تمهيد
كثيرا ما تُثير فينا كلمة لُغْز (Enigme) السُّخرية والضّحك، وكثيرا ما يُشار إلى أمر مّا عندما يتعنّت على صاحبه فهمه، ويعتاص عليه هذا الفهم باللّغز، كأنّ، في حُكمه إذن، لا إجابة له، ومن ثمّة فهو ينفر منه، ويغضُّ عنه الطّرْف، ويوليّه الدُّبُرْ. وهذه نظرة، أو تلقّي للّغز بالتأكيد سلبيّ، وينتقص من قيمته، لأنّه لا يرى فيه إلاّ الجانب اللّغوي فيه، فيستبعد، بالتّالي، مضامينه وأهدافه. والحقُّ إنّ اللّغزَ ماثِلٌ في كُلّ جانب من جوانب حياتنا. إنّنا في الغالب ما نتكلّم بالألْغاز، مُدركين ذلك أم غير مُدركين. إنّنا نعيش ألغازا، ونجترّها اجترارا وتجترّنا.
نسعى في هذا الطّرح إلى دراسة عيّنة من الألغاز الأدبية، دراسة بنيوية خِطابية هادفة، تروم تجاوز النظرة الضيّقة والمبسّطة التي انسربت إليها من بعض الدّراسات. ذلك أنّ هذه الدّراسات - خلا بعضها(1) - لم تكن ترى في الألغاز إلاّ مجرّد وسيلة للتّسلية وتزجية الفراغ(2). إنّنا نؤمن بأنّ هذه الألغاز، وإنْ كانت في ظاهرها ألفاظًا بسيطةً، هي في حقيقتها، وكما سيُبيّنه التحليلُ لاحقا، تتشكّل من بنية داخليّة مُختزلة، ولكن مُركّبة ومُعقّدة إلى أبعد حدٍّ، تكشف في حقيقتها عن جنس سرديّ أصيلٍ له خصائصه الأسلوبيّة وله دلالاته، هو جنس "الألغاز". نُريد بكونه أصيلا، تَوفُّرُ فيه خاصيّتان أساسيّتان اثنتان على الأقلّ، هما: الإيغالُ في القِدم من ناحية، والاستمرارُ في الحياة من ناحية ثانية. وهي، أيْ هذه الألغاز، كثيرا ما تُثير فينا تساؤلات وتدفعنا إلى الرّغبة في التدبّر والتفكير، وحَشْدِ كُلّ أسلحتنا الذهنية من أجلّ فكّ لُغْز قد يبلغُ أحيانا من اللُّبس والتناقض والغرابة حدًّا غير مفهومٍ. فما الذي يُمكن أنْ يفهمه المُتلقّي من قوله على سبيل المثال: "ما هو الشّيءُ الذي كلَّ ما زاد نَقُص؟ أوما هو الشيءُ الذي يتنفّس وليس لَهُ رُوحٌ ولا جسمٌ؟ وأنّى له أنْ يفهم لُغْزَ: "أيجوزُ الوضوءُ ممّا يقذفهُ الثُّعْبانُ؟"
نحاول الإجابة عن هذه الألغاز وأخرى انتخبناها في هذه القراءة الأجناسية المُبسّطة، مُحاولين بذلك التعريف بهذه الألغاز بداية، ثمّ الكشف عن بنيتها الأسلوبيّة الخبيئة، ودلالاتها التي تجعل منها جنسا سرديًّا مخصوصًا ينماز عن غيره من الأجناس الأدبيّة السرديّة، إذْ الأسلوبُ في هذه الحالة، هو آلية من آليات تحديد الجنس الأدبيّ"(3)، دون أن نتقيّد في ذلك بمرجع معيّن، لإيماننا بأنّ هذه الألغاز، كما الحِكَمْ والأمثال أو ما يَصْطلح عليه باحثُ تونسيٌّ "بـالأجناس الوجيزة"(4)، إنّما هي تدخل ضِمْن المِلْكِ الثقافيّ المُشترك والمتعارف عليه، فهي إذن مبذورة هنا وهناك في أخبار القدماء، وهي منثورة في نوادرهم، ومن العبث محاولة حصرها في مصدر بعينه(5).
