الملخص:
يتحدد بقاء الحياة الاجتماعية واستمرارها على انتقال الرموز ذات المعنى وتبادلها بين الأفراد في هذا الإطار، تختلف تمظهرات الملامح الثقافية المادية منها وغير المادية؛ حيث تشمل كل ما ينتجه الإنسان من أشكال ثقافية تواصلية تعبر في فحواها عن هوية الأفراد وتخبر عن انتماءاتهم إلى ثقافة بعينها.
في السياق ذاته، تشتهر مناطق القبائل وتختص بممارسات طقوسية تعبر عن خصوصية المجتمع القبائلي وانفراده المتميز بكيانه وشخصيته، التي تجعله غني بتقاليد متوارثة عبر الأجيال. لذلك ارتأينا في هذه الورقة البحثية الغوص في دلالات عينة من طقوس الزواج في منطقة القبائل كشفرة اجتماعية وكبعد تواصلي عميق يتدخل في تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع، وبالتالي هيكلة النظام التواصلي الاجتماعي لأي مجتمع إنساني من خلال تحليل مختلف الرسائل والمعلومات التي تنقلها وتحملها هذه الطقوس. هذه الأخيرة التي لها اعتمادها من قبل المجتمع القبائلي واحترامها وقدسيتها؛ حيث تعكس البيئة العقائدية الخاصة التي تميز المجتمع القبائلي، أين يظهر التمسك والحرص الشديدين بها. ومن أجل استنطاق الدلالات والمعاني التي تختصرها هذه الطقوس سنطبق في تفكيك شفراتها وقراءة معانيها، مقاربة رومان جاكبسون.
الكلمات المفتاحية: مقاربة رومان جاكبسون، الطقوس، المجتمع القبائلي، الزواج، السياق السوسيوثقافي.
* * * *
مقدمة:
من النماذج اللغوية التي ارتقت إلى غاية تطبيقها في تحليل مضامين الأنساق غير اللفظية واستنطاق دلالاتها، نجد مخطط جاكبسون الاتصالي؛ حيث يعد من أهم ما جاء به هذا الباحث اللساني الروسي، نظرية وظائف اللغة الست، التي استلهمها من نظرية الاتصال التي ظهرت لأول مرة سنة 1948، ومفادها أن عملية الاتصال تتطلب ستة عناصر أساسية ألا وهي: المرسل، المتلقي، قناة الاتصال، الرسالة، شفرة الاتصال، المرجع(1). من هذا المنطلق، بيّن أن اللغة تضطلع بست وظائف مختلفة:
«لكي يرسل المتكلم مرسلته فإنه يستحضر قانونا أو سننا code، يفترض في متقبله الغائب أو الحاضر، أن هذا القانون المشترك متبادل بينهما، والتبليغ يشترط قناة فيزيائية: صوت، صفحة مكتوبة، حركة، تعمل على ربط الاتصال»(2) ومفاده أن المرسل يتولى إرسال رسالة إلى المتلقي، وحتى تكون هاته الرسالة إجرائية أو عملية فإنه يستلزم أن تتم في إطار سياق معين، وفي خضم وضع مشترك بين المرسل والمتلقي، أي بين واضع الرموز ومفككها، وأخيرا تتطلب الرسالة قناة أو وسيلة اتصال تمر من خلالها، تحقق الربط بين طرفي الاتصال(3). وتبعا للمخطط الجاكبسوني، فإن هذه العناصر الستة تعمل وتشترك كلها وفي آن واحد في أية عملية تواصلية، ترسم عادة على النحو التالي(4):
كما أرفق رومان جاكبسون في مرحلة تحليلية ثانية كل عامل تأسيسي من العوامل الستة السابقة بوظيفة اتصالية تمثله، فكان المخطط التالي(5):
السياق
المرسل الرسالة
المستقبل
التواصل
الوضع
وعليه، فإذا كان الاتصال يهدف إلى توضيح موقف المرسل نفسه إزاء الرسالة اللغوية، فهذه تعرف بـ:
الوظيفة التعبيرية أو العاطفية: تركز على المرسل وتمثل العلاقة الثنائية الرسالة/ واضع رموزها، كما تسمى الوظيفة الانفعالية. وإذا كان الهدف من الاتصال التأثير على المتلقي، فهذه تعرف بـ:
الوظيفة الندائية أو الاشراكية: وهي الوظيفة التي تركز على المتلقي أو المستقبل، ومن ثم فهي تربط بين الرسالة وهذا المتلقي، تحاول إشراكه في مضمون الرسالة، تحسسه بأنه معني بكل تفاصيل العملية الاتصالية. بمعنى أنها تركز وتهتم بالمتلقي الذي يوجه إليه الخطاب عن قصد أو غير قصد.
