يشكل اللقاء بالكاتب المغربي محمد برادة، لحظة اسثتنائية عميقة لأنها تدفعنا دائما لتجديد علاقتنا وأسئلتنا ورؤانا للنص الروائي عموما ولأسئلة الكتابة على الخصوص. ولا يحضر هذا المعطى فقط، بل شكل اللقاء، الذي احتضن فعالياته النادي الملكي للرياضات البحرية بسيدي العابد يوم 26 أكتوبر 2009، مناسبة نادرة التئم فيها نقاد وكتاب ومثقفون مغاربة حول كاتب اسثتنائي ساهم في تشكيل أوجه الثقافة المغربية الحديثة اليوم. بكل حمولاتها المعرفية والفكرية، سواء من خلال ترجماته أو أطروحاته النقدية أو منجزه الإبداعي الذي توزع بين القصة والرواية. وقد ساهم فرع الصخيرات تمارة لاتحاد كتاب المغرب في إطار برنامجه الثقافي، في إحياء ندوات وأيام دراسية محورية تعيد الإنصات لراهن المشهد الثقافي المغربي في تعدده. وقد ساهم وجود أسماء تنتمي للحقل الأكاديمي والنقدي في إعطاء هذا الزخم.
اليوم الدراسي مع الكاتب المغربي محمد برادة حول روايته «حيوات متجاورة» الصادرة حديثا بالمغرب ولبنان. عرف مشاركة وازنة للنقاد: ابراهيم الخطيب، سعيد يقطين، أنور المرتجي، محمد الداهي، وقد أدار الندوة الروائي والناقد محمد غرناط. وإضافة للمداخلات النقدية والأوراق المقدمة عرف اللقاء تقديم إضاءات حول أعمال برادة الإبداعية والنقدية ساهم فيها الحضور الفاعل، إذ تدخلت أسماء واكبت تجربة المحتفى به كالكاتب إدمون عمران المليح، والقاص إدريس الخوري وآخرون..وقد ترأس اللقاء الروائي محمد غرناط، وقدمه بالإشارة الى المكانة التي يحتلها الكاتب محمد برادة في المشهد الأدبي والنقدي، الى جانب تجربته الخصبة نقديا وقصصيا وروائيا. مؤكدا دوره الريادي والأثر الكبير الذي تركه محمد برادة على جيل من الطلاب والأساتذة والمبدعين، فاتحا أمامهم آفاقا جديدة خاصة في ما يتصل بالرواية تنظيرا وقراءة. وقد توقف محمد غرناط عند حدث بليغ يؤرخ لعلاقة برادة بالجنس الروائي فقد اعترف الكاتب خلال مباشرته للدرس الأكاديمي جوابا على سؤال أحد طلبته، "أنه لا يجد الوقت الكافي لكتابة الرواية، رغم أنها الأقرب الى نفسه، في قدرتها على التعبير عن الحياة في شموليتها". وأكد غرناط أن مجموعة برادة القصصية "سلخ الجلد" فتحت أمامه معالم السرد ومغامرات الإبداع لينتقل إلى إبراز الموقع الذي تشغله «حيوات متجاورة» ضمن منجز محمد برادة الروائي، ومنجز الرواية المغربية والعربية. وقد بين في هذا الإطار ما تحفل به الرواية من عناصر التحديث بحكم تنوع الأساليب والرؤى والاستثمار الواسع للفنون وأجناس أخرى فضلا عن رؤيتها الفكرية الحداثية.
