مقدمة : الاقتصاد السياسي لظاهرة فشل المعارضة المنظمة تقليديا في درجات المقياس فى كل مكان ومحاصرة الحركات الشعبية
اذا كانت للرأسمالية الصناعية حسب افتراض ماركس وظيفة التدبير والادخار والانتاج السلعي فقد افقرت الرأسمالية المالية المنتجين للفائض بحيث لم يبق لهم ما يدخرونه فيما لا يدخر الاثرياء رساميل نشطة رغم وبسبب اكتنازهم للمال غير النشط اقتصاديا كونه يفزع من الاقتصاد السلعي ومن اعادة التوزيع لحساب المراكمة ببيع المال كسلعة. وقياسا تغدو الرأسمالية المالية وظيفة الاستهلاك والديون السيادية والفردية وصناعة السلاح والحرب. وتلاحظ(ين) كيف ان الديمقراطية او الاحرى الدمقرطة- التى تفرض من فوهة البندقية او-و بقوات حلف الناتو ان تلك الديمقراطية او الدمقرطة ليست سوى تزويق للرأسمالية. ذلك أن كل ما عدى تلك الديمقراطية رجعي متخلف -حسب مقولة مارجريت تاتشر الفاحشة- يستحق انقاذه من نفسه مثلما فعل (مبنى للمجهول) مع الاتحاد السوفيتي والجمهوريات الاشتراكية.
ولا تكترث الديمقراطية ما بعد الليبرالية بما يحيق بالشعوب بل تحتفل سرا بما يحيق بالشعوب في كل مكان في درجات المقياس جراء اصرار الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية على فرض تنويعة مضروبة من الديمقراطية المكلفة مع ذلك وبسبب ذلك على الشعوب كشرط للمعونات الخارجية وما يسمى الاستثمارات الاجنبية المباشرة Foreign direct investmentوالقروض فيما تصرف الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية صكوك الغفران بحق الحكام كلما وكيفما نجحوا في تكريس تلك العروض الهزلية المنوالية في انتخابات من كل نوع وبخاصة الانتخابات العامة كل 4 او 5 سنوات.
وتطلق الرأسمالية المالية على الديمقراطية المذكورة صفات ابعد ما تكون عنها وتزوق الديمقراطية في كل شيء الا في حقيقتها وهى انها تعبير عن تطبيق شرطيات البنك الدولي وغايتها احلال الرأسمالية المالية خصما على اعادة التوزيع والتنظيمات المطلبية الاهلية والحركات الشعبية. ذلك ان تلك التنويعة من الديمقراطية تؤكد ظاهرة انضباط المجتمع المضيف للاستثمارات الاجنبية المباشرة وفي اوامر الاوليجاركيات المالية العالمية بوصف تلك الاوامر الناهية من فروض الطاعة للرأسمالية المالية- الصهيونية العالمية- طاعة عمياء خرساء مطلقة منتهية. ويساعد المتثاقفون والنخب في تمرير تلك الأوامر والنواهي بالتغني بها وبإطلاق الحناجر معلنة اهميتها القصوى للتغيير ولا يعرف ذلك التغيير. ففروض الطاعة تلك تملى على المجتمع المضيف بلغة القة متعالية غير قابلة للتعريف بل قد لا يسمع بها العامة المخضعين لتداعياتها سياسيات مثل التكييف الهيكلي والتنمية والاصلاح واللحاق والدمقرطة والتمكين والتحرير والفصل السابع الخ. ذلك ان الكلام بات لا يقول شيئا واصبحت اللغة حقلا من الالغام
لا ديمقراطية التقية والمجاز في الاسلام السياسي:
يقول حسين مروة إن علم الكلام ينظِّم جملة المسائل ذات الشكل الديني التي أثارتها أنواع الصراع الاجتماعي السياسي في المجتمع العربي الإسلامي منذ عهد الخلفاء الراشدين، ثم تحوّل إلى مركبات من الأفكار عن عالم ما وراء الطبيعة حتى كادت تحتجب أبعاده الاجتماعية وراء ضباب التجريدات، مضافاً إلى نظرات ذات اتجاه فلسفي عن العالم الطبيعي من زاوية لاهوتية"(1). وأزعم إن ما يُعتقد أنه أفكاراً تصدر عن عالم ما وراء الطبيعة وضباب تجريدات تلك الأفكار، إنما يعبِّر عمّا أعرِّفه ربما بإرهاصات المجاز والتقية اللذين نعرفهما اليوم بصورة يومية، وتعبَّران عن نفسيهما في ابتذال القول والحقيقة أحياناً كثيرة. وأما التجريد فلعلّ وظيفته حجب الأبعاد الاجتماعية والقضايا المفصلية التي تهم أغلبيات الناس العاديين وراء ضباب تلك الماورائيات والتجريدات. ويقول حسين مروة إن "كل من هذه المسائل أو في بعضها أو في مجموعها كان دائماً، إذا نظرنا إلى أبعد من الظاهرات الشكلية للأفكار، كان دائماً منطلقات واقعية اجتماعية، أي إنها ناشئة بأبعد جذورها عن مواقع أصحاب هذه الأفكار في التركيب الاجتماعي".
