يرى الناشرون الدوليون المجتمعون في معرض فرانكفورت للكتاب، اكبر معارض الكتب في العالم، ان القراءة وسيلة لدمج اللاجئين المتدفقين الى المانيا في مجتمعهم الجديد، فاطلقوا لذلك عددا من المبادرات لتسهيل اطلاع الوافدين الجدد على النتاج الثقافي. وبات ممكنا للاجئين ان يدخلوا معرض فرانكفورت مجانا، خلال اليومين المخصصين للجمهور السبت والاحد، ونظمت جولات لهم على اجنحة المعرض.
واطلق منظمو المعرض مبادرة بالتعاون مع جمعية المكتبات الالمانية باسم "الكتب ترحب بكم". وتشارك في هذه المبادرة ستة الاف مكتبة تتوزع في مختلف مناطق البلاد، وهي تجمع التبرعات من زبائنها لتمويل توزيع الكتب المدرسية وكتب تعليم اللغة الالمانية وايضا الروايات على المهاجرين الوافدين حديثا.
وانشئت مراكز للقراءة بالقرب من بيوت الايواء التي يقطنها طالبو اللجوء. ويبدو ان هذه المبادرة لاقت ترحيبا مشجعا، بحسب الكسندر سكيبيس رئيس جميعة المكتبات. ويقول "هذه المبادرة يحركها اقتناعنا ان مجتمعا ديمقراطيا لا يمكن ان يكون من دون كتب". ويضيف "نريد ان نقدم مساهمة والإضافة، وان نتحمل مسؤولياتنا تجاه المجتمع، وذلك بجعل الكتب متاحة ليس كعنصر تثقيفي فقط، وانما كزاد فكري" يحتاج اليه الوافدون كما يحتاجون الى السكن والطعام.
وتستقبل المانيا حاليا الاف طالبي اللجوء يوميا، ويتوقع ان يتجاوز عددهم خلال العام الحالي 800 الف.
ويأمل سكيبيس الا يكون هذا المشروع موقتا بل ان يستمر على المدى الطويل، اذ ان تدفق اللاجئين السوريين لن ينحسر في المدى المنظور كما يبدو. ويعول الخبراء على الكتب للمساهمة في دمج المهاجرين في المجتمع، ولاسيما لكون فئات كبيرة منهم من مستويات ثقافية جيدة.
فبخلاف موجات الهجرة التي اتت من تركيا في الستينات من القرن العشرين وكان قوامها عمال ساهموا في تحقيق ما يعرف بالمعجزة الاقتصادية الالمانية، فان جزءا كبيرا من المهاجرين اليوم من ذوي المستويات الثقافية المرتفعة، على ما يقول ايمان مازييك رئيس المجلس المركزي لمسلمي المانيا. لذا، فان "مسار الدمج الجديد افضل بكثير، لان مؤهلات هؤلاء الاشخاص مختلفة"، وفقا لفاسيليوس فتينهاكيس المتخصص في علم النفس والتربية. ويقول "هؤلاء الاشخاص يريدون ان يرتقوا الى الاعلى، وهذا الامر يجعل المجتمع كله في حركة واستفادة".
وفيما تعلو اصوات مشككة بسياسة المستشارة انغيلا ميركل التي تفتح الابواب امام المهاجرين، يرى كثير من الخبراء ان هذه السياسة تعيد تجديد شباب المجتمع الالماني العجوز وانعاش حيويته. ويؤكد كثير من خبراء الاقتصاد ان هذه السياسة ستكون لها اثار ايجابية على اقتصاد المانيا على المدى الطويل. ومن القطاعات التي تأمل الاستفادة من وجود المهاجرين، قطاع النشر. لكن "ذلك لن يكون في المستقبل القريب" بحسب يورغن بوز مدير معرض فرانكفورت للكتاب الذي يرى ان المهم الآن هو استخدام الكتب لدمج المهاجرين. وافتتح المعرض الاربعاء، وهو كرس ايامه الاولى للمتخصصين، على ان يفتح ابوابه بعد ذلك في عطلة نهاية الاسبوع امام الجمهور، ويختتم الاحد.