رسالة المغرب الثقافية: الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

فيلم القلوب المحترقة لأحمد المعنوني يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان

عبدالحق ميفراني

ترافلينغ / Travelling   
احتضنت مدينة طنجة فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم، أيام18 و27 أكتوبر 2007. المهرجان الذي يشرف على تنظيمه المركز السينمائي المغربي، وتعتبر طنجة محطته الدائمة. ويعتبر المهرجان الوطني للفيلم "أكبر تظاهرة مخصصة للسينما المغربية"، كما أنها محطة أساسية "للوقوف على ما تم إنجازه وتحقيقه من تقدم وتطور للسينما المغربية.."، دورة هذه السنة جاءت تتويجا لمسار معقد يرتبط بالدينامية غير المسبوقة التي يعرفها المشهد السينمائي المغربي. الدورة التي يقدمها المركز السينمائي المغربي بالقول "وبشكل عام يمكن القول بهذا الصدد أن المسار الذي تم رسمه منذ بضع سنوات مكن من تأكيد بعض ملاحم هذه السينما بل وترسيخ حضورها إنها الآن سينما تستشف المستقبل بتفاؤل، وبرنامج المهرجان في هذه الدورة في حد ذاته تعبير بليغ عن هذه الحصيلة الواعدة فعدد الأفلام الطويلة بلغ هذه السنة 25 فيلما مقابل 21 في الدورة الماضية، في حين سجل إنتاج الأفلام القصيرة رقما كبيرا (أكثر من مائة فيلم) مما تطلب تنظيم انتقاء أولي للوصول إلى 28 فيلم في المسابقة الرسمية للفيلم القصير وكل هذه الأفلام تؤكد من جديد حيوية السينما المغربية وتنوع اختياراتها الفنية والتقنية وتلاقح الأجيال المختلفة... عناصر قوة جعلتها مصب اهتمام العديد من التظاهرات السينمائية العالمية.."

إن هذه الرغبة المنوطة برؤية المركز السينمائي المغربي، في تنظيمه للدورة التاسعة، تظل رهينة بالمستوى العام التي قد تكون هذه الأفلام المقدمة سواء في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أو الأفلام القصيرة. وإذا كانت هذه الأخيرة استطاعت أن تخلق تميزا خاصا ورؤية خاصة للصورة السينمائية، وعمقا فنيا وجماليا، كان محط تقاطع الكثير من التحليلات سواء النقدية أو الصحفية. فإن الأفلام الروائية الطويلة، أعادت حيوية النقاش الجدي عموما حول الصورة التي يرغب المتفرج أن تكون عليه في فيلمه "الوطني". وهو ما زكى عمق الاختيار بحكم أن العديد من الأفلام التي برمجت سواء للمخرجين كأحمد بولان أو حسن بنجلون، أو سعد الشرايبي... استبقت بنقاش احتضنته أعمدة الصحافة يومية وأسبوعية.غير أن التحول الذي يثيرنا هنا، هو المسار الذي اتخذته النقاش حول السينما المغربية، من معطى الأزمة، الى الرهان على أفق جمالي وفني يمكن أن يشكل قاعدة أساسية لأي خطاب عالم حول الفيلم، أو السينما. بالتالي عودة سؤال السينما التي نريد؟ يمكن النقد السينمائي عموما من استرجاع حيويته التي بدأت تخفت السنوات الأخيرة، وتمكن المغرب السينمائي أن يفكر في صورته السينمائية، وفي فيلمه "الوطني" كما يتخيله، وكما تتأبطه كاميرات المخرج السينمائي.