و قياسا أزعم أنه من الطبيعي أن تنشأ تلك الأفكار وتجريداتها عن موقع/ مكانة أصحاب تلك الأفكار الطبقية في المجتمع المتراتب طبقياً إما قبل طبقي، بوصف اصحاب تلك الأفكار، بالضرورة، من الطبقة العليا أو/ وحتى الطبقات التي أسميها وسيطة و"فارقة" ممّا تعرضت له مرارا في اماكن اخرىً. فمن البديهي أن الأفكار والقوانين ومجمل البنى الفوقية تعبِّر عن الطبقة الحاكمة، فتلك القوانين، البنى الفوقية، قوانين حاكمة. وقياساً، ليس وراء التجريدات والتأويل المزوَّق والمجاز (Circumlocution) والكناية والتقية سوى تنزيه الحكام وانغالهم عما يفعلون بالشعب وبالمجتمع، وذلك من وراء تأليه سلطة الصهيونية العالمية ضمناً، أي سلطتهم هم. فقد بات الصهانية من كل نوع الحكام الحقيقيين، ومن المهم ملاحظة ما قد تعنيه ضبابية مفردات أصحاب هذه الأفكار وتجريداتها ومواقعها فيما تنتشر الفوضى الفكرية والتنظيمية تحت شعار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلى التكفير تزويقاً، فيما يشارف الديمقراطية ما بعد الليبرالية مقارنة مع ما يبدو من حركات السنة المحافظة والمتطرفة معا.
ولا تزيد تنويعات اصحاب الافكار وتجد رياداتها بهذا الوصف عند معظم الفلاسفة والمفكرين والمثقفين، الذين كانوا قد ارتهنوا بفكر فلاسفة وأيديولوجي جمهورية البندقية الأوليجاركية، في الاقتصاد السياسي والسكان والتمايز الطبقي والديمقراطية والدولة. وقياساً، فقد بات أولئك الفلاسفة والمفكرين والمثقفين ضالعين في الأخذ عن أمثال الفيلسوف البندقي جيامارا أورتيس (Giammaria Ortes) المولود في عام1713م بلا تحفظ، هذا ان سمعوا عنه اصلا و الا فياخذون عن الصحافة الشعبية لأصحابها روبرت ميردوخ واشكاله. ويعتبر جيامارا أول من روّج أسطورة "حمولة الأرض" (Earth Carrying capacity)فيما يتصل بمحدودية حمولة الأرض وأعداد البشر -من الأقوام الراقية طبعاً- خصماً على من عداهم، ويتضح ذلك تباعاً فيما يحيق بالشعوب المهزومة بالإفقار المنظم بغاية إبادتها(2)، وسحق ثوراتها الموضوعية التاريخية او-و استباق الاخيرة بمزوقات قاتلة. ذلك ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تخلق الانظمة الديمقراطية ما بعد الليبرالية مثل بيجماليون وتعشقها. فتلك الانظمة مدينة للبنك الدولي وهي مفلسة وتحت رحمة العون الغائي ومعرضة للباب السابع من اتفاقية جينيفا 1951 تسريعا لعبودية الشعوب فى كل مكان للاوليجاركيات المالية اي للرأسمالية المالية -الصهيونية العالمية بلا انتقاء سواء احزاب حاكمة او قواعد شعبية او احزاب معارضة.
القطاط The template او الشاكلة التى يقطع عليها غيرها
ان المجتمع المضيف للاوليجاركيات المالية العولمية او-و المحلية الملحقة بالأخيرة يغدو كمثل القطاط اي الشاكلة التى تؤلف الاصل الذى تخرط عليه نسخ مماثلة بصورة متناهية. وقياسا فان المجتمع المذكور يغدو بحيث يكون قد استهلك بالديون الخارجية وانتهك بالحروب الاهلية ويكاد يندثر جراء الحروب العالمية المحليةLocalised global wars بمغبة سياسات البنك الدولي والنقد الدولي والتصحر للمشاريع والاعمال الزراعية الكبري لحساب البيف بيرجر والتدخل في البيئة ومحاصيل التصدير خصما على الاستهلاك المحلي وكله مما تيسره ممارسات تنويعات الحركات الصولية الاقتلاعية والاسلام السياسي مرة او بالتدخل الخارجي السافر لتدمير البنى التحتية وكل ما على الارض تسوية للمجتمع بالأرض لحلول شرط مجتمعات العصر الحجري. الا ان ذلك لا يمنع الاصرار على اجراء الانتخابات الهزلية الدورية. ذلك انه في أسواء او افضل حولها فتلك الدول تعقد انتخابات محلية وولاياتية بصورة دورية وانتخابات عامة كل 4 سنوات وكلها مكلفة ويحضرها مراقبون دوليون وصحفيون من كل مكان.
ورغم البؤس العام وريما بسببه فان تلك الدولة توفر كل شيء الا المال لدى المفقرين. فتجد في السوبرماركيتات الكبرى التي تحفل بها العاصمة وربما عواصم الاقاليم كل شيء كل منتجات بلد رخي متنوع المناخات غنى بثروات ومحاصيل من كل نوع من فاكهة وخضروات ولحوم وأسماك البحر والنهر ولحم العزال والصيد الوفير. سوى ان تلك الوفرة ما تنفك تفتضح بمحض وقوف الاطفال المفقرين خارج تلك السوبرماركيتات يتسولون منذ الصباح الباكر حتى اخر الليل. ويذكرك ذلك بما تجده في مابوتو عاصمة الموزانبيق ابان الحرب الاهلية التي اطلقتها بريتوريا نيابة عن البرتغال وبريطانيا وامريكا وغيرها ذلك ان السوربرماكيتات كانت تعمر بكل شيء من محاصيل ذلك البلد الغنى من الاسماك من كل صنف واللحوم المستوردة من جمهورية جنوب افريقيا وزيمبابوى ومن الاتحاد السوفيتي ومن المانيا الاتحادية وغيره لزوم ما يستحبه العمال العالميون Trabaliadores Internationalistas– نحن اساتذة الجامعات والمهندسين والمستشارين والاطباء وغيرهم - وكلابهم وقططهم فيباع في اللوجافرانكا Loga Frankaومعناها سوبرماركيت - كل شيء من الكافيار الى الواح التزلج على الماء serving boardsوشامبو الكلاب والقطط في حين كانت موزامبيق تعانى من المجاعة الثانية. وكانت لبعضهم مثل الروس سوبرماركيتات خاصة تبيعهم الخبر الاسود Chonra Khleb الذى يتغنون به والسمك المقدد الذى يأكلونه مثلما يأكل بعضنا التسالي أو حب البطيخ المحمص الخ الخ(3). المهم في كل ذلك فان الشعب يرهق بالافقار فتستوي لديه الاحزاب حيث لا يعود يرتجي من اي منها ما هو مجد للشعب الا بقدر ما يبرع حزب او اخر في غواية الناس. والاهم يملك الحزب شراء الاصوات بمعرفة ومال جماعات فائقة على المجتمع. ذلك ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية باتت تشترى الاحزاب علنا بتمويل الحملات الانتخابية في اغنى المجتمعات مرة وبشراء الناخبين حتى في المجتمعات المفقرة. ويعلم الشعب كل ذلك ويصبر عليه.