وإذا تعلق الأمر بالنظر في صلاحية القناة أو بنية المتلقي في إقامة الاتصال أو تقوية الصلات الاجتماعية، كعبارات التحية الترحيب، والمجاملة، وتبادل المشاعر، أو كقولنا "آلو" للإجابة على الهاتف، فنحن بصدد:
وظيفة التنبيه أو إقامة الاتصال: تركز على قناة الاتصال، وتمثل العلاقة بين المرسل وقناة الاتصال، مهمتها التأكد من سير الاتصال، ونقل الرسالة، وكذا التأكد من إمكانية تحويل المتلقي إلى مرسل من خلال الربط بين الطرفين. وإذا كان الغرض من الرسالة تطوير شكلها بالذات، فهذه تعد:
وظيفة إنشائية، شعرية أو فنية: وهي الوظيفة التي تركز على الرسالة في حد ذاتها، فهي إذاً تربط بين الرسالة وموضوعها من الجانب الجمالي. أما إذا كان الهدف من الرسالة توضيح شفرة الاتصال، أو شرح بعض المفردات، فنحن بصدد:
وظيفة واصفة للغة أو تعدي اللغة، ما وراء اللغة: وهي التي تركز على الوضع وتؤكد ضرورة أن تكون هناك قيم ثقافية مشتركة بين المرسل والمتلقي، تسهل من عملية إرسال الرسالة وتأويلها.
وأخيرا، إذا كان الاتصال يستهدف المرجع بالذات، فنحن بصدد الحديث:
الوظيفة المرجعية أو السياقية: وهي الوظيفة التي تركز على موضوع الاتصال، وتربط العلاقة بين الرسالة والموضوع الذي تحيل إليه. (السياق المرجعي)(6).
وقد كان لهذه النظرية تأثير عميق على معظم اللسانيين وبعض الفروع العلمية الأخرى؛ لأنها نظرية أقيمت على مبادئ علمية دقيقة لوصف كافة استخدامات اللغة وضبطها بطريقة موضوعية.
الزواج في منطقة القبائل وطقوسه:
الخزي أو العار الذي يشكل هاجسا وتهديدا للفتاة القبائلية ألا تتزوج، وامرأة يتم هجرها أو تركها من قبل زوجها. نفهم من ذلك أنه إذا لم تجد الفتاة القبائلية من ترتبط به، فإنها تفعل كل شيء لتقديم ساعة زفافها. الأمر نفسه للمرأة التي هجرت من قبل زوجها؛ حيث لا تترك أي شيء للعمل على عودته(7).
يبنى الزواج في منطقة القبائل بأسرها على أساس التكافؤ والتطابق والمساواة بين العائلات، كل عائلة تصاهر العائلة المماثلة لها من ناحية السيرة والسلوك والأخلاق. فالمحافظون وبيوت الأصالة يتزاوجون فيما بينهم، والعامة من الناس فيما بينها، وهذا التمايز في الزواج ليس من باب الاستعلاء على الغير أو تحقيرا له، أو تقليلا من شأنه، وإنما ذلك استجابة للعرف والتقاليد السائدة التي تحكم هذه الطبائع. فهذه العادات والتقاليد متجذرة وراسخة في عقول الناس(8).
كما يلاحظ عند منطقة القبائل أن الآباء والأمهات، هم غالبا من يتكفلون بتزويج أبنائهم. المسألة التي يهتمون بها منذ صغرهم، حتى أنهم يحددون اختيارهم لشريكة حياة أبنائهم في سن مبكرة. أو أنهم يكتفون بالانتظار إلى غاية أن يصل أبناءهم إلى سن الزواج. وللإشارة، فإن غالبا ما يكون خيار الأم أو الأب واجب قبوله من قبل الشاب؛ حيث إنه لن يتمكن من رؤية امرأته، حتى يوم زفافه.
أما إن كانا من القرية نفسها، فيكون على معرفة بها، غير أنه وبعد أن يتم الاتفاق على جميع تفاصيل الزواج، فإن الفتاة تحجب عنه(9).
الأمر نفسه بالنسبة للفتاة، التي غالبا ما يتم تزويجها في سن مبكرة. في السياق ذاته، يمكن أن يخرج أحد الشباب عن العادة ليختار شريكة حياته بنفسه. غير أنه عليه أولا باستشارة عائلته "الخروبة" Kharouba" أين يتم النقاش بخصوص خيار المستقبل. على خلاف ما نجده عند المرابطين، أين المرأة لا يكشف عن وجهها للغرباء عنها(10).
