(الى الى ذكرى الرفيق عبد الخالق محجوب ورفاقه وكل من بذل كل شئ من اجل الاشتراكية)
مقدمة(*):
اكتب هذه الدراسة الاحرى الملاحظات المشاركة للمقاومة الشعبية العربية الاسلامية والاممية وحركات التحرر الوطنى العربي والافريقي والامريكى الجنوبي وقد كان لي شرف معاصرة بعضها لاكثر من نصف قرن. كما اعاصر تباعا ما حل بالعلاقات بين بعض الدول العربية والدولة العبرية وهي اخذة تباعا بالتحور سراعا نحو ثورة عربية واسلامية مضادة من حيث تقارب الاخيرين سرا وعلنا بذريعة الخشية من ايران على نحو غير مسبوق خصما على القضية الفلسطينية. ويقول نادر الفرجانى في ذلك ان "العلاقات ازدادت مع الكيان الصهيوني في شبه الجزيرة والخليج متانة حتى وصلت إلى التعاون العسكري والسياسي السافر وخرجت إلى العلن بلا حياء مؤخرا" ومع ذلك تبقى قضية العرب والمسلمين المفصلية هي فلسطين.
هذا وفيما تكرس الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية شرط نشوء الشرق الاوسط الجديد فان مغبة ذلك على وحدة المجتمعات العربية المستهدفة تدفع بعضها الى المقاومة الشعبية وحركات التحررالوطنى من ناحية ويستقطب الحكومات العربية من ناحية اخرى كما نري فى دول الخليج وهي تحاول ان تحمي نفسها من شعوبها وكان بعض الدول تتواجه اليوم علنا مع الشعوب في كل مكان. الا ان المقاومة الشعبية العربية الاسلامية والاممية وحركات التحرر الوطنى تقف بمنأى عن ذلك الاستقطاب شعبيا وقد ادركت الشعوب العربية ما يحاك لها جراء ما يحيق بها تباعا. ويعبر ذلك عن نفسه في كيف ان الشعوب آخذة اليوم تباعا اكثر من اي وقت مضى في تفكير وتنظيم طبقى اممي مما ييسره الاتصال الاجتماعي في كل مكان وذلك في مواجهة الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية والقبلية ومعظم الحكام العرب وغير العرب بدورهم جميعا. واجادل ان تلك المواجهة ليست سوى ما يبدو وكانه الفصل الاخير في حياة الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية والقبلية الا اذا كانت الاخيرات بصدد خطة ب لا تقل عن حرب نووية لا تبقي ولا تذر حسب وزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كيسنجر.
واقارب مفهوم الاشتراكية السودانية بادراك ان ما يحدث للسودان ليس بعيدا عما يحدث لغيره رأسيا وافقيا بمعنى ما يحدث في المنطقة العربية وغيرها في المقياس المدرج وما يتميز به السودان من خصوصيات قد لا تتكرر، في سياق ما حدث ويحدث للسودان عموما وعالميا، مما قد يشمل ولا يشمل غيره من المجمتعات العربية والافريقية. ذلك ان للسودان خصائص تعبر عن نفسها في سياق حصار التجربة الاشتراكية السودانية محليا واقليميا. وازعم ان مفهومات كل الرأسمالية المالية والصهيونية العالمية والقبيلة مفهومات محورية في التعرّف على أي شئ كان حولنا.
وقياسا فمحاولة تعريف الاخيرات باختصار في سياق الاحداث المتسارعة منذ الحرب العالمية الثانية رغم ان الرأسمالية المالية لم تعد غامضة على أحد اليوم ذلك لان مفهومات الاخيرة باتت تحوُّرا Mutation، بمعنى تشوهاً، على مصطلحات الرأسمالية الصناعية. وعليه فإن الرأسمالية المالية التى تراكم ببيع المال كسلعة تتجاوز، بالنتيجة والضرورة، القوى العاملة وعلاقات الانتاج والمجتمع بكامله، إلا ماخلا أقليات تتقاسم الاوليجاركيات والرأسمالية المالية العالمية منها الثروة والسلطة خصما على الأغلبيات العددية التى لا وجوه لها فى كل مكان في المقياس المدرج.
فان قد يبدو لا اكتراث البعض بالقضية المفصلية ازاء هجمة دولة الفصل العنصرى العبرية المجنونة، بوصف ان ذلك اللا اكتراث وظيفة تجويع وترويع الاغلبيات العددية لمن لا وجوه لهم، في كل مكان في المقياس المدرج فكريا وتنظيميا وفعليا، الا ان معظمنا يبقى واعيا على ان خصومنا يودون لو ان نغفل عن اسلحتنا وامتعتنا الفكرية والتنظيمية، فيميلون علينا "ميلة واحدة". وقياسا فان لم نتسلح بالحيطة وبالمعرفة وبلغة تخصنا وتدل علينا وتصدر عن واقعنا، مثلما فعل اعراب الشتات باكرا، فليس ثمة من نلومه على ما يوقعه خصومنا بنا ولنا من الابداعات الشعبية ما عصم البشرية على مر الاف السينين. وازعم ان الابدعات الشعبية تصيب الغرب والرأسمالية بتنويعاتها وخاصة المالية –الصهيونية العالمية والقبلية بالفزع.
وتلاحظ(ين) ان الاعلام الغربي لم يلبث ان راح يشيع ان الداعية الامريكى جين شارب Gene Sharp صاحب كتاب "من الدكتاتورية الى الديمقراطية" بتقديم من البرت اينتشتاين هو الذي الهم الشباب العربي الغاضب ثورات الربيع العربي، كون الشباب يواظبون على مواقع الشبكة العنكبوتية. ويبشر شارب sharp باستحالة هزيمة الشعب، فقد يندحر الشعب ولكنه ينتصر فى النهاية، رغم ان الشعب قد لا يدرك قدراته الهائلة حتى ينظم نفسه ويتقدم وقد ادرك ان الطاغية اضعف مما يتصور الناس. وتلهم الثورة العربية بنظريات جديدة حول التقدم لاول مرة، من ان رأس المال البشري اهم من راس المال المادي. فمستقبل البشرية معقود على راس المال البشري، وليس على راس المال المادي. ولعل ذلك قد يمثل تحولا 180 درجة في الفكر والتنظيم الغربي؛ فيما ما يبرح الفكر العربي يستدرج الى مقولات الليبرالية الجديدة والسردية الزائفة False narrative لكل من المحافظين الجدد والارهاب الفكري الصهيوني العالمي والقبلي. سوى انه لم يعد خاف علينا –وقد باتت المعلومات تتدفق على قارعة جوجل وتنويعات الشبكة، جراء ثورة المعلومات -لم يعد خاف علينا ان غرماءنا طالما عمشوا علينا الحقيقة، واستدرجوا معظمنا وما يبرحون حتى اخر لحظة- رغم اجتياح العراق والربيع العربي وماحاق بليبيا واليمن–الى مايشارف حتفنا- مما بات ماثلا جراء ما قد يحيق بسوريا تباعا، لا قدرالله ولا قدرت الابداعات الشعبية وقوى المقاومة.