الديمقراطية ما بعد الليبرالية وكوميديا الانتخابات الفاجعة:
هل خلقت بيداء المعارضة الطويلة شرط تخشب اطراف احزاب المعارضة؟ أم ان تخشب اطراف المعارضة خلق شرط لا مبالاة القواعد الشعبية والجماهير الشعبية؟ يضيق الشعب بالحكومة ولو بمحض بقائها في السلطة عشرات السنين، في حين ان احزاب المعارضة لا توفر للجماهير-جراء التعقب والمصادرة وهيمنة الممارسات الامنية -لا تقدم للجماهير ما هو مختلف كثيرا عن حزب السلطة. وفيما ينقسم الأخير على نفسه كل صباح تنقسم احزاب المعارضة بدورها بصورة منوالية منذ ما يسمى الاستقلال السياسي. وتحدق كل من احزاب السلطة واحزاب المعارضة في بعضها كحيوان هدّه التعب والعراك مع الرأسمالية المالية او-و الاحرى منافستها من ناحية ومراودتها من ناحية اخرى، وقد امتلكت الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية ناصية السلطة على الكل بلا منازع، مما لا يجعل ثمة جدوى من الصراع. فالنتيجة واحدة وكأن كل جماعة منهما لا تملك التحرك نحو افتراس الاخرى. فالكل حيوان جريح فيما تحتكر الصهيونية العالمية بنك نقل الدم فالحياة او الموت لمن تشاء. وحيث تقوم قوى اقليمية بالوكالة نيابة عن الصهيونية العالمية في المنح والمنع تبدع كل جماعة محلية في انتحال القدرة على تقديم فالتسابق الى خدمة الصهيونية العالمية. ولعل ذلك المنوال يذكرك بكيف كان العبد يشتري عتقه ابان الاقطاع الغربي بامتلاك سلاح يوظفه في خدمة الملك فيخصه الملك ببعض الامتيازات منها الانخراط في جيش الملك دفاعا عن سلطة الملك. ولا شيء جديد تحت الشمس. وقياسا يعاد انتاج نفس المنوال لاحقا بالنسبة لزعامات الحركات الشعبية، إما باستباق الاخيرة بالثورات المضادة او-و بشراء زعاماتها فتتحور الاخيرة الى بيادق في صفوف المدافعين عن سلطة الحاكم، وعن هيمنة القوى الاقليمية وصولا الى تكريس سطوة الصهيونية العالمية
وعليه قد لا يبقى امام الشعوب سوى الانخراط المذعن في البحث عما يقيم الأود او-و العمل في اقطاعات المالكين بنفس ادوات الانتاج القديمة التي يتعين عليهم الإتيان بها الى الحقول او الى المصانع رديئة الجو مكتظة بالعمال ساخنة قاتلة غير مهيأة لأي اسعاف في حالة حوادث العمل حيث يتعين على الكل مساعده نفسه. فليس للدولة ولا لصاحب العمل مسئولية تجاه العامل بل علي الاخير ان يمتن كونه حصل على عمل في مجتمع ترتفع فيه نسبة العطالة بما لا تجرؤ الحكومة على اعلانه ابدا، الا في احصائيات مزورة حتى في اغنى المجتمعات. ولكن الحكومة وهي التي لا تتحمل بهذا الوصف مسئولية تذكر او تنسى ازاء الشعب في المجتمعات المفقرة تطالب الحكومة الشعب بضرائب على كل شيء حتى الهواء. فتطالب من لا يجدون قوت يومهم بضريبة النفايات وهم اللذين باتوا بمثابة النفايات، وتطالبهم بضريبة الشهيد والجريح والعبور من ولاية الى اخرى. وتطارد "ستات الشاي" اللواتي يعلن عائلات بضريبة الشاي والقهوة، وتصادر الحكومة ادوات الشاي والقهوة وتدمر المقاعد المكسرة اصلا وتطفئ النار.
