تقدم الباحثة السودانية المرموقة هنا الجزء الثاني من دراستها عن الانتخابات البريطانية الأخيرة، وتكشف فيه عن الشبكة الاخطبوطية التي باتت تتحكم في اختيارات ناخبي العالم بعد غسيل مراوغ لعقولهم، باستخدامها للإعلام لطرح صورة مزيفة للعالم، تمكن الرأسمالية المالية المعولمة من إفقاره والسيطرة على الثروة فيه.

الطبيعة الجديدة للناخبين والتصويت لأسوأ المرشحين

تواجه رأس المال المالي وطبقة التضامن الاممي الجديدة

خديجة صفوت

تمهيد:
أجادل في الجزء الثاني من تحليل مغبة فوز المحافظين البريطانيين في انتخابات مايو 2015 ان الاعلام اليميني المرقّد المأجور يتعين على خلق شرط فوز اليمين واليمين المتطرف مثلما تدرب طويلا على كسب المعارك المسلحة لحساب اليمين واليمين المتطرف في كل مكان. وازعم ان الإعلام اليميني ينجح بهذا الوصف في خلق نوع من الناخبين الجدد الذين يتصورون جراء مثابرة الاعلام اليميني المأجور على ترويعهم انهم قد يحصلوا على الاستقرار بانتخاب أسوأ أنواع السياسيين. الا ان الاعلام اليميني المأجور ما يفتأ يخلق شرط نشوء طبقة عالمية آخذة بتنمية وعي طبقي حقيقي Real consciousness قياسا على الوعى الزائف False consciousness في كل مكان. فتنشا تباعا طبقة عالمية تجاوز أجندة اليسار الخائبة، فيما تعبر تلك الطبقة العالمية عن نفسها في التضامن الاممي لزعزعة وتهديد الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية –القبلية.

تخلف أجندة اليسار
يلاحظ كيف ان إد ميليباند لم يولِ طبيعة رجال الاعمال البريطانيين أهمية بوصفهم اصحاب رساميل صناعية. فقد خلط بينهم بهذا الوصف وبين اصحاب رأس المال المالي؛ مما كانت له مغبة واضحة فيما يتصل بموقف بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوربي. وقياسا فقد راح ستيفين فان Steven Fann عن اصحاب الاعمال البريطانيين يجأر، بعد صعود المحافظين المعادين للوحدة الاوربية الى سدة الحكم، بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي حري بأن يضر قطاعات كبيرة من المجتمع. ويدعو كبار رجال الاعمال Confederation of British Industry (CBI) ديفيد كاميرون الى تأمل مغبة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي. وقد سارع كاميرون الاثنين 25 مايو- ايار 2015 بدعوة ديفيد يونكر، رئيس الاتحاد الذى كان قد ناهض كاميرون انتخابه لرئاسة الاتحاد بشدة، دعاه لمجادلته في أهمية إحداث تغيير في المجموعة بحيث تناسب انجلترا.

ويزمع كاميرون السفر فور اعلان فوزه الى كل دولة عضو في المجموعة لمحاولة فعل الشيء نفسه، في الوقت الذى كانت فيه المانيا وفرنسا قد اتقفتا على قفل باب اي تغييرات في بروتوكولات المجموعة. فالأخيرتان تميلان بصورة مبدئية الى رأس المال الصناعي، وخاصة المانيا التي لم تنس ان هزيمة أوروبا الشمالية، وبخاصة امريكا، للنازي لم تكن سوى تعبير عن هجمة رأس المال المالي على قوة الرأسمالية الصناعية الاوربية، التي كانت المانيا وما تبرح بيتها الساخن Europe’s economic Hot House. وقياسا يتفق رجال الاعمال البريطانيين على ان خروج بريطانيا من الاتحاد قد يغدو مدمرا اقتصاديا Economically damaging.

فان كان ما يقدر ب 50% من صادرات بريطانية تجد طريقها الى المجموعة الاوربية، فان الخروج من الاتحاد الاوربي يعنى اعادة سن القوانين والنظر في السياسة الزراعية والسمكية وغيرها. هذا زيادة على ان معظم رجال الاعمال البريطانيين-على صغر عددهم نسبيا - صناعيين اي اصحاب رأس مال سلعي فلا غرابة ان يتطيّر ستيفين فان من الطبيعة النكوصية لرأس المال المالي من حيث ان الاخير يتعين على تجاهل اغلبيات المنتجين للفائض والثروة والكفاف والحياة فان ستيفين يدرك ان رأس المال السلعي يعيد انتاج المجتمع بتراتباته الطبقية رغم الفوارق الطبقة والتوزيع الفارق للسلطة الثروة.

و فيما لا يجرؤ معظم الرأسماليين الصناعيين وغيرهم على النطق باسم رأس المال المالي بوصفه نكوص على الرأسمالية الصناعية يقول ستيفين فان إن خروج بريطانيا من الاتحاد سوف يؤدي الى تراجع بريطانيا الى الخلف، بدلا من النظر الى الأمام. وفي ذلك يختلف ستيفين فان من حيث ادراكه لطبيعة رأس المال المالي وميله النكوصي الى الوراء مقارنة مع رأس المال السلعي الذي يعيد انتاج المجتمع بتراتباته مهما كانت فارقة قياسا على رأس المال المالي الذي لا يكترث بإعادة التوزيع ناهيك عن اعادة انتاج المجتمع. فستفين فان يدرك ان لا علاقة لرأس المالي بالمجتمع لان رأس المال المالي لا ينتمى الى اي مجتمع كان، الا بقدر ما يستنزف فائض انتاج منتجيه.

