تحاور الكاتبة التونسية الشابة في نص قصصي يستعير من الخاطرة بنيته العلاقة بالرجل والحياة والكون والوجود مركزة على ثيمة الرجل المرأة وجذر العلاقة التي لولا أشواق وتوق الجنسين للتواصل والتداخل لما كانت الحياة.

رحلة العودة من.. وإلى

زيـنـب هـداجّـي

خضوع كان ذلك الذي اعتراني أم انحناءة للحبيب العائد من متاهة الزّمن؟ خضوع كان ذلك أم تواضع أنثويّ في حضرة الذكورة الطاغية؟ خضوع أم تنازل عن حقّي في الكلام؟ خضوع أم حبّ؟؟؟ سؤال راودني حين احتضنته ... باكية وقلبي يهتزّ فوق صدره اهتزازا زلزالي. احتضنته حين هربنا .... هروبا خطّطنا له منذ سنوات... حين كان للزّمان معنى ... حين كان المكان يرسي سننه التي لا تقبل النّقاش ... ويسلبنا حق الهروب ويضع أمامنا حواجز من الحديد قُدّت وعتبات من الفولاذ صٌنعت. ولكنّنا هربنا وقُضي الأمر! فعلنا ما حُرّم وما سيُحرّم. اجتزنا ما حدث وما سيحدث. فقد اكتسبنا، بعد أن اجتزنا الدكتوراه في العذاب، حدسا أنثويا ذكوريا يمكّننا من التّنجيم توقع كلّ الكوارث التي ستقدم من غياهب الغد...

وســـافرنا...

سافرنا دون تذكرة.. دون جواز للسفر فنحن في سنّ لا تسمح للمطارات الواقعة في ذلك الكوكب البعيد بأن تطالبنا بأيّ وثيقة صادرة عن أحد مكاتب كوكب الأرض ...

وصـــلنا...

وصلنا إلى هناك ... خلعنا كل ما يقلقنا: الهاتف الجوّال، السّاعة، شهادة الميلاد والثياب. وتعرينا لذاك الهواء النّقي الذي يتغلغل في عروقنا ليبعثنا من جديد ... بعثا أردناه ولم يسطّر من قبل "الوكالة العالميّة للمخطّطات الخاصة بالكائن البشري المعاصر ".

 ارتحـــنا...

ارتحنا دون تفصيل للقول ... وصرنا "نحن". " نحن" بلا أسماء، بلا هويّة، بلا أمس وبلا غد... صرنا "نحن"

كما نحن. وانزلقنا في بركان العشق الذي سرت حممه فينا فأحيتنا في الدّقيقة الأخيرة للوقت بدل الضّائع وانتشلتنا

من مستنقع الوجود...

لبثــــــنا....

لبثنا بين ذاتينا.... بيني وبينه شيء غريب يحدث. مخاض مشترك وألم مشترك... ألم يولّي عصر الاشتراكيّة؟

 ما باله يعود اليوم فينا؟

قال وقد بلغنا النّصف الثاني من قصيدة حسب التّوقيت المحلّي لمدينة بذلك الكوكب:

- أ لا تتوقين إلى العودة؟

- بلى!

  - إذن... فلنعد.

  وعــــدنا...

 عدنا حيث وُجدنا منذ البداية. استغربتنا الأمكنة وانهالت علينا بحصى الغضب ترجمنا بها كالجمر.

«هل عودتنا مزعجة إلى هذا الحد؟؟؟ هل أنّ الزّمان والمكان في نبذ دائم لنا أم ترانا أخطأنا؟؟؟ فلنقل أخطأنا.

هل نحن فقط نخطئ أم أنّ الخطأ حكر على أشخاص وآخرين فلا على عادة التمييز البشري الذي نصّت عليه

"منظمة تعاليم القدر!!!"

 ولكنّنا لن نرحل من هناك هروبا إلى هناك. بل سنبقى حيث لا يُرغب فينا... فليرفضوا ثورة الحب وانجراف سيل الهوى مصحوبا بعواصف الرّفض. ما دمنا نحن وجدنا خطأ. فلماذا لا نمارس الخطأ حدّ الموت، حتى يصير صوابا بالنّسبة لنا، أنـا وهـو قرّرنا أن نفعل ما نريد ما دام المراد مهما يكن معقولا يعتبر، حسب رأي الجميع مرفوضا!!!

وهــكــذا لــزمــنا المــكــان والــزّمــان كــيـف مــا كــانــا.

أعدنا صياغة القدر ...

 

تونس