رسالة العراق
من يرعى الثقافة العراقية
مثل أي بنية من بنى المجتمع العراقي تعاني الثقافة العراقية الكثير من الانهيار والمآسي. وكانت البداية الأولى للانهيار منذ الأيام الأولى للاحتلال يوم أطاحت الدبابة الأمريكية بالبوابات الكبيرة للمتحف العراقي وفتحت المجال للسراق المنظمين وغير المنظمين، من الداخل والخارج، لنهب كنوز الآثار العراقية النادرة، مثلما فتحت الأبواب لنهب اللوحات الفنية التشكيلية من متحف الفنون التشكيلية التي كانت تضم رسومات أشهر الفنانين العراقيين ومنحوتاتهم منذ بواكير القرن العشرين وحتى مجيء الاحتلال، ناهيك عن نهب مكتبة الإذاعة والتلفزيون ومكتبة بيت الحكمة ومكتبة جامعة بغداد وإضرام النار في المكتبة الوطنية التي كانت تضم نفائس الكتب والمخطوطات الثمينة. وفي اعتقادي أن الأدهى من كل الخسائر هي الخسائر البشرية وخصوصاً بين المثقفين من الأدباء والمفكرين والفنانين والصحفيين والعلماء من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين، إذ خسرهم العراق بين القتل والتهجيرإلى الداخل والخارج. ولا نعرف حتى الآن أية إحصائيات دقيقة تحصي ما فقدته البلاد من ذخائر تراثية وأثرية وفنية قديمة ومعاصرة، كما لا أحد يملك إحصائية عن خسائر البلاد من المثقفين عموماً اللهم إلا ما ينشر بين الحين والآخر عمن قتل من الصحفيين الذين تجاوزا المائتين من الجنسين. لابد من التنويه أن الثقافة العراقية عموماً كانت تعاني الأمرين في عهد الحكم الاستبدادي السابق، فقد دفعت سياسته القمعية المذلة المثقفين إلى الهجرة، مرغمين، إذا خشوا مواجهة السلطة الغاشمة، وإلا فالسجن والتنكيل يكون مصير أي صوت معارض. وربما يشكل المثقفون العراقيون المهاجرون في أنحاء العالم كافة منذ نهاية السبعينيات، عندما بدأت الدكتاتورية بالتبلور وتركيز السلطة في يدها لتمنع أية تعددية في المجتمع والثقافة والسياسة ولتشن حملتها الدموية ضد كل من يعارضها، وحتى اليوم أكبر نسبة من المثقفين المهاجرين من أي بلد وعلى مدى التاريخ. لم يقف المثقفون من الذين استطاعوا الصمود في داخل العراق مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون بأعينهم عمليات النهب والسلب المنظمة والعشوائية لتراثهم بعد التغيير الدراماتيكي الذي حدث في 9/نيسان/ 2003، وعملوا اللجان الكثيرة لإعادة المسروقات والمحافظة على ما بقي. لكن مدى التعاون بينهم وبين الذين استلموا الحكم الجديد ظل ضعيفاً، كما ساد الضعف التعاون بين المؤسسات الحكومية الجديدة والمؤسسات العالمية التي يمكنها المساعدة على إعادة المسروقات. لقد مزقت، ولاتزال، الصراعات السياسية على السلطة أية فرص للاهتمام بالثقافة والمثقفين، بل بقيت الثقافة وبقي المثقفون على هامش الفعالية الاجتماعية والسياسية نتيجة لسياسات الاستئثار بثروات البلد ووقوعها بيد من لا يقيمون وزناً لكل أشكال الثقافة ولا يعيرون اهتماماً بأهمية المثقفين ودورهم الحساس في ردع صدع الانشطار والتناحر الطائفي الذي بدأ ينهش في اللحم العراقي ووصلت به إلى العظم من خلال مظاهر وصور القتل البشعة التي قل نظيرها في العالم على يد قوى التخلف والإرهاب