رسالة الأردن

ملتقى للغناء الصوفي وتكريم لمسلسل باب الحارة

يفجر ازمة بين الفنانين الاردنيين والجهات المنظمة

طارق حمدان

"ملتقى الغناء الصوفي " عرض تركي و سوري موفق... واردني متواضع
 في 27 ايلول الماضي كان قد انطلق "ملتقى الموسيقى الشرقية / الغناء الصوفي" والذي نظمه المنتدى الأردني للموسيقى بالتعاون مع وزارة الثقافة ، حيث استمر المهرجان بتقديم عروضه من الغناء والموسيقى الصوفية، حتى الثاني من تشرين الأول، وكان الملتقى قد جمع العديد من الفرق العربية والإسلامية جاءت من تونس ومصر والسودان وتركيا وسوريا، حاملة معها ألوانا من الأشعار والألحان والابتهالات الصوفية.

وكانت فرقة "اسطنبول للموسيقى التاريخية" قد استهلت أولى العروض حيث قدمت عرضها في يوم الافتتاح الذي أمه جمهور كبير استطاع ملء مقاعد المسرح في المركز الثقافي الملكي، تلك المقاعد التي كانت كثيرا ما تشكو من عدم استخدامها، حيث قدمت الفرقة التركية ألوانا من الموسيقى الصوفية القديمة التي اشتهرت بها الجماعات الصوفية في الحقبة العثمانية وما سبقها، كان الأداء موفقا وجاء ضمن أداء جماعي محترف تميز فيه المغني الرئيسي بإمكانات صوتية عالية ومؤثرة و رافقته موسيقى عذبة هادئة انطلقت من آلات شرقية أصيلة كالعود والقانون والدف والناي.

وكانت أمسية الفنان السوري بشار زرقان من ابرز الأمسيات التي قدمت، حيث استطاع زرقان بموهبته الغنائية وألحانه الصوفية أن يضفي جوا من الروحانية تأثر فيها الجمهور كثيرا، وغنى المغني والملحن السوري الذي عزف على العود ورافقه على الإيقاع جمال السقا، شعر المتصوفة لابن عربي والحلاج وابي حيان التوحيدي، كما وغنى لشعراء معاصرين مثل الشاعر طاهر رياض و محمود درويش. وكان زرقان قد بدأ بغناء الشعر الصوفي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي كما عمل على تطويع الشعر الحديث و قصيدة النثر للغناء، حيث قام بتلحين وغناء جدارية محمود درويش، واجمع الكثير على أن زرقان استطاع أن يأسر الجميع في أمسيتيه التي قدمهما في عمان واربد ضمن "ملتقى الغناء الصوفي".

أما العرض الأردني الذي قدمته الفرقة لأردنية بقيادة الدكتور أيمن تيسير، فجاء اقرب إلى غناء الطرب منه إلى الغناء الصوفي، الأمر الذي عكس مدى افتقار الساحة الأردنية لهذا النوع من الغناء والموسيقى، حيث كان أداء الفرقة الأردنية بعيدا عن نوع الغناء الصوفي الذي يتميز عن باقي أنواع الغناء والموسيقى، باعتماده على الإيقاع الهادئ المتقشف في آلاته الموسيقية وعلى الإنشاد الروحاني الذي يحتاج إلى قدرة غنائية تختلف عن الغناء الطربي، حيث قدمت الفرقة الأردنية بقيادة الدكتور أيمن تيسير وصلات "غناء طربي" استخدم فيه أشعار متصوفة كابن الفارض وأبو بكر الشبلي وغيرهم. ولم تكن الفرقة موفقة في أدائها الموسيقي، حيث استخدمت آلات كثيرة لاتتناسب مع طبيعة الموسيقى الصوفية، فجاء الإيقاع سريعا وفي بعض الأحيان راقصا.

ومن ابرز الفرق التي شاركت في الملتقى فرقة الإنشاد المصرية بقيادة الشيخ عبد الحليم مشهور، وفرقة الاصايل السودانية الشهيرة بأدائها الغنائي العذب المستمد من الأشعار والمدائح التي ينظمها قائد الفرقة الشيخ النيل أبو قرون. ومن تونس صلاح الدين مصباح الذي اقترن اسمه بأداء وتلحين ابرز الأدوار والموشحات للشعراء والملحنين التونسيين.

 
تكريم "باب الحارة" يفتح الأبواب على مصراعيها
هل هي غيرة الفنان الأردني من نظيره السوري .. أم كان من الأجدر أن يتم الالتفات إلى الفنان الأردني قبل تكريم أي فنان آخر ؟..هل مستوى الأعمال الأردنية التي قدمت في موسم رمضان ترقى إلى مستوى المسلسل السوري "باب الحارة" الذي حقق نجاحا كبيرا؟ هل كان الفنانين الأردنيين محقين في غضبهم؟ هل من حقهم أن يغضبوا؟ أم كان هذا الانفعال تصرفا غير موفقا دل على ذهنية سلبية تحدث عنها الكثير؟ للأسف لانملك الإجابة عن كل تلك التساؤلات .. ولكن ما حصل كان قد أثار استغراب الكثير.

