لا تبتعد الشاعرة التونسية سماح البوسيفي عن نقد تلك النزعة الذكورية الحاضرة بقوة في المجتمع العربي، غير أنها تصوغها في قالب شعري تنمحي فيها الذات وتتحلل كليا كي نسمع أنين ووجع ذاتها وهي تحاول تقريب صدى صوتها المجروح في زمن لا يستطيع صوتها أن يصل الى مداه الأقصى ولا تستطيع هي أن تحتفي بذاتها المستقلة.

ثوبي أقرب الى الغمائم

سماح البوسيفي

ثوبي
الثوب الذي يعجبني في واجهة محل عالم ...

الإبرة التي انتهت حياتها هناك

فراغ صغير في ظهر القماش،

أيضا الورق الذي مات في بداية الفكرة كان رابطا دمويا بين الثوب وبين عامل الخياطة

أفكر كثيرا في الثوب لأحسم لأمي أيضا أني امرأة..

أحلم خارج الواجهة بثوب لا يشبه فكرة أمي

مثلا أن أرتدي خفية ثوبا قديما يعرف منزلنا

فتعذبه أمي

وهذا حقيقي..

في الطريق إلى حفلة

أفكر في الثوب

الثوب الذي يعجبني في واجهة محل

لا يميز بين واجهة محل تجاري

و بيت الخياط

وهذا كاف ليغير الخياط اسمه...

أمى تعرف الآن بأني امرأة ...

الثوب بقي هناك في واجهة المحل

خارج الواجهة تفكر النساء في أحلام الرجال

أما أنا فمازلت ألبس خفية ثوبا في سجن أمي

ثوبي المفضل..

 

أقرب الغمائم
خذ من جسدي ما شئت

الوريد والجرح المديد

خذ جسدي بهيا بين الشراشف والوسائد

واختر أقرب الغمائم ..

صوتي وشفاهي

أيها الغريب لا ترحل

فوق جسدي مازالت تنزف الغمائم

تُنحر الذبائح

خذ جسدي بهيا بدمائه

خذ الريح والروائح

واكتب:

إلى الجسد الأثير

كتبت جميع القصائد وتركت الأسماء أحجية

خذ جسدي شرقيا

أو بلا هوية

الدم الذي ينحر صباي وغدي الأفضل وأمسية..

خذ إليك أيها الغريب جسدي

ولا ترحل، هو جسدي بين الشراشف

مخضبا بالخطايا والدسائس

خذ الصائل والنائح

خذ الكتائب والجحافل والمعارك الطواحن

 واختر من جسدي الغنائم

صوتي وشفاهي

وزهر اللوز بين الخمائل

ودون: هذا جسدي

وهذي الحروب والمقابر

أنا القاتل

و المقتول في مسارح الجسد الكافر

إني الغريب

إني البعيد وأنا المهاجر

خذ ما شئت من جسدي

خذ الطيب والمدائح

واختر موتي مصلوبا

مشنوقا منفيا أو مسافرا

وأكتب وصيتي هذا الجسد

الدماء

الكحل

الرياحين

العيون وكل القتلى

خذ من جسدي يا غريبُ جسدا

منسيا

أو ما تريد

...

شاعرة من تونس