ابراهيم الخطيب: «حيوات متجاورة» رواية مضادة لكل أطروحة
اعتبر الناقد ابراهيم الخطيب، تجربة محمد برادة النقدية والإبداعية، تجربة مفصلية في تاريخ تشكل الثقافة المغربية الحديثة. إذ أسست وطورت الخطاب النقدي بالمغرب، وقدمت الكثير في مجال الترجمة. وقد انطلق الناقد ابراهيم الخطيب في مقاربته لـ "حيوات متجاورة" من ما اعتبره تقابلا مؤسّسا بين جدية الواقع ولعبة السرد. إذ توقف الناقد ابراهيم الخطيب عند مفاهيم عديدة وتمفصلاتها داخل المتن الروائي: السيرة الذاتية، علاقة التاريخ بالذات، مغامرة التحديث، استيعاب تحولات المجتمع، ومستويين سرديين (مستوى الرواة، ومستوى المحكيات "نعيمة آيت لهنا ـ ولد هنية ـ الوارثي")، إذ تتحول الكتابة الى فاعل سردي، بعدما كان السيرذاتي عند برادة أساسي في السابق. وتعتمد "حيوات متجاورة" على فضاءات تخييلية، باستذماجه لمحكيات متعددة. ويؤكد الناقد ابراهيم الخطيب أن كتابات محمد برادة عموما، تتميز باستقراء لخطابات النسيج الاجتماعي ومقاربة التاريخ كمكون وجودي. مع رصد التقاطعات والتي تتشكل في فوضاها الأنوات. وبالإضافة إلى الفضاءات السيرذاتية المألوفة، تنحو الرواية منحى تخييليا يلقي بالكثير من الأسئلة حول هويات الشخصيات ومن يضطلع منها بوظيفة السرد. وانطلاقا من هذا الاشتغال، بين الأستاذ الخطيب المسارات التحديثية التي تشقها الرواية عند محمد برادة، بعيدا عن ما وسمه بـ "فخ الشكلانية الفارغة"، خاصة ما تعلق منها بالتخييل الذاتي، وتمكين الرواية من التفكير في مغامرتها من داخل القصة، والأكوان الدلالية التي تفتحها، والتي تطول علاقة الفرد بتاريخه وتأرجحها بين الاندماج والنزاع. لقد استطاعت "حيوات متجاورة" استبطان الخلق الروائي، علاقة الفرد بتاريخه علاقة اندماج وتشابك. وما يترسب عند القارئ هو مخاطبة لذاكرته وتاريخه الذي ينكتب أمامه في الحاضر، وفي إشارته للراوي يؤكد الناقد ابراهيم الخطيب أن راوي "حيوات متجاورة" شبحي. أما بالنسبة لمستوى المحكيات، فرغم تباين الفضاءات الاجتماعية والسياسية إلا أن حيوات أصحابها تتقاطع والضرورة الروائية اقتضتها حتى لا يظلوا في جزر معزولة، علاقات تتقاطع لتحقيق أهداف مركزية. توقف الناقد ابراهيم الخطيب في تنوع السرد والأساليب ولغات السرد، عند لعبة الكتابة كما قاربها في النص الروائي، والتي تشكل خارطة طريق رواية "حيوات متجاورة" ثمة تساؤل عن قيم الماضي والحاضر، ونوازع الغيرية، رسم لمسارات الكتابة ودمج لرواية داخل الرواية..إننا بتعبير الناقد الخطيب، أمام رواية مضادة لكل أطروحة.
سعيد يقطين: «حيوات متجاورة» البحث عن المعنى أوالحنين الى الآتي
اعتبر الناقد الدكتور سعيد يقطين أن "حيوات متجاورة" رواية تعبر عن كل القلق الذي عاشه جيل بكامله، وقد حاول محمد برادة أن ينبري له ناقدا ومبدعا. لذلك تتظافر العديد من العناصر داخل النص الروائي لتعبر عن رؤى فكرية وفلسفية عميقة، الى جانب مجموعة من الخطابات. وأكد الناقد سعيد يقطين أن رواية محمد برادة «حيوات متجاورة» تتميز بثراء دلالي بالغ، محددا مقاربته لعوالمها من خلال طبقتين:
1 ـ السرد في تقديم مادة حكائية هي الـ 3 قصص إضافة الى قصة السارد المسرود له/ّ.سميح، هذا الى جانب حضور عناصر أخرى كـ (الحوار، المذكرات، السيناريو، بالإضافة الى العتبات والمناصات).
2 ـ الميتاسرد وهو مجموعة من التأملات والتعليقات التي تحصل من طرف الراوي.. ويحدد الناقد سعيد يقطين وظيفتها بالتأملية. وفي سياق آخر، أشار سعيد يقطين إلى حضور المناصات والعتبات التي اختارها الروائي بدقة بليغة، وهنا دافع الناقد سعيد يقطين عن كون كل رواية مهما وسع هامش التخييل من أفقها تظل تخييلا ذاتيا، لأنها تنطلق من أسئلة وانشغالات ترتبط بكاتبها. وهذا ما يسوغ قراءة حيوات متجاورة في ارتباط بالتاريخ الذي عاشه برادة واحتك من خلاله بمجتمعه. وتوقف الناقد عند مسألة اللغات حيث أن كل شخصية تتكلم بلغة مختلفة، لكنها حيوات يمكن أن نجد لها أنماطا في الحياة. وهنا دلالة حضور شخصية السارد المسرود له/ّ. سميح، إذ أن هناك مسعى للبحث عن معنى لهذه الحيوات المتجاورة، بحث عن الحكي وعلاقته بالمعنى، الحقيقة بالمتخيل. تساؤلات ارتيابية مصوغة بأن الوعي هو الجحيم، مواجهة العري "نا" لأننا نواجه الحنين المزدوج الى الماضي. وهو حنين متصل بالمستقبل أي بما هو آتي. في النهاية، ما معنى الحياة التي نحياها..