وفي العادة يتم الزواج بالخطبة بين النساء، فإذا حصلت الرغبة والتوافق في المصاهرة بين الطرفين، فإن ولي الزوج يتقدم إلى ولي المرأة لإتمام الخطبة علنيا مع بعض الوجهاء من عائلته ومن أهل القرية. أيضا وقبل أن يفترقوا يتم قراءة الفاتحة، لتكون هذه المقابلة كمثيل للخطبة، تدعى بـ "Fatih'a el-badhena" في السياق نفسه، على الطرف الذي يتراجع عن الكلمة المعطاة فإنه مجبر على دفع غرامة مالية. في اليوم الخاص بالفاتحة، يقوم الشهود الذين ظهروا ووقفوا إلى جانب العريس بإعلان هذا الحدث في القرية مطلقين عيارات نارية. يقوم بعدها الزوج المستقبلي بإرسال تين وجوز(11) لمكان اجتماع "ثاجماعث" "T'ajmath"، أين يتم مشاركته مع السكان. أيضا يهدي وليمة على شرف هؤلاء الشهود، وكذا تجتمعن نسوة القرية في منزله للتعبير عن فرحتهن بأغاني ورقصات.
تتلو الفاتحة السرية عملية تسليم "Thâmamth" في فاتحة علنية أو ما يسمى بـfatih’a dhehara(12) في هذا الصدد، نجد بأن العرف السائد في "بني يعلى"، أنه كلما كان المهر-الشرط- لملاك- -الدفوع- قليلا كان الزواج مباركا. فالمهر ليس مبلغا محددا يجب أن يحتذى به، فالناس يختلفون في الغنى والفقر، ويتفاوتون في السعة والضيق. لتبقى أن لكل جهة، في منطقة القبائل، عاداتها وتقاليدها(13).
وفي يوم محدد من قبل، يقصد والد أو وكيل العريس رفقة الأهل والأصدقاء بيت العروس، في موكب احتفالي كبير، لأجل تقديم نقود "Thâmamth" وكذا مواد غذائية، كانت قد اشترطت ضمن المقابلة الأولى.
في المقابل يجتمع أهل العروس منتظرين وصول الموكب، ليتم العرض أمام الكل، إضافة إلى توزيع المواد الغذائية، وقيام ممثل الزوج، باسم وكيله، بإهداء مجموعة ملابس أو حلي لاستعمال الزوجة.
من جانب آخر، ثلاثة أسابيع أو حتى شهر قبل موعد العرس، تخصص عدة أعمال لأجل تهيئة العروس، إذ لن تذهب إلى الحقول، فقط إلى الينبوع Thala"" أيضا يتم تدريبها على الأعمال المنزلية. تغذى جيدا لكي تغادر في هيئة أو مظهر جيد. حتى أنه يتم حمايتها من الشمس، ولا تحمل الحلي. كما أنها لن تلبس إلا ثيابا قديمة لكي تظهر أكثر جمالا في يوم عرسها. إضافة إلى أن أخوالها وأعمامها يدعونها لقضاء بضعة أيام عندهم، أو لتناول العشاء.
بالإضافة إلى هذا كله، عادة ما تقام احتفالات الزواج في الأيام الملائمة في الروزنامة الخاصة في الأيام الأولى للفلاحة أو الحراثة لفصل الخريف. غير أن الفترات الأكثر ارتباطا بإقامة احتفالات الزواج تكون بعد الحصاد وقطف أو جني ثمار التين، عندما تكون "Ifurkan" مملوءة، نختار بذلك فترة عز القمر، لإمكانية استمرار بعض من هذه الحفلات متأخرة إلى الليل. ويجدر التنويه، إلى أنه إلى غاية أخذ ورفع العروسة، الاحتفالات تنتشر وتقام في مسرحين مختلفين:
قسم منها عند العريس، في مجموعة الرجال، وقسم آخر يذهب إلى الفتاة، في مجموعة النساء(14).
ليلة العرس، وبعد تقديم عشاء الاحتفال، على شرف الأهل والأصدقاء، يقوم العريس بصبغ يده اليمنى بالحنة Henné"" في الوقت الذي يقوم فيه المدعوون بإنشاد المدائح. في الليلة نفسها، يقوم العريس "Isli" بإهداء البيض اللحم، وكذا الحلوى إلى الناس الذين حضروا الحفلة. ثلث هذه المؤونة أو المواد الغذائية يذهب إلى المغنيين، والثلثين الآخرين لأجل الشباب غير المتزوجين في القرية.
أخيرا يصل اليوم الاحتفالي، يقصد أهل الزوج منزل العروس في أبهة كبيرة. الموسيقى تسبقهم، والموكب يتبعهم، والذي يخصص لأجل أن يحمل ويقود الزوجة الجديدة إلى عش الزوجية، وترى النسوة في أبهى حلة مشكلات قسما من هذا الموكب. يسبق دخول الموكب إلى منزل العروس، عرض يتم فيه منافسة بين عائلتي الزوجين في المدح والثناء على عائلتيهما. هذه العادة لم تعد موجودة، إذ يدخل الموكب مباشرة إلى منزل الزوجة تحت وقع الطلقات النارية، وكذا المزمار والطبل. كما قد يحضر "Marabout" مختار من قبل العائلتين، محاط بالرجال الأكبر سنا واعتبارا ومكانة في العائلتين.