فهل تستبق الرأسمالية المالية مغبة تجربة الهند والصين وقد سبقتا الغرب العقيم فكريا الا ما خلا لاهوت الدهريين اي المسيحيين المولودين من جديد The Born Again Christians ولاهوت الارمجادون Armageddon القائلة بحتمية وقوع حرب نووية؟
تمهيد:
اجادل ان تلك الطبقة تعبر عن نفسها في سياق اممى يستقطب جميع شعوب العالم في المقياس المدرج من ناحية. ومن ناحية اخرى تتأهب الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية للانقضاض على الشعوب في كل مكان في المقياس المدرج بغاية تكريس شرط تحجيمها بكل من التعقب والمصاردة وسن القوانين المقيدة للحريات بدءا من حرية التعبير والتنظيم المطلبى وحرية التواصل الاجتماعي تحت مظلة محاربة الارهاب في المجتمعات الغنية. وقياسا تتعين الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية على حروب ابادية لشعوب العوالم الثالثة والرابعة التى تحولها الحروب والجماعات الارهابية الى مجتمعات العصر الحجري وصولا الى تهجير شعوبها من كل مكان الى كل مكان، بغاية تفريغ الاوطان العربية من سكانها تحقيقا لنبؤة يهوا بان يجعل كل ما وطأته اقدام بنى اسرائيل ملكا لهم.
وفيما ترفض اسرائيل تحديد حدودها فيختلف معنى كلمة حدود طويلا منذ نشأة الدولة العبرية وحتى اليوم حول كلمة حدود Territories والحدود the territories ليغدو واضحا ان اسرائيل تعرف تماما حدود دولتها التى لا تبوح بها، فيما ترفض الاعتراف بالقوانين الدولية التى تحكم علاقات الدولة العبرية وحدودها. ذلك "ان على اليهود الذين يسكنون اسرائيل الا يخضعوا لقوانين البشر وان النوايا السلمية هي اعمال حمقاء.(1)
ذلك ان ما يسمى النهضة العبرية او التهويدية وتعنى المسيحية البروتستانتية التنويرية وتقول الاخيرة بأن فلسطين ارض يهودية، قد كرس خطابها فكرة ان اليهود يلعبون دورا رئيسيا فى المخطط الرباني لمجئ المسيح الثاني. والى ذلك فقد بات المسيحيون الاصوليون الافانجليون يؤمنون بان الرب يفضل اليهود على العرب. وقياسا فقد بات الرب ينظر بلا انتقاء الى الاغيار (غير اليهود ) وعموما على انهم اقل اختلافا من اليهود بسوى ان اليهود يبقون مع ذلك شعب الله المختار. واجادل ان ذلك لا يقل عن هلاوس الآباء الاوائل الذين قادوا المهاجرين الاوربيين الغربيين من اوربا الغربية الى العالم الجديد، اي الامريكتين والى اوستراليا، ولم ينفكوا ان تعينوا على زعامات المهاجرين فكرسوا مبدأ الارض الميعاد للاغيار من المسيحين الذين ولدوا من جديد Born again Christians ولا يعدو ذلك الانتقاء او التراتبيه سوى تكفير الاغيار اي من عدى اليهود في المقياس المدرج جراء المعارك القادمة بين اليهود والاغيار كافة.(2)
لماذا يثابر بعضنا على التضامن مع حركات التحرر الوطنى ومن اجل الاشتراكية؟
اننا اذ نقف مع دول وشعوب التحرر الوطنى في امريكا الجنوبية انما نقف مع فلسطين القضية المفصلية. لأننا نخذل فلسطين عندما لا ندرك مغبة العزلة التى تفرضها علينا الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية، بمغبة التماهي مع لغة الرأسمالية المالية الصهيونية العالم القبلية دون ان نجود لنا لغة تخصنا نحارب بها ونواجه بها خصومنا العالميين والداخليين.
تحديات التخلف للتجربة الاشتراكية وابدعات الشعوب :
خادع او خذل المتثاقفون والنخب النغلة الشباب العربي، باختزال اهمية الثقافة المحلية واللغة لحساب الثقافة واللغة العالميين اللتان ايقن المتثاقفون والنخب النغلة من العرب والمسلمين بمحوريتها فاهميتها الاستراتيجية. مما حمل موجة السخط والتعبير عن الامانى الحداثية كالديمقراطية وحقوق الانسان ودولة القانون وغير ذلك مما كان يستدعى في فراغ ثقافات الكون العربي الاسلامي وبمنأى عنه بل غالبا كان ترفعا على الثقافة المحلية ووصمها بالتخلف بوصف ان التخلف متأصل فى "العقل العربي". وفي نفس الوقت لم يكن المتثاقف والنخبوي النغل في الواقع قد تعين على ادراك كنه او اجادا لغة العولمة وثقافتها رغم انه يتشدق ببعض مفرداتها وبعناوين كتب انبائها الذين تتعلق ارواح المتثاقفين والنخب النغلة بما يتصورون انهم فهموه مما يقول اؤلئك الانبياء. وقياسا ما كان لهم ان يستوعبوا مخاتلة مفهوماتهما بالقدر الكافي للتعرف على فخاخهما مما ورط مشاريع وبرامج الشباب والعمال في منظومة غير مدرك معانيها تماما. وازعم ان خطاب الربيع العربي كان في بعض ابعاده متورط في استدعاء ما يسمى المجتمع الدولي لينقذه من طغاة كانت الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية قد خلقتهم اصلا. فقد كانت الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية راغبة في استبدال طغاة بنظائر لاؤلئك الطغاة وقد غير الاخيرون الوان المعاطف وحسب على طريفة المحافظين الجدد وانغالهم الليبراليين الجدد.
