تقرير من أمريكا
الفنان المغربي طارق بانزي يفوز بأوسكار الموسيقى العالمية
(Peple s Gammy) في إطار المسابقة الرسمية لأوسكار "بيبولز جرامي" فاز بجائزة أحسن أغنية في الموسيقى العالمية لسنة 2009 الفنان المغربي طارق بانزي (عازف على العود وملحن ومؤسس مجموعة الأندلس) وزوجته جوليا بانزي عازفة القيثار. تتسم الأغنية الفائزة المنتقاة من ألبوم "الكيمياء" بالعزف على آلتي العود والقيثار، وقد تم اختيار هذه الأغنية من بين ما يزيد عن 560.000 أدرجت في المسابقة من 163 بلدا في إطار أكبر مسابقة موسيقية مستقلة في العالم. انطلقت هذه المسابقة الموسيقية في 1999 كطريقة للاعتراف بأفضل موسيقى في العالم وهي تضم ما يزيد عن 51500 كاتب أغنية وملحن وفنان ومهنيي الصناعة الموسيقية، وتستضيف المسابقة أكبر حفل موسيقي مستقل في العالم. ويقوم معيار الحكم على مفهوم أساسي يتعلق بمدى القدرة التأثيرية للموسيقى في المرء. وقد تم تبني هذا المعيار في الصناعة الموسيقية لقياس أفضل صفة لأفضل موسيقى والاعتراف بها بعشق وبإنصاف وبكرامة. وقد أقيم حفل توزيع الجوائز بناشفيل في ولاية تينيسي. وكان لهذا الخبر أثر كبير في طارق وجوليا بانزي اللذين قالا: "إننا نثمن غاليا هذه الجائزة وهذا التميز وسنتذكر هذا اليوم بامتنان. إننا نشعر بالتزام نحوكم أكثر من أي وقت مضى. شكرا لكم لأنكم منحتمونا فرحا كبيرا وأعطيتم معنى لحياتنا". على المغاربة والعرب عموما أن يكونوا فخورين بهذا الإنجاز الفني الرائع. ومن حق أصحاب الفضل علينا أن نعرّف بهم وبعملهم. ومن هذا المنطلق نقدم للقارئ نبذة عن طارق بانزي وجوليا بانزي وعن مجموعة "الأندلس" التي قاما بتأسيسها. ولنبدأ بالحديث عن مجموعة الأندلس. تبدع هذه المجموعة موسيقى عصرية عالمية مثيرة وذات ذوق رفيع تجمع بين التجديد وتقاليد شمال إفريقيا وإسبانيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. معهد العالم العربي بباريز "إنها أكثر من مجرد فرجة، إنها عبور موسيقي ودعوة إلى السفر". العود والكمان والقيثارة. يقول ستيفن هيل "مثل الهندسة المعمارية الرائعة لحدائق قصر الحمراء، فإن هذه الصورة للتناغم الثقافي بمثابة رؤية لفردوس على الأرض". ويقول جون دايمس من جامعة ولاية بورتلاند، معهد الدراسات الشرق أوسطية "إن هذه الموسيقى تجذب إليها أمزجة متعددة ومستمعين بخلفيات متنوعة وأذواق موسيقية متباينة. وما عليك للإحساس بتجدد شبابك إلا أن تستلقي وتترك جمال موسيقى الأندلس يغمرك. في هذه الأيام العصيبة يعتبر عصر الأندلس (إسبانيا 711 ـ 1492م) بمثابة منارة للتسامح حيث كان المسيحيون واليهود والمسلمون يتعايشون في سلام. وقد نتج عن هذا الانفتاح في تبادل الأفكار خلال هذه الحقبة ازدهار ثقافي واجتماعي واقتصادي ساهم بنحو فعال في بزوغ النهضة الأوروبية. وتُموقِع مجموعة الأندلس حافزها الإبداعي في إعادة خلق الأندلس في الخريطة الثقافية العصرية. من شأن هذا الإبداع أن يرفع موسيقى مجموعة الأندلس إلى مستوى جديد عن طريق الاندماج بين آلات موسيقية وموسيقيين من إفريقيا (طارق مغربي أمريكي) وأوروبا (جوليا أوروبية أمريكية)، ويقدم إلى المستمع في طابق واحد أفضل ما في الشرق