إذاً يحضر والد العروس صينية مملوءة بمأكولات متنوعة: كسكس، لحم، عسل، وحلوى، الذين يقدمون على شرف المرابط ووجهاء أو كبار القرية أو العائلتين. موكب الزوج والغرباء القادمين للزفاف يتم استضافتهم إما من قبل عائلة العروس أو سكان القرية(15) بيد أنه وقبل اصطحاب العروس، أهل الزوج عليهم بدفع قيمة مالية معينة للجماعة، تتراوح بين 3 و7 دورو، تبعا لمدى غنى العشيرة أو القبيلة. في قرية "أزفون" هذا الدين يعوض بوليمة يقدمها الزوج للجماعة.
ينطلق الموكب ليقود المرأة لبيت زوجها، تحت وقع أو ضجيج الموسيقى وطلقات من عدة بواريد. الجدة ترافق العروس لتتبعها العديد من البغال مملوءة بالسفنج. أثناء السير، الجيران تتبع الموكب. أما الأطفال فيثيرون بصيحاتهم حماسة الموسيقيين ويرمون حتى بعضا من الحجارة والقذارة على ناس الموكب لدفعهم إلى إطلاق عيارات نارية(16).
في نهاية السفر، تستقبل العروس برشقات من طلقات البندقيات، ويحضر لها إبريقا مملوءا بالماء، الذي تقوم بصبه على الحاضرين من اليمين إلى اليسار. يحضر لها أيضا غربالا مملوءا بجوزة الطيب، بلوط حلو، بيض صلب، والحلوى والتي يوضع عليها خلخالا من الفضة(17). واحد من الأهل يرفع الخلخال، أما المرأة فتطلق بكلتا يديها على الحشد الفاكهة وقطع الحلوى. تنزل العروس إذاً من فوق بغلها، غير أنه وقبل أن تطأ قدمها الأرض، يقذف بشدة طفل صغير إلى مقعدها. المعتقد القبائلي، يعتبر أن هذه الممارسة تضمن للمرأة أن تنجب ولدا ذكرا في ولادتها الأولى. تنشر بعدها سجادة، أين يتم وضع منشفة في وسطها تتضمن خلخالا وقمحا(18). فوق هذه السجادة يقوم كل واحد من الحاضرين بوضع هديته أو هبته، في قيمة معلن عليها بصوت مرتفع. الزوج يظهر ليبرز كرمه في وسط المانحين، عند الضرورة يقوم والده بالنيابة عنه. الحفلة لن تختم إلا بوليمة تعد، التي عقبها يقوم الغرباء بالانسحاب.
ينزل الليل، ليقوم بعض من الأصدقاء بقيادة الزوج إلى الغرفة الزوجية. غير أنه وقبل اجتياز العتبة، يصرف لهم بعضا من قطع الحلوى والبيض. يبقى العريس لوحده مع امرأته؛ حيث يضرب الزوج كتفيها بخفة ثلاث مرات، بواسطة ظهر سكين أو سيف، وذلك لتجنب العين الشريرة أو العين الحاسدة.
إن كانت الزوجة أرملة أو مطلقة، ينتهي العرس ويغادر الحاضرون. أما إن كانت الزوجة الجديدة بكرا، النسوة تنتظرن وقت خروج الزوج من غرفته، ليعلن فخره بانتصاره من خلال إطلاق عيار ناري. استجابة لهذه الإشارة، تطلق صيحات وزغاريد الفرحة، ثم تسرع النسوة إلى الغرفة للتحقق من انتصاره. ويقضين بقية الليل في الغناء والرقص على شرف الزوج.
صباح الغد، يتوافد الأهل والأصدقاء لزيارة الزوجة الجديدة، ويهدون لها هدايا من الفضة. هذه الهدايا، تأخذ اسم "حق النظر" "Thimezriouth"(19) أيضا وحسب عرف القرية دائما، أهل المرأة يأتون لزيارتها؛ حيث يحضرون طبقا من الكسكس واللحم، متمنيين أن تكون ابنتهم فأل خير، وبركة في منزلها الجديد. هذا الطبق يسمى بطبق المحبة أو طبق الصداقة(20). وخلال ثلاثة أيام، يحتفون ويضيفون من قبل الزوج، بولائم على شرفهم.