- في تعريف اللّغز
يقول صاحب اللّسان، معرّفا اللّغز: "لغز، ألغز الكلام فيه: عَمَّى مُرَادَه وأضْمَرَهُ على خلاف ما أظهرهُ. واللُّغزُ: ما أُلْغز من الكلام فشُبّه معناه، واللُّغْزُ الكَلامُ المُلبَّسُ. وقد ألْغَزَ في كلامهِ يُلْغِزُ إلغَازًا إذا ورّى فيه وعَرَّض ليخفى والجمْعُ ألغازٌ"(6). وكان "قُدامة بن جعفر"(276 ه- 337 ه) قد جعل، في كتابه "نقد النثر"، من اللّغز جنسا فرعيّا ينضوي تحت جنس عامّ هو جنس "النثر" الذي يشترك مع جنس "الشِّعر" في كونهما "جنسيْن" عامّيْن ينضويان بدورهما تحت "الكلام"، أو "القول"، أو "الحديث" دون أن يدلّ على حديث الرّسول، الذي هو، في هذا المستوى، بمثابة "جنس الأجناس" عامّة منه تنحدر جميعُ الأجناس والأنواعُ والأشكالُ، وإليه تعودُ. يقول "قدامة"، في "باب اللّغز": "اللّغزُ من ألْغَزَ اليَرْبُوعُ ولَغَزَ إذا حَفَرَ لنفسه مُستقيما ثمّ أخذ يَمْنَةً ويَسْرَةً ليُعمَّى بذلك على طالبه"(7). وحديثا، تُعتبر محاولة المؤرّخ العثماني "حاجّي خليفة (1017ه- 1068ه)" في تصنيفه للعلوم محاولة مُهمّة في هذا الصّدد، لأنّها تحمل في طيّاتها تصنيفا مُعيّنا للألغاز، ومُهمّا. فهو يجعله عِلمًا خاصّا قائما برأسه ينضوي تحت علم أعمّ منه هو "عِلْمُ البيان"، وله قواعده وشُروطه التي يختصّ بها دون غيره من العلوم. يقول المؤلّف في كتابه "كشف الظّنون في أسامي الكُتب والفنون": "اللّغز هو الكلام إذا عمي مُراده"(8).
يُمكن أن نُلاحظ، من خلال هذه التعريفات المُخصّصة للّغز، أنّها تشترك جميعها في جعلها الغموض والغرابة هدفيْن أساسيّيْن للّغز، فهما عماده وركيزته، وهما سبب بقائه وديمومته، ومتى كان اللّغز أكثر إيغالا في الغموض، وإغراقا في الغرابة، كان بذلك أكثر تعجيزا، وقلّت نسبة فكّ نواميسه، ومن ثمّة، قلّت نسبة فهمه. ولعلّ ذلك سبب نجاحه وامتداده في الزمان.
- من مقوّمات الخطاب الألغازي
قد يُخيّل للمتلقّي السّامع بأنّ اللّغز أو الأُحْجية كما يُسميّه البعض، بحكم إطلاقتيّه في الزمان والمكان، هو غير مُقيّد بشروط وضوابط، ولا يحتوي على بنية مُحدّدة. والواقع إنّ للّغز نظاما، وله شروطه وقواعده التي تضبطه، وتميّزه عن غيره من أجناس الكلام، فهو مُرتبط بصيغ وأساليبَ مُحدّدة ومخصوصة - لعلّ أهمّها السّرد والحوار- ولا يستقيم إلاّ من دونها، فهي التي تنهض به بداية، وهي التي تضمن له ـوصوله إلى ذهن المُستمع – أي مُتلقيّه، في مرحلة ثانية، وهي التي تُظهر للقارئ في مرحلة أخيرة دلالاته المتنوّعة.- السّرد
يُستعمل السّرد في الألغاز ليدلّ على أحداث مضت وانقضت في زمن الماضي ولكنّها غدت، بُحكم تواترها واستحضارها في مناسبات مُعيّنة، أشبه بالحكاية التردّدية. ففي القول المُلغز: "ما هو الشيء الذي كلّ ما زاد نقص؟" تظهر قيمة السّرد الاسترجاعي (La narration ultérieure) باعتباره الأسلوب القصصي الأكثر قُدرة على استحضار نصّ هذا اللّغز ومكوّناته، روايات كانت أم قصصا أم أمثالا، وإعادة تحيينها وترتيبها في الحاضر لبسطها للمتقبّل بهدف التواصل معه. فلا مناص للمُتكلّم - مُرسل اللّغز وسارده- إذا ما رام إرسال لغزه، كيْ يصل إلى المتقبّل- أيْ المتلقّي والمسرود له- من التوسّل بالسّرد. فالسرد، في هذا المستوى، إنّما هو الأقدر على ضمان عمليّة إنتاج الكلام المُلْغز.
- السّرد
إنّ السرد هو الأسلوب القصصي الأساسي الذي يضمن المحافظة على هذه الألغاز وصيانتها، ويضمن استمرارها وذلك بتبليغها إلى المُرسل إليه، وبالسّرد يتحوّل اللّغز من الوجود المفترض إلى الوجود الفعلي، أي من الوجود بالإمكان إلى الوجود بالقوّة. فالسرد، بهذا المعنى هو "سابق للفعل الكلامي الذي ينتجه(9)، ذلك أنّ المتكلّم قد يستعمل هذا الأسلوب آداة لبناء لغزه، وإعادة ترتيبه وتنظيمه وتفنّنه في صياغته، وليراعي الدقّة في بنائه، فيقدّم فيه ويؤخّر، حتى يظهر للمتلقّي متناسق غير متنافر، وينتقي ما شاء له من ألفاظ التي تخدم لغزه، وقد يعمد المتكلّم، في سَوْقِه اللّغز، إلى حشده بالمتناقضات بهدف إفحام "خصمه" وتعجيزه، قبل أن يُرسله إلى هذا المتقبّل لفهمه وتحليله، وبالتالي الإجابة عنه. فالسرد يُشكّل بالتالي دعامة أساسية يقوم عليها "الخطاب الألْغازي"، وبدونه لا يُمكن أن نتعرّف عن مكوّنات هذا اللّغز، وإذن لا يُمكننا فهمه.