المتقنعة بالإسلام والتي لبست لبوس المحرر بينما هي تفتك بالنسيج الفسيفسائي العراقي الجميل وربما شاءت أم أبت فهي تقدم الخدمات الجليلة للمحتل في سعيها لتفكيك اللحمة العراقية. لقد عملت سياسة المحاصصة الطائفية المقيتة في الحكم، التي رسخها السفير الأمريكي بول بريمر سيء الصيت، على أن تسلم إدارة المؤسسات الثقافية العراقية الرسمية بيد من ليس لهم الدراية ولا الكفاءة ولا حتى الحماسة في خدمة الثقافة والمثقفين، فمن ضابط سابق في سلك الشرطة إلى إمام من أئمة الجوامع. كيف يمكن لأمثال هؤلاء السادة الحرص أو القدرة على صناعة أجواء تشجع الذين هاجروا من المثقفين والعلماء على العودة إلى البلاد للإسهام في عودة الحياة الثقافية العراقية إلى سابق عهودها المزدهرة؟ ما الذي عملته المؤسسات الثقافية الرسمية تحت إدارتهم في إعادة الحياة للمسرح والسينما والموسيقى والكتاب في العراق؟ يمكننا الإجابة بالقطع: لا شيء! إن لم يكن الحال من سيء إلى أسوأ. إذ اهتم كل واحد منهم على تغليب فئة على أخرى واتخموا المؤسسات الثقافية برجال الأمن والفائضين عن الحاجة أكثر مما اهتموا بإعادة ما نهب وبناء ما خرب. وتكالبت الضغوط الأمنية والمالية في كبح أي فرص ناضجة لنشوء مؤسسات ثقافية مدنية غير رسمية نشطة. إلا أن ذلك لم يمنع عددا من المثقفين من المحاولة الجادة في تأسيس هكذا مؤسسات أو المحاولة في إعادة التأسيس بعد أن طال فعاليتها الجمود في الفترة الأولى. وهذا ما حصل في 18/10/2007 للجمعية العراقية لدعم الثقافة التي كانت قد تأسست في الشهر الخامس من عام 2005على نحو مؤقت بتمويل من بعض رجال الأعمال وقامت ببعض النشاطات المهمة إلا أنها لم تستطع المواصلة وترسيخ عملها لسفر الكثير من مؤسسيها الأولين إلى خارج العراق بسبب المخاطر التي كانت تهدد وجودهم الحياتي ولنضوب المصادر التي كانت تمول نشاطاتها. اليوم وبعد التحسن الأمني النسبي إرتأى بعض المؤسسين السابقين وغيرهم من المثقفين، من بينهم الكاتب الصحفي مفيد الجزائري والكاتب القصصي حسن كريم عاتي والسيدة الكاتبة سافرة حافظ جميل والفنانة المسرحية أزادوهي صاموئيل، إعادة الحياة لهذه الجمعية، التي استعرض رئيسها السابق، السيد مفيد الجزائري، النشاطات التي قامت بها الجمعية خلال عمرها القصير التي انحصرت في بعض الندوات الثقافية عن العمران والأهوار في الجنوب والفوتوغراف العراقي وتكريم لبعض الأدباء الشباب الذي فازوا بجوائز أدبية خارج العراق وكذلك إصدار مجلة "هلا" برئاسة تحرير الكاتبة الروائية لطفية الدليمي، والتي توقفت بعد صدور ثلاثة أعداد، وتهيئة مذكرة المثقفين العراقيين حول الدستور التي سلمت إلى البرلمان. حفلت خطة الجمعية بالمشروعات الطموحة التي سعت إلى تنفيذها. ويبدو أن عجز الجمعية عن تحقيق تلك المشروعات والأمل المعقود في الثقافة العراقية وإيمان أفراد الجمعية بأهمية دورها في الحياة العراقية الشديدة التعقيد كانت الدوافع بإعادة التفكير في تأسيس الجمعية. وأهم مشروعين تطمح الجمعية العراقية لدعم الثقافة لتحقيقهما، كما جاء في بيانها التأسيسي، هما إعادة ما نهب من كنوز العراق الآثارية والتراثية وإيقاف