وفيما تنخفض مستويات معيشة الفرد يوميا وترتفع اسعار السلع التى لا يراقبها احد ترتفع قيمة الدولار والاسترليني، وتنخفض قيمة العملة المحلية وقيمة العمل الحي وقيمة الانسان. وتنتشر ظاهرة الاطفال المشردين وظاهرة اللقطاء" ويعثر كل صباح على اكثر من طفل ميت او نهشته الكلاب بين ركام القمامة او-و على عتبات دور الايتام في الرمق الاخير ان كان له عمر. وفوق كل شيء تطالب حكومة مشغولة اكثر من اي شيء اخر بحماية نفسها تطالب الشعب وتطالب الفرد بالتصويت لمرشحيها في الانتخابات البلدية والجهوية والرئاسية. وتعلن نتائج انتخابات مزورة على العالم دون ان يطرف لها جفن وتكتري تظاهرات تهتف بفوز الرئيس والوزير في مهزلة الديمقراطية الدورية ارضاء لشرطيات البنك الدولي الذي يفرض الديمقراطية ما بعد الليبرالية مقابل الديون السيادية. ولك ان تلاحظ ما اسميه المصادرة على مطلوب مفهوم السيادة القومية A contradiction in terms تحت وطأة الديون السيادية بمعنى استعباد الدولة القومية بالديون السيادية.
وقياسا فان تلك الديمقراطية المزيفة فارغة المحتوى تعنى اجرائيا تطبيق شرط تكريس الرأسمالية المالية خاصة، فتنشئ الحكومة سوقا للاسهم والسندات لا تملك التعامل في اكثر مما يقدر ب 20 دولار. ولعل من تداعيات هذه الكوميديا الفاجعة ان الديون السيادية لدولة غنية مثل بريطانيا العظمى تبلغ في ابريل 2015 1.3 تريليون استرليني. ذلك وتتكبد ميزانيات الدول دفع خدمة للديون السيادية تفوق ميزانية الدفاع مثلا. فتدفع دولة غنية مثل بريطانيا التي تستدين 90 مليار دولار سنويا 40 مليار خدمة للديون. ولا يني ذلك سوى ان يجعل الانتخابات العامة المزمعة في مايو- ايار 2015 عبارة عن سجال في صحراء قاحلة بين الاحزاب.
تنويعات سودانية مأساوية:
هناك صعوبة فى العثور على ناخبين في سودان اليوم كما يقول مجدي الجزولي عضو مركز الريفت فالي Rift Valley Instituteويقول ان مشكلة العملية السياسية السودانية الحقيقية ليست الانتخابات وانما المفاوضات السابقة بين المصالح المتنافسة من اجل تعيين المقاعد البرلمانية حيث غالبا ما تكون النتائج قد قررت سلفا. ويتنبأ بان التغيير لا يأتي من خلال الاصلاح الداخلي، وانما بانقلاب يقوم به ضباط طموحين. اي ان افضل التنبؤات تلغي او تتجاوز دور الشعب في التغيير According to Magdi el-Gizouli of the Rift Valley Institute Sudan’s real political process is not the election but the prior negotiations between competing interests for the nomination in parliamentary seats where the result has already been determined. He predicts change will come not through internal reform but via a coup by ambitious military officers. ويكاد ذلك الرأي يتفق ورأي واحد او اخر من المعسكرات الدولية حول السودان
وقياسا تؤجل الانتخابات العامة المعقودة في ابريل 2015 في شمال دارفور وفي جنوب دارفور ويعتقل 20 مواطنا بعد ان اخذت قوات الامن تمر على البيوت تطرق كل باب امرة السكان بالتصويت وقد هدد رئيس الامن الذين يرفضون التصويت حسب راديو دانيجا بكتوم وترفض النساء المعتقلات في معسكر بشرق كردفان التصويت وبعضهن يمتن من الجوع وتقضي نساء اسبوعيا في المعتقل وهن يضعن لذلك لا تصوت نساء المعسكر ويقلن انه على من يجبرنا على التصويت عليه ان يأتي الينا داخل المعسكر. وفي مراكز اقتراع اخرى فان اعداد الشرطة تفوق اعدادا الناخبين. ويقول احد اللامكترثين بما يحدث او لا يحدث في السودان او غيره من حيث لماذا يكون اي من كل ذلك على اهمية تذكر او تنسى. فالانتخابات العامة تمنح الانظمة شرعية بغض النظر عما اذا كان الاقتراع مشكوك فيه. وقياسا ينخرط الديبلوماسيون في الانشغال بنقاط الضغط الماثلة في سوريا مثلا وايران وافغانستان واسرائيل وأوكرانيا واليمن راغبين عن الاهتمام بمجتمعات اقل مدعاة للمشاكل نسبيا مثل السودان بحيث يملك أولئك الديبلوماسيين شطب السودان وامثاله من قائمة اهتمامهم.
A cynic might ask why any of this matters Elections often give legitimacy to regimes, irrespective of how dubious the voting. Diplomats more engaged with current pressure points—Syria, Iraq, Iran, Afghanistan, Israel, Ukraine—wish to remove troublesome, less important countries like Sudan from their ‘in’ trays.
ذلك ان الانتخابات ترى على انها خطوة باتجاه التخلص من المسئولية الجماعية عن الدول الهالكة مما من شانه ان يسمح للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية ان تشطب امثال السودان من قائمة اهتمامها الفوري على الاقل. هذا ويدعي السياسيون الذين يفترض انهم يدركون الامر بصورة افضل الاعتقاد في خرافة ان الاقتراع في دولة كليبتوقراطية Kleptocracy مثل السودان من شانه ان يودى الى انتخاب سياسيين سودانيين يرغبون في السلم والتقدم والاصلاح وتنمية مواطنيهم ها هاها.