وقد يقوم السرد، علاوة على ذلك، بوظائف رئيسة في خطاب الألغاز، لعلّ أهمّها وظيفة التعريف بأحد الشخصيات الأساسيّة في الثنائية التي يقوم عليها اللّغز وهي ثنائية "مُرسل – مُتقبّل". وبالتالي يكتسي مُرسل اللّغز صفات السّارد البطل، ذلك أنّ هذه الوظيفة المنوطة بعهدته، والتي يمنحها له "المقامُ التواصليّ" تجعل منه في مقام "السّارد البطل"، مالكِ المعرفة المُطلقة في هذه الخطاب، والمالك "الحَصْري" للإجابة عن اللّغز، ولعلّ هذا ما يمنحه أفضلية وأسبقيّة "مؤقّتة" تجعلانه على رأس هذه العلاقة الهرمية التي تجمع بين "مُرسل اللّغز ومُتقبّله". وهي هرميّة تتجلّى كأبرز ما يكون في أسلوب "الحوار" الذي يظهر في الألْغاز.
- الحوار
إنّ المقام الذي تُنتج فيه الألغاز هو مقام حواري بامتياز. وبالرغم ممّا يُوحيه اللّغز، في بنيته الخارجية على الأقلّ، من كونه بنية خطيّة مُسترسلة، إلاّ أنّ هذا الحوار هو ضروري لبناء اللّغز، ويتجلّى ظهوره أكثر ممّا يتجلّى في الأجناس الأدبية الأخرى. وهو حوار مُباشر قائم على ثنائية (سؤال- جواب) بيْن طرفين هما: المُرسل والمتقبّل، أو الرّاوي والمرويّ له. يطرح المُرسل، بداية، سؤاله، نعني لغزه، فيُجيبه المُتقبّل. وليس ينبغي أنْ تكون الشخصيات في "الخطاب الألغازي"، أي الرّاوي والمرويّ له، شخصياتٍ حقيقيّة ذات أسماء متعيّنة معلومة، إنّما قد تكون افتراضية وهميّة، أو مجرّد ضمائر، وذلك عكس اللّغز المصوغ والمرويّ ذاته الذي يتشكّل، في الغالب، من لغة واقعيّة أو توهم بالواقعيّة. ومن هنا يكتسي اللّغز قيمة مُضاعفة تجعله ذا قيمة أساسيّة في هذه العلاقة الثلاثيّة التي يشترك فيها كلّ من "المُرسل – اللّغز- المُتقبّل". ولعلّ هذا الارتباط الثُلاثي الإلزامي هو وحده الضّامن لقيام اللّغز، وهو شرط تحقّقه.
وممّا يُؤكّد قيام اللّغز على الحوار المُباشر، إشارات دالّة على ذلك من قبيل، استخدام "المُرسل" أداة الاستفهام في صياغته للّغز مُخاطبا بها المُتحدّي، وفاتحا بها مقام التخاطب الألغازي في إطار ما يُمكن أن نصطلح عليه بـ"دائرة الاختبار أوالامتحان"، وهي دائرة غالبا ما تتجسّد في فضاءات مُعيّنة كالمجالس(10)، وأماكن السّمر، ومضافات القرى، وغيرها من وسائل الترفيه.
أمّا في لُغز "أَيَجوزُ الوضوءُ ممّا يقذفه الثُّعْبَانُ"، فإنّ "مُرسل اللّغز" يستعمل حرف الاستفهام (أ)، متبوعا بفعل (يجوز) الوارد في صيغة الحاضر. ولعلّ أسلوب الاستفهام، هو الصيغة الأساسيّة التي ينبني عليها اللّغز عامّة، فهو غالبا ما يبدأ به، ليتحقّق من أمر ما ( وفي هذه الحالة: جواز الوضوء ممّا يقذفه الثُّعبان). فالراوي، مُرسلُ اللغز، إذن، يروم - مبدئيّا- الاستعلام وتحقيق الإفادة من المتقبّل. وفي هذه المرحلة قد يستوي المُرسِلُ مع المُتقبّل في جَهْله بالإجابة عن اللّغز. إنّ ثنائيّة السؤال والجواب، هي التي تأسّست عليها بنية الألغاز الأدبيّة عموما. وفي السّؤال رغبة في الفهم والتوضيح، لذلك يُروى عن النبيّ (ص) أنّه قال "العِلْمُ خزانة مفتاحها السّؤال، وقال أنس: السّؤالُ يُثمر العِلْم، وقيل: سَلْ سُؤال الحمْقى واحْفَظْ الأكياس"(11)، بيْد أنّ هذا الاستفهام الذي يطرحه المُرسل، وإنْ كان في ظاهره يُوحي بالرّغبة في الفهم والاستفهام عن مضمون الجُملة المُثبتة، هو في حقيقة الأمر يتجاوز ذلك. فهو لا يهدف للاستعلام، ذلك أنّ المُرسل يعرف مُسبقا الإجابة عنه، لأنّه كما ألمعنا إليه بداية، هو وحده مالك الإجابة الحصرية عنه. إنّ الإجابة سابقة للّغز في هذا النوع من الخطابات الألغازيّة، بالنسبة إلى المُرسل على الأقل، والمعرفة سابقة للسّؤال. وبالتالي فإنّ هذا الاستفهام لا يعدو أنْ يكون مجرّد استفهام إنكاريّ، وما هو في هذه الحالة إلاّ وسيلة تأطيريّة، فهو يضطلع بوظيفة تقديم الحوار بين الطّرَفيْن. ولعلّ هذه الإجابة الحصرية التي يملكها المُرسل للّغز تخوّله، في اعتقادنا، ترأّس العلاقة التي تجمعه بالمُتقبّل في هذا المقام.