مكسب وجود مهرجان وطني للفيلم يلتئم فيه السينمائيون المغاربة من مختلف مشاربهم وتوجهاتهم، انتظر قرابة ربع قرن، كي يتحول الى تظاهرة وطنية سينمائية مغربية بتوابلها المحلية، وبنقاشاتها التي تخص الذات وهويتها وذاكرتها. هذا الحلم انطلق في سنة 1982 بمدينة الرباط، وتواصل بمدينة الدارالبيضاء/1984 في دورته الثانية، ومدينة مكناس/1991 في دورته الثالثة، ومدينة طنجة/1995 في نسخته الرابعة، ومدينة الدارالبيضاء سنة 1998 في دورته الخامسة، وبمراكش/2001 في دورته السادسة، ووجدة /2003 في دورته السابعة، ليحط رحاله في الدورة الثامنة/2005 بمدينة طنجة، كمقر دائم لانعقاد فعاليات المهرجان، علما أن المدينة تعرف تنظيم مهرجان الفيلم المتوسطي للفيلم القصير.

فلاش باك / Flash-back 
لقد ارتأت اللجنة المنظمة بالمركز السينمائي المغربي أن تفتتح الدورة التاسعة للمهرجان السينمائي الوطني، بفيلم "مولادي" من إخراج صمبان عصمان، (والذي رحل عنا يوم 09 يونيو 2007)، أحد العلامات المميزة للسينما الافريقية، "ولد صمبان عصمان سنة 1923 بقرية زينغو نشور من إقليم كازامانس بالسنيغال، قاده العمل النقابي إلى الانتماء للحزب الشيوعي الفرنسي، ناهض بشدة حرب الهند الصينية ونادى باستقلال الجزائر، وبذلك كانت جل أفلامه عن المقاومة وعن النضال من أجل غد أفضل وعن فساد المجتمع السينغالي، وعن الهوية الإفريقية..سنة 1956 انطلق في رحلته الإبداعية بإصدار روايته الأولى "حمال الميناء الأسود" وهي عبارة عن سيرته الذاتية، أصدر سنة 1957 ثاني أعماله الروائية " بلدي، أيها الشعب الجميل" تلاه سنة 1960 عملا ثالثا عن إضراب عمال السكك الحديدية بداكار وباماكو سنة 1947. التحق بالاتحاد السوفياتي سنة 1961، بمعهد السينما بموسكو وفي سنة 1966 أخرج شريطه القصير الأولعربة بوروم تلاه في سنة 1964سوداء فلان وهو أول عمل سينمائي لمخرج من إفريقيا السوداء، وتوج الفيلم بجائزة التأنيت الذهبي للدورة الأولى لمهرجان قرطاج السينمائية، كما حاز على جائزة جونفيغو..ويعد فيلم الحوالة لسنة 1968 من أفضل الأعمال التي قدمها صمبان للسينما، وقد نال جائزة النقاد الدوليين في مهرجان البندقية، وفي سنة 1970 منعت الرقابة في السينغال شريطه سيدو بأمر مباشر من الرئيس سنغور، ويتناول الفيلم وقائع ثورةالسيدو في نهاية القرن السابع عشر الميلادي، ويهاجم المخرج في هذا الشريط حملات التبشير بالديانتين الكاتوليكية والإسلامية في غرب افريقيا وما أدت إليه من طمس لثقافة السكان الأصليين وسط تواطؤ الأرستقراطية المحلية عانى صمبان من الرقابة مجددا مع فيلمهم عسكر تيراوي، ولكن هذه المرة في فرنسا ، حيث لم يمنع حصول الفيلم على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان البندقية سنة 1988، الرقابة الفرنسية من مصادرة الفيلم الذي يعرض معاناة جنود الفيلق السينغالي ضمن الجيش الاستعماري الفرنسي بمعسكر تيراوي بافريقيا سنة 1944، وفي سنة 2000 انظلق صمبان في إنجاز ثلاثية تتحدث عن أوجه البطولة في الحياة اليومية، لم ينجز منها إلا شريطين: - الأول بعنوان :فات كيني يتمحور حول الأوضاع المزرية للمرأة وتخلفها في المجتمع الإفريقي، في حين يتناول شريط مولادي الذي أنجز سنة 2003 موضوعا حساسا لطالما ساد حوله صمت مريب وهو ظاهرة ختان الفتيات المنتشرة بكثرة داخل المجتمعات الإفريقية، وقد حاز هذا الشريط على جائزة النقاد في الولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن جائزة نظرة ما بمهرجان كان الفرنسي والجائزة الخاصة للجنة التحكيم في مهرجان مراكش بالمغرب وهي جوائز تضاف إلى مسيرة حافلة لمخرج حاز في سنة 2001 على جائزة جامعة هارفرد الأمريكية، كما نال سنة 2006 وسام الشرف للجمهورية الفرنسية، ناضل من أجل قضية الثقافة الإفريقية. ووسمه النقاد يصفه بالأب الحقيقي للسينما الإفريقية ومؤسس دعائمها. من أهم أعماله السينمائية :

