على الموت، ان تنتبه ، المتقاعدون في ارض المبل يحتفظون دائما بنواظير عسكرية ويمكن لهم ان يبلغوا الشرطة ليمنعوا انتحارك، حينها عليك ان تتحمل كل الاشياء التي تتبع محاولة موتك بتعليق نفسك الى غصن، مثل تسببك بالاذى للاخرين، ودفع غرامة للشرطة لانها انقذتك، وغرامة اخرى للشجرة التي كسرت ضلعها، ومع الغرامة عليك ان تدفع الضريبة (التاكس) طبعا.. وبعد لاصفاء ذهني في المقهى متأملا اوجاع عدم الكتابة. تدخل امرأة مع رضيع، وادرك انها احد اعضاء العائلة المقدسة في الحسينية واقوم محييا ومعرفا اياها بشخصي، ثم استفسر ان كانت بحاجة لمساعدة. ونجلس الى طاولة ثم تبكي وهي تدثر الطفلة قائلة، انها طردت حمه قبل ساعة. وتشهق والمنغوليون ينظرون مبتسمين وتقول ايضا: انه ضربني لانه لا يريد لي ارضاع الطفلة من صدري، شارحا انه لا يحب ان ترضع طفلته حليبا عربيا. واشعر بالناموس يخرب. ونتجرع قهوتنا، ثم تودعني. واخرج انا ايضا وافكر انه في يوم ما وعندما تصل التكنولوجيا الى المراحل العليا فانه سوف تتحرر النساء من الرجال ونعيش نحن - الرجال - لوحدنا كأيتام، يأكل بعضنا بعضا، فيما النساء يعيشن في محبة وسلام وموسيقا مع الله ولا تعود لنا امهات لاننا - الرجال - سببنا لهن الكثير من الوجع والاغتصاب واجبرناهن على ممارسة الجنس الفموي. واقف مدخنا في العالم، وما ان تصل السيجارة الى نهايتها، حتى تتوقف بغتة سيارات شرطة والاضوية تتفجر منها وبعد دقائق، ينزل حيدر من العمارة بصحبة رجال الشرطة وحيدر هو احد ابناء الحسينية، والهراوة بيد الشرطي ومؤخرتي تقشعر ويجعر حيدر: مناويك، خرة برب هذا البلد. واهرع واطلب من حيدر ان يحكي بسرعة ويقول بلهاث: مناويك لم افعل شيئا، فقط التهمت عشرة الاف حمامة من حمامات الساحة العامة، فك از، فك بيهايند، فك افري ثنك. واتوسل الشرطي ان يسمح لي بالحديث ثوان ولا يوافق ويسحبه من امامي، ويصرخ حيدر، انكم تضطهدوننا لاننا مسلمون ساشتكي الى البرلمان والشرطي يشد عضلاته على علبات حيدر والعلبات وسخة ينز منها الدهن والقمل، والقمل يلمع والدهن بسبب اكل الحمام. وبعد ان يحشر الشاب في السيارة تنزل من العمارة الشرطة مع الاضواء الحمراء والزرقاء ومعها اقفاص الحمام وربع طن من الريش. واحدق وحيدر كفر وضرب رأسه بالحاجز الامامي عمدا، واتركه واضواء السيارات القحبة تزداد “دورانن “معلنة التهيؤ للحركة وتنعكس الاشعاعات على وجوهنا وواجهات البنايات المحاذية والهوملس ينظرون والعاهرات يدخن والمنغوليون يبتسمون.
صباحا يصل سيد عبد الى الحسينية ويقول بعصبية انه سوف يسافر اليوم الى لندن بصحبة الشيخ الطهراني لتسليم الاموال الى المرجع واودعه. وفي صباح يوم اخر يصلني اخطار من مكتب معونة العاطلين عن العمل بضرورة الحضور، واقلق واسأل بعض الاحباب ان كان لهم معرفة بطبيعة هذه الاستدعاءات. ويكذب الجميع كالعادة. واتوجه في اليوم التالي الى المكتب واجلس في الاستعلامات واشرب كل دقيقة قدح قهوة وموظفة الاستعلامات تنظر بوجس واسحب خيوطا من حذائي وعاطلين مجانين عن العمل امامي، نساءا ورجال، بوجوه مطهمة ولحى نابتة والنساء ايضا بشوارب وجثث ضخمة ورائحة العفن تفوح. وبعد ان اسلت عشرات الخيوط من بنطلوني والحذاء وقضم الاظافر والتدخين خارج البناية يتم استدعائي واقاد كسحلية واجلس ككلب امام الموظفة. وهذه ترمقني بنظرات قاتمة وتقول وخيط جديد ينتأ من حذائي. اين كنت قبل اسابيع؟ واصدم ولا استطيع الكلام والخيط المنيوك يكبر وتكرر الموظفة السؤال وتلبس نظارتها وتحملق في شاشة الكومبيوتر واقول هل استطيع الذهاب الى المرحاض ، وفي المرحاض اضرط اكثر من اي يوم مضى. واعود بعد دقائق الى المكتب والموظفة تشرب القهوة وتستمر في التحديق في شاشة الكومبيوتر وتكرر سؤالها. واقول هنا. وتقول ماذا يعني هنا، اريد جوابا محددا. واكرر، هنا، دون اضافات. وتقول الم تكن خارج كندا. واجيب نافيا واهرب مرة اخر الى المرحاض واضرط ازيد من المرة السابقة والمنظفة تمسح المغاسل وتستمع الى سمفونيتي. واقول لا اهتم، خرة بالمنظفة واستمر بالضراط واقول فعلها بي المناويك. واعود الى المكتب والموظفة تستمر في تجرع القهوة وتدق بالقلم على الطاولة وتكرر للمرة الالف اين كنت في الاسابيع الماضية ؟ واكرر بدوري، هنا. ولاتعير اجابتي اهتماما وتقول: احدهم قال لنا انك كنت خارج كندا واقول حسنا وماذا بعد ؟ وتقول الموظفة من اين لك اموال بطاقة السفر واتلعثم ثم اقول سافرت على حساب صاحبي وتطلب الاسم ثم تقول. كانت لديك اموالا في حسابك وسحبتها ثم قدمت اوراقك الى مكتب الاعانة. اين هذه الاموال. واشعر فجأة بالانهيار واقول اريد قدح قهوة وتصب لي من ماكنة القهوة. ونظراتها حادة وتقول بنفاد صبر. لقد كذبت على البرنامج ولم تصرح انه كانت لديك اموال. واقول انها ليست اموالي انما اموال صديقي وتقول لماذا لم يضعها هو في حسابه. هل تغسل اموال الاخرين؟ ويصيبني شيء مقارب للخبال واقول بتيهان لا لا. وتعلق الموظفة: كنت تساعده في التهرب من الضرائب، هذه قضية ثانية وساحيلك الى الشرطة ان لم تخبرني الحقيقة. واقول: حسنا هل استطيع ان اكفر. وتنظر بوجهي ببهوت واكفر ثلاث مرات متتالية ومتتابعة واقول حسنا. ساتحدث عن كل شئ وتضع السيدة القلم جانبا وتكرع من قدح قهوتها بلا صوت وامخط انا في خرقة اخرجها من جيبي. واتحدث باسهاب شاعرا بالهزيمة. وبعد انتهاء التحقيقات تقول حسنا. انت مطرود من البرنامج وعليك تسديد كل المبالغ التي استلمتها. واكفر قبل ان اغلق الباب خلفي ساحلا الساق التي تتوقف عن الحركة وبصعوبة اقف متماسكا في الشارع والنعل تتهافت علي من السماء ثم اجلس قرب الهوملس وادخن بشراهة ونظري يزيغ.
اعود الى الحسينية واسأل ان كان سيد عبد قد عاد من لندن ولا جواب طبعا، بل وجوم ووجوه مثل وجوه كلاب البودل وبعضهم يضحك والمس في الحسينية ارتباكا وفيما اعبث بانفي ملتبسا بالتيه الوحشي والجوع والعري واحساس الفقدان. يقتحم سيد صباح الحسينية مثل مجنون وهو ويكفر ويهذي ويقول اب من، ابن من؟! واقول: ماذا حصل لك، خبرني. وينهار واجعل خلف علباته كوشة ويتجمع حولنا الاحباب وسيد صباح يهذر: ان زيارة قالت له في لحظة تجل ان الطفل ليس ابنه وانها هي ايضا لا تعرف من اي رجل حبلت به. ويكمل: فتحت فمي للهواء والذباب ولم استطع التحدث معها لفترة طويلة وكنت مجمدا في مكاني واعصابي تفعل شيئا ما في جسمي لا اعرفها لكني كنت اختض وجسدي يتنمل وفمي ايضا وشككت اني ساصاب بجلطة وصفحة وجهي تنمل ايضا وفمي يتلقي الهواء مع احساس ان الحشرات تسير بين اسناني، والهواء قليل في الشقة والثلج في الخارج يصير اسودا ويتزحلق الكلام من فمي اذ بالكاد استطعت تحريكه، لساني، وكنت ابنا للبراز والرائحة تعم الشقة وزيارة امامي تكرز حبامملحا وعلى الطاولة جرزات اخرى، وتجلس تتابع (شو جورج كارلين) وانا امامها اكاد ابول على نفسي ونصف لشتي تنمل والتنمل ينتقل سريعا بطئيا، سريعا بطيئا الى خصيتي واشعر ان اشيائي بلا كمرة ولا وجود والثلج في الخارج يتكثف وهو لا هفهاف وعلى الاشجار بعد ما يهبط يتحول الى جليد، وهي تكرز الحب وكراعينها على الماصة * ثم تأتي بجزء يسير من كرشة الباجة التي اشتريتها انا باموالي وتشفط الحساء والطفل يبكي وهي لا تهتم، وهو يصرخ وانا مُنمل ولساني ايضا يتمدد اليه الخدر ثم يسقط رأسي الى الوراء مثل ارول عندما يلتفت ، وتعود هي الى تكريز الحب والقشور على الارض وصراخ الطفل يتحول الى جعير، ثم يتردد الصوت بين الجدران ضاربا الجوانب ويضرب ايضا في كل مكان وكأنما هو قنابل يدوية واصوات سيارات شرطة واضواء محطمة وقشور الحب على الارض ووجهي، وهي لزجة ومالحة ولا استطيع القول كيف حدث هذا. وهي تتابع الشو وتُكَرز ثم ترفع صوت التلفاز وابوية يشتعل، واهجس ان مؤخرتي ايضا يضربها الخدر بدءا من الفردة الاصغر اذ ان مؤخرتي غير متساوية الكتلة بسبب عوق ولادي وهو اصلا مرض اورثني اياه ابائي عندما حلفوا كذبا بالعباس والجنازة على الارض امام شباك العباس ولم يشدوا علكا * ولم يصوموا تكفيرا عن الحلف وقيل انهم بالوا عندما اقسموا، فعرج منهم من عرج ومن سلم قُلب الى خنزير ولا تعرف مصائرهم حتى الان. ويكمل: قالت له انها فعلا لا تعرف من اب هذا الطفل. وتتنمل ذراعي ولا استطيع تمريخها والثلج الاسود يبرد الاشجار مغلفا الافرع، متحولا الى ما يشبه قطع الكريستال فتلتمع هذه، وتتلألأ الاغصان، ولا يمنعني هذا من سماع الطفل اذ يبكي بحرقة مع انقطاع النفس والعاهرة امامي. وتضرب سيد صباح موجة من الشهقات وانا انظر ولا احول البصر واحباب آل البيت معي واجنحة الزرازير في ضوء الثلج تبتعد، ويصلنا على حين غرة، خبر القاء القبض على سيد مزاحم وزوجته اثناء عبورهم الحدود الكندية الامريكية بتهمة فتح بيت حب غير رسمي ويقول سيد صباح. انه لايدري مايفعل، لكنه يريد ان يقتل سيد عبد. ويخرج سكينا ام الياي من تحت سترته ويلوح بها والرواويل في فمه وعيناه تكادان تنفجران وخصيته ايضا، وزيارة تضاجع عشرة رجال في الاسبوع باستثناء الويكند، ولم يكن يعلم. وتولول النساء ونقول لسيد صباح. اسكت واستر على عراض الناس، لكنه ينفجر في وجوهنا مثل قنبلة مدفع نمساوي ويقول اين هذا المنيوك سيد عبد سافضحه، ساقتله ونحاول ان نتلقف السكين. وفيما الدموع تنهمر- والنساء يقلن ما الذي يجري لنا في هذه الحسينية وشرائح البياض تهمي والفروخ تتقافز بين ايدينا مثل الضفادع، وعدة التطبير جاهزة وصوت باسم الكربلائي يرتفع مع تكدس الثلج وبقايا سندويشات دجاج مكدونالد على الارض وراية العباس عالية وجوقات طائر الروبن تطير محلقة عبر الفضاء الرمادي للافق ومتجهة الى العدم - حتى يدخل سيد مؤنس والدماء تنزف من رأسه شاعرا بالذهان ولا يدرك ما الليل وما النهار، فنترك سيد صباح ونهرع باتجاه مؤنس اذ يسقط الى الارض فوق السندويشات وصلصة التغميس، وسيد صباح يهذي في ركن ويضرب راسه بالحائط. ونقول لمؤنس مابك؟! ويرد هذا وانفاسه متقطعة وسحاب بنطلونه مفتوح وكدمات على وجهه وازرقاق كبير اسفل عينه. فعلتها القحبة. ونقول من هي؟ ويهمهم: الشرطة ستأتي. ويطلب ماءا ولا نجد قدحا ونأتي بالبريج * من المرحاض والماء يزرج ويشرب ثم نغسل دمعه وفمه ويبصق على السندويشات والصلصة ورأسه نتركه. ويقول ستأتي الشرطة، الان، الان.ويتشنج والنساء يحطن بنا ويضعن اكفهن على افواههن. وسيد مؤنس يهذي ويقول: هربت شكرية. هربت شكرية مع الاولاد. ويصاب سيد صباح بنوبة صرع ونترك مؤنس ونحشر في فم سيد صباح منديلا ونصب من البريج على وجهه ووجهه يزرق. ويصرخ سيد مؤنس لا تتصلوا بالشرطة. ونقول لكن هذا سيموت . ويقول: فعلتها شكرية. وتزول نوبة صرع سيد صباح ونتركه ونتوجه الى سيد مؤنس وهذايهذي: ضاعت كل اموالي، كل اموالي ويكفر. ونقول: شنو السالفة؟ ويقول احدهم: شكرية اخت سيد عبد ويقول سيد مؤنس: نعم هي اخته، زوجني اياها قبل سنوات وبعد ان سحبت كل اموال بطاقة الاعتماد والقروض صارت تهددني ان لم اشتر لها بيتا وسيارة تكشف امر عملي تحت الطاولة لمكتب مساعدة المرضى غير القادرين على العمل. واشتريت لها خوفا بكل ما املك، وفي النجف ايضا اشتريت لها بيتا. وبعد زيارة سيد عبد لنا قبل سفره. اتهمتني بالجنون واني اردت بيع كلى الاولاد، وابلغت الشرطة وها انا ملاحق. وتضرب النساء رؤوسهن ويخمشن وجوههن ويقلن ماذا حدث لنا ؟ وموجات الزازير تطير لا علاقة لها بنا في جوقات صارخة، ولاضباب في الشوارع. واشعر بالانهاك ورائحة الموت تغلف المكان، واصير انا ايضا اهذي وابربر بكلام لا افهمه ثم تنتقل البربرة الى الجميع نساءا ورجالا وزعاطيط ونصير مثل الديناصورات وهي تختنق بدخان البراكين ونلوي رؤوسنا الى الخلف مثل الدجاج وعيوننا تلتف ايضا، وسيد عبد لا وجود له. ويمر شهر واخر والهذيان عظيم ، واقف كل يوم امام عربة طعام الهوملس لاستلم قدح القهوة والحساء واجلس مع الاصدقاء الرائعين ومنهم منغوليين شرفاء وادخن اعقاب السجائر ثم اعود الى الحسينية والدخان كبير قوي ولانعود مع مرور الايام نذكر سيد عبد ولا يظهر هو ايضا في احلامنا. لكننا لقينا بعضا من الامل اذ جاء في كتاب الكرة والاسطوانة والمسبع، الذي وجدناه في خزانة الحسينية، انه سيظهر وستتم مشاهدته في جزر البهاما وفي فصل اخر، انه سيكون موجودا مع الامام في برمودا. ونجلس بعد تصفحنا الكتاب نساءا ورجالا وزعاطيط نحدث بعضنا البعض، انه نما الينا خروجه من جزيرة برمودا وهو الان في جزر شيلي يجمع اموالا للامام وامامه راية سوداء خضراء ويتمنطق بحزام اسود ابو الدكمتين - هكذا حلمت به النساء - وفيما نحن ننتظر ليلة بعد اخرى وشهرا بعد شهر، تصلنا رسالة من وكيل مبيعات يقول فيها: اخلوا المكان لاننا اشترينا البناية. ونحمل جولاتنا ورايات العباس وصور وتشابيه ابن بنت رسول الله وعدة الموكب والتطبير وشحاطات وسرج حصان الشمر وشخاط قديم وقمصلة ام حباحب وكاسيتات باسم الكربلائي نسيناها وبريج المرحاض ضاع، والسبح لم ننسها ولا كتاب الزيارات ودعاء كميل.. ثم تهنا في الزمن الجميل.
الفصل الحادي عشر
أن تكون مثقفا فلا يشير هذا الا الى حماقة. وانا فيض الحمق، آكل اصبعي كل يوم. ومنذ ان طردت من الحسينية اجوب الشوارع مع الزمهرير. لا ضراط في السماء ولا على الارض. كل المضرطون هربوا، لا نساء، لا رجال، لا عاهرات، لا ادوات تجميل. ما من جدوى البتة. لا جدوى من السماء ولا مع القراءة ولا في الملائكة. كلهم يعبرون سماء التفاهة العظيم باتجاه الهدف العظيم، النار. والكل يختنق بالاردية التي صنعوها لانفسهم. زرازير على تلال، كلاب تركض في الصماخ. هنا انشداد وجه الارض بفعل البرد. اني املك الرؤية والرؤية لا تملكني. في النهاية نحن لاشيء في الفكر الازلي للعالم، الالهة. والاقدام تغوص في الثلج والاحذية مهترئة والجوارب مبللة. اني اسير مثل دب، يتمايل منه الجسد، والبخار يخرج من الانف والفم كما لو انه هروب نحو الموت، لكن لا موت هنا ولا هناك. فقط فجيعة الشوارع ومصانع وادخنة وابخرة وبشر يمتص منهم حتى النخاع، وكلها تسلقني. بعض من الليالي اقضيها في مواقف الباصات، عندما يذهب الرجال الى الفراش والنساء لتغيير الحفاضات النسائية. اجلس في المواقف المفتوحة فيتسلل البرد الى طيزك فوضويا، لائكيا، مثل الحياة، مثل حياتي، ذاكرا البرد القاتل في الحروب والاضطرار الشنيع الى التبول في السراويل. لكن هنا يمكنك التبول في حمام دافئ دائما. تدخل مقهى التيم هورتنز بلا نقود وتجلس في صالة المرحاض ورائحتك عفنة من اجل التزود بالدفء، وفيما بعد تجلس الى الرصيف الملاصق للمقهى بانتظار ان ترمى لك قطعة نقود، او يمنحك عابر قدح قهوة بالكريمة.
في ليالي الانجماد والدبيب يختفي في جحوره، تمر بي كلمات زوجتي: من ليس باع في وطنه ليس له نصيب من هذا العالم. وقتها صرت وفي هذا الهجيج، افكر ان كانت تنطق بحكمة ما، حكمة العصافير الحديد. لكني اعود القهقرى الى المكان الذهني الاول. العقل البدئي، قبل الطوفان، عندما كنا طحالب متكونة من المزيج الرائق لبصاق رجال جاؤوا من الكواكب البعيدة، بعيدا عن فكرة العود الابدي. البرد يعلكك، قاتل في كل الاحوال والبيئات، في جبهات الحرب مع عريف مطي او هنا. لا اصدقاء، لا امرأة. غالبا ما يركبني هياج الحيوان. الحيوان الذي في داخلي يركض على البحار من اجل النيك بغية التواصل الابدي مع قانون الاستمرار، وعندما يتسلق الباه صاعدا الى الزردوم ويخنقك تعجل الى مرحاض عابر، في مقهى عابر وتفرغ حيامنك. كل الاشياء عابرة. لا مخيلة للزمن والخيال يهرب مع العقل، الفكرة، الجنوح، الابداع بعيدا مع الافلاس الممزق. ثم لا يبقى من وهج القذف الا انتفاخ غريب لخصية، وتجمد كيس الصفن وموت الغدد الجنسية. احيانا اقول: وردة لكل الذين عبروا حياتي. امحضهم موت العقل وانحساره. من الاجدى ان لا تذهب الى المرحاض في اوقات الذروة ولا في اوقات العشاء مع المتقاعدين الذين يملؤون العالم ازيزا. هناك اوقات تسمى الزمن الميت، هي الاكثر مناسبة والاكثر استرخاءا،اذ تجلس بلا ازعاج لان يطرق احدهم الباب وانت في قمة الاستمناء.
قضي من الزمن اسبوع، والزمن لا يسير، واذا ما مشى، يسير متراخيا. الزمن فكرة مجهولة، مع المطر، لا افهمه، من يفهم الزمن ؟! الفيزيائيون، الكيميائيون، الدليم، الملائكة، الشيطان. الشيطان لا يعيش في الزمن، انه خارج التأويل والانساق، نحن فقط من ولد من الزمن، زمننا مرهون بالموت، لكننا نبقى نحب الى الابد، لاجل استمرار الحياة الخالية من الحب. الزمن كفكرة يشذبني والرذاذ يضرب متلاصقا، والبرد والموسيقا النشاز التي تنبعث من كيتار احدهم لا يبلغ العزف، في ساعات الصباح البطيئة، تميتك.