الا ان ديفيد كاميرون وكبار المحافظين وكلهم صهيوني بامتياز يتطلعون الى الالتحاق بركب المراكمة المالية في ذيل الولايات المتحدة والاوليجاركيين الماليين العولميين منذ ان رفضت بريطانيا الانضمام الى العملة الاوربية الموحدة. ورغم ان معظم الاوليجاركيين العولميين متساررون لا نعرف لهم اسما أو سيرة وليس مقيضا ان نعرف عنهم شيئا، وقد احكم التستر عليهم، الا اننا قد نعرف اسماء بعضهم مثل جورج سوروس Soros وجولدمان ساكس Sacks واي بي مورجان A P Morgan وغيرهم من المحافظين الجدد وانغالهم الليبراليين الجدد. فان راح اصحاب الاعمال المالية الكبرى وشارع المال، وكذا مدينة لندنCity of London يسعون الى ارباح اللحظات القصيرة فقد اخلوا جميعا بصورة منظمة بالاقتصاد بمعنى الاقتصاد الحقيقي Real Economy. ذلك ان معظم اقتصاد بريطانيا مثله مثل اقتصاد الولايات المتحدة اصبح جراء تصدير العمالة الماهرة ونصف الماهرة منذ ثمانينات القرن العشرين - ملكا للهند والصين وغيرهما. وقد الف ذلك شرط ثراء كبار المتنفذين البريطانيين فى الاعمال والمال المالي وكبار حملة الاسهم على ظهر خديعة منظمة تصدر عن ايهام الناس بان كل ما هو جديد متقدم ولا يحسب لثمن التقدم الذي غالبا ما يشارف دمار الأغلبيات لحساب اقليات معولمة .Corporations and Wall Street in pursuit of short-term profits have given the economy away. Much of the former US economy now belongs to China and India. Corporate executives and shareholders got rich off this give-away

قياسات من المجتمعات المفقرة على تصدير العمالة الماهرة:
كانت سياسة تصدير العمالة الماهرة ونصف الماهرة من المجتمعات الغنية الى الخارج قد افرزت القضاء علي خلق فرص العمالة المحلية الماهرة ونصف الماهرة. ذلك ان معظم القطاع الصناعي بات متصلا وعائدا الى كل من الصين والهند وبعض المجتمعات الاخرى مثلما كان الحال في الثمانينات حين صدرت العمالة الماهرة وشبه الماهرة الى ما يسمى مناطق التجارة الحرة Free Trade Zones ومناطق الصناعات التحويلة الحرة Free Industrial processing Zones مثلما كان في بورسيعد وسفاقس ونابلس وأبو علي. وقياسا فقد خلق سوق العمل الخليجي قطاعا للعمل الماهر ونصف الماهر من العمالة العربية والمسلمة منذ الثمانينات بدوره مخلفا اسواق العمل المحلية خالية الوفاض من المهنيين والعمال المسيسين المدربين المنظمين لحساب العمالة غير المسيسة الرخيصة غير الماهرة غير المدربة. وهكذا مما خلق شرط احتكار النسووقراط لسوق العمل خصما على الرجال مرة، ومرة اخرى خلق شرط تفريغ المجتمع المدني العربي الذي كانت معتبرا فبات خاويا على عروشه من التنظيمات المطلبية والجمعيات المهنية والنسائية والشبيبة الخ لحساب الحركات الاسلاموية، والى تنويعات الثورة المضادة.

وإلى ذلك والاهم فان اخلاء سوق العمل من العمالة الماهرة قيض تخفيض تكلفة الانتاج جراء انخفاض اجور العمال في الحالة الاخيرة مرة. ومرة اخرى خلق انخفاض العمالة الماهرة المدربة المنظمة المسيسة ضعف اي سانحة للحركات المطلبية التي بقيت الرأسمالية المالية تتطير منها، منذ سقوط الاقطاع عبورا بالرأسمالية الصناعية الوجيزة وذلك في مواجهة ارباب العمل والرأسمالية المالية. وقياسا فقد باتت هذه الحالة تعنى بالنتيجة أن معظم الناخبين كانوا حريون بان يأتون من القطاعات المتدنية انتاجيا اي ذات العمالة الرخيصة اللامدربة اللا منظمة. وقد عبرت تلك العمالة في شبه استفتاءات قصيرة متقطعة - تقوم بها عادة الصحف ومحطات البث المسموع في ساعات لا مباركة - عبرت تلك العمالة عن تفضيلها واستحبابها لما يعرف بعمالة عقود الصفر. Zero Contracts على طريقة عصفور في اليد خير من عشرة فوق الشجرة. أي أن انخفاض دخول اغلبيات السكان يدفعهم الى قبول الاعمال الرخيصة والاعمال المؤقتة في حلقة مفرغة.

وفيما تفضي هذه الحالة بانخفاض معدلات العطالة فان ذلك ينعكس على الانتاجية مما تنخفض معه الاخيرة بصورة غير مسبوقة. وقد سجل تقرير على بي بي سي الساعة الخامسة صباح الاحد 24 مايو ايار 2015 ان معدل انتاجية العامل الفرنسي يفوق نظيره البريطاني بنسبة 30%. ويعود ذلك الى ان فرنسا لم تصدر بعد ذلك العدد من العمالة الماهرة الى الخارج، كما انها والمانيا ما برحتا تتعينان على الصناعة السلعية بصورة تفوق بكثير ما تفعل بريطانيا منذ ثمانينات القرن العشرين. فقد كرست الاخيرة كما ذكرنا المراكمة الرأسمالية المالية خصما على الرأسمالية السلعية. ذلك ان الرأسمالية المالية تصدر فرص العمل ذات الاجور المرتفعة الى الخارج. Off shoring middle class jobs raises corporate profits and, thereby, the incomes of corporate owners (shareholders) and executives. But it reduces the incomes of the majority of the population who are forced into either lowly paid  part time jobs or unemployment. ويترتب على ذلك كما قلنا اعلاه ان الرأسماليين وحملة الاسهم والمتنفذين ترتفع دخولهم والاحرى ثرواتهم، خصما على اغلبية السكان مما يفاقم اللامساواة في اعادة التوزيع والثروة.