الناقد أنور المرتجي: «حيوات متجاورة» تبئير الرواية وسؤال الكتابة
لم يسعف الوقت، أن يبلور الناقد والمترجم أنور المرتجي مداخلته بالشكل الذي رغب فيه. بحكم التأطير النظري الذي تقدم مقاربته لرواية الكاتب محمد برادة "حيوات متجاورة". وعبرها تطرق الى علاقة الرواية بذاكرة كاتبها، وبتاريخ مجتمعها وبسياقات الأحداث التي أحاطت بها. فقد قدم الباحث أنور المرتجي ورقته بمقترحات نظرية استقاها مما يطلق عليه اليوم في الدراسات الإنسانية بـ "تداخل النظريات". وقد مهد لهذا المعطى النقدي بالحديث عن تطور السرديات الكبرى في علاقتها بقراءة الواقع وفهم تحولاته. لينتهي الى أسئلة الرواية الحداثية الجديدة التي شككت في المفاهيم وأعادت صياغة تصوراتها ومفاهيمها وأسسها النظرية. توقف الباحث أنور المرتجي عند بعض المداخل النظرية كـ "الميتا ـ تخييل"، "التخييل الذاتي"، "الميتا ـ سردية"، "السيرذاتي"، "الوعي الذاتي"، وأشكال تفكير النص في ذاته أحد أهم سمات رواية ما بعد الحداثة. وهو تيار في القراءة يستفيد من الأفكار التي تحققت في تيارات ما بعد الحداثة في فرنسا والدول الناطقة بالإنجليزية. وينهض على استرتيجيات جديدة في البناء الروائي، حيث يظل النص الروائي دائم التساؤل عن نفسه. وبناء على هذا التأطير النظري، استخلص الباحث أنور المرتجي أن محمد برادة يقدم في روايته «حيوات متجاورة» تجربة في الكتابة لها عناصرها وخصوصياتها الحداثية، وهذا ما يستوجب النظر إليها في ضوء قراءة تتحرر نسبيا من المرجعيات التقليدية، وتتطلع إلى إنجاز نوع من التقصي في ما يحققه الروائي، سواء على مستوى استحضار التاريخ أو طبيعة التنشئة الاجتماعية التي خص بها الأبطال، وعلاقة كل ذلك بوجود الكاتب وموقعه في العالم الذي يعيش فيه. يلجأ الراوي، حسب الباحث، الى سارد ليتولى سرد الرواية، وتتحول علاقة الكاتب بباقي الشخصيات الى وظيفة الترتيب، حيث يتحول المؤلف الى ذات منشطرة الى ذوات متناظرة. ينتهي الباحث أنور المرتجي الى أن "حيوات متجاورة" رواية مفتوحة حيث لعبة الحكي المرآوي، هي عمل إبداعي جاد يتجاوز المستحيلات والثنائيات المطلقة.
الناقد محمد الداهي: استراتيجية حكائية جديدة
آخر مداخلة في اليوم الدراسي الذي خصص لرواية "حيوات متجاورة"، كان للناقد محمد الداهي، الذي أكد منذ البداية، قدرة تجربة محمد برادة على تبني استراتيجية روائية جديدة. مما أسعفه الى الغوص في الذات، وأسعفه كناقد متمرس وروائي أيضا، في خلق المسافة الجمالية بين تجربته النقدية والروائية التخييلية. يعتبر الناقد محمد الداهي أن المحكي الذاتي يطرح مشكلا على مستوى التجنيس نظرا لأنه يحوي تعيينات أخرى. فـ "سميح" السارد المسرود له في الرواية سحب البساط من السارد التقليدي وأتاح الفرصة للشخوص بالتحدث عن نفسها بلغتها، برادة يتلبس بشخصية من شخصياته. ينقل تجربته التعليمية ويبرز فلسفته في الحياة، رغم أنها مصاحبتها لشخصيات تخييلية وعوالم تخييلية أيضا. مما يجعل العلاقة بين الذاتي والموضوعي ملتبسة. ويمثل ذ. سميح صلب السرد وعماده، إذ يكشف عن الظروف التي دفعته للتعرف على الشخصيات الثلاث. ضمن عينات سيرذاتية، تتقاطع مع استيهامات الكاتب. لقد انطلق الناقد محمد الداهي من مفهوم التخييل الذاتي الذي يشهد تبلورا في الأوساط النقدية الغربية والعربية بحكم العودة القوية التي تنجزها الرواية اتجاه الذات. ليؤكد أن رواية "حيوات متجاورة" تحمل الجدة في مستويين اثنين: الأول مستوى المحكي الذاتي حيث تلاقح الأنا الساردة مع الأنا العالمة، تلاقح بين ما هو باطني وما هو خارجي. ومستوى ثاني أنها رواية غنية بالتعدد اللغوي اعتمادا على خلفية حوارية. رواية محمد برادة، رواية تساءل التخييل من خلال الرواية ذاتها.
