خصّت مجلة "Le point" الفرنسية ملفا عن الرحلة في تاريخ الثقافة العالمية، الملف كان محكما ومهما من حيث النصوص التي تم انتقاؤها باعتبارها نصوصا طبعت تاريخ الرحلة في الأدب الكوني، إنها نصوص تحيل "على هذه الأسفار التي غيرت العالم"(2)، بدءا من هيرودوت (القرن الخامس قبل الميلاد) مرورا بالإسكندر الكبير (356- 323 قبل الميلاد)، وزان كيانغZhang Qin (القرن الثاني قبل ميلاد المسيح) وابن فضلان (القرن العاشر الميلادي) وإيريك لوروج Le rouge (القرن العاشر)، والأب جان في القرون الوسطى، ثم ماركو بولو(1254- 1324)، ومحمد ابن بطوطة (1304- 1368)، وكريسطوف كولومب(1451- 1506)، والكسندرا دفيد-نيل، وبوغانفيل، وليفنغستون، وشَارْكُو وغيرهم من الرحالة العالمين.
ولعل ما يثير الانتباه في هذا العدد هو الإشارة إلى الرحلة العربية، في شخصي كل من ابن بطوطة وابن فضلان، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أهمية الرحلة العربية في تاريخ الأدب الكوني والثقافة العالمية، فالرحلة العربية، وتحديدا رحلتي كل من ابن بطوطة وابن فضلان يدخلان ضمن النصوص التي غيرت وجه العالم وتركت بصمتهما في صيرورة تاريخ الأسفار العالمية(3). وهذا اعتراف بأهمية الرحلة العربية في صيرورة التاريخ الكوني ودعوة ضمنية ليبحث العرب في تاريخ الرحلة العربية عن أسرار ثقافية ثاوية في نصوص الرحلة العربية الكلاسيكية والحديثة على حد سواء ما زالت تنظر الحفر عنها.
يعتبر، في هذا الإطار، كتاب "الرحلة في الأدب العربي" للأستاذ شعيب حليفي من أهم المشاريع النقدية العربية التي نظرت لجنس الرحلة في تاريخ الأدب العربي، إنه أولا وقبل كل شيء حفريات في تاريخية هذا المفهوم وصيرورته في تاريخ الثقافة العربية. وفي المزاوجة بين الحفريات والتأريخ في رصد مفهوم/ جنس الرحلة في تاريخ الثقافة العربية طرح مسألة المزاوجة بين التحليل السانكروني synchronique والدياكروني diachronique(التعاقبي)، إذ أن شعيب حليفي يحفر في أصول ونشأة بنية جنس الرحلة للقبض على مكوناتها البنيوية في صيرورة النسق الثقافي العربي. لكن أهمية هذا الكتاب تكمن في كونه مشروعا ثقافيا يمنحنا عدة مداخل نظرية لرصد صيرورة هذا الجنس الأدبي في صيرورة الثقافة العربية. فهو، أولا وقبل أن يفكر في جنس الرحلة في صيرورة الثقافة العربية، يفكر من داخل النسق الثقافي العربي للبحث عن التربة الثقافية التي نشأ فيها وترعرع جنس الرحلة الأدبية.
أولا المستوى التعاقبي الدياكروني: ويتجلى في مسألة التحقيب التاريخي لجنس الرحلة العربية والمراحل التي قطعها في صيرورة الثقافة العربية، وهو تحقيب يتمفصل إلى ثلاث مراحل:
-المرحلة الأولى، تشكل بداية التأريخ للرحلات العربية، "يمكن اعتبار القرن التاسع الميلادي-حسب ماهو متوفر الآن –بداية التأريخ للرحلات العربية المكتوبة مع اتساع دائرة التأليف في التصنيف وفي الرسائل المتصلة بالمسالك والممالك وغير ذلك، فتعددت الكتابات الرحلية في مجالات ارتبطت بتخصصات مؤلفيها في التاريخ والجغرافيا والأدب والخدمات السفارية وفي فروع أخرى مع أسماء واضحة وأخرى ملتبسة ما زال الغموض يكتنفها سواء في شخصيتها أو في رحلتهاّ.ص6)(4). ستسمر هذه المرحلة في أدب الرحلة العربية إلى "حدود القرن الثامن عشر أو قبله بقليل، بما تضمنته من مستويات ونصوص متنوعة، ذات منحى تاريخي وجغرافي وإثنوغرافي، وما صاحب ذلك من آثار ذاتية ملفتة للنظرّ.
-المرحلة الثانية: مرحلة "تشكلت في اتصال مع المرحلة السابقة خلال القرنين الأخيرين، لكن بخصوصية أخرى، وفي ظروف رحلية سفارية أساسا وأخرى زيارية"(ص 7).