Elections are seen as a step toward ending collective responsibility for failing or repressive states: they enable the UN and to Her embodiments of the international community to tick a box. And politicians (who must surely know better) maintain the convenient myth that a poll in a violent Kleptocracy like Sudan will lead to the election of politicians who want peace, progress, reform and development for their citizens
من المفيد تذكر ان مفهوم الدولة الكليبتوقراطية يصدر عن ساسة ومتنفذين فاسدين نهابين لا يأبهون بالشعب وسواء اكانت الدولة الكليبلتوقراطية تتمأسس فوق دولة اوتوقراطية او دولة اوليجاركية فان تلك الدولة تستوي في اللامبالاة بالشعب بصورة فاجعة. ومع ذلك فالانتخابات في السودان تهم في حين ان النظام ما يبرح على قائمة الدولة الراعية للإرهاب
Sudan’s elections should But matter. The regime is still in the US list of state sponsors of terrorism—and for good reasons
والى ذلك فان مصر وما بقي من ليبيا تحاولان الضغط على الخرطوم لتتوقف عن تزويد تفرعات الاخوان المسلمين ودولة الاسلام والقاعدة بالسلاح فيما تستهدف اسرائيل بصورة منوالية حمولات السلاح الايرانى من السودان الى غزة. وتدعي اوغندا ان السودان يساعد جيش الرب. هذا ويتهم متنفذون من جمهورية جنوب السودان ان السودان يساعد المعارضة في الحرب الاهلية التي تقول جماعات الازمات العالمية انها حصدت ارواح 50 الف نسمة في 2013 وحدها
Egypt and what remains of the Libyan government have been pressing Khartoum to stop supplying local offshoots of the Muslim Brotherhood, Islamic State and al-Qaeda with weapons. Israel has bombed weapons convoys taking Iranian arms via Sudan into Gaza. Uganda maintains Sudan is aiding the Lord’s Resistance Army. And South Sudan officials accuse its leaders of supporting the opposition in a civil war which the International Crisis Group says has claimed 50,000 lives since December 2013.
ويمد المجتمع الدولي لسانه الجماعي امام عملية الاقتراع الجاري اليوم تتفيها لجهود الدول التي تناضل من اجل الخروج من الديكتاتورية بعقد انتخابات حرة نزيهة
By holding its collective tongue before the Sudanese poll, the international community also belittles the efforts of those countries struggling to emerge from
dictatorship, conducting free and fair elections.
مع ذلك فان السودانيين يستحقون افضل من ذلك وان اللذين يقفون رغم احباطهم وبؤسهم في الحر القائظ في صفوف الاقتراع يملأ قلوبهم العامرة بالأمل العشم في مستقبل افضل.
Nothing is more humbling than to witness thousands of voters patiently waiting in line in the baking African sun, proud to exercise their rights as citizens, silently paying tribute to those who gave their lives for the right to vote in credible elections.(4)
من تحليل الحزب الشيوعى السوداني لمراحل تطور المجتمع:
لم يكتب شيء يذكر او ينسى بعد "قضايا الثورة" وما كتبه عبد الخالق محجوب ورفاقه مثل عبد الرحيم الوسيلة والجنيد على عمر. فقد كان أولئك من المفكرين الحقيقيين لولا ان الاخيران منيا بمشاكل اجتماعية وتنظيمية قللت من اسهامهما بصورة نسبية. كما ينبغي تذكر ان الحزب الشيوعي كان قد واجه العديد من المؤامرات والدسائس مما افضى الى بعض الممارسات المتشددة مرة والامنية مرة ازاء تلك المؤامرات زيادة على التعقب والمصادرة فى ظل حكومات معادية واخرى عسكرية الخ. ومرة ثالثه لم يخلو الامر من اصابة الحزب ببعض ما كان يصيب الاحزاب الشيوعية حتى الحزب الشيوعي السوفييتي نفسه في مواجهة الرأسمالية العالمية. ومرة رابعة كان الحزب الشيوعي السوداني حريا بان يمني بانقسامات داخلية متعاقبة جراء كل من شخصنة الصراع الداخلي ولا موضوعيته زيادة على ضعف وضوح الرؤية احيانا ازاء التحالفات التكتيكية والاستراتيجية المحلية بين الاحزاب القائمة. ومن المفيد تذكر ان عبد الخالق محجوب كان حريا ان يرى من وجهة نظر قوى الحزب التى كان معظمها حضري ومتعلم زيادة على التوجه الشمالي التاريخي للحزب بقي الاخير يتطلع معه نحو مصر والى الاتحاد السوفيتي يستلهمها التنظيم الحزبي والتطور وفكرة الثورة.
وحيث كانت تلك الاحزاب ما تبرح تصدر عن تحليل البرجوازية الصناعية بوصفها الاقتصاد المهيمن بالضرورة على مقدرات العالم فقد كان الحزب حريا بان يأخذ بمقولة ان العالم يتطور جدليا ناشئا تاريخيا نحو استيلاء البروليتاريا على السلطة بالنتيجة (الامر الذي ما يبرح معظم فلاسفة الحزب الشيوعي السوداني يستلهمونه فى تحليلاتهم). وكان عبد الخالق حريا لان يفترض ان الثورة على الرأسمالية الصناعية قادمة جراء ما بدى وقتها من مثول البرجوازية الصناعية متمأسسة فوق الرأسمالية السلعية التي كانت تصدر عن سطوة القوى العاملة الى حد تهديد البرجوازية الصناعية بالاستيلاء على السلطة كما في ايطاليا في ثلاثينات القرن العشرين مثلا. وقياسا فقد كان عبد الخالق حريا بان يرى ان التطور ملحاح. وكنا نثابر بيقين على القول بان التطور ملحاح، وكان ذلك يعبر عن نفسه في الاعتقاد بان كل ما هو لا حق اكثر تطورا على ما سبقه وان الثاني نشوء على الاول بصورة صاعدة.