وسط حشد جماهيري لم تشهده قاعة مركز الحسين الثقافي من قبل، احتفى بيت تايكي وأمانة عمان الكبرى بأسرة المسلسل السوري "باب الحارة" الذي حظي بمتابعة عربية غير مسبوقة، والذي استحوذ على المركز الأول في قائمة أكثر المسلسلات مشاهدةً في البلاد العربية خلال شهر رمضان الجاري، وذلك حسب شركات الإحصاء التلفزيوني. قاعة مركز الحسين الثقافي التي لم تشهد من قبل هذا الحضور الجماهيري الشعبي، تكدس فيها الحضور على المقاعد والممرات والأدراج، لدرجة انه تعذر على أي شخص الدخول من الأبواب الرئيسية التي أقفلت بالحشود التي جاءت لمشاهدة أسرة "باب الحارة "، الأمر الذي عكس مدى نجاح المسلسل ومدى إعجاب المشاهد الأردني والعربي بهذا العمل.

وشهدت خشبة المسرح حضور الممثلين الرئيسيين في "باب الحارة " الذي أنتجه الأردني طارق زعيتر وأخرجه السوري بسام الملا وكتبه مروان قاووق, وكان من بين الفنانين عباس النوري, سامر المصري, صباح الجزائري, وفاء موصللي, وفيق الزعيم, حسن دكاك, أغادير فياض, وائل شرف, ميلاد يوسف, نزار أبو حجر وعلي كريّم إضافة لمخرج العمل وكاتبه.

وكان هذا التكريم قد أثار حفيظة بعض الفنانين الأردنيين الذين اتهموا الجهات المنظمة، بأنها تنظر بشيء من الدونية تجاه الفنان والعمل الأردني الذي كان قد قدم ثلاثة أعمال أردنية، هي "نمر بن عدوان" و "الاجتياح" و "وضحا وابن عجلان" ، والتي كانت أولى بالتكريم من وجهة نظرهم، وفي اتصالنا بنقيب الفنانين الأردنيين شاهر الحديدي لسؤاله حول موقف النقابة تجاه ما أثير عن مواقف بعض الفنانين الذين انتقدوا تكريم أسرة مسلسل "باب الحارة" ووجدوه تجاهلا لما قدم أردنيا، قال الحديدي "نحن كفنانين أردنيين نرحب بتكريم كل مبدع عربي هنا في الأردن، ولكن كان الأجدر بالجهات التي نظمت الاحتفال وكرمت الفنانين السوريين، كان الأجدر بها أن تنظر إلى الفنان الأردني الذي قدم أيضا أعمالا اعتبرت ناجحة وحققت نسبة مشاهدة عالية أيضا، وهي "نمر بن عدوان" و "الاجتياح" و "وضحا و ابن عجلان" وكنا نتمنى أيضا على أمانة عمان أن تكرم وتلتقي الفنان الأردني الذي قدم للأردن الكثير، فهو الأولى بالاهتمام من غيره .. نحن بدورنا كنا قد بعثنا برسالة عتب إلى أمين عمان، ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم بالرد علينا، وتم تجاهل الرسالة، للأسف هناك سوء تقدير كبير وهناك من ينظر إلى الفنان والفن الأردني بشيء من الدونية أمام الفنانين العرب. الفنان الأردني ينظر إليه بعين التقدير في البلاد العربية، وهو في نفس الوقت ظلم كثيرا، ويجب الاهتمام به أولا "وفي اتصالنا مع مديرة بيت تايكي بسمة النسور ابرز منظمي هذا التكريم، لسؤالها عن موقفها إزاء ما أثير حول التكريم قالت "كنت أتمنى من الفنانين الأردنيين أن لا يقعوا في هذا المطب، نحن في تنظيمنا لهذا التكريم لم نتجاوز أحدا، وأنا مستغربة اشد الاستغراب من هذا الموقف السلبي، الأمر ببساطة هو أن المسلسل حقق أعلى نسبة مشاهدة عربية وحقق نجاحا كبيرا، وكان احتشاد الجماهير في قاعة المسرح وخارجه هو اكبر دليل على أن هذا التكريم كان أمرا تستحقه أسرة المسلسل وكان في محله ... التصريحات التي خرجت من بعض الفنانين الأردنيين أصابتني بحزن شديد ولم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن تخرج مثل تلك التصريحات المشبعة بالحس الإقليمي الضيق، والغير ملائم أبدا لطبيعة الفنان .. أمانة عمان هي الداعم الأكبر للفن الأردني وهي تحمل الهم الثقافي وتدعمه منذ زمن طويل.. شيء مؤسف أن يتصرف بعض الفنانين بهذه الطريقة، والمؤسف أكثر أن يفكر الفنان بتلك العقلية الإقليمية الضيقة ... أنا اعلم بأن شركة إنتاج أردنية معينة هي وراء تلك الأمور المؤسفة وأتمنى على الفنان الأردني أن لا ينجر إلى تلك الأمور وان لا يقع في هذا المطب، والغريب أن تاريخ تلك الشركة كان قائما على الممثلين والمخرجين السوريين، وكانت ولازالت تنظر إلى الممثل السوري قبل الممثل الأردني. هذا موقف مزعج وأنا مستاءة جدا من تلك التصرفات. نحن لم نتطبع ونكرم فنانين إسرائيليين!، وتلك تصرفات وأمور غريبة عن المجتمع والشارع الأردني الذي ينظر إلى كل العرب على أنهم أشقاء وإخوة حقيقيون".