إنّ ما يُمكن أن نستشفّه من خلال هذا الرسم أنّ العلاقة بين مُرسل اللّغز ومُتلقيّه، أو السّائل والمسؤول، على نحو ما يُسميّهما أبو نصر الفارابي في "كتاب الحروف"(12)، هي إذن علاقة عموديّة تُعطي أفضلية نسبيّة للمُرسل باعتباره المالك الوحيد للإجابة عن هذا اللّغز، أي المسؤول عنه. فهو المُتكفّل بافتتاح الكلام بداية، عكس المُتلقّي الذي يكتفي باستقبال اللّغز في مرحلة أولى، ضمن طقس من طقوس الإرسال والتلقّي والانفعال الذي تلعب فيه العوامل المقاميّة والحسيّة دورا مهمّا، وذلك عن طريق حاسّة السّمع، أي "الأذن"، التي هي الوسيط الأساسي بين مُرسل اللّغز ومُتقبّله. هذا يعني أنّ اللّغز قد نشأ، في أوّل الأمر، في محاضن شفاهيّة بالأساس. ومفاتيح فهم اللّغز تبدأ، إذن، بالسّماع بداية، ذلك أنّ السّماع آلية من آليات الفهم، لذلك عُدّ السّماعُ مُشاركة في الفعل، وعُدّ السّامعُ "مُشاركا إيجابيّا في مقام التواصل"(13). ومن ثمّة يعمد هذا المتقبّل إلى حَشْدِ كلّ قُدراته الذّهنية والثقافية، قبل أن يمضي قُدما، ويلجّ في طلب الإجابة حتى يتمكّن منها. وبالسّؤال كذلك يعمد المُرسل إلى اختبار قُدرات المتقبّل، وثقافته المعرفية، وإثارة حماسه، عن طريق حشد ما استطاع من ألفاظ متناقضة وحِيَلٍ يجمعها داخل اللّغز الواحد منها، من قبيل: "خلط ما يحتاج إليه بما لا يحتاج إليه إمعانا في التّمويه وصرفا للذّهن عن النتيجة، وإخفاءً للنّافع في غير النّافع"(14). لذلك يجب أنْ يكون المُتقبّل على استعداد لما يأتي به السّائل، ولما قد يحمله اللّغزُ من مُتضادّات والتواءات هي، في الغالب، مُغْرضة، قد توقع به، وتعوقه عن الاهتداء إلى الإجابة، وبالتالي أنْ يكون مُميّزا بين العناصر التمويهيّة، والعناصر المقدّمة حقيقة في اللّغز نفسه. وعلى قدر ما يكون اللّغز أكثر تعقيدا وغرابة، قلّت نسبة الاهتداء إلى حلّه، وهو ما سيزيد من تحدّي المتقبّل وتحفيزه و"تحميشه"، إن صحّت العبارة، من أجل فكّ هذا اللّغز.
إنّ قيمة اللّغز وأهميّته لا تكمنان في ذاته، إنّما في الإجابة عنه، وفي ما يستتبع ذلك من إمكانات تأويل بالنسبة إلى المُتقبّل خاصّة، وما يترتّب عليه من تشغيل للذّاكرة وللملكة العقليّة التي تُصبح كلُّ الطّرُق لديها مشروعة ومُتاحة من أجل الظفر بالإجابة الصّحيحة. وما الإجابة عن اللّغز إلاّ محاولة للتفكير والتذكّر، وما التفكير "إلاّ نوع من أنواع الذّاكرة"(15)، وما "الذّاكرة إلاّ شرط للمعرفة"(16). يتحوّل بذلك اللّغز إلى مصدر "لذّة" وإمتاع، إن جاز التعبير، بالنسبة إلى الباثّ، مُرسل اللّغز، لأنّه يجعله في مقام العَارِفِ المُسيطر على دائرة الاختبار أو الامتحان. إنّ مُرسل اللّغز يكاد يكون أشبه "بالسّادي" الذي يتلذّذ بتعذيب الآخرين/ مُتقبّلي الألغاز، عكس المُتقبّل ذاته الذي يُمثّل فكّ اللّغز، بالنسبة إليه، عمليّة مُقلقة، لأنّها مصدر مُعاناة ومُكابدة فكرية. وهي، إلى ذلك، تتطلّب جَهْدا مِن العمل الدّماغي غير يسيرٍ. لذلك لن يكون في متناول أيّ كان فكّ شِيفْرات هذا اللّغز الذي لا يُعْسَم فيه. ولذلك وُجدت شروط - لعلّ أهمّها أن يكون على دراية بشتّى أنواع العلوم، مُتبحّرا فيها- وجب أن تتوفّر في هذا المتلقّي حتى تتمّ عمليّة التّواصل والتّفاعل بينهما، إذْ أنّى لمُستمع اللّغز "أيَجُوزُ الوضوءُ ممّا يقذفه الثُّعبْانُ؟ إذا لم يكن خصيب الفكر، ثَرَّ العطاء، عَالِمًا بلِسان العرب ومعاريضه، مُميّزا بين الثُّعبان ذكر الحيّة الضّخمة، وهو الاسم الظاهر المألوف وغير المقصود، وبين الثُّعبانِ مَسيلُ الوادي، وهو الاسم الخفّي غير المتوقّع، وهو في الآن نفسه المعنى الجوهريّ المُراد، أنّى للمُتلقّي، إذن، أنْ يهتدي إلى حلّ هذا اللّغز، وأن يكون ردّه بالإيجاب؟ قال ابن منظور: "الثُّعبانُ جمعٌ مُفردها الثَّعْبُ، والمقصود به: مسيل الوادي"(17). ومن هذا التّلاعب الإيجابي بالألفاظ يُنتج الخطاب الألغازي، ويشقّ طريقه نحو المُتلقّي.