مكاني المفضل هو سلم المول الخارجي المؤدي الى السطح. كاترين وجينا عجائز من الزمن الجميل، قبل الهجرة، من الزمن الذي كانت لنا فيه امهات وجدات ونسمع جيمس لاست، ولم نذهب الى الحرب بعد، ولم نشهد الحصار. الان هن من الهوملس. يوما ما كانتا جميلتين ببناطيل كاوبوي وايقونات الهيبز وتدخين الحشيشة ومساعدة بادر ماينهوف والعبث بفروجهن بلا استار. اليوم اصابعن ترتعش وانقطعن عن عادة النساء. العالم بالنسبة لهن حقنة وريدية، اضمامة ورد او ابرة تحت الجلد. هناك ايضا جون الهندي الاحمر الموبوء بالقمل والمأبون الذي ترك الايائل في غابات وبراري شمال انتاريو، ليموت هنا، في الحضارة الرأسمالية. اقترحت جينا ان اذهب الى الشلتر* فك از مام، سيكون لديك ايها الاير الصغير سرير وقهوة وسوب ساخن. وفي الصباح والمساء بامكانك ان تدور في الشوارع مع الموسيقى والبرد والثلج والانجماد لتبحث عن اعقاب السجائر قرب الابواب، او علب اطفاء السجائر. لكن هذا لايجبر الوهن. اذ احسب ان انام في الشوارع على ان ارقد في بؤر القمل. لكن عليك ان تجرب ايها المؤخرة الصغيرة. هكذا تقول جينا. ويقودني جون مع علب البلاستيك خاصته الى الشلتر، ويقدمون لي هناك سريرا تجانست عليه كل الرجال مع الرجال، ورغم انهم غسلوا الفراش والسرير والسقف والارضية الخشبية المبقعة ،الا ان العطن عالق في الهواء وحافات السرير والارضية المنيوكة والكواكب العرجاء ايضا. وعندما يزف عاجل النوم والحكة تصل بك الى السماوات السبع وتنخمد، يئن جيمس ثم يتقيأ على الارضية والقيء يصطدم الارض ويتطاير الى حذائك المنيوك، وتنهض ملتاثا لان جيمس ياخذ بالصراخ ايضا طالبا المزيد من الملاك، المزيد من الحقن، المزيد من موسيقا السيبوي. وياتي رجل الاستعلامات والحارس ويدحرجون جميس الى خارج الغرفة، ثم يعود هذا بعد دقائق ليقف كما رعاة البقر عاقلا في ضحضاح الضوء، بلا قميص في متلازمة المخدر ومباعدا بين ساقيه وجمجمته كبيرة، وياللمسيح وورقة الكاهن يقدس في هيكل العرب - الكعبة - واكاد لا اميزه دون ترجمان، ثم يبول في سرواله ، وجون ينظر من على سريره وقفازه ممزق ويسحب اليه علب البلاستيك ويدفع بها خوفا الى ما تحت السرير، ولا ملاك في هذا البون يشد الازر والشيطان يتعبد وحده والقمل يدبي، ومن الاسرة تفوح رائحة البول والنيكوتين وتكون الاحلام لا احلام وانت تفكر بحذائك اللعين، ثم يتجشأ منيوك اخر ويهرش قبعة البيبسبول الوسخة واعصاب يديه ظاهرة ورجل الاستعلامات نسي ان يطفئ الضوء والضوء امامي، وفي متلازمة عيني مباشرة، وانا افكر في الحذاء، وما ان اشعر باني انام نومة اخرى حتى تبدأ اخيلة الذين ركضوا خلفك من الجيش الشعبي، والملاك يتركنا في الحصار نبيع ارواحنا لنشتري لقاحا للاطفال، والاطفال ينجذبون الى الهاوية، لانه في سفر المزامير صلت اليهود لبابل ان "طوبى لمن يضرب اولادك بالصخر" وطائرات امريكا تحرثنا حرثا وتُحرقنا حرقا، وفي تحاريق النار، الذكرى، اهرش القمل والقمل بكبر مطي يسير على الجليد والعصافير معه. وعندما يطفئ احدهم الضوء يصرخ شخص ويدخل نوبة بكاء وشتيمة ويهرش بقوة كتل الزرنيخ والمدافع والغابات مع حيوان السمندر الذهبي، وينهض ويمد يده الى خصيته الملتفة على اشجار الكروم والقيء على حذائي ويقول: فك بهايند سوف اقتله، كتلة الخراء هذا. وجون يداعب الشارب، والشخص لا يكفر مثلنا، اذ اول ما نفعله في هذه الحياة الطحال، صنيعة الانوناكي، الكفر بالله. ويقول الشخص سانتقم منه، ساوجه الى راسه رصاصتي الطائشة، ويريد ان يضرب جون الهندي وجون يحشر في سريره بلا حركة، اذ انه يعرف تماما كيف يتعامل مع هذه النماذج المطرودة من مملكة الجن ويدخل رجل الاستعلامات مرة اخرى ويحاول حمل هذا الى خارج القاعة، لكنه يتمرد ويضرب رجل القاعة على الحنك، ويغدو كل شئ خراء والضوء مطفأـ ولا احد يوقظه وياتون بالممسحة وبق الفراش اشاهده يدبي، فانهض حاملا حقيبتي والكتب واهرب معقبا علبة الطعام ومصطدما بحقيبة جون الذي لم يزل متكورا على سريره مع العلب.
اهيم في البراري مثل زهرة خشاش وحيدة على فم نهر. لم افكر بسيد عبد او اين يمضي حياته. النجوم لا تمنحني الوقت وتدلني على مساراتها الخفية يوم تغيب في برج الجدي او يظهر نبتون ضعيفا في المساء.
حملت بعد طردي من الحسينية التي بيعت سفاسف حياتي، الاوراق وبعض الكتب وهناك القلم الذي ما عاد يكتب. اني لا اكتب الان، انما احمل الاوراق مع الرذاذ. يوما سامسك بالقلم والقرطاس وساكتب. ساكتب عن الاحلام بابعاد كونية، عن تأسيس معنى الالم يوم كنت كلمة في فم الاله فنفخني في هذا العالم التافه طاردا اياي من مملكتي السماوية. فتحولت اثر النفخة الى حيوان سابح في المني، هابطا من الهيولي الى النسبي. ساكتب عن الروح ايضا، مجدفا بالاقيانوس وعن دلالة العلم التافه، منوها للضياع والدهشة التي تجابهها وانت تسير مثقلا بالحجارة ودورة حياة عبر مطاردات الالهة والشياطين والانفجارات النووية في ارض سومر وتحطم المدن وانهيار الجينات المتسلقة ثعابين حياتي التوراتية في العهد القديم المنسوخ من قصائد سومر ارض شنعار. اني انتظر الان، في هذه اللحظة، في التجمير، في الدقيقة المحايدة من الزمن والثأر المُنيم من وضاعة حياة سيارة السلفيشن ارمي. اني انتظر قدح قهوة وعلبة حساء ساخنة. عندما تتحول الامطار فجاة الى ندف باهتة من الثلج ،وحينما ترفع رأسك الى العلى وتنظر الى مشاهد الثلج لتشاهد مجريات الندف وهي تتأتى من فالق نحو وجهك. عليك علامات الدهور وعلى انفك المدبب تتساقط الذرات وتذيبها حرارة انفاسك ولا ترمش ولا ترتعش ولا تهجس ولا تمطر ولا تغمض ولا تستريب في السؤدد العربي الذي تركنا في ايادلاترحم ولاتستنير في شعلة العالم الفوضوي وتسلط الراسماليين والشركات العابرة للعالم والشوارع بلا انحناءات وغارقة بمزيج كرات القطن متهالكة تهبط باتزان لامعنى له ضمن قوانين الفيزياء. وفي لحظات يزداد الخبال وعيناك لا ترمشان مستمرا في التحديق الثابت الناجز ببله وكرات الحليب تهبط في حركات انهيار القبة السماوية والكواكب وتلتئم على ارنبة انفك والشفة مشققة ولا تذوب لان البرد يزداد لهجا كمن يلج بحروف النور السري للاسرار الكونية وخلق العالم من الفكرة وعقل الاله الغامض النائي بعيدا في اتجاهات مسالك الريح من مداخلها الخفية. وعندما تموت الاشجار، وعندما يتحول المطر الى قصائد سعدي يوسف، عندما تغلف اشتات الاشجار الوعي خارج وداخل المكان،فأن كل الاستنتاجات المعرفية تتساقط. وليس الامر سيئا ولا غريبا، انما قاتلا وانت تجلس على سلالم الكونكريت بصحبة المجانين والمعاقين نفسيا والمجرمين الخارجين من الزنازين حديثا بانتظار ادوارهم كل يوم امام مكتب التوقيع. يبرد إستك الخالد خلود اهل نبيرو واللحم يتقلص الى الدرجة الاقل،مدثرا بدثار ذاته، تبر الذهب ولوعة الذبح وتفاهة الاعتقاد. فتبحث بدورك ايضا عن اعقاب السجائر، هنا تكون الذات مرة اخرى خارج وعي الفكرة لاجسادنا التي تهرب كما الدموع الى الانهار.
اني لم ازل املك مايطلق عليه بلازما الامل، وهذا الامل مؤخرة مدمرة بصاروخ مالوتكا. يتحتم عليك البحث عن ملامح الامل خارج الفهم الحالي لك، لان وعيك كمثقف مستنزف ومرتبط ابديا بثورة كائنات سماوية حلت في يوم ما على الارض لتنقل ما موجود في فكر الله الى داخل هذه الفكرة، انت، هنا يكون - فهمي - علىى الاقل، مرتبطا بما يشير الى انه ميثالوجيا، لكنه ليس الا فهما لارادات خارج تصوراتنا وفي كينونة مجهولة تشكلت دون وجود. اني افكر انه ليس عيبا ان تكون لارادتي قوة التدخل وربما الرفض للمصير ، لكني نقطة بلا نقطة في بحر من النيات والافكار المتشابكة لهذه المخلوقات. لافرق هنا بين التشرد في تورنتو او في بغداد. متذكرا صعاليكنا الجميلة المقدمة كقرابين على جبال الحرب وسهول الاسلحة الكيمياوية ومشاعل العثرة والالغام المجففة للروح والمضخمة للالم مع اصابعك المبتورة وعيون عوراء ومخاط الانف وتنفسات الدخان تهيمن على ارض الحرب الملتهبة ببقايا الاجساد المحروقة والرؤوس المنزوعة العيون، والشمس وراء دخان والسماء الغائبة مبرزة اسقام حياتنا الدنيئة وحراب البنادق الممزقة. الروح هائمة مع المذنبات المتساقطة دائما هناك تبحث عن الاصل في الاشياء، عن الاصل في فكرة تكوين العالم والمكنون.
الجمد يكرر ذاته بلا احساس بالمكان ولا بنا ولا بالمدرك، يستمر في قانونه الخاص، من يغتسل به يغتسل، من يروح عن نفسه يروح، ومن يرتديه يسافر الى مراكز الثلج للتزلج، في عالم الفطرة والقانون واللافهم لما يجري في هذا العالم السائر على قرن القتل واللهاث والعاهرات والقوادين والمنهكين ورجال ونساء تموت من الاثار الجانبية للادوية النفسية والسرطان ينهش بانتظار قيامة الاحياء الى الاموات..
وفيما العالم يتلوى امامي، وجون الهندي يمنحني نفسا بعد اخر من لفافته شاعرا باصطخاب الامعاء وعلائم الجوع، تطوف امرأة محجبة واطلب بعربية ثملة، ان تمنحني قطعة نقود. وتقول المرأة. من اي بلد ؟! واجيب: من العراق. وتسأل: ما تفعل ها هنا يااخا العرب . واقول: اشحذ اذ اقدر، دون علم الشرطة. وتقول هل انت جائع؟ ولا جواب. وتطلبني الى مقهى تيم هورتنز، وامنح حساء الشلي* وقدح شاي وتنظر باهتمام، وبعد ان اشبع من طعام حقيقي، ساخن، احس بالسيرتونين وقد عاد، وتقول لي: اسمي ام حذيفة هل انت متزوج ؟ واذكر لها انه شيء من الماضي وتقول انا ايضا كنت متزوجة، الان لا. هل تتزوجني ؟! واصدم، واقول لكني مثقف. تنظر الى وجهي وانا اهذي عن الثقافة. وتقول في النهاية، حسنا. هل هذا يعيقك عن الزواج. اريدك زوجا على سنة والله ورسوله، انا مسكينة، زوجي الاول اكلته الحرب الاهلية اللبنانية والثاني تم اعتقاله من قبل فرع فلسطين في سوريا وقيل انه مات تعذيبا. وساعدني بعض الاخوة على العيش زمنا في الاردن. ثم سافرت الى البوسنة وقاتلت هناك، ثم عملت في تمريض المجاهدين واصبحت اختا للرجال، وتزوجت من مجاهد، لكنه طلقني لانه يريد ان يكون لباسي الداخلي مثل لباس امه، وفي نفسي هوى لـ(ابو الخيط)، فلم نتفق، فعجل الله بالفرج، اذ اتاه صاروخ مالوتكا فصل الرأس عن البدن. ولما ضاقت علي الارض بما رحبت، حصلت على حق اللجوء الانساني في كندا.. ونخرج من المقهى ويلوح لي وجهها كصوان الحجر، وتدعوني الى بيتها لاخذ حماما، ونشتري في طريقنا شامبو ازالة القمل. وفي البيت وبعد الحمام وقدح شاي بالميرمية يرمم توصيلات الدماغ وسيجارة بول مول دون فلتر، يُمد السماط واهجم مثل ملة* ملتهما سمين اللحم والزابرجة والثريد كوارع والونكس تخرخر منه صلصة البافلو، ولو قدر ان يكتب عن هذا، لكتب فصولا، لكن هيهات، وأجيء بملابس والزفرة كابة. وفيما اشرب الشاي بالنعنع، تضع ام حذيفة قديم ملابسي في كيس زبل مع القمل، وتقول: انها ستمنحها للسلفيشن ارمي لتوزع على الفقراء الكفرة. وتهمهم ايضا، ماذا قلت عن الزواج؟ واقول اني مفلس. وتقول ختم القرآن مهر نكاحي. واعلق: لكني مثقف، متمنيا ان تفهمي هذا. وتقول: لله درك، لم افهم. واجيب انه شذوذ الطبع وقلة الحيلة وارتخاء الزمن ووخامة الطبع وبئس المصير، لا افكر الا في كتابة روايتي الاولى. وتقول: ساعينك. واقفز قائلا: اقسمي؟ وتقول: ورب الكعبة. وتتبسم، وابتسامتها قاتمة والضوء خلف غلالة الستارة يخفي اطار النافذة. وتعقب: اختم القرآن اولا. وابيت اللعن ممطولا في الصالة اتلو من الذكر ايات. وعند انتصاف الليل، تتنابني حالة صراخ وجعير والشياطين تترى وبطني يتشنج وفكي معه. وتتراكض ام حذيفة ، وتقول ما بك؟! واقول: الشياطين والحروب المهلكة في بحيرة الاسماك والمملحة * ونهر جاسم. وتجيء بالقرعان وتقرأ من سورة ياسين، ثم تبخرني وتقول: لا يجوز التساهل في هذا الامر، سنذهب صباحا لعقد القران في الجامع ثم اطلب من الامام ان يعالجك بالقرآن وبأبوال الإبل.
نعجل الى مسجد “طوفان قرية “ صباحا.وانا لما ازل اهذي واقعد في الجامع وام حذيفة خلفي تنظر الى مؤخرتي ومؤخرات الرجال الميامين في حروب الاوغادين الصومالية ويصعد الخطيب وابناء الصومال حولي ورائحة الفسيخ* تعربد قوية مثل رايات اليهود في حروبهم العمونية والجواريب العن اذ تصير تمتزج مع المكونات الفاسدة للهواء والمراوح المتأرجحة من السقف وكأن بها تقصف الرؤوس اليانعة المسودة وتقص الشعر العكش مثل ماكنة قص الحشيش بين الضفادع الناقعة في ربيع الايام الالهية مع سنودس المصلي للعقل السماوي، وام حذيفة تعاود النظر الي وانا انظر كل لحظة - مثل غريب في صحراء الوجف -الى وجهها فتبتسم ابتسامتها السوداء ولا اعرف اصلي مثلهم وتشجعني على الصبر والصبر على الموت من الخلف اذ تصير تنظر الى مؤخرتي كلما اركع مصليا صلاة الدخول الى الجامع ويبدو اني ارتكب الاخطاء والصوماليون يوجهون نظراتهم متجانسة كليا مع الحيوانات الافريقية الهاربة من نبل الصيد ويصعد الخطيب والصوماليون واهل باكستان يمخطون ويستاكون ويقول الخطيب انه سيحدثهم هذه الجمعة عن معجزة حدثت في الاسبوع الماضي ويتعرق رافعا ذراعه ويصبح قريبا من المروحة المتدلدلة بريشاتها الازة والمتأرجحة بسبب السرعة القاتلة وكأنما هو ربان سفينة غارقة والصوماليون على متنها يصرخون طالبين النجدة من ربة الاقيانوس الاسود والموج مخيف واسود والسماء مظلمة لكنهم لا يفهمون ويتمخطون وباكستاني يقول متمايلا في هالة، جمجمة رائحة البخور والزيوت الطيارة القاتلة مختلطة مع رائحة الكاري الهندي التي تسري في مصل دمه. نعم نعم ويبكي الخطيب ويقول بمهابة كبير وتنفس عميق وكأنه (بك مليكن) على المدفع رافعا الكاس السماوي المقدس في حضرة الشياطين الازة بالضجيج القاتل محدثا اثرا في الاذن الوسطى وضاربا قناة اوستاكي فيكون كل شئ طنين متصل بلا نهاية ،ومع التنفس يسحب المخاط الى البلعوم وينظر الى الجموع الهادرة ويقول: لقداسلم عالم هولندي اسمه اجاكس بسبب قطة، والله العظيم قد اسلم وظهر الحق ونصر الله نبيه المصطفى صلوات الله عليه .ويتمايل الباكستانيون ولحاهم تتطاير في الهواء ويقولون نعم نعم مع رائحة الجواريب ،ويضرط الباكستاني الملاصق لي كل لحظة وكل لحظة ينهض ويذهب للوضوء ،وفي الجانب الاخر ينهض اخرون كل دقيقة ويذهبون للوضوء ويكمل الشيخ وصوته يمتزج مع البكاء ودموعه على وجهه يمسحها كل لحظة بمنديله والمراوح تئن من الفساء العظيم، وكأن بنا امام ابواب الجحيم في السماء السابعة والارواح الشيطانية تضع اقنعة الغاز وغاز السارين يتدفق دفقا من المؤخرات الرينانية ويكمل الشيخ:
(لقد كان لهذا العالم قطة مدللة يربيها في البيت وكان وقتها ملحدا. وكان يسكن على قيد خطوات من المسجد الاسلامي في مدينته امستردام, وكان صوت الاذان يزعجه دائما خصوصا يوم الجمعة فيسب الاسلام والمسلمين واشتكى للسلطات المحلية كثيرا بحجة أن صوت الاذان يزعجه بينما صوت الاذان الشجي لم يكن ولن يكون مزعجا الا لمن في قلبه مرض. المهم لقد بدأ هذا العالم يلاحظ علامات من الخشوع تظهر على ملامح قطتة في كل مرة يدوي فيها صوت الاذان وكانت مظاهر التدين لدى القطة تزداد يوما بعد يوم الى درجة أن القطة بدأت تتسلل الى حجرة نومه لالتقاط قطعة من القماش لكي تغطي بها رأسها خصوصا عندما كان يأتي جاره ومعه قطه الذكر فقد كانت القطة تختبأ عن انظار الكلب في حشمة ووقار غير طبيعيين. ذهب بها الى الطبيب البيطري لتشخيص حالة قطته لانه ظنها أنها مريضة ولحسن الحظ فلقد كان الطبيب البيطري مسلم الذي أخبره أن قطته مسلمة وأنها تسبح بحمدالله وأن هذا سبب اصرارها على لبس الحجاب, فخر العالم على ركبتيه وأجهش بالبكاء فوالله لم يغادر المكان الا بعد ان نطق الشهادتين وقام بتزويج القطة لقط مسلم وعاشا معه في نفس البيت ومنذ ذلك الوقت صار اسم العالم جاسم بدلا من أجاكس)* منقول.
ويرتج الجامع، والاسود على الابواب وموالي الشيخة حسينة يهزون رؤوسهم ويقولون نعم نعم. ويهبط الخطيب بجلال قدرته على احداث اثر في هذا العالم، وقبل ان يطأ الارض يحدق متاملا الجمع المؤمن قائلا ببأس: ارسل لي اخ بارك الله فيه من قرية باكستانية، انه شاهد بعد شطر حبة طماطم رسما للصليب، اقسم بالله العظيم ان عبدة الصليب يعرفون هذا وفي المطاعم هنا يقطعونها على هذا النحو فتحمل كل شريحة منها صليبا وتكون في سندويشتك ايها المسلم، وانتم تأكلون مثل الحمر الاهلية بلا انتباه للمؤامرة الكونية على الاسلام. ويكمل: اللهم العنهم واجعل كيدهم في نحورهم
ونقول آمين
اللهم شتت شملهم
آمين
اللهم انا نضعك في نحورهم.
امين
اللهم اجعل كيدهم بينهم
آمين
اللهم ارحم المسلمين
امين
ويكمل بعد ان يكح
قام احد الاخوة جزاء الله عنا خير الجزاء. بدراسة تأثير ابوال الابل على بني ادم ووجد ان حسي البول يذهب الرجفة في الجفن والاهتزاز في البدن والصفرة عن الكبد والثقل في الطحال ويزيد الباه ويقوي البدن مانعا عنا ست وستين مرضا غير ملعوم. اني انصحكم بابوال الابل ،ولدي في مكتب الجامع قوارير بعث بها اخوة لنا من السعودية لنشتري منها. ويهبط ببطء ويقف في المحراب مبتدءا صلاة الجماعة.