انخفاض الانتاجية والدخول والديون:
والى ذلك فان انخفاض الانتاجية تعود بدورها الى ان فرص العمل التي تخلقها الحالة الرأسمالية المالية التي لا تزيد على فرص عمال متدنية الدخول. فانخفاض الانتاجية وظيفة فرص العمل التي تخلقها الرأسمالية المالية من العمالة متدنية الدخول. ذلك انه ان تصدر الرأسمالية المالية فرص العمل ذات الاجور المرتفعة الى الخارج يترتب على ذلك ان الرأسماليين وحملة الاسهم والمتنفذين ترتفع دخولهم وثرواتهم اي ارباحهم على عملية الانتاج مقارنة مع ما اذا تعينوا على رأسمالية سلعية ان فعلوا وذلك خصما على تكلفة الانتاج اي على أجور اغلبية السكان مما يفاقم اللامساواة في اعادة التوزيع والثروة. وقياسا تنخفض نسبة نمو الناتج القومي الاجمالي GDP في المجتمعات الغنية الى 0.2% two-tenths of one percent–growth جراء انخفاض الاجور، التي لا تقيض سوى انخفاض الضرائب العائدة الى الخزينة العامة، مما يرتفع معه استهداف الدولة الى الاستدانة. اي الوقوع في فخ ما يسمى الديون السيادية Sovereign Debt.

ومن المفيد تذكر ان ما يحصل عليه اي شعب من وراء تلك الديون ليس سوى عبودية خدمة الدين – تصل الى 10% في حين تحصل المصارف المالية على اكثر من 85%. وحين يجأر الرئيس اليونانى الكيسس تسابراس Alexis Tsipras  بان سوف يتعين عليه رفع الضرائب على الاثرياء في محاولة مواجهة محنة اليونان، ازاء شروط المجموعة الاوربية، تصرخ كريستين لاجير Christine Lager بمصاحبة كورس الصندوق الدولي والبنك الاوربي المركزي وكافة اللصوص العالميين- بان "يستحيل"!!. ذلك ان رفع الديون على الاثرياء يفوق الخطيئة الكبرى بحق الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية. وقياسا تستمر الدولة في الاستدانة يما يقدر في بعض الدول الغنية مثل بريطانيا ب 84% من الناتج القومي الاجمالي خصما على اعادة التوزيع مقارنة مع 75% من الناتج القومي الاجمالي الأمريكي. فهل يمكن ان تدعى مثل تلك الدولة – كما يدعى ديفيد كاميرون مثلا ابان الحملة الانتخابية الاخيرة - والامر كذلك ان بريطانيا نجحت باي حال من الاحوال في تجاوز الازمة المالية؟

وعليه فان الانخفاض غير المسبوق فى معدل اسهام قوى العمل في الناتج القومي الاجمالي يعبر بالنتيجة عن تضاؤل فرص العمل وعن انخفاض الاجور. وعليه يتحتم على اي اقتصادي الا يقبل ادعاء ان الاقتصاد قد تعافي بعد الازمة المالية؛ طالما ان اسهام قوى العمل في تدهور. ذلك انه ان كان ادعاء ان فرص العمل في ارتفاع فان معدل اسهام العمل لا ينبغي ان يتناقص. والى ذلك ففي الاحصائيات الرسمية التي تقدمها الحكومة موسميا حول نسب فرص العمل التي تدعي الحكومة انها تخلقها لا تذكر الحكومة معدل زيادة السكان سواء بالزيادة الطبيعية او بالهجرة.

تعالق الطبيعة الجديدة للناخبين واقبالهم على اسوأ انواع المرشحين:
وقياسا فقد خلقت اسواق المال والاقتصادات المتدهورة وتلك التى تعانى مغبة الديون السيادية وسياسات التقشف خلقت الطبيعة الجديدة للناخبين التي تعبر عن نفسها في ظاهرة اقبال نوع من الناخبين المروعين الذين يتصورون انهم قد يحصلوا على الاستقرار بانتخاب اسوأ انواع السياسيين علاقة بإعادة التوزيع الخ وكأن الناخب يجد أن عليه ان يختار بين العدالة الاجتماعية والاستقرار والامن كما في بريطانيا- انجلترا بالأحرى. ففي مناخ عدم الاستقرار الاقتصادي، وغياب المصادر المستقلة للإعلام المحايد والاخبار الصادقة، فقد بات الرأي العام في مناخ عدم الاستقرار الاقتصادي مستهدفا اكثر فاكثر للحملات التي تستبق الاموال بها معظم طاقة الفرد والجماعات على الخيار الرصين. فوظيفة خلق اعلام مزوق هي التلاعب بمشاعر الناخبين Under a climate of economic uncertainty and lack of independent sources of news and information, public opinion has become ever more vulnerable to slick partisan campaigns that mobilise wealth to create highly effective media spin by which to manipulate voters.