وقد تتراوح صيغ الاستفهام وتختلف باختلاف الألغاز، ففي لغز "ما هو الشيء الذي يتنفّس ليس له رُوحٌ ولا جسمٌ؟ كما في لغز "ما هو الشيء الذي كلّما زاد نَقُصَ؟ يتحول أسلوب الاستفهام من صيغة(أ) إلى صيغة (ما هو؟). وإذا كان السّائل قد رام، في اللّغز الأوّل، من خلال استعمال حرف الاستفهام(أ)، إلى طلب تفسير شيء، والإجابة عنه بالنّفي أو بالإثبات، فإنّه في اللّغزيْن الآخريْن إنّما يهدف باستعماله صيغة(ما هو؟) إلى استفسار المُتقبّل عن شيء مُفرد، ذلك أنّ "حرف "ما" الذي يُستعمل في السّؤال وما قام مقامه في سائر الألسنة إنّما وُضع أوّلا للدّلالة على السّؤال عن شيء ما مُفرد"(18). كما أنّ "سؤال "ما هو" الشيء يجعل المُجيب يعرف أنّه "شيء" ويتصوّره بأعمّ ما يُمكن أن يُتصوّر به الشيء ولم يكن تصوّره بصورته التي تخصّه، وهو نوع ذلك الشيء"(19). وقد تشترك هذه الصّيغ، على اختلافها، في كونها لا تنتظر إجابة، فهي تهدف، في الغالب، إلى إحراج الخصْمِ، وإفحامه وتبكِيتِهِ، ومن ثمّة لا يستطيع الإجابة عنها، فيقضي بها مُرسل اللّغز على خصمه، ويكون هذا المُرسل(السّائل) بذلك مُفْحَمًا لخصمه(وهي الحالة التي يعجز فيها المُجيب عن حلّ اللّغز). ذلك أنّ "الصُّبْحَ"، وهو جواب اللّغز، أيّ أنّه "الشيء" الذي يتنفّس وليس له روح ولا جسد"(20) و"العُمرُ" وهو "الشيء" الذي كُلّما زاد نقص"، قد وُصفا بالشيء الذي هو أعمّ منهما، أي "الشيء"، بالرغم من أنّهما أخصّ من هذا "الشيء" الذي نُسبا إليه.
وفي الإطار نفسه يتّخذ لغز "ماهو الشيء الذي إذا أسقيناه ماءً مات؟" الصّيغة الاستفهاميّة نفسها. ففي هذا اللّغز يتّخذ المُرْسِلُ من التّناقض والتّضاد وسيلةً للتعمية، وإبعاد المتلقّي وتعطيله عن الظفر بالإجابة. إذْ كيف يكون الماء نقيض الحياة، وسببا في الموت، والحال أنّه رمزٌ لهذه الحياة؟ هذا ما يؤكّده النصّ القرآني على الأقلّ، الذي يُفترض من مُتقبّل اللّغز أن يتذكّره إذا كان على دراية كافية به، وبشتّى العلوم الأخرى على نحو ما ذكرنا أعلاه، قال تعالى: "وجَعَلْنا مِنَ المَاءِ كُلَّ شيءٍ حَيٍّ"(21). لا شكّ في أنّ المُتكلّم بذلك يتلاعب بمتلقّي اللّغز، وقد يفترض أنّه على علم بهذا التناقض، ولكنّه لا يتردّد في إرسال لغزه حتى يُدخل فيه الاضطراب والشكّ، ومن ثمّة يبتعد به عن هدفه الأساسي، وهو نيْل الإجابة عن اللغز التي هي "النّار"، أي إنّها هي "الشيءُ الذي إذا ما أسقيْناه ماءً مات. وهي، أي هذه الإجابة، هي المطلب الأساسي للمُتقبّل.
