هذه الحارة حيث يستضيفنا الشاعر العراقي، هي أبعد ما تكون ممرا عاديا بقدر ما تؤشر على لحظة إنسانية مفعمة بالحب ويتقاطع فيها الإحساس بالانتماء والهوية الى الوطن، حيث تصبح دمشق حضنا للحظات حياتية تجعل من الشاعر شاهدا على بعض تفاصيلها.

زفير حارة دمشقيّة

عبد الله سرمد الجميل

عطرُكِ ،

زفيرُ حارةٍ دمشقيّةٍ ،

تفرشُ الأفلاكَ أباريقَ مهمشّمةً وقناديلَ فاترةً ،

ومن حوضٍ في بيتٍ شرقيٍّ ،

تخرجينَ مثلَ موجةِ حبٍّ تزخرفُها فراشاتُ الياسمينِ،

وإذْ أدنو،

تتشتّتُ لغتي في أحلامِ عينيكِ،

وتتعرّى دفاتري في أحضانِكِ،

الحبُّ،

أن نجلسَ أنا وأنتِ تحتَ سقفِ غرفتِنا المتكسّر،

ونبوحَ للمطرِ في ليلةٍ شتويّةٍ ،

ونغطّيَ شقوقَ الجدرانِ بصورِ زفافِنا،

أحفرُ اسمَكِ في أبوابِ المدينةِ فتمسي أبوابَ حبٍّ،

أحفرُ اسمَكِ في الأسلحةِ الكاتمةِ الصوتَ

وأصغي إلى تاريخِ القتلِ الصادقِ،

أحفرُ اسمَكِ في شفاهي

وأغرقُ في صدى أحرفِكِ المرحةِ،

 

وكنْتُ أسألُ:

هل تتسعُ غرفتي، بيتي، مدينتي لكلِّ هذا الحبِّ ؟

سلاماً على امرأةٍ تستيقظُ في زمنِ السلاسلِ والبرابرةِ وتتسلّقُ الفضاءَ ،

سلاماً على امرأةٍ تنسيكَ الوطنَ ،

سلاماً على امرأةٍ تعبرُ أجسادَ الظلامِ بخطوةٍ من أمل ،

سلاماً على امرأةٍ عنقُها مطارٌ إلى مدنِ النسيانِ ،

ذراعاها سفينتانِ

تجرّانِ الليلَ وساحلانِ لأشرعتي المتكسّرةِ ،

شَعْرُها سَعَةُ اللغةِ ،

نهداها منديلا جمرٍ

أو عاشقانِ تحتَ المطرِ

بلا مظلّةٍ

أو خيمةٌ ومكتبةٌ ،

ثمّ أصمتُ ،

أصمتُ ليسَ لأني أخافُ الكلام ،

ليسَ لأنّ الكلامَ حرام ،

أصمتُ لأنّي لا أعرفُ شيئاً ،

لأن صمتي

ألذُّ من كلامٍ يُعاد ،

 

شاعر من العراق، طالب في كلية الطب، صدر له ديوان : قرابين القلعة العائمة