اختار مهرجان الشعر العربي في المهدية التونسية أن يكرم ويحتفي بأحد أهم التجارب الشعرية العربية والمغربية في العصر الحديث، الشاعر المغربي محمد بنيس، صاحب الريادة الشعرية وأحد الذين انشغلوا بالشعر كتابة وتنظيرا وترجمة وتنظيما، ويندرج هذا الاحتفاء ضمن ندوة علمية كبرى تسأل لماذا الشعر اليوم؟ في استقصاء مباشر لأهم الأسئلة التي تحضر اليوم في المشهد الشعري العربي.

المهدية التونسية: ماهيّة الشعر اليوم في مهرجان الشعر العربي

لماذا الشّعر اليوم؟ ما هي وظائفه الوجدانيّة والمعرفيّة والسيكولوجيّة؟ ما هي علاقته بالمرونة من ناحية، وبالتحجّر من ناحية ثانية؟ ماهي علاقتُه بأسئلة الحداثة؟

كلُّ ذلك يُشرّعُ للباحث أن يقرن الشِّعرَ بالسُؤال، بما هُوَ سبيلٌ "إلى تَظْهير  الفِكْر وتَخْلِيقِ الفنّ.

وماهو "الشعرُ"، إن لم يكن في جوهره فكرا ورؤيةً؟

سؤالُ الشعر, جمعٌ في صيغة المُفرد، لم يَقِرَّ لَهُ قرارٌ... سؤالٌ متجدّدٌ يُغيّرُ إهابهُ ويتراوحُ بين القدامة والحداثة، وهي مشكلةٌ أخرى يتعسَّرُ بها الوجودُ العربيُّ، فنّا وإبداعًا ومجتمعا وتفكيرا، بِما تُثيرُه من ردود ومواقف، مِنْ مُرَدِّدٍ لمقولاتها إلى متأمّلٍ في إحداثيّاتها، ناقدٍ لمآزقها، مفكّك لبنيتها وإبدالاتها، مُفرّقٍ بين حداثة وأخرى، مُؤمِنٍ بأننّا إزاء "حداثات"، وُصولا إلى منْ وَقعَ، في الوهْم، وَهْمِ الحداثة، اِنتهاءً بمن يُؤمِنُ أنّ الحداثة في مفهومها الأدقّ، إنّما هي حداثةُ الاختلاف، هي تَضايُفُ الأشكالِ والرؤى، وَتَجَاوُرِها وتَحَاوُرِها، علامةً على الحياة والحركة، بعيدا عن إيديولوجيا الحداثة.

هكذا تتعدّد أسئلة الشّعر وتتعدّد بالاستتباع أسئلة النّقد.

ستحاول الندوة العلمية لمهرجان الشعر العربي بالمهدية أن تجيب عن هذا السّؤال الأمّ الرئيس: لماذا الشّعر اليوم؟ بالجمع بين سُؤال الجنس وسُؤال السياق أو التاريخ عبر محاور بحثيّة (في ماهية الشّعر: المُقاربات والرؤى/ في وظيفة الشّعر: الشّعر والموقف، الشّعر والفنّ / الشّعر والتلقّي زمن العولمة: في وسائل التواصل الاجتماعي، في الصحافة...)، وهي مفاصل لمُختلف مقارباتِ ثلّةٍ من الباحثين والأكادميين والنُّقاد والشعراء العرب والتونسيّين، مُساهمة منّا في تعقُّل المُنجز الرمزيّ العربيّ، والمدوّنة الشعريّة العربيّة.

مهرجان الشعر العربي

وتحت إشراف وزارة الشؤون الثقافيــة، تنظّم المندوبية الجهوية بالمهدية  الدورة الأولى لمهرجان الشعر العربي بالمهدية وذلك في الفترة من 26 وحتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والشعراء للبحث في إشكاليات الشعر العربي من خلال طرح سؤال هام وهو "لماذا الشعر اليوم".

المهرجان وحسب المنظّمين يلتئم للمرة الأولى في المهدية ويحتفي بالشعر العربي، يستقبل عددا هاما من الشعراء والنقّاد والأكاديميين من تونس وفلسطين ومصر والإمارات العربية المتّحدة والبحرين والأردن ولبنان واليمن والملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والجزائر وليبيا والمغرب وسوريا وموريتانيا.

برنامج المهرجان يتضمّن عددا كبيرا من الفقرات التي تتوزّع بين الشعر والجلسات العلمية والموسيقى والجولات السياحية أيضا.