وفي نفس الوقت كان المتثاقفون والنخب النغلة يغوون الشباب والعمال بالمناداة بديمقراطية لم يتم تعريفها يومها قصدا او جهلا وحتى اليوم. فقد كانت الديمقراطية التى طمح اليها الشباب والعمال فراحوا يهتفون ويتنادون بها ضمنا كانت الديمقراطية البرلمانية الليبرالية دون ان يدرك الشباب والعمال بان الاخيرة كانت قد اخترقت بالديمقراطية الليبرالية الجديدة. وكان ذلك احد الفخاخ التى وقع فيها شباب وعمال الربيع العربي، بل وحتى بعض المثقفين الشرفاء. ذلك ان الفكر والثقافة والفن الشعبيين والحقيقيين والممتنعين على التزيف والمخاتلة كان قد حجر عليهما، وصودرت الكوى التى يطلا منها على الالهام والابداع في الفكر والتنظيم الثوريين. ذلك انه فيما يدرك خصوم الشعوب قيمة الفكر والثقافة والفن وما للاخيرات من اهمية فقد تعقب خصوم الشعوب المفكرين والكتاب والفنانين المناضلين الشرفاء وحبسوا عليهم انفساهم وهددونهم بالقتل ما يبرحون. ولقد فعلت الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية ذلك تماما مع اليسار في امريكا الجنوبية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي كما فعلت المثل بمفكري الثورات التحررية الافريقية وبامثال ولتر رودني Walter Rodney مؤلف كتاب How Europe Under developed Africa وغيره وما يفعلون بالمبدعين الفلسطينيين حتى يصيبهم القنوط او –و يغتالونهم من غسان كنفانى الى رفاقه.
فللفكر والثقافة والفن دور هام في المعركة لان الفكرو الثقافة والفن تقيض طرق وسبل ووسائل التضامن الاممي بما للاخير من اهمية في دمج الكفاح الشعبي والفكرى والتنظيمي العربى والافريقي- بما في ذلك السوداني -فبالانخراط بوعى حقيقيtrue consciousness في حركات التحرر الوطنى في كل مكان. وقياسا يدرك المتورطون الاقليميون والعالميون اننا عندما نقف مع حزب الله ضد التكفيريين في سوريا فاننا نقف ضد اسرائيل والصهيونية القبلية والعالمية وقياسا ضد الرأسمالية المالية . فمع قضايا الشعوب العادلة في كل مكان.
ان أستقرار امريكا الجنوبية يخصم على استقرار امريكا الشمالية فاستقرار فينيزويلا يشكل خطرا على امريكا، وتدعم الاخيرة الوضع الراهن اي بعد محاول الانقلاب على نيكلا ماديرا خليفية شافيز. ذلك الوضع الذي ينذر بعدم الاستقرارا بغاية اشعال الحرب الاهلية وصولا الى خلق شرط انقلاب عسكري امريكي ابيض بدعم اللوبي الاسرائيلي القوي لحساب الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية والقبلية. وتلاحظ(ين) ان التوسل- من الوسيلة اي تبادل الوسائل-بين امريكا واسرائيل هو في صميمه تبادل اعتماد بين الصهيونية العالمية والقبلية بسمسرة الرأسمالية المالية وتاسيسا على الاخيرة.
إلا ان الجيش الذي بناه هوجو شافيز يبقي موال للثورة وخليق بالوقوف مع الشعب في وجه اي تدخل عسكري خارجى؛ ولن يتحقق حلم امريكا بتحور الثورة الفينيزويلية التاريخية الى ثورة مضادة على الشعب الفينزيويلي، او باحلال عناصر اسرائيلية مكان العناصر الاشتراكية، وبالاطاحة بنيكولا مادورا بعد اغتيال هوجو شافيز. وقياسا فقد تلجأ امريكا الى انقلاب "ديمقراطي ما بعد ليبرالي" أي يميني متطرف على الطريقة الارجنتينية. الا ان التجربة الارجنتينية ولا غيرها من الانقلابات التى اوقعت بحق المحاولات الاشتراكية فى امريكا الجنوبية تقدم انموذجا ناجحا للانقلاب اليمينى المتطرف. فقد ارتفت الاسعار 180% في فيما انخفض سعر النفط باكثر من 60% في غضون اشهر. ذلك انه ما ان رفضت كوشنر ولولو وموراليس وهوجو شافيز الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، بل استدعوا بالمقابل منظومة تجارية لامريكا الجنوبية، حتي بدأ العد التنازلي للانقلاب على امريكا الجنوبية.
مرة بالاغتيالات الغامضة مثل اصابه معظم زعمائها بمرض واحد هو سرطان المثانة؛ ومرة بمخطط شبيه بالمخطط الذى أغتيل على اثره الزعيم الشيلي سالفادور اليندي في سبتمبر 1973 وذلك بخلق ازمة اقتصادية واخفاء المحاصيل الغذائية. وكما حدث مع الانقلابات البيضاء فى الجمهوريات الاشتراكية عشية ما يسمى الثورات المخملية والملونة وغيرها تماما. وقياسا فقد عزلت هوندوراس وبراراجواي والاكوادور الخ، واسست امريكا قواعد عسكرية في كلومبيا استدعاءا لربيع لاتيني، تنويعا على الربيع العربي. وسأكتب مجددا في ذلك حيث ان تجربة امريكا الجنوبية خصبة ومهمة وملهمة، لكل من يناضل منا من اجل تحقيق التجربة الاشتراكية مرة لعمقها وما يتحقق منها من تجارب مفيدة ومرة لان حركة تضامن بين شعوب امريكا الجنوبية والشعوب العربية والمسلمة جديرة بان تعصم شعوبهما.
ما يتوجب على المناضل الشريف:
ان على كل ناشط او مناضل من اجل بناء الاشتراكية عليه ادراك هذا السياق الذي بدونه لا يقيض معنى كاف وعميق بصورة كافية للنضال ولا ضمان محصلة للنضال. فحيث تعود بعض الافتراضات او الفرضيات اعلاه -تأسيسا على الملاحظة المشاركة الى تامل ودراسة ما صارت اليه بعض الاحزاب الاشتراكية التى عاصرتها فان ما الم باحزاب حركات التحرر الوطنى الافريقي الوطني المسلح مثل احزاب فراليمو في الموزانبيق وحزب PAIGCغينيا بيساو سانت تومي وجزر الرأس الاخضر مجتمعة وحزب رينامو في انجولا. حريا بان يفتح عين اي مناضل على ما تلحقه الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية بتلك الحركات.