1963:عربة بوروم وهو فيلم قصير - 1964:مملكة صوغاي - 1966:سوداء فلان - 1968:الحوالة - 1974:قزالا 1976:سيدو - 1987:معسكر تيراوي - 1992:غليوار - 2000:فات كيتي - 2003:مولادي" (1)

زوم /Zoom:
من أهم الفقرات التي تضمنها البرنامج العام للدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومسابقة للأفلام القصيرة. كما تضمن البرنامج العام لهذه التظاهرة السينمائية الوطنية عروضا أخرى موازية احتضنتها فضاءات مختلفة. وهكذا احتضنت الخزانة السينمائية الطنجوية في كل ليلة عرض نخبة من الأفلام المغربية التي أمست تشكل فيلموغرافيا غنية، نذكر هنا أفلام: الشركي أم الصمت العنيف/1975 لمومن السميحي، مرورا بالأفلام التالية: جرح في الحائط/1977 لجيلالي فرحتي، ابن السبيل/1981 لمحمد عبد الرحمان التازي، قفطان الحب/1987 لمومن السميحي، باب السماء مفتوح/1988 لفريدة بنليزيد، مكتوب/1999 لنبيل عيوش، ضفائر /2000 لجيلالي فرحاتي، لحظة ظلام /2003) لنبيل عيوش، العايل /2005 لمومن السميحي، خوانيطا بنت طنجة/2005) لفريدة بنليزيد. كما احتضنت قاعة سينما طارق عروضا سينمائية لسبعة أفلام روائية طويلة وهي 1- عبدو عند الموحدين/2006لسعيد الناصري 2- ملائكة الشيطان/2007 لأحمد بولان 3- الغائب الموعود/2007 لأحمد زياد 4- نانسي والوحش /2007 لمحمود فريطس 5- تيليلى/2007 لمحمد مرنيش 6- الحلم المغربي/2007 لجمال بلمجدوب 7- ريح البحر/2007 لعبد الحي العراقي. الى جانب قاعة سينما طارق، والخزانة السينمائية، واصلت قافلة المركز السينمائي عرض نماذج من الأفلام المغربية الروائية الطويلة، نذكر منها السمفونية المغربية لكمال كمال، الباندية لسعيد الناصري، فيها الملحة والسكر ومازال ما بغاتش تموت لحكيم نوري، هنا ولهيه لمحمد اسماعيل، الأجنحة المنكسرة لمجيد رشيش، كما احتضن السجن المدني بطنجة والجمعية الخيرية الإسلامية، في التفاتة إنسانية نبيلة، عرضا لنفس الأفلام المبرمجة في إطار القافلة.

هذا وقد كشف الناقد السينمائي نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، "أن المهرجان الوطني للفيلم المغربي والذي يقام حاليا كل سنتين سيتحول الى مهرجان سنوي، وسيظل مقر تنظيمه مدينة البوغاز طنجة، التي تحتضن مهرجاناً سينمائياً سنوياً آخر هو المهرجان المتوسطي للفيلم القصير. ويأتي هذا التغيير في البرمجة والتاريخ نظرا لكون المغرب بات ينتج ما بين 13 و15 فيلماً روائياً طويلاً في السنة، مما يجعل من هذه اللائحة مؤهلة كي تخوض سباق المهرجان".