محمد برادة: الرواية تحررنا من غسل الدماغ وتجعلنا أحرارا
شهادة الكاتب محمد برادة، والتي افتتحها بشكر النقاد على ما اقترحوه من رؤى لروايته، تحولت لإضاءة ثانية عميقة لأسئلة الكتابة والرواية. إذ يعتقد برادة أن الشكل الذي تكتب به الرواية هو الأهم، أما الأفكار فيعتبرها مشاعة. وحتى الرؤية للحياة تتجلى من خلال هذا الشكل المقترح. والذي يختاره الروائي، عبر السرد. من خلال ما عشناه واختزنته الذاكرة، كيف نعيش علاقتنا بالذاكرة؟ وهو ما يؤثر على علاقتنا بالتخييل. كيف نستعيد الأحداث؟ كأننا عشناها في غيبوبة؟ إيجاد شكل ولغة لنعبر عن هذا الوعي. أما في ما يخص رواية «حيوات متجاورة» فاعتبرها الكاتب محمد برادة نوعا من التمثيل الرمزي لعلائق معقدة، لا تلخص الواقع، تربطنا بالحب والوجود والتاريخ والأشياء. وإذا كانت الرواية تحض على قراءة التاريخ وتؤكد على انسداد الأفق، فإنها لا تتردد في التساؤل عن العناصر التي تعطينا هذا الانطباع. وها هنا تغدو الرواية مساهمة في اجتراح الوعي بكيفية كتابة الذاكرة، فرديا وجمعيا، ومجابهة ما طالها من ضروب الابتسار والتحوير. إن التاريخ لا يختصر ولا يختزن، التاريخ الذي نحرره عبر الذات هو يتشخص من خلال الكلمات، هناك في فكر اللغة. كل كلمة تحمل دلالة. إن الاهتمام بالراوية يحررنا من غسل الدماغ، يجعلنا أحرارا نمارس حريتنا في فعل القراءة. يتوقف محمد برادة عند سياق كتابة الرواية، معربا عن رغبته التفكير في مجتمع عاش داخله، أفقه متدهور، حيث الانحطاط، هذا الى جانب الوقائع الجافة التي تصدمنا يوميا. لكنه في المقابل، لم يكتب نصه الروائي نظرا لانسداد الأفق، بل للوقوف على العناصر التي خلقت هذا الانسداد، حيث يبحث عن الحقيقة بشكل أفضل. فبالنسبة للكاتب محمد برادة، "كل واحد منا يريد أن يعيش حاضره أما التفكير في المستقبل يبدو وكأنه من الذكريات.."
جزء من هذه الأسئلة، بلورها الكاتب محمد برادة من خلال سؤال جديد، إذ يقول "كيف يمكن أن تكتب الرواية اليوم في مجتمع مثل المجتمع المغربي؟"، هذا في علاقة بسؤال الشكل الذي يقدمه من حيث الأهمية، والذي لا يرتبط بالمستوى التقني بقدر ما يعبر عن موقف ما من الحياة. لذلك يعتبر محمد برادة الرواية "التمثيل الرمزي الذي يحفزنا على قراءة ما عشناه وعلى إعادة فهم علاقتنا بالتاريخ".
انتهى الكاتب محمد برادة عند نقطة أساسية تهم "لغة الكلام"، في سؤاله "كيف يمكن أن نكتب ذاكرتنا؟"، اهتمام بلغة الكلام في تعددها "الدارجة، الفصحى،..." تأسس منذ أيام تواجده بمصر، حيث لاحظ لغة كلامهم الحاضرة بقوة وبشكل معبر. ففكر برادة في لغة كلامه التي نسيها في فاس وعمره تسع سنوات، لغة جميلة معبرة ومن تم أدرك أهمية توظيفها في نصوصه.