كيف اصاب الاعلام المأجور الناس بالخشية من شبح التقشف:
وقياسا يفقد الناخبون القدرة على التفكير لأنفسهم فيمن يصوتون له الا بقدر ما يستجيب معظمهم للانسياق وراء سرديات الصحافة المأجورة. ذلك ان الاعلام المتواطئ بات يتعين بتدبير وتخطيط وقصد مبيت على الفوز في المعارك الانتخابية لحساب اصحاب، المال مثلما كان قد تدرب طويلا على كسب المعارك الحية لحساب المركب العسكري The Military Complex لصناعة السلاح نيابة عن الاوليجاركيات العولمية. وكلا الحالتين وجها عملة واحدة . ذلك انه حيث زينت المعركة الانتخابية على انها صراع بين عدالة اجتماعية غير محتملة وبين استقرار يضمن ان لا تغدو الأمور اسوأ فقد صوت الناخبون للمحافظين بوصفهم اقدر تحقيقا للاستقرار، وعلى معالجة مسائل المال. فان يدرك الناخبون ان المحافظين يملكون بعد كل شيء الكثير من المال، فقد ادخل في روعهم انهم اقدر من غيرهم على ادارة الاقتصاد والمال. وقياسا يستفيد المحافظون من ميل كثير من الناخبين الغريزي نحو تجنب المخاطر او المغامرة زيادة على ان المحافظين تميزوا في الواقع على حزب العمال هذه مرة بانهم كانوا في السلطة زيادة على الخشية من برلمان معلق Hung Parliament مما كان حريا بان يفضي الى ما يتبقى من المتوقع من الناخبين بهذا الوصف(8).

يلاحظ الناس في كل مكان من المجتمعات الغنية الى المفقرة انه من طول ما روع الناس اصبح الناس يميلون في بعض المجتمعات الغنية خاصة بعد الازمة المالية الى تعاطي وهم انه افضل لهم ان يلوذ الناس من الغنيمة بالإياب وذلك من طول ما تهدد اقتصاد السوق والرأسمالية المالية والصهيونية العالمية الشعوب. ولعل الازمة المالية التي انتشرت معها ظاهرة اقتصاد التقشف The economy or non economy of Austerity في كل مكان كانت حسب تقديرات المنظمات الاقتصادية العالمية نفسها حرية بان تصيب قطاعات كبيرة من الشعوب بالخيبة من التجريب او-و حتى التغيير. ذلك ان الرأسمالية المالية تعينت على خلق شرط تكريس الشعور بالخسارة لدي الشعوب جراء ما كانت بعض الشعوب قد اقدمت عليه مرة من محاولة التعبير عن السخط حتى لو كان انتفاضة خبر او تظاهرة ذات عصرية. فقد عوقب ولد في الحادية عشر 18 شهرا بمغبة سرقة علبة ما ء غازي من سوبرماركت ابان تظاهرات اغسطس 2011. فاليمين الرأسمالي المالي المتطرف المتطرف يثابر على النحت في جدرا ن صلابة الناس العاديين بغاية خلق شرط الاحجام عن الاقدام مرة ثانية على امر لم ينالوا من ورائه سوى الندامة. ولعل ما يخايل الاعلام المأجور به لعقول الناس المجهدة صباح مساء من حكايات العنف الاقتصادي والمالي حري بان يصيبها بخشية دائمة من اهوال اقتصاد او لا اقتصاد التقشف. فقطاعات واسعة من الشعب باتت تصاب بحالة مستديمة من خشية كل انواع العصف السياسي والاقتصادي و/أو كلاهما فيما راحت الصحافة المرقدة تكرس انتشار الوعي الزائف False Consciousness باختراق الاعلام المأجور للعقل الجمعي.

فقد روعت الازمات الاقتصادية والمالية خاصة الشعوب فأصبحت الشعوب في خشية من نفسها اذ طالما هددها الرأسماليون بالعطالة والافقار. وحيث راح الاخيرون يذيعون انهم هم الذين يخلقون فرص العمل والثروة فقد اصابت العمل الحي Living Labour  حالة من الخذلان وعدم الاهمية. ما ان لم يعد للعمل الحي حسب ميثولوجيا رس المال المالي دور في خلق الثروة، بدليل انخفاض اجور العمل فقد راح العمل الحي يوقن انه بلا قيمة. فان باتت بعض شعوب المجتمعات المفقرة، وحتى الغنية، اقرب في المقياس المدرج الى التردد امام خيار اعلان السخط بمغبة ما حاق بهم جراء تجربة اليونان في اوروبا الغربية او –و ما سمي الربيع العربي في المجتمعات العربية والمسلمة وتنويعات الاخير فيما يسمى بالثورات المخملية والملونة في اوروبا الشرقية. ذلك لان اهوال الحكايات التي تشيعها صباح مساء صحافة يمينية بامتياز ومأجورة بالنتيجة قد استحوذت على خاطر الشعوب في كل مكان. والى ذلك فقد روعت الشعوب في المجتمعات الغنية بمغبة الازمة المالية وشبح التقشف جراء سباق التسلح وبمغبة الثورات المضادة والحروب من كل نوع فالتشرد والتهجير ناهيك عن الافقار والترويع حتى الابادة.

