يمكننا، ببساطة، أن نصنف كتاب الشيخ أحمد البديري الحلاق (حوادث دمشق اليومية) ضمن خانة "التاريخ الشفاهي"، حتى ولو كان مدوَّناً، وأن نُطلق عليه ثلاثَ صفات أساسية، فنقول إنه: صادق، وعفوي، وبالغ الأهمية. الكتاب، بحسب ما أشار محققُه الدكتور أحمد عزت عبد الكريم، أقربُ ما يكون إلى تاريخ الغَزّي عن حلب، وتاريخ الجبرتي عن القاهرة، أو إلى كتاب "مطالع السعود" عن بغداد.
إن المعضلة الأساسية بالنسبة لكتابة التاريخ، بشكل عام، تتمركز حول النزاهة، والمصداقية، والتَجَرُّد؛ فالتاريخ قلما يَصْدُق، بدليل أن الشاعر والمفكر معروف الرصافي يرى، في مقدمة "كتاب الشخصية المحمدية حل اللغز المقدس" أن التاريخ هو بيت الكذب، ومناخ الضلال، ومتجشم أهواء الناس .. وأن الأباطيل، في التاريخ، تتغلغلُ في ذراتٍ ضئيلة من شذور الحقيقة.
إن كتاب البديري الحلاق صادق؛ أو لعله أقرب ما يكون إلى الصدق، لأنه لم يُكْتَبْ بتكليف من حاكم، أو ملك، أو قائد عسكري منتصر، كما هي العادةُ في التأريخ والتدوين، حيثُ يَظْهَرُ المنتصرُ وأعوانُه على حق بَيِّنٍ، ويكون المندحرُون على باطل لا لبسَ فيه، بل ويبدون وكأنهم أضاحيكُ الأمم، وموضع تندرها؛ بينما يقوم أعوان الحاكم المنتصر والمنتفعون والمنافقون بتصوير أفعاله وتضخيمها ونشرها ليجعلوه بطل الأبطال.
لم يَدون "البديري" تاريخه لأجل تحقيق منفعة، أو شهرة، بدليل أنه لم يَسْعَ إلى نشر الكتاب بين الناس في زمانه، ولم يعرضه على أصحاب المكتبات والنُسَّاخ، ولم يتحدث عن نفسه وعن عائلته إلا بشذرات بسيطة، وعرضية، كقوله، عندما ورد ذكر حارة الميدان التحتاني: وتلك المحلة بها مولدي، ومسقط رأسي، وبعد وفاة والدي انتقلنا منها إلى محلة التعديل. وقوله متحدثاً عن وقائع سنة 1156: في يوم الثلاثاء من هذا الشهر، شهر رمضان، توفي الرجل الصالح الحاج أحمد الحلاق بن حشيش (يقصد والده)، وقد كان رجلاً صالحاً حسن المعاشرة والوداد. وفي حديثه عن سنة 1155، يكتب: في غرة رجب المبارك، جاءتنا جارية (ابنة) مباركة وكنا في ضيق فقلنا لعل بقدومها يحصل لنا الفتح والفاتحة فسميناها صالحة، جعلها الله فالحة.(ص 18 متن).
الواقع أن الشيخ أحمد البديري رجل مغمورٍ، ولكنه متأدب وحافظ للقرآن الكريم، شهد أحداثاً فانكب على أوراقه يسجلها، خشية النسيان، ربما، أو استجابة لهواية الكتابة والتعبير عن المشاعر، والتنفيس عن كوامن النفس والعواطف. ولأنه حلاق، فهو من أكثر أصحاب المهن الحرة احتكاكاً بالناس، ومقدرة على كسب ثقتهم واحترامهم، وجَعْلِهم يرتاحون له فيتحدثون أمامه عن أخبارهم، وحكاياتهم، ومآسيهم، وحتى أسرارهم. ومع أنه قد رصد الفترة الواقعة بين عامي 1154 و1175 الهجريين، التي تُقابلها الفترةُ الممتدة بين عامي 1741 و1762 الميلاديين، أيام الوزيرين سليمان باشا العظم، وأسعد باشا العظم، إلا أن الكِتَاب لم يخرج إلى النور حتى سنة 1959م، أي بعدما ينوف عن قَرْنَين من الزمان حينما تصدى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس الدكتور أحمد عزت عبد الكريم لمراجعة مخطوطه ونشره معتمداً التنقيح الذي أجراه الشيخ محمد سعيد القاسمي، وصدر عن "مطبوعات الجمعية المصرية للدراسات التاريخية".
