زياد جيوسي ومنى عساف
وبعد ذلك تحدث الكاتب عزيز العصا في قراءة نقدية مفصلة عن المجموعة القصصية، وكانت قراءة متميزة تناولت الكتاب من الغلاف الى الغلاف، وقال في البداية: (قبل أن تلج في السطر الأول من القصة الأولى لهذه المجموعة, يومئ إليك "عبد الغني" بأن بين دفتي كتابه هذا "حكايات مخبّأة تحت رمال الصحراء". بذلك؛ يصعّب المهمة على القارئ الذي ينوي قراءة قصصه هذه قراءة متمعنة؛ إذ عليه أن لا يتوقف عند النصوص التي بين يديه، وإنما هناك معانٍ لما وراء النص بحاجة إلى جهد؛ كمن يفتش عن جوهرة مخبأة تحت رمال الصحراء، بحرارتها الشديدة ومساحاتها الشاسعة، ورمالها المتحركة؛ التي لا يسيطر عليها إلا من خبر الصحراء، بتعقيداتها وجمالياتها وما فيها من خصوصيات)
وقد تناول في تقديمه الكتاب كل الجوانب التي لمسها في المجموعة، حيث اشار إلى ان الكتاب في محتواه ومضمونه يعتبر أممي حيث تناولت المجموعة القصصية الهموم المحلية والعربية والعالمية على حد سواء وبصورة تعبر عن الواقع بطريقة ادبية مميزة حيث شملت روايته بين قصصها عدة محاور ومرتكزات، فكانت القضية الوطنية وهمومها حاضرة ومكتملة من حيث طريقة قراءتها للواقع وتقديمها بنص ادبي يجعل القارئ يعيش الحدث بكل احاسيسه وجوارحه، فتناولت حياة الفلسطيني كثائر ومناضل وكمظلوم يعاني كل اشكال العنف والقتل والتميز العنصري، ومن ثم كانت القضايا العالمية وهموم المواطنين في دول تدعي الحريات والمساواة، حيث عرج على المعاناة التي لحقت بالشعوب المضطهدة وعانت من الظلم والاضطهاد والتميز خاصة معاناة السود في أمريكا، والى جانب ظلم الانسان للإنسان تطرق للطبيعة وقسوتها على الانسان فكانت بلاد الاسكيمو حاضرة في قصصه، ومع كل هذا لم يغب عن ذهنه ان يترك للحب وجماله مكان بين قصصه. لينتقل بنا الى واقع الظلم الاجتماعي ومفرازته وتبعاته على الفتيات في مجتمع ذكوري يبحث عن راحته وتنفيذ رغباته وتحقيق انتصاراته معتقداً ان المرأة هي الخادم له وليس الشريك الذي يسانده على عيش الحياة بجمالية بدل المعاناة والتمييز. وفي نهاية قراءته انتقل للجزء الأخير من محاور الرواية والأكثر الحاحاً في ظل الواقع الدموي والإرهابي الذي يعاني منه الوطن العربي وخاصة المشهد العراقي وما به من طائفية وعنصرية تفعل فعلها الشنيع بكل ما هو جميل وممزقة القطر لكنتونات طائفية وطفيلية. وفي نفس المحور تناول الدعاية المغرضة التي تشجع على هجرة الشباب لتساهم بخدمة المشروع الكبير وطن بدون مواطنين. ومن بين السطور تجد الطريقة الجميلة التي يظهر فيها الكاتب معاناة الشباب المهاجر، وبطريقة سلسة يبن لهم كم هو جميل الوطن حيث الكرامة واشراقة شمس الصباح التي تبشر بيوم جميل في وطن اجمل يجب ان نبقى فيه ويبقى فينا.
وأنهى الكاتب العصا مداخلته النقدية بالقول: (لقد أمضيت بضع ساعات في قراءة هذه المجموعة القصصية لكاتبها "عبد الغني سلامة"، وبضع ساعات في الكتابة عنها، لأخرج بنتيجة مفادها أننا أمام مجموعة قصصية تحمل الكثير من البيانات والمعلومات، في شتى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية التي تنم عن سعة اطلاع الكاتب، الذي استطاع أن يسرد قصصه علينا، وهو يدرك الأثر الفردي والجمعي لتلك القصص التي تضيف إلى قارئها ثقافة واسعة، كما تضعه أمام مسؤولياته اتجاه الظلم الاجتماعي الذي نمارسه، من حيث ندري أو لا ندري، اتجاه الآخرين، وقد اخترت قصة "أحلام مشلول" لأختم بها تعليقي وقراءتي هذه، عندما يضيق المجتمع بمن دفع من جسده ثمن ألغام الحروب المجنونة، مما يدفعه إلى التحليق في خياله نحو مدينة يهندسها معاق حركيًا وجميع سكانها وشرطتها معاقين. إلا أنه، في النهاية، يدعو إلى العيش الكريم، بعد أن وهبه رفيقه المتوفى خمسة عشر عامًا من عمره.)
لقد كانت أمسية مميزة ومتميزة بحضورها من المثقفين والمهتمين من جهة، وعبروا عن تفاعلهم مع هذه القراءة لهذه المجموعة القصصية، وقاموا بنهاية اللقاء بشراء الكتاب موقع من الكاتب كل بإسمه، وبذلك شاركوا الكاتب "عبد الغني سلامة" احتفاءه بمولوده الأدبي الأول متمنين له المزيد من التقدم في خدمة ودعم المشهد الثقافي الفلسطيني.