تعرفت على احد ادعياء كل شيء ممن راحوا يتقولون بكل ما لا يخطر سوى ببال سيكوباتى مثير للرثاء وما اكثرهم. وبقيت انصت في عدم تصديق لمقدار الوقاحة وذلك القدر الفاحش من الرقاعة على المح بارقة من الرصانة فيما شارف الجنون، وصاحبنا غافل بالطبع والتطبع عن ضحالته وهو يجأر بالنضال في المنفى وقد قيض له فراغ غربة انتهازية انه معارض للنظام في بلاده. فقد بات كل لاجئ اقتصادي معارض يتسول اللجوء السياسي. وقد باتت تلك المعارضات تملأ عين الشمس وقد تواطأ أولئك المحتالون على التستر على بعضهم بعضا فصاروا نجوما تطل من فوق شاشات التلفاز وعلى صفحات المجلات الادبية وحتى الفكرية في غياب وتغييب المثقفين والمفكرين المناضلين الشرفاء والمحاسبة الشعبية، وإبعاد امثال هؤلاء في المنافي عن الجماهير، وقلة القراء وتفاقم استلاب الشباب افقارا او-و عزوف الاخيرين عن الاقتراب من امثال أولئك المتثاقفين. وكانت بعض المنظمات غير الحكومية واعضاؤها من مبعوثي المنظمات المشبوهة في أوروبا وامريكا قد راحت توهم معظم اؤلائك الادعياء بامتلاك مواهب لم يمتلكوها يوما الا بقدر ما راح مبعوثي تلك المنظمات المشبوهة ينشؤن قوائم باسماء اؤلئك الادعياء لكل شئ حتى ايقن الاخيرون بانهم عباقرة زمانهم.
بل راح هؤلاء، والبلاء الذي باتوا يمثلونه، يطرحون انفسهم رسلا للثقافة والفكر الجديد، ممثلا في مجلة ادبية او شهرية بما يملكون دون سواهم من قدرات المال السياسي، فيغوون كبار الكتاب والنقاد والشعراء واقدمهم ممن جوعتهم وضورتهم وروعتهم بيداء المعارضة الرأسمالية المالية والصهوينة القبلية والعالمية بالعمل مع اؤلئك الادعياء. فقد راح الاخيرون يضمنون لكبار الكتاب والنقاد والشعراء المذكورين نزاهة المجلات والمنابر التي راح اولئك الادعياء ينشئونها مؤكدين على نزاهتها وبعدها عن مال التمويل المشبوه بان لن يطال سمعة المجلة تلك شيء طالما كان احد هؤلاء الادعياء رئيس تحريرها.
وبقيت صامتة ولا اكاد اصدق الى كيف يمكن ان تبلغ الصفاقة باحدهم مبلغ ملأ به صاحبنا فضاء المكان بادعاءات لم تترك شيئا الا نالته ومسته بالتجريح والتشنيع. وفي اليوم التالي كتبت لأمثاله ما لم اقله وقتها. واهديت ذلك للإنسانة الجميلة العزيزة ورفيقة الدرب غزيرة العطاء فائضته بلا ضوضاء او من الاستاذة سعاد ابراهيم احمد التى لم املك رثائها في حينه مثلما لم ابك ابي الا بعد اشهر من وفاته. واقول لأولئك الافاكين غير المحتشمين:
1- من المفيد تذكر أن المعارضات-و معظمها بات في افضل حالاته معدلا جينيا- او-و تيسبت اطرافها من العزلة فى المنافى-والفرق بسيط بين المنافى في الاوطان مع العصف والمطاردة وقلة الوسائل والامكانات وانتشار الامية الابجدية الخ والمنافي المسافاتيه المكانية - فان كانت المعارضة تتمنى ذهاب الحكومة الى الجحيم فينبغي الا تفعل المعارضة أي معارضة- كما فعلت معظم المعارضة العراقية- وتفعل معظم المعارضة السورية ومعظم المعارضة السعودية وامثالها دون انتقاء او تفكير او تأمل أو تحليل عميق للاحداث جميعا- والا ذهبت الاوطان العربية الى الجحيم مع الحكومات التى تقف فى مواجهتها تلك المعارضات.
- لم يعد للمعارضين العرب من هم سوى أن يذهب الحكام الى الجحيم، هكذا بقدرة قادر او بقدرة المارينز الامريكان، او حتى جبهة النصرة او داعيش. ولا يهم أولئك المعارضين من قاعات وردهات فنادق الخمس بل السبع نجوم ومن فوق المقاعد الوثيرة وربما من وراء مقود سيارات فارهة مثلا ما اذا كان ذلك يعنى ان تذهب الأوطان العربية الى الجحيم مع هؤلاء الحكام.
