يربك حدود الأنواع ويبدع شعريته المخصوصة
(بيروت- مراسلة خاص) تواصل الشاعرة القطرية سميرة عبيد تشكيل أفقها الشعري المغاير، والذي لا يرتبط بوعي يقف عند حدود التماهي مع العالم، بل بوعي شعري تشيد عالما خاصا بالهامشي والآخر الذي يتلاشى مع الأنا ليبلور ذاتية مفتوحة؛ وهو ما نجحت في إبداعه الشاعرة سميرة عبيد في تجربتها بدءا سواء من" أساور البنفسج"، ثم" لحن بأصابع مبتورة" فـ" شجرة في جذع غيمة"، وأخيرا "كأنه صوتي" الصادر مؤخرا عن منشورات ضفاف البيروتية، إذ تجرب فيه تصورا يقوم على التوسطات الرمزية بما تحيل إليه من قلق شعري مضاعف لا يرتبط فقط بقوة الجملة أو التخييل الشعريين، وإنما أيضا بقوة الصوت الخاص، وإيقاعاته النوعية التي تصير بموجبها القصيدة مكتملة في هذا الديوان إلى درجة أن نصوصه تصبح معزوفة مكتوبة على الورق: (عتبة، خيط الصوت، صوت آخر صوتي، كأنه صوتي، دوائر شمعة، حقل صبار، طفلة البنفسج، صوت خارج الإطار، أول مرفأ، خشخشة..، كريات من زجاج، شرخ في صوتي، صوت الصَّدَفَة، هدير) تقاوم الخرس الإنساني الذي يسمع ارتباكات الداخل في تجاور مع ارتباكات الخارج. إنه ديوان في الصوت، وفي المعنى، وفي الصورة، وفي الكتابة..يتعالق مع موسيقى داخلية رهيبة تتحول إلى كورال عال يسمعنا ذاك الإيقاع الخفي أو الدال الأكبر بتعبير ميشونيك، إنه نبض الإنسان في تحولاته، وتشوهاته، وضعفه، وقوته، وهشاشته، ومن ثم يتشكل الأثر الفني في ديوان "كأنه صوتي" على قوة الانفتاح في هذا الديوان على ما هو مسموع، ومرئي. تقول الشاعرة في الديوان:
" أغمضُ عينا
وأدعُ أخرى مستيقظهْ
لطقوس الطوارئ
أنا أحلم الآن بسماء سابعهْ
تحملني
مع بضع نجيمات
أرى شقائق نعمان
في صحراء نائمه
وجرحا عميقا
في حائط الروح
...
أيها الصوت
النافذة الوحيدة موصدهْ
أنا وأنتَ جئنا من الصرخة نفسها
ضللنا الطريق
في حقل الصُّبار"