في نهاية هذا العرض التمهيدي، الذي أردنا من خلاله تقديم نظرة عن الزواج في منطقة القبائل، وكذا أهم مراحله وطقوسه يتضح بذلك مدى التعقيد والتشابك الذي يطبع الزواج بمختلف مراحله وممارساته. لذلك وباعتبار أن الزواج مثل الميلاد يعد من أهم المحطات في عادات دورة الحياة بالنسبة للإنسان، والذي يشتمل على مراحل وجزئيات مختلفة، من الخطوبة إلى الزفاف إلى بيت الزوجية، زواج الأقارب، الرجل والمرأة بعد الزواج. إذاً سيتم التطرق إلى بعض الطقوس المعروفة في منطقة "إوضين" بالقبائل الكبرى المرتبطة بالزواج، الذي تندرج طقوسه ضمن طقوس القسم الثاني، طقوس مناسبات عائلية محددة، حسب تصنيف الكزاندر كراب(21).
تطبيق مخطط جاكبسون اللغوي الاتصالي على شفرة طقوس الزواج في منطقة القبائل:
سنحاول من خلال هذا الأنموذج الاتصالي، التحليل الدلالي لمختلف الرموز والدلالات التي تنطوي عليها بعض طقوس الزواج المعتمدة كمفردات بحث ضمن المجتمع القبائلي.
طقس "Le chebbouil"(22):
اسم هذا الطقس "Le chebbouil" مأخوذ من الفعل "Chebbouel" الذي يعني: هيج بعنف. يعد هذا الطقس من الطقوس السحرية الأكثر تعقيدا، يتطلب تدقيقا في التحضير من قبل المشعوذة. إذ أن الطقس نفسه يجب أن يقام: إما بالاثنين يوم الخطبات -المخطوبات-، أو بالثلاثاء يوم السوق، وأيضا لليوم الذي يقال له "Metbout"، بمعنى اليوم الذي يخصص للمفاوضات الأولى التي تقام في سبيل الخطوبة. لكن قبل ذلك يجب إعداد كل شيء وتقديم كل ما يسمح بفعاليته حيث تذهب الساحرة إلى الغابة أين تعرف ما يجب إحضاره، وأين يتواجد الكثير من الأشجار التي تحتاجها. عندما تصل تغطي ذراعها الأيمن وتدور إلى نصف دائرة، من اليمين إلى اليسار، سبع مرات متتابعة، قائلة:
المرة الأولى:
"آه الغابة المسكونة بالحيوانات البرية المتوحشة"؛
المرة الثانية:
"يسقط عليها المطر الغزير"؛
المرة الثالثة:
"سميتك بلوط"؛
المرة الرابعة:
"الناس تسميك «بلوط»"؛
المرة الخامسة:
"أنا، أسميك «القايد عمروش»"؛
المرة السادسة:
"اجعل لي زوجي مثل الوعاء"؛
المرة السابعة:
"كل صباح أعطيه الزبدة في «الفم»"
لاشيء يجب أن يلهي أو يقاطع الساحرة أثناء قيامها بهذه الممارسة. وإذا وجهنا لها الكلام، فإنها لا تجيب، وإذا سلمنا عليها فلا ترد السلام. لن تتكلم حتى تفرغ من هذا الطقس. تجمع بعدها الغصينات الصغيرة أو النباتات الكاملة التي يجب تقديمها إلى Chebbouil. بعض منها مثار من قبل الريح، وبعضها الآخر عبارة عن أشواك.
1- الوظيفة المرجعية: -علاقة الرسالة بالموضوع-
يجسد هذا الطقس جانبا من حياة المرأة القبائلية، إذ يعبر عن حالات الكبت النفسي التي تترجم السبل التي تلجأ إليها في سبيل المحافظة على زواجها. فالمرأة من منطلق أنها العضو الأضعف في المجتمع والمعتمد اقتصاديا على الرجل وغير المالكة لمستقبلها، تجد نفسها في حاجة دائمة للرجل -زوجها- الذي يتمتع بالمركز الممتاز، فهو قوام الأسرة وربها المسؤول عن حياتها ورزقها، كما أنه المكلف بحمايتها وتسيير أمورها. هذه المفاهيم الاجتماعية التي تشكل الطابع السائد للتركيبة الاجتماعية القبائلية. ومن هنا تظهر علاقة الرسالة بالموضوع؛ حيث إن للعنصر الذكري أهمية كبيرة في المجتمع القبائلي بينما تبقى المرأة تابعة له، مكانها وكيانها مرتبط بالرجل(23). وهو ما يدفعها للجوء لمختلف الممارسات الطقوسية التي تضمن بقاء زوجها بجانبها.
2- الوظيفة التعبيرية: -علاقة الرسالة بالمرسل-
تظهر ملامح القلق والخوف على محيا المرأة القبائلية التي هجرها زوجها وتركها تواجه الحياة لوحدها، في وسط اجتماعي شديد الرقابة على تصرفات المرأة وأفعالها. ومنه، فإنها تجد نفسها في مواجهة المجهول وأفراد الجماعة الاجتماعية، وكذا عائلتها مما يشعرها بالارتباك وعدم الاطمئنان والأمان لغياب معيلها وحاميها. فيما يخص الفتاة التي لم تتزوج فإن لجوءها لهذا الطقس نابع من قلقها من مسألة تأخر زواجها، مما يجعلها مهددة بشبح العنوسة الذي يعد مقبرة الفتاة القبائلية، لأهمية الزواج والاستقرار الأسري بالنسبة لها.