-يلاحظ المتأمل بعمق كيف لم تعد معظم المعارضات تملك فعل شئ. فقد بات كل ما تقوى عليه معظم المعارضات المذكورة هو التمني او المزايدة على بعضها بالكلام محض الركض وراء الممولين والمشترين للذمم، ومطلة من فوق القنوات الفضائية. ولا يقرأ معظم اعضاء تلك المعارضات حتى صحف بلاده ناهيك عن صحف المنفى الذى يأويه. فالمعارضة مترفعة بالباطل. والمعارضون في المنفى يصعرون خدودهم تعاليا على خلق الله فى الاوطان البائسة التى خلفوها ورائهم، بذرائع ليس منها من النضال ما يذكر او ينسى. هذا وقد باتت كل علاقة معظم متثاقفي تلك المعارضات بالثقافة قراءة كتب مسروقة- ان قرؤوا. فلا يبذلوا من جهد عقلي- ولا يبذلون من مالهم-ما يثقفون به انفسهم. بل يجأر بعضهم بلا احتشام ان ليس عليه ان "جهد ذهنه" وكان له ذهن حتى يجهده.
2- فما بين مناضلين يهيئون انفسهم للبيع بأي ثمن كان، ومكافحين بالتلاسن لا يفعلون سوى التشدق بالكلمات من ناحية والمناضل الموتور مرارة واحباطا حتى الاصابة بالامراض النفسية من ناحية اخرى-ما بين هؤلاء وأولئك يثابر بعض مدعى النضال على تجويد مستقبلهم البورجوازى تزلما للخواجات كلما تيسر وكلما لم يتسير. وبالمقابل بات المناضل الذى يقبض على دينه كالقابض على الجمر يشارف الفصائل المنقرضة.
-و أقول ان امثالنا نحن ونردد تلك الرؤية المحزنة الباعثة على الخجل -كلما استضفنا عندما كنا نستضاف او-او كتبتنا نكرر بلا كلل ان مثالنا يدفع الثمن ما يبرح. وكنا قد دفعناه غاليا. ولا يبدل امثالنا مكانه بأي مكان كان بين المرتزقة وسماسرة ملاسنة السلطة القائمة ممن ذكر أعلاه. والعياذ بالله.
وأرجو ان أذّكر ذلك المتثاقف الارهابي الذى لا يقل جهادية او تكفيرية الجهاديين والتكفيريين العتاة –و ليكن ذلك واضحا حتى لا يختلط الامر وتتفاقم المرارة والاحباط- بإسقاط الغبن على الاخرين واعفاء الذات من كل مسئولية تاريخية والانخراط في توكيد الذات اقتصاديا-ارجو ان أذّكر ذلك المتثاقف الارهابي بان الفرق الكمي والمنهجي الكبير بين مفهومي الحضارة والثقافة يعبر عن نفسه فى ان:
ان الاولى تصدر عن التراكم الثقافى ممثل في شواهد حجرية ومعابد وغيرها. أما الثانية فهي اسلوب حياة يومى يستمدد Borrow مما ينهل منه الناس قيمهم ومعاييرهم وتمثلاتهم الجميع منه لغتهم وشعائرهم وطريقة تفكيرهم واساليب التعبير عن واقعهم ادبيا وفنيا، وتمييز الثقافة واللغة الشعوب عن بعضها وتتمأسس فوق الاخيرة هوية الشعوب سواء اقلياتية او قومية بغض النظر عن ايديووجيتهم او عقائدهم الدينية.