قد يتساءل متساءل ولكن هذا التحقيب، يتناسى "الرحلة" وتجلياتها في صيرورة الزمن الثقافي العربي، قبل الإسلام وما بعده، لكن شعيب حليفي، وكما سلف الذكر يحفر في نشأة جنس الرحلة وتكونه من داخل نسق الثقافة العربية عبر آليات التجنس وآليات الكتابة وخطاب المتخيل. وهذه المكونات الثلاثة تؤثث البعد السانكروني الذي يبحث في بنية جنس الرحلة في صيرورة النسق الثقافي العربي، ضمن هذا التعالق الجدلي والجمالي والتاريخي القائم بين البنية والتاريخ في تحولاتهما. ومن ثم يكتب شعيب حليفي قائلا: "إن أسئلة النص الرحلي حينما يطرحها ناقد أدبي لا يتوخى منها التقييمات ومحاكمة النوايا والتخيلات، وإنما يندمج في تحليل البناءات الخطابية في امتداداتها الأفقية والعمودية، سواء مع أسئلة المرحلة الثقافية والسياسية، أو الأسئلة الجديدة التي تحتوي على نباهة فريدة من مثل أسئلة الغيرية والهوية والمحمولات الثقافية والأيدلوجية في النص الرحلي، ثم بلاغة الوصفي وقدرته على التعجيب والتقييم الضمني والتكيف."(ص10) حاصل القول نحن أمام مشروع نقدي مهم يرسم حفريات معرفية في التعالق القائم بين النص(الرحلة) والنسق الثقافي في صيرورتهما.
1 - حفريات في الأصول
إذا ما أردنا أن نؤرخ لجنس الرحلة في تاريخ الأدب العربي، لابد وان ننطلق من الأصول، التي تجد منابعها الأولى في هذا التحول من الشفوي إلى المكتوب في الثقافة العربية. يبدأ شعيب حليفي حفرياته قائلا: "يشكل السرد العربي صورة جلية لنمو الأشكال الشفوية المتحولة إلى نص مكتوب ينوجد في حقول شتى وسط كتب الأدب المتنوعة، ومؤلفات التراجم والسير والطبقات، ونصوص المقامات والأخبار، وكل التقييدات المحسوبة على التاريخ والجغرافيا الو صفية والرحلات، وأيضا في مؤلفات الفقه وعلم الحديث وعلم الكلام. ذلك أن عملية الانتقال من الشفوي إلى المكتوب سجلت بصمات أساسية في رسم تحول استراتيجي لبناءات مشتّتة تحت معطف الشعر الدافئ وأشكال صغرى لتأريخ الزمن، وبعض أحداثه ضمن النسق المكتوب، فدراسة تشكل الآداب تنتمي إلى التاريخّ(ص20).
الانتقال من الشفوي إلى الكتابي يجعلنا نفكر في جنس الرحلة العربية من داخل الذاكرة السردية العربية، نحن أمام بدايات تبلور الزمن الثقافي السردي العربي، ففي "سياق التحولات التي قادت السرد العربي للانتقال من الشفاهية إلى المكتوب من الشفاهية على المكتوب، كانت هناك عوامل مجددة ساهمت في بناء نسق ثقافي مؤطر دينيا بظهور القرآن والإعجاز البلاغي، والقصص القرآني، وما أفرزته المرحلة، في ارتباطها بأيام العرب الجاهلية، من انفتاح مجموعة من الرواة المفسرين على سرد ما جاء في القرآن وذكر المغازي، وسير الرسول صلى الله عليه وسلم وسير الأنبياء والأولين، بالإضافة إلى كتب شروح الشعر المختلفة والمثال والتراجم والطبقات، والتاريخ والبلدان، ومهام الرواة في استعادة حكي الأيام".(ص21).
لكن كيف تمت هذه التحولات ليتبلور هذا الزمن الثقافي السردي العربي؟ الجواب يقتضي مرة أخرى استحضار صيرورة النسق الثقافي العربي، ودائما في إطار صيرورة الانتقال من الشفهي إلى الكتابي، في علاقته بالإسلام، ذلك أن هذه البنية الدينية، يضيف شعيب حليفي، "المؤطرة بأهداف مرسومة ستعرف اتساعا ببروز أشكال محايثة تضفي التنوع على النسق الثقافي الذي يحضر فيه السرد جليا، بحيث اتسعت الدائرة، لتشمل سير الملوك الأوائل والحروب، وأيضا أدب المسامرات، والعودة إلى تقييد تواريخ حول بدء الخلق والخليقة، ونشوء الإنسان وسط صراعه الذي لا ينتهي".(ص22) في هذا الإطار يقف شعيب حليفي عند الخيط الرفيع الذي يتجلى من خلاله هذا التحول من الشفهي إلى المكتوب المبني على التداخل بين ما هو أدبي وتاريخي، ذلك أن "التداخل بين ما هو أدبي وتاريخي أتاح للسرد أن ينمو وينتظم داخل نسق مأهول بتفاعلات وبآثار شتى.ويمكن ملاحظة هذه المسألة بجلاء في شكليين بارزين هيمنا طويلا وهما: المؤلفات التاريخية، والمؤلفات ذات المادة الأدبية المتنوعة، من أجل فهم عملية تفاعل البناءات داخل النص".(ص23).