والغرب. هكذا فإن هذه المجموعة تجسد رؤية جديدة لأمريكا بوصفها مجتمعا عصريا يعتنق إرثا ثقافيا عالميا تندمج فيه على نحو روحاني الموسيقى الكلاسيكية والجاز والموسيقى العصرية مع تقاليد موسيقية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإسبانيا. إن التناغم الناعم بين العود والقيثارة يذكرنا بأن التفاعل المتشابك بين أصوات متنوعة هو بمثابة جغرافية للتناغم الثقافي. إن التناغم بطبيعته يجاور بين نغمات متعارضة لخلق صوت يكون أكثر من مجرد مجموع الأجزاء التي يتألف منها. إن عمل هذه المجموعة يتطلب قوة تناغم سرمدية لنسج بنية تلف المستمع في فضاء من الهدوء والسكينة". ويقول ستيفن هيل، منتج "قلوب من الفضاء"، "إن التعايش المتباهى به بين الثقافات المسيحية والإسلامية واليهودية حدث على خلفية ما كاد يكون نزاعا سياسيا وعسكريا ودينيا مستمرا. لكن اليوم، وكما كان الأمر آنذاك، فإن مَثَلَ التعايش والاحترام المتبادل المنفلت يبقى من الركائز القوية للمجتمع الإنساني. واليوم نجد هذا المَثَلَ حيا وفاعلا لدى صنف شجاع من الفنانين والموسيقيين الذين وهبوا حياتهم العامة من أجل إحياء حلم تعاون حقيقي بين الثقافات. لقد كانت هذه هي المهمة التي حملتها على عاتقها مجموعة الأندلس منذ نشأتها، على نحو ما يظهر أيضا في خلفية هذا المشروع الذي نتج عن تعاون بين فنان عازف بارع على آلة العود من أصل مغربي وامرأة أمريكية أصبحت على غير المعتاد عازفة قيثار في موسيقى الفلامينكو. وبعيدا عن المقاربة الأكاديمية التي ميزت كثيرا من الموسيقى العالمية في مرحلتها التقليدية المبكرة، فإن هذا التعاون أثمر مزيجا حيويا جديدا: ثنائي مهاري معاصر يبدع موسيقى جديدة وأصيلة، مع المحافظة على الروح الجوهرية للمصادر العربية والشمال إفريقية واليهودية والإيبيرية، كل ذلك مع التقدم نحو فضاء جديد. وليس من الصعب على المرء، وهو يستمع إلى هذه الموسيقى الجديدة، تخيل ليلة صيف مضاءة بالشمع في إحدى الباحات الرائعة بقصر الحمراء بغرناطة في القرن الرابع عشر، حيث تهمس النافورات المائية في الخلف بينما تعزف مجموعة من موسيقيي البلاط ما يمكن اعتباره سوابق لهذه الموسيقى الجديدة. إن التفاعل غني والألحان فاتنة والإيقاعات تنويمية... مثل الهندسة المعمارية الرائعة لحدائق قصر الحمراء، فإن هذه الصورة للتناغم الثقافي بمثابة رؤية لفردوس على الأرض. من الناحية السياسية مازال علينا أن نقوم بعمل كبير في هذا المضمار. لكن في غضون ذلك، لدينا الموسيقى". وطبعا ما كان لهذه المجموعة الموسيقية أن تحقق الاعتراف والتنويه من أعلى المحافل لولا العمل الجاد والدؤوب الذي يقوم به طارق وجوليا. ـ طارق بانزي (ملحن وعازف على آلات متنوعة وفنان تشكيلي). يرجع بجذوره إلى الأندلس. ولد في إحدى العائلات الأندلسية العريقة بتطوان ونشأ في جو تغمره تقاليد الموسيقى الأندلسية. وقد أحيى طارق حفلات موسيقية لوجهاء من قبيل ملكة إسبانيا (صوفيا) وأميرة المملكة العربية السعودية (حيفا آل سعود). وتعاون مع أساتذة الفلامينكو والجاز حيث يرجع إليه الفضل في إدراج الدربوكة والأودو في الفلامينكو العصري. وقد أسس طلاب طارق (فاين موديسا وفينست مولينا) مجموعة راديو