فقد كانت المرحلة التي عاصرها عبد الخالق محجوب حتى اعدامه في بداية سبعينات القرن العشرين عامرة بالعشم في التطور والنشوء بعد. الا ان شرط التطور والنشوء كان قد بدأ ينكص منذ الحرب العالمية الثانية او حتى ما بين الحربين وأقول ربما منذ نهاية القرن التاسع عشر. فقد كان سحق الثورة الاسبانية بزعامة الفاشي فرانكو قد قُيِّض بتضامن وتحالف ما يسمى دول المحور. وقد ادعت دول المحور الخروج في الحرب العالمية الثانية ضد الفاشية والنازية تحت ألوية الديمقراطية والحرية وقد اغوت الرأسمالية المالية ملايين الشباب بان يهبوا حياتهم دفاعا عن الديمقراطية التي لم تكن سوى الرأسمالية المالية مزوقة تزويقا عميقا مخاتلا ودمويا (تمر اليوم 25 ابريل 2015 ذكرى معركة جاليبولي Gallipoli التى راح ضحيتها 20 الف من الشباب على جانبي المحور والخلافة العثمانية). ذلك أن الديمقراطية والحرية لم تكونا سوى ديمقراطية وحرية حركة المال الذي كان قد بات عقلانياً فماليّاً بامتياز علناً منذ نهاية القرن التاسع عشر.
فان اشعلت الحربان العالميتان لمكافحة الفاشية والنازية تحت راية الديمقراطية والحرية الا ان الديمقراطية سرعان ما باتت تزويقا للمراكمة المالية والحرية حرية حركة المال من كل مكان الى كل مكان. وبإمعان النظر فان شيئا مما احدثته ثورة المعلومات لم يكن قد تجسد بعد بحيث نتمكن من التعرف على الحقيقة بصورة اعمق مما كان على الواقع قبل ثورة المعلومات. فلم ندرك وقتها ان الحرب العالمية الاولى كانت عبارة عن تصفية حسابات الرأسمالية المالية لمقدرات وقوى البرجوازية الصناعية. ذلك أن المحافظين الجدد احفاد ابناء يعقوب وانغالهم الليبراليين الجدد راحوا يجزمون بأن البرجوازية الصناعية لم تكن سوى مغالطة مفهوماتية، ذلك أن الاسم يجمع أضداداً بالإتيان بكلمتين إحداهما في تقابل معها فلا تألف الأخرى (Oxymoron)بل تنكرها نكرانا. وحيث أن ذلك الجمع لمفردتين متناقضتين جمع نابOdd كما يراه المحافظون الجدد وأنغالهم الليبراليون الجدد، أي الصهيونية العالمية وبخاصة القبلية، فان الرأسمالية الصناعية لم تكن بهذا الوصف اكثر من جملة اعتراضية في سياق نشوء المراكمة الرأسمالية المالية الاوربية الغربية.
وقياسا فان الرأسمالية الصناعية لم تكن بهذا الوصف إلا بقدر ما عبًرت عن نهايات الاقطاع الغربي الذى وصفته الرأسمالية المالية بالإقطاع النغل Bastard Feudalismوهي في الواقع تقصد البرجوازية الصغيرة. مجازاً أو تزويقاً مرة أخرى. ويعنى ذلك إن الاقطاع الغربي لم ينته أبدا. مما يستحيل معه على الرأسمالية بمعناها الموضوعي التاريخى تقبُّل منظومة صناعية أو حتى تجارية، مما يجعل التسميات الدارجة في تعريف مراحل الرأسمالية من البدائية الى الصناعية ليست سوى مسمّيات مزوقة(5) .
هذا فلم ينفك خطاب واجندة الرأسمالية المالية ان تمثل تباعا فيما حاق بالمشروع البرجوازي الصناعي في اوروبا الغربية وبخاصة في بريطانيا التى ما انفكت ان باتت اكثر الدول الاوربية الغربية تصنيعا لتنكص سراعا الى اقتصاد الخدمات والمعلومات وقد صدرت كافة الصناعات عبر الحدود. وكان ذلك في الوقت الذى كانت الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تمنى الشعوب المسماة نامية بالتصنيع والتنمية واللحاق. كما كانت تراود الشعوب بالديمقراطية او الدمقرطة والتمكين والتحرير واقد استعارت الرأسمالية المالية –المحافظون الجدد وانغال الليبرالية الجديد-مفردات اليسار لتحرمها على من عداها بعد ان شوهتها ورفضت تعريفه. الم تسمي أمريكا تدمير العراق في 2003 وتباعا تحرير العراق؟ والحرب العالمية الممحللة على سوريا ربيعا عربيا؟
من يومها وصمت الرأسمالية المالية كل ما عداها بالنازية والفاشية والديكتاتورية والارهاب فسوغت حروب الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية اللامتناهية على ما عداها فى كل مكان بوصفها تحرير الامتدادات. ذلك ان الشعوب كانت وما تبرح تشعل ضد الشعوب فالحروب اليوم هي كما يلاحظ الناس في كل مكان في مواجهة الشعوب. كل ذلك فى وقت كان الناس قد بقوا يعولون بعد على البرجوازية الصناعية بوصفها تمثلا لمرحلة تعبر عن نفسها في مقولة ماركس من ان البرجوازية الصناعية ستنجب من احشائها البروليتاريا الصناعية التي ستودي بالبرجوازية الصناعية. فقد كان العمال الاوربيون الغربيون يحتلون وقتها المصانع وقد باتت الدولة البرجوازية الصناعية عاجزة عن اعادة انتاج المجتمع البرجوازي الصناعي وكانت الاحزاب الشيوعية الاوربية الغربية تبشر بالاستيلاء على السلطة حتى ان الولايات المتحدة قامت عام 1967 بانقلاب على ما شارف فوز اليسار بالسلطة في ايطاليا. وقياسا فان احدا لم يكن يدرك التحولات اللاحقة التي كانت حرية بان تشكل طبيعة الرأسمالية البرجوازية الصناعية بعد. فلم تكن الرأسمالية المالية قد اسفرت عن وجهها رغم تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من دعائم ما تمأسس فوقه ما يعرف اليوم بنموذج التنمية الأمريكي الذى يلاحظه الناس في كل مكان.