ولما كنت قد عاصرت بعض تلك الحركات والاحزاب وتشاركت مع معظم زعماء وكتاب وشعراء ثورات افريقيا البرتغالية امثال اميلكار كابرال واوغستينو ناتون ومارسيلينو دوس سانتوس وسعيد لوممبا وبولينا زوجة لوممبا تون دي بيرجانزا وثوار ناميبا وفلسطين وغيرهم. وكنت قد لقيت بعضهم اول ما لقيت فى منظمات التضامن والسلام وفي المؤتمرات الاسيوية الافريقية في الاتحاد السوفيتى وفي موزانبيق من بعد وفي زيمبابوي في القاهرة وبيروت وفي الجزائر والخرطوم . وكنت اعمل في المكتب التضامن الافريقي بالحزب الشيوعي مع الرفاق عبد الخالق محجوب وفاروق كدودة وعبد السلام الشيخ واخرين لا اذكر بعد كل هذه السنين اسمائهم.
ولقد قيض لي تجريب وما شهدت من كيف ان حروب الاستقلال فى مستعمرات البرتغال مثلا كان عليها ان تبدأ بقيام جبهة تحرير الموزانبيق- فراليموا Frente Revolutionria Da Libracao Mozambicana في شمال البلاد وبخاصة في جزيرة موسى البك وهو الاسم الاصلي لموزانبيق قبل تحريفه حيث اغلب السكان مسلمين صوفيين وكان ذلك فى 1964. ولم تنفك حركة تحرير انجولا وغينيا بيساو ان التحقت بفراليمو. ذلك ان تلك الحركات لم تنفك ان اتحدت ايمانا منها بقوة التضامن في وجه استعمار اوربي امريكي بامتياز فالفت ما بات تنظيما قويا لحركات التحرير في افريقيا البرتغالية. فقد كانت تلك المنظمات تقود حركات التحرير ابان ما سمى حرب البرتغال الكولونيالية Portuguese Colonial War. وكانت تضم كل من منظمات حركات التحرير فى غينيا بيساو وجزر الرأس الاخضر PAIGC وانجولا MPLA وموزانبيق FRELIMO وسان تومى وبرينسيبي Principe . وكانت الفكرة قد بدأت من اميلكار كابرال بعد انعقاد مؤتمر المنظمات الوطنية للمستعمرات البرتغالية Conference of Nationalist Organisations of Portuguese Colonies (CONC) فى افريقيا فى ابريل 1961 فى الدار البيضاء فقد اسس اميلكار كابرال زعيم حزب PAIGC مؤتمر المنظمات الوطنية للمستعمرات البرتغالية وقياسا فقد احل مؤتمر المنظمات الوطنية للمستعمرات البرتغالية مكان الجبهة الثورية لاستقلال المستعمرات البرتغالية (Revolutionary Front for the .National Independence of the Portuguese Colonies). وقد شهدت تلك الفترة ما سمى حرب البرتغال Portuguese Colonial War 1964-1974.(3)
كذلك عاصرت جبهة التحرير الجزائرية منذ كانت في المنفي الى ان هبط الثورا فوق الجبال ليشعلوا الثورة حتى النهاية. كما عاصرت حركة البوليساريو فى الموزانبيق ثم في الجزائر حيث كنت اعمل بعد الاستفلال ومن هنا في المنفي وقابلت بعض ثوار الساقية الحمراء وواي الذهب Rio De Oro نساءا ورجال في مؤتمرات عدة في الموزانبيق والقاهرة وفي المنفى. وكذلك عاصرت جبهة التحرير الفلسطينية في كل مكان عملت فيه تقريبا من الموزانبيق الى فلسطين. والى ذلك عايشت تجربة الحزب الشيوعي البريطاني حتى انقسم على نفسه مرات إبان حكومة مارجريت ثاتشر جراء اختراق المخابرات البريطانية له وصولا الى سقوط الاتحاد السوفيتى والمنظومة الاشتراكية، الذى كان له اكبر الاثر على صلابه معظم الرفاق الشيوعيين البريطانيين. والى ذلك عاصرت ما حدث لحزب العمال البريطاني خلال الاربعين عاما ونيف في منفاي فى بريطانيا حيث تحور الاخير على نحو محزن وفاضج معا جراء مثابرة توني بلير على الحاق الحزب الى رديف لحزب المحافظين الطبعة الثاتشرية واسوأ مما بات الحزب معه حزبا جديرا بالامبريالية a party fit for imperialism اكثر منه بالطبقة العاملة عبورا بما سمي وباكرا الطريق الثالث Third Way تخاتلا الى موالاة الليبرالية الجديدة-الرأسمالية المالية -الصهونية العالمية والقبلية.
وحيث انشط في حركات التضامن الاممي فحاول ان أعبر فيما اعبر يوميا عن ذلك عن مكافحة الظلم والخديعة مثلما في المناداة بتقديم جورج بوش وتوني بلير للعدالة بتهم جرائم الحرب وقد نجحنا في حرمان توني بلير من ان يغدو رئيسا للمجموعة الاوربية ونقف مع حركة وول ستريت وضد الرأسمالية المالية والصهيونية وضد اشكال العبودية الحديثة Modern day slavery ومع المفقرين والمستلبين في كل مكان ومع حركات التحرر الوطنى فى كل مكان. وما نبرح ندافع عن الاسرى والسجناء الفلسطينيين ونطالب يوميا لفلسطين بالحرية والعدالة ونقف مع مقاطعة الدولة العبرية ومقاطعة الاكاديميين الاسرائيليين الصهاينة وقد اتسعت الحركة سعة اثارت جزع نتانياهو . ومن الظواهر التى تستحق التوقف عندها ان جامعة نيويورك عاصمة المال واليهود قاطعت اسرائيل. ونقف ضد المستوطنين من حيث منتجات الاخيرين تزرع فى اراض فلسطينية منتزعة عنوا وتجبرا.
