ينطوي بحث الناقد المغربي في تحليلة لقصة قصيرة للكاتب السوري المرموق على جهد كبير في تفصيل الأبعاد السردية والعلامات السيميائية التي ينطوي عليها النص، وعلى رصد لمختلف تجلياتها في القصة، لكنه يترك السؤال مفتوحا عن مدى قدرة هذه الأدوات التحليلية الحديثة على إضاءة النص وما به من رؤي ودلالات.

الأبعاد السردية والعلامات السيميائية

في «الشمس تشرق من الغرب» لحيدر حيدر

يوسـف كرماح

تمهيد:

تعتبر القصة القصيرة جنسا أدبيا نثريا مستقلا بذاته له آلياته ووسائله الخاصة. فن يتميز بالتكثيف والاختزال في الأحداث والأماكن والشخصيات، جنس أدبي دخيل على الثقافة العربية ولم يعرف الذيوع والانتشار إلا في العشرينيات من القرن الماضي مع محمد ومحمود تيمور. مع أن هناك إرهاصات جنينية في التراث العربي. جنس يحتاج إلى الخبرة العالية والدربة والدراية الدقيقة باللغة لكونه لا يحتمل الثرثرة والكلام الفضفاض. جنس كغيره من الأجناس الأدبية شغل الدرس النقدي بمختلف النظريات، لكننا سنقتصر على النظرية السردية والنظرية السيميائية، في تحليلنا لقصة «الشمس تشرق من الغرب» ضمن المجموعة القصصية )حكايا النورس المهاجر( للأديب السوري حيدر حيدر.

1ـ نبذة عن المؤلف:
ولد حيدر حيدر في العام 1936 في قرية حصين البحر طرطوس، وفي قريته تلقى دراسته الابتدائية. بعد إتمام دراسته الإعدادية في مدينة طرطوس 1951 انتسب إلى معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب حيث واصل دراسته وتخرج 1954. وفي العام الثاني من الدراسة في المعهد ظهرت ميوله الأدبية، وبتشجيع من مدرّس اللغة العربية وبعض من الأصدقاء، كتب محاولته القصصية الأولى بعنوان مدارا. وبعد التخرّج من المعهد وممارسة التدريس لعقد من الزمن، انتقل حيدر حيدر إلى دمشق العاصمة، حيث المناخ الأدبي متوفر من خلال وجود الكتّاب والمثقفين والحركة الثقافية النشطة. في دمشق بدأ ينشر قصصاً في الدوريات اليومية والشهرية، وكانت مجلة )الآداب( اللبنانية أبرز المنابر التي كتب فيها قصصه الأولى، التي صدرت في مجموعة )حكايا النورس المهاجر( في العام 1968. وهو كذلك أحد مؤسسي اتحاد كتاب العرب في دمشق عام 1968.

 له مجموعة من الإسهامات الأدبية:

ـ حكايا النورس المهاجر (قصص) الطبعة الأولى: 1968.* الفهد، (قصص) الطبعة الأولى: 1968. * الومض،(قصص) الطبعة الأولى: 1970.* الزمن الموحش،(رواية)، الطبعة الأولى: 1973.* الفيضان (قصص) الطبعة الأولى: 1975.* كبوتشي (سيرة حياة ونضال كبوتشي) الطبعة الأولى: 1978. * الوعول (قصص) الطبعة الأولى: 1978.* التموّجات (قصتان) الطبعة الأولى: 1982.* وليمة لأعشاب البحر، (رواية) الطبعة الأولى: 1984. * مرايا النار (رواية) الطبعة الأولى: 1992.* أوراق المنفى شهادات عن أحوال زماننا (وثائق). الطبعة الأولى: 1993.* غسق الآلهة (قصص) الطبعة الأولى: 1995*. شموس الغجر (رواية) الطبعة الأولى: 1997. [i]

2 العنوان:
يعتبر العنوان من أهم العتبات النصية، ومفتاحا دلاليا نلج من خلاله إلى عالم النص، "والعناوين لا توضع اعتباطا فكل شيء بمعنى وبحسبان وكل كلمة لها دلالتها. (محمد الصالح خرفي:149). ويرى رولان بارث العناوين عبارة عن أنظمة دلالية سيميائية تحمل في طياتها قيما أخلاقية، واجتماعية، وإيديولوجية، وهي عبارة عن رسائل مسكوكة مضمنة بعلامات دالة. يغلب عليها الطابع الإيحائي"[ii]. أما "هويك" فيحدد العنوان باعتباره مجموعة من العلامات اللسانية التي تظهر على رأس نص ما، قصد تعيينه وتحديد مضمونه الشامل، وكذا جذب جمهوره المستهدف"[iii]،ونلاحظ أن تعريف هويك جمع بين التحديد والوظائف. بيد أن بعض الدارسين لا يتفقون مع هذا الطرح، ففي نظرهم لا يمكن استخلاص العنوان إلا بعد قراءة النص، قراءة متأنية، على اعتبار أن المعنى داخل النص وليس خارجه أو بموازاته[iv]. وهذا ما سيتبين لنا من خلال هذا العنوان.

وللعنوان وظائف أهمها حسب جرار جينت:
ـ الوظيفة التعينية: هي التي تعين اسم الكتاب، وتعرف به للقراء، وهي وظيفة تميزية تحدد عنوان ما عن باقي العناوين. وتسمى كذلك بالوظيفة التعريفية.

ـ الوظيفة الوصفية أو الإيحائية: وهي الوظيفة التي يقدم العنوان عن طريقها شيئا عن النص.

ـ الوظيفة الإغرائية: وهي من الوظائف المهمة للعنوان، فهي تغرر بالقارئ، وهناك مقولة تقول: "العنوان الجيد هو أحسن سمسار للكتاب". [v]

ويبقى العنوان مجرد نص مواز كما يؤكد "جيرار جينيت"، يكشف طبيعة النص وإيحاءاته، كما هو الحال بالنسبة للعنوان المدروس (الشمس تشرق من الغرب) الذي جاء على خلاف العناوين الكلاسيكية المباشرة الخالية من الالتباس والغموض، إذ يعتبر عنوانا إيحائيا، يحمل في طياته رمزية مكثفة بالدلالات، لا يمكن استخلاصها إلا بعد قراءة النص وفهمه. فالمقصود من هذا العنوان ليس المعنى السطحي الذي يشير إلى يوم الواقعة حيث الشمس ستشرق من الغرب على عكس الطبيعي، ولكن هناك معاني كثيرة يختزنها المعنى الضمني، تتوارى خلف الكلمات والجمل، تعكس الواقع المرير الذي يعيشه السارد تحت سماء مدينته، وحصاره النفسي وعزلته الشبيهة بيوم الفناء بعدما تخاصم مع مدينته، فهذا الخصام مع مدينته في حد ذاته شمس لا شروق لها. ففي اعتقادي المتواضع أن عزلة السارد بمثابة لا حياة، فشروق الشمس من الغرب يعني التخوم بين الحياة الزائلة والحياة الأبدية. حيث يتوقف الزمن بعد هزيمة السارد في التصالح مع الذات الذي يتأتى بتصالحه مع المدينة.