نصل الآن إلى الجوهري في هذا التعالق العميق بين تشكل الزمن الثقافي السردي العربي وجنس الرحلة في الذاكرة السردية، يميز شعيب حليفي بين شكلين سرديين هيمنا على الزمن الثقافي السردي العربي، هما: المؤلفات التاريخية والمؤلفات ذات المادة المتنوعة، ومن داخل هذا التبنين الثقافي للزمن الثقافي السردي العربي، "ترعرع السرد الحكائي العربي في بيئة ثقافية انفتحت على أشكال متنوعة تفصح عن تجدر الحكي والخبر في الأدب العربي، ابتدأت بالمغازي التي تمثل أولى أشكال الإبداع الشعبي، منذ بداية عهد الثقافة الإسلامية على أيدي ابن اسحق والواقدي وغيرهما، وقصص الأنبياء وأخبار الأولين والسير. ثم تطورت مع الحكايات والمقامات والرحلات .. وهي نصوص يتقاطع فيها المرئي المشاهد بالمسموع والمختلق والخيالي. وكل هذا ينصهر ضمن موروث ثقافي ديني وحضاري عام."(ص34) ومن صلب هذا الترعرع ظهرت مهيمنات سردية كالسير والليالي والمقامات والرحلات، وهذه الأخيرة ترد في الأدب العربي في شكلين خالصين، إذ أنها توظف كعنصر "مدعم للحكي، وحافز له، رغم أنه يجيء رابطا في لحظة معينة من السرد للانتقال، ورفع حرارة التشويق وإنقاذ الحكاية من الاختناق"(ص34).
2-الرحلة وسؤال التجنس في صيرورة النسق الثقافي العربي:
كان ما سلف ذكره حفريات في الجذور الثقافية والتاريخية للزمن الثقافي السردي العربي، للكشف عن التربة التاريخية التي انبثق من داخلها جنس الرحلة في الأدب العربي، لتتضح بدلك معالم التحليل السانكروني والدياكروني التعاقبي في حفريات شعيب حليفي، فهو يحفر في بنية جنس الرحلة في صيرورة النسق الثقافي العربي. سبق القول أن الباحث يعتبر القرن التاسع بمثابة الانطلاقة الحقيقية لجنس الرحلة في تاريخ الأدب العربي، إلا انه وفي إطار ربط الماقبل بالمابعد يميز بين ثلاث لحظات/ مراحل في صيرورة جنس الرحلة والزمن الثقافي السردي العربي، نكتفي بإيراد التصورات العامة التي يطرحها شعيب حليفي على كل لحظة-مرحلة:
-اللحظة-المرحلة الأولى: وهي"اللحظة التي تجلت فيها الرحلة الفعلية وقد استدعتها الظروف والحاجة دون اللجوء إلى التدوين أو إيداع التجربة في قالب "حكائي"، لكن الأكيد أن الفترة التي سبقت الإسلام عرفت رحلات متعددة فرضها طابع الحياة المجتمعية المعتمدة على التنقل بين أمكنة متعددة بحثا عن الكلأ والماء".
-اللحظة-المرحلة الثانية: وهي الرحلة في العصر الإسلامي، وعن هذه المرحلة يكتب شعيب حليفي قائلا: "اتخذ النص الرحلي في العصر الإسلامي حركة أخرى مميزة على مستوى الانتقال من الشفوي إلى التدوين، حيث جسد القرآن الكريم مجموعة من الرحلات التاريخية المستعادة، وسجلها تحت اسم القصص القرآني، إضافة إلى نوع آخر متزامن تجسد في الواقع، وهو رحلات الرسول صلى الله عليه وسلم، مما ألهم العديد من الباحثين إلى ربط الرحلة بالدين". ويضيف الباحث قائلا: "وينسحب هذا النوع من الرحلات المستعادة على النصوص الرحلية المدونة ضمن كتب الإخباريين المعروفة بأيام العرب باستعادتها من الزمن الماضي عن طريق الرواية والإسناد بتضارب متفاوت حول بعض التفاصيل الجزئية".