في النهاية، هل الرواية وكما أكد الناقد سعيد يقطين، تنتمي الى كاتب معين هي تخييل ذاتي؟ والمهم هو كيف نصوغ رؤيتنا لهذا العالم الهش وكيف نعبر عنه بطريقة سردية؟ ليظل السؤال الآخر معلقا، هو كيف نخلق مسارا جديدا للوعي بالكتابة. أم المهم، بتعبير كاتب "حيوات متجاورة" محمد برادة، ماذا يقول النص الروائي في النهاية، هل يحقق المتعة؟
بيان مكناس: نحو خطة وطنية لتأهيل المسرح الاحترافي
انعقدت الدورة الأولى للمجلس المركزي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح بمدينة مكناس أيام 30 و31 أكتوبر وفاتح نونبر 2009، تحت شعار: "نحو خطة وطنية لتأهيل قطاع المسرح الاحترافي". وقد عرف هذا اللقاء صدور ما وسم بـ "بيان مكناس" والذي حاول أن يقارب راهن الممارسة المسرحية بالمغرب، وخلق "خطة طريق" لتأهيل المشهد المسرحي الاحترافي المغربي الذي ظل رهين إشكالاته العميقة. ونورد هنا، بيان المجلس المركزي للنقابة المغربية لمحترفي المسرح:
"في جو من المسؤولية والوعي العميق بما تواجهه بلادنا من تحديات، تخاطب ضمير كل غيور على الوطن وكرامة المواطن. إن المجلس المركزي، وهو يستحضر كل المحطات التي مر منها نضال المسرحيين المغاربة، منذ انخراطهم في معركة الكفاح من أجل الاستقلال، وإسهامهم في الجهد الشامل للقوى الوطنية الحية في سبيل استعادة السيادة على القرار الوطني، وبناء دولة الحق والقانون، وصولا إلى انخراطهم الواعي والمسؤول في معركة إرساء أسس المجتمع الديمقراطي الحداثي، القائم على تنمية مندمجة وشاملة للقوى البشرية لهذه الأمة، ليؤكد أن نجاحنا في كسب رهان هذه المعركة منوط بالتثمين الفعلي والملموس لدور كل القوى الحية في المجتمع، وفي طليعتها القوى العاملة في مجال تحسين ظروف العيش.
إن الرغبة الأكيدة التي تتملكنا في أن تحتل بلادنا موقعا مشرفا في سلم مؤشرات التنمية البشرية على الصعيد الدولي، فضلا عن وعينا العميق، دولة ومجتمعا، بضرورة بذل مزيد من الجهد قصد التصدي لمناحي التأخر التي راكمتها سنوات من التسيير العشوائي وانعدام الحكامة، وجهودنا الصادقة للخروج من نفق التخلف، لا يمكن أن تسمح لنا في الاستمرار في تجاهل الدور الطليعي الذي يلعبه القطاع المسرحي وغيره من القطاعات الثقافية، في رهاناتنا التنموية الشاملة. ويدعونا إلى الانكباب جميعا، ودون تأخير على ورش الإصلاحات الكبرى التي طال انتظارها في هذا القطاع.
ونقابتنا التي ظلت، منذ انطلاقها، إطارا للدفاع عن مهنيي المسرح ومحترفيه، ومحفلا للتفكير الإيجابي المستمر في سبل تطوير المهن المسرحية، وهي تعقد هذه الدورة من مجلسها المركزي، وتستحضر التحديات المطروحة على بلادنا في مختلف مجالات التنمية، وضرورة استدراك التأخرات المتراكمة فيها، وتثمن الجهود الحثيثة التي بذلت وما زالت تبذل لسن سياسة إرادية مسؤولة، بدأت تؤتي أكلها في عدد من القطاعات، تدعو الدولة اليوم إلى إقرار خطة وطنية لتأهيل قطاع المسرح الاحترافي، وتحمل مسؤوليتها كاملة إزاء هذا القطاع المنسي من فعلنا المجتمعي، والمبادرة بفتح ورش واسع للنهوض به وتبويئه المكانة التي يستحقها، ضمن أوراش التنمية الوطنية المستدامة. ولن يتأتى ذلك بشكل فعال دون تبني سياسة إرادية، متكاملة ومندمجة، تستجيب لخصوصيات القطاع، وتأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المتميزة لثروته الرمزية التي لا يمكن تقديرها بالمؤشرات الكمية وحدها.
إن المسرحيين المغاربة، الواعين بضرورة التأهيل الذاتي لقطاعهم، وتعزيز فرص الاندماج الناجع في هذا المسلسل، مستحضرين بعمق مضامين النطق الملكي السامي الموجه إليهم، بمناسبة المناظرة الوطنية الأولى حول المسرح الاحترافي سنة 1992، والمناظرة الوطنية حول مسرح الهواة سنة 1993، وبمناسبة انعقاد المؤتمر التاسع عشر للفدرالية الدولية للممثلين سنة 2008، ومعتزين بالشهادة الملكية الغالية في حق أدوارهم الطليعية في مسلسل التنمية وبناء مغرب الحداثة والديمقراطية، يؤكدون على وجه الخصوص، على ما يلي:
1 ـ إن المسرح كجزء من الثقافة الوطنية وتراث الأمة، عامل لا غنى عنه في تحقيق التنمية المستدامة، بشريا وماديا، ليس من المفهوم أن يستمر التعامل معه بشكل هامشي وعابر في مقارباتنا التنموية، وسياساتنا العمومية. ومن الضروري أن تتوفر بلادنا على سياسة مسرحية متكاملة، متفاوض بشأنها ومتعاقد عليها مع كافة الفاعلين والمتدخلين.