طريفة التي رشحت للحصول على جائزة جرامي للموسيقى العالمية. ويظهر التنوع الموسيقي لطارق في أعمال الموسيقى الكلاسيكية والجاز والفولك والعصر الجديد وفناني الموسيقى العالمية من قبيل بيلي أوسكاي وواد الكبير ولاترينكا وتيخيريطاس ومايكل شريف وجراهام لير (كارلوس سانتانا) ودان جراري وكارولين جروسو وليف سوربي والأوتار السحرية وبول وينتر وجون دون وأوريغون ريبيرتوري سنغرز وإنريكي فالديفيوسو. كما قام طارق بتلحين موسيقى لمجموعة من الأفلام السينمائية منها "هلوسات الحب" (فيليكس روتايطا وأنطونيو بانديراس) و "روميو وجولييت" و "هنري الخامس" و "أوثيلو" و "حفلات زفاف دموية" (غارسيا لوركا) و "سالومي" (نوريا إيسبيرت). أضف إلى ذلك أن طارق فنان تشكيلي بارع أنهى دراسة الدكتوراه في الفنون الجميلة بجامعة كومبليطنسي بمدريد ثم تابع دراساته بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا. وتنتشر أعماله الفنية في مجموعات فنية عبر العالم. ـ جوليا بانزي (حاصلة على الدكتوراه، عازفة على آلة القيثارة، ومتخصصة في علم موسيقى الأعراق). إن عالم القيثارة يفخر بقلة من النساء اللائي يشعلن صوت القيثارة، وبقلة قليلة منهن في ثقافة الفلامينكو. بعد حصولها على منحة روتاري أمبسادوريال سكولار، عاشت جوليا في إسبانيا لمدة تزيد عن عقد من الزمن حيث تخصصت في موسيقى الفلامينكو وبرهنت على أنها من النساء القليلات جدا في العالم اللائي يعزفن الفلامينكو على القيثارة. وقد عملت جوليا بسانلوكار دبراميدا بغرناطة ثم لاحقا في آمور دي ديوس ستوديوس بمدريد رفقة مدرسات مرموقات في الرقص مثل ثيرو ولاطاطي ومانوليط، كما درَست مع بعض أبرع عازفي القيثارة من قبيل مانولو سانلوكار وإيسيدرو مونيوز ودافيد سيرفا وفيليبي مايا ورفاييل موراليس. وقد أدى بها عشقها للفلامينكو إلى استكشاف جذوره. بعد حصولها على الإجازة في الموسيقى من كلية لويس وكلارك انتقلت لاستكمال الدكتوراه في علم موسيقى الأعراق بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا. واعتبارا لتخصصها انصب اهتمام جوليا على نحو خاص بالكيفية التي يؤثر بها الماضي البعيد في التغيرات الموسيقية الراهنة ويشكلها. وهي تختص بأبحاثها منطقتين جغرافيتين (شمال إفريقيا وإسبانيا)، مركزة اهتمامها الخاص على تلاقح ثقافات متنوعة وتلاقيها في الأندلس. أما في المغرب فإنها تركز على المجموعات النسائية الأندلسية، في حين تركز في إسبانيا على تقليد قيثارة الفلامينكو، وبشكل خاص على الزمان والأسباب والكيفية التي تتوارى فيها التقاليد الموسيقية. وقد قدمت جوليا مجموعة من الدورات الدراسية المتنوعة حول الموسيقى العالمية، والموسيقى والثقافة الشعبية الأمريكية وكذلك حول العالم المهني والتكنولوجي للموسيقى. خلاصة القول إن جوليا فنانة وملحنة وهي إحدى النساء القليلات في العالم اللائي يعزفن الفلامينكو على القيثارة، ويعكس عملها ما يزيد عن عشرين عاما من الحياة والدراسة والأداء في شمال إفريقيا وإسبانيا. تدرِّس جوليا القيثارة بكليتي ريد ولويس آند كلارك. وقد أنجز طارق وجوليا أربع ألبومات بالإضافة إلى ألبوم خامس بالتعاون مع عازف الكمان الشهير شارلي بشارات.