اللحظة الثالثة: هي لحظة تشكلت من "تراث اللحظتين المتفاعلتين، والانفتاح على أشكال أخرى للتعبير السردي بمظاهر أخرى جديدة للتعبير السردي على مستوى البناء أو صيغة عرض الأحداث". هذا فيما يتعلق بالبعد الدياكروني التعاقبي للرحلة . لكن ماذا عن التنظير لجنس الرحلة في إطار هذه الصيرورة التعاقبية؟
الجواب هو أن لا القدماء ولا المحدثون حاولوا التفكير من داخل بنية جنس الرحلة باعتباره جنسا أدبيا له خصوصيته البنيوية السردية في صيرورة النسق الثقافي العربي. إذ لم تستطع تعريفات القدماء من كتاب الرحلة أو النقد «أن تجنس الرحلة أو تهتم ببنيانها بقدر ما نظرت إليها مفردة تتحقق فعلا ماديا في الواقع، وليست نصا لغويا متخيلا ينطلق من التجربة".(ص52) أما الوعي النقدي الحديث، فإنه هو الآخر لم "يستطع تجذير الوعي بالرحلة، فظل عائما ملتبسا بين نعوت مستلهمة من حقول أخرى، مشدودا إلى مرجعيات الأدب أو التاريخ أو الجغرافيا أو الاثنوغرافيا ... دون القدرة على النظر إلى الرحلة نصا منفتحا، في كليته، على أشكال وحقول تتفاعل لتشيد إدراكا ورؤية وتعبيرا".(ص54).
3 - التجنس والكتابة: صيرورة نص الرحلة وصيرورة النسق الثقافي العربي:
نصل الآن إلى جوهر المسألة في مشروع الدكتور شعيب حليفي، يتعلق الأمر بالثوابت الشكلية البنيوية لجنس الرحلة في صيرورة النسق الثقافي العربي، والواقع أن حفريات شعيب حليفي في جنس الرحلة تجعلنا نقول أن النتائج التي توصل إليها تكشف، عما يمكن تسميته مع ميخائيل باختين، الذاكرة الموضوعية La mémoire objective لجنس الرحلة في تاريخ الثقافة العربية(5)، ذلك أن تبلور الرحلة كجنس أدبي في تاريخ الأدب العربي بدءا من القرن التاسع الهجري، جعله، ومن خلال القراءة الاستنباطية للمدونة corpus التي اشتغل عليها شعيب حليفي، يرتكز على ميتا-لغة سردية تتحول إلى "شفرة الكتابة" Code de l'écriture(6)، تحكمت في صيرورة إنتاج السرود الرحلية في صيرورة الثقافة العربية. يقول شعيب حليفي: "تتحقق السرود في الرحلة من خلال تشكلات متلونة تبحث عن انسجام للتواصل، ذلك أن البنية العامة المجسدة في النوع ترسم شكل تأثيرها على بنية السرود، بحيث يصبح كل نص رحلي بناء تركيبيا تتفاعل داخله بنيتان أساسيتان: سرود كبرى وأخرى صغرى".(ص264) وتشكل هاتين البنيتين نمدجة سردية تتحكم في البنية العميقة لتاريخ المحكي الرحلي في النسق الثقافي العربي.
يكتب حليفي محددا هذه النمدجة السردية قائلا: "تتحدد الرحلة في كليتها بقيمها وأهدافها، كما تتشكل التيمات الإطارية التي هي عماد الرحلة ووجه معالمها التي تنسجم وبناء النص الرحلي، ثم تحدد افقه ومعماره،لأن الكرونولوجية التي طبعت شكل الرحلة جعلت البرنامج في وحداته واضحا ومحددا، ذلك أن بنيات السرود الكبرى تتأطر في ثلاث حركات عامة هي:
-الخروج والمسير ذهابا وإيابا.
-المشاهدات، والحوار والتعليق والمقارنات.
-الحنين والتذكرّ.(ص264).
وبعبارة أوضح كل السرود الرحلية في تاريخ الثقافة العربية، قديمها وحديثها، هي ترهين وتحقيق لهذه المكونات السردية، أي أنها تتحول إلى ميتا-لغة وثوابت بنيوية شكلية يستثمرها كل الرحالة العرب في تاريخ جنس الرحلة في علاقته بالصيرورة التاريخية للنسق الثقافي والحضاري العربي. وبالتالي فهي تشكل عصب محكي الرحلة العربي. وبطيعة الحال يحظى كل مكون في حفريات شعيب حليفي بالاهتمام المعرفي والثقافي لما له من أهمية في ليس فقط في الاستراتيجية السردية بل والاستراتيجية الخطابية أيضا كما سنرى . إذ تتحول "هذه الحركات وغيرها من أحداث ووقائع خام إلى سرود تخييلية إطارية هي البنيات التي تقوم عليها الرحلة".(ص246).
لنبدأ بالمكون الأول وهو الأهم بحكم انه هو الذي يحكم دينامية الكتابة والفعل في تاريخ الرحلة العربية .، يرتبط هدا المكون بالتنقل كمتوالية الكبرى Macoséquense الذهاب والوصول والعودة. كل رحلة هي تنقل من فضاء إلى فضاء. أي انطلاقة من فضاء-الانا الرحالة العربي وصولا إلى فضاء-الآخر. و تتخذ شعرية التنقل Poétique du déplacement(7) في الرحلة العربية تمفصلات سردية كبرى فيما يتعلق بالفضاءات التي يعبرها الرحالة في تاريخ الرحلة العربية،وفي هذا الإطار يكتب شعيب حليفي قائلا: "من هذا المنظور يمكن النظر إلى الرحلة إلى أنواع الرحلات من حيث رصدها للفضاء المرتحل إليه، لأن الخلاصات التي تقدمها الملاحظة حول المكان في فترة زمنية ذات دلالات قد تفسر بعضا من طبيعة الرحلة في الأدب العربي، ويمكن تحديد خمسة أشكال بحسب اتجاهاتها إلى المكان المرتحل إليه:
-رحلات داخلية في نفس بلد الرحالة.