3- وظيفة إقامة الاتصال: -أساس العملية الاتصالية-
3-1- حفاظ وتأكيد الاتصال:
* فيما يخص المرأة التي تسعى لعودة زوجها إلى بيت الزوجية: تقيم المرأة القبائلية المتزوجة هذا الطقس، طبعا عن طريق الساحرة التي كلفتها بذلك، في حالة هجران زوجها لها وغيابه الطويل عنها. بعدها نجد أنها ستحافظ على الاتصال في كل فرصة تسنح لها بإجراء هذا الطقس؛ حيث تؤكد اتصالها الدائم عن طريق هذا الطقس حتى رجوع الزوج إلى البيت.
* فيما يتعلق بالفتاة التي تبحث عن زوج: نجد أن الفتيات اللواتي لم يتقدم أي شاب لخطبتهن هن اللواتي يقمن بهذا الطقس ويؤكدن الاتصال بما أنهن غير مخطوبات.
* فيما يتعلق بالفتاة التي تبحث عن زوج: فيما يخص المرأة العزباء، فإنها تترك تكليف الساحرة بممارسة هذا الطقس وتقطع الاتصال، بمجرد أن يتقدم أحدهم لخطبتها، والذي ترغب في الزواج به.
* * * *
من الطقوس الممارسة في الأيام التي تلي الزفاف:
في صباح اليوم التالي للزفاف، والدة المرأة الشابة تطبخ بعض البيضات، التي على الزوجين الشابين أكلها مع بعض بالملعقة نفسها. بعدها تضع الساحرة الحنة للمرأة الشابة بالقرب من البيت لتجف. خلال ذلك الوقت تأخذ الساحرة قشرة البيض وتدهنه بفتيل من زيت القنديل، وتضعه فوق رأس الشابة المتزوجة في ثني الشال. في هذا اليوم أيضا، تضع المرأة الشابة حزامها، قائلة:
ليخرج من صلبي كثير من الأطفال؛
ليحبني زوجي دائما؛
بإرادة وعون الله ورسوله؛
وكل من أوصى بهذه الطقوس.
ثم تقوم والدة الشابة المتزوجة بتحضير فطائر يقال لها Lekhfaf "لخفاف" تأخذ واحدة وتضرب سبع مرات ظهر ابنتها قائلة:
كليه، ستبقين هنا.
وتقوم بإطعامها للزوجين معا. في اليوم السابع من زفافها؛ حيث تذهب المرأة الشابة إلى الينبوع للمرة الأولى منذ دخولها إلى بيت زوجها. تأخذ الجرة؛ حيث تلفظ بالكلمات التالية:
جرتي من الفضة؛
صلبي مبشر بخير عميم من الأطفال؛
حزامي هو من اللويز –الذهب- الخالص؛
بعون الله ورسوله؛
وكل من ترك لنا هذه الطقوس(24).
1- الوظيفة المرجعية: -علاقة الرسالة بالموضوع-
إن الحمل هو الصفة المطلوبة في المرأة؛ لأن النسل هو الغاية من الزواج، لذلك تعد قدرة الإخصاب وإنجاب الأطفال ميزة للمرأة القبائلية؛ حيث شكل مفهوم الإخصاب هاجس متوارث عن عبادات أسلافنا، رافق تواجد الإنسانية ككل. في هذا الصدد، تعرف "تانيت" في أنها آلهة الخصوبة التي ترمز للثروة والقوة؛ إذ قدسها الأمازيغ، ونجدها في بعض الكتابات تحمل اسم الأم أو الإلهة الأم(25).
في ذلك تظهر علاقة الرسالة بالموضوع التي تترجم اتفاق الجماعة الاجتماعية التي تعيش فيها المرأة القبائلية على أهمية الخصوبة وتقديسها، والتي عليها تتوقف استمرارية سعادتها وحياتها الزوجية. وهو ما
يدفعها إلى اللجوء لمختلف الأساليب والطقوس التي تحقق لها الغاية المنشودة.
2- الوظيفة التعبيرية: -علاقة الرسالة بالمرسل-
تعد المرأة المتزوجة حديثا وكذا أمها مرسلتي الرسالة ضمن هذه الطقوس؛ حيث تشتركان كليهما في حمل هذا الانشغال فالأم يظهر عليها ملامح القلق على ابنتها التي دخلت حياة جديدة، وكذا أملها في أن تسعد في بيت زوجها، وتهنأ في حياتها لذلك لا تترك أية وسيلة تضمن لابنتها هذا الأمر. لذلك وبما أن خصوبة المرأة واحدة من أهم الأولويات التي تساعد على ذلك، فهي تلجأ لهذه الطقوس التي تعتقد بأنها الضمان لتحقيق ذلك. فخصوبة المرأة تشبه عند المجتمع القبائلي بخصوبة الأرض، في قدرتها على الانتاش والتضاعف واستمرارية الحياة. في حين تشبه النساء العقيمات في التفكير الأمازيغي بالأرض الميتة والقاحلة.
