ضمن ملفات (الكلمة) التي تتقصى راهن المشهد الأدبي، يقدم هنا مراسلنا في المغرب ملفا عن رهانات التحول في القصة القصيرة المغربية بعدما قدم ملفا ضافيا عن حاضر القصيدة المغربية

راهن القصة القصيرة بالمغرب: رهانات التحول

عبدالحق ميفراني

نقدم في هذا الملف جزءا من أسئلة راهن القصة القصيرة بالمغرب، سعيا لتكوين رؤية تمكننا من تلمس أهم سمات هذا الحراك القصصي الذي عرفه ويعرفه المغرب السردي السنوات الأخيرة. فإضافة لمنجز النصوص، وللإطارات التي تشكلت، ولمجموعة من البحوث والأطاريح الأكاديمية منها والنقدية. عرفت القصة القصيرة حضورا لافتا سواء في الندوات أوالمنتديات المنظمة مما أفرز لنا خطابا "جديدا" انطلق ببيانات تلتها بيانات مضادة، وانتهى بإصدار أول مجلة مغربية متخصصة في القصة القصيرة، مجلة قاف صاد التي تصدرها مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب.

وثمة حدث مفارق في تاريخ المشهد الثقافي بالمغرب، فحين رفض القاص المغربي أحمد بوزفور جائزة المغرب للكتاب، تحول "القاص" المغربي الى مثقف مناهض على طريقته، بحكم أن لأحمد بوزفور وضع اعتباري ومجازي، أهله أن يكون مرجعا مهما لجيل من شباب كتاب القصة بالمغرب، ثانيا احتضان الرجل للعديد منهم بل يشكل كتابه "الزرافة المشتعلة" أول إصدار نقدي حاول الاقتراب من المشهد القصصي الجديد بالمغرب. إن هذه الدينامية اللافتة للانتباه تزيد من تعميق سؤالنا حول مفارقات هذا الحضور القوي للقصة القصيرة اليوم، هي التي عانت من إجحاف النقد المغربي، ومن "فحولة الرواية الطاغية".

نحاول اليوم من خلال هذا الملف الذي تقدمه الكلمة، الإنصات أولا لدينامية هذا المشهد بتجرد من أحكام مسبقة، الأفق يظل الاقتراب أكثر من هذه الرؤى المتحكمة في بلورة هذا القصة القصيرة "المغربية". وحين نعيد تمثل هذا المشهد القصصي اليوم، تستوقفنا هذه الدينامية الملحوظة على مستوى التراكم النصي، جعلت الدرس النقدي أمام تمرد جمالي معلن عبرت من خلاله هذه النصوص على وجهها المتعدد، مع ما رافق ذلك من إصدار لبيانات تنادي بالاختلاف، هذه الدينامية دفعت بالنقد القصصي الى مراجعة قناعاته وتصوراته النظرية التي ظل على الدوام يقارب بها هذه الشجرة التي تفرعت، بل هناك نصوصا بحثت لها عن تربة جديدة تحاول من خلالها هدم بناء مرجعي ظل متحكما في المنجز السردي عموما وفي مقولاته التي أفرزها.

لقد عرفت سنوات التسعينات من القرن الماضي إصدار كمي ملحوظ للمجاميع القصصية التي وصلت الى 149 عنوان، أما بدايات الألفية الثالثة <2000-2004> فقد حددت في 90 عنوان، هذا الجرد الصادر في الاجتهاد البيبلوغرافي للأستاذ محمد قاسمي يقدم صورة مصغرة على ارتفاع وثيرة هذا الحضور الأجناسي وإذا أضفنا ميلاد العديد من الإطارات الخاصة بالبحث في القصة القصيرة خلال هذه المرحلة «مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب ـ نادي الكوليزيوم القصصي ـ نادي الهامش القصصي ـ نادي القصة القصيرة» نكتشف هذا التأطير النقدي الموازي لممارسة نصية تحضر بقوة، ولعل العديد من الملتقيات والندوات التي يعرفها المشهد الثقافي في المغرب خلال السنة، كفيل برسم خصوصية هذا المشهد وتحولات الكتابة القصصية في المغرب. سؤال مشروع مادمنا نجابه بأشكال مستحدثة، لعل أهم مميزتها "التداخلات النصية" ولعل في امتصاص القصة لثقافات أخرى كفيل بإبراز تقنيات وظيفية جديدة. وثمة آلية تحكمت في الانتقال الى النص القصصي "الحديث" وهوما ينظر إليه من باب التحول كإحدى أهم محطات مفهوم التجريب والذي قعد له على مستويات متعددة من الممارسات النصية، تحول مس القصة ومكوناتها وشخوصها وبناءاتها، ولعل توسع النمط العجائبي والاستيهامي والغرائبي، توسيع عبره لمحورية الذات في تشكيلها العالم.

إننا اليوم حين نعيد تأمل راهن القصة القصيرة في الأدب المغربي، فإننا نروم إثارة الأسئلة التي تساهم في بلورة خطاب نقدي حقيقي، يساهم في جزء مهم في إعادة تحيين سؤال الكتابة القصصية بالمغرب. وقد وجهنا للأساتذة النقاد والقصاصين والمبدعين استبيانا من أسئلة رغبنا من خلالها فتح المجال واسعا لنقاش يحاول تقديم صورة أولية للمشهد، وهكذا قدمنا الملف بالأسئلة التالية:
* يؤكد الناقد "ويت بيرنيت": "لا أعتقد أنك تستطيع كتابة قصة قصيرة جيدة دون أن يكون في داخلك قصة جيدة"؟
* استعصاء القصة القصيرة على التنظير والتأطير، هل أدى الى التباس على مستوى التعريف؟
* كيف تقرؤون دينامية القصة القصيرة اليوم بالمغرب، هل هوصدى مجازي لأزمة؟
* بدأنا نمس حركة نقدية في الوسط الثقافي بالمغرب تهتم بالقصة، الى أي حد استطاع الخطاب النقدي تمثل أهم إشكالات هذا الجنس الأدبي؟
* هل يمكن أن تحددون لنا سمات الكتابة القصصية بالمغرب؟
* أثمة حساسية جديدة اليوم في المشهد القصصي بالمغرب؟
* لماذا تكتب القصة؟ وما هوتعريفك لهذا الجنس؟