-رحلات خارجية في المحيط الإسلامي.
-رحلات خارجية في المحيط غير الإسلامي (المسيحي...).
-رحلات استيهامية دنيوية.
-رحلات استيهامية أخروية.".(ص132).
لكل تنقل في الأنواع الرحلية السالفة الذكر خصوصيته بحكم القيم التي تتحكم في هذه الفضاءات المرتحل إليها، لكن هذا التنقل من فضاء إلى فضاء في الرحلة العربية محكوم بتيمة العبور وشخص الرحالة كأنا-كاتبة تتحول إلى مركز الفيض السردي والحكائي، ففي العبور يتحول خطاب الرحالة إلى خطاب متعدد القيم Polyvalent بحكم أن خطابه تعبره شيفرات متعددة، ذلك أن الفضاء -المرئي الذي يحكيه الرحالة الراوي، يمر عبر مصفاة filtre ثقافة الرحالة العربي و رؤيته للعالم ليتحول الفضاء المرتحل إليه إلى ميتا-فضاء. ومن تم فشعرية التنقل في الرحلة العربية محكومة بما يمكن تسميته مع إدوارد سعيد التموضوع الاستراتيجي(8) للرحالة العربي، فالرحالة العربي وهو يكتب عن الفضاءات المرتحل إليها يفترض معرفة سابقة تجاه المادة التي يصفها. خاصة فيما يتعلق بالفضاءات المحيط الخارج إسلامية وتحديدا المسيحية وغيرها. هذه مسألة لن يتوقف شعيب حليفي عن الإشارة إليها واستحضارها في تنظيره لجنس الرحلة، يقول: "تكتب النصوص الرحلية في وضعيتين: إما بشكل محايث للرحلة، وهو أمر قليل، ولا يغطي كافة مراحلها، كما هو الأمر بالنسبة لرحلة العبدري، أو أنها تدون كتابة، بعد انتهاء الرحلة، وحكيها شفويا. مثال ذلك رحلة ابن بطوطة التي سردها بعد أزيد من ربع قرن من الارتحال. هذه الوضعية تجعل الإدراك الفني للوقائع موسوما بآثار ومعطيات مترسبة في ذاكرة الرحالة/ المؤلف، فينهض النص الرحلي على صورة واقع يضمر بنيات متلونة ومتصادية، وأصواتا مشبعة بأسرار ذاتية وأخرى غيرية. إن الرحلة "تشكيل لنص ذاتي/ شخصي بخصوص الأنا والآخر ... يتبنين في شكل معين للتعبير عن رؤية معينة انطلاقا من خطاب مفصح عنه في البداية، أو مضمر في تضاعيف السرد والوصف والتعليقات."(ص45)
- وفي رصده لسؤال التجنس وميتا -لغة الرحلة العربية، يتوقف شعيب حليفي عند بنيات سردية أساسية أخرى تتحول إلى ثوابت تحدد جنس الرحلة العربية في صيرورته، يقول: "كل نص رحلي هو نسق سرود متراكبة ومتلاحمة تفضي إلى بناء دلالة، متجنس ضمن قواعد الرحلة بشكل خاص، وفي إطار النثر الفني بشكل عام. لكن تحقق بناء السردية-وهو يخضع لقوانين الجنس والكتابة- -يسعى إلى ترسيم مكونات وعناصر مهيمنة ذات حضور جذري في توجيه السرد ووسمه".(ص268).ويضيف محددا هذه الأنوية السردية، والتي في تلاحمها البنيوي تشكل البنية السردية العميقة لخطاب الرحلة في تاريخ الثقافة العربية، قائلا: "خمسة عناصر وأسس وتيمات تتواتر وتحضر بأشكال متفاوتة في هذا البناء وهي: السفر، والعبور، والمعرفة، والدائرة، والمتعة".(ص268)
إنها مكونات وثوابت سردية يتوفر عليها كل نص رحلي في تاريخ الرحلة العربية، فلا رحلة دون سفر والعكس صحيح. إذ "يشكل السفر في النص الرحلي عنصرا يغذي الرحلة، فتنطلق الأحداث، ثم ينسحب تاركا الفرصة لتيمات أخرى خلال محطات الوقوف والوصول. وكلما بدا خفوت تلك التيمات، أو اختفت، أو أدت وظيفتها، يتم اللجوء مرة ثانية إلى مكون السفر لفتح آفاق أخرى على تيمات جديدة، وهكذا يكون السفر مولدا وجسرا، كما هو حافز ووعاء".(ص269)
-يشكل العبور جهة سردية تؤثث سؤال الزمن والتنقل في تاريخ الرحلة العربية. فالرحالة العربي في سفره، وينطبق الأمر هنا على ابن بطوطة وابن جبير أو ابن فضلان وغيرهم من الرحالة العرب، مشدود إلى الزمن وتمفصلاته البنيوية الكبرى: الحاضر/ الماضي/ المستقبل. وبالتالي "يتشكل العبور خلال لحظة حاسمة في البحث عن يقين غير محدد في واحد من الأزمنة الثلاثة. ولكنه يتغاير ويختلف من نوع رحلي لآخر، ففي الرحلات الحجية والزيارية، الزمن مقسم إلى دنيا وآخرة، وفي الرحلات السفارية يصبح الراهن والمستقبل معادلة أساسية، ولإنجاز كل هذا لا بد من اللجوء إلى تقنية العبور لتحقيق شيء ما".(ص270)، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن شعيب حليفي يدعونا من خلال جهة العبور إلى التفكير في شعرية الزمن في نص الرحلة العربي، خاصة إذا ما نحن قرأنا تيمة العبور واستعمالها Usage (بالمعنى السيميائي للكلمة) وتوظيفها على ضوء تعالق صيرورة نص الرحلة العربية و الصيرورة التاريخية للمجتمعات العربية. بدءا من القرن التاسع إلى يومنا هذا.