إنّ الإجابات التي حملتها هذه الألغاز، وهي: جوازُ الوضوءِ– الصُّبْحُ – العُمُرُ– النّارُ، وعلى الألغاز عموما عادة ما تأتي، في اعتقادنا، صادمة ومُخيّبة لأفق انتظار مُتقبّل هذه الألغاز، وقارئها مِنْ بعده. وعلى قدر ما يأتي نصّ اللّغز مُطوّلا على قدر ما تكون الإجابة مُختزلة، كلمة في الغالب.
- من دلالات الألغاز الأدبيّة:
يهدف هذا القسم من التحليل إلى الإجابة عن سؤال لماذا نتكلّم بالألغاز؟ وللإجابة عن ذلك، يُمكن أن نُشير، بدْءا، إلى أنّ الألغاز الأدبيّة كانت قد مرّت في تشكّلها بمرحلتين مُختلفتيْن: ففي البدء، كانت الحاجة إلي هذه الألغاز أساسيّة. ويُمكن أن نُنزّل هذه الحاجة، في مراحلها الأولى على الأقلّ، ضمن إطار المسائل والأجوبة التي ميّزت فترة المُشافهة في الثقافة العربية الإسلامية. والواقع إنّ ذلك يفسّر بطبيعة هذه الثقافة التي تتّخذ من ثنائية السّؤال والجواب إطارا عامّا لإنتاج المعرفة والكلام المنظّم، الواعي والدّال. وهي، أي هذه الألغاز التي تتّخذ من الطُرق الملتوية والغموض منهجا تقوم عليه، تعكس صورة نظام ثقافة الأمّة التي ابتدعتها. إنّه الغموض الخلاّق والمُنتج الذي يعتمد التلميح بدل التّصريح، وهو نظام وليد الرّغبة في المعرفة، والحاجة إلى التعلّم والكشف عن طريق اختبار قُدرات الفرد الفكرية وامتحانه، وذلك لما تُتيحه هذه الألغازُ من إمكانات للتّشغيل الذهني، فهي "رياضة فكرية تهدف إلى تقويم الأذهان وتشحيذها"(22)، وهي على حدّ عبارة "ابن فرحون المالكي(ت 799ه)، ذات قيمة في التصوّر العربي الإسلامي، لأنّها "تحدُّ الأذهان وتفتحُ الجنانَ، وتُفاضلُ بين الأقرانِ، والعملُ بها ثابتٌ في الصّحيح، وهي في البُخاري نصٌّ صريحٌ"(23). ومن هنا قد يتّخذ اللّغز، حسب الرؤية الإسلاميّة، بُعدا قُدسيّا باعتباره منصوحا به، ويجعله مطلبا لكبار أئمّة المُسلمين.
يُخصّص شهاب الدّين النويري (667ه – 733ه) في كتابه "نهاية الأَرَبِ في فنون الأدبِ" قسما في ذكر مرادفات عدّة للّغز، وهي: "المُعاياةُ، والعويصُ، والرّمزُ، والمُحاجاةُ، وأبياتُ المعاني، والمَرْموسُ، والتّأويلُ، والكنايةُ، والمُعمَّى، والمُمثّلُ، والتّعريضُ، والإشارةُ، والمَلاحنُ"(24)، إلاّ أنّه، بالرّغم من هذا الثّراء الذي يتميّز به اللّغز، يظلّ معناه، وبحسب المؤلّف، واحدا. وفي مستوى آخر، نجد كاتبا هو "الحسن بن دريد" (223ه -321ه)(25) يُخصّص للألغاز، ويُسميّها المَلاحن، كتابا يُسميّه "المَلاحن"(26). يذكر المؤلّف منذ المقدّمة السّبب الذي دفعه إلى تأليف هذه الملاحن، يقول: "هذا كتابٌ ألّفناه ليفزع إليه المُجبرُ المُضطّهد [(كذا)، ويشرحها المُحقّق في الهامش بالمُضطهد] على اليمين، المُكره عليها فيُعارض بما رسمناه، ويُضمرَ خلاف ما يُظهر، ليسلم ما عادية الظالم، ويتخلّص من حَيْفِ الغاشمِ"(27). معنى ذلك أنّ هذه الألغاز قد اُتّخذت ذريعة للتمويه والإفصاح عمّا لم تسْطع اللّغة المباشرة الإفصاح عنه. وبالتالي قد يكتسي ما لا يقوله اللّغز، أو ما يومئ له الأهميّة ذاتها التي تربط عادة ما يقوله بالفعل.
