بعد أكثر من 40 عاما على رحيله يلقي كتاب جديد الضوء على أبوالسعود الإبياري (1911-1969) أحد رواد تأليف الأغاني والسيناريو في فترة انتعاش فن الكوميديا في المسرح والسينما في مصر والذي أطلق عليه البعض لقب "موليير الشرق". والإبياري صاحب بصمة في الأغاني الشعبية ومنها (البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي) لرجاء عبده و(ياعوازل فلفلوا) لفريد الأطرش و(يا نجف بنور يا سيد العرسان) و(تاكسي الغرام) لعبدالعزيز محمود و(يا حسن يا خولي الجنينة) و(فستان الزفاف والطرحة) و(واحد اتنين) لشادية إضافة إلى استعراض (عنبر العقلاء) في فيلم (المليونير) الذي كتب له السيناريو وأنتجه أنور وجدي وقام ببطولته إسماعيل ياسين وكاميليا وأخرجه حلمي رفلة عام 1950 وقدم محاكاة ساخرة لكل من نابليون بونابرت والإمبراطور الروماني نيرون وعنترة بن شداد. ويرصد محمود قاسم - صاحب المؤلفات العديدة بمجال الفنون - في كتاب (أبوالسعود الإبياري) الصادر عن المهرجان القومي للسينما المصرية الإنتاج الغزير للفنان الراحل في الكتابة للسينما والمسرح. ويسرد كيف أن طريقه للنجاح لم يكن سهلا. ويحكي عن فشل التجربة الأولى في الكتابة للإبياري وأيضا مدى ما تمتع به من دأب ونشاط "لم يتسم به كاتب آخر في كل تاريخ السينما المصرية".
وجاء في الكتاب ان الإبياري كتب أول مسرحية عام 1933 بالاشتراك مع الممثل والمخرج أنور وجدي (1904-1955) وكان عنوانها (اوعى تتكلم) وإنهما قاما ببيعها بجنيهين اثنين لنجمة الاستعرض آنذاك بديعة مصابني صاحبة فرقة مسرحية تحمل اسمها وإن المسرحية لم تعرض إلا ليلة واحدة إذ "سقطت سقوطا شنيعا" حتى ان مؤلفيها اختفيا حوالي شهر من شارع عماد الدين قلب الحركة المسرحية في النصف الأول من القرن العشرين.
ويضيف أن الإبياري الذي لم ينل تعليما جامعيا وحصل على دبلوم (مدرسة الفنون والصنايع) المتوسطة صار نجما من أكثر كتاب السينما والمسرح غزارة إذ كون مع الممثل الكوميدي إسماعيل ياسين فرقة مسرحية عام 1954 وقدما خلال عشر سنوات 66 مسرحية كتبها الإبياري وقام ياسين ببطولتها. والدورة التاسعة عشرة للمهرجان القومي للسينما المصرية التي تحمل عنوان (أفلامنا.. مرآتنا) تقام عروضها حاليا في دار الأوبرا بالقاهرة وأصدرت كتبا عن خمسة مكرمين إضافة إلى كتاب (أبوالسعود الإبياري) الذي يقع في صدر 118 صفحة متوسطة القطع وصدر في سلسلة عنوانها (الخالدون). ولكن الإبياري الذي كتب أبرز الأفلام الكوميدية المصرية ومنها سلسلة (إسماعيل ياسين...) و(الزوجة 13) و(صغيرة على الحب) و(فاطمة وماريكا وراشيل) و(سكر هانم) كتب أيضا (قلبي دليلي) لأنور وجدي و(أنا وحدي) لهنري بركات و(ست البيت) لأحمد كامل مرسي و(انت حبيبي) ليوسف شاهين.
ويسجل الكتاب أن الإبياري -الذي بدأ مشواره عام 1942 حين كتب القصة والحوار لفيلم (لو كنت غني) الذي أخرجه بركات وقام ببطولته بشارة واكيم والممثل الشاب آنذاك يحيى شاهين- بدا حين "ظهر.. كالبلدوزر (الجرافة) في السينما الكوميدية. قوي. متدفق. غزير الإنتاج. موهوب". ويضيف أنه كتب نحو 25 مسرحية في سنة "بما يعني مسرحيتين في كل شهر بالإضافة إلى الأغنيات والأفلام". ويقول إن محمد عبدالوهاب أبدى تحفظا على كلمة "البوسطجية" في أغنية (البوسطجية اشتكوا) وطلب أن تستبدل به كلمة أخرى "موسيقية" ولكن لحن الأغنية جعلها تحظى بشهرة واسعة. والكتاب مزود بصور من بعض الأفلام التي كتب لها الإبياري السيناريو والحوار إضافة إلى صور شخصية للإبياري وصور لمقابلات صحفية قديمة معه. ويتنافس في المهرجان نحو 120 عملا -من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة وأفلام الرسوم المتحركة التي أنتجتها السينما المصرية عام 2014- على جوائز قيمتها 894 ألف جنيه مصري (نحو 114 ألف دولار) وستعلن الجوائز في حفل الختام الجمعة.