3 البؤرة الدلالية:
وهي الدلالة القاعدية التي يتمحور حولها النص، وتتناسل منها كل الوحدات الدلالية الصغرى المشكلة لتضاريس النص، وقد تكون صريحة مباشرة يفرزها النص مباشرة، أو ضمنية إيحائية ندركها من خلال الأبعاد النصية المختلفة، فالأولى تمثلت في رحلة البحث عن الذات المفتقدة في العزلة والتغلب على الملل والكآبة. والثانية الضمنية تتمثل في الأثر النفسي الذي خلفته السلطة الفاشلة ـ شبيهة كاليغولا وفرسان اسبارطةـ بعد فشل تحقيق السلم والأمان، ما أثر على نفسية السارد وجعله يحاول التخلص من كابوسها بواسطة الفن، حيث يقول: "مع الوقت بدأت أفكر بمشروع ما يزيح كابوس المدينة ومللها عله يعوضني هذه الهزيمة"، والهزيمة هنا ربما إشارة إلى حرب 1967، أو ما يسمى بالنكسة وانهزام العرب. والسارد يحاول بالفن أن يصفي شوائبه الداخلية لعله يجد لغة يكون بها رسول سلام للعالم الخارجي الذي يود أن يواجهه بشكل إنساني خال من شفرات الأرقام المقزمة لحجم الإنسانية في صخب المدينة. ويعزز السارد طرح هزيمة 1967 بقوله "كيف تتحدى الفجيعة؟"، سؤال مليء بالتساؤلات، أي فجيعة تلك التي جعلت السارد يهوي بنفسه في قاع بعيد عن الناس يشاهد العالم من خلال نافذة مستنكرا لكل ما يأتي به الخارج غير هزيمة العرب. ويمكن أن نلخص البؤرة الضمنية في "معاناة السارد النفسية".

4ـ الأبعاد السردية:

البعد الزمني: يقول جرار جنيت يمكن سرد قصة دون تعيين مكان وقوعها، بيد أنه من شبه المستحيل عدم موقعهتا في الزمن بالنسبة للفعل السردي،لأنه لا بد من حكايتها في زمن الماضي أو الحاضر أو المستقبل[vi].ويقول حسن بحراوي: لا "سرد بدون زمن، فمن المتعذر أن نعثر على سرد خال من الزمن"[vii]

وسنقارب الزمن في القصة من خلال:
ـ زمن القصة: وهو زمن الأحداث في حد ذاتها، أي الزمن الذي وقعت فيه الأحداث كما سردت لنا. والقصة يؤطرها زمن حدد في "ثمانية شهور وأيام" والأحداث كلها تجري في هذا الزمن المغلق. والزمن في هذه القصة، زمن معيق ومعادي. لأنه زمن نفسي وقف عقبة تحول دون تحقيق السارد لموضوع قيمته.

البعد الفضائي: أي الخشبة التي تتمسرح فيها أحداث القصة، ويعد مكونا محوريا في بنية السرد، إذ لا يمكن تصور حكاية بدون مكان، ولا وجود لأحداث خارج المكان، ذلك أن كل حدث يأخذ وجوده في مكان محدد وزمان معين. وينقسم إلى:

- فضاء مغلق: الغرفة

- فضاء مفتوح: الحي، الساحة، الشارع، المدينة.

ـ البعد التمثيلي: يعتبر مفهوم "الشخصية" عنصرا محوريا في كل عمل سردي. ومن أهم المفاهيم وأكثرها حضورا في الدرس النقدي الحديث. فحسب رولان بارت، لا تتعدى كونها كائن ورقي، ويحددها فيليب هامون باعتبارها "علامة فارغة، أي بياض دلالي لا قيمة لها إلا من خلال انتظامها داخل نسق محدد"[viii].

 وسنقارب الشخصيات من خلال نظرية "فيليب هامون" الذي يعتبر أن الشخصية علامة فارغة تملأ وتشحن دلاليا بعد انتهاء الحكاية.

ويقسم فيليب هامون الشخصية إلى:

ـ شخصيات مرجعية: تحيل على بعد واقعي مادي، أو تاريخي، أو أسطوري، أو ثقافي. حصان طروادة، فرسان إسبارطة، بيكاسو، سيزان، دالي، كامو، همنجواي، نجيب محفوظ، كاليغولا.

ـ شخصيات واصلة أو إشارية: علامة على حضور المؤلف أو القارئ أو من يمثلهما في النص.

ـ شخصيات استذكارية: شخصية متخيلة تربط أجزاء العمل السردي بعضها ببعض، ولا تكتمل دلالتها إلا بعد انتهاء الحكاية. (السارد الأول وهو شخصية محورية، السارد الثاني الذي يؤطر العمل الروائي الذي كتبه السارد الأول، الأطفال، والمرأة).

نلاحظ أن هناك هيمنة للشخصيات المرجعية وذلك لإيهام المتلقي بواقعية الأحداث. ولتقريبه من خيوط الأحداث ولإعطاء القصة لمحة أكثر واقعية.

5 ـ النسق السردي:
تلك الطريقة التي يعرض لنا بها السارد قصته، وينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أ- التسلسل: أي سير الأحداث بوتيرة متصاعدة من البداية إلى النهاية أو العكس، مؤطرة بعامل الاستذكار أو الاستشراف.

ب- التناوب: أي سرد قصتين أو أكثر متناوبتين في نفس الوقت.

ج- التضمين: إدراج حكاية صغرى ضمن حكاية كبرى.

القصة تحتكم إلى نسق التسلسل، لأن الأحداث تسير بوتيرة تصاعدية من البداية إلى النهاية داخل دائرة الاسترجاع. فالسارد يروي لنا ما وقع في ثمانية شهور وأيام داخل غرفة ما بنسق تصاعدي، حيث بدأ تجريب العزف على الكمان، فانتقل إلى الرسم وبعده إلى الخوض في فعل الكتابة. وهذا لا ينفي عدم وجود التضمين، ففي المحور الأخير يدرج السار قصة صغرى (المقتطف الروائي) ضمن قصة كبرى هي الإطار.

6 - محكي الأحداث:
سرد الأحداث والأفعال الحكائية التي تقوم بها الشخصيات، أو ما يقع لها، سواء من قبل السارد أومن قبل شخصية أخرى، وينقسم إلى:
- سرد قبلي :
تقديم حكاية لم تقع بعد. و يسمى بالسرد التنبؤي.
- سرد بعدي: تقديم حكاية وقعت سابقا. ويسمى بالسرد اللاحق.
-سرد متزامن: تقديم حكاية لحظة وقوعها. نقل حي ومباشر للأحداث.
- سرد مركب: المزج بين أكثر من طريقة.

بالرجوع إلى القصة نجد أن السرد البعدي هو المتحكم في القصة، وذلك لأن الأحداث وقعت سابقا وتم سردها لاحقا. والقرينة النصية تؤكد هذا القول: "مع مرور الأيام ... كنت قد درت ولهثت ... مع الوقت بدأت أفكر ... خرجت ذات يوم." والشواهد كثيرة في القصة.

7ـ محكي الأقوال:
أو خطاب الشخصيات، وهو حين يتناول السارد كلام الشخصيات كموضوع لسرده، ويقسمه جينيت إلى ثلاثة أنواع:

- خطاب مسرود: حين يدمج السارد كلام الشخصيات داخل خطابه. أي أن الشخصية تتكلم بلسان السارد. وفي هذا المقطع يدمج السارد كلام الشخصية في خطابه: "ومع الزمن اكتشفت ذلك الرعب المطارد في مومس مبذولة تقول لي بازدراء: من أنت؟"، ومن خلال "توقفت واستدرت مطلا من النافذة. كان الأطفال تحتها صامتين وأبصارهم معلقة على وجهي، وبغتة انفجر أحدهم: انظروا إلى ذقنه!"

- خطاب منقول: يكون السارد متمتعا نسبيا بحضوره، مع المحافظة على الخصوصية الأصلية لخطاب الشخصية. أي حين ينقل السارد كلام الشخصيات مباشرة كما تلفظت به، وينقسم إلى:

* منقول مباشر: نقل كلام الشخصيات بحذافيره مباشرة. من قبيل: "وقال آخر: شعره كشعر المجانين"، "قالت يوما: أود أن أكون لك!"همست: إنني لك"، "وقلت لها: لا يوجد بيننا تواصل".

* منقول غير مباشر: السارد يتصرف ولا يحافظ على كلام الشخصيات الأصلي.

- خطاب معروض: حين يغيب ويتنازل السارد عن الكلام لتحل الشخصيات محله، فتتحدث بنفسها بدون وسيط، وينقسم إلى:

* معروض مباشر: ترك الحرية للشخصيات دون تدخل السارد، وهذا الخطاب لا نلمسه بشكل جلي إلا في الحوارات المسرحية.

*معروض غير مباشر: السارد يتدخل لتنظيم الحوار وتوجيه الشخصيات.

* معروض ذاتي: وهو خطاب منولوجي يكون بين الشخصية وذاتها. وهذا الخطاب هو المهيمن، بل إن القصة بكاملها عبارة عن منولوج داخلي وتندرج في إطار ما يسمى بمحكي الأفكار. ونجد بعض المؤشرات الدالة بصريح العبارة من قبيل: "كيف تستطيع أن تتحدى الفجيعة؟"،"أي حياد جدير بالتقدير كان بيننا؟"،"هل علي أن أبدأ شيئا جديدا لا يكسره الأطفال؟"، والشواهد كثيرة في القصة.

محكي الأفكار مع "دوريت كوهن" [ix]
ركزت دوريت كوهن في دراستها للنصوص السردية، على دراسة الشخصية من الجانب النفسي السيكولوجي. دراستها تتخذ "الكلام الصامت" كموضوع لها. وفي هذا الشق سنتطرق إلى الجانب النفسي للشخصيات الموجودة في النص.

ـ المحكي السيكولوجي: هنا يقدم السارد المحكي السيكولوجي/ النفسي للشخصيات، من خلاله يبرز لنا أعماق الشخصية النفسية، وهذا المحكي قد تقدمه الشخصية نفسها مباشرة، دون وسيط (السارد) وهو ما نجده في "الحوار الداخلي ".

 كيف تستطيع أن تتحدى الفجيعة؟

 أي حياد جدير بالتقدير كان بيننا؟....

وهذا المحكي نجده يطغى على النص كونه يركز على تعرية الجانب النفسي. بحيث نجد السارد يعرب عن دواخله ويعريها. ولهذا فإن ما يمثل هذا الشق من المحكي هو نموذج التنافر. بحيث نجد هيمنة سلطوية قوية في النص.

v    نموذج التنافر: في هذا النموذج نجد أن السارد يعرف أكثر مما تعرفه الشخصية فهو عالم بدواخلها وأحاسيسها، بل إنه الشخصية الوحيدة في النص التي تحدث نفسها وبالتالي فإنها تعرف نفسها جيدا دون أن يعرفها أي متدخل.

 لذا قررت العيش كجرذ أجرب بعيدا عن الوثائق العصرية، أحلم بأشياء كثيرة لا تطال، تبقى وترسو في أعماقي كمشاريع لا شمس لها...

 جربت أن أكسر القوالب و كل البدايات الكلاسيكية... كان المهم أن أجد نغما أرتاح إليه في وحشتي الكئيبة.

 وعندما كنت ألمس أوتار الكمان، كنت أشعر بغبطة لا حدود لها. ورغم أنني لم أصادف النغمة التي أبحث عنها، لكنني كنت أحسها وأن بمقدوري عزفها...

والأمثلة كثيرة.

v    نموذج التناغم: وهو الوضعية التي تهيمن فيها الشخصية، بحيث نجدها تعبر عن دواخلها النفسية بمفردها دون تدخل السارد. وهذا الأخير يستسلم للذوبان في الشخصية.

وتذكرت أرصفة باريس وروما ونيويورك وحياة الرسامين الملعونين... "انك رسام ملعون. فنان تخنقه المعجزة التي لن تحدث أبدا، معجزة الإمكانية في صحارى المستحيل، مع هذا فأنت تعيش نفس التجربة نفسها".

 هاجمني صداع مفاجئ. دوار من الإحساس بالعقم والخواء. "بالتأكيد أنت لا تصلح لشيء".

ـ المنولوج المستحضر: هي الاستشهادات الحرفية لأفكار الشخصيات، أي الخطاب الذهني للشخصية المباشر، على لسان السارد يتحدث إما بضمير المتكلم أو الغائب دون زيادة أو نقصان. يقابله الخطاب المنقول عند جونيت.

داهمتني فكرة مفاجئة : لماذا لا تحاول أن تكون رساما سرياليا؟

وداهمتني فكرة نفذت كالسهم: " هل تستطيع إحداث خدش بسيط في قشرة الأرض؟"

ـ المنولوج المستقل: استقلالية الشخصية عن السارد وهيمنتها، هنا يغيب صوت السارد لتحضر الشخصية. (الحوار) يقابله المعروض المباشر عن جينيت.

ـ المنولوج المسرود: يذوب الخطاب الداخلي للشخصية في خطاب السارد أي أن السارد يقدم خطاب الشخصية النفسي على لسانه هو. وهذا ما عبرنا عليه في الخطاب المسرود عند جرار جنيت.

 نلاحظ أن هناك تقاطع بين محكي الأقوال عند جنيت ومحكي الأفكار عند دوريت كوهن.

9- السارد:
وهو شخصية متخيلة، كائن ورقي، يقدم لنا الحكاية ويتكفل بترتيب أحداثها، و"هو المتكلم أو الناطق بلسان أو صوت الخطاب السردي، وهو كذاك الوسيط الذي يقيم صلة الاتصال مع المتلقي أو المسرود له، وهو الذي يرتب العرض، وهو من يقرر ما يجب أن يقال... وما يجب أن يترك"[x]. وللسارد أنواع كثيرة أبرزها يان مانفريد:
ـ السارد الظاهر: وهو الذي يشير إلى نفسه/ نفسها بضمير المتكلم (أنا، نحن ...) والذي يخاطب المتلقي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ـ السارد المتواري: هو الذي لا يحمل أي من خصائص الظهور... لا سيما أنه لا يشير إلى نفسه/ نفسها ولا يخاطب أي مسرود له ... وغير محدد جنسويا[xi].

 رولان بارت:

ـ السارد الشخصي: وهو السارد الموجود بصفته شخصية تدير مجرى السرد وتشارك في الأحداث.

ـ السارد غير الشخصي: غير الموجود في المتن السردي بصفته شخصية.

واين بوث:

ـ السارد الضمني: يقابل الذات الثانية للمؤلف، وهو المهمين على صعيد النص، ويحرك العالم النصي عن بعد وله معرفة خارقة.

ـ السارد غير الممسرح: هو السارد غير المعلن، وهو يختلط والمؤلف الضمني إذ لهما المفهوم والحدود نفسها.

ـ السارد الممسرح: فهو شخصية من شخصيات القصة، سارد معلن، يخبرنا بأحداث القصة وما يجري على شخصياتها من تغيرات أو تقلبات جراء صراعها من أجل قضية ما عبر مشاركته فيها، وغالبا ما يكون هو البطل الذي نرى من خلال وعيه مجرى القصة، ولهذا السارد أشكال[xii] هي:

- السارد الراصد: وهو الذي يشاهد ويسمع الأحداث فقط ويعمل على إيصالها عبر المشهد والتلخيص.

- السارد المشارك في الأحداث: وهو ما عرفناه أعلاه بالسارد الممسرح، يحرك الأحداث وحاضر كشخصية من الشخصيات.

 ـ السارد العاكس/ المرآة: هو السارد الذي يعمل على عكس الأحداث بوضوح، فالسارد العاكس هو كعدسة الكاميرا أو المرآة.

ـ السارد الثقة: ويسمى أيضا (السارد الذي يعتمد عليه) وهو السارد الذي نستطيع الوثوق بسرده والاعتماد عليه فيما ينقل إلينا من سرد بسبب وجود نسبة من التطابق في صحة سرده،

ـ السارد غير الثقة: ويسمى أيضا (السارد الذي لا يعتمد عليه) وهو السارد الذي لا يستطيع المتلقي الوثوق بسرده والاعتماد عليه بسبب جهله بمصدر معلوماته ومعرفته عن شخصيات المتن السردي، ولذلك فهو يبعث على الريبة، والشك فيما ينقل من أخبار.

 نورمان فريدمان:

ـ السارد العارف بكل شيء: وهو السارد الذي يمتلك حرية الحركة والتنقل في كل مكان وزمان من نصه، ويمتلك معرفة ظاهر وباطن شخصياته، وهو دائم التدخل والتعليق والتحليل لأحداث النص السردي، ويسمى بالسارد المقتحم. لأنه غريب عن النص وغير حاضر فيه لا على صعيد المشاركة ولا على صعيد المشاهدة، وغالبا تروى أحداث النص بضمير الغائب (هو)[xiii].

ـ السارد العارف الحيادي: هذا السارد يشبه الأول من حيث معرفته، بيد أنه لا يتدخل مباشرة في الأحداث وهو يلخصها أو يحللها بعد حدوثها، وهو أيضا يروي الأحداث بضمير الغائب (هو)، وبشكل حيادي عن إبداء أي تعليق أو تدخل مباشر في مجرى السرد.

ـ السارد الشاهد: وهو السارد الموجود في النص السردي بصيغة ضمير المتكلم (أنا)، وهو يشاهد الأحداث ولا يعلق عليها أو يتدخل فيها أو يحللها، وظيفته التسجيل، فهو يروي الأحداث من الخارج مقتصرا على نقل الملامح والمظاهر الخارجية للشخصيات والأحداث.

ـ السارد البطل: وهو السارد المشارك في أحداث المتن السردي مع بقية الشخصيات. بصفته ضمير المتكلم(أنا) أو بصفته شخصية رئيسة.

ـ السارد البانورامي: ويصطلح عليه فريدمان بـ(الكاميرا) وهو أسلوب سينمائي يكون فيه السارد عارضا لمشاهد من الحياة من دون تدخل أو تنظيم لها، فهو عدسة كاميرا تصور ما التقطته عيناه.

 وينقسم السارد كذلك إلى سارد داخل حكائي، وسارد خارج حكائي عند جينبت، و في هذا القصة يحضر السارد بصفته "داخل حكائي"، يحكي القصة و يشارك فيها بل هو الشخصية المحورية. سواء السارد الأول أو الثاني كلاهما مشارك في الأحداث. يقول السارد الثاني "هذا السقوط الرتيب لنقط مختلفة ... يرمي في أعماقي كآبة صماء عن الشعور بتفاهة العالم وعجزه. انه يذكرني برجل ينام مع امرأة شقراء".

ـ وظائف السارد[xiv]:
- وظيفة سردية:
لا وجود لسرد بدون سارد يقول جرار جينيت، أي أنه المصدر الوحيد للمعرفة في هذه القصة هو السارد.

- وظيفة توجيهية: تعنى بتنظيم الحوار، وترتيب التسلسل الزمني في الحكاية وفق توجيهات السارد نحو مصائر معينة يريدها. هو الذي جعل من الشخصية الرئيسة شخصية منعزلة وليست منفتحة، ورتب القصة حسب هواه، فبدأ بأحداث العزف على الكمان فالرسم ثم الكتابة الروائية.

- وظيفة تواصلية: أو تبليغية، من خلالها يسعى السارد إلى فتح جسور التواصل مع مسرود له، عبر مجموعة من المؤشرات: (اللغة، الموضوع، طريقة الحكي). أنظر المسرود له.

- وظيفة الشهادة: وتتجسد في إيهام المتلقي بواقعية الأحداث وذلك من خلال إيراد السارد لأماكن (الغرفة، الشارع، الساحة، المدينة) ولشخصيات تاريخية ( بيكاسو، كامو، همنغواي، نجيب محفوظ...).

- وظيفة إيديولوجية: وهي تلك الغاية والهدف المتوخى من إنتاج النص وقد تكون عبارة عن موقف فكري أو فلسفي أو ثقافي أو عقائدي. ووظيفة الإيديولوجية واضحة في القصة وهي تنطلق من الخلفية النفسية، فالسارد يسعى إلى تعرية الواقع وتشويهه وهو ما مثل له بالفن السريالي، فالمعروف عن هذا الفن أنه يصور الواقع بطريقة مشوهة. كما أن السارد يقوم بعملية جرد لأهم الفنون التي يمكن أن تعري الواقع : الموسيقى، الرسم، الكتابة. فهذه الفنون لها سلطة قوية، وبمثابة مدافع مزلزلة تستطيع هز الواقع وتعريته.

المسرود له:
يقابل السارد مسرود له بحسب جيرالد برانس، ويعرف المسرود له قائلا: "الشخص الذي يسرد له أو المتموقع في السرد، وهناك على الأقل، مسرود له لكل سرد يقع في مستوى الحكي للسارد نفسه الذي يوجه الكلام له أو لها"[xv]، كما يعرفه كذلك تودوروف قائلا: "ليس المسرود له هو القارئ الفعلي، كما أن السارد ليس هو الكاتب، علينا ألا نخلط بين الدور وبين الممثل الذي يؤديه"[xvi].

 ونحدد موقعه في العملية السردية من خلال الخطاطة التالية:

 السارد                          السَّرد                    المسرود له

 وهو كذلك متنوع:

ـ المسرود له الظاهر: شخصية موجودة في النص السردي بصفتها مشاركة في الأحداث ولها دراية كمعرفة بقية الشخصيات.

ـ المسرود له الخفي: فهو لا يمتلك أي ملامح أو صفات تحدده، بعيد عن الأحداث. فمن الصعب تشخيصه لكونه شخصية خيالية في ذهن السارد.

ـ المسرود له الممثل: هو مسرود له حاضر في الأحداث كشخصية مراقبة أو معلقة أو مشاركة.

ـ المسرود له شبه الممسرح: وهو بين الظاهر والخفي. يكون غير مشارك في الأحداث ولا يقوم بأي فعل داخل القصة، وإنما يحضر من خلال استعمال الضمائر: (أنت، وأنتم) وغيرها. وموقعه خارج القصة، إلا أنه حاضر في الخطاب السردي دون ملامح وصفات تشخصه.[xvii]

ـ القارئ الضمني: وهو الأنا الثانية للقارئ الحقيقي. تكون الحكاية ذات مقصدية موجهة إلى قارئ معين.

 ويميز الباحث الأمريكي جيرالد برانس بين المسرود له والقارئ الفعلي، بكون الأخير يقوم بقراءة العمل الأدبي بينما الأول يمكنه أن يتدخل في المحكي، كما يمكنه أن يتحول إلى سارد كما هو الشأن في الحوارات.[xviii]

 وفي النص يتجلى لنا المسرود له في المنولوج الذاتي، حيث تستحيل الذات من سارد إلى مسرود له. ويلعب الدورين معا. فهو سارد ممثل ومسرود له ممثل. وفي هذه الحالة فهو مسرود له داخل حكائي. وهذا لأن النص يطغى عليه المحكي السيكولوجي. والأمثلة كثيرة:

 "ومع الزمن اكتشفت ذلك الرعب المطارد في مومس مبذولة تقول لي بازدراء: من أنت؟"

 "قلت: لماذا لا تصبح موسيقيا أيها السيد؟"

 "كيف تستطيع أن تتحدى الفجيعة؟".

 "داهمتني فكرة مفاجئة: لماذا لا تحاول أن تكون رساما سرياليا؟".

كما نجد كذلك مسرود له آخر في النص يتمثل في" نا" الدالة على الجماعة: ذات السارد والأطفال "أي حياد جدير بالتقدير كان بيننا؟" فهنا لدينا مسرود له فرد (السارد) ومسرود له (جماعة) من الأطفال.

 كما نجد كذلك مسرود له آخر في المقطع الأخير من القصة من خلال الحوار المؤطر بعامل الاستذكار، بين المرأة والسارد. فأحيانا نجدها ساردا ومسرودا له، وأحينا أخر نجد السارد نفسه، ساردا ومسرودا له. تقول القرينة النصية: "قالت يوما: أود أن أكون لك!! "همست: إنني لك!"، " وقلت لها: لا يوجد بيننا تواصل. وصمتت. ثم دست لسانها في فمي."

نلاحظ أن هناك هيمنة للمسرود له الظاهر في النص.

10ـ الرؤية السردية:
أو التبئير عند جيرار جينيت، وهي ذات علاقة بالكيفية التي يدرك بها السارد القصة، يعرفه جنيت قائلا: "تحديد زاوية الرؤية ضمن مصدر محدد، وهذا المصدر إما أن يكون شخصية من الشخصيات، أو ساردا مفترضا لا علاقة له بالأحداث"[xix] وينقسم التبئير إلى ثلاثة أنواع:

أ- تبئير من الدرجة صفر: السارد يعرف أكثر مما تعرفه الشخصيات.

ب- تبئير داخلي: وفيه تتساوى معرفة السارد مع الشخصية. السارد يكون مجرد شاهد وملاحظ، وهذا النوع من الرؤية، يكون حاضرا بقوة في السيرة الذاتية، والمذكرات، واليوميات.

ج- تبئير خارجي: تكون فيه معرفة السارد أقل من معرفة الشخصية.

في هذه القصة تم اعتماد التبئير الداخلي، لأن السارد عالم بكل التفاصيل ولأن النص يطغى عليه المحكي النفسي، فهو شخصية تعرف نفسه وتدركها، ونلمس ذلك من خلال قوله: لذا قررت العيش كجرذ أجرب بعيدا عن الوثائق العصرية، أحلم بأشياء كثيرة لا تطال، تبقى وترسو في أعماقي كمشاريع لا شمس لها". ويقول كذلك " جربت أن أكسر القوالب و كل البدايات الكلاسيكية، محاولا إثبات عبقريتي في إبداع موسيقى خاصة، لها صفتها الحضارية كي أتحرر من هذا البؤس الزماني الذي لا يدركه مزيفو مدينتي الممتطون لحصان طروادة. كان المهم أن أجد نغما أرتاح إليه في وحشتي الكئيبة.

الجانب السيميائي:
ـ المستوى السطحي:
1ـ التقطيع الدلالي:
سنستبعد الفاصل التمثيلي لأن شخصية السارد هي المتحكمة في القصة بشكل احتكاري من بدايتها إلى نهايتها. وسنقصي كذلك الفاصل الفضائي لأنه لا يوجد أي تحول في الفضاء، نفس الفضاء يتحكم في مسار السرد. وسنستبعد الفاصل السردي لأنه رغم أن هناك مقاطع سردية وأخرى وصفية، وأخرى حوارية إلا أنها لا تخدع لمنطق تناسل الأحداث، ونجدها تتراكم في الحدث الواحد. ونستبعد كذلك حتى الفاصل المرتبط بنظام الصفحات لأنه وضع بشكل عشوائي لا يخدع لمنطق تقسيم الأحداث في القصة.

 وأخيرا سنعتمد على الفاصل الزمني، لأنه عند بداية كل مقطع جديد مستقل بذاته يشكل قصة واحدة تندمج في القصة الكبرى هناك تحول في الزمن، بيد أن هذا التحول يجعل القصة معقدة للغاية وليس من السهل إبراز خطاطة الزمن بالسهولة واليسر. إلا بعد قراءة فاحصة.(وللإشارة فإنني غير مقتنع البتة بهذا التقطيع. ولكن رأيت أنه من الجبن أن أتجاوز هذا الشق الهام في هذه النظرية والذي يقفز عنه كثير من الدارسين لصعوبته، فهذا الفاصل لن يكتمل إلا بترقيع من الأستاذ الفاضل المشرف على هذا العرض).

المقطع الأول: من "ثمانية شهور وأيام في غرفة ما" إلى " قلت: لماذا لا تصبح موسيقيا أيها السيد؟".

في هذا المقطع يؤطر لنا السارد القصة زمانيا وفضائيا، بل وحتى تمثيليا، فلسان واحد حاضر هو لسان السارد. وكأننا أمام توطئة يستهل بها السارد الأحداث ويفرش بها أرضية القصة. وفي هذا المقطع يظهر الخصام جليا بين السارد والمدينة والرتابة التي أحدثتها الغرفة إثر العزلة. يقول: "تعودت على هذه الغرفة، تآلفت معها ولم يشكل ذلك أي إدهاش لي، فالصمت والجدران المدهونة و المغسلة وتلك الكتب المبعثرة كانت تسليتي الوحيدة خلال الأيام المتواصلة التي لا تثبت شيئا". ما جعله يفكر في حل يعوضه ملل المدينة، ففكر في الموسيقى.

إذن لدينا الذات (السارد الممثل)، والتي اتضحت لنا رغبتها المتمثلة في الوصول إلى موضوع القيمة وهو التخلص من كابوس المدينة ومللها من خلال العيش في عزلة بغرفة بحي مشبوه. وهنا يبرز لنا أول عنصر من عناصر القيمة الصيغية. وهو الإرادة في ارتباط مع عنصر القدرة، والشاهد من النص: "لذا قررت العيش كجرذ أجرب بعيدا عن الوثائق العصرية." بالإضافة إلى عنصر آخر المعرفة: "بدأت أفكر بمشروع ما يزيح كابوس المدينة ومللها عله يعوضني هذه الهزيمة. قلت: لماذا لا تصبح موسيقيا أيها السيد؟" فالسارد من خلال هذا السؤال يعرف الحل الذي سيخرجه من ملل المدينة وكابوسها ويعوضه الهزيمة.

وفي ظل هذه القيم الصيغية نجد عوامل مساعدة وعوامل معاكسة. فالأولى تتمثل في التعود على الغرفة والتآلف معها بالإضافة إلى الصمت، والمغسلة والكتب. يقول السارد: "تعودت على هذه الغرفة، تآلفت معها ولم يشكل ذلك أي إدهاش لي، فالصمت والجدران المدهونة و المغسلة وتلك الكتب المبعثرة كانت تسليتي الوحيدة." أما العوامل المعاكسة فنجد المدينة وهي عامل مضاد حرك السارد للبحث عن ملاذ يخلصه من كابوسها ومللها. والقرينة: "بدأت أفكر بمشروع ما يزيح كابوس المدينة ومللها". الذات هنا لا تزال في مرحلة التحفيز، أي ذات ممكنة، لأن هناك دافع يحفز الذات على التفكير في مشروع يزيح عنها كابوس المدينة. وهذا يفضي بنا إلى القول أن الذات لم تتصل بموضوع قيمتها واستقرت في حالة انفصال رغم توفر عوامل مساعدة.

ـ المقطع الثاني: من "وخرجت ذات يوم إلى المدينة " إلى " ولو بطريقة مومسية".

في هذا المقطع تبدأ رحلة البحث عن الذات المفقودة في رتابة وعزلة الغرفة اثر خصام السارد مع المدينة. وقد عبر عنه السارد بفعل الحركة (خرجت)، فيبدأ بأول محاولة لكسر سكون الغرفة ووحشتها وكآبتها بشرائه للكمان، لكن سرعان ما كسر الأطفال غبطة السارد وهو يلامس أوتار الكمان في محاولة البحث عن النغمة التي يحس بها في داخله. وتتجلى لنا أول القيم الصيغية؛ الإرادة من خلال شراء الكمان، وكذلك حتى القدرة وهو يجرب ملامسا أوتار الكمان. يقول السارد: "جربت أن أكسر القوالب و كل البدايات الكلاسيكية، محاولا إثبات عبقريتي في إبداع موسيقى خاصة". "ورغم أنني لم أصادف النغمة التي أبحث عنها، لكنني كنت أحسها وأن بمقدوري عزفها". بالإضافة إلى المعرفة من خلال ملامسة أوتار الكمان وشعوره بغبطة، والقرينة : "وعندما كنت ألمس أوتار الكمان، كنت أشعر بغبطة لا حدود لها" فهو يعرف أو تعلم العزف. ورغم أن الذات في هذا المقطع تتوفر على بعض القيم الصيغية إلا أنها ما تزال في انفصال عن موضوع قيمتها الذي تحول بينها وبينه العوامل المعاكسة. المتجلية في الأطفال "هل علي أن أبدأ شيئا جديدا لا يكسره الأطفال؟بالإضافة إلى شعر الذقن الطويل المخيف. فهو عامل مضاد للذات، كما نجد أن عوامل أساس مضمنة في هذا المقطع حالت دون تحقيق الذات لموضوع قيمتها وقد أشار لها السارد ب "زمن المدينة المتراكم فوق فرسان اسبارطة." وهنا إشارة قوية إلى السلطة الديكتاتورية المهيمنة على البلاد. فالسارد يحاول تجاوز محنته وتفوقه على العزلة التي كانت كابوس المدينة سببا فيها. بالموسيقى. وفي هذا المقطع نلاحظ أن الذات انتقلت من ذات ممكنة إلى ذات محينة لتوفرها على الكفاءة عبر مجموعة من المؤهلات (الخروج إلى المدينة، التفكير في التحدي، العزف الموسيقي.)

ـ المقطع الثالث: من "في عصر اليوم الثاني خرجت من الغرفة بسرعة متحاشيا العناكب" إلى "نمت ساعات متواصلة بعد أيام من المثابرة لتخطي اللعبة التي اخترتها كما اشتهي".

في هذا المقطع ينتقل بنا السارد إلى حدث آخر كبديل للموسيقى التي لم توصله إلى موضوع قيمته وهو التغلب على السأم والملل. ففكر في الرسم، وليس أي رسم، إنه الرسم السريالي الذي يهدف إلى إطلاق الأفكار المكبوتة التي يعتبر الفنان الاسباني سلفادور دالي أحد أقطابه وقد ذكره السارد إلى جانب سيزان وبيكاسو كإشارة قوية تعكس أفكاره. وهنا كذلك نجد أن السارد قد ميز هذا المقطع عن سابقه بفعل الحركة الذي جاء مرفوقا بالتحول في الزمن (في عصر اليوم الثاني خرجت من الغرفة.) والسارد في هذا المقطع وهو يحاول أن يتمرن على الجدار يجسد لنا حالته النفسية من خلال رسمه بالكلمات لمجسم الصليب وهو إشارة قوية للألم والخيبة والوحشية. يقول: "رسمت مبدئيا دائرة. وضعت فيها نقطتين. ثم مستطيلا وضعت فيه نقطة. وصلته من طرفيه بخطين منفرجين، كان بالإمكان وضع نقطة أخرى في منطقة التلاقي. ثم رسمت يدين مرفوعتين نحو الأعلى. وفي القبضتين حاولت إبراز التشنج..."، ويضيف في فقرة أخرى معبرا عن موقفه من السلطة في علاقتها بالشعب " وفي الجانب العلوي أبرزت عينين حقيقيتين فيهما وحشية، وفي الأسفل رسمت عظاما مكسورة ثبت بجانبها زهرة عباد الشمس." فما العين الوحشية هنا إلا رمزا للسلطة، وما العظام المكسورة سوى دلالة على الشعب. كما يؤكد كذلك على رغبته في إيضاح الرسم والتعبير عن المكنون لكنه يعجز عن الوصول لموضوع قيمته، يقول: "وكانت اللوحة واضحة في ذهني. لكنها لم تكن هناك على الجدار. ومرت لحظة خاطفة خيل إلي خلالها أن عمري سينفجر قبل أن أستطيع إيضاح تلك اللوحة على جدار أو ورقة". وان كان لم يوفق في إيضاح ما يريد رسمه إلا أنه استطاع أن يمرغ الجدار بحرية تامة اختارها هو، ما ولد في دواخله إحساس بالراحة، لكن هذه الراحة كانت نسبية لأن المشهد المرسوم فظيع وتافه خلقه أحمق مصاب. وهكذا فقد ظلت الذات في انفصال عن موضوع قيمتها رغم وجود مجموعة من العوامل المساعدة :اتساع الغرفة + مريحة، الهدوء، الحيادية، حمى الرسم، الإحساس بالراحة .. في هذه المرحلة ما تزال الذات تكابد لأجل الحصول على موضوع القيمة الوحيد وهو التخلص من الملل الذي يشكل أزمة نفسية للذات. وبالتالي فالذات استقرت في"الذات المحينة".

ـ المقطع الرابع: من"واللحظة وأنا يقظ أشعر بأنني لم أتفوق على شيء ولم أنجز شيئا " إلى " الآن يمكن أن يصنع أي شيء آخر".

في هذا المقطع فكر السارد في ملاذ فني آخر بعد مخاض، يجعله يتصالح مع ذاته ويرفع عنه الحصار المخيم على النفس والجسد. ففكر في الكتابة الروائية كبديل تمكنه من القبض على النغمة أو اللوحة المفقودة، فتعيد له كرامته خصوصا وأنه يمتلك خلفية من القراءات والانجازات الصغيرة. فالذات في هذا المقطع تحاول الانتصار لنفسها وتجعل القلم الورقة الرابحة لقهر العزلة واستعادة الكرامة. يقول: "إن تصبح روائيا في نهاية المطاف وتبدأ من جديد. تقدم شيئا يحيا ويخلد، يهز ويفجع، فهذا باهر فعلا"، رغم العوائق التي تحول دون ذلك: الاختمارات الخلفية، الإدراك السابق، عدم الشهرة، مشكلة الناشر، القارئ الذي يفضل الكسل، المتعصبون...، بيد أن هذا لم يمنعه من خوض غمار الكتابة وإن كانت تتخللها اختمارات سابقة. يقول: "كانت طاقة الكمون هي التي دفعتني للاستمرار رغم أن ما كتبته ذكرني بقراءات سابقة". لكن السارد يفشل في مسعاه وتنتهي القصة دون تحقيق الذات لموضوع قيمتها: وتظل الذات محينة دون الوصول إلى الذات المنجزة. رغم توفرها على مجموعة من القيم الصيغية: الإرادة (لماذا لا تجرب أن تكون روائيا أيها السيد الخلاق؟)، والقدرة (ورغم ذلك بدأت هذا السقوط الرتيب.)، والمعرفة (انك تملك خلفية من القراءات والانجازات الصغيرة وثمة كتب كثيرة.)

وتجدر الإشارة في هذا المقطع إلى وجود قصة أخرى صغرى ضمن القصة الإطار الكبرى. تتضمن ما خطه السارد في العمل الروائي، فهو يقدم لنا حكاية أخرى مستقلة بساردها وشخصياتها وأحداثها، وان كانت تندرج في نفس السياق الذي يعالجه. ويبدو أن السارد متأثر بفلسفة كامو الوجودية فنجد أنه يقوم بجرد لعصارة أعماله، يتحدث عن عبث "كامو" الذي يقر بأن الإنسان سيفشل في الوصول إلى معنى في الحياة، وذلك لاعتبار أن الحياة ليس لها معنى واضح، ويبدو أن السارد يشعر بألا معنى للحياة في ظل العزلة التي يعيشها. ويبدو للوهلة الأولى أنه يتحدث عن رواية السقوط فنجد أنفسنا أمام تناص لأفكار كامو، والسارد نفسه يعترف بهذا لما تحدث عن الاختمارات الخلفية ولما صرح قائلا "إنني أكتب عن عبث كامو"، ثم نجده يلمح كذلك إلى ما جاء في الحصار ليخلص إلى التلميح لمسرحية كاليغولا، يقول: "تود حصر العالم في قبضتيك يا "كاليغولا" العصر الحديث". وفي الأخير يتخيل إلينا أننا أمام الغريب لكامو. وسنخص هذه القصة المضمنة ببرنامج استعمالي.

2 ـ البرنامج السردي:
لا بد من الوقوف على البرنامج السردي المؤطر لفضاء القصة ككل وهو البرنامج القاعدي الذي فتح لنا الباب للتعرف على المتن الذي بين أيدينا، لكن بعد أن نباشر بالبرنامج الاستعمالي.

ـ أـ البرنامج الاستعمالي:
ـ علاقة الرغبة:
لدينا الذات (السارد الثاني) يرغب في موضوع قيمته (البحث عن الاكتفاء).

ـ علاقة التواصل: لتحقيق التواصل لا بد من محرك أو دافع يسميه غريماس مرسلا، ونمثل له ب(الحصار) يقول السارد أن هناك محاصرون وكان وحدا منهم. ونمثل للمرسل إليه وهو المستفيد ب(السارد الأول أو القارئ).

ـ علاقة الصراع: تتحقق بين عامل مساعد يقف إلى جانب الذات والثاني يعمل دائما على عرقلة جهوده من أجل الحصول على الموضوع. ونجد أن هناك هيمنة قوية للعامل المعاكس (السقوط الرتيب، الانفصام، الكآبة، الحصار، الزمن المضاد...) في غياب العوامل المساعدة.

البرنامج الاستعمالي                     المرسل العامل الذات                   المرسل إليه

الحصار                السارد الثاني                            السارد الأول+القارئ

المساعد                        الموضوع                               معاكس       

 البحث عن الاكتفاء السقوط الرتيب      الانفصام+ الكآبة        الحصار+ الزمن المضاد

نلاحظ أن عامل الذات أخفق في الحصول على موضوع قيمته وهو الاكتفاء الذي وقف الزمن عقبة دون تحقيقه، وهكذا فرغم تتحقق بعض القيم الصيغية مثل الإرادة والمعرفة، فإن الذات ظلت في انفصال عن موضوع قيمتها، وما يؤكد هذا هو الهيمنة السلطوية للعامل المعاكس. وهكذا فالبرنامج السردي الاستعمالي كان برنامجا سلبيا.

ـ ب ـ البرنامج القاعدي
البرنامج السردي القاعدي

المرسل                         العامل الذات                            المرسل إليه

 كابوس المدينة ومللها السارد السارد

المساعد                        الموضوع                               معاكس       

 الكمان+الرسم+الكتابة          (تحدي الملل والسأم)                    المدينة+الزمن+مزيفو المدينة

 الهدوء+الحيادية                الأطفال+الهزيمة+الفجيعة+الصداع       الحيوية+النشاط+طاقة الكمون الحصار الكبير+الاختمارات الخلفية

نلاحظ كذلك أن حتى البرنامج القاعدي سلبي وذلك لهيمنة العوامل المعاكسة على المساعدة رغم توفر القيم الصيغية، لأنه في الوقت الذي كان الآخرون يتصالحون مع العالم ويوقعون عقد بالمصالحة الأبدية كانت الذات توقع عقدا مع القضايا الخاسرة، وتنتهي القصة وتظل الذات في انفصال عن موضوع قيمتها ولا تتجاوز "الذات المحينة".

3 ـ المكون التصويري:
وفيه يتم استخراج الأنظمة الصورية المبثوثة على نسيج النص. ويتعلق بالوحدات المعجمية التي تصور مختلف جوانب النص.

 ـ المسار التصويري: يعتمد على مبدأ التراكم والتشاكل، ويحدده كريماس كونه: "مجموعة صور متلاحمة يشد بعضها بعض ويحيل بعضها على بعض"[xx]. ويتحدد كذلك "بصفته تسلسلا متشاكلا من الصور يكون ملازما لتيمة معينة ويكون هذا التسلسل قائما علي الترابط بين الوحدات التي تؤطر ضمن فضاء دلالي متشاكل."[xxi]

 ونجد في النص: الصمت، الكابوس، الملل، الهزيمة، الغريب، موحش، الرحيل، الكآبة، الغرابة، السأم. كلها كلمات تفيد معنى واحدا هو اليأس والانشطار النفسي.

وحين قال السارد: "وجوه وأرجل. أغصان ومكعبات. غيوم ورؤوس مشوهة. رؤى تستطيع أن تتخيل فيها كل شيء ولا شيء". فإنه يشير من خلال هذه المفردات إلى الفن السريالي.

أوحين قال: "رسمت مبدئيا دائرة. وضعت فيها نقطتين. ثم مستطيلا وضعت فيه نقطة. وصلته من طرفيه بخطين منفرجين، كان بالإمكان وضع نقطة أخرى في منطقة التلاقي. ثم رسمت يدين مرفوعتين نحو الأعلى. وفي القبضتين حاولت إبراز التشنج وتابعت رسم خطوط مجاورة، خلفية وأمامية". فهذه الفقرة تحيلنا على معنى واحدا وهو "الصلب". وهي ترسيمة شبيهة بصلب المسيح. والأمثلة كثيرة في النص.

نحدد كذلك المسار التصويري من خلال مجموعة من السمات المتعلقة بالشخصيات:

ـ السارد مثلا: مثقف، وحيد، يعيش الحصار، يعاني من العزلة، يفتقر للدفء العائلي، حيادي، يعشق الفن والإبداع ... كل هذه الوحدات المعجمية تعطينا صورة شمولية عن السارد.

نستنتج أن جل المسار التصويري تقريبا مرتبط بنفسية السارد المنكسرة. وهذا الركام من المسار التصويري السيكولوجي سيأخذنا إلى تجمع تصويري يمكننا أن نلخصه مسبقا في:" المعاناة النفسية".

 ـ التجمع التصويري: وهو ما يسمى بالصورة النواتية، أي تجميع لمجموعة من الصور، ويحدده غريماس بقوله : "نسوق مثالا مألوفا دالا على هذا الضرب من التعبير التصوري وهو أن الشمس تنتظم في إطارها كوكبة من الصور مثل الأشعة، الإشراق، الحرارة، الشفافية"[xxii].

 وفي النص نجد لفظة "الحصار" تجمع دلالات متعددة: البؤس+ القصور+ الحزن+ الحماقة + فقدان القدرة+ المعاناة+ التعذيب+ الذعر+ الجبن...

وكذلك بالنسبة لـ"لإختمارات الخلفية" فهي تجميع لمجموعة من الصور: "الإدراك السابق، وعدم الشهرة. مشكلة الناشر. القارئ الذي يفضل النوم أو الرقص أو السكر على قراءة كتاب لناشئ جديد أو مشهور. ثم أولئك المتعصبون الذين يتقنون إطلاق الرصاص على كل موهبة تحاول أن تثبت جدارتها على هذه الأرض الموبوءة."

ـ المستوى العميق:
4ـ المربع السيميائي:

يعتبر أهم ما جاء به غريماس، وقد استنتجه من أرسطو القائم على علاقات أربع: التناقض، التضاد، التكامل، والتماثل، مميزا بين المستوى السطحي وتحليل العمل الأدبي[xxiii].

ومن خلال قراءة هذا النص وتحليله يتبين أنه مبني على ثنائية ضدية صريحة:

ـ الحصار: و تدل عليه القرينة التالية (ويومها لم يخطر ببالي أنني سأحاصر بمثل هذه الجدران)،( ثم خلال عملية الولادة هل يستطيع هدم حجر صغير؟ فتح ثغرة في هذا الحصار الكبير المخيم على النفس والجسد؟)، (كان هناك محاصرون آخرون... كنت واحدا منهم ).

ـ الحرية : والقرينة النصية تقول (جربت أن أكسر القوالب... كي أتحرر من هذا البؤس الزماني الذي لا يدركه مزيفو مدينتي الممتطون لحصان طروادة.)،( إن لعالمي ميزاته الرائعة: الهدوء. والحيادية المفتقدة في كهوف المدينة. وممارسة أي اختيار بعيدا عن عجلات الزمن)،( وكان من الرائع حتى النشوة بل حتى الموت أن يغرق الإنسان في عمل خاص يختاره هو).

 علاقة تضاد

    الحصار                                            الحرية

 تضمين علاقة تناقض تضمين

 لا حرية                                                                   لا حصار  تحت التضاد

ـ لا حصار: العزلة، فهي أقرب إلى اللاحصار لأنها تكون طوعية وفي نفس الوقت تدخل في الحصار." لذا قررت العيش كجرذ أجرب بعيدا عن الوثائق العصرية".

ـ لا حرية : ويمثل لها السارد بالغرفة لأنه لا يحس بحريته بين أرجائها، رغم أنه يتوفر على الهدوء والحيادية "مع مرور الأيام ذات الإيقاع الواحد، تعودت على هذه الغرفة، تآلفت معها"، ونجد أن حتى المدينة تمثل لا حرية لأن السارد رغم كونه يتجول في شوارعها، لكنه يفتقد للحرية لأن فيها أشياء محرمة "المدينة ليست لي وحتى الأشياء الصغيرة فيها محرمة وملوثة على نحو ما".


[i] ـ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.

[ii] ـ معجم السيميائيات، فيصل الأحمر، ص 226.

[iii] ـ عبد الحق بلعابد، عتبات، تقديم سعيد يقطين، ص 74.

[iv]ـ محاضرة الدكتور حسن لشكر. 05/06/2013.

[v] ـ عبد الحق بلعابد، عتبات، تقديم سعيد يقطين، ص 77ـ88.

[vi] ـ جرار جنيت، نقلا عن محاضرات الدكتور عبد العالي بطيب، الموسم الدراسي 2013.

[vii] ـ حسن بحراوي : بنية الشكل الروائي، ؛ الفضاء/ الزمن/ الشخصية، الصفحة 117

[viii] ـ فليب هامون : سيميولوجية الشخصيات الروائية، ص 8

[ix] ـ أنظر، محكي الأفكار، نظرية السرد، من وجهة النظر الى التبئير، جرار جنبت وآخرون.

[x]ـ يان مانفريد، علم السرد (مدخل إلى نظرية السرد)، ترجمة أماني أبو رحمة،دار النشر نينوى،ص70.

[xi]ـ يان مانفريد، علم السرد (مدخل إلى نظرية السرد)، ترجمة أماني أبو رحمة،دار النشر نينوى،ص72.

([xii])- سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، ص :292.

([xiii])- سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، ص 286.

[xiv] ـ نظرية السرد، من وجهة النظر الى التبئير، جرار جنبت وآخرون، ص101ـ102.

[xv] ـ جيرالد برانس، المصطلح السردي، تر:عابد خزندار،ط2،2003،ص142.

[xvi] ـ تودوروف، الشعرية، تر:شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، دار تبقال،ص 58.

[xvii] ـ ثامر فاضل، الصوت الآخر، الجوهر الحواري للغات الأدبية، ص:.134.

[xviii] ـ محاضرة الدكتور حسن لشكر موسم:2013/2014.

[xix] ـ حميد الحميداني : بنية النص السردي، الصفحة 46.

[xx] - محمد الناصر العجيمي، في الخطاب السردي نظرية غريماس، ص : 79.

[xxi] ـ عبد المجيد نوسي، التحليل السيميائي للخطاب السردي،ص 171

[xxii] - محمد الناصر العجيمي، في الخطاب السردي نظرية غريماس، ص.80

[xxiii] - فيصل أحمر، معجم السيميائيات، ص :210.