وقياسا ازعم ان ما حاق بالشعوب في كل مكان في المقياس المدرج حريا بان يدفع الشعوب المفقرة الى النزوع نحو طلب الامان والاستقرار (فقد صوت المصريون لعبد الفتاح السيسسي تطلبا للامن والاستقرار في زمان عدم الاستقرار الامنى والاقتصادي خصما على حمدون صباحي المرشح الذي وعد بالعدالة الاجتماعية واعادة التوزيع الخ. سوى ان لك ان تلاحظ(ي) ان الازمة المالية وما تلاها من افقار المفقرين لحساب الاثرياء في المجتمعات الغنية عبر عن نفسه في رد الفعل الشعبي العارم على التقشف كما في اليونان وكما في جنوب اوربا الغربية الخ. فقد بلغ ما حصل عليه 1% من الامريكان مثلا من الثورة في 2009 اكثر من 93% خصما على ال 99% من بقية الامريكان. مما ما يفضى الى استقطاب شعوب العالم في مواجهة ال 1% في كل مكان مما تفاجئ به الشعوب في كل مكان رأس المال المالي الصهيونية العالمية والقبلية جميعا. وليس ذلك على الله والشعوب بكثير.

تكهن بحالة المريض المستقبلية Prognosis
بات حزب المحافظين هو حزب جنوب انجلترا، فيما بات المحافظون حزب الاجور المنخفضة في شمال انجلترا، بعد ان قضى المحافظون على صناعة السفن في الشمال، واضعفوا تمثيل الطبقة العاملة في البرلمان، جراء انقضاء زمان صناعة الفولاذ والفحم في وسط بريطانيا بمغبة هجمة مارجريت ثاتشر على قطاع الفولاذ في شيفيلد، وقطاع مناجم الفحم في ويلز. فحيث كانت صناعة الفولاذ تعمل بنسبة 97% في 1995 انخفضت الاخيرة بمعدل 94% في 1990 ولم يعد يعمل بها اكثر من 51% من 250 الف عامل. وقياسا فقد اغلقت مارجريت ثاتشر صناعة فحم ويلز في 1985 ويؤرخ بهزيمة اتحاد عمال المناجم امام حكومة مارجريت ثاتشر في 3 مارس 1984 بمناصرة رولاند ريجان النشطة التي تمأسست فوقها ما يعرف بالسياسة الرجانوثاتشرية Regano-Thatcherism ابان ثمانينات القرن العشرين[i]-يورخ بهزيمة نقابة اتحاد عمال المناجم نهاية هيبة، وصولا الى دمار، النقابات العمالية البريطانية العتيدة بمعرفة المدعو ايان ماك روجر Ian Mac Gregor(9)أشرس اعوان رولاند ريجان في تحطيم النقابات الامريكية في (10)1981. وقد اضمحل عدد المناجم تباعا بعد خصخصة معظم المناجم في 1992 واهمية صناعة الفحم فى الاقتصاد البريطاني. ففيما كانت مناجم الفحم تنتج 100 مليون طن سنويا -يصدر منها 40 مليون طن سنويا- فقد باتت بريطانيا تستورد 50 مليون طن من جملة احتياجاتها البالغة 60 مليون طن سنويا.

وفيما تأثر اليسار سلبا جراء الخصخصة والاضعاف المنظم للتضامن الطبقي وانهيار قوة التنظيمات العمالية في انجلترا وويلز، فقد تأثر حزب العمال بدوره في اسكتلندا جراء الخصخصة وضمور التضامن الطبقي والتعدين عابر الحدود خصما على صناعة النفط المحلية شمال إسكتلندا وصعود وانتشار سياسة الهوية Identity Politics خصما على القومية والصراع الطبقي. الا ان انتصار الحزب الوطني الاسكتلندي الذي فاز فوزا ساحقا، خصما على الحزبين الكبيرين وحزب الديمقراطيين الاحرار، كان فوزه مفاجأة هائلة للجميع خاصة بعد فشل الاستفتاء على استقلال اسكتلندا قبل انتخابات 2015 العامة بشهور. ومن المفيد تذكر ان أسكوتلندا تطرح نفسها فوق أجندة وطنية ولا تخفي تحزبها للوحدة الاوربية خصما على المشروع الامريكي/ الصهيوني/ المالي فيما لم يخف ديفيد كاميرون منذ حملته الانتخابية الاخيرة نيته في الخروج من المجموعة الاوربية، زيادة على التنصل من اتفاقية حقوق الانسان ومما له تأثير على الاهتمامات الدستورية المشروعة لكل من اسكتلندا وايرلندا وويلز في مجلس اوروبا the council of Europe.

ولعل ديفيد كاميرون يكون قد تنفس الصعداء جراء موت تشالز كينيدي النائب الاسكتلندي الذى توفي في ريعان شبابه وكان من اهم من وقف ضد الحرب على العراق وحيدا في وجه طوفان الاعلام البليري وحزب العمال الجديد والمحافظين البريطانيين من ناحية والجمهوريين والديمقراطيين الامريكان من ناحية اخرى. وتعبر اهمية تلك الشخصية العبقرية الفذة عن نفسها في موقف تشارلز كيندي الاسكتلندي ابن الاصول وصاحب المبادئ التي لا تلين في انه كان من اشرس المدافعين عن المجموعة الاوربية مما كان سيجعل له دورا هاما في مواجهة كاميرون والبليريين وامثالهم. ذلك ان تشارلز كيندي كان على شعبية واسعة تمتد خارج بريطانيا رغم صغر سنه، اذ كان اصغر نائب برلمان عندما ترشح قبل 34 عاما من وفاته وهو في الثالثة الخمسين من عمره. وكان مفوها وصلبا ونزيها وعنصرا فريدا من السياسيين في زمان يشترى فيه السياسيون ويباعون في سوق نخاسة اصحاب المال.