فالأكيد أن حضور تيمة العبور عند ابن بطوطة تختلف عن توظيفها في رحلة ابن فضلان واختلاف توظيف هذا الأخير لها عن توظيفها واستعمالها لدى رفاعة الطهطاوي. وهو ما ينتبه إليه شعيب حليفي عندما يربط استعمال وتوظيف تيمة العبور بمخيال الرحالة العربي، يقول: "حينما الرحالة رحلته فهو يعيشها، في راهنيتها، لكنه في الآن نفسه لا يمكن أن يتعايش مع لحظته دون استحضار الماضي الذي منه قرر وفكر، فمن خلاله يقارن ويتطلع إلى المستقبل الدنيوي والأخروي، وذلك بالعبور باعتباره تقنية سردية للاستدعاء والاسترجاع على مستوى النص، فيعبر المكتوب إلى الماضي (الفعلي والمتخيل) للحديث عن أحداث وخيالات سابقة انتهت باعتبارها بنية دائرية تتصل بالحاضر وتفتح على المستقبل عبر مصل مغدّ".(ص271)
وبما أن الرحلة تنقل من فضاء إلى فضاء فإن المرئي، وكما سلف الذكر يمر عبر وعي وثقافة الرحالة، ليتحول خطابه، وتحديدا لغته الذاتية Idiolecte إلى لغة تعبرها شفرات متنوعة، فالخطاب، وهذه مسألة ينبهنا إليها رولان بارت في كتابه ( S/Z )(9)، هو ملتقى شفرات متنوعة تنفتح على مضامين متنوعة ومتعددة يتداخل فيها ما هو سياسي بما هو نفسي وانتروبولوجي وتاريخي، أي أننا أمام معرفة بصيغة الجمع، تنسل بوعي أو لاوعي إلى خطاب الرحالة وهو يروي ما يشاهده. إذ يكمن خطاب المعرفة ونوعيته فيما يقدمه الراوي عبر أوصافه وتعليقاته وتعبيراته، فخلالها تبرز "معرفة القيم" و"معرفة السائد"، بأسلوب المقارنة والحوار والتركيب، فتتبأر معرفة الذات والآخر، فضلا عن معرفة موازية متحولة يساهم فيها أفق انتظار القارئ وثقافته، والعصر الذي يتداول فيه النص".(ص272).
