تحت شعار "نحكي لنحيا"، انعقدت في احدى قاعات فندق بغداد وسط العاصمة العراقية بغداد، أعمال المؤتمر الأول للرواية العراقية في دورته الاولى التي اطلق عليها "دورة غائب طعمة فرمان" نظمه الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في بغداد وشارك فيها عدد كبير من النقاد والباحثين والأكاديميين من العراقيين والعرب المعنيين بالرواية.
وقد انتظمت أعمال المؤتمر في أربعة محاور هي: الرواية والهوية، الرواية والإرهاب، الراوية العراقية: التشكيل والتأصيل، الرواية والسينما. وشارك فيها ستة عشر باحثاً مع تسع شهادات لروائيين عراقيين من أجيال وتجارب مختلفة.
واكد اتحاد الادباء ان المؤتمر جاء استجابة لواقع ثقافي جديد فرضته الرواية التي شهدت حضورا غير مسبوق في المشهد الابداعي العراقي، على مستوى الكم والنوع، حيث صدرت بعد العام 2003 مئات الاعمال الروائية وتوجت بحصول أكثر من روائي عراقي على جوائز عربية مهمة /مشددا على ان هذا المؤتمر هو محاولة لصناعة الشجاعة ومحاولة لمواجهة الكثير من الترديات التي تواجه حياتنا الثقافية لان نعقد مؤتمرا ثقافيا بعيدا عن كل المهيمنات المركزية التي حاولت ان تفرض سطوتها على الثقافة العراقية منذ اكثر من 50 عاما.
كما قرر الاتحاد اطلاق (جائزة بغداد للرواية العراقية) لإذكاء روح التنافس بين الروائيين العراقيين وتحفيزهم على المزيد من الإبداع والجدة والتواصل ، على ان يكبر الطموح لتوسيع أفق جائزة بغداد للرواية لان تكون جائزة عربية تحتفي برموز المشهد الروائي العراقي والعربي.
رئيس الاتحاد : اعتراف بالنضج الملموس
فقد أكد رئيس اتحاد الادباء والكتاب في العراق فاضل ثامر لـ (ايلاف) ان الرواية العراقية تقدمت كثيرا ، وقال : المؤتمر يمثل اعترافا بالنضج الملموس للرواية العراقية بوصفها جنسا استطاع ان يؤكد حضوره خلال السنوات الاخيرة من خلال التفوق في الجوانب الفنية والرؤيوية والحقيقة الثقافية التي اكدت هذا الحضور الذي جعل من الرواية العراقية قادرة على منافسة الرواية العربية وربما تصل الى مصاف العالمية خلال نجاحها في اقتناص الكثير الجوائز العربية والعالمية ، وهذا يؤكد ان الرواية العراقية جديرة ان يحتفى بها وانها اصبحت كما يقال ديوانا جديدا للعرب يضاف الى ديوان الشعر.
واضاف: انا بصفتي الشخصية بوصفي ناقدا لاحقت الكثير من محطات التحول المهمة في البنية الداخلية للرواية فوجدتها قد فارقت الاشكال التقليدية وانفتحت على اتجاهات حداثية وما بعد الحداثية في اكثر من مستوى، هناك تعانق بين الواقعي والغرائبي والفنطازي من جهة وهناك ايضا انهماك في مشاكل التجريب واللغة والبنية وبناء الشخصية دونما تعال على الظرف الاجتماعي والواقع السياسي او لنقل الاجتماعية اليومية من خلال ملامسة الكثير من الاوجاع التي يعاني منها المجتمع العراقي ومنها رفض وادانة مظاهر العنف والارهاب التي دمرت الكثير من البنى العقلية والذهنية في المجتمع العراقي في المدة الاخيرة.
وتابع :الرواية العراقية الان تقدمت حتى على مستوى البنية اللغوية والاسلوبية واصبحت اكثر اناقة مع اننا نجد مقابل ذلك بسبب سهولة النشر والطبع ان عدد من انصاف المتعلمين وانصاف الكتاب بدأوا ينشرون روايات ربما تسيء ، ولكن في لال هذا الكم الكبير هنالك مجموعة كبيرة من الرواية ، وللتأكيد على اهتمامنا بالرواية وعلى الرغم من ظروفنا الصعبة في اتحاد الادباء والكتاب في العراق قررنا مواصلة هذا المهرجان في السنوات المقبلة
حميد الكعبي: مدرسة سردية جديدة
من جانبه اكد الروائي حميد الكعبي ان المؤتمر لتأسيس مدرسة سردية جديدة، وقال: هذا المؤتمر يجب ان يكون علامة بارزة في حياة النشاط الثقافي العراقي وعلامة مميزة في السرد العراقي ، فمنذ تأسيس الاتحاد قبل 75 سنة لم يعقد مثل هذا المهرجان ومنذ صدور اول رواية عراقية عام 1927 لم يعقد مؤتمر موسع للرواية ، فيما عقدت ملتقيات في اكثر من مدينة ولكن هذا المؤتمر هو موسع وشامل لكل اطياف السرد اضافة الى التنوع في المحافظات والمدن العراقية .