سرقة المزيد منها فضلاً عن حماية وتوثيق الذاكرة العراقية وما تعانيه من فوضى عن طريق جمع التراث الإبداعي للمثقفين العراقيين الراحلين والأحياء من الرواد وصيانته وعرضه في متاحف خاصة بهم تقديراً لإبداعهم وأدوارهم في التأسيس الثقافي . أما المشروع الثاني فهو دعم النشاط والإنتاج الثقافيين والعمل على توفير فرص أفضل للنشاط والإنتاج الثقافيين وذلك على الصعد المادية والقانونية وغيرها وكذلك العمل على تعريف العالم بنتاجات المبدعين والمفكرين العراقيين. ولاحظ المناقشون في الجلسة التي عقدت لإعادة التأسيس أن هذين الهدفين كبيرين على مؤسسة مدنية مثل هذه الجمعية، فثمة حاجة كبيرة إلى التمويل الواسع والخبرات وهو ما تعجز الجمعية عن توفيره، حالياً على الأقل، لذلك رجح الرأي القائل أن تقوم الجمعية أولاً بتشكيل مجموعة ضغط على المؤسسات الرسمية ذات العلاقة من أجل العمل المشترك لتحقيق هذين الهدفين وربما العمل قبل ذلك على توثيق تلك المسروقات وإحصائها والإعلان عنها وتوصيل المعلومات الضرورية بشأنها إلى الإنتربول ومزادات البيع المهمة في العالم من أجل عدم ترويج ذلك البيع، كخطوة أولى تمهيدا لاسترجاعها في الخطوة التالية. والملاحظة المهمة الأخرى هو التركيز أيضاً على راهن الثقافة ومشكلاتها العويصة وكيفية إعادة بنائها بإخلاص وليس التركيز على الماضي من هذه الثقافة فحسب. السؤال هنا هو هل ستغني هذه المحاولة عن الجوع الثقافي أو حتى سد الرمق؟ لقد قرأنا عن تأسيس لمجالس عليا ودنيا للثقافة فهل لمسنا شيئاً ينبض بالثقافة أخرجته هذه المجالس والجمعيات والمؤسسات أم بقيت حالها كحال المؤسسات الرسمية التي لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم بل تقبض فقط بينما يزداد الانهيار الثقافي يوما بعد يوم؟
مثل أي بنية من بنى المجتمع العراقي تعاني الثقافة العراقية الكثير من الانهيار والمآسي. وكانت البداية الأولى للانهيار منذ الأيام الأولى للاحتلال يوم أطاحت الدبابة الأمريكية بالبوابات الكبيرة للمتحف العراقي وفتحت المجال للسراق المنظمين وغير المنظمين، من الداخل والخارج، لنهب كنوز الآثار العراقية النادرة، مثلما فتحت الأبواب لنهب اللوحات الفنية التشكيلية من متحف الفنون التشكيلية التي كانت تضم رسومات أشهر الفنانين العراقيين ومنحوتاتهم منذ بواكير القرن العشرين وحتى مجيء الاحتلال، ناهيك عن نهب مكتبة الإذاعة والتلفزيون ومكتبة بيت الحكمة ومكتبة جامعة بغداد وإضرام النار في المكتبة الوطنية التي كانت تضم نفائس الكتب والمخطوطات الثمينة. وفي اعتقادي أن الأدهى من كل الخسائر هي الخسائر البشرية وخصوصاً بين المثقفين من الأدباء والمفكرين والفنانين والصحفيين والعلماء من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين، إذ خسرهم العراق بين القتل والتهجيرإلى الداخل والخارج. ولا نعرف حتى الآن أية إحصائيات دقيقة تحصي ما فقدته البلاد من ذخائر تراثية وأثرية وفنية قديمة ومعاصرة، كما لا أحد يملك إحصائية عن خسائر البلاد من المثقفين عموماً اللهم إلا ما ينشر بين الحين والآخر عمن قتل من الصحفيين الذين تجاوزا المائتين من الجنسين.