لكن المعرفة تحتكم في جنس الرحلة إلى ثنائية الذات والموضوع، الموضوع هو المرئي والراوي ينتج ميتا معرفة حول الموضوع الموصوف، والمعرفة في خطاب الرحالة العربي معرفتان، من صنفين يتفاعلان ويعضدان بعضهما: "معرفة جاهزة توحي بالموضوعية، هي معرفة منتقاة وموجهة يختارها الراوي من قراءاته حتى تزكي رؤيته وتصدقها، ومعرفة متشكلة من الرؤية والتخيلات والسماع. وتصبح المعرفة الجاهزة جزءا ضمنها، وهي مدونة تذوب كل شيء من اجل بناء رؤية منسجمة تعكس القناعات الحقيقية والاحتمالية للراويّ.(ص273)
لكن لجهة المعرفة تاريخها في تاريخ الرحلة العربية، وصيرورة النسق الثقافي العربي، ذلك أن نوعية المعرفة المقدمة في الرحلة ليست معرفة واحدة، هي عند ابن بطوطة معرفة حقيقية وعند أبو دلف احتمالات، ليبقى تاريخ تلقي الرحلة في تاريخ الثقافة العربية من بين المداخل الثقافية لفهم تجليات أنماط المعرفة في تاريخ الرحلة العربية، ذلك أن "قارئ الرحلة، باعتبارها نصا تخييليا سيدرج هذه المعرفة ضمن أي معرفة مذوتة في النص السردي، تضيئ "الأنا "الراوية في مرحلة ما، وكيفيات تفكيرها ومسارات وعيها أو وعي الآخرين وأدوات هذا الفهم الذي يفسح المجال لشحذ الأسئلة الموجهة للأدب العربي وإشكالاته التعبيرية".(273)
-ينضاف إلى مكون السفر والعبور والمعرفة جهة الدائرية، فالرحلة محكي دائري Récit circulaire لها نقطة انطلاقة ونهاية، يتنقل وينطلق الرحالة في تاريخ الرحلة العربية من نقطة مكانية ما، لكنه يعود من حيث انطلق. جدل الذهاب والإياب محكوم بالعودة إلى الأصل ليحكي ما شاهده وعاشه من مغامرات. إلا أن الدائرية في تاريخ الرحلة العربية، كما يري شعيب حليفي "تضم معارف وأحداثا وسرودا، حيث هناك دائما تلحيم بين البداية والنهاية"، وربط جدلي بين العناصر البنائية، وبينها وبين ما هو خارجي وحضور للدائرة التي تشكل انغلاقا عن الخارج وانفتاحا على الداخل، ذلك أن القصة في النص الرحلي أو الأحداث المحكية والمجردة في تواليها تشكل حلقة دائرية متصلة، بعضها بالبعض الآخر، وعناصرها هي البناء والنسيج الإطاري الذي يشكل الرحلة من تاليات أخبار تباعد على الانفتاح والانغلاق بحي إن كل خبر يمكن عزله لوحده، كما يمكن قراءته مع مجموع الحلقات الخبرية ضمن دائرة تجد المسير عبر الذهاب والإياب"(ص274-275).
نصل الآن إلى المكون البنيوي الخامس في بنية النص الرحلي في تاريخ الأدب العربي: المتعة. كل رحالة يتحول في تاريخ الأدب العربي إلى مرسل ومرسل إليه. هو محفل سردي مزدوج بحكم أن رحلته نابعة من كون تنقله وسفره (أسفاره) نابعة من قيم تتحول إلى مرسل متعال، قد يكون القصد من الرحلة/ السفر، الحج والتشوف إلى زيارة الديار المقدسة، وقد يكون اكتشاف جغرافيات أخرى لتعميق المعرفة بشفرات ثقافية لحضارات أخرى كما هو الامر عند ابن بطوطة .. لكن الرحالة العربي يتحول في الآن ذاته إلى مرسل يبثه خطابه إلى متلق قصد إثارة المتعة لدية عبر عملية الحكي. وضمن هذا السياق، يقول شعيب حليفي "توجد متعة المتلقي وهو يعيش تجربة الراوي مكتوبة بوسيط لغوي، تخلق إمتاعا سرديا يستجيب لأفق انتظار الرحلات، وذلك بإيراد المألوف والعجائبي والمشاهدات الغيرية، وأيضا المعاناة والاختلافات لإضفاء طابع التعاطف والتعجيب".(ص278) ألا يدل هذا على أن مفهوم المتعة، متعة النص الرحلي، يرتبط بتاريخ تلقي الرحلة، القديمة والحديثة، في تاريخ الثقافة العربية وما تركه ويتركه من قضايا تتعلق بتصور العربي القديم والمحدث للآخر، على غرار ما فعلته الرحلة في صيرورة الثقافة الأوروبية بالمتلقي الغربي تجاه الآخر الغير الأوروبي؟.
4- الرحلة: انفتاح جنس أدبي:
سبق القول أن القدماء أو المحدثين لم يستطيعوا أن يفكروا من داخل جنس الرحلة العربية كجنس أدبي له خصوصيته البنيوية، والحال أن حفريات شعيب حليفي في الذاكرة الموضوعية لجنس الرحلة قادته إلى القبض عن خصوصيته البنيوية القائمة على الانفتاح على أشكال تعبيرية ثقافية أخرى، فهو يمتص أجناس تعبيرية أخرى قادمة من حقول أدبية أو غير أدبية، فالنص الرحلي، ينفتح "ضمن دائرة متعددة المنافذ على أشكال أدبية وغير أدبية يتفاعل معها ممتصا جوهرها لاستثماره في تعزيز نصيته، فتأتي قدرته على التكيف ونقل السرد من الرتابة إلى التجدد والمفاجأة بفضل الأشكال المحتضنة وتنوعها وما تشكله من أهمية في مسار البنية السردية، سواء في شكل متخللات أو مكونات، وضمن هذا التفاعل تتصادى البنيات والأشكال داخل دائرة متحركة ومرنة تطبع النص بتلوينات منسجمة".(ص56).