وأمّا في مرحلة ثانية فقد اتّخذ الهدف من قول الألغاز مَنْحىً مُغايرًا، لتتحوّل هذه الألغاز إلى وسيلة من وسائل الترفيه، تلجأ إليها الجماعاتُ داخل المجالس بهدف تمضية الوقت وقتله، وتحوّلت بذلك إلى آلية من آليات اللّهو، والتّرف وتحقيق المُتعة. بل إنّ قول اللّغز أصبح يتطلّب شروطا مُعيّنة مختلفة لابدّ أن تتوفّر في صاحبه حتى يتمكّن من مُمارسة هذا النّشاط، لعلّ أهمّها اللّهوُ والتّرفُ ويُسْرُ العَيْش، ذلك أنّ الإنسان لا يُمكنه أن يلتفت إلى الألغاز، وفكّها إذا ما كان مُنشغلا بأمور أخرى، كيف لا وقد ربط "هوارد فيلب" في كتابه "الذاكرة" شرط الذاكرة السّليمة- والذّاكرةُ تذكّرٌ، والتذكّرُ معرفة، والمعرفة شرط الإجابة عن اللّغز- ربط كلّ ذلك بالرّاحة والصحّة الجيّدة، فنحن لا نستطيع أنْ نتذكّر، وبالتّالي أن نعرف، ونفكّر تفكيرا سليما إذا كُنّا في حالة تعب. يقول "يجب علينا أنْ نبذل أهمّ قدر مِن الجهد في التذكّر، عندما نكون مزوّدين بالرّاحة والنشاط"(28). ويُضيف "نحن نتذكّر أحسن تذكّر عندما نكون في صحّة جيّدة"(29).
استخلاص:
يذهب "نادر كاظم" في كتابه "المقامات والتلقّي" إلى القول: "إنّ إعادة الاعتبار التي يحظى بها نصّ من النصوص هي نتيجة من نتائج إعادة تأويلة، وذلك أكثر ممّا هي اكتشاف جديد له بالدرجة الأولى"(30)، وإذا كان مدار حديث المؤلّف ههنا يقع على مقامات بديع الزمان الهمذاني بالأساس، فإنّنا قد نستغلّ هذا الرأي لنؤكّد من خلاله أنّ إعادة تلقّي هذه الألغاز التلقّي الإيجابي، ومن ثمّة قراءتها القراءة النّاجعة، وتأويلها التأويل السليّم، هي أيضا، من نتائج إعادة الاهتمام بها، ومن ثمّة إعادة الاعتبار لها.
لقد أفضى بنا النظر في بنية نماذج من الألغاز ضمن هذه الدّراسة الحاضرة إلى تسليط الضوء على "اللّغز" باعتباره جنسا سرديّا مخصوصا قلّما لقِيَ حظّه من الاعتناء والدّراسة من لدُن الباحثين. إذْ إنّ أغلب الدّراسات قد كان استعمالها للألْغاز استعمالاً نفعيًّا تفرضه الحاجةُ ويتطلبّهُ المقامُ، فكانت النتيجة أنْ قلّت قيمة هذه الألغاز وخسّ حظّها من الحِكْمة. وأمّا عن دراستها دراسة خِطابيّة تدْلف إلى النّسيج الدّاخلي المكوّن لها فإنّ حظّها، من هذه البحوث، يكاد يكون معدومًا. من أجل ذلك عمدنا في هذه المحاولة إلى تدارك بعض النَّقْص الذي شاب هذه النظرة "البرّانيّة" التي ميّزت البحوث في تعاملها مع الألْغاز. ولقد كشف لنا هذا الاستقراء الخاصّ بمكونات بنيتها عن وجود نظام داخليّ يتحكّم في بنيتها السّرديّة، ويوجّهها. وهو نظام قائم أساسًا على أسلوبيْن قصصيّن، هما أسلوب السّرد بداية، إذ هو الذي يؤطّرها، ويضمن وصولها إلى متلقّيها، مثلما أنّه نظام قائم على أسلوب قصصيّ ثانٍ هو "الحوارُ" وجوبا، ذلك أنّ أي شخص لنْ ينقاد إلى أنْ يقول لُغزا لنفسه فقط، إنّما قول اللّغز هو يرتبط ارتباطا لا انفصام له بالحاجة إلى نقله إلى الآخر وتلقّيه، بل إنّ هذا الآخر هو سبيل معرفتنا باللّغز.
باحث من تونس
فهرست الإحالات
- يُمكن أن نُشير هنا إلى أنّ الباحث "جميل بن علي" قد سلّط الضوء على بنية هذه الألغاز الأدبية ووظائفها. انظر كتاب "الأجناس الوجيزة في الأدب العربي القديم"، مشروع قراءة، كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة، تونس، 2013. وانظر مقال الذي نشره عبد الوهّاب المفتي بعنوان: "صناعة اللغز المنظوم في الأدب العربي القديم، قراءة جديدة" في مجلّة جامعة أمّ القرى لعلوم اللغة وآدابها، السعودية، عدد 11، نوفمبر 2013، ص ص 107- 156. وهو مقال مهمّ حاول فيه الباحث تعريف اللّغز بداية وتصنيف عيّنة من هذه الألغاز إلى وصفية، اسمية ومركّبة. وبالرغم من أنّ صاحب الدّراسة قد حاول تجاوز البنية الخارجية للألغاز من خلال دراستها دراسة لسانية، إلاّ أنّ هذه المحاولة، على أهميّتها، لا تزال في حاجة لمزيد من التدقيق، فهي لم تكشف، في اعتقادنا، على البنية القصصية المكوّنة للّغز وكذلك الأطراف المنتجة له، أيْ مرسل للّغز ومُتقبّله.