2 ـ إن كل سياسة منتظرة في القطاع المسرحي الاحترافي لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الدعم الوازن والمستمر للدولة لهذا القطاع:
- سياسيا، عبر القرار الإرادي للنهوض بهذا القطاع.
- تشريعيا، عبر سن قانون ملائم لتعزيز فرص الاستثمار فيه، وتحسين القوانين المعمول بها حاليا في الميدان.
- ماليا، عبر الرفع الوازن من قيمة الأغلفة المالية المرصودة للقطاع لمواجهة خصاصه المزمن، وإحداث صندوق وطني خاص بدعم المسرح، وتنفيذ السياسة العمومية فيه.
- مؤسساتيا، عبر إحداث مؤسسة وطنية قائمة بذاتها تكون أداة لتطبيق السياسة العمومية في القطاع على شاكلة مركز وطني للمسرح أو وكالة وطنية لتنمية المسرح.
- ماديا، عبر تقوية البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية، وإحداث مسارح وطنية بعواصم الجهات بالمواصفات المتعارف عليها دوليا، ومسارح القرب بالمدن والقرى، والمواكبة التقنية والإجرائية.
- اجتماعيا، عبر رفع الغبن عن مهنيي القطاع بإحداث آليات قانونية لتنظيم سوق الشغل، بإعمال التعاقد الذي يضمن حقوق الفنان ويصون كرامته، وتفعيل أثر الاعتراف ببطاقة الفنان المهنية، من أجل ضمان تكافؤ الفرص وفرض شرط الجودة في الإنتاجات الدرامية في المسرح والسينما والتلفزيون.
إن المسرحيين المنخرطين في أوراش الإصلاح الكبرى التي فتحها المغرب بقيادة جلالة الملك، في ميادين القضاء، وتحسين أسس المنافسة الاقتصادية الشريفة، وتقوية فرص النجاعة في مجال تدبير الشأن العام، ليثمنون المبادرة الملكية الرامية إلى استكمال المؤسسات الدستورية لبلادنا، بإنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ويؤكدون على الدور الفاعل الذي يضطلع به قطاعهم في هذا المسلسل الإصلاحي المفتوح، ويتطلعون إلى الإسهام بكل مسؤولية في هذه المحطة الوطنية الهامة. ويتابع المجلس المركزي بانشغال كبير ما يقع داخل اتحاد كتاب المغرب والنقابة المغربية للمهن الموسيقية، الحليفين الأساسيين لنقابتنا بالائتلاف المغربي للثقافة والفنون، ويتمنى أن يتمكنا من اجتياز هذه المرحلة العصيبة بنجاح حتى يعودا إلى نشاطهما وفعاليتهما داخل الائتلاف وفي الساحة الثقافية الوطنية.
عاش المغرب وطنا للحرية والمسؤولية، ومملكة للعدالة. عاشت النقابة المغربية لمحترفي المسرح، ظلا لكل المسرحيين المغاربة"..
الندوة الدولية الموريسكيون وتراثهم: بين الأمس واليوم
في الذكرى المئوية الرابعة لطرد الموريسكيين من إسبانيا (1609 ـ 2009).
نظم معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية ـ الرباط، أكتوبر الماضي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك ـ الدارالبيضاء، ندوة علمية دولية حول "الموريسكيون وتراثهم بين الأمس واليوم". في الذكرى المئوية الرابعة لطرد الموريسكيين من إسبانيا (1609 ـ 2009). وقد أطر اللقاء بالورقة التالية: "مما لا شك فيه أن سنة 1609 كانت منعطفا خطيرا وحاسما في تاريخ إسبانيا خلال القرن الحادي عشر الهجري ـ السابع عشر الميلادي، بل إنها حددت ملامح ومسارات ما تلاها من فصول تاريخية كان لها أن تستأثر باهتمام المؤرخين والباحثين ولازالت. وبديهي أن يكون الأمر كذلك، فبالإضافة إلى الظروف التي اتخذت فيها قرارات الطرد والسياقات التي استصدرت خلالها مراسيم التهجير، يعتبر حدث طرد الأندلسيين الموريسكيين من إسبانيا مأساة إنسانية بكل المقاييس، وتجربة تاريخية انبثقت وتشكلت في إطار منظومات سياسية مهلهلة، وضمن أحوال اقتصادية متردية، ووسط تصادم ديني وتصدع اجتماعي وثقافي بين المسلمين والمسيحيين آذن بالوصول إلى نفق مظلم ومحطة تاريخية مسدودة. وقبل ذلك كانت معاهدة تسليم غرناطة المبرمة سنة 1491 بين الملكين الكاثوليكيين وأبو عبد الله، آخر ملوك بني نصر، قد أضفت صفة التدجين على الأندلسيين وقت سقوط الممالك الأندلسية الواحدة تلو الأخرى. لكن، بعد نقض العهد والتراجع عما تضمنته بنود تلك المعاهدة من ضمان للحقوق وحفاظ على الهوية والانتماء، أصبح للأندلسيين المدجنين وضع جديد، أضحوا على إثره موريسكيين ضاقت بهم رحاب أرضهم وانسدت آفاق العيش فيها. فبدأ عهد تاريخي جديد تخللته عقود طويلة ومضنية