وبالمقابل نناصر بيرني ساندرز Bernie Sanders المرشح الديمقراطي الامريكي الذي يتنافس كل من دونالد ترامب Donald Trump المرشح الجمهوري وهيلاري كيلنتون Hillary Clinton النسخة المشوهة من الجمهوريين في الانتخابات الامريكية لدورة نوفمبر 2016. من المهم جدا ادراك ان بيرنى ساندرز Bernie Sanders "يشعل ثورة" اشتراكية حقيقية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة ضد الرأسمالية المالية فالعالمية وينادي ساندرز بالعدالة الاجتماعية من الرعاية الصحية للجميع ورفع الضرائب على الاثرياء وفاعادة التوزيع واجر الحياة وليس اجر الكفاف الخ ان كل هذه الظواهر حرية بان تؤلف ابعاد سياق النضال من اجل بناء الاشتراكية في زماننا هذا. وبالمقابل فقد كادت النمسا تنتحب اليمينى المتطرف نوربيرت هوفرNorbert Hofer رئيسا الاحد 22 مايو ايار 2016 ويهدد اليمين الفرنسى المتطرف كل من الوسط واليسار الغربي حيث يجد الحزب الاشتراكي الفرنسي نفسه رهينة سياسات التقشف والديون السيادية.
ولعله من المفيد تذكر ما حاق باليونان رغم ربما بسبب ان الشعب اليوناني كان قبل ان تلم به كارثة الديون السيادية جراء سياسات التقشف وفرض الديمقراطية الليبرالية الجديدة تحقيقا لشروط عضوية المجموعة الاوربية –كان اليونان يتمتع حتى وقتها باتاريخ نضالي طويل وبهزيمة حكومات عسكرية وبحركات مطلبية وتعاضدية وطبقة عاملة معتبرة مجتمع مدنى قوي في الوفت الذى كان فيه اوربا الشمالية خاصة قد عصفت بالطبقة العاملة وصدرت العمالة الى حيث العمل الرخيص الطييع اللامسييس اللامنظم. وليس ذلك وحسب وانما لم ينفط الشعب اليوناني ان تجاسر فانتخب رئيسا شيوعيا في قلب ازمة الديون متحديا اوربا بقضها وقضيضها المحافظ فى افضا الشروط والذى بات يشارف الفاشية فيما عدى ذلك.
وقياسا لم يكن مستغربا ان يتعين جولدمان ساكس سليل العائلة ساكس التى كانت وراء الازمة الاقتصادية الكبرى في ثلاثينات القرن العشرين التى ادت الى الحرب العالمية الثانية –هذا بعض النظر عن السردية الرسمية للحرب العالمية الثانية- لم يكن مستغربا ان يتعين جولدمان ساكس على تلفيق دفاتر مالية اليومان مما ارداها رهينة بديون العبودية الكاملة. اذ بلغت ديون اليونان السيادية حتى بداية صيف 2016 لدى بعض اعضاء المجموعة الاوربية ولمصارف مشبوهة خاصة والى مستشارين اشد شبهة مثل جولدمان ساكس سليل اسرة ساكس التى تعينت على خلق شرط الازمة الاقتصادية الكبرى في ثلاثينات القرن العشرين- بلغت صيف 2016 ديون اليوناني السيادي ما شارف 98% من الناتج القومي الاجمالي اليوناني.
وبالمقابل تجأر الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية بفرض الديمقراطية الليبرالية الجديدة بحد السيف وترسل الجيوش والطائرات بدون طيار الخ الا انها لا تفعل سوى ان تلزم الشعوب على قبول ممارسات تلك الديمقراطية التى لا تزيد على ولا تنقص عن فرض سياسات التقشف والتجويع والترويع والعبودية العامة بسمسرة الليبراليين الجدد في استباق التجربة الاشتراكية في كل من البرازيل وفينزويلا تباعا. فالليبراليين الجدد يقودون ثورات مضادة في امريكا الجنوببة على المجتمعات التى قد تعينت حديثا على الفكاك من ربقة الامبريالية الامريكية الشمالية. وقياسا ينقلب الليبراليون الجدد على سلطة الدولة البرازيلية المنتخبة ديمقراطيا بواقع 54 مليون ناخب برازيلي. ذلك انه حتى الديمقراطية البرلمانية –ناهيك عن الديمقراطية -الشعبية- او الديمقراطية الاشتراكية- ما كانت لتات بمن يستحب الليبراليون الجدد والمحافظون الجدد مثلما حدث مع سلفادور اليندي في11 سبتمبر 1973
وعليه يعين ميشيل تامر اللبناني الذى خلف ديلما روسيلف Dilma Rousseff الرئيسة البرازيلية المخلوعة، في انقلاب مابعد ليبرالي يعن ميشيل تامر الرئيس الحالي ايان جولدفاجينIan Goldfajn الاسرائيلي الجنسية محافظا للبنك البرازيلي المركزي الوطني، فالمصارف الوطنية تجديف بحق سردية احتكار ابناء يقعوب منذ يوسف للمصارف المركزية. وتلاحظ(ين) ان اول ما تفعله الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية ما ان تهبط في مجتمع لـ"تدمقرطه" هو ان تحتل البنك المركزي الوطنى، وتخصخص اموال الشعب لحساب الرأسمالية المالية، مثلما فى العراق وافغانستان وليبيا واليمن، تحاول فى سوريا ومصر. وذلك على غرار البنك المركزي الامريكي الفيدرالي، والبنك الدولي مما يتعاقب عليه ابناء يعقوب منذ انشائهما وتباعا.
هذا ولعل مما اقول حري بان يثير فزع اؤلئك العملاء المتمولين المتزلمين. فالرأسمالية المالية الصهيونية العالمية الصهيونية القبلية تشعل الحروب منذ الحرب العالمية الثانية على الاقل ان لم يكن منذ نهاية القرن التاسع عشر على البرجوازية الصناعية والرأسمالية الوطنية وصولا الى المواجهة الماثلة بين الرأسمالية المالية ومنظومة البريكس كما قد تلاحظ(ين) مما يدور حاليا في كل من البرازيل وفينيزويلا. فقد كانت البرازيل سادس اكبر اقتصاد في العالم وكانت قبل الانقلاب على سلطة ديمقراطية جاءت بها اصوات اكثر من 54 ناخب برازيلي وكانت البرازيل بسبيل ان تغدو واحدة من القوى الاقتصادية الراسمالية الصناعية الكبرى تمهيدا لبناء الاشتراكية على الطريقة الماركسية اللينية.