ان مغبة غياب العناصر الشريفة امثال تشارلز كينيدى في المعترك السياسي البريطاني قد يسول لديفيد كاميرون ان يصول ويجول منفردا وان كان معه من معه من النواب المحافظين ممن يبذل الجهد في مشاريع شخصيىة خصما على تحقيق مصالح الناخبين. وقياسا قد لا يستبعد ان يجر كاميرون بريطانيا الى اليمين تحت عباءة الامة المحافظة الواحدة Single Conservatism. فان نجح 60 من اليمينيين المحافظين في انتخابات مايو 2015 فسيكفي وجودهم مع كاميرون لان تطوح بريطانيا يمينا بصورة لا متحفظة مرة واحدة والى الابد. ذلك انه ان اطلق محض 16 ممن يطلق عليهم الانغال في حكومة الائتلالف السابقة فان وجود 60 منهم حري لان تطوح بريطانيا بهم نحو اليمين بصورة كافية لتبيع باقي الاصول، وتخصخص ما تبقى مما لم تخصخصه مارجريت ثاتشر بصورة كاملة.

فمن ناحية اندفع حزب المحافظين الى المزايدة على حزب استقلال المملكة المتحدة UKIP حتى بذه من ناحية؛ فيما أرهب المحافظون حزب العمال بتهمة المناداة بالقومية التي كانت قد أُبلست فباتت بمثابة الخيانة العظمى، مما اضطر حزب العمل الي رفض ثم راح يتبرأ من التحالف مع حزب إسكتلندا الوطني Scottish National Party (SNP) امام تهمة التحالف مع الانفصاليين التي اطلقتها دعاية المحافظين واعلامهم الواسع. وذلك بوصف ان حزب اسكتلندا الوطني نادى في الصيف الماضي باستفتاء للانفصال من المملكة المتحدة. وقياسا لم ينفك حزب العمال ان فقد ناخبيه في أسكوتلندا في انتخابات مايو 2015 لحساب حزب إسكتلندا الوطني. وبالمقابل فقد حصل الاخير على 49 مقعد من 56 مقعد هو مجموع المقاعد الاسكتلندية البرلمانية. وقد سقطت اسماء تاريخية ورؤوس هامة ضحية مقصلة الاعلام. بالمقابل حصلت احزاب كل من ايرلندا الشمالية وويلز المطالبة بالانفصال على اغلبية المقاعد. اما حزب استقلال المملكة المتحدة فلم يحصل على اكثر من مقعد واحد في البرلمان فحتى رئيسه نايجيل فاراج سقط.

وفيما قضى على مليباند ED Milliband ونيك كليج Nick Klieg الذى كان حزبه حزب الديمقراطيين الليبراليين  Liberal Democrat Party قد ذاق السلطة ربما للمرة الاخيرة في حياته فيما يبدو قد يؤتي بشقيق اد ميليباند ديفيد ميليباند البليري  Blairiteاي تابع لتوني بلير- رئيس الوزراء الاسبق- ونظرية حزب العمال الجديد. وستخرج بريطانيا من المجموعة الاوربية في مزايدة على UKIP حزب استقلال المملكة المتحدة- لتصبح جزيرة معزولة عن اوربا ملحقة بامريكا ومخلصة للرأسمالية المالية باطلاق.

وحيث وعد ديفيد كاميرون الناخبين وعودا كثيرة فان اهم ما قد يجده اشد صعوبة ان لم يعجز عنه هو المفاوضة على وضع بريطانيا في المجموعة الاوربية وعلما بان بريطانيا تقف كصاحبة اكبر عجز مالي فى العالم The highest deficit in the world. وسوف يتراجع حزب المحافظين عن وعود الحملة الانتخابية التي قطعها للناخبين فليس ثمة ما يمكن ان يفعلوه وقد قصقصت اجنحة التنظيمات المطلبية وستسن المريد من القوانين المقيدة لحرية التنظيم والاحتجاج، اي المعارضة المنظمة وغير المنظمة بالذات. ولعله يوشك ان يحرم الحركات الشعبية اي العمل المباشر مما لم تترك المراقبة surveillance واستهداف شفافية الشبكة absence of net neutrality وتنويعات قانون الباتريوت  Patriotوغيرها بعد للناس من المعارضة غير المنظمة.

يتوقع ان سياسة انقسامية تجاه الاستفتاء على بقاء انجلترا في الاتحاد الاوربي من ناحية وتجاه خفض الانفاق ب 12 بليار استرلينى حسب سياسة المحافظين المندفعة والمفروضة ايديولجيا على ميزانية الرفاهة سيستهدف الاضعف والاكثر فقرا لحساب الاثرياء. The hastily and ideologically enforced cuts of the welfare budget which will hurt the weakest ad the poorest most[ii]. وفي كل ذلك فستبقى وحدة المملكة المتحدة- بوصف الاخيرة متعددة الجنسيات- في خطر شديد. ان كثيرين سيشعرون بان الهزيمة فى انتخابات مايو 2015 هي محصلة كل ذلك مجتمعا.

واخيرا وليس اخرا فستشهد الخمس سنين القادمة مزيدا من الفتنة التي سوف تمرر من ورائها السياسات التقشفية وتمكين الاعمال المالية وخصخصة الخدمات العامة وتوسيع المسافات بين الذين يملكون والذين لا يملكون the haves and have nots بزيادة افقار المفقرين واثراء الاثرياء واتصال المغالطات حول التغيير المناخي وتجبر كبار اصحاب النفط واللوبي اليميني المتواطئ على الشعب بالتعين على خلق شرط عودة التجسس على الجماهير بتكريس التلصص Surveillance على الناس وبسن قوانين متزايدة لخلق شرط اذعان الأغلبيات.  