ثمة روايتان طريفتان تتحدثان عن كيفية الحصول على المخطوط: الأولى تقول إن القاسمي الكبير، جَد المُنَقِّح، كان قد اشترى شيئاً من أحد دكاكين الحارة، مصروراً بورقة، وحينما وصل البيت فتح الورقة فوجد فيها كلاماً نفيساً، فعاد إلى الدكان وأقنع صاحبه بأن يبيعه هذا الورق الذي يستخدمه للصر، ففعل، وهكذا استطاع أن يحمي المخطوط من الضياع. والرواية الثانية هي أن الشيخ طاهر الجزائري اشترى المخطوط من مزاد أقيم لبيع مخطوطات قيمة، بثلاثمئة قرش (يوم كان سعر المخطوط لا يزيد عن خمسة وعشرين قرشاً)، واحتفظ به. وبعد زمن بعيد اطلع عليه محمد كرد علي، فأورد ذكره بوصفه أحد مراجع كتابه الشهير "خطط الشام"، مع إشارة منه إلى أن المخطوط موجود في مكتبة الشيخ طاهر الجزائري، وهذا ما دفع النساخ إلى نسخه، وصار منه أكثر من نسخة (انظر: ص 18و19 من المقدمة). ولعل تأخر صدور الكتاب هو ما يفسر لنا تأخر الاهتمام بشخصية الشيخ أحمد البديري الحلاق في كتب التاريخ، وسببَ عدم ورود اسمه في كتاب الطبقات والأعيان للمرادي الذي احتفل بأعلام القرن الثامن عشر.
وثمة نقطة تدل على عفوية هذا الكتاب، أي مصداقيته، وهي أن المخطوط قد اشتمل على غرائب وعجائب وأهوال، وأنه كان مكتوباً بلسان عامي، وقد أطنب فيه البديري بزيادات على الحوادث تتضمن أدعية مسجعة. وقد ارتأى الشيخ محمد القاسمي أن هذه الزيادات تجعل السامع يمل والقارئ يسأم، فحذف منها القشر وأبقى على اللباب، وهذبها على حسب الاستطاعة بالصواب. وبذلك يكون قد خلص إلى تقديم صياغة خاصة به تحمل المعنى المقصود، ولا تتقيد بحرفية النص الأصلي، والدليل على ذلك قوله في أكثر من موضع: "قال البديري رحمه الله"، أو "قال المؤرخ"، وأحياناً "قال صاحبُ الأصل"، مشيراً إلى نفسه بإحدى العبارتين: "مُهَذِّب هذا التاريخ" و"محرر هذه الورقات".
اتسمت الحقبة العثمانية بالجمود، وسيطرة الثقافة الواحدة، وقلة الأخبار والمعلومات، وصعوبة الوصول إلى نصوص الفرمانات والقرارات الأميرية التي صدرت في تلك الحقبة الطويلة، إضافة إلى أن الاعتماد على أخبار الرحالة لا يمكن الوثوق بها، لأنهم لا يمتلكون خبرة بنسيج المجتمع الذي يكتبون عنه، وقد جاء كتاب الشيخ البديري ليسد فجوة كبيرة في التأريخ للفترة التي ذكرناها، وهي التي شهدت انتهاء سلطة الباشوات، وتركيز السلطة والصلاحيات في مركز الخلافة؛ مع تقليص دور الولايات البعيدة عن المركز كدمشق.