وبالمقابل ففنيزويلا دولة اشتراكية تعيد التوزيع الذى تتطير منه الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تجديفا بحقها. إلا ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تعينت على اغتيال رئيسها هوجو شافيذ ومؤسس تجربتها الاشتراكية وتحاول الانقلاب على نيكولا مادورا خليفة شافيز او-و اغتياله مثلما اغتالت عدد من زعماء امريكا الجنوبية جراء نجاح شعوب الاخيرة في الانعتاق من استعمار امريكا الشمالية. وتعتقد الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية ان اغتيال هوجو شافيز- ومحاولة انقلاب مماثلة للبرازيلية، حرية بان تتعين فيها ممارسات ديمقراطية ما بعد ليبرالية، او لييرالية جديدة انقلابا على منجزات الشعب الفينيزويلي. وقياسا اروم من وراء هذا التمهيد الطويل نوعا ما والهام من اجل التفاهم حول الاولويات هذه المجادلة فيما ازعم بداءة ان معظم ما اقول يصدر عن مفاهيم اجرائية Operational يعنى تمأسس فوق ملاحظات ومعايشة واعتراك واجتراح حياتى ومن ثم لا تطالها المفهومات المجردة ولا المطلقة ان فعلت الا قليلا.
لماذا اقول كل ذلك وزيادة؟
اقوله كي اعبر عن هاجس او هاجسين ليس لدي من الادلة المكتوبة شئ عنهما سوى ما بين سطور السردية الزائفة the false Narrative وفيما تتفاقم هجمة الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية على الحركات التحررية الوطنية والمقاومة الشعبية العربية الاسلامية فقد تمنى فلسطين القضية المفصلية بما قد ينحت في جدران صلابة الثورة الفلسطينية من ناحية. والى ذلك فان تكريس شرط نشوء الشرق الاوسط الجديد ومغبة ذلك على وحدة المجتمعات العربية المستهدفة من ناحية ثانية يبقى مع ذلك ما يتعين عليه بعض المجتمعات العربية كسوريا واليمن بالمقاومة االشعبية العربية والاسلامية وعلي حركات التحرر الوطنى فان حاصل جمع ما تقدم حريا بان يستقطب الشعوب العربية والاسلامية في شد جذب يقول البعض انهما حريان بان ينحتا في جدران ما بقي لتلك المجتمعات من مناعة ازاء الفناء الثقافي والحضاري وصولا الى الفناء الثقافي الحضاري والوجودي.
ومع ذلك فان المقاومة الشعبية وبعض رمق على حركات التحرر الوطنى تقف كلها في مواجهة ذلك الاستقطاب شعبيا وقد ادركت الشعوب العربية ما يحاك ولها جراء ما حاق بها سنين ويحيق بها تباعا. وقياسا فان الشعوب في كل مكان ما تنفك تتعين على فكر وتنظم طبقى اممي ان صح التعبير في مواجهة الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية والقبلية جميعا.
واجادل ان تلك الطبقة العالمية الاممية تعبر عن نفسها في سياق اممى يستقطب جميع شعوب العالم في المقياس المدرج من ناحية. ومن ناحية اخرى تتأهب الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية للانقضاض على الشعوب في كل مكان في المقياس المدرج بغاية تكريس شرط تحجيمها بكل من التعقب والمصاردة وسن القوانين المقيدة للحريات بدءا من حرية التعبير وحرية التواصل الاجتماعي تحت مظلة محاربة الارهاب في المجتمعات الغنية والمفقرة جميعا على صعيد. وعلى صعيد اخر تتعين الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية على حروب ابادة شعوب العوالم الثالثة والرابعة والتى تحولها المجاعات والتصحر والاوبئة الفيضانات والبراكين المخططة والحروب والجماعات الارهابية الى مجتمعات العصر الحجري والابادة الجماعية وصولا الى الامم البائدة او-و تهجير الشعوب وتسفيرهم من كل مكان الى كل مكان بغاية تفريغ الاوطان العربية من سكانها تحقيقا لنبؤة يهوا بان يجعل كل ما وطأته اقدام بنى اسرائيل ملكا لهم.
وفي مناخ بهذا الوصف فان كل فكر وتنظيم طبقى شعبى حري بان يواجه مقاومة عنيفة من خصوم الشعوب بخاصة وان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية والقبلية تتعين على كراهية الشعوب منذ ان سال موسي ربه من فوق جبل سيناء ان يمنحه شعبا اكثر طواعية. واجادل ان ذلك الكره للشعوب بات من يومها سمة احبار واقماط واسباط وامراء وقضاة وتجار بعض ابناء يعقوب واحفادهم الاوليجاركيين الاسراتيين الماليينthe dynastic finance Oligarchies خاصة تباعا. ولعل ما تتقصد الاوليجاركيات المالية الصهيونية الماثلة به الشعوب تباعا ليس سوى تعبير عن تلك الكراهية المتأصلة في اثرياء واقوياء العالم للمفقرين الذين يتفاقم افقارهم في تناسب عسكي مع غنى وقوة تلك الاوليجاركيات.
وفيما يلي احاول مجادلة الموانع والمحاذير التى تواجه التجربة الاشتراكية عامة والتجربة الاشتراكية السودانية خاصة كانموج غير بعيد كثيرا عن غيره من المجتمعات العربية والاقريقية وربما الامريكية الجنوبية –حتى وان كره العنصريون العرب الذين اودت عنصريتهم بموضوعيتهم فغفلوا او تغافلوا عما يحدث في السودان حتى قسم في ليلة سوداء بالخديعة المتسارره. فمنذ نشوء مايسمى السودان المستقل سياسيا بداية خمسينات القرن العشرين حتى حلول سلطة الاخوان المسلمين السودانيين في 1989 وبقى بعيدا تباعا عن هموم العرب بل وكان العرب بتبرأؤون منه.و قد يسر ذلك فيما يسر الانقسام حتى يبدو ان العرب اصبحوا ذات صباح ليشهقوا مما جري فى الليلة الفائتة وقد تنبهوا على ما يكال لهم طويلا.