من التنصير القسري والإدماج القهري وسياسات النهب والتهجير الجماعي، إجراءات كانت تمهيدا لقرار الطرد النهائي. لقد تم استصدار قوانين ومراسيم الطرد والتهجير في فترة ما بين 1609 ـ 1614 تحت ضغوط من رجال الدين وإذعانا لأرباب السياسية، وفي وقت كانت العائلة الحاكمة في إسبانيا تتخبط في دياجير سياسية ودوامات اقتصادية ودينية. فرأى فيليب الثالث في قرار الطرد ذاك طوق نجاة وحلا لتلك الأزمات، خصوصا وأن الموريسكيين أصبحوا يشكلون في نظر الأغلبية تهديدا، بل وطابورا خامسا، مقاوما و "متآمرا مع الأتراك"، وآملا في تأسيس "جمهورية أندلسية" مستقلة بالمغرب، ورافضا لأي اندماج ديني واجتماعي، ومتصديا للإستيلاب الثقافي القائم آنذاك. فتحولت محنة الموريسكيين إلى قضية ظلت متاهاتها مرتبطة بما آلت إليه الأوضاع العامة المضعضعة والمربكة.
وكيفما كان الحال، فإن قرار الطرد لم يكن ليُتخذ ولا للقوانين أن تُستصدر، لولا التقارير التي دونها رجال الدين ولولا الإجراءات العسكرية التي سهر على تنفيذها رجال السياسة، ولولا النصوص التأريخية التي رافقت وبررت وجملت قرار الطرد ذاك ، حتى أضحى لديهم قرارا عادلا ومحقا رغم جوره وقسوته.
إن الوثائق الرسمية والتقارير الدينية ومحاضر التفتيش والنصوص المؤرخة لتلك الحقبة ولتاريخ الموريسكيين، بكل مواقفها وتوجهاتها، لشاهدة على ذلك، كما هي شاهدة تلك الكتابات الأندلسية الموريسكية التي أتت حينا تلقينية وتعليمية وحينا آخر هجينة أو منحولة، لكنها في كل الأحوال، كانت شهادة فذة على تجربة إنسانية عصيبة وتعبيرا من الداخل أو في المهجر على مواقف وسلوكيات جمعت بين الصراع والتوافق، بين العتاب والحنين وبين الفراق والحلم بالعودة.
من الضفة الجنوبية، غير النائية عن فضاءات وأزمنة تحيلنا إلى تاريخ وحياة وتراث الموريسكيين ارتأينا أن نحيي ذكرى طردهم من إسبانيا. وفي هذا السياق فإن كلا من معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية (وحدة البحث في الدراسات الموريسكية) ـ جامعة محمد الخامس أكدال ـ الرباط وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك (مختبر المغرب والعوالم الغربية: التاريخ والعلوم الإنسانية والاجتماعية) بالدارالبيضاء، ينظمان ندوة دولية متعددة التوجهات والاختصاصات هي موعد للمؤرخين والباحثين والمختصين في تاريخ وتراث الموريسكيين. ونحن في ذلك نتطلع إلى ضفاف أخرى، ونرحب برؤى وآراء مختلفة ونحتضن أفكارا وطروحات جديدة حول القضية الموريسكية، من كل جوانبها وفي كل أبعادها. وإننا لنطمح أن يكون هذا اللقاء العلمي فضاء مشعا بالأفكار ومميزا بالمراجعات وغنيا بالنقاشات ومثريا بالاقتراحات التي تبحر من جديد في التاريخ الموريسكي وفي النصوص المؤرخة له، وتسبر أغوار حياتهم الدينية وأوضاعهم الاقتصادية، وتحلل أسباب وممهدات ونتائج طردهم، وتسلك دروب تجربتهم في المهجر وفي بلدان لم تكن قد عرفت بدورها استقرارا في أوضاعها كما الحال في المغرب، وترصد مسالك بحثهم عن ذواتهم وهويتهم، وكيف لا، تقف عند نتاجهم الفكري والأدبي المكتوب بالعربية والإسبانية والأعجمية، وكذا عند تراثهم ذي الطابع الأندلسي والمتشكل في ميادين ومجالات عدة. إن التاريخ لا يعيد نفسه والماضي لا يغدو حاضرا وللتعايش بين الأمم ضوابطه وللحوار بين الشعوب ركائزه. وبعدما غابت عن كثير من صفحات التاريخ شموس ذلك التعايش وأفلت نجومه، أليس مصير ومستقبل الإنسانية مرتبطين بمدى قدرتنا وإصرارنا على تفعيله في الحاضر وليس فقط التغني به؟ لعلها الرسالة الحضارية من إعادة قراءتنا وكتابتنا للتاريخ، على أن لا تظل هذه القراءات والاستقراءات حبيسة أفكار جاهزة وأنماط تولد نفسها بنفسها، بل تتعداها إلى مواقف تنهل من الأخلاق وتتقوى بالعلم وتميل للتوازن والاتزان، "ولعلها كذلك رسالتنا وبغيتنا من هذا اللقاء العلمي"
وقد تمحورت الجلسات حول القضايا التالية: الجلسة الافتتاحية: الموريسكيون بين التاريخ والتأريخ: الحصيلة والآفاق، طرد الموريسكيين: الممهدات والنتائج، الموريسكيون في المهجر، التراث الثقافي والتقني الموريسكي، الجلسة الختامية: "الحوار بين الشعوب: عبر من الماضي واستشرافات مستقبلية".