للبديري طريقة في التدوين متميزة، تتسم بالاختصار وسهولة النفي لما هو مخالف للمنطق. كقوله، مثلاً، في مطلع الكتاب: أنه قد جرى على لسان العامة، أن دمشق، التي كان يتولى الحكم فيها، سنة 1154 هـ، الحاج علي باشا، ستتعرض، هذه السنة، لزلازل تتهدم على إثرها البيوت وينقلب الرجال إلى نساء! وسيجري الطعامُ في أنهارها بدلاً من الماء! ويكمل البديري جملته، ببساطة: ولم يحدث شيء من هذا في هذه السنة (ص 4 من المتن). وفي سرده لأحداث مطلع سنة 1155 يقول: وفي تلك الأيام ظهر كوكب وصار يطلع كل ليلة من جهة الشرق من نصف الليل حتى طلوع الفجر، وله ذَنَب طويل، ومكث أياماً ثم غاب!
ومع أن الفترة التي دون البديري أخبارها محددة بين عامي 1154 و1175 هـ إلا أنه، أحياناً يرجع بذاكرته إلى الوراء كقوله: وكان في العام الذي قبله (يقصد 1153) الحاكم بدمشق الشام عثمان آغا المحصل. وعدا عن الإيجاز والسهولة يمكن أن نلاحظ أن لطريقة البديري في السرد خاصية أخرى مميزة هي "تزاحم الأخبار"، كقوله عما جرى في عهد عثمان المحصل: «أخرجَ الأورطة (الكتيبة) التي للقبيقول (جنود الدولة أو عبيد الحاكم الذين حلوا محل عناصر الانكشارية) من قلعة الشام. فمنهم من نفاه، ومنهم من قتله، والذي بقي كَرَّ له كَوْرَ عمامته (أي حل له عمامته وما عاد ينتمي إلى هذا السلك) بعد شهادة من الناس أنه غير زَرْبَهُ (أي تخلى عن شقاوته) ولا وَقَعَ منه فساد، وشتت شملهم في جميع البلاد.» تتألف الجملة السابقة، إذا استبعدنا الشروحات التوضيحية، من خمس وثلاثين كلمة فقط! ولكن الخبر الذي نقلته هو، في الحقيقة، خبر انقلاب عسكري، بالمعنى المعاصر للكلمة! فقد أخرجَ عثمانُ جنودَ الدولة من مقراتهم، وأعمل فيهم القتل والنفي، ثم شرد الباقين بعد أن استتابهم!
لا شك في أن الفترة التي يؤرخ لها الشيخ أحمد البديري كانت فترة اضطرابات تتعاقب وتتالى مع فترات هدوء واستقرار، سببُها- كما هو معلوم- اتساع رقعة المملكة العثمانية والفساد الذي ينجم عادةً عن تسلط العسس والانكشارية ومن بعدهم القبيقول والسباهية والتحصلدارية والشوباصية ومحاولات السلاطين المتعاقبين إصلاح هذا الوضع الشاذ. لذلك نرى البديري يعقب على الخبر السابق بقوله: وكان ذلك إصلاحاً، وقد قل الشرُّ في الشام واصطلحت أحوال الناس. (ص 6 متن).
هذا التأريخ الشبيه بالشفاهي الذي أورده الشيخ البديري، كان صحيحاً بدليل أن هذه الحادثة نفسها وردت في كتاب "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" للمرادي، الذي نقل عن محمد بن جمعة المقار الذي يرويها بالعامية فيقول إنه في سنة 1153 وقعت شواشر (أي صدامات) بين الانكشارية والقبيقول وسكرت دمشق (أقفلت) وتفرقت القبيقول في الحارات، وعملوا متاريس، وسكروا البوابات .. إلى آخر الرواية. وأما أخبار الحج في كتاب البديري فإن لها مكانة مميزة، ليس بسبب قداسة هذا الركن من أركان الإسلام فقط، ولكن، أيضاً، بسبب الحالة الطقوسية التي تترافق عادةً مع أداء هذه الفريضة من جهة، ومع المخاطر التي يتعرض لها مَحْمَل الحج من جهة أخرى. كتب البديري: «وكان مجيء الجوقَدَار (رسول يرسلُه أميرُ الحج ليبشر بعودة الحجيج) مبشراً في السابع والعشرين من محرم. ودَخَلَ الكَتَّابُ (الشخص الذي يسبق الحجاج إلى دمشق ليحمل بريدهم إلى ذويهم). وهو باكربشة الحمامي ومعه جماعة. ودخول الحجاج إلى الشام كان يوم السبت ثاني يوم بعد مجيء الكتاب. ولم يزل ينجرّ وينسحب حتى دخل المحمل.»