تواجه الشعوب والرأسمالية على مر السنين:
تواجهت الشعوب منذ ما بين الحربين وصولا الى الحرب العالمية الثانية وتباعا والرأسمالية المالية الصهيونية العالمية اكثر من اي وقت مضى. وكان السودان قد منى كغيره من مستعمرات الامبراطورية البريطانية باحبولة الاستقلال السياسي الذي لم يزد على ان زوق بانتقال ملكية السودان من بريطانيا العظمى الى الولايات المتحدة جراء حق تقرير المصير تحت راية مشروع الاربعة عشر نقاط الذي اعلنه ويلسون في فارساي يناير في 1919. وحيث اقارب ما يحدث في السودان وللسودان احاول الا يفوقتنى التعرف على وادراك مغبة ما يدور حوله تطلبا لكل من استبصار السياق واستدعاء المنظور العام والخاص perspective وقياسا أقارب مفهوم الاشتراكية السودانية بادراك ان ما يحدث للسودان ليس بعيدا عما يحدث لغيره راسيا بمعنى ما يحدث في المنطقة العربية وغيرها في المقياس المدرج. وادرك بالنتيجة ان ما حدث ويحدث للسودان عموما وعالميا ا قد يشمل أو لا يشمل غيره من المجمتعات العربية والافريقية في تفاصيل التفاضيل فاقارب مفهوم الاشتراكية السودانية أفقيا بمعنى ما يتميز به السودان من خصوصيات قد لا تتكرر. ذلك ان للسودان خصائص تعبر عن نفسها في سياق حصار التجربة الاشتراكية السودانية محليا اقليميا وعالميا كما ان تلك الخصائص تصدر ايضا عن حصار التجربة الاشتراكية العالمية –للحزب الشيوعي السوفيتى والاحزاب الاشتراكية الاوربية الشرقية.
وحيث ازعم ان مفهومات كل الرأسمالية المالية والصهيونية العالمية والقبيلة باتت منذ القرن التاسع عشر على الاقل مفهومات محورية في التعرّف على أي شئ وكل شئ كان حولنا ارى ان تعريف الاخيرات باختصار في سياق الاحداث المتسارعة منذ الحرب العالمية الثانية علىالاقل ان لم يكن منذ ثورات العمال والفلاحين الشعبية في اوربا الشمالية في منتصف القرن التاسع عشر حرية بان تؤلف بدورها مادة غاية الاهمية مما احاول مقاربته فيما بعد.
حصار الثورة المحلي:
لك ان تساءل لماذا لم يتعين احدهم على تعريف مفهوم واحد بصورة اجرائية ناهيك عن نحت مفهوم لمصلحة اصحاب الحق فى التغيير ولمصلحة من يدفعون ثمن ذلك التغيير اي من وجهة نظر المخضعين للاكاديميا الرأسمالية وللاستلاب والقهر الرأسمالي المالي الا يتصل الخلط بمغبة ذلك بين المدينة القصرية غالبا جراء عوامل لا تتصل بالتطور بل العكس بل بتقلص المساحات المزروعة جراء ما يسمى بالثورة الخضراء بمغبة المخصبات والمبيدات والمدخلات الزراعية وتصحر البوادي الخ وبين تلك الظواهر والتحديث والحداثة؟ لماذا لا يجرؤ معظمهم على النطق باسم الاشياء والظواهر كما هي فيصرون على مفردات كاليمين واليسار التقليدي في الوقت الذى انتحل فيه المحافظون الجدد اليسار واصبحوا يتحدثون باسمه ويستخدمون مفرداته ويصرون على تزويق القوى الرجعية باليمين الجديد فيما راحت تلك القوى تتعين في الواقع على الثورة المضادة؟ الا يعنى ذلك ان بعضنا يتواطؤ سرا وعلنا مع الثورة العالمية المضادة؟ لماذا لا يجرؤ المتثاقفون والنخب النغلة علي استدعاء اليسار الديمقراطي أو الثورة الموضوعية؟
انهم يشيرون الى ويتشدقون بالحراك الاجتماعي والى حركات الشارع ويستهدفون الانتفاضات الشعبية، بذريعة ان الاخيرة لا ترقي الى ثورات تاريخية، وكأن حركات الشارع تعبر عن طبقات ولها قياداة وليست هي غالبا افراد ومجاميع تخلي عنها المتثاقفون والنخب النغلة عنوة مخلفا اياهم بداءة في عراء الفكر والتنظيم كي يسهل اقتناصهم فردا فردا وتققتلع عيونهم وو يعرف لهم مكان او-و يغيبون في سجون طغاة جدد بلا نصير او منظم يحتج على ما يحيق بتلك الحركات . وازعم ان ذلك هو المطلوب حتى لا يخرج الشباب والعمال مرة اخرى ابدا يطالبون بالخبر والعدالة الاجتماعية والحرية. من اجل الاجابة على بعض الاسئلة التى تطرحها هذه المجادلة اكثر من ان تتوفر على الاجابة عليها دائما ساحاول اعادة قراءة بعضا من تاريخ السودان الرسمى المشبوه Suspect official history .
ب- الحزبان الكبيران بزعاىة السيدين:
خرج الشعب السوداني-على عادته في كل مرة ثائرا على النظام-العسكري الاول 1958-في الاسبوع الاخير من اكتوبر 1964. واستمرت المظاهرات والاضراب العام حتى سقطت الواجهة العسكرية للنظام فيما لم يسقط وضع الاشياء الذى كان قد ادى في المحل الاول الى الانقلاب العسكري. فقد بقي ذلك الوضع يحاصر كل حكومة من بعد وينذر باعادة انتاج ما كان عليه النظام قبل الازمة. ذلك ان الحزبين الكبيرين اللذان كان الاستعمار قد انشأهما وكرسهما واحد بالتجارة مع مصر واخر بزراعة محاصيل نقدية –في شكل قمح من اجل قوات الحلفاء فيما بين الحربين العالميتين الخ- كان الحزبان الكبيران قد بقيا يقومان مقام نظائرهما الانجلوساكسونيين والانجلوامركيين وتنوعات الاخيرين منذ "حزبي الملك" وصولا الى حزبي الرأسمالية تباعا .
