نواصل من خلال هذا النص الشعري الإطلالة على المشهد الشعري في الجزائر والذي عودنا على حراك لافت، ومن داخل هذا التيه الذي يقترح هذا النص الشعري ومن ديدن الحزن القاتم الذي يلف وجود الشاعر، يسعى النص الشعري الى بناء جسر حوار داخلي لذات أثخنتها عواهن الزمن البئيس واللامعنى لذلك تراها قصيدة قريبة من "أنا" الشاعر حاملة لمعنى حالات التيه التي تسكن الأفق.

مزمار المروق

ميداني بن عمر

في مقدوري الآن
أن أركض خفيفا فوق لحاف حياتهم
أن أسحب سراويل الليل إلى السواحل المهجورة
قبل أن يدركني صباحهم الباكر المتهالك نحو أقدامي


في مقدوري الآن
أن أخبط خوذة الحروب
فوق صخرة هذا النهار النحاسي القاتم
حتى تـَـنتُق قصائدي من غُصتي
كسلاحف مذعورة
في الشوارع الموحلة


في مقدوري الآن
أن أعرك قمصان الدنيا
بصابون حسرتي

 

أسفل الوادي المضرج
بسماءٍ......
تتفصَّدُ...
فوق صلصال مصانع محروق


في مقدوري الآن
أن أبصق على ذلك الشفق

الذي أنشب مخالبه المضرَّجة في عيوني
وأنا أنْصُب قامتي الراجفة
كي أطعم سنونوات الغيوب
سمسمَ أنفاسي النَّافقة


في مقدوري الآن
أن أهرق ظلال المساء الدافق
على شمعة الشعراء
حتى لا تصافحني أصابعهم المتفحمة
دون موتها الفاجع...
بانحنائهم الطويل فوق روحها
أن أهش بالناي القديم على غنمي
حتى يسقط الأفق بين النهاوند والروابي القريبة
فتعرجُ شياهي إلى حقل الجنرال
من شدة العزف والليل
فتذره قاعا صفصفا
لا يصلح لقصيدة هايكو
يلوكها شاعر كسول مستدير


في مقدوري الآن
أن أخطف الوردة
من بين أصابع الزهايمر
كي تظل الوردة الوردة
في النهر
وفي المواعيد
وتحت غبار القواميس المشمسة


في مقدوري أن أقفز قليلا فوق العشب
كي أصل لفاكهة تلك الغيمة القاتلة
أن أكون هشا كالسقوط
ذابحا كالحنين
قاتما كاللعنة
بعد أن حذفتني الغبطة تماما
من قائمة أصدقائها

 

- الجزائر – الوادي