ولعل هذا التغيير يجيب في جزء منه على حركية الإنتاج السينمائي الذي يعرفها المغرب السنوات الأخيرة وتبرز أكثر في ارتفاع وثيرة الإنتاج الفيلمي القصير إذ ما يزيد على 140 فيلما تخرج للوجود كل سنة. في بلد يعرف ما يزيد على 46 مهرجاناً سينمائيا تنظم بانتظام كل سنة، وتحمل كل منها خصوصية شعارها واستراتيجياتها في التنظيم. من شاشة المرأة الى السينما الايبيرية، من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الى مهرجان الهجرة...

المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة:
لجنة التحكيم مسابقة الأفلام الطويلة ترأسها الفنان التشكيلي المغربي محمد المليحي، وضمت في عضويتها كل من:

أمينة بن الشيخ مديرة جريدة "العالم الأمازيغي"، باحثة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

  سعاد بهشار باحثة اركيولوجية ومؤرخة فن.

صباح بنداود صحافية باذاعة الرباط ومديرة سابقة لاذاعة طنجة.

حسن دلدول (منتج ومخرج تونسي).

غاريت جونس (مخرج ومنتج وسيناريست بريطاني).

غي بروكور ناقد ومؤرخ سينمائي فرنسي.

أما الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية والتي تم إنتاجها بين دورتي 2005 و2007:

"نانسي والوحش" (محمود فريطس)، "ياسمين والرجال" (عبد القادر لقطع)، "ياله من عالم جميل" ل(فوزي بن السعيدي)، "ريح البحر" (عبد الحي العراقي)، "الحلم المغربي" (جمال بلمجدوب)، "انهض يا مغرب!" (نرجس النجار)، "ملائكة الشيطان" ( أحمد بولان)، " العائد الموعود" (أحمد زياد)، "عبدو عند الموحدين" (سعيد الناصري)، "أبواب الجنة" (عماد وسهيل نوري)، "تيليلي" (محمد مرنيش أوطالب)، "لعبة الحب" (ادريس اشويكة)، "سميرة في الضيعة" (لطيف لحلو)، "فين ماشي أموشي؟" (حسن بنجلون)، "طريق العيالات" (فريدة بورقية)،"حديث اليد والكتان" (عمر الشرايبي)، "الدراجة" (حميد فريدي)، "ثابت أم غير ثابت" (نبيل لحلو)،"كان مرة حتى كان جوج دالمرات" (البشير السكيرج)، "في انتظار بازوليني" (دواود أولاد السيد)، "وداعا أمهات"(محمد إسماعيل)، "أركانة" (حسن غنجة)، "الإسلام يا سلام" (سعد الشرايبي)، " الجمال المبعثر" (لحسن زينون)، "القلوب المحترقة" (أحمد المعنوني)، "ثابت أم غير ثابت" (نبيل لحلو).

مسابقة الأفلام القصيرة:
الى جانب المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، عرفت الدورة التاسعة للمهرجان مسابقة خاصة بالأفلام القصيرة. هذا النوع من الأفلام الذي أمسى يشكل طفرة نوعية في المشهد السينمائي المغربي. وهكذا عرفت عملية الانتقاء مشاركة الأفلام التالية:

1- 30 سنة / محمد الشريف الطريبق.
2-البوة / مصطفى الزيراوي.
3- قابيل وهابيل / يونس الركاب وهشام اشعاب.
4 - شامبرا / رشيد الشيخ.
5 - التبركيكة / ادريس الادريسي.
6 - نهار كحل / علي الطاهري.
7 - وتستمر الحياة / ليلي التريكي.
8 - الشرجم (النافذة) / كمال الدرقاوي.
9 - آخر الشهر /محمد مفتكر.
10 - قطرة قطرة / رشيد زكي.
11 - امير ورزازات / فؤاد شالة.
12 - عيون القلب / محمد عهد بسودة.
13 - مانكان / بوسلهام الضعيف.
14 - ميا دريال (100 ريال) / فؤاد السويبة.
15- بوطو / ايمان اضوايو.
16 - موعد في وليلي / عز العرب العلوي لمحارزي.
17 - سلام، مركز الاستقبال / يوسف بريطل.
18 - شيفت + - حذف / جيهان البحار.
19 - شعرك الأسود يا إحسان / طالا حديد.
20 - المرأة الشابة والمعلم - محمد نظيف.
21 - شوفني / عمر مولدويرة.
22 - آخر صرخة / حميد باسكيط (المتوج بمصر)
23 - حب اليكتروني / نبيل رامي.
24 - يوم ليس كباقي الايام / جمال عامري.
25 - للرجل والمرأة / حسن هموش
26- نهاية جولة / محمد مؤذن.
27 - رحيل / نوفل براوي.
28 - المرحوم / رشيد الوالي.