* *
تسحبني ام حذيفة وانا ابحث عن حذائي، والقنادر اكوام ولا اجد الا فردة واحدة ، وتقول: شت، اترك القندرة، نحن في عجلة. وقرب باب مكتب الشيخ عكرمة يتجمع عشرات الباكستانيين والبنغلاديشيين، وابناء سياد بري ينظرون الى كل الجهات كأنهم في غابة بانتظار الاسد ليلتهم مؤخراتهم، واطفالهم مثل ملائكة ببناطيلهم الكبيرة القياس والمخاط والصوماليات يمسحن الانوف باكفهن. وينتظر الجميع الشيخ عكرمة الذي ياتي كما الاسد ،ويقول بتبرم سانظر في اموركم اطمئنوا. ويصرخ صومالي: ارجوك شيخنا لاحياء في الدين، ذكري ينقط دائما ولا اعرف ان كان بولا. ويفكر الشيخ ثم يقول: المسه يا اخي وانت تعرف ان كان بولا ام مذيا ويقول الصومالي: ما المذي رحمك الله؟ ويجيب الشيخ: انه سائل لا لون له، مذاقه مالح وملمسه شفيف وقوامه اللزوجة، واذا ما كان بولا فيتوجب عليك الغُسل ونتر العضو خمس نترات شديدة. ويتساءل باكستاني: يا شيخنا لدي شئ خاص واطلب الحديث على انفراد. ويقول الشيخ ويحك لا حياء في الدين. ويعلق الباكستاني: لا استطيع. ويردد الشيخ: تعال غدا. ويتوسل الاخ ويبربر الشيخ ادخل. ومع الباكستاني تلج الجموع وتلحق ام حذيفة بهم، والمطي فيَّ يتبعها.ويتكلم الباكستاني باستحياء: تصر زوجتي ان انكحها من الخلف، فعرضتها على طبيب قال لي انها تعاني من انتقال الشهوة الى الدبر. وينظر الشيخ الى وجه الباكستاني ويقول: شت. هل هذا ما قاله الطبيب ويجيب الباكستاني: اجل. ويقول الشيخ. لا تصدق كافرا. يجب فرض الشريعة عليهم. ثم يعقب: لمثل هذا الحال نلجأ الى فقه اللمم. انه لمم وحق الكعبة، افعله يا بني بنية العلاج. وينسحب الباكستاني وينبري اخر باكيا: هلكت. ويقول الشيخ له: مابك انت الاخر. ويبربر الرجل : هل يجوز لابنتي ان تظهر طيزها؟. ويستفسر الشيخ: كيف يعني بارك الله فيكم ؟ ويجيب الرجل، انها البناطيل الجديدة. ويقول الشيخ باحتدام: لا ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم. لا باس يا ولدي سينتهي هذا يوما وتعم شريعتنا السمحاء. لكن قل لي اتغطي ابنتك شعرها. ويقول الرجل: نعم. ويعجل الشيخ: هذا هو المهم. اخراج الطيز بغير نية الاغراء لا بأس به على وفق ابن حنبل. ويرتفع الضراط،ويتقدم صومالي ويقبل يد الشيخ شاكرا: لولا تنبيهك عن صليب الطماطة لهلكنا. ويتبسم الشيخ. ويجعر افغاني: هل اللحس والمص حلال ام حرام. ويرد الشيخ: انه لم يرد نص صريح بالتحريم. ويضيف رافعا ذراعه: عظيمة هي شريعتنا. وينبري افغاني وصل حديثا الى كندا: اثناء النكاح دخل ابهامي في مؤخرة زوجتي: ا في هذا ذنب؟ ثانيا: دخلت شقتي قبل شهر ولقيت شاهين ابو السمبوسة الى هذه الساعة في وضع مخل بالادب مع زوجتي، فما العمل؟ ويتأفف الشيخ : هل شاهدت الميل بالمكحلة. ويجيب الافغاني لاورب الكعبة. ويقول الشيخ: لا يمكنك اتهامها بالزنا. وبخصوص السؤال الاول اقول، نعم حلال بشرط عدم ادخاله كله، لاضرر ولا ضرار. ثم يول وجهه نحونا قائلا: اهلا بام حذيفة، تفضلوا. ونسير بين الكتب المرمية على الارض مع لفائف ورق تنشيف المؤخرة، والطاولة امامنا متخمة بالاوراق والرسائل والتقاويم المختلفة. وتقول ام حذيفة: السلام عليكم شيخنا الجليل، جئنا اليوم لعقد قراننا على هذا. ويتهلل وجه الشيخ وينظر الى صفحة وجهي والاكتئاب يصعد الى الحلقوم ويقول: بارك الله فيك يا اختي. وتقول ام حذيفة. لكن العصمة ستكون بيدي ، اوك. ويلتفت الشيخ ملقيا علي خيال نظرة قاسية ورسم راسبوتين وملامحه عظيمة والشمس تكتسح الغرفة للحظات وتغادر. ويتنفس الشيخ عميقا ويقول: لا بأس على بركة الله. ويلقي خطبة النكاح ويقول في النهاية ،سبحان الذي جعل هذا لذاك وحب ذاك لهذا، وزهرة عباد الشمس على المنضدة يغطيها غبار محولا لونها الى الضياع. ويعقد العقد ،و تقول ام حذيفة ،ارجوك يا شيخنا، بعلي هذا تضربه الشياطين كل ليلة فيتعسر عليه النوم. ويدير الشيخ راسه ولحيته الخفيفة متناثرة في كل الاتجاهات ومواسم البحر الهادئ بلا اصوات رياح تموجه. ويحدجني بنظرة تهرب منها البغال والزبيبة عظيمة على جبهته ومشطورة الى نصفين، الايسر منها اصغر من الايمن، ويعدل جبته ويرتدي نظارة سوداء. ويقول اركع، واركع واضعا ثنيتي على الارض الخشبية التي تنوء بخشخشاتها ويضغط رأسي باصابعه وام حذيفة على مقربة وذبابة تطن تهتز في طيرانها المجهد في الضوء ورائحة الجواريب عالقة لم تزل في ثقوب مسامات جلدنا الحيواني بالشعر الكثيف الذي يغطي وجوهنا واصابعنا ويخرج من فتحات تنفسنا وانوفنا مجعمرة واصواتنا كانهار مياه تحيط بارض اوفير حيث الذهب هناك جيد. ولا افهم لم اقحم هذا النص في التوراة، لكنهم هكذا وجدوه في ارض شنعار. ويقول الشيخ وكأن سيفه الماسوني على كتفي، خذ من هذا، ويناولني الابوال في قنينة انيقة وافتح فمي مبرزا اسناني الامامية كحصان شرطة بانتظار اطلاق النار عليه. ويكمل وانا اجرع كاتما انفاسي: ان اسباب حالتك هي تلبس الجن بالانس وعدد منها ”الغفلة الشديدة التي اوجدت موت القلوب، الغضب الشديد، الانكباب على الشهوات، الصراخ والبكاء وقراءة القرآن في دورات المياه، صب ماء ساخن على الارض وفي الحمامات، التبول في الشقوق والجحور وعلى بيوت الحشرات“. وفيما يلقي ما يزري، يرتعش وجهي، وام حذيفة تنظر، على ثقب فمها كفها ويقول الشيخ تمدد. واتمدد عاقفا ساقيَّ، ويقرفص صاحبنا ويضع كفه على جبهتي وينوء بقراءة القرآن مبتدأ بسورة الجن والواقعة مع كهيعص الملائكة الملعونة والجن الشيطاني. وتزداد القراءة عنفا وربكا، ويخرج من فمي ما يشبه الزبد وكف ام حذيفة لم يزل على اسنانهابالقفاز الاسود الموشى بزهرات سوداء واللكجة عظيمة. ويصرخ الشيخ بغتة واشعر بانهيار سفسطائي والقراءات القرآنية مستمرة ،وتنهال على وجهي صفعة قوية، ويزداد الرغاء وصوت الشيخ يعلو واشعر بالجنون والاصوات تضرب من كل جانب وفمي مغلق، الا ان الزبد يفور ويتسرب من زوايا الفم. فمي الملعون، وقلبي الهوائي يرتعش واشعر بتقلصات عضلاتي وخصيتي اللطيفة تضمحل في الهباء الكوني والشيخ يتمايل الى ذات اليمين والشمال، ثم يهتز اهتزازا والسيف يختفي واشعر باختفاء النور والظلمة وريح صرصر تزور الغرفة في تيارات هاربة، واعضائي تضمحل بتقلصات تشنجات، والطم وجهي واصرخ مقلصا فمي وينهال الشيخ ضربا بالشحاطة السعودية. وفي النهاية يصرخ صرخة يهتز لها نثار الغبار في المكتب وتتعالى الاصوات المترددة في الشحوب وكانها موجات صدى متلاطمة بين الجدران، وام حذيفة تغلق فمها وتسحب عصا من مكان ما وتناولها للشيخ الذي يهوي بها على ظهري وكتفي ثم يكبني على منخري، واذ ذاك اجأر واكفر ويقول اخرج ايها الملعون، الا ان الجن لايغادر. ثم يهدأ كل شئ مثلما بدأ اول مرة ويرجع الشيخ الى الوراء متعرقا لكن شحاطته الحجازية فوق فمي وانا انظر من الاسفل، من نهايات جبته، ويتوجه الى ام حذيفة باطراس الكلام* مرددا: شيطانه جبار، من الشياطين العلوية وهو احد اعوان بعلزبول ملك ملوك الجان وكان حكيما فاضلا في علوم شتى، وكان ذا قدرة واقتدار، في تدبيره شديد البأس، وعندما يركب يركب معه اربعون جنيا صغيرا ومن يحضر لركوبته ملوك من غير جنس الادميين وملك الحيوان البري وملك الهوا، وكان له توغل في العلوم والرياضة ويفتخر على الحكما بكثرة حكمته وكان يجيب اهل مملكته قبل ان يرتد عن الاسلام ويصبح ماويا، وهو لا يخرج من البدن الا بقراءات طويلة مع التبخير بسندورس افرنكي ومستكي تركي، وربما كي الاذان والفم ويتبعها عمل الحجامة، زوجك هذا بحاجة، ويضغط على رقبتي، الى جلسات، وينهضني واجلس خائر القوى مفكك المفاصل وما من شئ لا يهتز وام حذيفة تمسح تصببي.
* *
نرجع بعد جلسة العلاج والقمر في المنزل العاشر والليل سرمدي بلا نهاية ولا اراه اسود بل بزرقة عميقة يكشفها قرص القمر الضبابي في نوارية الليلة واصوات الغرانيق العلى غير المرئية تصرخ خارج الزمن بعيدا الى انوار القطب الشمالي التي تراقص في البهجة الليلية وكأن بها تيه من بحر التستر والقدرة الكلية للجان في تسلطهم على البشر من حيث لا يعلموهم. وندخل الشقة محتشدين بالاختناق وام حذيفة تسحلني وجذعي يرتجف، وتعد لي تشريب الباجة العظيم بالكرشة والكراعين* ولحمة راس تدير لباب المسحورين بسحر اسود، وهو لترميم العظام ولزيادة الباه واصعاد الشهوة الى الحلق وانهاض الذكر، لكن الذكر لاينهض البتة، مع شعركرافيصها الذي كشفت عنه. واقول بعدما اشعر بتحسن وفيما هي مسترخيةعلى الوسائد في الصالة وفخذها بكبر جسرمن طابقين وبلون غامق وتتابع برنامج الشيخ حائض القرني وسلمان العورة، وتكرز حب شمس وقمر خبريني يا ام حذيفة، كيف صرت اختا للرجال؟!: وتقول: شت، ارضعت خمسين مجاهدا في الثغور. واهجس بغتة ان شيئا ما دخل مؤخرتي. وتكمل: في الاسبوع القادم، عندما يعالجك الشيخ اصرخ اشد حتى يتعجبون وتنال الحظوة لديهم فيمنحونك اموالا وتقول ايضا، البس دشاشة بيضاء واطل لحيتك وانفشها وسخن باذنجانة وضعها على جبهتك لتكون لك زبيبة وفي عينيك ضع الكحل والاثمد وتعطر بعطر زيتي، هل فهمت. وتضطجع على بطنها وتعلي من مؤخرتها، وتمرخ لحمها وتدفع باصبعها الى فرجها وتتهيج، ويضربني الهلع لمشاهدة المؤخرة التي تكاد تسد النظر الى كل شيء ومن المؤخرة يبرز الاسود الاصغرقليلا من رأس بقرة وخط فرجها لايبين لتكاثف الشعر. وتقول اعذرني يابعلي بارك الله فيكم ، لم اتوفر على وقت لانتف واحلق وازيل بالنورة الزغب. واضطرب بالخوف من ان امد يدا واكتفي بعميرة..
بعد اسبوع على المجانسة، وبعد ان تصل ام حذيفة البيت - اذ تعمل كمعلمة في مدرسة اسلامية - بحالة عصبية، وتقول باحتقار ولا ضوء في الافق: يجب ان تعمل لانه لا فائدة منك. واقول والسماء تلتهب بالاوجاع: لكني اعد لكتابة رواية عظيمة. وتقول: مص فرج امك. لقد خدعتني ولم اعرف انك جلاق، يجب ان تسد لي كل جهات النيك لا تترك واحدة. واقول انما فعلت هذاخوفا منك. وتقول حسنا، حتى تثبت العكس ،عليك ان تجد عملا هل فهمت، لاني لا اريد ان اصرف عليك. وتتصل في اليوم التالي باحد الاخوة الذي يأخذني الى مخزن ويقول لي: اسمع يا اخي بارك الله فيك، مالك هذا المخزن قبطي كافر، لا تبذل جهدا في العمل، اذ قدرت ، خرب بضاعته. وندخل المخزن ويتوسل الاخ بارك الله فيه، زهدي صاحب المخزن ان يجد لي عملا عنده. ويوافق هذا، واعمل عتالا انزل البضائع من الشاحنات الى المخزن ومعي احدهم يدخل الشاحنة ويدوس المواد الغذائية ويقول هذه بضاعة كافر لعنه الله.
لم استطع الاستمرار بالعمل وروحي تهفو الى الافلات، وصار من دأبي ان اسير في الشوارع يتلبسني احساس الانفجار. وتلمحني كاترين وجينا وجون الهندي لم يزل على الكيتاريعزف واضاف طبلة صغيرة من جلد غزال الرنة تمثل روح الهنود في السماوات، حيث المواقد وطائر العقاب والنسور تحوم والجبال بشموخها تصنع الالهة الهندية العظيمة المتخفية وراء وشائج الدخان والبدر خلف اجمات القوغ والتنوب الثلجي واشجار الباين وكلاب الهاسكي متجانسة مع حرق الحشائش وتدخينها في مخيمات مصنوعة من جلد الثعالب والرماح. وامام هذا التنائي اقف مخذولا، ليس بعيدا، وكاترين وجينا تأخذهن الدهشة لمنظر وجهي غير متيقنات يدخن ، من ان هذا ا المطي هو انا، وكنت انا فعلا واجلس بين كائناتي يضحكن ويمنحني لفافة ميروانا واخذ نفسا واشعر ان روحي المترجرجة في غابات مع الالهة تكاد تعصف بها ريح العودة الى الزمن الاثير بين الشوارع المتأرجحة في الرعد والزمهرير يضرب المؤخرة فيثلجها ولا عاهرات في الطريق ولا بارات يمكن ان تدخلها. وعندما اعود الى البيت خائبا واقول هذا لام حذيفة تقبض على عود وتامرني بالصلاة واتمضمض من مذاق الميروانا واجرع دفقات من قهوة واجعل اصلي وام حذيفة كالصقر ترمقني وانا اسجد واركع مثل ماكنة عتيقة، واثناء الصلاة اكفر بصمت. اكفر لان الزمن لايمنحني ولا المصيرالقدرة على الكتابة في صراع العاهرات هذا، لكني اشعر ان شيئا يتدفق في داخلي مثل نافورة خمر، وما ان انتهي من الصلوة مفكرا بالكتابة والبيرة حتى تحذر ام حذيفة : انتبه لاني ساضربك بكل قوة اذا ما تركت صلاتك، هل فهمت. وافهم واسير مثل حشاش وادخل مخدع الرهس وابدأ بشكل مفاجيء وكأنما بوحي من آلهة الهنود الحمر في كتابة المقطع الاول من روايتي.
في مساء اليوم التالي عندما تعود الزوجة الى البيت، اكون قد اكملت مسح الشقة وشُفيت من ضربات امام الجامع وجلي الصحون والملابس وعطرت لباس ام حذيفة الداخلي وظفرت التجة * ورتقت الثقوب ورفت النقوب اذ انها مقتصدة وغالبا ما تلجأ الى رتق لباس عورتها وكلها عورات ومشد النهود ابدل منه الاربطة المتهرئة واعد العشاء وبعد الزقنبوت، تلقمني مسحوق جوز البوة بجرعات فاتكة لانهاض الباه، واصنع انا لها بدوري وفق وصفات لطخات ايقاف السيلان المهبلي الذي تعاني منه منذ الابد، واضعها على اعلى الفخذ والانتان بين الشفر الاعظم والتصاق الفخذ وتفلكح* كما يقول ابراهام البهرزي* ، في ذوبان نهاية شفة الفرج وتقرأ قبل صعود شيطان الملحمة الافروديتية لربة الجنس الثائر فوق بحار تغول الغلمة غير ناسية تنبهني كل دقيقة لان اسد لها كل جهات النيك دافعا بالمرود السيف الخنجر البارق الابرد الى المكحلة الغمد، النحر فأصيب ترققات جدار شهيقها الموجع بفعل التهاب المهبل وتمعجاته الهمجية، متعوذة بالرحمن، الغوث الاعظم، جناب سلطان النور، من الجن باخيا وشاخبا ومن على مرودهم من السفلية المهيجة للماء (كسفطها مله عسلق سطلي سليجة اجب يا ابا مرة) * بحرق بخور الجاوي والمستكي مخلوطا بالعسل اليمني.
وبعد انتهاء الرهس النطاح المتلجلج اللامخذول مع التهييج البالغ للصرم وطقطقة الغمام على باب الفرج، ببركة الشيخ الكديشي والعورة قاهر الزبور نابش التوراة ومهيض الكفرة المردة في دار الحرب. تُلبسني سعيدة دشداشة وتكحلني بالبحراني والسواك السعودي بين اصابعي افرك به اسناني وشعر لحيتي منفوش مخللا اياه با الزيت النفاح القاتل لل دي ان ان، وعلى رأسي غترة بلا عقال، مكوي منها الزلومة على الطريقة الوهابية وفي ساقي نعل من خوص اخصفه وكعب رجلي مشقق اجرب، والدشاشة قصيرة وساقي تبرز منها كعيدان محرقة وام حذيفة قربي شبه بغل واقول على باب العمارة: انظري السناجب والسلام السماوي. والسناجب تستك على اسلاك الكهرباء، لكن لاسناجب ولا عمود الكهرباء الخشبي مائل بزاوية ٨٥ درجة في الزمهرير اللعين والثلج الاسود * في سحاب نمر يكاد ينطفئ ونحن نضبع في هذا الجو متقلبين والبرد يجمد الطيز والطيز صغيرة تكاد تبرز منها العظام، لكن لاطيز هنا ولا هناك ولا سناجب تسير على الاسلاك، لان من دابها الخوف من السيارات السائرة مثل قطارات الويست سايد بين جبال وهضاب مزدانة بملايين الحشرات النائمة المرعبة والاشجار التي نفضت عنها اوراقها وابرها في البرد والثلج المرصوص واليوم الموعود، والغيوم تبلل قطر احوالنا في البرية، رغم ان مهيبا كرعد بندر لايضرط في مرحاض لاننا في العراق لانضرط هناك انما قرب المغسلة بجانب الطرمبة التي تخرخر منذ ان سرق الشيطان العالم فبعث الله بطلب صدام حسين والولي الفقيه مع حسين كامل لطرد الشيطان وغزو الكويت والقصة بعد ذلك مدركة للجميع عندما كتب رعد بندر قصيدة الميلاد في المرحاض و…. دون ضراط.
بعيد الصلاة وجلسة العلاج بالقرعان وحسي نبيذ الوهابية* - ابوال الابل - تعرفني ام حذيفة وانا في الانين، الى كريم وزوجته جاكلين وعمر الصومالي والدكتور طلحة والدكتور صهيب الواسطي والشيخ قتيبة من السودان الذي درس الاسلام في السعودية على يد العالم الهمام مفقس نظرية دوران الارض حول الشمس ابن باز وثلة من المتبحرة في علوم الجان، ويسأل احدهم ان كنت اعرف ان الروائية العظيمة زهية، وصلت كندا وتحديدا الى مدينتنا. واقول: لا، مستحيل، اقسم بالله، رائع، كيف حدث الامر ؟ ويقول: اقسم بالله العظيم. رماها المحيط الاطلسي عندما كنا نأكل ثريد الباربيكيو على الساحل. واقول دلني عليها، ويجيب انه لايعرف عنوانها، لكن يمكن ان تصادفها، اذ صارت تجول وتكتب قصصا في الشوارع.
وفيما انا منشغل يمسك الشيخ عكرمة بي ويقول: لاحظت انك لاتصلي مثلنا، هل انت رافضي. واقول: لا عراقي. ويقول ايش يعني؟! وافسر اننا في العراق لانفرق بين المذاهب والاديان ، اذ اننا خلط، فيمكن ان يكون ابن عمك سني وانت شيعي وفي دمائنا تسري العروق العربية والكلدانية والاشورية واليهودية والسومرية والسريانية والارامية. وينظر بحدة ثم يقول: شت، لم اسمع بهذا من قبل ؟!! واقول في سري: لانك مطي معمم. ويكمل: تعال اعملك الصلاة والوضوء الصحيح. وندخل المكتب ويعلمني كيف انتر عضوي عشر مرات تنزها عن البول. ثم يحذرني من استخدام المرحاض الغربي لان نقاطا من النجاسة تطير من الماء وتلتصق بالمؤخرة وهذا ينقض. ويجب ان اكون دقيقا في عدد ركعات الصلاة وان لاازيد او انقص. وان اليهود كفرة والمسيحيين كفرة والشيعة كفرة، والزرادشتيين كفرة وبالجملة الكل مردة، الا نحن ويجب فرض صحيح الاسلام عليهم والحجاب والنقاب واللكجة لاخراجهم من الظلمة الى النور. وقبل ان اغادر مكتبه يقول لي: نسيت ان اقول لك انه يمكن مضاجعة اي امرأة غير مسلمة دون عقد زواج باعتبارهن امات، انظر كم الاسلام رائع يا ولدي. واهم بالخروج شبه ضبع، وعندما اصل الباب يطلق الشيخ جعيرا قائلا: التاكس. واغمز معبرا ان فاهم للموضوع.
نخرج من الجامع وام حذيفة تبربر: ان شهوتها التهبت لما رأت ذكر عمر الصومالي يدفع بالبنطلون. وتكتري “تكسي” ونذهب الى البيت وهي تقودني وندخل وتدفعني الى الارض وترفع جبتها، واقول لكني لا اقدر. وتقول لايهمني، واقول مرة اخرى لكن لاشهوة لدي صدقيني، لننتظر يوم غد. وتقول: مستحيل شاهدت ذكر عمر الصومالي، هل شاهدته ؟ واقول لا، وتقول كان على وشك فتق البنطلون، كان طويلا، طويلا جدا ونهايته تقترب من الركبة. واقول مستحيل لا يوجد عضو بهذا الشكل الا عضو الانوناكي وهؤلاء عادوا الى الفضاء. وتصفعني وتقول ان لن تفعل ساضربك بالعصا واشعر بتنمل اطرافي والخدر يتمدد، لكنهالا تهتم وتتحول الى دبٍ وتمزق ملابسي والغلمة تتفجر والشهوة عارمة والسوائل تسيح ومع السوائل طبعا تلك الرائحة الخانقة وتقول هذا واجبك وعملك. واقول: لكني مريض. وترفع في وجهي العصا وتقول لا شان لي، افعل ما تؤمر. وتمتطي بطني وتجلس على ساقي وتبدأ بالرهس والتمعج والصراخ والصراخ عميق مخنوق وارضية الشقة تميد ثم تبدأ بالجنس الفموي.