إضافة إلى أن خصوبة المرأة تصور في الحكاية الشعبية القبائلية بالحقل الغني بالمحاصيل، كما يشبه بطنها ببذور النباتات في قدرتها على الانتاش وبحاملات الحبوب "إيكوفان" المخصصة للبيوت والتي توضع حقا في وسط بطن البيت(26).
* * * *
الخاتمة:
اتضح من خلال هذه الورقة البحثية أن الممارسات الطقوسية في المجتمع القبائلي تقوي الرباط الاجتماعي من خلال الاشتراك فيها واعتبارها أحد ثوابت بنائهم الاجتماعي، وكذا تعزيز وتثبيت القيم المعيارية المتفق عليها بين أفراد الجماعة الاجتماعية؛ حيث إن الطقوس في المجتمع القبائلي كأنساق من العلامات البالغة التشفير، تعد جزءا مهما من التراث القومي من خلال العودة إلى تخليد ما محاه الزمن لأجل حفظ التراث في ذاكرة الأجيال.
كما تمثل الخصوبة وإنجاب الذكور قيمتان اجتماعيتان رئيستان في المجتمع القبائلي، وهو ما يتضح في طقوس الزواج حيث نجد بأن الزواج في المجتمع القبائلي محاط بطقوس مختلفة تخصص لتصبح حياة الزوجين سعيدة ولضمان خصوبة اتحادهما وارتباطهما. وعليه، فأهم طقوس الزواج تتضمن طقوس الإخصاب. وهو ما يؤدي إلى تقديس الخصوبة والعطاء والوفرة، التي تدل على الحياة والديمومة.
كما تأكد لنا أيضا أن الرجل في المجتمع القبائلي يحظى بالمرتبة الأولى، في حين تشغل المرأة مكانة صغيرة جدا. فالمجتمع القبائلي مجتمع ذكوري، للرجل السلطة الأولى والأخيرة، بمعنى هناك تمييز جنسي يكون فيه لقطاع الرجال المرتبة والمكانة المميزة، وهذا يلخص ميزة من ميزات النظام العرفي السائد في المجتمع القبائلي. إذاً الفتاة القبائلية مهيأة منذ الصغر على الشروط القانونية والاجتماعية المقيدة بها، فهي ليست أكثر من وسيلة امتداد الأسرة وتوثيق العلاقات الإنسانية بدورها الاجتماعي.
* * * *
الهوامش
* Centre De Recherche Scientifique et Technique pour le Développement de la Langue Arabe (C.R.S.T.D.L.A.), 16011, Alger.
(1) انظر: مومن، أحمد، (2008)، اللسانيات النشأة والتطور، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ط.4، ص.148.
(2) مرتاض، عبد الجليل: (بدون تاريخ)، اللغة والتواصل، اقترابات لسانية للتواصلين: الشفهي والكتابي، الجزائر، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، ص.87.
(3) يخلف، فايزة: (1996)، دور الصورة في التوظيف الدلالي للرسالة الإعلانية،-دراسة تحليلية سيميولوجية لعينة من إعلانات مجلة "الثورة الإفريقية"، رسالة لنيل شهادة الماجستير في علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، معهد علوم الإعلام والاتصال، ص.45.
(4) يخلف، فايزة: دور الصورة في التوظيف الدلالي للرسالة الإعلانية، دراسة تحليلية سيميولوجية لعينة من إعلانات مجلة "الثورة الإفريقية"، مرجع سابق، ص.45-46.
(5) Abostaodo, Claude, (1980), messages et medias, Paris, édition Cedic, p.22.
(6) انظر مومن، أحمد: مرجع سابق، ص.148-149.
(7) Devulder. M, (1957), "Rituel magique des femmes Kabyles -Tribu des Ouadhias, Grande Kabylie-", extrait de la "Revue Africaine", Alger, N°452-453, société historique Algérienne, faculté des lettres, institut de Géographie, p..303
(8) بوعمامة، عبد الكريم: (2006)، بنو يعلى، لمحات من التراث اليعلاوي، عادات وتقاليد، بن عكنون، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية ص.38.
(9) Yamina, At S., S.Louis de Vincennes, (1950), Le mariage en Kabylie -At Amar ou Said des At Mangellat-, C.E.B.F, p.78.
(10) A. Hanoteau, A. Letourneux, (2003), La Kabylie et les coutumes Kabyles, Tome.2, France, Paris, éditions Bouchene, p.152.