وقياسا فالإسلام والقومية العربية ثقافة واسلوب حياة. وهما بهذا الوصف ثقافة راقية بل قد لا يكون ثمة مثيل للثقافة الاسلامية. فهي ثقافة قائمة قبل معظم الاسلاميين وكافة الاسلامويين كما ان اللغة العربية هي ام اللغات واسبقها وهي شريان حياة، ومقدمة ومؤخرة ومنبع وسلسبيل الحضارة العربية. وفي ذلك لك ان تستدعى أهم ما قيل فى اللغة العربية بوصفها هي التي اعطت سلطة مهيبة تجاوزت بها الحضارة العربية هضبة الحجاز المدى مما بقي يثير حفيظة ما عداها من الثقافات منذ الصليبيات الباكرة حتى صليبية جورج ووكر بوش الابن حتى صليبية الصهيونية القبلية فالعالمية ويقول بيير روسي:
"إذا كانت الحضارة العربية قد امتدت في طرفة عين من البيرينيه إلى أرض السند، فلأنها لم تكن أبداً إقطاعة حفنة من آكلي اليرابيع الذين ارتقوا فجأة. وإذا كان الدين الإسلامي قد انتشر في قارات بكاملها، وإذا كانت اللغة العربية قد لقيت حظاً لم تعرفه أية لغة أخرى، وإذا كانت هي لغة اليهودية والمسيحية والإسلام؛ فلأن حضارة مهيبة قد أعطتها سلطة تجاوزت أبعاد هضبة الحجاز ... ولقد خضع لهذه السلطة اليونان ثم الرومان ومعهم الأتروسكيون قبل أن تنضم إليهم ممالك فيزيقوط الغرب وأمراء الهند" في كتابه باه مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب:1972: ص 34
.وقياسا فستبقى الثقافة الاسلامية بعد الاسلاميين بانواعهم منذ عبد الله ابن السوداء ومن لحقه من الجهاديين التكفيريين ومحاولاتهم لاختراق والنيل من الاسلام السنى دون سواه. فالاسلام ليس ملك الاسلاميين. بل ان دور الاخيرين التاريخي هو تشويه الاسلام. ولعلك تحاول ان تتأمل فتتذكر ان ليس لنا نحن جميعا وبغض النظر عن الثقافات الاقلياتية ليس لنا سوى الثقافة الاسلامية عاصما من الطوفان القائم والقادم لا محالة. ولن يحول بين معظمنا والموج الا من رحم واستعاذ بالاسلام ثقافة ليس ثمة ما يضاهيها لو اننا تأملناها جيدا وتعمقنا في اغوارها وتاريخها وتراثها الفكري وكنوزها الفلسفية غير المسبوقة.
ان الذي يحيق ببعض المثقفين الشرفاء انفسهم مما يشارف التبرؤ من حضرتهم ومن تاريخهم امام ما يهاجمهم من لعنات المغرضين والمتطاولين انما هو ليس سوى هزيمة امام من يتربصون بالعربية والاسلام وثقافتهما وحضارتهما الدوائر. واتسأل ما اذا كانت اللغة العربية والاسلام ظاهرتين لا تستحقان المهاجمة او انفاق كل هذا الجهد والمال من اجل النيل منهما، هل كان خصمنا ينفقون كل هذا الجهد والوقت في استهجانهما والنيل منهما وصولا الى القضاء عليهما؟ الا يرى العرب والمسلمون الى كيف نجحت اوربا الغربية وامريكا من بعدها فى النيل من حضارة وادي النيل الافريقية ولغاتها كاللغة النوبية مثلا- بتبييض تلك الحضارة حتى لا تكاد الحضارة الاسراتية الوادي نيليه تزيد عن الهكسوس في الاسرة الثامنة عشر وعن البطالمة –سلالة المقدونيين والبطالمة- في الاسرة الواحدة والثلاثين مما باتت معه اليزابيث تيلور وريتشارد بيرتون هم الحضارة الفرعونية ؟
3-و رغم ان النوبيين عانوا فقدان لغتهم لانهم لم يكتبوها الا حديثا، وهذه مسئولية كبيرة ينبغي تأملها وعمل شئ لتكريسها فلا يكفى التآسى وحده الا ان النوبين يبقون مسلمين رغم الضغينة على الثقافة الاسلامية وكأنها مسئولة وحدها عما يحيق بالثقافات الاخرى ولغاتها. ان هذا يبقى دائما عمل نوبية ولكنى سودانية يهمنى تاريخ السودان القديم العظيم بمحاولة الكتابة فى تاريخ تلك الحضارة كونها حضارة وادى نيلية سودانية. ولعل كثيرين لا يعلمون رسالتي لنيل الدكتوراه كانت حول الفراعنة والفراعنة الجدد وازعم فيها ان الحضارة الوادي نيلية الاسراتية حضارة افريقية جنوبية اى نوبية. لذلك لم تنشر رغم ان الممتحن اوصى بان تنشرها مطبعة جامعة ويلز.
4-هذا واجتهد في التعريف بمفهوم الاسلام السودانى كما يكون البعض قد قرأ في الورقتين بالعربية والانجليزية المنشورتين في موسوعة السودان وافريقيا في مدونات رحالة الشرق والغرب-دورة ابن حوقل-2006-اصدار مركز الادب الرحالى -دار السويدى الذى كنت قد أهديت بعضهم نسخة منه.