لابد من التنويه أن الثقافة العراقية عموماً كانت تعاني الأمرين في عهد الحكم الاستبدادي السابق، فقد دفعت سياسته القمعية المذلة المثقفين إلى الهجرة، مرغمين، إذا خشوا مواجهة السلطة الغاشمة، وإلا فالسجن والتنكيل يكون مصير أي صوت معارض. وربما يشكل المثقفون العراقيون المهاجرون في أنحاء العالم كافة منذ نهاية السبعينيات، عندما بدأت الدكتاتورية بالتبلور وتركيز السلطة في يدها لتمنع أية تعددية في المجتمع والثقافة والسياسة ولتشن حملتها الدموية ضد كل من يعارضها، وحتى اليوم أكبر نسبة من المثقفين المهاجرين من أي بلد وعلى مدى التاريخ.
لم يقف المثقفون من الذين استطاعوا الصمود في داخل العراق مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون بأعينهم عمليات النهب والسلب المنظمة والعشوائية لتراثهم بعد التغيير الدراماتيكي الذي حدث في 9/نيسان/ 2003، وعملوا اللجان الكثيرة لإعادة المسروقات والمحافظة على ما بقي. لكن مدى التعاون بينهم وبين الذين استلموا الحكم الجديد ظل ضعيفاً، كما ساد الضعف التعاون بين المؤسسات الحكومية الجديدة والمؤسسات العالمية التي يمكنها المساعدة على إعادة المسروقات. لقد مزقت، ولاتزال، الصراعات السياسية على السلطة أية فرص للاهتمام بالثقافة والمثقفين، بل بقيت الثقافة وبقي المثقفون على هامش الفعالية الاجتماعية والسياسية نتيجة لسياسات الاستئثار بثروات البلد ووقوعها بيد من لا يقيمون وزناً لكل أشكال الثقافة ولا يعيرون اهتماماً بأهمية المثقفين ودورهم الحساس في ردع صدع الانشطار والتناحر الطائفي الذي بدأ ينهش في اللحم العراقي ووصلت به إلى العظم من خلال مظاهر وصور القتل البشعة التي قل نظيرها في العالم على يد قوى التخلف والإرهاب المتقنعة بالإسلام والتي لبست لبوس المحرر بينما هي تفتك بالنسيج الفسيفسائي العراقي الجميل وربما شاءت أم أبت فهي تقدم الخدمات الجليلة للمحتل في سعيها لتفكيك اللحمة العراقية.
لقد عملت سياسة المحاصصة الطائفية المقيتة في الحكم، التي رسخها السفير الأمريكي بول بريمر سيء الصيت، على أن تسلم إدارة المؤسسات الثقافية العراقية الرسمية بيد من ليس لهم الدراية ولا الكفاءة ولا حتى الحماسة في خدمة الثقافة والمثقفين، فمن ضابط سابق في سلك الشرطة إلى إمام من أئمة الجوامع. كيف يمكن لأمثال هؤلاء السادة الحرص أو القدرة على صناعة أجواء تشجع الذين هاجروا من المثقفين والعلماء على العودة إلى البلاد للإسهام في عودة الحياة الثقافية العراقية إلى سابق عهودها المزدهرة؟ ما الذي عملته المؤسسات الثقافية الرسمية تحت إدارتهم في إعادة الحياة للمسرح والسينما والموسيقى والكتاب في العراق؟ يمكننا الإجابة بالقطع: لا شيء! إن لم يكن الحال من سيء إلى أسوأ. إذ اهتم كل واحد منهم على تغليب فئة على أخرى واتخموا المؤسسات الثقافية برجال الأمن والفائضين عن الحاجة أكثر مما اهتموا بإعادة ما نهب وبناء ما خرب.