- لا يعدم ذلك وجود العديد من الكتب التي تحدّثت عن الألغاز وتعاملت معها، وإن كان هذا التعامل، في الغالب، تعاملا خارجيّا لا يتعدّ مجرّد الإحصاء والتبويب لهذه الألغاز، نذكر من هذه الكتب على سبيل الذكر لا الحصر: كتاب "الأحاجي والألغاز الأدبية" لعبد الحميد كمال، نادي الطائف الأدبي، ط2، السعودية، 2003.
- محمد الهادي الطرابلسي، بحوث في النص الأدبي، الدّار العربية للكتاب، 1988، ص 207.
- جميل بن علي، الأجناس الوجيزة في النثر العربي القديم، مشروع قراءة، كليّة الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة، تونس، 2013
- انظر مثلا:
- جلال الديّن السّيوطي، الكنز المدفون والفلك المشحون، (د. ت)، القاهرة، 1871.
- شهاب الدين النويري، نهاية الأَرَبِ في فنونِ الأدبِ، تحقيق حسن نور الدّين، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، (د.ت)، ج3، ص 154.
- جمال الدين الأسنوي، طراز المحافل في ألغاز المسائل، تحقيق عبد الحكيم بن ابراهيم المطرودي، مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 2001.
- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ج5، ط1، 1997، ص 506.
- قُدامة بن جعفر، نقد النثر، تحقيق طه حسين وعبد الحميد العبادي، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1941، ص 75.
- حاجيّ خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكُتب والفنون، دار الفكر، بيروت، 1994، ج1، ص 171.
- كريستيان أنجلي وجان إيرمان، السّرديات(NARRATOLOGIE)، ضمن المؤلَّف الجماعي "نظرية السرد"، من وجهة النظر إلى التبئير، جيرار جينات وآخرون، ترجمة، ناجي مصطفى، منشورات الحوار الأكاديمي والجامعي، ط1، المغرب، (د. ت) ص، 98.
- حول علاقة الألغاز بالمجالس" انظر: جميل بن علي، الأجناس الأدبية في النثر العربي القديم، ص ص، 193- 208.
- فرحات الدّريسي، منزلة مجالس العلم و وظائفها في إنتاج المعرفة في البيئة الثقافية العربية الإسلامية، دار أديكوب للنشر،2001.
- أبو نصر الفارابي، كتاب الحروف، حقّقه وقدّم له وعلّق عليه محسن مهدي، دار المشرق، بيروت، لبنان، 1970، ص 170
- سعيد يقطين، الكلام والخبر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1997، ص، 151.
- عبد الله البهلول، الحجاج الجدلي، خصائصه الفنيّة وتشكّلاته الأجناسية في نماذج من التراث اليوناني والعربي، قرطاج للنشر والتوزيع، ط1، 2013، ص 121.
- جان كلود فيو، الذّاكرة، سلسلة ماذا أعرف؟، ترجمة جورج يونس، بيروت، 1973، ص 32. وفي مفهوم الذاكرة ووظائفها، انظر:
- هوارد فيلب، الذّاكرة، ترجمة محمود عبد المنعم مراد، الناشر المصري، القاهرة، ط1، 1947.
- الحبيب العوّادي، الإبداع والإبداعيّةُ في الشِّعر العربي القديم، مطبعة فن الطّباعة، نهج المختار عطيّة، تونس، ط1، 2010، ص ص، 45-51.
- فريديريك لوبيز، الدروس الأولى في الفلسفة، ترجمة، علي بو ملحم، كلمة، المؤسسّة الجامعيّة للدّراسات والنشر والتوزيع، ط1، الإمارات، 2009، ص 120
- ابن منظور، المرجع نفسه، ج1، ص 333 (مادة ثعب).
- أبو نصر الفارابي، المرجع نفسه، ص 165
- أبو نصر الفارابي، المرجع نفسه، ص 173.
- جلال الديّن السّيوطي، الكنز المدفون والفلك المشحون، ص، 158
- القرآن الكريم، سورة الأنبياء، الآية 30.
- حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكُتب والفنون ، ج1، ص 171.
- برهان الدين بن فرحون المالكي، درّة الغواص في مُحاضرة الخواص، تحقيق محمد أبو الأجفان، عثمان بطيّخ، دار التراث، القاهرة، المكتبة العتيقة، تونس، (د.ت)، ص 63
- شهاب الدّين النويري، نهاية الأَرَبِ في فنونِ الأدبِ، الجزء الثالث، ص 154-155
- انظر ترجمة ابن دريد في : الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، حقّقه وضبط نصّه وعلّق عليه بشّار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط 1، بيروت، 2001، المجلّد الثاني، ص 594.
- ابن دريد، كتاب الملاحن، تحقيق عبد الإله نبهان، مكتبة لبنان، ناشرون، بيروت، ط1، 1996
- ابن دريد، المرجع نفسه، ص 2.
- هوارد فيلب، الذّاكرة، ترجمة محمود عبد المنعم مراد، الناشر المصري، القاهرة، ط1، القاهرة، 1947، ص 6.
- هوارد فيلب، المرجع نفسه، ص 7
- نادر كاظم، المقامات والتلقّي، بحث في أنماط التلقّي لمقامات الهمذاني في النقد العربي الحديث، المؤسّسة العربية للدّراسات والنشر، ط1، بيروت، 2003، ص، 314.