(11) التين يهدى ويقدم كفأل خير لحلاوة وبركة الزواج، هذا الارتباط المقدس؛ حيث يلعب الجوز دورا هاما في مختلف حفلات الزفاف منذ القديم، وقد برز في تقاليد الحفلات الرومانية.
(12) A. Hanoteau, A. Letourneux, La Kabylie et les coutumes Kabyles, Op. Cit. p.153.
13- بوعمامة عبد الكريم، مرجع سابق، ص.39.
(14) Germaine, Laoust-Chantréaux, (1990), Kabylie côté femmes -La vie féminine à Aït Hichem 1937-1939-, France, édisud, p.191-192.
(15) والد العروس يعوض القرية نفقات الضيافة، عندما يزوج ابنته لغريب.
(16) في هذا الصدد، تم إصدار منشور واجب إتباعه، لردع مثل هذه التصرفات التعسفية، من خلال دفع غرامة مالية: "الذي يقوم بإتباع موكب العروس ويلقي عليه الحجارة أو القاذورات، فعليه بدفع 1réal" "آيت فراح"Aït Ferah
(17) الفضة رمز للغنى والصفاء، الخلخال رمز شعري لحلقات متسلسلة.
(18) القمح يستعمل للدلالة على الغنى.
(19) Voir: A. Hanoteau, A. Letourneux, (2003), Op. Cit. p.154-157.
(20) Yamina At S., S.Louis de Vincennes, (1950), Op. Cit. p.58.
(21) هو عالم أنثروبولوجي قدم تصنيفا للطقوس؛ حيث حصرها في ثلاثة أقسام رئيسة وهي: طقوس لأيام معلومة من السنة الشمسية، طقوس مناسبات عائلية محددة، وطقوس لدفع الضرر والاحتراس. للاطلاع أكثر، ينظر: الكزاندرهجرتي كراب، علم الفلكلور.
(22) Devulder M. (1957), Op. Cit. p.303-305.
(23) مداك، شابحة: (1992-1993)، الوظيفة السوسيولوجية للسحر عبر الأسطورة القبائلية، دراسة سوسيولوجية، أطروحة لنيل شهادة ماجستير في علم الاجتماع، جامعة الجزائر، معهد علم الاجتماع، ص.43-45.
(24) Devulder M. (1957), Op. Cit. p.326-328.
(25) الرفاعي، أنور: (1998)، اريخ الحضارات والأساطير، سوريا، مطبعة جامعة دمشق، ص.7.
(26) Lacoste Dujardin, Camille, (2005), Dictionnaire De La Culture Berbère En Kabylie, France, éditions la Découverte, p.141.
* * * *
المراجع:
1- الرفاعي، أنور: (1998)، تاريخ الحضارات والأساطير، سوريا، مطبعة جامعة دمشق.
2- بوعمامة، عبد الكريم: (2006)، بنو يعلى، لمحات من التراث اليعلاوي، عادات وتقاليد، بن عكنون، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.
3- مداك، شابحة: (1992-1993)، الوظيفة السوسيولوجية للسحر عبر الأسطورة القبائلية، دراسة سوسيولوجية، أطروحة لنيل شهادة ماجستير في علم الاجتماع، جامعة الجزائر، معهد علم الاجتماع.
4- مرتاض، عبد الجليل، (بدون تاريخ)، اللغة والتواصل، قترابات لسانية للتواصلين: الشفهي والكتابي، الجزائر، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع.
5- مومن، أحمد: (2008)، اللسانيات النشأة والتطور، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ط.4.
6- يخلف، فايزة: (1996)، دور الصورة في التوظيف الدلالي للرسالة الإعلانية، دراسة تحليلية سيميولوجية لعينة من إعلانات مجلة "الثورة الإفريقية"، رسالة لنيل شهادة الماجستير في علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، معهد علوم الإعلام والاتصال.
7- Abostaodo, Claude, (1980), Messages Et Medias, Paris, édition Cedic.
8- A. Hanoteau, A. Letourneux, (2003), La Kabylie et les coutumes Kabyles, Tome.2, France, Paris, éditions Bouchene.
9- Devulder. M, (1957), "Rituel Magique des Femmes Kabyles -Tribu des Ouadhias, Grande Kabylie-", extrait de la "Revue Africaine", Alger, N°452-453, société historique Algérienne, faculté des lettres, institut de Géographie.
10- Germaine, Laoust-Chantréaux, (1990), Kabylie Côté Femmes -La vie féminine à Aït Hichem 1937-1939-, France, édisud.
11- Lacoste Dujardin, Camille, (2005), Dictionnaire De La Culture Berbère En Kabylie, France, éditions La Découverte.
12- Yamina, At S., S.Louis de Vincennes, (1950), Le mariage En Kabylie -At Amar ou Said des At Mangellat-, C.E.B.F.