* *
افر من البيت وام حذيفة ممطولة* على الارض والخدر يلفها ومؤخرتها مبرك بعير. وفي الخارج يضرب وجهي شفيف البرد والبياض يهمي ندفا وينزل على الكلاب والرؤوس ،واسير بلا هدف واصابعي والريح تشتبكان. وعندما اقف بجانب حائط للتدخين، ضاما سيجارتي بين كفيّ بانتظار باص ينقلني الى وسط المدينة. ارى الشيخ قتيبة السوداني يهف في الشارع مثل مجنون ولحيته قَملة وانفه الضخمة يتجمدعليها الزفير وبخار امعائه الغليظة يخرج من فمه والضراط اصوات محركات مركبة فضائية. وعندما يسير الشيخ بخطوه الواسع شبه ديناصور من اكلة الحشيش، يمسك في يده قرعان صغير ويقرأ بصوت مرتفع والباكستاني صحبته بقلنصوة مكتوب عليها بيبسي كولا والمارة والكلاب المربوطة ينظرون الى المسوخ الثلجية وهي تستاك والثلج يهبط بلا اكتراث بالقلنسوة. ويلمحني الشيخ واحاول الاختباء خلف كلب كبير ولا افلح ويتقدم نحوي مثل بطة تطير فوق حقول القصب البري وياخذني بالاحضان ويقول: اين انت يا ركل، ماذا تفعل في هذا الجو اللعين، في هذا البلد الكافر ؟ ويطلب ان اذهب معه البيت. واحاول التملص باني مجنب. ويبتسم بخبث قائلا: هل نكتم اختنا، بارك الله فيكم؟! واقول في سري: لا كنت استمني على امك. ويسحبني من يدي قائلا والباكستاني رافع نظره الى السماء يبحلق في الثلج والاضواء تلمع على وجهه. يجب ان تتعشى معي ويطلب من الباكستاني ان يذهب الى جهنم. ونسير مخبولين ويقول لي بحرقة ووجع ، يوما ستتحول هذه الكنائس الى جوامع. اني حزين ، اموت كل يوم مع الكفرة. الكنائس تميتني. انها الشيطان، انظر الى ابراجها، هل تلاحظ النسق الشيطاني؟ سيعم الاسلام. الاسلام يا اخي سيسود العالم، وهذا البلد. النساء الرهيبات هنا بشعر العانة الاشقر والفروج الصغيرة، اقسم بالله ستحل لنا. ما رايك. ما رايك. سنحرر النساء هنا من فكرة الطاغوت واستغلال رأس المال لهن. سنحررهن من الكنيسة ونجعلهن سبايا وإماء مسلمات ... واقول: هلم الى البيت انت مشوش. وتدمع عيناه ويسيح الكحل على وجهه ويصل الى زاوية فمه وطيزه ويمسح بكم الدشادشة المتخشبة كجبل من الجليد. ونصل العمارة وندخل بين الملونين والسحايا الصينية واتباع بوذا يعبرون اعوام الجرو والكلب الاعور يعوي في تراتبية الموت القسري ،ونحن نزحف ونتشبث بالمصعد من اجل الوصول الى الشقة ثم نصل والقمر لاقمر يليه في فوضى الانهيار، وندخل ويعوي الشيخ امام اولاده واولاده جراء تلعب. ويقول هل اتصلت امكم ؟! وتجيب البنت الكبرى بلا. ويلتفت الي قائلا: الحرمة جعلها الله بقرة في عينك مصابة بالسرطان وترقد الان في مستشفى الكفرة. ويميل الى اذني قائلا، ماذا افعل بالباه الزائد. ويلتهم حفنة تمر ويقول: المؤمنون حلويون. ويدعو الجراء وتأتي هذه والبنات محجبات والاولاد يلبسون الدشاديش القصيرة ويقول لي لاادعهم يلبسون اي شئ افرنجي في البيت. ويقول للاولاد ماذا فعلتم اليوم في المدرسة، ولا اسمع جوابا. ويسأل الولد الاكبر: لماذا لا نستطيع الاكل في المدرسة؟ ويستشيط الشيخ غضبا موجها كلامه للاولاد. اتريديون ان تعودا كفرة، اتريدون الارتداد عن الاسلام؟! ويتوسل الابن الاكبر: انها مجرد قاعة. لكن الشيخ ينفجر: لا ليست قاعة اكل. انتم تأكلون تحت الصليب. واطلب ان يشرح لي عن الموضوع لاني لا افهم، والاولاد خائفون وزوجته كانت تتألم بسبب سرطان المهبل فاقترح صب الماء في الدبر، لكنها رفضت فاصر، فاستقام، فادخله عنوة، وغلوة بعد غلوة تمزق منها الحلق وعضلات البواسير برزت وصارت عرجاء وانطفأ نور وجهها. وفي الهياج تغدو عيناالشيخ حمراوان والاولاد يرتعشون، ويوجه كلامه لا لي انما للاولاد: غدا تضربون عن الطعام في المدرسة حتى يجاب لطلبكم ويزال الصليب. ويقول الولد لكنها مدرسة كاثوليك يا ابي. وينفجر الشيخ ويقول وان يكن، يجب ان تضربوا عن الطعام. يجب ازالة الصليب. ويضرب الاولاد عن الطعام في اليوم التالي وتتوسلهم المعلمة والباحثة الاجتماعية : ان هذه مدرسة كاثوليك. لكن الاطفال يصرون قائلين لن نأكل حتى يزال الصليب . وترجع ادارة المدرسة وتقول للاولاد اذا كنتم لاتحبون الصليب فبالامكان ذهابكم الى مدرسة عامة، ليست دينية. ويصرالاولاد،بل لا نأكل حتى يزال الصليب لانه يضطهدنا. وتتباحث هيئة التدريس ويقرون ازالة الصليب ومعه لوحة العشاء الاخير وبطرس حزين والمريمات ايضا. ويفرح الشيخ قتيبة ويتصل بالشيخ عكرمة مبشرا: انتصرنا ورب الكعبة وازلنا الصليب من مدرسة مسيحية وسنقتل الخنزير، الصلاة على الحبيب في الاولين والاخرين، وفي القيامة عندما ياتي عيسى ابن مريم ويصلي خلف النبي سيشكرنا. ويكبر الشيخ عكرمة في التلفون ويبكي ويقول يجب ان نصلي صلاة الشكر جماعة. ويقول الشيخ قتيبة. لا سنصلي صلاة الميت عليهم ويكركر الشيخ عكرمة.ويقول: شت، اسمع لنؤجل موضوع الصلاة الان، لاني منشغل في بحث علمي معقد مع علماء مكة في كيفية تحديد القبلة اذا كنا خارج المجرة وتأثير هذا كله على ابوال الابل ومناقشة نظرية ابن باز الجديدة حول استحالة دوران الارض حول الشمس. والشيخ يبربر والشيخ قتيبة يستاك ويحك خصيته. ثم يعود ليقول للاولاد: بعد ايام ستحل اعياد الميلاد. يجب ان تضربوا عن الطعام مرة اخرى لالغاء الاحتفال به، لانه يضر بشعوركم وخصوصيتكم. هل هذا مفهوم. ويهز والاولاد رؤوسهم والشيخ يبتسم وفيما هو في حالة الانتعاش، يرن جرس التلفون الكافر وتقول المستشفى الكافرة ان الزوجة ماتت. ويعلق الشيخ قتيبة انا لله وانا اليه راجعون. ويتصل بالشيخ عكرمة مرة اخرى والاولاد يسمعون ويقول: اهلنا ماتوا قبل دقائق، ايمكنني مضاجعتهم مضاجعة الوداع. ويجيب الشيخ ، طبعا بارك الله فيك ايها الزوج الصالح ، لكن كيف ستحصل على الجثة؟! ويقول قتيبة ساحاول. وننزل الى المستشفى والاولاد يبكون ويقال لنا ان الجثة لم تزل بعد في العناية المركزة، ويطلب منا ان ننتظر خارجا والاولاد صامتون والشيخ يتوسل ان يسمح له بتقبيل زوجته، وتنسحب العاملات بحزن وتحنن، ويتحول الشيخ الى ذئب ويدخل ويغلق الباب والسناجب تفر والغرانيق العلى تنعق والثلج يثلج.
الفصل الثاني عشر
زمهرير شتائنا العظيم يشبه الدكتاتوريات المجنحة في البلدان الخرائية، معلقا على الاشجار المباركة، عندما يدفعك العرفاء ورجال الدين اللوطيون للموت دفاعا عن مراحيضهم ودينهم في رائحة البنزين وكتبهم المقدسة والقنابل. انا الانوناكي، الكاتب الذي ارتعش كما قمم الاشجار، شحيحا متيبسا في الضباب. فيا للتشنجات المزرية.
ظلال كبيرة تلقيها بناية المكتبة العامة بزجاج واجهاتها وابراج كنائس مقنعة بالطيور المذرقة في الابدية. اني مشلول، والشيخ عكرمة يطلب ان نجتمع لبحث امور المسلمين والتهديدات الخرة التي نتلقاها. الكفرة سيهجمون، يجب الدفاع، ان ندافع. رافعا قبضته الى السماء في بخور الزمن تحت الغمام، واسناني تسقط وارغم على ممارسة الجنس ثلث مرات كل يوم ، ويقول شق ام حذيفة الا من مزيد، وانا دودة، مثقف عضوي، مطي، حيث البصر يزيغ، اذرع الشوارع بلا اهتمام، لاتهمني الكلاب، الكلاب اللذيذة بمؤخراتها، بانيابها غير المعلنة. الكلاب مع الفتيات الرائعات ببنطلونات الكابوي والمؤخرات التي يكشف عنها الغطاء، تنبثق من الظلمة الى النور، ومن النور الى الخراب والمرض الجنسي وتشمم الملابس الداخلية في الحروب. وهكذا ينشأ النور من العدم والعدم في الضياع والضياع الى التفاهة ومنه الى الجحيم وادمان الارتين، لا تهمني في ذراعتي الشوارع العمياء، فروج النساء الوردية والغامقة، الطائرة تحت اجنحة الخفافيش، ولا البوم ولا الثلج ولا الصقيع الاسود، ولا المطر المظلم ولا الضباب الشنيع ولا القمر الباهت ولا شعر العانة الداكن ولا الموت في الملاجئ ولا الشمس الذاوية وقمم الاشجار المشتبكة مانحة ارواحنا التوحد ولا جون الهندي ولاالمجوس في محلات البيتزا خرائي عليهم، اذ يتسافدون تسافد الحمر. كل شئ يبتل بالدمع المتوهج والزمن وانحناءات الاشجار امام عنف اهتزاز تشنج الريح، بالذكرى متجانسة مع حروب الولي الفقيه لتصدير الثورة والرفيق القائد، الحروب الغبية والموت في الثلاجات ووحدات الميدان الطبية، فيصيرني هذا دودة كبيرة تزحف على بطنها في الدرابين الكندية والازقة الخلفية ورائحة المراحيض المحطمة في ضباب ايامي، وما من شيء امامي، وكله خلفي، مع ضفادع الهاوية النقاقة في مطاعم الصينيين ، مع الديدان المسلوقة والمعلقة، مع الصراصر المقلية بزيت الكتان النحاسي وانا الدودة الكبيرة التي تختبئ في المجارير و… تقضم وتبتلع وساقضم مؤخرة الشيخ عكرمة ومؤخرة جميع النكرات في الثلج والجحيل القاتل بدرجة ناقص عشرين وثلاثين واربعين، حيث تتفجر الهواتف النقالة في المؤخرات العجفاء والطرمبات باستثناء الفروج المضمومة في لحاء الاشجار النفضية والرجال الصينيون يعتاص الامرعليهم في غببهم مثل فئران التجارب الطبية في الشوارع بلا ضوء، في سائل الكوارتز، وقتما يُضيع الضباب في سيرافيات طنافس الشمس السابحة بلا عمد ترونها، بهتانا يخربشون باظافرهم الطويلة غير المقصوصة مع الحمام والغربان المنتحبة، وليعم الطوفان الخواء الذروق، ولتقرع النواقيس الصدئة باللون الاخضر ويموت الرهبان الكاثوليك بالبكتريا الفضائية ويطير المتصوفة الى سمرقند على سجاد اصفهاني وتصل العاهرات من الهند الصينية وتموت الايرلنديات. ويجب ان يفجر كل شئ في هذا البرد المفعم بكتمان الانفاس والسير سريعا بين ظلال البنايات الكونكريتية وقمم الكنائس المتشنجة. غير انه رغم التقلص الحيواني، البراطيم * تتمدد واهذي مثل نبتة برنوف ولا بصيص في السماء. السماء موحشة. الهمجية تهجم. الطبول تقرع، البدائيون يرقصون، الهنود الحمر يشعلون النيران ولا يمكنني الحديث، لساني ملتو، عيناي كليلتان، ظهري مروح وعلى الجوانب وفي الظهر، خطوط الضرب بالعصا لاني اترك الصلاة . اني اهذي مع النوارس في السماء التي بلا نهاية. نوارس عاهرة لايهمها الثلج ولاالبرد في بحثها عن اللقمة الوسخة. وانا ايضا وسخ ولحيتي خفيفة رغم انها طويلة والشعيرات تلتوي في النهاية.
لا مناص من ايراد الحقيقة في اني اشبهه ابائي الذين جاؤا من كوكب نبيرو. انا الانوناكي بالصنوج، المثقف العضوي بالاذرع المتكاتفة وهبطوا على الكوكب السابع، مع المعدان في الاهوار، قرب الجاموس.الارض القحبة المخلوقة للخنازير المضطجعة في البهوت والرهبة من الدكتاتوريات وفرق موسيقا الجيش تعزف “احنا مشينا للحرب “ في خراب اعمارنا المقتولة ، ومن الكوكب السابع انشطر كل شئ، في مؤخراتنا، بالصنوج، وصار لنا سبع طباق. الرقم الجهنمي، سبعة، واستراح الرب في اليوم السابع ورأى كل شيء حسنا. لكني ادرك في اليقين، في الافتئات، ادرك مثلما تدرك الزهرة ان يوما ما سيلجها زنبور الهجرات على الحدود مع الموت التافه في اللامعنى والطيور التي تتناسل باعضائها الهوائية على الاغصان. اني ساعود الى الفوضى، الفوضى الرحمية في الحساء الفضائي تاركا الارض المنيوكة وابناء القحبة ورعد بندر، يلوصون في هذا الخراب. وحتى يحل ذلك اليوم الخالي من النيك المضاد والحروب والامراض والاستمناء مع الشاعرات القبيحات على الانترنت وكتابة القصص القصيرة لاغواء المعقدات جنسيا والقصائد للانظمة الكولنيالية والبحث عن الاكل والبروتين الحيواني، يكون لا ضوء ولا مساء ولا نهار، بل الدينونة العظيمة.
اني ازحف، غالبا على اربع، اذ استوى المسلك في الانهيار والطبول تقرع. اسمع ضرباتها. انها تهتز وتوتر العالم. لا يمكنني السير منتصبا فعمودي الفقري مهشم، دُمر. اذ وجهت له ام حذيفة كل اسلحتها السرية التي منحها لها مردوخ باجنحته الكريستالية وبوق الخلق في يده. اني اعود الى العصر الحيواني، ارجع الى الاصول واسير على بطني في الغابات قبل الزمن وقبل هبوط انكي على الارض، فيما طائر الكاو يحلق فوق غابات الهنود الحمر قرب خيم جلود الايل والكرفانات والبيوت الخشبية. زمهرير. يوم اخر ويوم اخر من الاقتراب من الكريسمس والثلج لم يزل يهمي. انه يتساقط ندفا. لا ليس ندفا، انه يتجمد مثل كرات النفتالين. انه مطر وما هو بمطر، بل لعنة، وليس لعنة، بل رسل ملاك الجحيم.
الاضواء في الشوارع، الشوارع في البياض خابية، الهيستريا فيّ، الظلال قاتمة، الاحذية المشعة تدوس والشاحنات تزحف في الغبش وتدوس ايضا، تنزلق. تتزحلق الزينة التي تكلل الاشجار الصرعى. اشجار تتبول مثل ايائل برية متجمدة عند حافات الانهر، بعيدا عن حقول تربية التماسيح. السريلانكيون في هذا الجو يسيرون ايضا، مثل الجرذان. هنود وسيرلانكيون وصينيون بملابس مضحكة يسير معهم يهود ومسيحيون واتباع يهوه في الاركان يستجدون دولاراتك وعلى الاشجار يتناكحون مع الثمرة المقدسة والشيطان، ناهيك عن المورمون ، اذ يحثون الخطى في جودة الابدية ببدلاتهم وربطات العنق المظلمة. كلهم يزحفون زحفا على الثلج. انهم الخبال، الجنون. الالتهاب في العجيزة. يركضون ويلهثون ومعهم اليهود بقلنسواتهم القحفية يسوطون الجميع بعربة النبي حزقيال الكونية. الابخر ة، فك، تخرج من الافواه ومن مؤخراتهم واشجار الحور والبين كبيرة ومهيبة وثقيلة جدا وهي تنوء بحمل طبقات الثلج وتسترخي بين اصوات السيارات والدود البشري والصمت الموسيقي والغربان بعيدة وطائر السيجل وحيدا في الشوارع..
يتصل بنا الشيخ عكرمة ويقول انه يريد ام حذيفة في الجامع لامر مهم. اسقط. انه لا ينكحني بصوته القذر المبحوح، بل ينزو ويبول في مؤخرتي، وانا اتشبث باسفلت الشارع باظافري وهو فوقي مثل كلب يعوي. شجرة الورد الصناعي تنام في الروشن ، تعوي على الريح، وحيدة ومائلة الى الخذلان، تعوي خذلاني، حياتي. اقول لا اقدر. ويقول الامر في غاية الاهمية. لتأت ام حذيفة و.. تعال انت معها، لان ابن القحبة يعرف ان العصمة في يدها. واقول يوما ما ساقضم عضوك ايها القذر ثم واضعا اياه في الفرن مع المايونيز ثم ارميه الى الكلاب لتتسمم به، وام حذيفة تنظر الى العالم وتشرب النسكافيه. ويقول لاتنس، ونصف طيزها داكن، يترأى من خلال الدشاشة، تفكر، حتما في جولة جديدة من السفاد. اعمدة الكهرباء لاتنفعها ولا الجزر، لاتكترث بالبرد القصوص وتنحني ويبرز مهيبها مرهب والجحيل لا يهمها.
نصل الجامع ونبدأ الاجتماع بعد ان نردد الشعار* الشيخ عكرمة متجهم الوجه مثل مؤخرة والاخوة بارك الله بهم يجلسون وكأن على الرأس طير. في الغرفة حيث نجلس، الضراط يسير كالهسيس، مثل القمل يدبي على الوجوه. الرائحة مقرفة، خليط البيض المسلوق وغدد التعرق الجنسية والبهارات والثوم. ويقول الشيخ عكرمة برخيم صوت ورافعا انفه قليلا وبين يديه ورقة. اخواني، لاتضرطوا، انتم في بيت الاله. ويتوقف لحظة ثم يكمل: وصلتنا اليوم فتوى من الحجاز. يجب عدم تهنئة المسيحيين باعياد الكريسمس، لانه اعتراف بالثالوث. ويرفع انفه: ولايجوز ان نحتفل نحن ولا اهلنا باعياد الكريسمس. القرآن صريح. ويقول احد الحاضرين: ولكن هذا غير ممكن يا شيخ. لنا زملاء في العمل. ويجيب الشيخ وانفه كبيرة. الفتوى واضحة.. انتبهوا لاولادكم ايها الاخوة. انهم يريدون ان نترك صحيح ديننا ونصير نصارى . ويكمل حديثه بخشوع: لن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم. ويسير في الغرفة. ويقول ساصلي وادعو الله ان يمنحنا القوة والجبروت وان يجعل كيدهم في نحورهم. ونجيب: نعم ايها الشيخ الجليل العظيم، ادع لنا. ثم يقول بعصبية: نما الي ايها الاخوة انهم يريدون ان يرسموا رأس خنزير على حائط المسجد. انهم يضطهدوننا، يجب ان نرفع الامر الى البرلمان والصحافة ونطالب بحريتنا، ليسمع العالم قصة اضطهادنا. لكن الصحافة بيد اليهود والمصارف. ويحني رأسه ناظرا الى عضوه الجنسي، وبيوت الدعارة ايضا. ثم يرفع وجهه: لكننا سنمثل بجثثهم، سننتصر عليهم في السأم وعلى فكرهم الشيطاني. يريدون سرقة اولادنا ونسائنا، هيهات فليمصوا بظور امهاتهم. انهم يحرضون النساء على التمرد، هل سمعتم؟ يقولون لهن، عليكن ان تتصلن بالشرطة اذا ما تم اغتصابكن او ضربتن، من الازواج. الاسلام العظيم. ويكمل، يعرف ان النساء ناقصات عقل ودين لذلك شرع الضرب لتقويمهن. لا احد يفهم المرأة مثلما فهمها رسولنا العظيم، ان لنا في رسول الله اسوة حسنة ايها الاخوة. ويوجه كلامه الغاضب نحو احدهم. هل تريد ان تدخل الغرفة وتشاهد احدهم يركب حليلتك ويلحس فرجها، اجب. ويرتعب الشخص الذي وجه اليه الكلام وترتفع اصوات. ويردف الشيخ. لكننا سننتصر. سيعم الاسلام العظيم هذه البلاد وسنكسر الصليب ونستولى على الولدان ونقتل الخنزير ونحطم سبينوزا وهيغل. ويسبل عينيه ثم يكمل. لاتجعلوهم يحتفلون باعياد الكريسمس انه الشرك. كل منكم يحارب من موقعه.. اريد ان ابشركم ايها الاخوة ببشارة عظيمة نقلها لنا اخوة جاؤا من السعودية قبل ايام، اذ القت السلطات في بلاد الحرمين الشريفين القبض على اربعة رجال كانوا يودون الاحتفال بالكريسمس في غرفة نومهم. ويغمض عينيه ووجه قاتم ويقول بصوت ملاك الجحيم: يريدون تدنيس معقل الاسلام، الكفرة، لايجتمع هناك دينان، ولن نجعل لهم دربا الى بغيتهم. ثم يعم صمت كبير والنوافذ مغلقة والضوء ينحشر مثل ثعلب في جحر الموت الفولاذي بين التماسيح السماوية ولا يكسر الصمت الا الدكتور طلحة اذ يقترح وضع خطة متكاملة للتصدي لعبدة الصليب واليهود. ويثني عليه الشيخ عكرمة قائلا: نعم انا بحاجة الى خطة لضرب الشيطان في عقر داره. انا اعددت مقترحات ايضا واريد تطبيقها. الاقتراح الاول بعد التعوذ من الشيطان. ان نعلم اولادنا ان يكرهوا اليهود والنصارى. ويجب ان تبدأ مدارسنا الاسلامية بتعليم التلاميذ هذا الكره وحب المصطفى. يجب على الاخت ام حذيفة ان تبدأ بتعليم التلاميذ عدم الانتماء الى كندا والمسيحيين واليهود. لاترددوا نشيد او كندا* ايها الرعاع. يجب ان تعلموا اولادكم ان هذه دار حرب. ويهمس في اذني باكستاني قائلا ما معنى الرعاع واجيب الذين ياكلون الفلافل وهم صاغرون. ويهز الباكستاني رأسه ويقول اعوذ بالله والشيخ عكرمة يقول: نعم وكل الغرب الكافر هو دار حرب. الاقتراح الثاني: ان نستغل برامج اللغات الذي تدعمه الحكومة ونطلب فتح فصل دراسي لتعلم العربية، لكننا سَنُدرس القرآن وهم لايعلمون. الاقتراح الثالث ان تقوم ام حذيفة بتحصين المسلمات دينيا وثقافيا عبر محاضرات. الاقتراح الرابع: تنظيم صلاة جماعية يوم الجمعة. ويثني الدكتور طلحة ويقول بصوت: نعم الرأي. ويكمل الشيخ عكرمة دائرا ببصره على وجوهنا الكلبية والسنتنا ترهف بلا صوت: سنشرح للكفرة معنى الاسلام الحقيقي. الاسلام كما أُنزل على محمد في رمضان. انزله جبريل الامين باجنحته السماوية نازلا من المركبة الاسطورية على قضبان حديدية والاضواء تتفجر من رأس المركبة البلوري. في الجبل الفولاذي بمكة المكرمة، القبيس. ايتها الغرانيق العلى، انصفينا من الكفرة وامنحينا القوة الخارقة التي تشبه عصى موسى لالتهام عقولهم الوسخة وافراغها من الكفر والالحاد وتعريفهم فحوى الاسلام الحنيف العظيم مثلما انزل على موسى. ويشمخ ويعم صمت يشبه الصمت بعد الطوفان الذي ضرب مدن اريدو وسبار. ويتم الاتفاق على دعوة كل المسلمين في تورنتو وضواحيها لصلاة الجمعة القادمة في الساحة العامة في سكوير وان في مسيساغا. ويكمل - الشيخ - بمزيد من المهابة. سنهز الكون بهذه الصلاة ويردف: اوصيكم بلبس الدشاديش البيضاء في عقر دارهم ووضع سلاحنا العظيم على جباهنا - الزبيبة - لنريهم نقاء بيضة الاسلام،، تدفقه في الصحراء والزعتر. وينتهي الاجتماع ونلوذ مثل الفئران ونحشر في الباب ويطلب الشيخ عكرمة من الدكتور طلحة ان لا ينصرف. ويقول له: مارأيك يادكتور بالخطة التي حدثتك عنها. ويجيب الدكتور: ممتازة، لكن يجب الحذر من الكاميرات ويقول الشيخ: اطمئن ساطفئ الكاميرات بحجة وجود عطل في الكومبيوتر ويستدرك: والاعلام. ويجيب الدكتور. اعددت منذ الان البيان الذي سارسله الى الصحافة. ويهمم الشيخ: هل كلمت عمر الصومالي ؟ ويقول الدكتور، ولماذا عمر الصومالي ؟ ويجيب الشيخ: لانه عبد اسود لا يبين في الليل، ويجب الباسه بنطلون بدل هذا الخراء، الدشادشة البيضاء. ويعلق الدكتور. هذا مطي رحمكم الله. حاولت اقناعه مرارا بضرورة لبس البنطلون عندما يُنفذ، لكنه يصر عل لبس الدشادشة ويقول انها سنة رسول الله وسيقرأ عند التنفيذ من بين ايدهم سدا ومن خلفهم سدا * فلا يراه احد. ويقول الشيخ عكرمة: فك.
