في هذا العرض المسرحي الذي قدم على خشبة رام الله اقتراب من واقع اليد العاملة الفلسطينية وما تعانيه وأيضا تحسيس بحقوقهم من خلال ثلاث قصص لثلاث حالات يشكل العرض المسرحي والتي تقدم الكاتبة منى عساف قراءتها الخاصة من خلال الاقتراب من اشتغالات المخرج الدرامية ورؤيته الجمالية.

لعمال فلسطين في عيدكم تعرفوا على حقوقكم

منى عسـاف

افتتح الفنان المسرحي ادوار معلم عرض مسرحية "ماكينة وشاكوش"  على خشبة مسرح عشتار في رام الله بحضور العديد من المهتمين وأهالي الممثلين بالمسرحية وعدد من أعضاء الهيئة الإدارية للمسرح. وبعد ترحيبه بالحضور والطلب منهم أن يحاور كل فرد جاره بالمقعد حول ما يعرف عن حقوق العمال في فلسطين، ليسألهم قبل العرض ما هي نتيجة الحوار الذي دار بشكل ثنائي ثم يتركهم ليستمتعوا بالعرض المسرحي في جو ساده الهدوء لمتابعة أحداث المسرحية.

المسرحية تحاكي واقع العمل والعمال في ظل السلطة الفلسطينية، ومدى معرفة العمال في المجتمع الفلسطيني لحقوقهم العمالية، والواقع القانوني والقضائي والسلطة التنفيذية للأحكام، إضافة للإضاءة على واقع النقابات العمالية الفلسطينية الممزقة، وكيفية تعامل كل من صاحب العمل والمحامين والعمال مع أي قضية تصل لأروقة القضاء بسبب مطالبة أي عامل بحقوقه العمالية. 

تناولت المسرحية ثلاث قصص لثلاثة حالات تحدث وبشكل متكرر مع العمال، دون العمل على إيجاد مخرج يحافظ فيها على حقوق العامل، ويمنع سلب صاحب العمل لحقه بكل قسوة وأنانية. إضافة لهذه التحديات والصعوبات التي تواجه العمال بشكل يومي في أماكن عملهم المختلفة وسلطت الضوء على الخوف من شبح البطالة، وتفضيل الحل العشائري على الحل القانوني، الأجور المتدنية، عدم وجود تأمينات صحية وامتيازات وضمان اجتماعي لهم بعد إنهاء خدماتهم من قبل صاحب العمل، أو تعرضهم لإصابات عمل في موقع العمل ينتج عنها عجز دائم. واستمرت المسرحية بدق ناقوس عدم معرفة العمال لقانون العمل الفلسطيني، وكيفية اللجوء للقضاء للحصول على حقوقهم العمالية بسبب خوفهم على رزقهم أو بسبب جهلهم بحقوقهم العمالية المعترف بها والمكفولة من قبل قانون العمل الفلسطيني، سواء من ناحية الأجرة أو الإجازات السنوية والعطل والأعياد أو المرضية.

وبعد انتهاء العرض تم أخذ تغذية راجعة تفاعلية من الجمهور، وفتح باب النقاش معهم وتم إعطاء الفرصة لأكثر من مشارك بلعب دور الممثل الذي كان محور كل قصة من القصص الثلاثة التي تناولتها مسرحية "ماكينة وشاكوش"، واستمر نقاش كل قصة على حدة مع الحضور واخذ تغذية راجعة منهم.

وكانت القصة الأولى في مسرحية "ماكينة وشاكوش" تدور حول قصة أبو صافي، الذي تم تعرضه للفصل التعسفي من قبل صاحب المنجرة بعد مدة عمل استمرت سبعة سنوات متواصلة. والسبب الرئيس وراء الفصل أن أبو صافي بدأ يتحدث مع زملاءه حول الحقوق العمالية واضطهاد صاحب العمل لهم وأكل حقوقهم عليهم. وكيف تم التعامل مع العمال ضمن قاعدة فرق تسد المرتكزة على جهل العمال بحقوقهم وخوفهم من شبح البطالة الذي يهدد معظم عمال فلسطين دون استثناء.

القصة الثانية تناولت قصة العامل  "سمير" الذي تعرض لإصابة عمل تسببت له بإعاقة دائمة، ليصبح سمير يتنقل مابين صاحب العمل ونقابة العمال والمحامي الذي أوكله قضيته، وركزت على مقدرة هؤلاء الثلاثة من التآمر على العامل الذي يجهل حقوقه ويعاني من الفقر الشديد بسبب عدم تأمين مستقبله، بعد أن أصبح صاحب إعاقة دائمة واستخدامه للكرسي المتحرك، وعدم توفر المال لدى أمه لتلبي احتياجاته اليومية كمعاق سواء الأدوات الطبية أو القيام على خدمته الطبية بسبب كبر سن والدته. إضافة للتفكير للجوء للحل العشائري في مثل هذه الحالات من الإصابة التي تمعن بالالتفاف حول حقوق العامل لتصل في الكثير من الحالات لسرقتها دون محاسبة. ليصبح فيما بعد عالة على المجتمع ويضطر بعدها لطرق أبواب المؤسسات التي تقدم مساعدات إغاثة بسيطة ومذلة لكرامة الإنسان مثل وزارة الشؤون الاجتماعية. أو لمحامي ليطالب له بحقوقه والذي يقوم هو الأخر بابتزاز العامل ليترافع عنه كما يجب بحجة تحريك الملف من القاع للقمة.

والقصة الثالثة تناولت واقع العمال والعاملات في مخيطة أبو فؤاد للملابس الذي يمتص دمهم وعرقهم ولا يقدم لهم أي حق من حقوقهم، بل يعمل على هدر حقوق النساء وتحقيرهن على مرأى ومسمع من باقي زملائهن وزميلاتهن في العمل، مما يدفع باقي العاملات للخوف والصمت وتجنب المطالبة بتحسين ظروف العمل أو طلب أي إجازة أو أي حق عمالي.

وهذه المسرحية من إخراج إدوار معلم، وتمثيل كل من (محمد عيد، رنا برقان، ياسمين شلالدة، خليل البطران ومجدي نزال). وتصميم الملابس لماجد الزبيدي،  وموسيقى رامي وشحة، وإدارة المنصة والتقنيات محمد قنداح. هذه المسرحية بالشراكة مع مؤسسة روزا لوكسمبورغ- فلسطين، وسيتم عرضها خلال الأشهر القادمة في العديد من المحافظات الفلسطينية وذلك بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة في هذه المحافظات الفلسطينية.

 

البيدر للثقافة المجتمعية والإعلام