ولعل الحزبان الكبيران ما كانا ليختلفا فى كل مكان من يومها الا في تفاصيل التفاصيل فيما لا يسمح الحزبان بحزب ثالث منوط بالاستيلاء على السلطة بالمعنى الموضوعي الا ما خلا سلطة مؤقتة مستهدفة ما تنفك تسلم الى انقلاب عنيف على والى اعدام القائمين عليه كما في كل مرة. هذا ومن المقيد ملاحظة ان الحزبين الطائفيين السودانيين الكبيرين تمأسسا فوق تنويعات الحزبين الغربيين الكبيريين وانتحلا -في افضل الاحوال- التعبيرعن نفسيمها حتى ما بين الحربين- انتحلا تعبيرا مستحيا متخاتلا مزوقا عن الديمقراطية الليبرالية البرلمانية وتنويعاتها. تلك الديمقراطية ما بعد الليبرالية التى تصدر عن اعادة انتاج المجتمع بتراتباته الطبقية لحساب رأس المال السلعي الصناعي او–و التجاري في كل مكان في المقياس المدرج. Scale of gradation. ولعل الحزبين الطائفيين الكبيرين كانا يدركان ان الديمقراطية الليبرالية كانت وقته بسبيل ان تخلي مكانها او الاحرى تحورت Mutated الى ديمقراطية ما بعد ليبرالية او ليبرالية جديدة. كان للجزبين الطائفيين الكبيرين الاوليجاركيين الاسراتيين الاقلياتيين لماليين مصلحة في حلولها.
وقياسا فقد راحت سلطة اوليجاركيات أي اقليات اسراتية مالية تتماس فوق الديمقراطية ما بعد الليبرالية في كل مكان رغم الحزبين الكبيرين او الاحرى بسببهما. ولعل المفهوم لا يختلف عن مفهوم البلوتوقراطية Plutocracyومعناها ايضا اقلية ثرية –قد لا تكون في بداياتها اسراتية بالضرورة-مثلما كان امر حكام اوربا أبان الاقطاع الاوربي الغربي وكما يلاحظ حتى الحرب العالمية الاولي حيث كانت الارستقراطية الاوربية تحكم القارة وكل فرع منها يحكم مجتمع اوربي. ذلك ان الارستقراطية الاوربية كانت كانت تتصاهر فيما بينها بحيث باتت تغدو وكانها اسرة واحدة حتى الحرب العالمية الاولي على الاقل. وذلك ما تتعين على فعله الاوليجاركيات الماثلة في الولايات المتحدة مثلا بالتزاوج بين اصحاب المال من الصهاينة خاصة مما يجعلهم بمقاية اسرة واحدة.
ولك ان تلاحظ(ي) ان اول تقرير رسمي علمي امريكي نشر في الاسبوع الثاني من مايو 2014 اكد ان امريكا التى تتزعم وتعمل على فرض مفهوم الحربين الكبيرين وتشعل حروبا من اجل دمقرطة العالم بالديمقراطية الليبرالية الجديدة- ان امريكا تحكمها شرعا نخب اوليجاركية اي اقلية مالية بامتياز تعبرعن نفسها في حزبين لا يختلفان الا بقدر ما وصفهما نيكيتا خرتشوف في زيارة للامم المتحدة ابان حملة انتخابية امريكية وساله صحفي عن اي الحزبين يتمنى له الفوز فرد نكيتا خروتشوف بانه غيرمعنى بذلك اطلاقا فـ"الحزبين ليسا سوى فردتى حذاء".
ويؤكد ذلك فيما يؤكد طلب هيلاري كلينتون الى جيب بوش شقيق جورج ووكر بوش واحد مرشحي الجمهوريين الذي انسحب باكرا–طلب كلينتون الحصول على ما بقي لديه من تمويل حملته لها بوصف ان حملتها الانتخابية لا تختلف عن حملته هو. وقياسا فان تطابق الحزبين بهذا الوصف لا يعنى للفرد الامريكي سوى ان الفرد متوسط الحال او الفرد المسمى عادي- وقد بات اقل من ذلك بكثير بل شوهه الافقار المنظم ماديا ومعنويا وتنظيما- بات ذلك الفرد لا يملك بهذا الوصف نفوزا يزيد عن الصفر. ومع ذلك تجأر الاقليات الاوليجاركية ان الرأسمالية هي افضل نظام يعمل من اجل الفرد !
ان ما يهمنا هنا هو ما يحدث للفرد في مجتمعات الهوامش او ما يشار اليه بالعوالم الثالثة والرابعة والعصر حجرية. ولست بحاجة ان ازعم ان مايحدث لذلك الفرد البائس بؤسا اسطوريا لا يقل عن تنويع على يحدث للفرد الامريكي العادي في درجات المقياس. وان ذلك يدفع للسؤال ما اذا كان مثل ذلك الحال حري بان يخلق شرط انتفاء حلول نضوج الوعى الحقيقي consciousness true or real تميزا له عن الوعى الزائف false consciousness الذي يدفع الفرد الامريكي ان ينتخب دونالد ترمب- الذي اذا اضفت حرف الف بين احرف الراء والميم من اسمه لكان يعنى صعلوك -افاق. ان ما يهمنا هنا هو ما يحدث للفرد في مجتمعات الهوامش مما قد يعبر عن نفسه في غواية الحركات الاسلامية التكفيريه للمجميع المسلتبة مثلما تفعل المسيحية السياسية مثل الافانجلية الاصولية في المجتمعات المتروبوليتانية الغنية. تيسرا لهيمنة الصهيونية العالمي والقبلية خصما على اي مشروع يعيد التوزيع.
يتبع الجزء الثاني
هوامش:
(*)أقارب بهذه المجادلة ما قد يهم الشباب اكثر من غيرهم كونهم ليس لديهم ما يفقدونه في زمان العطالة المنظمة سوى قيودهم. وقياسا اكتب لاتعين على تبليغ القارئ منهم ولو شيئا واحدا جديدا فعلا وحقا-مما لم يقله احد. ولا استكثر على القارئ جهدى مثلما يتباهي بعضهم بانه "لا يجهد ذهنه" وهو لا يفقه انه بمثل ذلك التباهي يؤكد انه خال ذهن ان لم يكن اسوا؟ مهداة الى ن.ع.س.
(2) انظر(ي) جريس هالسل:الفكر التوراتي والحرب النووية : ترجمة عبد الهادي عبلة:ص:99 العنوان الاصلي :Grace Halsell:Prophecy and Politics:Militant Evanaliist on the Road to Nulcear War
(3)؟ انظر(ي) جريس هالسل:الفكر التوراتيى والحرب النووية : ترجمة عبد الهادي عبلة:ص:175-177 العنوان الاصلي :Grace Halsell:Prophecy and Politics:Militant Evanaliist on the Road to Nulcear War
](4) انظر(ي) خديجة صفوت: "1963: ستار الصمت حول افريقيا البرتغالية:القاهرة وايضا الطبعة الثانية: اليكترونية : في صحبة حركات التحرر: على موقعي www.nilesonlines:net