هذه الأفلام هي التي شاركت في المسابقة التي قام بتحكيمها كل من المخرج كمال كمال رئيسا. وضمت في عضويتها:ماري بيير غوتمان (منتجة وملحقة سمعية بصرية سابقة بسفارة فرنسا بالرباط) وكلا راونس ديلكادو (سيناريست سينغالي / صديق الراحل عثمان صامبين) وأحمد بوغابة (ناقد وصحافي مغربي)، حنان الفاضلي(ممثلة مغربية

تجارب ورؤى سينمائية / Séquences: 
من بين الأفلام التي أثارت المتابعين في الدورة التاسعة لمهرجان طنجة، فيلم "القلوب المحترقة"، والذي عاد من خلاله صاحب رائعة "الحال" السينمائي أحمد المعنوني الى الشاشة. الفيلم الذي وسمه الكاتب لحسن لعسبي ب"التحفة السينمائية"، أعاد المعنوني الى لغة السينما، والى الصورة التي ظل على الدوام تسكنه. عبر تقنية الفلاش باك، نعود الى فاس الذاكرة والهوية والى فضاءاتها والى أنسنتها. أما فيلم "ملائكة الشيطان" للمخرج أحمد بولان، فهو فيلم يتناول قضية الشبان المغاربة الذين ألقي القبض عليهم منذ ثلاث سنوات بتهمة الانتماء لعبدة الشيطان.. لكن الفيلم تحول لتصفية حسابات في نقاشه، ولعل "المزاج الراكض" للسينمائي أحمد بولان، يجعله مطالبا في المستقبل أن يترك أفلامه تتحدث عنه أكثر. كما يعود كل من المخرج لطيف لحلو وإدريس الشريبي، وداوود أولاد السيد الى المهرجان الوطني من خلال أفلام تتجه في أسلوبها العام الى البحث عن صيغ جمالية وفنية مغربية خالصة. وقد أمكن للمهرجان هذه السنة أن ينفتح على التجربة الفنية الأمازيغية الغنية، رغم أن هذه الأخيرة أطلقت مهرجانها السينمائي المحوري.

كما قدمت في المسابقة الرسمية فيلم كل من حسن بنجلون ومحمد اسماعيل يتناولا كل منهما موضوعة "هجرة اليهود المغاربة" الأول فيلم "فين ماشي يا موشي" (إلى أين تذهب ياموشي؟) للمخرج حسن بنجلون، أما الفيلم الثاني "وداعا أمهات" للمخرج محمد إسماعيل.  الفيلم الأول يتحدث عن قصة مصطفى مسير الحانة الوحيد بمدينة أبي  الجعد المغربية الذي أدرك أن اليهود المغاربة سيرحلون إلى إسرائيل وأن حانته ستتعرض للإغلاق فأخذ يفكر في حل لأزمته المنتظرة..  ومن المنتظر أن يخلق هذا الفيلم لحظة خروجه للقاعات نقاشا وجدلا لن ينتهي..أما فيلم محمد إسماعيل، الذي تم تصويره بالدار البيضاء وتطوان، تجسيد وضع اليهود المغاربة في الفترة المعروفة بـ"السنوات السوداء للهجرة" حيث الإحساس بالحيرة تجاه رغبتين متنازعتين هما: البقاء في الوطن الأم أو الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث. وقد عرفت نقاشات هذه الأفلام وغيرها جدلا لم ينتهي في أروقة المهرجان بل امتد الى صفحات الجرائد.

