تشكل تجربة الممثلة المغربية فاطمة الزهراء النوري، إحدى التجارب الواعدة والمتميزة، وذلك بالنظر إلى قيمة الأعمال التي برزت فيها، والتي تقول عنها أنها "لا تقاس بالكم بل بالكيف"، سواء على مستوى المسرح أو التلفزيون والسينما، ما أهلها لتكون إحدى الأسماء الفنية القادمة بقوة، وفي قدومها تباشير موهبة بارعة في التشخيص.
وفي أقوى ظهور لها، تألقت الممثلة نوري بالمناسبة في الفيلم الجديد "دالاس" لمخرجه علي مجبود، والذي يعرض في القاعات السينمائية الوطنية، ما فتح لها آفاقا كبيرة في مجال التمثيل، للظفر بمزيد من الأدوار، التي تناسبها وتناسب قيمها ومبادئها بعيدا عن الأضواء الباهتة التي تلهت وراءها بعض الوجوه السينمائية والتلفزية باسم الفن. وتؤكد الممثلة أن"دالاس"، الذي حقق نسبة عالية من المشاهدة تجاوزت 80 ألف متفرج منذ طرحه في القاعات السينمائية شكل في مسيرتها الفنية إحدى التجارب المهمة، والذي أضاف إليها الشيء الكثير، وبخاصة أنها جاورت ممثلين متميزين أمثال عزيز دادس وأمال الأطرش وإدريس الروخ وغيرهم، حيث أبانت عن علو كعبها في تقمص الشخصية التي اسند إليها بعد كاستينك دقيق، اختار فيه المخرج الأجود والأكثر احترافية.
عن بدايتها الأولى أكدت الممثلة فاطمة الزهراء في تصريح للصحافة أنها أحبت فن التمثيل منذ صباها وعمرها لا يتجاوز 13 سنة، في مدينة سطات، وذلك خلال الأنشطة التي كانت تنظمها دار الشباب، وتطورت موهبتها ونمت بعد انتقال عائلتها إلى مدينة خريبكة، حيث التقت مع الكثير من الفنانين أمثال كريديس بلعيد وزهور التبروري، والحسين ميسخون، وعبد الغني الصناك الذي كان يشتغل آنذاك المندوب الإقليمي للثقافة بخريبكة، حيث أثمرت تجربتها عملا مسرحيا بعنوان"غلالة" مع المخرج الصناك، وكذا مسرحية"الرهوط"، فضلا عن تجربة مهمة في مجال الكاميرا الخفية بالقناة الثانية وهي التجربة التي خبرت فيها الممثلة دروب العمل التلفزيوني، لتدخل المجال السينمائي كما أسلفنا عبر بوابة فيلم دالاس للمخرج علي مجبود.
وبالرغم من ولوج الممثلة عالم السياحة من خلال تجربة في مجال الفندقة، وعشقها لرياضة القفز على الحواجز وركوب الخيل، إلا أن عشقها للفن والتشخيص ظل مسيطرا عليها، ما جعلها تبقى قريبة من عالم التمثيل، ومتابعة كل ما جد في مجال السينما ومتابعة والتفاعل مع كل جديد في المجال السينمائي والمسرحي وكذا المجال التلفزيوني. فاطمة الزهراء، التي جاورت أيضا مجال التأليف والكتابة والنشر من خلال تجربة الكاتب حميد الحسناوي، تكشف القناع عن قرب اشتغالها على مشروع مسرحي كبير مع الأستاذ الجامعي والأكاديمي والمؤلف ماهر أبو رش من كردستان، وهو مشروع مسرحي متميز تمثل فيه المغرب، ضمن الطاقم الفني للمسرحية، حيث تعالج المسرحية إشكالية الهجرة إلى أوربا وما يواكبها من قضايا عويصة تخص الهوية وحرقة الغربة عن الوطن، والاندماج في المجتمع، ومن خلالها طرح الكثير من القضايا ذات الأبعاد الوطنية والقومية والمجتمعية والإنسانية، وذلك في قالب فني مسرحي مشوق للغاية، يروم تخليص الروح من الرزايا، وتحقيق الفرجة والإمتاع للملتقي، والبحث عن حلول ممكنة لتلك الإشكاليات في عالم أصبح قرية صغيرة، تمزقه الكثير من الصراعات والهموم والتحديات. كما لفت الممثلة إلى أنها تلقت مؤخرا دعوة رسمية من السويد للمشاركة في ندوة دولية حول دور المرأة في المجتمع، لكن ظروفا قاهرة حالت دون مشاركتها، الأمر، الذي يستدعي من المسؤولين في هذا المجال، تبسيط المساطر من أجل مشاركة المرأة المغربية في مختلف المجالات وبكافة الحافل الدولية ذات الثقافية والفنية والفكرية والإنسانية.