* *
نقف يوم- النيك الاكبر في الساحة العامة ، سكوير وان - الجمعة، عشرات بين ايدينا مصاحف، وكلنا يأتزر الدشاديش الباكستانية واللحى كطلقة في الهميم. الكنديون ينظرون وباكستاني يأتي الى الدكتور طلحة ويقول حاولت عمل الزبيبة على جبهتي الا انها لا ترى ويجيب الدكتور طلحة طبعا لانك اسود. ويؤذن احدهم ونقوم ككتلة واحدة الا ان الباكستانيين والهنود يفلكحون * سيقانهم ونقعد ونسجد، والعرقجينات بيضاء مطرزة بخيوط الذهب الافغاني من تورا بورا، تنحني كل لحظة وطائر فوق رؤوسنا يضرق في الابدية واطفال شقر يبحلقون والمصاصات في افواههم المرولة والعيون كلها تنظر، ومن كل الاماكن، والبوذيون ينظرون ايضا، ويدخلون اصابعهم في انوفهم واصوات التكبير تلطم المباني المتباعدة على المنحدرات المحجبة بالثلج وتعود مثل الرذاذ الهفهاف المتساقط والدهشة طافية طاغية، ومراهقات لايعرننا اهمية في ابنوس حياتهن، يرتعشن في وقفتهن البطولية امام القراصنة في الزمن الخيالي والشهوة المجنحة عند البحار الشمالية المتجمدة ومؤخراتهن عظيمة استاتيكية وانوفهن مدببة جدا، مترفعة وليس كما لرعد بندر والاطفال لا يلقون النفايات الى الشارع، وكثيرون يلتقطون لنا صورا للتاريخ وللنسيان ونحن في وضع التتنيح* ثم قياما وقعودا وعلى الجوانب، واقدمنا اليمين ملوية محشورة في شق مؤخراتنا. وبعد الانتهاء ننهض من الاجداث ونبحث مخبولين عن احذيتنا بلا طركات* والاحذية منثورة في الهباء الذري للسماء الزمن والغيوم الباردة متجحفلة تطوف بلا اكتراث، كأنها فرق بسيج ايرانية تفجر الالغام باجساد اطفالها. وبعدما نجد احذيتنا، وسط ذهول السوسن البري من اعدادنا العظيمة المتضخمة، والخوف يفترس المحاجر ونحن عبس واصابعنا على الزناد والقوس السواك العصى الامرة على الجموع البشرية وامام النساء الشقر والمؤخرات العريضة والانوف الدقيقة والوجل المعروف منه واللا معروف، نستاك مدخلين سبطانات السواك في ثقوب افواهنا والعطور الزيتيه تفوح من الاخوة الهنود والباكستانيين والافغان بارك الله فيهم. ونحمل المصاحف في الحملة الايمانية لتعريف الجموع الهمجية - انسانيتنا العظيمة - الملهمة للملائكة المجنحة قادمة مع جبريل الامين في الزمن المتلاشي - مفسرين الحقيقة السماوية التي تفجرت في غار حراء مع الطائر الميكانيكي العظيم المدعو - بابا جبرائيل - حسبما اوصانا الدكتور طلحة تسميته لنقرب للكفرة المفهوم استنادا الى بابا نوئيل - قادما من اللوح المحفوظ عابرا الطباق في المتخيل الزماني ملتبسا شخصية دحية الكلبي نازعا اجنحته الفسفورية على جبال مكة، قائلا ان الدين عند الله الاسلام. والاسلام يجب ما قبله وما بعده. هذا هو الاسلام وتحيتنا كما تلاحظون السلام عليكم. والسلام هو الله. ونحن في الله والله فينا والله رحل بعد ان رفسنا على مؤخراتنا. لكن مؤخراتنا قوية وتحمل البصق وينبري احد الكفرة قائلا للباكستاني: هل قلتم ان تحيتكم السلام عليكم ويجيب الباكستاني عظيم الجثة والعرقجين: نعم.
واشعر بالغثيان، واشعر بالنعل على رأسي. ويقول الانجلوسكسوني ولكن هذه تحية اليهود - شالوم عليخم - ويبتسم الباكستاني ويقول: انما هي تحيتنا سرقتها منا يهود. اننا مظلومون، مساكين، سنرفع دعوى قضائية. والانجلوساكسوني ينظر والباكستاني ينشغل بعرقجينه ويترك الانكليزي حائرا ويصرخ في الجموع. هذا كتابنا، القرآن. تعالوا انظروا لما لما قاله عن المرأة، وعن الرحلات الفضائية، لاتنفدون الا بسلطان. ورائد الفضاء ارم سترونك اعلن اسلامه. والانكليزي لايفهم عن ماذا يتحدث هذا. واترك الجماعة واتسلل ومن الحشد الى الشارع ومن الشارع الى البيت الشقة. واجد ام حذيفة قد سبقتني وائتزرت بمئزر السفاد واشعر بتنمل قحفي واقول: لا مستحيل، لا اقدر. اريد ان اكمل الرواية، ارجوك. لكنها تتقدم كجاموسة من نهر الجانج، والهنود حولهايبخرون. وتمسك تلططي وتسحلني مثل كجرو الى السرير. وهناك، هناك، على، في، ضمن التخت، تغتصبني بطاعون فرجها. واخرج من الحجرة بعد ذلك شبه كومة من الزرجين وبلا ملابس. وتطلب هي ان اغسل الصحون ولساني خارج فمي واما ان انتهي حتى تأتي وتسحلني وتمدني على الفراش، بعد ان تشحنني بحبة فياغرا واصير اصهل والمني لا يخرج وما ان تنتهي حتى تدفرني قائلة اذهب لغسل الاواعي. واسحل نفسي وانتهي من غسل الملابس في ملجأ العمارة، واصعد وادخل الشقة واجدها تنتظرني، ومرة اخرى على السرير تمصني كما لو كنت ثمرة موز صومالي. وحين ينتهي مفعول الحبة تلقيني كقطعة سانتي مستعملة ،واهرب الى المستشرف ومن الروشن افكر في الانتحار، غير انه لا يمكنني التسلق ولا الموت وارتعش في زحمة الذهان الدماغي وعجيج السمندر السحري وما من شئ في جسمي لا يرتعش والزرازير القحبة تتكوم والنسور تحوم كانما في غزوات قبائل والصقور تنظر وادخل الشقة وادخن مثل مجنون. ثم اتصل بالشيخ عكرمة واشرح له في انحسار السيروتونين وعدم خروج الحروف كاملة. ويقول انت بحاجة الى رقية شرعية و... ساجلب معي على اية حال ابوال الابل ثم اغسل وجوهكم بماء زمزم وارتل سورة المؤتفكات والزلزلة والم.
يمر من الزمن ساعة، ساعة من زمن غير معروف، بوهيمي، ضائع. ثم اسمع خبول طرقات وافتح ويقتحم الشيخ عكرمة الشقة. ويقول بلهف: ماذا اصابكم، شت. ويكمل: هذه من اسباب تلبس الانس في الجن. انه التلبس العظيم، هل بلتم على الحائط؟ هل بلتم في المغسلة؟ هل رميتم مياه فائرة في مغطس الصحون؟ انه الجني ”افيعصيا“ وهو يهودي والعياذ بالله، هرب من سليمان وقت بناء المعبد والقمر محاق. وعلى اية حال ، كثرة تلبسهم هذا الملعون ولا ادري لماذا.. ويتركني ويجلس على الاريكة بكرشه العظيم، سقمي، وانا اسحل نفسي واقول بعد ان اجلس قبالته: اني اموت من النيك. ويضحك ويقول: قبحك الله لقد اوقفت ذكري، انما النيك نعمة انزلها علينا الملكان. واقول نعم ولكن ليس بمثل هذه الحيونة. ويهمهم: ما انت فاعل في الجنة يا عدو الله؟ كيف ستنكح حور عين الذ من شريفة فاضل. هناالتمرين وهناك التطبيق. ويخرج "شربت الابل " وتأتي ام حذيفة ايضا ونحتسي. ثم يعدل جلسته ويقول اكتبوا (هطي بطي ناكح لاكح) ثم انقعوها في ماء زمزم واشربوا اربع مرات في اليوم مع حرق بخور وزيدوا الكزبرة واكتبوا عند مغيب الشمس والجدي في السرطان على بيضة بماء الزعفران كل يوم سبت (لظي خظي حظي) ويقول لأم حذيفة قبل ان يغادر: متى سوف تباشرين المحاضرات مع النساء؟ وتجيب أم ذرب: قريبا ان شاء الله..
* *
يوم العروبة، وبعد ان انهي جلسة العلاج والاوجاع والضرب والتكبير في الاذن مع الشيخ عكرمة ويبصق هو في فمي واذني قائلا انه يجب ان اتفل في مؤخرتك ياعدو الله ، لان شيطانك قوي. وبعد اداء الصلاة، الحق الشيخ نابحا وهو يتوجه الى مكتبه ياشيخ ان علاج تلبس الجن بي وام حذيفة لم ينفع ولم يقلل من غلمتها. ويقول مهمهما: اذن لم يبق الا التطليق او استعمال نكاح المعاونة. واقول لا استطيع التطليق وانت تعرف فالعصمة لها. ثم اني ا موت جوعا دونها، وهي لا تطيق فراقي اذ تقول، اني اروع من يعرف تلافيف، غمام، هطول عروق، جسد، رهس المرأة. ويقول الشيخ مبتسما: يا ملعون، عليك اذن بالحل الثاني. واقول أما من خيار؟ ويقول لا. واقول وما هذا النكاح؟ ويقول ساعلمك اياه بحضور ام حذيفة. واقول الا يمكن ان تقوله الان ؟ ويقول لا تلح. واقبل يده واتراجع، ويقتحم المؤمنون المكتب ويقول الدكتور طلحة للشيخ عكرمة: ان لديه مشروعا اسلاميا كبيرا، وسيتصل لاجل الدعم المالي. ويشرح عن المشروع ويقول: انه عبارة عن معسكر ترفيهي للطلبة والشباب وتعليمهم بعض التمارين العسكرية والقاء محاضرات. وافهام الشباب انهم مسلمون ولهم تميز عن اتباع الخنزير. ويقول الشيخ عكرمة : نعم الامر يا اخي وساساعدك انا فيما يخص الفتاوى والتنظيم والاتصالات وتهيئة الاشخاص. وبالمناسبة، وصلتني فتوى تجيز تكبير فتحة الدبر لاخفاء الاشياء. ويعطي الشيخ عكرمة اشارت البدء للاخوة، وينطلق باكستاني صائم ورائحة فمه قادرة على قتل فيل : ان زوجتي تحب نكاح الدبر وانا لا اقدر بسبب الرائحة واخاف ان تخرج عن الطريق. ويجيب الشيخ. اولا لا يوجد نكاح الدبر ولانه ليس نكاحا فأنه يقبل التأويل. واذا لم تقدر جد لها رجلا يقبل لط* المؤخرة بشرط عدم رؤية الفرج وعدم الانزال. الاسلام دين يسر، ما لكم لاتفهمون. وينسحب الباكستاني ويقول اخر. شيخنا رحمكم الله، زوجتي لاتستطيع الحصول على عمل بسبب نقابها فهل يجوز لها نزع النقاب. ويستفز الشيخ ويقول: اعوذ بالله. لا يجوز يا اخي، هذه حدود الله ولا يجوز التساهل معها. ويحني الشخص رأسه وينسحب . ويقول اخ صومالي: اثناء مداعبة كلبة جارنا، دخل اصبعي سهوا في مؤخرتها. هل ينقض هذامن الوضوء. ويقول: لا ينقض الوضوء اذا كانت النية عدم الشهوة. هل هناك اسئلة اخرى؟ وينبري افغاني يسأل كيف يغتسل المؤمن من الجنابة اذا جامع اهله على القمر. ويتأفف الشيخ ويقول: لا يجوز النكاح على القمر اذا كان محاقا، ويجوز في اوقات الاشراق.. ويبكي فجأة اخ ويندفع للامام ويقول مباعدا الحشد: هلكت ورب الكعبة. ويقول له الشيخ: اعوذ بالله. تكلم يا اخي. ويهذر الشخص : زنيت بكلبة جاري.. ويضع الشيخ عكرمة كفه على راسه والشخص منحن راكع على الارض امامنا ونحن ننظر بانبهار والقوم ضجوا منتظرين الشيخ الذي قال بلطف: لا تحزن يا اخي فلم تأت امرا فريا. هذه عادة القوم عندنا، ولن تجد لسنة الله تبديلا. فوض امرك للذي فطر السماوات والارض، ساتصل بشيخ من بلاد الحرمين لاستفسر . ويضج القوم وكأنهم امام هبل فيرفع الشيخ يده طالبا السكوت وينسحب الاخ المسكين بلا هياج ودمعه لصق خده وتقول اخت مؤمنة: شيخنا اريد ان احدثك على انفراد بخصوص امر شخصي. ويقول الشيخ: تكلمي يا اختي فلا حياء في الدين. وتستشعر المرأة الحرج لكنها تنطق في النهاية: هل يجوز حلق العانة دون علم الزوج؟ ويزفر الشيخ : لا يجوز بارك الله فيك لان هذا ليس لك، فهو حرثه. ويعدل قفطانه قائلا: لقد هلكت. وتخرج الجموع والمروحة تئن والغبار يعلو المكتب وانا لم ازل امخر في الانين. ثم يكمل الشيخ وهو يمسح جبهته بمنديل: اني اهلك لاجل ان انال الجنة حيث الولدان كأنهم لؤلؤ منثور. واقول بارك الله فيك شيخنا الجليل. واشكره وانسحب بدوري الى القاعة ومن هناك الى مدخل الجامع والمراوح لم تزل تئن وروائح الجواريب عظيمة وقبل ان اهرب بسبب الرائحة وكثيرون ضرطوا قبل ان يخرجوا وفيما انا ابحث عن حذائي وكريم معي وجاكلين زوجته تنتظره خارج الجامع، احكي لعمر الصومالي قصة عذابي قبل ان تصل زوجتي فيمنحني سيجارا ويقول: اذا ما احتجت الى نقود او سجائر فلا تتردد، انا اعمل قريبا من هنا.
* *
سابع ايام الخلق وعبد الخالق الركابي يسير كالعرجون القديم، ونصيف الناصري له في علم الكلام اقاويل، وهو الذي قرأ من على برج السي ان تاور والقوطيون والرهبان تحت اجنحة الظلام، القصائد الشمسية والموتى ينهضون في اخر الايام وسلطعون الشعر حسن النواب يموت تحت السرو والصفاف البابلي، وكل هذا جاء واكثر في تصانيف الاخبار مع اللامطر، واللاريح واللاهياج لانها، دورة الايام.
نعود الى ارض النكاح - البيت - وما ان ادخل حتى تدركني ام حذيفة هذه المرة، بمسحوق بذور النعناع مع عصارة جوز البوة وقليل من الفياغرا. وبعد التعذيب فيما اكون مرميا على الارض والهث واعضائي تموت امام عيني وتنبض بضعف، تدخل هي الى الحمام وتاخذ دوشا للتخلص من الجنابة، وقبل الصلاة تدخل ثانية الى الحمام وتبدأ طقس الوضوء ومن الحمام اسمع صراخها واهرع على الاربع واجدها منهارة لانها لا تعرف ان كان الوضوء صحيحا ام لا، ويبدأ العصاب في مخها وتكرر الوضوء واقول في كل مرة، ان الوضوء صحيح، لكنها لا تصدق. وفي النهاية تترك المغسلة والارضية مبللة واعمد الى الماسحة وامسح وعضوي الجنسي لا يزال ينبض. ومن الصالة اسمع زئيرها وتقول لا يمكنني التركيز واقول: لانك مشغولة بالنيك يا حياتي. وتصفعني وتقول اخرس يا عدو الله ، اني اعرف صلاتي. وتعود الى الصلاة وتكررها وفي كل مرة تعتقد انها لم تصل الركعات الاربعة. وفي النهاية تنهار الى الارض واقول حسنا سوف اعد لك عدد الركعات وتتنفس مثل سمكة. وهي تصلي وانا اعد لكن الريبة تبقى تلاحقها حتى بعد الانتهاء معتقدة ان ذاكرتها قد اصابهاعطب بسببي. وتطلب ان اخرج من البيت ريثما تستعيد عقلها لاني جننتها بكتابتي وكسلي. واقول حسنا سوف اخرج، لكني لا افهم ما علاقة موضوع الكتابة هنا. واحمل اوراقي والشارع حيث اسير يزدان باشجار الميلاد وعمال البلدية ومتطوعون يعلقون نشرات الزينة والاضواء والكلاب ايضا تحتفي مثلي واشعر بفرح غامر وانا اسير في المهاوي ومعي الاوراق وادخل مقهى واكتب بجنون مطلق والالهة الفضائية تنظر من فجوات في الحائط ثم تحدث تناغما ملهما للكتابة والموسيقا تنبعث هادئة من مذياع والاضواء الملونة على النوافذ والثلج ينزل باسترخاء وهدوء والكلاب تعبث في الثلج والقطط الملفوفة ببطانيات صغيرة يحملها اصحابها الى مستشفيات الحيوانات بفعل الاسهال لاكلها كميات كبيرة من الشوكلاتة. وبعد ان انتهي من كتابة فصل، اترك المقهى واتماهي مع اشجار الميلاد ثم يظهر الهومليس فجأة وكأنما من الدماغ ويقفون بانتظار سيارة الحساء وفي الزوايا يقف اتباع يهوه والموسيقا تتسرب من المحلات وقبعات سنتا كلاس تزين رؤوس المراهقات والكلاب تعض عظام بلاستيكية واشجار التنوب تتلألأ والاضواء تمتزج مع الاغصان بخضرتها النضرة والعاب اطفال مجانية في الساحة العامة تدور قبالة مقاعد الهومليس الذي تركوا اماكنهم من اجل البروتين وفي هذا الصقيع المتدرج من الشمال الغربي هابا يشرب الايرانيون العرق كل لحظة وهم يصنعون البيتزا للسكارى والمثليين جنسيا. ولا فروخ سياد بري في الشارع ولا من اهل الصين واتجه تاركا الاثرعلى الثلج وما من شئ خلفي في النور والظلمة تقترب واشاهدها من بعيد كنبي وانا على تلة الموتى والمصابين بالجذام. لكن الجنائز تحملها العصافير وهي تستمع الى نواقيس الكنائس والكهنة مع رجال بقبعات عالية ونساء بمغطيات الكتف يغنون الميلاد في جوق سائر ومعهم كتيبات الترنيم، يمرون قرب الاسطبل حيث المسيح الطفل، ومن هناك، من النقطة الجوهرية، في الانا الخائب اتوجه الى محل عمر الصومالي للحصول على علبة سيجار مطعمة بالسكر.
اصل المحل واجد الباب مفتوحا، لكن الصومالي ليس موجودا. وانتظر دقيقة ومعي زبائن وبعد انقضاء الدقيقة، يتفجر صوت اذان وتكبير من مكان ما داخل المحل. ويصير الزبائن دائرين برؤوسهم لمعرفة هذا الصوت. واعرف من النبرة ان هذا صوت عمر الجحش والصوت يرتفع اكثر، ثم اسمع نخرا وبصاقا، وفيما التكبير مستمر والتحميد ايضا وكلمات الله اكبر ترج المحل والزبائن على وشك الارتعاد ولا يعرفون ما يفعلون، خاصة النساء، ويهودي على رأسه قحفية يتلفت لكنه يبتسم ويسير متمهلا وبلا ارتباك ويضع اغراضه في السلة ثم على الارض ويهرب والنساء مرتبكات لكن المراهقات ينحنين لسرقة الشوكلاته من الرفوف وخط مؤخراتهم يبرز من البنطلون وكلب شخص اعمى يبقى حائرا وعندما يسقط من يده، ينبح نبحات قوية ويسحب الاعمى ويريد ان يخرج به الى الخارج، لكن الاعمى يلتصق بثلاجات مشروبات القوة ويسرق ايضا. وبعد نصف ساعة يخرج عمر بدشداشته القصيرة والعرقجين على قحفه وكفه مبللة ويعتذر للزبائن ويقول كنت اصلي، نحن نصلي خمس مرات في اليوم. ويقول ايضا: ان الله كتب علينا الصيام كما كتب على الذين من قبلنا. وينظر الزبائن لبعضهم البعض في في عدم فهم واقول لعمر لقد افزعت (البيبول) ويقول: خرائي عليهم انهم همج واني ارفع صوتي عمدا ليسمعوا كلمة الله ويعرفوا اننا مسلمون ونصلي الصلاة في اوقاتها. هؤلاء كفرة يا اخي، ويتوجب ارعابهم. واقول بحذلقة: بارك الله فيكم. واقول ايضا انا بحاجة الى نقود وعلبة سيجار صغيرة بالسكر. وينظر الى وجهي ضائعا ثم يقول: حسنا. ان شاء الله. لكن يجب ان تقرأ هذا ويخرج كتابا ويضعه امامي. ويقول هذا ابن تيمية ستحبه كثيرا. ساعطيك سيجارا الان وعشر دولارات لكن في المرة القادمة عليك ان تحدثني عما جاء في هذا الكتاب. واتناول الشت. واقول: سافعل . ويقول ويجب ان تتعرف على محاضرات الشيخ العريفي وباقي الاخوان لكني لا احب هذا القرد عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ولا الاطرم وجدي غنيم انه يصيبني بالاسهال وانا لا احب هذا الشئ، وبعد ان اقلب الكتاب يقول لي وهو يناولني علبة علكة ايضا وسيجارا فاخرا. اسمع طلب مني الشيخ عكرمة ان احدثك عن، ويحك مؤخرته. عن نكاح المعاونة واعلمني انك تبغي هذا الامر. حسنا انا يمكنني. واقول: اسمع، العرض واحد* هل انت قدها؟ انها مصابة بالغلمة. ويقول اجل ورب الكعبة. اقول حسنا العرض واحد. ان مهبلها طويل والجي سبوت خاصتها يبعد خمسة عشر سنتيما عن فتحة الفرج. وانظر الى عضوه المنتصب ويلمح اتجاه نظرتي ويقول. حسنا هل تريد ان تراه. واقول لا. ويقول وهو يناولني علبة سجائر مارلبورو ايضا. ماذا قلت ؟ واجيب: هذا شأن ام حذيفة. ويرد بعجالة لنحدد موعدا اذا. واقول ان الشيخ عكرمة يريد ان يكون شاهدا وهو مشغول في الوقت الحاضر ويقول. شت، ساتصل به الان، لا عليك، ويناولني علبة سجائر بول مول.