4-و اكتب في الثقافة والفلسفة الاسلامية ما قد ينشر قريبا حول مدارس الفكر العربية الاسلامية واقارنها بنظائر غربية في محاولة متوحدة تمام وقد نشرت الاخيرة ورقياElectronically على موقعي بعنوان المعتزلة والمعتزلة الجدد ونشرت الطبعة الاولي دار الكنوز الادبية ورقيا بدمشق ولبنان: 2013 من حوالي 700 صفحة من الحجم المتوسط بعنوان سجال في صحراء قاحلة: مختصر تاريخ كل شئ تقريبا وتنشر الطبعة الثانية ورقيا في 2015 بعنوان الاقتصاد السياسي لخلق الانجيل والقران : مختصر كل شئ تقريبا. وقد انتحل نوري الجراح هذا البحث ونشره بالفارسية فى طهران كما انتحل اعمالا اخرى ارسلتها له بوصفه ناشر لدى دار السويدي للنشر والتوزيع بابي ظبي الامارات العربية المتحدة
-و للمعلومية ان كتبي لا تدخل السعودية وبعض الدول الاخرى جراء ما اقول وما انا عليه من موقف ازاء قضايا بعنيها ناهيك عن ان يسمح لى بدخول تلك الدول الا ربما مرورا- ترانزيت وحسب. وأن ذلك من شأنه ان يفرق بين المثقفين والمتثاقفين كما تعلمون. فما بين من يتردد على عتبات ومن يطرق ابواب الحكام ويدخل البلاد ضيفا على حكومات البطش والاستبداد بالناس والافكار، ومن بقى بلده ممنوع عليه سنين فقد كانت أول مرة عدت فيها الى بلدي بعد 28 عاما من مغادرتها، وكان ذلك بان تحينت الفرصة بوقوع انقلاب الدكتور الترابى على السيد عمر البشير.
ب- لذا انشر كتبي احيانا كثيرة بمالي الخاص وقد نشرت الكتاب الاخير ذكوة وكتاب ابى محمد صفوت رحمة الله عليه وهو مجموعة قصص مترجمة بعنوان "من القصص اليوغسلافى". وان تقرأ تلك القصص فكأنك تعيش ايام اجتياح البلقان وبخاصة البوسنة والهرسك وكأنها يوميات اجتياح العراق ونحن ما برحنا لا نتعلم. ونشرت كتاب اخى عبد العزيز صفوت وعنوانه "حنث اليمين" وهو كتاب قانوني الفه وتوفى قبل ان ينشره فنشرته بمناسية مرور 10 سنوات على وفاته. وقد نشرت الكتب الثلاث على نفقتى انا بدار قاسم نور.
6- وكنت قد قضيت فى بحث كتاب الصوفية والاحزاب الحديثة-اكثر من40 عاما فى وقت كنت اتعين على بحوث اخرى نشرت قبل صدور ذلك الكتاب. وحيث كان اساس كتاب الصوفية بحث لنيل درجة فوق الجامعية فقد بقيت ارهف مفهومات البحث وفرضياته على مر السنين.
7- ترى كم انفق من العمر فى تأمل احوال العالم بغاية فهم ما يجري بالسودان العجيب الغريب مما يشارف التصوف طلبا للعلم في شأن السودان والمنطقة العربية؟ واوقن انه على الباحث ان يلم بما يحدث فى العالم من من اجل فهم ما يحيق ببلده. ازعم ان محصلة ذلك التأمل والبحث حرية بان تفحم كل من تسول له نفسه التواقح على امثالنا الا اذا كان متسطحا تبسيطيا لا يملك القدرة على فهم ما يقوله امثالنا ناهيك عن ادراك ما يقال.
- فلا يتواقحن احد عليّ بالتطاول على فكري وقولي مهما كان، الا بقدر ما يبذل من جهد فى البحث والتأمل المماثلين في امور العالم، ففي منطقتنا العربية وسواها. فلا اتعين انا على شأن السودان الحديث وحسب انما والى ذلك في امور السودان منذ ما قبل العصر الاسراتى الى ما يسمى بالجماعات الرمزية التى كانت تتاجر على ضفاف النهر قبل هبوط مينا بوادي النيل من القرن الافريقي حيث يرعد السحاب ولا يمطر. هذا ولا اسوق البحث في السودان في فراغ الكون وانما في سياقات متعامدة متقابلة متراكبة ليس اقلها التاريخ الغربي المتكاذب. وسترى ان قرأت ما اكتب بلا غرض او تحيز مسبق ضد المكتوب As much as humanly possible ان ذلك صحيحا بقدر ما هو ممكن انسانيا.