حضور هذه الأشكال الأدبية في نص الرحلة العربي يتخذ تنوعا في الاستعمال والتوظيف، قد يهيمن شكل من هذه الأشكال على نص الرحلة العربي، وذلك "بدرجات متفاوتة من مؤلف لآخر بحيث يمكن تسجيل بروز "العنصر المهيمن" أو العناصر المهينة دخل النص الواحد، في إطار هذا التفاوت الأمر الذي رجح احتساب النص الرحلي لفائدة هذه الجهة أو تلك، وهو ما غلب-تمثيلا- في نصوص رحلة هيمنت فيها عناصر جغرافية، فسميت ّرحلات جغرافيا"...لكن الأهم يبقى هو إبراز تمظهرات وتجليات هده الأشكال في نص الرحلة العربي و وهي على التوالي:-السير، التراجم، التاريخ، الجغرافية، السجلات الاجتماعية، الخبر، الشعر، الرسالة، اليوميات. إن النص الرحلي العربي وهو يستحضر هذه الأشكال الأدبية وغير الأدبية يستحضر تاريخ أشكال تعبيرية لها تاريخها في تاريخ الثقافة العربية، كالسير والتراجم والتاريخ والجغرافيا.(10)
والنتيجة، يكشف انفتاح نص الرحلة عن مطاطية هذا الجنس الأدبي الذي يرفض التصنيف Taxinomie والخضوع لقواعد جنس أدبي ما، ذلك أن صعوبة تحديد وصياغة مفهوم للرحلة تأتي من عدة اعتبارات أساسية منها:
أولا-غياب تعاريف دقيقة لجنس الرحلة لغياب تقعيد واضح للمفهوم سواء عند الرحالة أو عند اللغويين العرب.(ص82)
ثانيا-يصعب استنباط كل الثوابت البنيوية لجنس الرحلة في تاريخ الثقافة العربية لسب "أن وجود نصوص رحلية كثيرة ثرية ومتنوعة، الأمر الذي يصعب معه تحديد مفهوم جامع تلتقي حوله كل الأنواع الرحلية".(ص82)
ثالثا-لا يقتصر انفتاح النص الرحلي في تاريخ الأدب العربي على الأشكال التعبيرية التي استنبطها حليفي في حفرياته، بل إن هذا الانفتاح يمتد نحو "عناصر أخرى متحركة" تحضر أو تختفي بدرجات متفاوتة بين النصوص".(ص82).
على سبيل التركيب:
يكشف ما سلف ذكره عن أهمية مشروع شعيب حليفي في التنظير لجنس الرحلة في تاريخ الثقافة العربية، إذ يمنح للقارئ المختص جهازا مفاهيمها إجرائيا للحفر في جنس الرحلة العربية، لكن أهمية المشروع تكمن أولا وأخيرا في كونه يرسم حفريات معرفية في نشأة وأصول جنس الرحلة في تاريخ الثقافة العربية، حفريات تكشف عن الخصوصية البنيوية لفن الرحلة عند العرب، وبالتالي يدعونا الدكتور شعيب حليفي إلى أن نفكر في تاريخ توظيف واستعمال هذا المفهوم-الجنس في تاريخ النسق الثقافي العربي للوقوف على تاريخ حضور الآخر في الذاكرة الثقافية والتاريخية في مخيال الفرد (الرحالة العربي) والجماعة، وأيضا في النسق الثقافي الذي كان يفكر من داخله وعبره الرحالة العربي.
الهوامش
1- د-شعيب حليفي، "الرحلة في الأدب العربي"،التجنس...آليات الكتاب..خطاب المتخيل"،رؤية للنشر،ط1، 2006.
-SEP-OCT.2014." Le Point Références"2-
3-يراجع في هذا الإطار ضمن الملف المشار إليه أعلاه، مقال"
Ibn Fadlan.10 siècle Les orientaux de la volga.p24 وأيضا مقال-:
Muhammad Ibn Battuta-Un pèlerinage au long cours.p36.
4- تحيل جميع أرقام الصفحات الواردة بين معقوفين إلى الكتاب.
-أنظر ص23 وما بعدها.
5-ميخائيل باختين،"شعرية دوستويفسكي"،ترجمة د-نجيب مضيف التكريتي،مراجعة الدكتورة حياة شرارة -،دار توبقال للنشر،1986،ص177.
6-Mario Valdés –De l’interprétation in-Théorie litteraire.Problémes et perspectives. Ouv-collectif-1989.
7- المفهوم مقتبس من تقديم جاك سوبايرو Jacques Soubeyroux لكتاب"
.Introduction à une poétique du déplacement dans le roman Espagnol cotemporain.in poétique du Déplacement.(ouv.collectif).Publication de l'université de Saint-Etiene.1996. p49
8-Edward W.Said- L’orientalisme -L’orient crée par L’occident. Seuil.Traduit de l’américain par Catherine Malmoud.2003.p33.
9-Roland barthes-S/Z.Editions du Seuil. 1970.p23.