هذا ما كان من ذكر احتفالية الوصول إلى الشام بعد أداء الفريضة؛ وأما ما جرى للحجاج في الحج فيدوّنه البديري على النحو الآتي: وذكر الحُجَّاجُ أنهم داروا هذه السنة دورتين بين الحرمين، وصار عليهم غلاء وبَرْدٌ (؟!) كثير، وقُتِلَ ابنُ مضيان أميرُ عرب بين الحرمين، بعد قتال بينهم وبين والي الشام أمير الحج. (ص 7) وأما في سنة 1156، فقد كان الحج مأساوياً. كتب البديري: في أوائل شهر صفر الخير، جاء خبر عن الحج الشريف بأنه غرق في "الحسا" قريباً من "القطرانه" وذهب- على ما قيل- نصف الحج من خيل وجمال وبغال ونساء ورجال وأحمال. (بوغاز الأسى- ما ينتسى- رمل وحصا- كله أسى)! (ص 36 متن).
إن من يطالع هذا الكتاب سوف ينتبه، حالاً، إلى أن ظاهرة الصراعات المذهبية التي نشهدها في المنطقة العربية والمناطق الإسلامية اليوم كان لها وجود قوي في تلك الأيام. البديري، على طريقته في الإيجاز، يقول: ووجهت الدولة العَلِيّة (الأستانة، أو القسطنطينية التي يسميها منقح الكتاب خطأً: إسلامبول) الشامَ على سليمان باشا بن العَظْم، فأرسلَ سليمان باشا قبلَ دخوله للشام سلحدارَه (أي متعهد أسلحته) زوج بنت الوفائي، وبقي نحو شهرين لم يدخل الشام، ثم أتى ونزل على البقاع (اللبناني طبعاً)، وأراد محاصرة جبل الدروز (دروز جبل لبنان)، فصالحوه بمال عظيم حتى أرضوه. ثم دخل الشام، وبعد ثلاثة أيام من دخوله صَلَبَ ثلاثة أشقياء من العرب! (هل كان هناك، في تلك الفترة، صَلْب؟)
والبديري نفسه يحمل هذه المثلبة في جانب من شخصيته بدليل أنه يؤلف أبياتاً كثيرة، بالعامية المفصحة، في هجاء الشيعة الذين يسميهم (الروافض):
منْ كثرْ كذبْ الروافضْ دَبْ فينا الشيبْ
ما يعلموا الكذبْ أنه من شْروطْ العيبْ!
من جهة الزلزلة قالوا كلامْ الريبْ
هم الملاعين صاروا يعلموا بالغيب؟ (ص 12 متن).
كثيراً ما يتحدث البديري عن أحوال الناس المعيشية، فيذكر، في مطلع كل سنة من السنوات التي واكبها، الأسعارَ التي بلغتها بعض السلع يقول: وقد هَلَّ هذا العام الجديد (1156 هـ) ورطل الخبز الشامي بأربع مصاري وبخمسة، ورطل الأرز بثمانية مصاري، ورطل الدبس بثمانية مصاري، وأوقية السمن بست مصاري، ولا توجد، مع أنه كان من نحو شهر كل رطل وثمانية أوراق بقرش. ولكن الخزان ما أبقى للفقراء قمصان، وأوقية العسل بخمس مصاري، ورطل لحم الضأن بثلاثين مصرية، ولحم البقر بعشرين مصرية، وأوقية الزيت بمصريتين وقطعة. وهذا الغلاء ما سمعنا بمثله أبداً. (ص 35 متن).