وكان المجتمع السوداني الزراعي الرعوى وقتها ينبئ بما يشارف التصنيع. وكانت احابيل الصندوق والبنك تراود الناس بما اطلق عليه سيناريو التكييف الهيكلي للتنمية والاصلاح واللحاق والاسواق الحرة من ان الاقوام الحرة تخلق الاسواق الحرة وغيرها من المسميات الملتبسة. الا ان ما حدث هو ان الدول النامية اذ سربلت فيما سمي سياسات التكييف الهيكلي فقد ورطت في ديون ممارسات التكييف الهيكلي ولم تلبث الدول النامية ان ارتهنت بالديون الخارجية للبنك الدولي مقابل الامتثال المذعن لسياسات الصندوق وشرطياته مما لا يعمى على معظم الملاحظين للتطورات التي حلت باقتصاد كافة المجتمعات فى درجات المقياس. وقياسا انهار نموذج التنمية الأمريكي. انهار على رؤوس الاشهاد وامام اعيننا ممثلا في الاقتصاد الأمريكي نفسه قبل غيره واكثر مما لحق بغيره. ذلك ان امريكا مدينة باكثر من تريليار فاصل 4 دولار وهى مدينة لكل من الصين واليابان وايران والسعودية وبعض الدول الأخرى.
وترتهن امريكا بديونها اقتصاد من عداها. فقد باتت امريكا بمثابة ابناء يعقوب وبخاصة بمثابة داود الذى كان يربط للمدن الدول والقبائل لحساب غيرها. فقد كان يتعين على حماية بعض قبائل المنطقة امام قبائل اخرى. والواقع انه كان يستعدي القبائل على بعضها ليقوم بحماية بعضها من البعض الاخر. ولم ينفك ان بات هو ملك احدى تلك القبائل خصما على اخيش ملكها الذى زوجه ابنته لقاء حماية القبيلة وهكذا. وكان تلك الابنة كانت بمثابة الثروة الوطنية لشعب اخيش كنفط او اغاز دولة نفطية غازية مقابل حماية امريكا لتلك الدولة مما يتمثل فى اتفاق 1945 بين الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت على ظهر السفينة كوينسي فوق البحيرات "المرة" بقناة السويس. حيث تواعدا على أن تشتري أمريكا نفط السعودية وتضمن أمن السعودية، وتشتري السعودية سلاح أمريكا وتضمن مصالح أمريكا في المنطقة. ولكن الامر اليوم بات بمثابة حماية حكام تلك البليدات من قبل ما يسمى المجتمع الدولي، مقابل الصمت على الفظائع التي تقترف بحق شعوب تلك البليدات فيما يحتفل دوريا بعقد انتخابات ديمقراطية مظهرية دورية كل 4 او 5 سنوات ودقي يا مزيكة.
شرح على المتون:
لأول مرة ربما لا استدعي كعادتي مراجع كثيرة في بعض ما سبق، وانما استدعي وحسب معاصرتي وتجربتي مع ثلاث انظمة عسكرية في السودان. فحتى عندما لم اكن ناشطة بصورة تؤلف خطرا حقيقيا على الحكم العسكري الاول الا بقدر ما كنت اكتب في الصحف عما استشعره من التغييرات التي حلت ببلدي واتفاوض مع ما كانت مصر تمر به واحاول فهم تجليات الناصرية وتداعياتها فقد كان النظام العسكري الاول 1958 الى 1964 يتبرص بنا الدوائر. فقد كان يطلب الي مثلا ان اوقع على اقرار بان "لا اعتلي منبرا والا أدلي بتصريح ولا أشير الى النظام في السودان من قريب او بعيد" وكان ذلك كلما تقدمت بطلب تاشيرة خروج بمفردي او مع زوجي وطفلي الى القاهرة او اي مكان وقد حرمت من الجنسية السودانية جراء معارضتي للنظام العكسري الاول. ومن يومها لم امنح الجنسية السودانية حتى اليوم. وما برحت احمل الجنسية بالتجنس من دون أسرتي وعائلتي الممتدة وكافة عشيرتى. فانا الوحيدة وقد ولدت بواد مدنى عاصمة السودان القديمة والسابقة على الخرطوم من دون إخوتي انا الوحيدة منهم التي لا تحمل الجنسية السودانية بالميلاد. وعندما تكرم النظام الحالي بان هم بتكريمي رفضت جراء الاضطهاد الذى لحق بهويتي الوطنية وغير ذلك من الاسباب. فانا لم اتعامل مع نظام عسكري واحد مما توالي على السودان ولو حتى بالتظلم امام الاضطهاد الوظيفي لذى منيت به جراء ترفعي عن كل منصب. فقد عرض علي منصب وزير اكثر من مرة، ورفضت التكريم على الاقل مرة على عين الناشر السوري نوري الجراح، الذي اصبح صديقا حميما للنظام ولبعض الجماعات السودانية، يسمحون له بالتعرض لأحوال السودانيين والانخراط في محاولة استلابهم نيابة عن النظام وعن بعض الموتورين. ذلك ان جماعات كانت قد راحت تنشأ خارج المجتمع وفائقة عليه ومتعالية عليه جراء احتكاكها بالحكام والامراء والاميرات ومصاحبة بعضهم على متن طائراتهم الخاصة، فتراها تنشد اهازيج اطراء اسيادها وتطرب لكل ما يفعل الأخيرون، وقد اجادت تلك الجماعات لغة اسيادها فوطدت نفسها على الالتزام بخطاب اسيادها واجندتهم. بل لم يعد يخطر ببال تلك الجماعات ان تفعل. وكيف تفعل تلك الجماعات وهي التي تتباهي بالأبداع في نقل كل ما يقول الاسياد بوفاء حوار متخلفين عقليا بوصف ان الابداع في النقل ان هو عنوان على ولاء الكلاب لأصحابهم؟