الطبقة العالمية الجديدة ومأزق رأس المال المالي امام التضامن الاممي:
على انه من المفيد تذكر كيف بات اغراق سوق العمل بملايين عمال كانت اجورهم قد انخفضت وقد قوضت قيمة العمل الحي Living labour فى سوق العمل كيف بات ذلك يعوض نفسه بمنظمات التضامن الاممي عن التعاضدات القديمة التي كانت الرأسمالية المالية قد قضت عليها تباعا غب الحرب العالمية الثانية عبورا بثمانينات القرن العشرين وتباعا. هذا وقد فاقم سقوط المنظومة الاشتراكية فى تسعينات القرن العشرين زيادة على الديون السيادية التى تناصب الاغلبيات العددية لمن لا وجوه لهم من منتجي الفائص والكفاف والحياة العداء الافانجلي باغراق سوق العمل بايد عاملة مؤقتة رخيصة cheap منخفضة الاجور باتت لامسيسة depoliticized De-unionized- وطيعة  flexible رغم انها غالبا نصف ماهرة وماهرة مدربة. وقياسا تكرس الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية فكرة مقابله وهى ان فكرة الطبعة العاملة الصناعية-التى كانت قد انتجت بنضال السنين دولة الرفاهة والضمانات الاجتماعية والتنظيمات والحقوق المطلبية حرية بان تخلي مكانها لفكرة طبقة عاملة رخوة مهترئة Lumpen Proletariat حيث بات العامل يقبل اجورا متدنية وعقود عمل الصفر Zero Contracts وعلاقات عمل تشارف العبودية مما يفضى الى ان تلك الطبقة يوقع لها ان تفقد قدرتها على التفكير و التنظيم لنفسها فعل النضال.

على انه رغم ما قد يكون في تلك المقولة من حقيقة إلا انها ليست كل الحقيقة. فالرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تصدر عن فكر التمني Wishful thinking حيث لم يبق من يواجه الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية سوى تلك الطبقة التي تلحق بها كل صباح تراكمات عددية من منتجي الكفاف والحياة في كل مكان، على نحو غير مسبوق في التاريخ.  ذلك انه رغم ان تلك الجماعات كانت يوما منظمة مدربة ومسيسة، إلا ان تأمل تلك الجماعات بصورة موضوعية وتاريخية حري بان يكشف ان تلك الطبقة ما تبرح تعبر عن نفسها اليوم تباعا في طبقة بحد ذاتها Class in itself حيث تنشأ صاعدة الى طبقة من اجل ذاتها تباعا تحت بصر ورغم انف خصمها اللدود الشرس الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية. فان قد لا تبق لتلك الطبعة حقوقا جراء تغول الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية على الحقوق التاريخية لكافة الفئات الا ان تلك الطبقة بدأت تدرك الوعى على نفسها كطبقة وتنظم نفسها على مستوى عالمي وفائق للحدود على طريقة وفي مواجهة ارباب العمل والرأسماليين الاوليجاركيين من عابري الحدود الذين راحوا يجأرون بانهم هم الذين يخلقون الثروة وفرص العمل.

ذلك ان العمال والعاملين من كل مستوى ما ينفكون يتعودون على مفصلة سردية تفسر وتعزز وتكرس لديهم حياة ما يسمى البرولتاريا السابقة Ex-proletariat. فتلك الطبقة التي اصبحت سابقة على الطبقة العاملة وفق التعريف الرأسمالي السلعي لتلك الطبقة بهذا الوصف او البروليتاريا هي الطبقة التي تحب الرأسمالية المالية ان تصفها بالبروليتاريا الفجة المتخثرة Lumpen Proletariat . الا ان تلك الطبقة ما تنفك تاخذ بتنمية وعي طبقي حقيقي Real consciousness قياسا على الوعى الزائف في كل مكان فتغدو طبقة عالمية تعبر عن نفسها في التضامن الاممي.

هذا وقد بات الاخير كما قلنا باكرا- يقض مضجع الرأسمالية المالية، فتتربص بتلك الطبقة الدوائر وتثابر الرأسمالية المالية حثيثا وبشراسة على تعقب تلك الطبقة بالرقابة والتلصص Mass surveillance والقوانين المقيدة للحريات. ذلك انه غدا من حق المنظمات الاستخباراتية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والالمانية وتنويعات الاخيرة في كل مكان القيام بما لا يقل عن التعدي السافر على الحريات المدنية الفردية والجمعية. فتلك المنظمات ترافب رسائل الناس العاديين الإلكترونية ومكالماتهم الهاتفية وقد باتت تلك الرقابة اليوم عالمية بمعنى أنها تغطي العالم بأكمله وتعرف بالتجسس العميق على المواطنين (The deeper meaning of mass spying on the citizenry).

وقياسا تتعقّب وكالة (GCHQ) البريطانية ما قُدِّر يوم السبت 22 يونيو2013 بما لا يقل عن 600 مليون رسالة إلكترونية يومياً. وتصنِّف الولايات المتحدة 92 مليون وثيقة سرية سنويّاً وهو رقم قياسي من نوعه، كل ذلك بغاية تقليص فضاءات واستباق واختراق حيدة شبكة المعلومات net neutrality وضرب وسائل التواصل الاجتماعي. الا ان تلك الطبقة وكافة المتضامنين معها امميا يناهضون بضراوة كل ما من شانه ان يمس حيدة الشبكة الخ فيما يجأر احد احفاد الخزر من الصهاينة العالميين "لماذا نترك لهده الطبقة ان تواجهنا بهذا اليسر بمحض ضعط ذر اليكتروني؟ " وطبعا لا يذكر ذلك الخزري الصهيوني ان تلك الطبقة العالمية بهذا الوصف لا تدرك وحسب وانما لا تغفر له ولامثاله انهم يراكمون 24 ساعة ببيع المال كسلعة خصما على الرأسمالية السلعية وعلى كل اقتصاد حقيقي فعلى تلك الطبقة بمحض ضغط زر اليكتروني.