وحول الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ودور المرأة المغربية في إشاعة ثقافة الفن النبيل، وترسيخ ثقافة الاعتراف، قالت النوري أن المرأة المغربية في المجال الفني وخاصة على المستوى المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، قدمت الشيء الكثير، وأسست لمحطات مهمة ومضيئة في تاريخ المغرب المعاصر يشهدها العالم، ما يجعلها قدوة في المجتمع، وشريكة مهمة في النجاح، ومساهمة فعالة وقوية في خلق مزيد من الدينامية والتقدم للفن بشكل عام، الأمر الذي يستوجب على المسؤولين في هذا السياق مد اليد العون والدعم للمرأة المغربية حتى تقوم بدورها على أحسن وجه، وحتى تساهم هي الأخرى إلى جانب الرجل في بناء حضارة وثقافة وفنون المغرب.
وحول اليوم العالمي للمسرح، الذي يحتفل به المغرب كسائر البلدان، حيث سطرت وزارة الثقافة برنامجا خصبا بالمناسبة، أكدت الممثلة فاطمة الزهراء أن المسرح في المغرب قطع أشواطا مهمة في التأسيس والبناء، وان وزارة الثقافة قامت وما تزال تقوم مشكورة بجهود كبيرة من اجل إعلاء صوت المسرح، وذلك من خلال العديد من المبادرات الراقية سواء من حيث دعم الفرق المسرحية، أو من حيث إعداد بطاقة الفنان، أو من خلال دعم التظاهرات الثقافية والمسرحية، وأيضا من خلال المهرجان الوطني للمسرح، الذي يشكل عرسا حقيقيا لتكريم المسرحيين المتألقين.
واستحضرت بالمناسبة بكل، وإكبار وتقدير روح الفنان العربي الكبير الطيب الصديقي، والذي ودعنا مؤخرا، موضحة انه كان بحق هرما من أهرامات المسرح المغربي والعربي والدولي. كما استحضرت أيضا الراحل الطيب لعلج والحاجة فاطمة بنمزيان والعديد من الأسماء التي رفعت رأس المغرب عاليا في المجال المسرحي، متمنية أن يكون هذا الجيل، في مستوى التطلعات ويسير على خطاهم، حتى يبقى المسرح ذلك الفن الرفيع الذي يعالج قضايا مجتمعية مهمة في قالب فرجوي ممتع للغاية. كما تمنت أن يكون هذا اليوم العالمي محطة مهمة لإنصاف المسرحيين، ودعمهم وتحسين وضعهم الاجتماعي والمادي. بالمناسبة أيضا تؤكد فاطمة الزهراء أن المسرح في مدينة خريبكة التي تنتمي إليها، يواجه الكثير من التحديات، وأن المدينة تتوفر على طاقات واعدة، في مجال الركح، هذا فضلا عن أنشطة وفقرات وتظاهرات خصبة تحتفي في العمق بالمسرح، وبالتالي على الجهات المعنية مد يد العون إلى المسرحيين وبخاصة الشباب منهم وكل الطاقات الواعدة، حتى يرفع الظلم والحيف عن تلك المنطقة المهمشة مسرحيا والتي تحتاج إلى كثير من المساندة.
وخلصت الفنانة إلى أن قطاع التمثيل والفن برمته لديه صعوباته كثيرة، وتتخلله المحسوبية والزبونية، كما تحكمه العلاقات، الأمر الذي يحد من عطاءات الكثير من الطاقات والمواهب التي تتنفس في الظل، بالتالي ضرورة إنصاف المواهب والطاقات، ومد يد العون لها، حتى تقدم الأجمل، وتساهم هي الأخرى في بناء أعمال سينمائية ومسرحية وتلفزيونية ممتعة وجادة، وتحقق الفرجة المبتغاة للمتلقي وهذا هو الأساس في الممارسة الفنية برمتها. كما كشفت الفنانة بالمناسبة أنها تشتغل على مشاريع مهمة، تريد أن تتركها مفاجأة لجمهورها الحبيب، وهو ما سيمنحها إضافة نوعية في مسيرتها الفنية، التي تقول أنها ما تزال في بداياتها، وان حافلة في المستقبل بفيض عطاءات خصبة ستبهر الجهور.