فالوفاء للنقل قد يقيض التساوي مع الحكام وقد يقيض منافستهم على السلطة والثروة فيما يقيض ذلك الوفاء لتلك الكائنات التمييز البائن على العامة الشعب الغوغاء الدهماء الذين لا يهتم بهمومهم احد. هذا وقد راح معظم تلك الجماعات من انصاف الرجال والنساء تتنافس في ساحة الوغى. ذلك انه فيما انحط قدر الطبقات العاملة فى كل مكان انتشرت فيه ظاهرة انصاف الرجال يتبارون على دور ندماء الاسياد وقد استمثلوا المحظية اليونانية المثقفة والمرأة التى لا هي امرأة ولا هي رجل بل مخلوق يناصب النساء والرجال العداء مثل مارجريت ثاتشر. فقد راحت المرأة تتحدث عن جسدها وتطالب بالاورجاوزم بوصف انه من حقوق الانسان خصما على حق الحياة للطفل حتى في المجتمعات الغنية.
ورغم ذلك وخلافه فلك ان تلاحظ(ي) كيف أن وقع الشرفاء يبقى باهظا على اجندة هاتيك الكائنات الصهيونية بالضرورة. فالمعتصمين بحبل الله وبالشعوب وبالكرامة يكلفون أمريكا/ الرأسمالية/ الصهيونية مئات ملايين الدولارات ليقيم خصوم الاخيرين مراكز بحوث استراتيجية تتعين على مناصبة الشرفاء عداوة منظمة وقمعا وكتم أنفاس؛ وصولاً إلى التخلص من الخصوم بإصدار حكم بالإعدام المدني بحقهم. ولا تزيد الرأسمالية المالية/ الصهيونية/ العالمية/ اليسوعوقراط/ المحافظون الجدد وأزلامهم الليبراليون الجدد والصهاينة العرب سوى أن يوقعوا بكل من لا يتفق مع الديمقراطية ما بعد الليبرالية او الجديدة تلك وتغيير النظام ما أوقع المعتزلة بخصومهم أمثال الغفاري والحلاج وابن حنبل. ومحمد بن نوح.
هذا واتعرف على من يزحف على بطنه يلعق احذية الاسياد وراء فتات ما اقترح علي ورفضت بمغبة الثمن. ويلاحظ الناس في كل مكان كيف تتطاول وتتجاسر اشد الكائنات انحطاطا امثال نوري ورغيد وفاشل ونورالدين واخرين ممن ما برحت أحمل لهم بعض العذر، وربما التقدير وقد اتوقف عن التسامح معهم، فكلهم وجرائهم مثلهم جميعا مأجورين للصهاينة العرب القبليين والعالميين. فتلك الكائنات المنحطة تتطاول على من ترفع ودفع الثمن غاليا. ولكن ذلك الثمن يبقي التاج الذى يشتهيه القابض على دينه كالقابض على الجمر دفاعا عن ديمقراطية تخايلت لنا وكأنها المنى، وان بها ينتهى شقاء الملايين المتضورة للأمل والعيش الكريم. ومع ذلك ما نبرح على يقين من ان الشعوب قادرة على ان تصنع تاريخها رغم كل ما يحيق بالشعوب في كل مكان. فبعد ان قضت الرأسمالية المالية - الصهيونية العالمية على احزاب المعارضة المنظمة او كادت فقد باتت الصهيونية العالمية وانغالها يواجهون الشعوب في كل مكان.
المراجع والهوامش:
(1) انظر(ي): حسين مروة النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية "الجزء الأول" 1979: دار الفارابي: بيروت: ص: 847 ـ 8.
(2)انظر (ي):Webster Tarpley in the American Almanac, June 20th. 1994
(3) من كتاب للمؤلفة بعنوان في صحبة حركات التحرر يعد للنشر قريبا ب
(4)انظر(ي) لمزيد من التفاصيل كل من الاتي:The Independent - 15 April Sudan election: Fear of death and violent intimidation mars poll that is certain to keep President Omar al-Bashir in power
The Guardian - 13 April Sudan activists call for mass boycott of presidential election
Ventures Africa - 13 April Sadly, Sudan is not about to have its ‘Nigeria’ moment
The Times - 9 April Letters to the Editor - Elections in Sudan
Open Democracy - 6 April
(5) انظر(ي): خصخصة الربح وتأميم الخسارة دراسة للكاتبة نشرت بمجلة الكلمة الالكترونية الشهرية العدد 39 بتاريخ يونيو2010م وموقعها بالحوار المتمدن وتنشر قريباً في مؤلف بعنوان الصهيونية والرأسمالية المالية:الجشع جميل (Greed is Beautiful) بخصخصة الربح وتأميم الخسارة.