ويكاد لا يخلو الحديث عن سنة من السنوات التي يتناولها الكتاب من التعريج على أحوال المناخ وعلاقته بمعيشة أهل الشام. ففي أواخر سنة 1155، دخل الشتاء ولم تمطر. ويئست الخلق ونهض الغلاء على قدم وساق. ولكن فجأةً: فأغاث الله عباده بالأمطار، كالبحار، وذلك ابتداء من كانون الثاني (لاحظ أنه عندما يتكلم عن المناخ يستخدم التقويم الميلادي للأشهر)، واستمر ليلاً مع نهار لم يفتر، وأثلجت الدنيا سبع مرات، واستمر ذلك خمسة وأربعين يوماً، وتهدمت أماكن كثيرة. ثم بعد ذلك طلعت الشمس وأحيا الله الأرض بعد موتها. وفي سنة 1170 صار نقصٌ في الجِمال والناس، فقد نقلوا أنه مات في محطة آبار الغنم أكثر من ألف وسبعمئة نفس (راس) من اشتداد الشوب وهو الحر الشديد، وفي قناق آخر سبعمئة نفس.
إن حديث البديري عن النسيج الاجتماعي للشام وهي في حالة الفرح والاحتفال ذو دلالات كبيرة، إذ نتبين من خلاله أنه لم تكن هناك مشكلة تتعلق بالتعايش بين المسلمين وغيرهم من أبناء الأديان الأخرى. وهذا، في الحقيقة، كان المنهج المتبع في المملكة العثمانية بشكل عام، التي لا تتدخل بعقائد الشعوب المنضوية تحتها لوائها ما داموا موالين لها. لنقرأ هذا المقطع: «وفي غرة ربيع الأول من هذه السنة (1156) شَرَعَ حضرةُ والي الشام سليمان باشا ابن العظم في فَرَح، لأجل ختان ولده العزيز أحمد بِكْ، وكان في الجنينة التي في محلة "العمارة"، وجمع فيه سائر الملاعب وأرباب الغناء واليهود والنصارى، واجتمع فيه من الأعيان والأكابر من الأفندية والأغَوات ما لا يحصى، وأطلق الحرية لأجل الملاعب يلعبون بما شاؤوا، من رقص وخلاعة وغير ذلك (!) وما زالوا على هذه الحال سبعة أيام بلياليها. (ص 38)
قليلة هي الأخبار المفرحة التي يرويها البديري في كتابه، كأن يقول إن هذه السنة كان فيها خير عميم، والناس كانت مبسوطة. أو يتحدث عن أمان، وقلة حروب، أو عفو عن محكومين. ومن المشاهد التي لا يمكن استبعادها من ساحة الوجدان ذاك الذي رواه عن يوم من سنة 1171، حيث: أخبروا عن أحوال وأهوال التي حصلت للحجاج من الرجال والنساء من شر كفار العرب. كانوا يُشَلِّحُون الرجل ويفتشون تحت إبطيه ودبره وفمه وتحت خصيتيه، وإن وجدوا بطنه كبيراً أو أن له قيلة شقوا بطنه أو قيلته، ويدخلون أيديهم في أدبار الرجال وفروج النساء. (ص 207و 208).
أخيراً.
إذا سمحنا لأنفسنا أن نستخدم مصطلحاً معاصراً لقلنا إن هذا الكتاب يرقى لأن يكون "بانوراما" مشهدية حقيقية لأحوال أهل الشام في تلك الفترة، بانوراما اجتماعية وسياسية وعسكرية ومعيشية وأخلاقية وسلوكية، ترصد القحط، والفقر، والعنف، والرحمة، والأدب، والكراهية، والمحبة، وتدخل إلى أعماق البشر سواء أكانوا أعلاماً ومشاهير أو من عامة الناس. وما على القارئ الحصيف المتبصر إلا أن يصفي هذه البانوراما، ويأخذ منها ما ينفعه، ويترك الزبد والأوساخ تذهب إلى حيث يأخذها التيار.
عن العربي الجديد