قبل يومين، تسلّم السيد عيسى مأمونة طرداً من طبيب في بنغالور، ومأمونة هذا ليس اسم أمه ولا اسم قرية تحاذي نهراً، هو اسم أبيه مثلما مكتوب في شهادة الجنسية، ولأني راوٍ عليم حسب ما يقول أي ناقد غير موهوب فرغ للتو من قراءة كتاب الأساليب السردية لريچارد مار، فأنا قادر على تلفيق أي عذر لاسمه هذا، لكني لن أفعل. محتوى الطرد ترجمه دليل دكاترة ومستشفيات هندية عراقي: سيتمكن حفيدكم المبارك من الصلاة مكتوف الذراعين هذه السنة. توصلت إلى قناعة كاملة بعد التشاور مع أطباء الفرع الأم لمستشفانا في لندن، إلى أن إزالة الوريد الأورطي المفتول بأكياس دهنية حول الفقرة القطنية سيكون كفيلاً باستعادة مذهب العائلة، كما ونود طمأنتكم بأن حالة حفيدكم لم تعد غريبة، ففي هذا العام أجرينا سبع عمليات لأطفال حديثي الولادة ولدوا سنّة من أم وأب شيعيين، والعكس بالعكس، كلهم تعافوا بنسبة ٢٠٪ ويواظبون الآن على ملازمة مدربين أكفاء لتقويمهم بعد الجراحة وإرجاعهم لملّة الأبوين، لدينا مركز بالغ التطور مجهز بألعاب خاصة صديقة للبيئة مهمتها تدريب المعاقين على التأقلم مع مذاهبهم الأصلية، عندنا عضّاضات من البوليمر وألعاب ومجسمات صغيرة بمقدسات المذهب ستجنبكم الحرج إذا ما خشيتم من إهانة أطفالكم لها أمام أقاربكم ونظرائكم في المذهب، هناك أيضاً قفازات واقية من المقدسات التي تظهر فجأة، وعقاقير فعالة فيما لو تلبست طفلكم صرعة المقدس الضاري، وهي حالة مفزعة يستخدم فيها الطفل مقدسه كأداة لقتل طفل آخر ويتسارع لديه الإحساس بكونه من أصحاب المقدسات وقد كان لا يعبأ بها، لقد صممنا برنامجاً خالصاً لتأهيل الأبوين المنكوبين بوليد مغاير لهما مذهبياً ليتجنبوا إنجاب طفل شاذ آخر، رغم أن المسألة حسب أوثق الأوراق العلمية هي خلل في الجين التكتوني، لكننا نلقي بعض البال لنظريات ترى أن هذا التشوه يحدث فيما لو تضاجع الوالدان بأنماط غير سويّة واظهر أحدهما رغبة في السيطرة. كما ندعوكم إلى الانضمام لجمعية (أنا أحب ولدي المولود على غير ملتي) وفيها ستتعرفون على آباء من أديان ومذاهب وقوميات مختلفة، يسود ملتقياتهم الوئام والمحبة ويتبادلون هموم تربية طفل معاق، وقد يحدث كثيراً أن يلجأ الأب إلى أب آخر ويهمل الطبيب، إذا ما لاحظ سلوكاً يلفت الأنظار أبداه طفله، لأن الأب الآخر المتمذهب بمذهب وليدكم سيكون صديقاً ومستشارًا حميماً بلا شك. محبتنا وإخلاصنا. هل انتهت رسالة الطبيب ؟، كراوٍ عليم أظن ذلك، وأؤكد لكم؛ أن لا خطأ في الترجمة، بصراحة؛ كل الرواة العليمين ماتوا وشبعوا موتاً وتحولوا إلى نفط أسود، وقد يقضي بعضهم الآن عطلته الأبدية داخل خزان وقود طيارة مخطوفة، إنما أسخر ممن يظن بأنهم ما زالوا أحياء.