وقد سطرت اللجنة العلمية للندوة الدولية الأهداف التالية:
- من الضفة الجنوبية غير النائية عن فضاءات وأزمنة تحيلنا إلى تاريخ وحياة وتراث الأندلسيين الموريسكيين نسعى إلى إحياء الذكرى المئوية الرابعة لطردهم وتهجيرهم من إسبانيا، متطلعين في ذلك إلى ضفاف أخرى ومرحبين برؤى وآراء مختلفة ومحتضنين أفكارا وطروحات جديدة حول القضية الموريسكية وأبعادها الحضارية والإنسانية.
- أن تكون هذه الندوة الدولية موعدا للمؤرخين والباحثين والمختصين في مجال الدراسات الموريسكية، وفضاء مشعا بالنقاشات وغنيا بالاقتراحات ومميزا بالمراجعات التي تبحر ومن جديد في التاريخ الموريسكي وفي النصوص المؤرخة للتجربة الموريسكية.
- سبر أغوار حياة الموريسكيين الدينية وأوضاعهم الاقتصادية وخصوصياتهم الثقافية، وتحليل أسباب وممهدات ونتائج طردهم، وسلوك دروب تجربتهم في بلدان المهجر كالمغرب، ورصد مسالك بحثهم عن ذواتهم وهويتهم. وكيف لا، الوقوف عند نتاجهم الفكري والأدبي المكتوب بالعربية والإسبانية والأعجمية، وكذا عند تراثهم ذي الطابع الأندلسي والمتشكل في ميادين ومجالات مختلفة.
- التطلع إلى قراءات واستقراءات لتاريخ الموريسكيين لا تكون حبيسة أفكار جاهزة وأنماط تولد نفسها بنفسها، بل تتعداها إلى وقفات تنهل من الأخلاق ومواقف تثبت بالعلم وترنو إلى التوازن والاتزان، ولعلها رسالتنا وبغيتنا من عقد هذا المؤتمر.
- وضع المأساة والقضية الموريسكية بين الأمس واليوم وإتاحة المجال للتساؤل: بعدما غابت عن كثير من صفحات التاريخ شموس التعايش بين الشعوب وأفلت نجومه، أليس حاضر ومستقبل الإنسانية مرتبطين بمدى قدرتنا وإصرارنا على عودة الضياء وليس فقط التغني بحوار الحضارات؟
- تحفيز وتشجيع البحث العلمي في مجال الدراسات الأندلسية الموريسكية في المغرب.
أنشطة موازية
- التعريف بوحدة البحث في الدراسات الموريسكية (معهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية) وتقديم "حكايات موريسكية بلغة إسبانية معاصرة"، مقتبسة من المخطوط الأعجمي لكتاب السمرقندي.
- تقديم مختبر المغرب والعوالم الغربية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك ـ الدارالبيضاء
- معرض للمخطوطات الأندلسية
- حفلات موسيقية
وتكونت اللجنة العلمية من الباحثين والأساتذة:
- فاتحة بنلباه، معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية، الرباط
- عبد المجيد القدوري، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء
- فدوى الهزيتي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، الدارالبيضاء، وحدة البحث في الدراسات الموريسكية، معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية
- أشواق شلخة، وحدة البحث في الدراسات الموريسكية، معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية
- ليلى مزيان، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء
- محمد جادور، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء.