معرض كليلة ودمنة

 بعد أكثر من سبعة أشهر قضاها في استدراج ذاكرة أدبية عالمية استوحاها من حكايات كليلة ودمنة، أعلن متحف البحرين الوطني مساء يوم الاثنين الماضي الموافق 30 ديسمبر انتهاء معرض "كليلة ودمنة، حكايات عبر الزمن"، ليختتم بذلك فصلاً مميّزا من فصول اشتغاله الثقافي والإنساني ويتهيّأ لاستقبال المزيد من العروض المتحفية الأخرى من حول العالم.

 وكان معرض "كليلة ودمنة فتح أبوابه نهاية شهر أبريل 2015م بتعاون ما بين متحف البحرين الوطني ومتحف الأطفال بمدينة إنديانا بوليس الأميركية. حيث استعاد في قاعة العرض بالمتحف شخصيات تلك الحكايات والدروس الاجتماعية والأخلاقية الموجودة فيها من خلال المقتنيات والمعروضات التي تعالج عدة جوانب متعلقة بالقصص منها الفنية، التاريخيّة، والاجتماعية. وتضمنت المعروضات ورقة أثرية من المخطوط الأصلي لكتاب كليلة ودمنة، شاشة عرض بثّت صورا لمجموعة من أوراق المخطوط الأصليّ، رسومات مصاحبة لكل قصة من القصص التي تم اختيارها للفنانة الدكتورة صبيحة الخمير، ألعاب تفاعلية للأطفال. هذا بالإضافة للعديد من الفعاليات المصاحبة وورش المقدّمة للأطفال.

 وقدّم معرض "كليلة ودمنة، حكايات عبر الزمن" العديد من الفعاليات وورش العمل تنوعت ما بين أنشطة تلوين الوجوه، سرد الحكايات، وورش إعادة التدوير، النحت وتشكيل الشخصيّات، الطباعة اليدوية، الرسم والدراما، كما ضم المعرض مسرحًا استعرض عددا من الحكايات البحرينية التراثية مثل حكاية "الفسيجرة"، والتي تنطوي على المبادئ والقيم الإنسانية ذاتها التي تتناولها قصص كليلة ودمنة، في إشارة إلى عمق وغنى الموروث الثقافي والإنساني البحرينيّ، وصلته بالثقافة العالمية.

 وتماشياً مع الحراك الثقافي والاجتماعي العالمي، احتفى معرض كليلة ودمنة بالعديد من المناسبات العالمية كاليوم العالمي للطفل الذي استقبل خلاله المعرض العائلات والصغار في جدول ضم مجموعة من الفعاليات والأنشطة وتوزيع التذكارات بتلك المناسبة. أما في اليوم العالمي لمحو الأمية فقدّم المعرض ركنا خاصاً للقراءة بهدف التأكيد على أهمية الكتاب والقراءة في انتشار المعرفة وزيادة الوعي بالثقافية المحلية والعالمية. وفي اليوم العالمي للمتاحف وفّر معرض كليلة ودمنة لزواره أنشطة تفاعلية مختلفة وورش عمل ناسبت الأطفال من فئات عمرية متعددة.

 كما كان للكبار نصيب في معرض كليلة ودمنة، حيث استضاف متحف البحرين الوطني عدة محاضرات قدّمها أساتذة وباحثون عرب وعالميون تناولت قضايا متعلقة بالحكايات الأسطورية، كمحاضرة "التراث والحداثة" التي قدّمتها الدكتورة صبيحة الخمير، وتحدّثت فيها عن الرابط بين التراث والحداثة، ودور العملية الإبداعية في وسائل الاتصال والتواصل ما بين الأجيال وتراثهم. كذلك قدم المتحف محاضرة اختتم بها نشاط معرض كليلة ودمنة وجاءت بعنوان "دائرة كاملة: رسومات كليلة ودمنة من الهند إلى الشرق الأوسط وبالعكس"، وألقاها الدكتور برنارد أوكاين أستاذ الفنون والعمارة الإسلامية بالجامعة الأميركية بالقاهرة. وقدم فيها خلاصة أبحاثه المتعلقة بمسار انتقال الحكايات من أصولها في الهند ثم إلى المخطوطات العربية والفارسية والمغولية، والتي تم تصويرها برسومات تعتبر من أروع أمثلة الفن الإسلامي.

 جدير بالذكر أن كتاب كليلة ودمنة يعدّ من نفائس الأدب العالمي الخالدة، وهو مجموعة قصص رمزية ذات طابع يرتبط بالحكمة والأخلاق تعود لأصول هندية مكتوب بالسنسكريتية وهي من قصص الفيلسوف بيدبا، والتي تسرد مجموعة قصص خرافية أبطالها حيوانات، تهدف إلى النصح الخلقي والإصلاح الاجتماعي. وكان ابن المُقَفَّع (142هـ، 759م)، ترجم القصص وزاد عليها بعض القصص، أما الترجمات التي نُقلت عن النص العربي فكانت باللغات: السريانية، الإنجليزية، الفارسية، الهندية، التركية اليونانية، الإيطالية، اللاتينية، الإسبانية وغيرها.