وتكالبت الضغوط الأمنية والمالية في كبح أي فرص ناضجة لنشوء مؤسسات ثقافية مدنية غير رسمية نشطة. إلا أن ذلك لم يمنع عددا من المثقفين من المحاولة الجادة في تأسيس هكذا مؤسسات أو المحاولة في إعادة التأسيس بعد أن طال فعاليتها الجمود في الفترة الأولى. وهذا ما حصل في 18/10/2007 للجمعية العراقية لدعم الثقافة التي كانت قد تأسست في الشهر الخامس من عام 2005على نحو مؤقت بتمويل من بعض رجال الأعمال وقامت ببعض النشاطات المهمة إلا أنها لم تستطع المواصلة وترسيخ عملها لسفر الكثير من مؤسسيها الأولين إلى خارج العراق بسبب المخاطر التي كانت تهدد وجودهم الحياتي ولنضوب المصادر التي كانت تمول نشاطاتها. اليوم وبعد التحسن الأمني النسبي إرتأى بعض المؤسسين السابقين وغيرهم من المثقفين، من بينهم الكاتب الصحفي مفيد الجزائري والكاتب القصصي حسن كريم عاتي والسيدة الكاتبة سافرة حافظ جميل والفنانة المسرحية أزادوهي صاموئيل، إعادة الحياة لهذه الجمعية، التي استعرض رئيسها السابق، السيد مفيد الجزائري، النشاطات التي قامت بها الجمعية خلال عمرها القصير التي انحصرت في بعض الندوات الثقافية عن العمران والأهوار في الجنوب والفوتوغراف العراقي وتكريم لبعض الأدباء الشباب الذي فازوا بجوائز أدبية خارج العراق وكذلك إصدار مجلة "هلا" برئاسة تحرير الكاتبة الروائية لطفية الدليمي، والتي توقفت بعد صدور ثلاثة أعداد، وتهيئة مذكرة المثقفين العراقيين حول الدستور التي سلمت إلى البرلمان.
حفلت خطة الجمعية بالمشروعات الطموحة التي سعت إلى تنفيذها. ويبدو أن عجز الجمعية عن تحقيق تلك المشروعات والأمل المعقود في الثقافة العراقية وإيمان أفراد الجمعية بأهمية دورها في الحياة العراقية الشديدة التعقيد كانت الدوافع بإعادة التفكير في تأسيس الجمعية.
وأهم مشروعين تطمح الجمعية العراقية لدعم الثقافة لتحقيقهما، كما جاء في بيانها التأسيسي، هما إعادة ما نهب من كنوز العراق الآثارية والتراثية وإيقاف سرقة المزيد منها فضلاً عن حماية وتوثيق الذاكرة العراقية وما تعانيه من فوضى عن طريق جمع التراث الإبداعي للمثقفين العراقيين الراحلين والأحياء من الرواد وصيانته وعرضه في متاحف خاصة بهم تقديراً لإبداعهم وأدوارهم في التأسيس الثقافي . أما المشروع الثاني فهو دعم النشاط والإنتاج الثقافيين والعمل على توفير فرص أفضل للنشاط والإنتاج الثقافيين وذلك على الصعد المادية والقانونية وغيرها وكذلك العمل على تعريف العالم بنتاجات المبدعين والمفكرين العراقيين.
ولاحظ المناقشون في الجلسة التي عقدت لإعادة التأسيس أن هذين الهدفين كبيرين على مؤسسة مدنية مثل هذه الجمعية، فثمة حاجة كبيرة إلى التمويل الواسع والخبرات وهو ما تعجز الجمعية عن توفيره، حالياً على الأقل، لذلك رجح الرأي القائل أن تقوم الجمعية أولاً بتشكيل مجموعة ضغط على المؤسسات الرسمية ذات العلاقة من أجل العمل المشترك لتحقيق هذين الهدفين وربما العمل قبل ذلك على توثيق تلك المسروقات وإحصائها والإعلان عنها وتوصيل المعلومات الضرورية بشأنها إلى الإنتربول ومزادات البيع المهمة في العالم من أجل عدم ترويج ذلك البيع، كخطوة أولى تمهيدا لاسترجاعها في الخطوة التالية. والملاحظة المهمة الأخرى هو التركيز أيضاً على راهن الثقافة ومشكلاتها العويصة وكيفية إعادة بنائها بإخلاص وليس التركيز على الماضي من هذه الثقافة فحسب.
السؤال هنا هو هل ستغني هذه المحاولة عن الجوع الثقافي أو حتى سد الرمق؟ لقد قرأنا عن تأسيس لمجالس عليا ودنيا للثقافة فهل لمسنا شيئاً ينبض بالثقافة أخرجته هذه المجالس والجمعيات والمؤسسات أم بقيت حالها كحال المؤسسات الرسمية التي لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم بل تقبض فقط بينما يزداد الانهيار الثقافي يوما بعد يوم؟