في اليوم التالي وما ان تعود زوجتي من المدرسة الاسلامية حتى يأتي الشيخ عكرمة ومعه عمر الصومالي ورائحته فظيعة، ونجلس وام حذيفة معي ويقول الشيخ. اختي العزيزة ام حذيفة. شكا لي بعلك من تفاقم غلمتك، وان الدواء الذي وصفته لم ينفع. عليه اعرض علاجا للحال بأن تستعيني بنكاح المعاونة، اما بخصوص زوجك فلا تثريب. ويحك عمر الصومالي مؤخرته، وتقول ام حذيفة انها موافقة. ويقول الشيخ انظري جيدا لما تطلبه النساء من الرجال. وانا في حالة استرخاء لاني ساضع قنبلة في مؤخرة هذا الصومالي. ويقول الشيخ، اذن على بركة الله ويعقد النكاح. ثم يغادر وتنهض ام حذيفة والمطي ويذهبان الى المطبخ واسمع صوت ام حذيفة تقول اشرب حساء الكوارع هذا والبعيوه يشفط ولايدري، ويدخلان الحجرة وانا ادخن واعمد الى شرب النسكافية وتقليب اوراق الرواية، ثم اسمع همسا سرعان ما يتحول الى صراخ ثم ضراط وانين ونباح، وسباب ويخرج عمر يعوي ولباسه في يده خلفه ام حذيفة تصرخ لعنة الله عليك، ولا تفسر لي سبب غضبتها.
بعد استراحة مع النسكافيه وسجائر عمر الصومالي وام حذيفة تتقيأ في المغسلة. تُطرق الباب وافتح وتلج الشقة اخوات بارك الله فيهن واعرف منهن جاكلين زوجة كريم وبين المؤمنات تجلس زوجتي ورائحة القيء فظيعة يضاف لها رائحة حليب الارضاع المتخمر من المؤمنات. وتسأل واحدة وانامن الغرفة الجانبية استمع فيما اقرأ في كتاب عن النفليم. عن الجنس في الجنة وتسهب شارحة للمؤمنات كيف سيكون عليه النيك السماوي وفي جنة الفردوس يكون العضو الذكري اكبر من ذكر عمر الصومالي وتشهق المؤمنات غير مصدقات. وتسأل احداهن عن شرعية الجلوس على الكرسي وتقول زوجتي انه محرم شرعا، لان الجلوس عليه منبت للشهوة، وكل شهوة بغير الزوج حرام شرعا. وتكمل انها ستطلعهم على الفتاوى الجديدة. وتعتدل في جلستها وتشرب من قهوتها وتقلدها المؤمنات ورائحة الزنوخة تزداد، وتقول عن سياقة الدراجة النارية أنه لا يجوز ايضا لانه مثير للشهوة "خاصتن" اذا كان الزوج غير موجود وفيا يخص البظر تلح زوجتي على انه يجب عمل الخفاض وخاصة للصغيرات، وانه يجب السفر الى دار الاسلام من اجل اجراء عملية الخفض. وفيما يتعلق بعمل الزوجة تجيب زوجتي انه يجب ان لاتعمل الزوجة لان الزوج قد يحتاج نكاحها في اي وقت ويجب ان تكون جاهزة. وتسأل احدى المؤمنات عن قواعد نكاح المجاهدة التي سمعت به مؤخرا وتقول ام حذيفة: انه حلال وعمل به في تورا بورا. وطريقته هي الزواج لنصف او عشرة دقائق ويتعلق زمن النكاح بعدد الرجال. فكلما زاد العدد، قل الوقت للافساح في المجال لتذويق الرجال العسيلة. وتقول مجاهدة انها جربته بنفسها في احد كهوف تورا بورا واذاقت من عسيلتها في يوم واحد حفنة رجال، وكان لهذا النكاح اثر في رفع معنويات المجاهدين. اذ اسقطوا اربع طائرات في نصف ساعة. وتبكي زوجتي وتقول ، اللهم ارزقنا الجهاد والجنة ونكاح المجاهدة والنصر على الكفرة المردة. ثم تنبه الى ضرورة تطبيق فتوى الشيخ عكرمة بعدم خلط الطماطم مع الخيار في اناء واحد، لان الخيار مذكر والطماطم مؤنثة. وانه يجب الانتباه للملابس لانها قد تكون مصنوعة من منتجات الخنزير. وفيما زوجتي تستمر في القاء الشت، تبكي واحدة وتقول بصوت الحزن اليائس، ان الشيطان يضاجعها. وتفتح زوجتي فاهها غير مصدقة وتنبري اخت اخرى قائلة انا يضا. وثالثة تعترف ان الشيطان يزورها ايضا سواء في المطبخ او الحمام وغالبا ما تسمع نخيره فيثيرها ويقشعر بدنها وتحس باختناق وتوهج وجسدها يمزقها والعانة تتنمل والدبيب يمشي عليها وتتشنج وتسقط الى الارض وما ان تتمدد مغشيا عليها في السقم، حتى يهجم الملعون وينكحها، وهي تصرخ وما ان ينتهي حتى تشاهد الدم يلوث عانتها والنزيف يتدفق منها. وتولول النساء وتتحول المحاضرة الى شت مسموم.
بعد انتهاء جولة النواح والتحسر والخوف والارتجاف وام حذيفة تقرأ، انا انزلناه واية الكرسي وتكبر. تنبري جاكلين زوجة كريم لتقول: ان الكنائس ستوزع على الفقراء -بمناسبة الكريسمس- ونحن منهم “ فسيفس” وملابس واطعمة وهدايا. وتقول ام حذيفة: يجب ان يُمنعوا من اقامة الاحتفال. وتعقب جاكلين: ان هذا صعب. وتجيب ام حذيفة: لكنه ليس مستحيلا. صروا على عدم استلام حصة الطعام، الا اذا الغي الاحتفال. قولوا لهم انه يجرح مشاعركم كمسلمين ويضطهدكم. اذا سمحنا لانفسنا بالاحتفال فمن يدري اين سينتهي الامر. انهم يريدون جعلنا نصارى، مثلهم. ساتابع الموضوع واقدم لك الاستشارات الضرورية، وربما اذهب الى الكنيسة بنفسي. وتعقب جاكلين بحزن: لكن قد يقطعون عنا وجبة الطعام. وتنبري ام حذيفة بعصبية: هذا غير ممكن. لا يقدرون ولسنا في بلاد الاسلام. سنعمل مظاهرة لالغاء الاحتفال، وسنرفع الامر الى البرلمان وجمعيات حقوق الانسان. يجب الاستفادة من القانون الكندي. سنجعل سيوفهم في نحورهم. وتنبري واحدة فيما ام حذيفة في عصاب. انها تريد ان تعرف رأي الشرع في مسألة تبرعها بملابسها المستعملة الى الفقراء وتقول ام حذيفة بنفاد صبر: لا يجوز قطعا ان تعطي اي شيء لمشرك. وتقول الاخت لكن الدولة الكندية تمنحني راتبا وطعاما لي ولاولادي ولزوجي المريض وتدفع ايضا اجرة البيت والتدفئة والماء والمجاري والادوية. وتستغفر ام حذيفة والاخريات يثنين على رأي الاخت. وتقول ام حذيفة بغرض السيطرة على الموقف: انتبهوا للمؤامرة العالمية على الاسلام. اذا ما اقتربتم منهم ستنزلقون الى الهاوية وبئس المصير. وتعود مرة اخرى الى الاستغفار بصوت مرتفع والمؤمنات في صموت كلاب البحر ولا اسمع الا نحنحات وشفط سائل القهوة. ثم تخرج النساء من البيت معقبات خلفهن اغفلة الشوكلاته واوراق الكلينكس وملايين الدموع ورائحة حصن * ممزوجة برائحة طرشي *
* *
قبيل الاحتفال باعياد الكريسمس ام حذيفة “يثلمها” القلق .
اشعر بفخر كبير وسعادة غامرة.
ام حذيفة لا تطالبني بـ "السفاد“.
عمر الصومالي نصره الله سد المسد.
انهيت كتابة الرواية.
هل هذا كل شيء ؟!
لا.
اذرع الشوارع لانجازي الرواية، احملها كلفافة ميروانا، اخفيها عن العيون اللئيمة والمردة والسحرة والقديسيين واكاد اسير مرتفعا، رخوا والسيرتونين يدفعني القا. في الطرقات الهوملس والروس وعصابات المافيا الاوكرانية واغاني بوليوود والزنوج والبنغال والبقر الهندي والعاهرات المحترفات وراقصات التعري والالعاب البريئة والعرب والمسلمون والفلافل والشاورما والمساجد والكنائس والمعابد وسيارات السلفيشن ارمي والنيتف والشرطة والهنود الحمر، وفي مطاعم شرق اسيا صلصة الكلاب اللذيذة بالليمون وحساء الجرذان والنودل. انه الاحتفال الكبير، الكريسمس. وفيما انا اسير محدقا في الكون متأملا خواتيم روايتي التي انجزتها بعد مليون سنة من ولادتي القذرة في الوطن الذي ناكنا بحروبه وموتاه ورجال دينه وارامله ورئيسه واحزابه وايتامه يبيعون الكلينكس ونزدادا انحطاطا، التقي الدكتور طلحة ويقترح علي وهو يأكل لفة الشاورما وبين اسنانه اوراق الخس ان اعمل معه. ويشرح لي انه استغل ذكائه واسس جامعة افتراضية وعملي هو مقرر الجامعة وعلي الاتصال بالناس في البلدان العربية واقناعهم بالتسجيل، ويجب ان نركز على العراق وبلدان الخليج. ويمنحني اول مبلغ وعلبة سجائر ويقول ان الجامعة مسجلة رسميا في كندا ويريني واصابعه مليئة بالهات صاص، اوراق التسجيل. واستلم منه ارقام تلفوناته ورقم حسابه المصرفي. وقبل ان يتركني يقول ماذا حصل بمشروع روايتك واقول: انجزتها ويهمهم : ساساعدك بنشرها على حساب الجامعة. بالمناسبة، نسيت ان اقول اني حدثت الكاتبة زهية عنك وعن روايتك. واشعر بفرح وامسك الدولارات وعلبة السجائر واشعر اني اعرق رغم البرد.
قبل ان يعود الدكتور من سفره، اكملت الاتصال بعشرات الطلاب المجانين وتم تحويل اموالهم الرائعة. وقبل ان ابدأ عملي صباح كل يوم، يزورنا عمر الصومالي في الشقة ورائحته فظيعة ويضرط قبل ان يلط ويقول لي: لا ادري يا اخي ما الذي يضعه حسنين قاتله الله في صحن الفول الذي اتناوله في مطعمه صباحا ولااعرف ايضا ما الذي يضعه في الفلافل التي اتعشى بها، لكن هذا سينتهي قريبا ان شاء الله - عندما اذهب. وانا انظر الى وجهه والى الطيور القحبة المسمرة على سياج الروشن وام حذيفة تحضر سرير النيك - الى المعسكر لتدريب الطلاب.
قبل ان اغادر مكان العمل، اكنس المكتب وانظف ماكينة القهوة ثم اتهيأ لتناول وجبتي من الحليب الطازج لرفع اثم تواجدنا سوية انا والسكرتيرة في مكان واحد. والسكرتيرة تقول لي ان زوجها الشيخ عكرمة مصاب بالتواء نسغ الخصية وغير قادر على القيام بواجباته وانها طلبت التطليق او على الاقل ان يُنكحني نكاح المعاونة، ولو من عمر الصومالي. الا انه رفض، وفي النهاية سمح لي بممارسة الجنس على الانترنت على اعتبار انه افتراضي وغير حقيقي. وفيما هي تبكي وانا اسمع. ارضع رضعاتي الشرعية وتنقدني قبل ان اغادر مبلغا من المال.
اثناء السير والتسكع افكر ان الحظ السيء قد غادرني، على الارجح، وعاد الحظ الجيد او فتافيت منه وفي المستقبل سوف احصل يقينا على المزيد من الدولارات حالما يعود الدكتور وهذا يحررني من تسلط ام حذيفة ولسانها القذر باني عاطل ولا انفع لشئ ضمنا النيك.
في الطريق وفيما انا افكر بعرض الدكتور لنشر الرواية والمجد الذي ينتظرني. وليس مستبعدا ان احصل على جائزة ما وان كانت الجوائز العربية بلا قيمة. المح جاكي- جاكلين - وهي تدخل عيادة الطبيب صحبة زوجها ، ويرفع كرومي يده محييا فالحقهما وجاكلين تعرج وكريم يسير امامها. وادخل، وما ان اتبدى حتى يتهلل وجه جاكي ودون انتظار تحدثني عن سحجاتها وضربات الجهة الثانية من وجهها. وفيما تشرح لي كيف انها نجت اثناء نقلها لوثيقة استنكار للاحتفال بالكريسمس الى مجلس البلدية، من اصطدام مروع. تظهر لي ثديها والحلمة مجروحة. واصعق ثم تبرز اعلى فخذها وانا انظر وريقي ينشف واللحم يرتج ، هلامي وفيه دوائر ورصوص والفخذ يرتفع مثل شيش شاورما، نحيفا ثم ينتهي سمينا، في المشهد السماوي. وفي النهاية ابحلق مثل كلب عراقي لم يجرب السفاد في حياته، ناظرا بهلوسة الى الضربات والسحجات والى كريم الذي يقلب بغير اهتمام مجلة اطفال ويحك رقبته. وبعد ان اخرج من العيادة واصل البيت تقول لي ام حذيفة انها (ووري) لان عمرا لم يأت بعد صلاة العشاء.
وكان صباح.. وكان مساء..
تقترب عقارب الساعة من الواحدة صباحا، وتنام الديدان البرية والراكون ايضا. ثم نسمع خبطا، انا وام حذيفة. ويستيقظ الدود والراكون، وينظر احدنا في وجه الاخر، واقول ربما كان هذا عمر الصومالي. وانهض مستندا الى الكرويته* وفي اصابعي رعش. وافتح واجد كريم وكريم منهار واقول: فك، ما الذي حدث؟
يدخل كرومي وتجره ام حذيفة الى الكرويتة واضلاعه محطمة واصابعه لا ادري ما بها، ويطلب قدح ماء واثار دم على زاوية فمه. ونقول من اعتدى عليك؟! وتقول ام حذيفة: هل اعتدى عليك الكفرة ؟ ويقول كرومي: لا. وتقول ام حذيفة لابد انك صرحت باسلامك! واقول لنطلب الشرطة وتقول ام حذيفة: الشرطة عنصرية. واقول لابد من استدعائهم. ويقول كرومي فقط دعوني استريح. ووتقول ام حذيفة: هل من احد يلاحقك؟! ويقول كرومي: لا. واقول انا: لابد من الامر. وتقول ام حذيفة: ما الذي يحدث! ويقول كرومي: دعوني استريح. واقول انا: هل لاحقوك؟! وتقول ام حذيفة: كفرة. ويقول كريم: اريد ان استريح. واقول انا: لكن هذا مستحيل. وتقول ام حذيفة: بالامس قتلوا قرة العين. واقول انا: هذه الاشياء من الماضي. ويقول كريم: ومن خلف الابواب ياتي صوتها. وتقول ام حذيفة: والصوت مثل رصاصة، وجاهدوا في تورا بورا كالليوث. واقول انا: كفى ولتأت الشرطة. ويقول كريم: لخاطر الكحاب اتركوني استريح. واقول لام حذيفة حسنا، لقد ناكوه، اذهبي الان. ويتنفس كريم وام حذيفة تستمني في الحمام ويهمهم صاحبي: هل تذكر ما قالته جاكلين في العيادة، فك، لا تصدق هذا البراز. حسنا في البداية يجب ان انوه ان هذه القحبة ليس اسمها جاكلين، فك، انما نجاح. واقول: هل جئت لتقول هذا، فك يو كريم. ويطلب ان انتظر ريثما يتنفس. ثم يكمل: حسنا. انا اردت تحذيركم فقط. هل اجد لديك منكرا، اريد ان اسكر الان واكفر. واقول: شت، اخفض صوتك، لا خمر. لكن تحذرنا من من ؟ ويبلع ريقه: اسمع يجب ان اكفر اولا، هل تسمع. واقول: حسنا اطلقها بصوت منخفض، شت. ويكفر. ثم يقول: اشعر براحة الان، لماذا؟ حسنا، هل تعلم من اي جاءت السحجات على وجه ابنة الطحال. حسنا، لقد كانت متوجهة مع شخص بوسني الى فندق لتنام معه وكانوا قد سكروا، وفي الطريق اصطدمت سيارتها بحائط مدرسة وهي ليست المرة الاولى. واقول: وهل يختلف الامر لو فعلتها مع غير البوسني مثلا. حسنا لم لا تطلقها؟ ويقول: احبها، ثم اني لا اريد تطليقها لاجل الاطفال. ويهذر: فعلت كل شئ لاجلها. بسببها خرجت من العراق. كانت مجنونة. وهي ابنة خالي ايضا، يا الله. لا ادري ما افعله. وانظر الى وجه واللعاب يسيل واناوله علبة الكلينكس ويسحب قطعة ويمسح وجهه وزاوية فمه، وينظر الى الدم، ثم يرفع وجهه الى الروشن والثلج ينام وضوء الصالة ينعكس على وجوهنا وارنبة انفه تلمع. ثم يكمل: عرف اهلي في العراق انها نامت مع كثيرين، فضربوها وارادوا ارجاعها الى بيت خالي، لكن خالي توسل. قال افعلوا بها ما يحلو لكم، اقتلوها اذا شئتم. ورغم الضرب المبرح واستعمل اهلي معها النار في احدى المرات ، اذ كووا فمها وكوت امي فرجها لكنها اخطأت وحرقت دبرها. ولم ينفع شيء، هل تسمعني، لم ينفع. كانت مجنونة والحصار دمرنا. كنت احبها. لم اضربها في حياتي ابدا. كل الضرب والتعذيب قام به اخوتي وامي. امي قالت بعدما يئسنا. خذها وسافر الى الاردن . لا مكان لها بيننا. اقترحت امي في وقت سابق ذبحها ودفنها في النزيزة. اخي الاكبر قال انه لا يريد ان يتلف حياته بسبب بربوك. قال ايضا انها اصبحت دولكه. انت تعرف، الدولكه اكبر من البربوك. لكنها طيبة. في الحصار كانت تحصل لنا بوساطة من رعد بندر على قيمر المصلحة والبطاطا والبيض من نقابة الصحافيين. انت تعرف البيض مشكلة والاطفال بحاجة له. انت تعرف ايضا اننا شعب ثقافته انكليزية والاولاد يجب ان يأكلوا سيرلاك وحليب كيكوز. لكن امي تصرخ وتخمش وجهها وتطلب قتلها. واخي يقول. لا استطيع واخي الاصغر يقول خذها وسافر لخاطر الكحاب. سادفع عنكم ضريبة السفر. سادبر المبلغ باي طريقة حتى لو اضطررت لبيع ماكنة الشامية. وقفوا امامي كلهم ورموا القفاز بوجهي. هكذا تركت بغداد، تركت الفضل وسوق حمادة. تركت طفولتي وحياتي، كل عالمي. لا يمكنني نسيان رائحة الدرابين ولا رائحة قلي السمك في محل ياسين ابو كروة*. حتى الخيسة هناك رائعة، هل تصدق؟ شعرت حينما سافرت اني اقتلعت، لكني احبها. تقول امي لابد انها شممتك خرقتها ياديوث. انا اقول اني احبها. وامي تستمر في الضرب على فخذها وتقول: خذها الى الاردن. خلصنا منها يا عار. لابد انها سقتك مع البيبسي بولها. اعرف امها، قحبة مثلها، عملت بالسحورة. الله يرحمها ذهبت الى دار حقها، لا تجوز على الميت الا الرحمة.
وهكذا سافرنا.
في الاردن. عملنا في مزرعة، انا وهي. نامت هناك مع سائح يهودي فطردنا صاحب المزرعة لانه من جماعة لا للتطبيع. ذهبنا الى عمان. لم استطع ايجاد عمل. كان يجب ان نقدم اوراقنا الى الامم المتحدة للحصول على اللجوء. لكن ماذا ساقول في المقابلة.اعني يجب ان تكون لديك قضية، كأن تكون سياسيا، او كاتبا او ما شابه. لا استطيع ان اقول لهم انها قحبة وخرجنا من العراق لهذا السبب. كان يجب ايجاد شيء معقول لكي يتم قبولنا. قالت هي اعمل صحافيا في جريدة حركة الوفاق. اكتب مقالات عن السلطة في العراق. قلت لها لكني لا اعرف كتابة اسمي. قالت لا تهتم، هي من سيهتم. نامت مع شعراء كتبوا لها المقالات. اخذنا ننشر باسمنا. كان كسها يدفع. لكني احبها. وفية جدا. كان لها هدف عظيم. ان نسافر الى اوروبا. تريد ان تفتتح هناك بيت حب شرقي وتؤسس دار نشر. على اية حال قدمنا اوراقنا الى الامم المتحدة باعتباري اديبا وصحافيا في جريدة الوفاق. في عمان نامت مع كل الرفاق في الحركة. حتى الفراش في باب الحركة نامت معه. لم اهتم. كنت احبها واريد ان احافظ على العائلة، لاجل الاطفال. وكانت هي من يستلم راتب الامم المتحدة ، وبقية الاموال. بعرق جبينها تحصل وتصرف على البيت. اصيلة. لا اهتم. لم تدعني ادخن سجائر ريم. كانت تشتري لي مارلبورو مهرب من شميساني، ولم احبها، كنت احب دنهيل. انت تعرف ان ثقافتنا في العراق انكليزية.لكنها تريدني ان ادخن السجائر الامريكية. لم اهتم انهم اطلقوا علي كريم عائلة لكني لم اكن سمسيرا. انت تفهم هذا طبعا. كل العراقيين في عمان صاروا يعرفونها. كنت اقول. حسنا لا تتركيني.. لا اريد ان يعيش الاطفال بعيدا عني وعن العائلة. اخي في الاردن ضربها مرات كثيرة. قال لي. لا تأخذها معك الى الخارج. اخذني الى الساحة الهاشمية وقرأ لي البخت وحذرني. قال انه يرى ان قرونا ستخرج في راسي. ولمْ اهتم، ولِمَ اهتم. اذا نمت القرون اقصها، اليس كذلك. المهم الاطفال. عندما صدرت موافقة الامم المتحدة. حولوا ملفنا الى السفارة الكندية. اخي كان يكرر: انه يجب ان لا تأخذها معك. اتركها هنا، في الاردن. سنخطف الاطفال ونهرب الى الزرقاء، وعندما يحل موعد السفر سنسافر وحدنا بالاطفال. قلت له لا، لا اريد لهم البعد عن الام. يجب ان احافظ على العائلة. صفعني اخي على وجهي وقال ديوث. قلت، هناك في كندا ستتغير. ستتحسن.. بعد ذلك وصلنا الى هنا.
يمسح كرومي فمه وينظر الى الدم والثلج . ويقول. حسنا، عندما وصلنا كندا وضعتنا الحكومة الكندية على برنامج مساعدة اللاجئين. كانوا يدفعون لنا راتبا ومخصصات للاولاد. كانت هي تأخذ الراتب، لم اهتم. حتى عندما داهمني الجوع في حفلة الطواويس والمطر والبرد. لم اكن املك ملابس كافية، ولم اهتم. ثم وجدت عملا تحت الطاولة. كل الاموال التي كنت احصل عليها كانت تأخذها. تمنحني كل يوم مبلغا صغيرا لشراء الطعام والسجائر. قضينا ايامنا انا والاولاد نأكل الباقلاء واضع الكجب في الصمون ونأكل مثل فئران. لم اهتم ان يكون الراتب بيدها. انا لا اهتم كثيرا بمثل هذه الامور. مايهمني هو الاولاد. وهنا، اعني في كندا. رجعت ثانية الى النوم مع الجميع. نامت مع الصوماليين ولم اعترض ومع الهنود ومع الافارقة ومع الهنود الحمر ومع المشلولين والصرعى والمجانين. ومع الصرب الذي هربوا من البوسنة والهرسك. لم استطع منعها. كانت تتصل بالعراقيين وتقول لهم هل تريد ان تتونس. هنا فقط اعترضت. قلت تستطيعين ان تنامي مع الجميع باستثناء العراقيين، لكنها لم تهتم. وتستمر بالاتصال وانت تعرف العراقيين. دائما يخرون في الصحن، وتحتشد الدبابيس في عيني واخذ الاولاد واخرج من البيت ريثما تنتهي. قلت لها: لا تنامي معهم في البيت، نامي في اي مكان باستثناء البيت. اضطجعي على اي جنب يريحك. وكانت تقول لماذ لاتترك البيت، لماذا لاتتركني ؟ واقول لا استطيع. لا اريد ترك الاولاد. وكانت تضحك وتقول بسخرية: اي اولاد يا دوشك، الولد الاول من حسين البايسكلجي والثاني من ستار المزيقجي والبنت من خضير ابو العروك والبنت الاخيرة من داوود ابو الباجة. ولم اصدق. انا اعرفها، تمزح دائما. تقول هذا لتجعلني اترك المنزل والاولاد. قلت لها، حسنا ـ لكنهم يشبهوني. اليس كذلك. واقول ايضا: اذا كنت تودين النوم مع الاخرين في البيت فافعلي. فقط لا تطرديني. ثم بدأت بعد ذلك تسجنني في البيزمنت * وغرفتها فوق واسمعها والخشب يئن وابن القحبة يدفع وهي تصرخ وتتأوه وخربشاتها على الحائط، ولم اهتم. قلت لها حتى اذا اردت النوم مع ”سنتا“ فلا يهم. انا صلب، قلب كبير ، كما تلاحظ، هل تلاحظ؟ وعندما تنتهي من الحب تنزل الى البيزمنت وتصرخ بوجهي. ماذا افعل لك. اترك المنزل، الا تملك غيرة، غيرة صغيرة، نقطة، فقط نقطة. ولم اهتم. كنت ابتسم. اعرف ان قلبها طيب، رغم انها كانت تسجنني في البيزمنت لايام مع وجبة طعام واحدة، لكنها تمنحني السجائر بسخاء. لا تظن اني مطي او ديوث. انت لا تعرف قلبي، لا تعرفني. كل اصدقائي في الفضل يعرفونني. يعرفون قلبي الرهيف، مثل قلب سمكة. دائما افترض حسن النية، وقلت لها لاجل الاطفال لا اريد ان اغادر المنزل. وضربتني بالنعال والشحاطة ومنفضة السجائر وكل ما وقع تحت اليد. مسكينة، وعندما لم اخرج، جرحت وجهها بشئ ما، لا اعتقد سكينا، وخرجت من المنزل وامام البيت - والباب موارب والتدفئة تتسرب وجهاز التدفئة ينعر. اخذت تصرخ وتستنجد، مثل قحابنا الشرقيات، زاعمة اني ضربتها. وكانت تضربني بالعصا ومزقت فمي، عند الباب، في المدخل، بجانب اية الكرسي التي لم تسقط لان مسمارها مثبت جيدا، هناك، في الحائط، انا دققته واجدت، انا افعل الاشياء دائما بشكل صحيح. وكنت فقط اريد تهدئتها، وهي تقول جننتني يا ابو الع… اتركني، واقول حسنا لا تفرجي الجيران علينا، وتصرخ، اخرج من البيت، والعويل مستمر، وانا اتوسلها ثم تممدت فجأة، في الشارع، امام البيت، قرب الرازونة، بجانب شجرة السرو، مواجهة لاية الكرسي، في مدخل البيت، مع الصراخ والزبد في فمها ابيض، واشجار الباين بيضاء ولا بياض، والسرو مائل وليس بمائل، ينحني مثقلا، لماعا كذلك، في الضوء والسناجب لا ادري ان كانت رمادية ام سوداء. بيد انها تنظر مشوشة والراكون ايضا، ينظر بهلع مع عائلته، وعائلته تختفي في سقف البيت المجاور، وفي بيتنا ايضا، يختبؤن، وتسمع خربشاتهم في الظلمة، في الضوء، في الضباب، في اللاشئ يخرجون، تخرج الام اولا ثم الاولاد، وخفت ان تهاجم هذه المخلوقات زوجتي، وكنت اقف لحمايتها والاولاد ينظرون، من النافذة، من الثلج، والنافذة قذرة، واحدهم رماها ببيض بسبب اننا مهاجرون جدد في المنطقة، وقالوا للاولاد ايضا، ان البيت مسكون بالارواح ومع كل زخة مطر يخرج الاموات ويعزفون الجاز، في البيزمنت، وناقوس كنيسة يقرع والغربان تطير والسلاحف تبيض والهلع يحيط بوجوه اولادي، ووجوههم مثل بول، وانا اقول اذهبوا الى الفراش، لا شئ يحدث، لا شيء يصير. والدم يسيح من فمي ومذاقه رائق، معدني، امصه، بعفويتي، حديد، قنديل بحر في السماء، وصدى الصراخ، صراخها يتردد، وعلى الارض ضوء، وفي السماء نور ومن النور ضوء والضوء جاء من كنيسة المصريين، الارثوذوكسية والطيور هلعة والظلمة نور. وفي الكنيسة يشعلون بخورا والبخور مقل وجاوي، ويشعلون الشموع ايضا، وانا نذرت لسواريخيوس وسواريخيوس بابا المشرق والمغرب، وهكذا ارى، والبروتستانت ابطلوا النذر، فلا نذور ولا تقديس. ثم تابعت برنامجا على التلفزيون للقس الفلسطيني الذي اشترى طائرة خاصة وهو يشفي من مكانه من امريكا، بين اليهود، كل الذين يتفق معهم، فيشفون امام الناس. وكانت الشموع، هكذا، وملابسها ممزقة، جاكي، قندلفت حياتي، اذ مزقتها باصابعها وسخام ايضا، سخام يحيط بوجهها، لا ادري من اين جاءت به ، وانفها شرس ووجهها شرس وانا اقول: لابد ان هناك خطأ ما. تعالي نصلحه، تعالي في العلى، نتدبر امرنا. وتنفجر والسباب يثور، على الثلج، على الاشجار، على الطيور، على الافواه، افواه اولادي، يغطيها، مقتحما النافذة، مستقرا هناك، في الطحال، الكبد ووجهي كبير وقلبي ايضا. لا تشك بي، لا تشك في قلب رجل. ومن الانفجار خرجت ظلمة والظلمة عميمة ومن الشجر برز لنا الجيران واتصلوا بالشرطة. وقبل ان تقبل هذه، افترصتني النوائب، فالتجأت اليك.
* *
صباحا اذهب الى المكتب وصديقي كريم معي واجد الدكتور طلحة قد عاد من السفر ويجلس كربان في المكتب. واقول صباح الخير وطلحة يسبح ووجهه جهم وكريم معي والزبيبة سوداء واسرد ماجرى لكرومي. وكريم يبكي ويقول لا ادري كيف حال الاولاد الان؟ واطلب من الدكتور مساعدته ويقول هذا، ساتصل بعمر الصومالي. هل تعرف اين هو الان ؟ واقول حتما مع ام حذيفة. ويضحك ويقول ساتصل به . لكن على كريم الاختفاء عن اعين الشرطة. ويقول كريم نعم. ويقول الدكتور اين نخفيه. واقول في اي مكان ويقول كريم: بسرعة يرحمكم الله. ويقول الدكتور هل ارسله الى تورا بورا؟ ويقول كريم: لا لا ارجوك. واقول الى اي مكان باستثناء تورا بورا. ويقول الدكتور هل ابعث به الى العصابات الكولومبية اذن!! واقول انه مطي. وكريم يقول: نعم انا مطي. ويقول الدكتور اذن لاخيار لنا واقول ماذا؟ ويقول كريم: ساعدوني ويقول الدكتور: تأخر الصومالي. واقول لكريم: هل تريد ان ترضع. ويقول الدكتور دعك من رضاعة الكبير الان. واقول انها تريح اعصابه. ويقول كريم: عمر الصومالي لم يصل. واقول هل هناك حاجة فعلية لاخفائه. ويقول كريم: اريد ان اشاهد الاطفال. ويقول الدكتور اين سترحل؟! واقول لو كنا في العراق لامكن اخفاؤه في العيواضية ويقول الدكتور لماذا في العيواضية ؟ واقول هناك تحت الجسر. ويقول الدكتور لكن لماذا في العيواضية؟ واقول هناك وقفنا وبكينا. ويقول كريم اني اسمع صوت القطارات. واقول انها ليست قطارات. ويقول الدكتور: كفاكم اكلان خرة. واقول هذا المطي تأخر كثيرا ويقول الدكتور ريثما يلبس لباسه.
بعد ساعة او اكثر، يصل عمر الصومالي وهو يضرط ويعتذر مرددا ان كل هذا بسبب طعمية حسنين قاتله الله. ويقول الدكتور طلحة. خذ كريم وسافر به الى المعسكر وكريم يبكي. يجب ان يختفي عن الانظار. ستتولى انت تدريبه. ويقول عمر المطي: نعم، نعم. والدكتور يقول لكريم. يجب ان تختفي عن الانظار. عمر سيساعدك لن تحتاج الى نقود الان. ستأكل وتشرب وتسكن دون مقابل. اذ ظهرت الان سيلقى القبض عليك، هل فهمت. ويهز كريم رأسه ويقول لكنها طيبة. والدكتور طلحة ينظر ويتصل بالشيخ عكرمة وياتي هذا الى المكتب. ويقول الدكتور: كريم جاهز وكريم يبكي وسناجب تسير على حافة النافذة وانا ادخن وكريم لا وعمر يستمر في ضراطه.والدكتور طلحة يقول كفى لعنك الله ايها العبد. ويوجه كلامه للشيخ عكرمة ويقول استلمت الاموال من متبرعين من الخليج. سنباشر التدريب قريبا جدا.ويقول الشيخ: هذه الليلة. وينقل فمه الى الصومالي قائلا: هل انت جاهز، توكل على الله، توكل على الله. والدكتور طلحة يُسبح.
الفصل الثالث عشر
وجدت نبوة في كتاب سرياني تقول بترك كريم في عهدة عمر الصومالي، فتركته وعمر يطوف على وجهه قلق، لكنه يسبقني الى البيت وام حذيفة تعود من المدرسة بكدر وتقول ان طالبا ارهبها. وعمر في البيت، على وتيرته يضرط، وكريم ينتظره في مقهى تيم هورتنز. وتقول النبوة التي لم يات على ذكرها كتاب المجسطي، ان عمرا كان يكمل وجبة النكاح الثانية وام حذيفة تستمر في الرهب والادرينالين منها تصاعد وعمر الصومالي يقول وهي فوق منه انه يجب ان تطمئن. وهي تقول، لا اقدر ويقول ان الله مع الصابرين. وهي تقول لكنه هرب. ويقول الصومالي: كل شئ سيكون على ما يرام. وهي تنظر الى النافذة والثلج لا يتوقف والكلينكس على الارض وطائر مجهول يحلق مائلا وينحدر باتجاه الهاوية والفلاش لذر على الماصة . وتقول ايضا، انها اتصلت باهل الطالب وما من احد في البيت، وانها تتأكل. وعمر يقول: هذا لا يعني شيئا، فربما هم في سفر. وتقول هي: ومن يسافر ولسنا في موسم العطلات بعد. ويقول عمر، سنعالج الامر بعدما اعود من المعسكر. وام حذيفة في القعود وانا في الروشن بين زمن وزمان وزمانين مفكرا في الرواية، ودكتور طلحة قال لي: انتظرك غدا لارتب طبع الرواية على الكومبيوتر، والعقبان نواقيس والكنائس الارثذوكسية تئن وترن وللرنين صدا لا يضيع ولا يتيه، وام حذيفة تغسل براطيم عضوها وتهذر: اللعنة عليهم وعلى نواقيسهم. وعمر الصومالي يترك الشقة، وانا انتهي من التلذذ بالقهوة، واهبط معه ونتجه الى المقهى. ويقول في الطريق، اريد التكلم مع كريم بوجودك. واقول انت لا تحتاجني. ويقول: كريم يثق بك. ويشتري لي علبة سيجار بالسكر. واقول اريد علبة ونستون ايضا. وندخل السوبر ماركت، وكل شيء في مكائن، وكل يوم يجد الرآسماليون سبلا للاستغناء عن البشر، وعمر يقف ويوما ما سيفكر اليابانيون بتصميم مكائن لتزويدنا باعضاء جنسية رجالية ونسائية وسيتولى صنع المكائن الصينيون وسيضعون لك فيها طبعا، اشياء فاسدة مثل حليب الاطفال، وغالب ظنهم هم الاذكى، كما نحن العرب، واليهود لهم ذات البلية، وبالجملة كلنا ابناء مفكوكة. وبالمكائن سيُفك الرجال عن النساء والنساء عن الرجال، وسنقف في طابورين منفصلين وطابور اخر للمثليين جنسيا، وسيشتري الرجال الاعضاء الجنسية، والنساء الحب، والعرب يشترون مؤخرات والصينيون يشترون علب حساء الصراصر اللذيذ باللوامس. وكل شئ سيدار بواسطة الماسون والبنوك والكومبيوترات، واليهود مساكين، في عالم من الغائط. ونخرج من السوبر ماركت، وانا ادخن مبتلعا كمية كبيرة من الدخان، والدخان لاذع، فرجيني، انفثه الى السماء قرب عمود انارة، مثل عاهرة بلا اسنان امامية، والنواقيس تقرع لشيء ما، والصدى بلا صدى ولا يضيع ولا يزحف ولا اصوات في الشارع والكنائس ماتت بعد بولس والموتى قاموا، وبعد ثلث سنين من ملكه صعد بختنصر الى بيت المقدس، والحساء الابيض للسماء ينقط والابراج كابوسية داخل احجارها نواقيس، وآنية الرب يُسكر بها وذروق يابسة وساعات صدئة وقصائد حسين علي يونس،غربان على الابراج والسماء بلا عمد ولاالتراتيل تأتي من سعد جاسم او وسام هاشم، الى اذني من كل مكان. وفي هذا الهميم يدور الشيوخ الاطفال "السنتات" في المولات وفي ساحة البلدية، مع القمصان الايرش، مع الغزلان، وام الرب في المغارة، وكريم في المقهى ينظر عبر الزجاج والهنود الحمر ينظرون اليه مع وابل الماريوانا، والكنائس تشرع ابوابها ورجال الدين بملابس الرهبنة يسحلون الصلبان ويدردشون في المقاهي عن نهاية العالم والنادلة رائعة والصدور باعجازها وربلتها ايرلندية ضخمة ولا اثر للشعر وبنطلونها مطاط والغربان تذرق وعادة الايرلنديات الهلس.
* *
يستلم كرومي مبلغا من المال يقدمه له عمر الصومالي، ليشتري لنفسه احتياجاته الخاصة بالمعسكر. وكريم قلق ويفكر بالاولاد قائلا لعمر: ستساعدني، ستتحدث مع جاكلين، اريد الاولاد. وعمر يقول: نعم بعد عودتنا من المعسكر، اذا فعلت ما اريد. وكريم يقول: ما الذي تريده؟ ويقول عمر: ستعرف في المعسكر. وماذا بخصوص الشرطة. ويجيب عمر: لا تخف سندبر كل شيء. يجب ان تنهي التدريبات اولا. ويقول كرومي واصابعه ترتجف واليباس في فمه والقذى في عينيه: ما هي طبيعة التدريبات؟! ويقول عمر: لياقة بدنية وبعض الاشياء الخاصة التي ساعلمك اياها هناك.
* *
صباحا، ام حذيفة في فراشها وعضلة فمها تنسحب الى الاذن والفم مفتوح بلا قدرة على الغلق والستارة الى الجانب والسماء الى الجانب والحجرة الى الجانب وصرصار يدبي على الارضية، والى الجانب، ويتوقف امام قطعة كلينكس ثم يتابع طريقه الى خزانة الملابس ولباس داخلي ابيض يشبه الدشادشة مرمي امام الباب والصرصار فوقه.
يتصل الشيخ عكرمة ويقول: يجب ان تحضروا الى المسجد الان، فعلها ابناء المفكوكة. ونخرج، انا وام حذيفة، وروايتي معي لاني اخاف تركها والصرصار لا ادري ما حل به. وفي الطريق اشاهد الدكتور طلحة بصحبة امرأة على رأسها كلاو* صوفي ازرق مخرم ويقول: هذه هي الكاتبة العظيمة زهية. وتتكلم زهية بنكرزة * وانفها مرفوع وتقول: انهم يكتبون عني في كل الجرائد ولا استطيع منعهم وقلت للنقاد، انه يجب ان تكفوا عن الكتابة والنقاد يقولون لا نستطيع، انت تستحقين الافضل في العالم، وانهم في جائزة الشيخ زايد حمير ولا يفهمون لم لم يتم ترشيحك وتقول هي: هل لتساقط الشعر علاقة بمقالات النقد التي تكتب عني. ويقول الدكتور طلحة. لا اعتقد وتقول: لكني ذكرت هذا للنقاد وقلت: انه يجب ان تكتبوا عن تجربة الشباب، واكتبوا عن تأثير اسلوبي بهم . لكنهم لايسمعمون، النقاد عهرة، يستمرون في الكتابة عني فقط وصرت اخشى ان يؤثر كل هذا في جيل الشباب وجيل كل الذين يكتبون وكنت اقول للطبيب هل لهذا علاقة بتساقط شعري؟ ويقول الطبيب من الطبيعي ان يتساقط شعرك لانك بلغت السبعين وبعد عشر ستبلغين المائة وساعتئذ ستبولين تحتك وتصابين بالزهايمر وترقق العظام ولا يتساقط فقط شعرك انما اشياء اخرى. وكنت اقول لكنك لم تقل لي الهذا تأثير على كتابتي ويقول: من المحتمل لان دماغك يعمل ٢٤ ساعة في اليوم وانت منهمكه مثل ثعبان في الكتابة ويجب ان تخففي واقول انا، لا يمكنني الهرب من قدر كتبني عنده في الابداع وان ربات الكتابة تزورني كل صباح وكل مسية ، وقلت هذا للصحافة ولكل الذين كتبوا عني وعن قصصي ورواياتي رغم اني طلبت منهم ان يكفوا، واحد الحاقدين يقول اني ادفع للذين يكتبون عني مستغلة انثوتي رغم اني بلغت السبعين قبل عشرين عاما، لكن شعري يتساقط بقوة نتيجة التركيز في الكتابة، ولان اعصابي متعبة واني انصح بان لا يقلدوا طريقة كتابتي واربا بنفسي عن كل الحاقدين وسافرت الى دبلن في سنغافورة لحضور مؤتمر الرواية العالمية وتحدثت هناك، واسروا انهم سيرشحونني الى جائزة البوكر البريطانية واجبت، ارجوكم انا لا احب الجوائز. لكن الذين يغارون مني كثر، ولا ادري لم يصرون على تحطيم اديبة عراقية يكتب عنها كل النقاد في الوطن العربي، فما رأيك يا دكتور، اريد اجابة محددة، اذ لطفية الدليمي وقد شاخت لم يتناهز من شعرها شيء ولا ضعف ولم تمر بشيخوخة الكتابة. ويقول الدكتور طلحة: لا تنشغلي بالحاقدين لان العاهرة الجميلة ينكحها كثيرون. وتهز راسها موافقة ويكمل الدكتور: هذا هو صديقنا التي حدثتك عنه وعن روايته وامل ان تتصفحي روايته وتقول هي: اوه لا استطيع لاني مشغولة بكتابي الجديد وشعري يتساقط. ويتوسلها الدكتور وتقول في النهاية، موافقة، وتقول ايضا لاني احب الادباء الشباب فأني سانقحها واعيدها اليك ويقول الدكتور: نعم ثم اطبعها انا على الكومبيوتر. وينظر الى وجهي وانا احدق الى الشوارع والشوارع متعامدة متصالبة وادفع بالرواية الى اصابعها واظافرها طويلة، عليها نقاط حمر، وتأخذها بترفع واقول انها نسختي الوحيدة. وتقول اطمئن. واتركها ونسير انا والدكتور باتجاه الجامع يساورني ازراء الرواية، والدكتور يقول: لم القلق يا اخي ؟! واقول، انه الوجود.
نصل الجامع - طوفان قرية - واشاهد سيارات الشرطة، ويهرول الدكتور ويقف بكاريزمية امام الكاميرات ويتحدث الى الصحافيين والسماء كدرة والثلج على الوجوه، والمصور يصور الحائط من زوايا، والدكتور طلحة يقول: ارجوك صور من هذا المكان ويقف امام الكاميرا ويشير بيده الى رأس الخنزير متجهما، ثم يتحرك ويقول للمصور: مع الراس، ارجوك. ثم يشرح للصحافة انه سيرفع الامر الى البرلمان، لان الموضوع اضطهاد وازدراء اديان. وضابط الشرطة يقول: سيدي، انتظر ريثما تنتهي التحقيقات. لكن الدكتور لايلتفت ويكمل: انه سيرفع الامر مطالبا بتعويضات نتيجة العنصرية التي يتعرض لها المسلمون، رغم انهم مسالمون ويحبون كندا، وانهم جزء من الشعب الكندي، ويرددون نشيد او كندا، كل صباح ومساء، ويعلمون هذا النشيد للاولاد، بالاضافة لتعليمهم حب كندا في المدرسة الاسلامية، والشيخ عكرمة يهز براسه متأثرا، ويشير الى رسم الخنزير، ويرطن بانكليزية ركيكة. ثم تسجل الشرطة المعلومات والاقوال، والدكتور طلحة يترجم. وبعد التدوينات، يفكس الدكتور تقريرا الى الصحافة الكندية ووكالات الانباء، يعلن فيه حب شعب كندا للمسلمين، وان الذي صار لاينبغي ان يفهم خارج جنسه ، ثم يرسل بتقارير الى الصحف العربية يقول فيها انهم ـ المسلمون ـ يتعرضون لشديد عنصرية الشعب الكندي. وعبر الفاكس تصل الجامع رسائل تأييد من كل بقاع العالم الاسلامي، ومن تورا بورا ايضا وبعضها تتوعد بصحيح غزو كندا وتوحيد الله وتحطيم الاصنام والصليب وقتل الخنزير وتحويل نساء الكفرة الى سبايا واماء والولدان في المقدمة. والشيخ عكرمة والذين معه من البنغاليين، يسيل على وجوههم الدمع وهم يقرأون الفاكسات، والشيخ عكرمة يتنبأ: انه بعد هذا الحادث سيفتح الله لهم هذه الارض، وانه شاهد كل هذا في رؤيا صادقة، يوم ستنهار عبادة الصليب ويخرج عيسى ابن مريم ويقتل المسيح الدجال، وسندخل البرلمان مثما دخلناه اول مرة. وتغادر الشرطة والصحافة ويقتحم المسجد قس كنيسة في الجوار، ولايمد الشيخ عكرمة يده للسلام ويقول القس: انا اتعاطف معكم، انهم يكتبون على جدران كنائسنا ايضا، هذا امر طبيعي لايمثل المجتمع. لكن الشيخ عكرمة يعلق ويحك، انه اضطهاد. ويصدم القس ويتراجع ويقول الشيخ: هل لاحظتم الذلة والمسكنة على وجه عُباد الصليب ، كنائسهم تفرغ وتباع ويتم تحويلها الى مساجد. ان نصر الله قادم وبشر الصابرين.