واضاف: تنظيم المؤتمر لكي نؤسس لمدرسة سردية جديدة في العراق وعلى هذا الاساس يجب ان تكون هذه اللبنة الاولى في تأسيس مدرسة سردية سواء من خلال السرد او الدراسات النقدية التي تتابع الموضوع النقدي، هذه هي الفكرة الاساسية التي سعينا اليها.
وتابع: سواء نجحنا او فشلنا لكن المؤشرات واضحة للنجاح منها ان البحوث طبعت في كتاب وهذه هي المرة الاولى التي تطبع فيها البحوث فضلا عن مشاركة ادباء عرب ببحوث عن الرواية العراقية .
حميد المختار: ثمرة التطور السردي
اما الروائي حميد المختار فقد اكد ان المؤتمر خطوة بالاتجاه الصحيح ، وقال: اعتقد ان الرواية العراقية اليوم دخلت معتركا جديدا ، واخذت موقعها الحقيقي بعد سقوط النظام السابق عربيا وعالميا وبدأت تلفت حضورا في اوساط ثقافية عربية وعالمية وحصلت على جوائز كثيرة ورسخت لاسماء جديدة وصار هناك منحى اخر للرواية العراقية بمعنى انها دخلت اراضي لم تدخلها سابقا .
واضاف: مؤتمر الرواية ثمرة من ثمرات التطور السردي العراقي الذي بالتأكيد سيثبت للعالم ان هناك حركة سردية عراقية جديدة قادرة على ان تمثل نفسها وقادرة على ان تمثل الرواية العراقية الجديدة في المحافل العالمية .
رغد السهيل : خطوة بالاتجاه الصحيح
فيما قالت الروائية رغد السهيل : بعد الاهمال الطويل للرواية العراقية نخطو خطوة الى الامام وهذا امر جيد وطموح فالرواية العراقية مظلومة جدا لان الضوء النقدي والاعلامي غير مسلط عليها ، لدينا الكثير من الروائيين العراقيين الممتازين الذين لهم وزن كبير ويقفون بكل فخر بمستوى الرواة العالميين .
واضافت: هذا المؤتمر خطوة في الاتجاه الصحيح وفي اتجاه الامل لمنح الرواية العراقية ما تستحقه خصوصا اننا في العراق نعيش في ظل رواية حقيقية، فلا اعتقد ان في العالم من يعيش في نفس الرواية العراقية التي نعيشها حاليا ، فالعراق هو مركز الابداع والشعر ومركز الرواية وخصوصا حاليا .
توصيات المؤتمر
واصدر الاتحاد بيانه الختامي وأكد فيه :ان انعقاد هذا المؤتمر يعكس جدية الأدباء العراقيين على تأسيس وتعزيز تقاليد فاعلة وحقيقية للمشروع الثقافي العراقي الجديد والتصدي للكثير من الأسئلة الوجودية والثقافية التي تلامس الواقع والهوية والفكر، مثلما تعكس الحرص على مواجهة تحديات الإرهاب والتكفير والتأثيم والكثير من المشكلات التي تحول دون تعزيز التحولات الديمقراطية وبناء الدولة المدنية الحاضنة لثقافات التعدد والتنوع والمشاركة والحريات التي نحرص على ان تكون روايتنا العراقية أكثر استشرافا لأفقها عبر وعي حداثتها والانفتاح على الفضاء الإنساني، وتمثلاتها الفنية والتقنية وجماليتها المتنوعة .
كما قررت اللجنة اطلاق (جائزة بغداد للرواية العراقية) لإذكاء روح التنافس بين الروائيين العراقيين وتحفيزهم على المزيد من الإبداع والجدة والتواصل، على ان تجمل تفصيلات الجائزة واشتراطاتها في بيان لاحق.
كما قررت اللجنة التحضيرية للمؤتمر عدة توصيات من اهمها :الحرص على ان يكون هذا المؤتمر تقليدا سنويا يعقد في الشهر الأول من كل سنة والاحتفاء برموز الرواية العراقيين ونقادها، والمعنيين بالشأن السردي العراقي من الرواد الأحياء وتكريمهم بما يليق وتاريخهم الإبداعي الكبير والطموح لتوسيع أفق جائزة بغداد للرواية لان تكون جائزة عربية تحتفي برموز المشهد الروائي العراقي والعربي.
(عن إيلاف)