شرح على متون فوز المحافظين بسلطة لا معارضة تذكر لها:
بعد يوم واحد من قتل رجل ابيض من شمال كارولينا 9 مصلين سود فى كنيسة بمدينة تشالستون بجنوب كارلينا جأر ديفيد كاميرون في اجتماع قمة اوربية ان على مسلمي بريطانيا مكافحة الارهاب، بدلا من الوقوف صامتين يوجهون اللوم لغيرهم. ان ذلك امر غير سليم. ولكنه وهو الذي يوجه اللوم الى المسلمين البريطانيين والمسلمين قاطبة بالتماس على طريقة الصهاينة بكل ما ترتكبه الصهونية بحق غيرها على مر التاريخ لا يتذكر لحظة وهو يوجه الاتهام الى المسلمين المعتدلين- ان صح التعبير-في التقصير في مسئوليتهم في مواجهة الارهاب او العنف وما يفعله حزب المحافظين البريطانيين وحزب العمال البريطاني وحزب الجمهوريين والديمقراطيين الامريكان على السواء في العراق وفي ليبيا او سوريا او اليمن تباعا.

أكان المسلمون (أي اصحاب العقيدة السمحة المتسامحة) هم الذين خلقوا القاعدة؟ وهل هم الذين خلقوا الطالبان؟ وهل هم الذين خلقوا الشباب وجبهة النصرة –اي نصرة القاعدة؟ وهل هم الذين يعيدون انتاج الاخيرة حتى تبدو "معتدلة" فنتخرط في صفوف الثورة المضادة على سوريا مهد الحضارة والتاريخ المجيد والتنوع العبقري وموزايك البشرية منقطع النظير وعلى شعبها هوائها ومناخها وزرعها وفنونها وكل ما يعبر عن عظمة الانسان ضغينة لحساب الدولة العبرية؟ هل المسلمون هم الذين خلقوا داعش وجندوا عناصرها ودربوهم ومولوهم وسلحوهم وزودوهم بالمعلومات اللوجيسيتة والاستخباراتية، والقوا اليهم العتاد والسلاح والغذاء من الجو (عن طريق الخطأ)؟

فهل يمكن مضاهات عنف المسلمين بعنف البيض الذين حرّموا بالمعنى التوراتي- اي دمروا واحرقوا الفالوجا واطلقوا الرصاص على الجرحى في المساجد واغتصبوا الطفلة العراقية عبير قاسم الجنابي فى مدينة حديثة بالمحمودية ثم أحرقوها وقتلوا اهلها في مارس 2006؟ وهل يضاهي تعذيب الصهاينة البيض والسمر وغيرهم واهانة العراقيين في ابي غريب وغير العراقيين في جوانتانامو وقطع اعضاء الافغان التناسلية واللعب بها على رقعة الشطرنج ترويحا (او قصر ديل يا ازعر) والاحتفاظ بها تذكار سوى عنف صنيعتهم داعش؟ هل ثمة ما يضاهي هدم اسرائيل البيوت فوق رؤوس اهلها وتقصد الاطفال الفلسطينيين بالقتل والاسر والتعذيب سوى عنفهم هم؟

وهل كان المسلمون هم الذين قضوا على الاف الافريقيين من الماوماو الى الاندونيسيين و5 ملايين رجل وامرأة وطفل كونغولي بمغبة التنقيب عن/ والصراع حول/ المعادن النفيسة او ما يسمى اليومConflict Minerals ؟ وهل اباد المسلمون سكان امريكا الجنوبية الاصليين وهل قتلوا سكان الملايو وكامبوديا وهل دربوا الخمير الحمر Khmer Rouge على العنف غير المسبوق بحق السكان؟ وهل كاد المسلمون يفرغون الصين من اهلها بالادمان إبان حرب الافيون؟ وغير ذلك مما لا تراه الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية ارهابا أو عملا بربريا وانما ثوابا في الرب وتسريعا ليوم القيامة.

المراجع

 (1) انظر (ي)How Big Money and Big Brother won the British Elections

(2) انظر(ى) Election 2015: The Horror By Matt Carr

(3) انظر(ى) Election 2015: The Horror By Matt Carr

(4) انظر(ي) Amy Chua:2003:The World On fire: How Exporting Free Market Economy breed Ethnic hatred and Global instability :Chapter3:The seven Jewish OligarchsPp;77-94

(5) انظر(ي) John Prideax: The New Global Elite: in the New Statesman:5:4:2004:PP:22-23.

(7) Information Clearing House(ICH) 16.5.2015 Nafeez Ahmed.

. انظر(ي) كلمة التحرير:مجلة النيوستيتسمان Newstatesman الاسبوعية بتاريخ 15-21 مايو 2015 ص:5.

 (8) انظر (ي) كلمة التحرير في النيوستياتسمان بترايخ 15-21 مايو ايار 2015 ص.5

(9)انظر(ي)Dick Meister: Ronald Reagan's War on Labor Source: www.stfrancis.edu/ba/ghkickul/stuwebs/btopics/works/atcstrike.htm