* *
مساء اليوم، العاصفة شديدة، الزوبعة لا تضرب مدينة تورنتو، انما المقاطعة. الجنون يستمر. انا لا اميز المجانين عن العقلاء. لكل عالمه وخباله. العاصفة تبدأ هكذا، والزوبعة هنا، والرعد هناك نزلا من النواقيس، الى الارض وعلى الارض الحمام، ولا هديل، واخر الحمام في الريح، على كرات البرد يتقصى، ولا طعام ولا من يحزنون، والجنون خبال، والخبال استاطيقيا المتصوفة اهل الخرق، والثلج بسرعة كبيرة يهبط وتيارات الهواء تدفع به، الى كل الجهات. وافكر انه - الثلج - لا يهبط انما يرقص، وحينما يرقص، يغفو على ماقبله، وما قبله هو الاستئناس والوحدة عن العالم.
التقي كرومي امام مقهى تيمي واصابعه باردة، ويتوسلني ان ادخله ويقول باكيا: اشتر لي قدح قهوة وكيكة. اقول مالك يارجل؟ يقول: لاشيء، واقول بل ترتجف، كن رجلا ولو مرة واحدة في حياتك. ويقول انها دمرتني وما عدت اشاهد الاولاد، وربما تعتقلني الشرطة في اي وقت. واقول ستسافر الى المعسكر؟ ويقول هذه الليلة. واشتري له قدح القهوة، والكيكة في يده تتساقط منها نتف .ثم اقول اني مضطر للذهاب الى المكتب. علي انجاز بعض الاتصالات. ويقول: لا تتركني ارجوك. اقول: لكنك تأكل بشكل جيد وتتغوط بشكل مريح ايضا. ويقول لا، منذ ان تركت الاولاد وحالتي الصحية سيئة. الشيخ عكرمة زق في فمي ابوال الابل. وقلت سيتحسن الوضع عندما تذهب الى المعسكر. ويقول اني خائف. واقول انت ترعش، هل هذا بسبب البرد؟ ويقول لا. واقول هل تريد ان تشعر ببعض الراحة ويقول ارجوك. واقول انتهي من هذه الكيكة اذن. ويلتهمها بعجالة ويسكب قدح القهوة في معدته واقول توقف عن البكاء ولا تسألني عن شيء حتى احدث لك منه امرا، اوك.
نصل المكتب وتقول السكرتيرة، زوجة الشيخ عكرمة. الدكتور ليس موجودا، سيسافر الى المعسكر هذه الليلة. واقول وكريم يجلس: هذا مريض ويحتاج الى حنان. اريده له ان يرضع. وتقول السكرتيره، انا لا اعرفه. واقول: انه زوج جاكلين. وتقول اي جاكلين واجيب انها صاحبة المؤخرة الكبيرة. وتقول هل تعني الصومالية واقول لا ليست الصومالية. اخرجيه الان. يجب ان يرضع لتتحسن نفسيته. يريد ان يصبح هو الاخر اخا لك.واغلق الباب وكريم يجلس بلا حراك وتخرج السكرتيرة الثدي والتقمه واشير الى كريم ان ياتي لكنه لا يتحرك واقول اقبل ولا تخف . ويقترب هذا والسكرتيرة تعبث ببعض الاوراق واقول امسك الثدي الاخر ويقول لكن هناك شعرة طويلة واقول اترك هذا الخراء وارضع. ويقول كم رضعة ؟ واقول اكبر عدد. ويمد اصابعه واصابعه لا ترتعش، بل ترتجف ويمسك الثدي، من الاعلى ثم تنزلق اصابعه نحو الاسفل. واقول ليس هكذا. وامد يدي وارشده والحليب يتدفق، والحليب ينز، والحليب يسيل، على وجوهنا والسكرتيرة تقلب الاوراق، وانا امسك الثدي وانظر الى كريم وكرومي يقترب ببراطيمه وينظر في عيني مباشرة واقول لا ترفع نظرك الى الاعلى، استمر دون توقف. ويشير ببوزه الى السكرتيره واقول لا تهتم فقط مد خطمك. ويقول نعم انا معك انا معك واقول: وانت تشرب تذكر حليب مصلحة الالبان. ويشعر بالفرح واسنانه صفراء وبراطيمه على الثدي، وبراطيمه الى السماء، والجحيل في الخارج، وهنا الدفء. هنا المودة، وهنا الرحمة واية الكرسي خلفه، في المكتب امام السكرتيرة والسكرتيرة سبطة والحليب دسم، والحليب ينز، والحليب مثل اشعة القمر واعضائنا الجنسية غامدة، لاننا نرتزق وعيوننا شاخصة، وعيوننا نائمة. والسكرتيرة تعدل الاوراق، وكريم ينشغل بالشعرة والحليب دسم جدا، رائحته نيدو، ويقول والحليب على وجهه: ماذا عن المعسكر؟! واقول ما به؟! ويقول: هل قال لك عمر شيئا خاصا؟ واقول: لا. ويقول ان الصومالي اقترح تزويجي اخته. واقول اهو الذي قال؟ ويقول نعم. واقول افحص الامر جيدا. ويقول كيف يعني؟ واقول هناك الف طريقة وطريقة. ويقول علمني واحدة. واقول: دع عنك هذا الان. ويقول ان عمر اراد منه شيئا لا يستطيع الحدث عنه الان. واقول: هل اراد نيكك ويقول لا. واقول: لا تخف اذن، اي شئ دون النيك لا يعول عليه. ويقول هل هذه حقيقة؟ واقول: طبعا.
نخرج من المكتب وكريم لا يشعر بدوار بل باهتزاز عضلة الوجه، اذ كان الثدي كبيرا والحلمة صغيرة واثار االدسم على قميصه. واقول هل تشعر براحة الان ؟ ويدخن وانا لا اهلوس، وهو يهلوس. ويقول لماذا انا مخدر؟! واقول اعتقد ان السيرتونين قد ارتفع لديك. ويكمل: وهناك تنمل وعضلات وجهي متراخية واقول انت مطي ويقول: وانت ايضا واقول لا بأس. ونسير في الثلج والجحيل يصفعنا لكننا لا نحس ، وهو ينزل “عجولن” البياض ، والشوارع متخمة، وعلى الارصفة تلال منه والكلاب تحس به وتركض على الالق وتتجه للقمر، والقمر لم يظهر، والبط البري يقوقئ، ويمر في جوقات ويتجه الى البحيرة. واشعر بسلام سماوي وعضلات وجهي سابلة وكريم يبتسم وصفحات الهواء تضرب وجهه وعيناه لاترمشان، واثار الحليب على فمه، وفمه مفتوح واسنانه صفر والبط البري يبتعد، ويكاد يختفي، لكننا نسمع اصواته، والحمام ايضا، والسلام الكوني يشع ولا نسمع اصوات محركات السيارات، وهي تتزحلق وبعضها يصطدم، والبط بعيد، وخطواتنا بطيئة ، وكريم يبتسم والحليب مع البط والبط في الغيوم والغيوم بلا نهاية والشمس متوارية ونورها بلا ضوء، وفي نهاية ارواحنا جفاف وامتلاء.
* *
اعو د الى الشقة . كرومي وعمر، ذهبا الى المعسكر. ادخل واجد كل شيء بانزينا، ولاول مرة بعد البعثة، لا تطلب ام حذيفة نكاحا..
اذهب الى المطبخ وابدأ باعداد القهوة، وام حذيفة تدخل الحمام كل دقيقة وتتوضأ. ثم اسمع صراخها فجأة وتتعوذ من الشيطان. وفيما انا ابحث عن الحليب، يسوطها ابليس. في النهاية تخرج من الحمام وتذهب للسجود والركوع دون بسملة وتعوذ، ثم تبقى في دوامة ودعائها مثل جيش لا ينتهي، ودموعها تنحدر الى عقدة اللكجة تحت الحنك.
ايها الارنب العظيم، النازل من العرش، لا تركض في غابات السحر وحدك. تبقى ام حذيفة في الركوع، كل الليل تقريبا.. في الصباح وقبل المغادرة تطلب ان اناولها قنينة ماء زمزم، وارافقها الى الحمام، وتبلل وجهها وتقول عريني. وانض عنها الملابس وافرازاتها بانزين، واسكب وهي تهلوس على الحبيب، ثم تقول انها ستموت. واقول هل تريدين الذهاب الى المستشفى؟ وتقول: لا اذهب الى مستشفياتهم واقول انها مجرد مستشفىً. وتقول: اليس اسمها مستشفى القديس فلان وعلان. واقول انها مستشفىً حسب. وتقول لست مضطرة. واقول لكنك ستموتين بهذا العصاب. وتتعكز على كتفي وتقول ساعدني لاتوضأ. واسكب الماء وهي تبربر. واقول ما الذي حدث؟! وتقول: هل تذكر الطالب، رأيت عزرائيل. واقول: بولي لتذهب عنك الرجفة. وتقول ان نهاية ما امامي. واقول لا تهتمي، كل شئ سيكون بخير ما ان يعود عمر الصومالي والشيخ عكرمة.
اغادر الشقة واسير في الشارع مموسقا مارا بالغابة الصناعية التي اقامتها البلدية وفيها مغارة المهد والطفل يسوع ينام بهدوء والاتان تأكل والنجمة الغريبة التي دلت المجوس على مكان الولادة تلمع. وفيما احدق في السيرك الصغير والذي اقامته البلدية ودرجة الحرارة تقترب من - ١٥ والاصابع وخضاريف الاذان تطقطق واحاول تدفئتها بان انفخ في قبضة يدي واجعلها عليها ثم انتقل الى الانف والحنك الذي اشعر به يطير ويهرب الى مكان ما في هذا البرد السماوي. اقرر الذهاب الى المكتب لامص بعض الحليب وادفن يدي عميقا بين كتل اللحم . عندما اصل المكتب اجده مغلقا وعندما اسأل من المكتب المجاور تجيبني سكرتيرة قحبة: لا نعلم.
اترك المكتب وانحدر ثانية الى الداون تاون وموسيقى جاز قرب باب المول يرسلها جون الهندي في زمن ضياء غمام روحه. وفيا اتسكع، المح زهية وهي تلبس ذات الكلاو بفتحاته وشعرها الكرافيص يبرز ناطقا في السماء . احاول الوصول اليها مخترقا ابواب المول لاسالها عن الرواية ، لكنها تركض هاربة وتصعد باصا وتختفي في الابخرة . اشعر بقلق واشعر ان شيئا ما على غير ما يرام، . اتصل بالمسجد ولا احد يرد . اعود الى البيت واجد ام حذيفة في حال يرثى لها وما ان اشرب قهوتي واستجير بالظلمة على فعل النور وبفعل النور على تكوين الظلمة ، تضرب الباب ضربات قوية . ما ان افتح حتى تقتحم شرطة ببدلات سود وعصي واسلحة موجهة نحو وجهي، الشقة.. ومع الصرخات انبطح دون حراك . الارض تحتي ، السماء فوقي . في الفيض اللغوي والاشارات واللغات غير المفهومة يتحول كل شيء الى سائل، ومع الانبطاح الشرطة تتوغل، ام حذيفة تركض باتجاه الحمام ، في السائل، والبنادق الى الرأس، والجامعة في يدي الى ظهري، وام حذيفة صوتها قادم من النجوم، ولا اسمع الا نبرات تمتزج في تخوم، والنافذة مترائية غير منظورة ،ولا هواء في الهواء. وتسحب الشرطة ام حذيفة وتلصقنا الى الحائط، مثل طليان، ثم نساق - في توقيتات مكة، ووجوهنا تضيع في ممرات العمارة ورائحة الكاربت * الوسخ وملايين الخطوات االمتراكبة - الى داخل المصعد، محشورين، منتهبين، والاحاطة بنا من كل جانب. وفي الفوضى والاصوات المح شيئا ما شبيها بكريم ،واقول ماالذي جاء به الى هنا ؟! لكني اعود واصير في الزمن مرة اخرى وانا اشاهده ، ويضمحل ويسير بتؤدة وبط قاتل، والوجوه تسير وتتحرك في بطئ، وفي غرفة التحقيق اجيب عن الاسئلة، ماظهر منها وما بطن، وام حذيفة في بوخ وكاننا في حظيرة وتكاد تبول، والمحقق يسمعها تسجيلا تلقي فيه على مسامع المسلمين الصغار في المدرسة، انه كيف يجب كره الكفار وكره او كندا، *ولا يمكنها التنصل والتسجيل بالفيديو ايضا يسير، بالاسود والابيض، وانا صموت. وبعد ايام وام حذيفة في انهيار تقول: ارجوكم لا تخرجوني من كندا، لا تسقطوا عني الجنسية. ومع الخذلان يكتشف المحققون اني عبارة عن غائط، وام حذيفة تخرط كل شئء ، بهدوء، والمحققون يسمعون، منهم من معنا ومنهم من يجلس خلف الزجاج ، وام حذيفة تشرب الهات كابتشينو التي طلبوها لها من تيمي ووجهها هدل ولا اعصاب، والذهان نور فوق تخومنا.
وبعد انتهاء التحقيقات يفرج عني ولا اعلم شيئا. واخرج من مبنى الشرطة باعصاب رخوة، وادرك بالغريزة ان افضل ما يمكن عمله في هذا اللافهم، هو الذهاب الى المكتب، ولا اكتفي ببضع رضعات من كامل الدسم، انما سالج السكرتيرة وامزق كل ما يمكن تمزيقه ، بدءا بالفرج والفم والنهد، ولا اترك ثقبا .
وفي طريقي الى المكتب ،بين الكلاب السائرة والمتقافزة، اميل الى الجامع واجد الاخوة في ذهول ووكالات الانباء تصور المسجد من الداخل واقول اين عكرمة؟ ولااحصل على جواب والهنود في مزر ومعهم اهل لاهور وتورا بورا والطير فوقهم وعرقجيناتهم وسخة والوجوه مائعة بلا ملامح والشرطة تنظر ، وهم يضعون اصباغا فوق رسم راس الخنزير، ومصوروا الصحافة يلتقطون ويقول لي باكستاني: ان الشرطة اكتشفت عبر تسجيل كاميرة فيديو، ان من قام برسم راس الخنزير هو الشيخ عكرمة وشخص اسود طويل. واترك المكان واسير الى المكتب لاجد تفسيرا. وفي الطريق اسمع صراخا والناس ينظرون واقترب واجد كرومي واصرع واتقدم نحوه، وحينما يراني يرتمي علي ويقبل يدي ويقول انه تائه ويريدني ان اذهب به الى مركز الشرطة. وفي الطريق يقول وثأليل الثلج لاتتوقف ونحن نمر من امام يسوع الطفل ، انه هرب من المعسكر لانهم طلبوا منه ان يوسع فتحة دبره. ويبكي ونظره تائه، ويطلب مني الاسراع لانه على وشك الجنون ويكمل وطائر السيجل يذرق فوق رؤوسنا. ان الشيخ عكرمة والدكتور طلحة انتدبوا لاجل توسيع دبره ووضع المتفجرات فيه عمر الصومالي. وان الشيخ عكرمة شرح انهم بصدد تفجير بنايات الكفار ردا على غزوهم ديار المسلمين.
نصل بناية الشرطة واقول لكريم: هل انت متيقن مما تقول ؟! ويجيب بثبات: نعم واقول. لكنك مطلوب للشرطة. ويقول لا اهتم. وندخل البناية وتجول النوائب ووجدت في كتاب سرياني عتيق انه منذ طلوع الشمس حتى مغيبها ثلث سنين خرط كرومي فيها كل شئ امام المحققين، والمحققون فتحوا افواههم امام ملاك الرب، وفي اليوم السابع عندما وجدوا كل شيء حسنا، اطلقوا لجامي، لاني -شاهد- واترك البناية واتوجه الى المكتب واجد نانسي زوجة الشيخ عكرمة تنتحب وتقول ان الشرطة فتشت شقتها وصادروا كومبيوتراتهم، وانها تعيش الان في الذاريات ولا تدري ما يدور حولها، وهي بلا لغة انكليزية اصلا، وكانوا يحاورنها وهي لا تفهم، والاولاد في المدارس. واقول ان افضل ما يمكننا فعله في العاصفة، هو الرضاعة، ونزيل بالاستئناس وحشتنا . وتقول نعم، اقترب، مصه بكل خفيفك وثخينك. وتخرجه والمؤلفة قلوبهم - انا - ترضع. والقلق جبال ازحزح منها الصخر، وامد اصابعي بخيف روح واعبث بعلويات لباسها ولباسها زهري وطيبه الاترج، وهي تتمرد وتقول هذا غير جائز، واقول لاخيار لنا. وامدها على الكرويته والماصة امامنا، واغرق في قوة دسته والكرويته من الجلد ولكل رهزا شهيق. وفيما انا ادفع بالجامحات، لبوسها القوة العمياء، وهي تبكي وتختض تحتي وتطلق انواع انواع الاصوات. تقتحم الشرطة المكتب وتبحث عن الدكتور طلحة، وتقول ان معها مذكرة توقيف من الانتربول بسبب الاحتيال وتكوين جامعة وهمية. وتصادر المحتويات وفي بناية الشرطة ايضا اجد الشيخ عكرمة وعمر الصومالي والشيخ قتيبة الذي تم اعتقاله في المطار قبل توجهه الى الام بريطانيا، لانه كان صلة الوصل بين الشيخ عكرمة ومغاور تورا بورا، والقمل على الوجوه واولاده يقولون انه اغتصب امهم بعد وفاتها، وهو يقول ان هذا حلال. والمحققون ينظرون بثبات وامامهم اقداح قهوة تيم هورتنز، والشيخ عكرمة في قاعة الانتظار يتوسل الله ان لايتم ابعاده عن كندا. وفي التحقيقات يعترف ان جاكلين هربت من مصح معالجة الايدز لتنشره بين الكفار بتوجيهه ويطلب قهوة ستار بكس بالكريما ونكهة الستروبري. وفي النهاية يسمح لي بالخروج. واسير في الشارع دون هدف والمح زهية امام محل بيع شاورما واركض باتجاهها ويطير الحمام والثلج يهفو وفي كتل متباطئة، على الوجه ، علة المؤخرة . واتمكن في النهاية من الحديث معها وتقسم بالجوادين انها سلمت الرواية الى الدكتور طلحة. وانهار امام مطعم الشاورما ،ويخرج صاحب المحل ويدفعني بتؤدة متوهما اني سكير، وانهار اعياءا في موقف الباص، امام عمود الانارة. وتمر من امامي جوقات كلكتا وسريلانكا وشنغهاي وملائكة ومثليين جنسيا، مثل الفجر، سريعا، دون ملامح، مع القمر، مع النجوم، وشارات المرور تضطرب. واشعر بالهزيمة واقف مستندا الى عمود النور، والذين يمرون امامي يبتعدون لان لي ملمح سكير، حشاش. واحاول السير ،وادخل مقهى تيم هورتنز وجسمي يرتجف من عاليه لسافله، ولا ضوء امامي ولاضوء فوقي واعمدة الانارة بعيدة واضواء المقهى تنسحب من الجوانب وتدخل في فمي. وفي التمازج اللوني يقعد الصرصار في مرحاض المقهى ،على الطرمبة ورائحة القهوة تخترق الدماغ ويقول: ماذا؟!
اقول ماذا؟!
ويقول: هل فعلوها بك؟! واقول كان حري بك… ويقاطعني: لم اشأ ان تفقد ايمانك مثلما فقدته في الوطن. واقول: او يبقى؟! ويقول: هذه ليست نهاية العالم، العالم يقف خلف النسيان دائما. واقول اي نسيان؟! ويجيب: ما لا يدركه الموت يدركه النسيان. واقول: هل تعتقد؟ ويعبر: بالتأكيد، كنت اعرف منذ ما قبل ولادة العالم، لكني لم اشأ التداخل مع الانساق. واقول هل ساستعيد روايتي؟ ويقول: ادركها النسيان، ستنشرها زهية باسمها واقول: ااكتب ثانية؟! ويقول: هذا يعتمد على الحياة التي ستعيشها مرة اخرى. واقول : أ في هذا العالم؟! ويقول: لا، في حيوات ثانية. واقول وهل ساشهد مثلما شهدت. ويقول: بالتأكيد، ستستمر حروبكم وامراضكم النفسية الى ما لانهاية. ستتكررون في كل الازمنة والعوالم. وانظر الى وجهه دقائق ثم ساعات ثم عشرات السنين الضوئية، ثم اخرج الى فيه ما فيه. مصانع حديد، مصانع نحاس، مصانع سيارات، رآسماليون، هنود حمر، سائقو شاحنات، ايديولوجيون، مداخن، حركات سلام، امبرياليون، مكائن صرف نقود، اقتصاد عابر للقارات، مقابر سعيدة، مكائن تدليك، البسة نسائية داخلية، مصانع كوندوم، مثليون جنسيا، اشباه رجال، اشباه نساء، اشباه مصابيح، اشباه آلهة. تلاميذ في الباصات، نزوات مدمرة. جلق في الامكنة السرية وفي الباحات الخلفية للمدارس. البرد قارص، ملايين حبوب منع الحمل. ملايين الكوندومات، عشرات الاديان، الاف الحروب، ملايين الموتى..
كتبت هذا الزبور لإعلان موت أرواحنا في زمن سمسمائيل، ولا تسألني عن هذا لاني لا ادرك المدركات.
Hamilton, Feb, 22-2013
هوامش:
يبحبش: يبحث عن شئ ما
جمال: اسم نوع صابون عراقي قديم.
الجسوة: اللباس الداخلي للرجل وتستخدم التسمية ايضا لشورت السباحة
الهمهمي: من الهمهمة.
عضو شعبة: درجة حزبية في حزب البعث العراقي
الجولة: طباخ نفطي صغير
الزوري: سمك صغير
الشربت: العصير بلهجة اهل العراق وتستخدم لوصف العصير غير الحقيقي.
همبركة: التسمية العراقية للهامبرغر
زعيم الطائي: قاص عراقي
هدية حسين: قاصة عراقية
من الادب السومري
الزمال: الحمار
الزمالة: انثى الحمار.
الطرن: الاثول، الاهبل
الحِيوان: بكسر الحاء غير الحَيوان. وتستخدم تعبيرا عن الشفقة.
الزايرة:من زار الامام الرضا في ايران
العاتق: يقال للخمر عاتقا بمعنى القديمة ويقال هي التي لم يُفض ختامها
كالجارية العاتق التي لم تفتض.
الشعار: كان اجتماعات حزب البعث تبدأ بترديد شعار الحزب