لكن، ما أثار المتتبعين في التظاهرة التاسعة، هو هذه الخصوبة اللافتة للفيلم القصير، والذي عبرت من خلاله بعض التجارب الشابة عن حس جمالي وفني مميز، يعطي صورة على أفق هذه التجربة في المستقبل. والعديد من المخرجين المغاربة لا زالوا يتذكرون طنجة، خصوصا الشباب منهم، والذين أمسوا يخرجون اليوم أشرطتهم الروائية الطويلة. فطنجة كانت اكتشافهم الأول، وهي من قدمت للجمهور والنقاد المغاربة، هم الذين أتوا جلهم في "المنفى" الى الوطن الأم، ليكشفوا تجاربهم، ورؤاهم..وحينها تعرفنا على مثلا على السينمائي نورالدين لخماري في تحفه القصيرة ك Brèves notes..

جوائز الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم/ The end:
انتهى العرس السينمائي المغربي ليلة السبت 27 أكتوبر، بتأكيد الإعلان على تحول المهرجان الوطني للفيلم الى موعد سنوي قار. كما أعلنت لجنتا التحكيم كل من الفيلم الروائي الطويل والقصير على جوائزهما الخاص. وهكذا  توج فيلم "القلوب المحترقة" للمخرج أحمد المعنوني بالجائزة الكبرى للمهرجان، الفيلم الذي حصل على جائزة النقاد التي تمنحها "الجمعية نقاد السينما في المغرب". وقد تم التأكيد على تحول مهرجان الوطني للفيلم الى تظاهرة سنوية اعتبارا من العام المقبل وذلك لمواكبة نمو كمية الإنتاج السينمائي المغربي.  أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة فمنحت لفيلم "سميرة في الضيعة" للمخرج لطيف لحلو، وهو الفيلم الأكثر تتويجا في المهرجان. إذ نال الشريط، جائزة أحسن دور رجالي وذهبت الجائزة للممثل محمد خويي عن دوره في الفيلم. ونال الممثل يوسف بريطال عن دوره في نفس الفيلم جائزة أحسن دور رجالي ثانوي.  وحصل فيلم "عود الورد" للمخرج حسن زينون، على جائزة أحسن دور نسائي للممثلة سناء العلوي وجائزة أحسن دور ثانوي للممثلة حنان زهدي. وذهبت جائزة السناريو لفيلم "ثابت أو غير ثابت" للمخرج وكاتب السيناريو نبيل لحلو.

وكانت جائزة العمل الأول من نصيب المخرجين الأخوين سهيل وعماد نوري عن فيلمهما "أبواب الجنة"، ومنحت لجنة التحكيم جائزة الموسيقى للموسيقي جويل بلغريني عن مساهمته في وضع موسيقى شريط "ملائكة الشيطان" للمخرج احمد بولان. أما جائزة المونتاج فمنحت لنجود جداد عن مونتاجها لفيلم عمر الشرايبي "حديث اليد والكتان" ومنحت جائزة الصورة للمبدع كمال الدرقاوي احد ابرز مديري التصوير في المغرب. في حين عادت جائزة الصوت للتونسي فوزي تابت على مساهمته في 6 أفلام شاركت في المسابقة بينها "القلوب المحترقة" و"الإسلام يا سلام".

أما لجنة التحكيم الأفلام القصيرة والتي ترأسها المخرج كمال كمال، فقد منحت جائزتها الكبرى للفيلم القصير لشريط "نهاية الشهر" لمحمد مفتكر. وتوجت جائزة السناريو للفيلم القصير شريط "آخر صرخة" لحميد باسكيط (المتوج في مهرجان القاهرة). كما ارتأت لجنة التحكيم منح تنويه خاص لفيلم "شعرك الأسود إحسان" للمخرجة تالا حديد.  وقد منحت جمعية نقاد السينما في المغرب جائزتها للفيلم القصير لشريط "شوفني" للمخرج عمر مولدويرة.

ــــــــــــــــــــــــ
(*) مجلة الفن السابع عدد خاص عن المخرج عصمان صمبان:عدد رقم 114 شهر يوليوز 2007.