وتنطلق الفعاليات عشية السبت 26 نوفمبر الجاري بمراسم الإفتتاح بحضور وزير الشؤون الثقافية بكلمة المنسقة العامة للمهرجان الشاعرة آمال جبارة ثمّ كلمة ممثل الضيوف العرب الدكتور صبحي حديد ليتمّ بعد ذلك تكريم  المبدع محمد بنّيس والذي يشارك الشاعر التونسي منصف الوهايبي الأمسية الشعرية الإفتتاحية، هذا فضلا عن سهرة شعرية عربية يديرها الناقد التونسي مهدي عثمان ويشارك الشعراء نعيم تلحوق من لبنان والبار البار من الجزائر ويوسف عبد العزيز من فلسطين ومحمد الخذري تونس و إكرام عبدي من المغرب ويوسف خديم الله من تونس.

يوم الأحد تنطلق أشغال الندوة العلمية العربية والتي تتمحور حول سؤال مفصلي في واقع الشعر اليوم وهو "لماذا الشعر الآن؟" ويترأس الجلسة الأولى الدكتور جمال مقابلة من الأردن ليقدّم الأستاذة صلاح فضل وأحمد عمر من مصر وعبد العزيز شبيل وخالد الغريبي ومبروك المنّاعي ومحمد بن عيّاد من تونس وراشد عيسى من الأردن وآمنة بلعلي من الجزائر مداخلاتهم في هذا الشأن.

إثر الجولة السياحية والثقافية في مدينة الجم التاريخية تلتئم أمسية شعرية بالمتحف الأثري يديرها الشاعر التونسية منصف الوهايبي وفيها يقرأ الشعراء علاء جانب من مصر وآمال جبارة وجميلة الماجري وفتحي النصري ومحمد الخالدي وآدم فتحي وعادل نصير من تونس وراشد عيسى من الأردن وهادي دانيال من سوريا، لتكون  السهرة فنية فلكلورية مع فرقة النوروز بالمهدية.

صباح الإثنين تتواصل أشغال الندوة العلمية مع الجلسة الثانية والتي يترأسها الدكتور عبد الحميد الحسامي من اليمن ويحاضر فيها الأساتذة صبحي حديدي وعلاء أحمد عبد الرحيم وأحمد مصطفى مجاهد من مصر ورشيد يحياوي من المغرب فضلا عن جمال مقابلة من الأردن وبروين حبيب من البحرين ومعز الوهايبي وحافظ الجديدي من تونس.

في الثالثة بعد الظهر ينتظم منبر حواري حول الشعر والفنون فيما تشهد المكتبة العمومية بقصور الساف أمسية شعرية يديرها الشاعر المولدي فروج ويشارك فيها بروين حبيب من البحرين وابراهيم محمد ابراهيم من الإمارات وياسين عدنان من المغرب ونعيم تحلوق من لبنان ومن تونس يشارك صلاح الدين الحمادي ويوسف رزوقة وحافظ محفوظ، وفي نفس التوقيت تنطلق أمسية أخرى في منتزه الشابة ويشارك فيها نايف الجهني من السعودية وراشد عيسى من الأردن وطارق خخلف الله من الجزائر وعبد الرزاق عكاشة من عُمان وعبد الكريم الخالقي وفاطمة بن فضيلة من تونس.

الجلسة العلمية الثالثة للندوة العلمية تنتظم صباح الثلاثاء برئاسة الدكتور محمد الدلاّل وفيها مداخلات للأساتذة فؤاد القرقوري ومحمد محجوب من تونس وعلاوة كوسة من الجزائر ونواف غانم من سوريا وعبد الحميد الحسامي من اليمن ومها خيري بك من لبنان ونايف الجهني من السعودية.

وفي مساء نفس اليوم يلتئم المنبر الحواري الثاني حول "ماهية الشعر: المقاربات والرؤى" بالمكتبة الجهوية لتنتظم بنفس الفضاء أمسية شعرية رابعة يشارك فيها الشعراء يوسف  عبد العزيز من فلسطين وعبد الرزاق الربيعي من عمان والبار البار من الجزائر ومها خيري بك من لبنان، ومن تونس يشارك الشعراء فاطمة بن فضيلة وأسماء الشرقي وخالد الرداوي والمولدي فروج والباسط بن حسن، وبدار الثقافة سيدي علوان تنتظم أمسية شعرية خامسة يديرها الشاعر حافظ محفوظ وفيها الشعراء سيدي محمد ولد بمب من موريتانيا وهادي دانيال من سوريا وعلاء أحمد عبد الرحيم من مصر وإكرام عبدي من المغرب ومنذر العيني ومراد منصور وفاطمة بن فضيلة من تونس.

اليوم الختامي للمهرجان ينطلق صباحا بجولة سياحية في العالم والمواقع التاريخية بالمهدية والمدينة القديمة وفي المساء يتمّ اختتام الملتقى بقراءات شعرية لسامية ساسي وعمار العموري وعادل جراد ومحمد الفاضل ومها خيري بك وراشد عيسى وعبد الحفيظ الزواري.