تمهيد :
الحفرة التي حفرتها الرأسمالية المالية وبقيت فيها حتى شعوبية ترامب ديمقراطيا
فيما يلي اناقش وجيزا السياق الاقتصادي السياسي الذى افرز ظاهرة دونالد ترامب بوصفها ظاهرة غير مسبوقة. وقياسا اجازف بما قد لا يكون قد تعين عليه كثيرون وربما لا احد بعد وقد اهتاجت الدنيا ولم تقعد لذلك الزلزال الذى يعتبره كثيرون مصيبة كبرى. غياب التعرف على الاقتصاد السياسي لهذه الظاهرة او الخشية من الشذوذ عن الاجماع الذى وصم به ترامب كشيخصية غريبة الاطوار حد ان بعضهم اتهمها بالجنون، وشببها بهتلر .. الخ. ولقد كان علي ان أقرأ مقالات وتقارير ومئات العرائض المتدفقة من المجتمع المدني الامريكي وحركات التضامن الاممي التي اعمل معها واحتفظ بعضوية معظمها واشاهد تعليقات ولقاءات متلفزة وافلام وثائقية ونشرات الاخبار ليل نهار الخ. الا انني اعترف إنني لم اعثر على ما اقول تماما بشان الاقتصاد السياسي لظاهرة فوز دونالد ترامب بعد.
وازعم أن اخفاء حقيقة ما كانت امريكا صائره اليه كتنويعة على الصهيونية العالمية والتستر على المسارات الاقتصادية السابقة على حلول ترامب بات خسرانا في خسران كل برنامج اقتصادي شعبي بل تدميرا لكل ما يمت الى اي شيء من ذلك. فالاستمرار في ذلك التكتم على الازمة التي كانت قد جاءت لتبقى طويلا والتعويل على فوز هيلاري كلينتون بغاية الاستمرار في نفس المنوال لم يترك اي سبيل للخروج من مأزق الازمة التى بقيت امريكا تعيشها لوقت طويل. واكثر ازعم ان التكتم الفظيع على حقيقه وطبيعة برنامج ترامب الاقتصادي والهجوم العنيف والاتهامات المريعة والتهديد والترويع الذى اخذ يحيق بكل من ايد اجندة ترامب او من تماهي مع ترامب كاد يحقق اخفاء اجندة ترامب الحقيقية. فقد كان ردع الرأسمالية المالية الاوليجاركيات المالية لكل مخالف او معارض على نحو مفزع حقا بل قاتل قد كاد يحقق المراد وهو فوز هيلاري كلينتون.
وقياسا فقد كان حاصل جمع ذلك كله حريا بان يردع كثيرين عن تأمل حقيقة مشروع ترامب. ولعل الايام تأتي بالوعي الكافي بين جماعات اوسع فأوسع على برنامج او اجندة ترامب تباعا. المهم فورا فمما تعينت عليه الاوليجاركيات والمالية والطبقات السياسية والنخب النغلة والاعلام التجاري الخ على اخفاءه هو حقيقة ان امريكا كانت قد حفرت لنفسها ولغيرها بالتماس By Contagionمنذ سبعينات القرن العشرين حفرة عميقة؛ ولم تلبث تلك الحفرة ان باتت تشارف الهاوية. والواقع الذي قد لا يخفى على الباحث الجاد ومن لا يخشى شيئا هو ان امريكا الاوليجاركية الرأسمالية المالية كانت قد ثابرت على حفر تلك الحفرة باكرا منذ الحرب العالمية الاولى، ولم تكن الحرب العالمية الاولي ولا كانت الحرب العالمية الثانية الاخيرة. فبغض النظر عن معاول الحفر الذى راح ضحيته ملايين الناس، وقد بات ذلك امرا مألوفا فان تأملت الماثل قليلا فلعلك ترى الى كيف يذكرك ترامب بعام 1913 بعشية الحرب العالمية الأولى. المهم فقد كانت الحفرة قد حفرت قبل ذلك بكثير اي منذ ان بات يوسف أمينا على خزائن الارض، وربما عندما انشئ بانكو ريالتو بالبندقية Banco de Rialto في 1587.
والمهم فورا وحتى لا نغرق في امواج الفكر والتاريخ فان كان ترامب جزءا من المؤسسة the establishment بمعنى كل شئ اوليجاركي مالي مما سوف اعرفه بصورة اوسع لاحقا، اي ان سياسات ترامب قد تبقى من سياسات المؤسسة لان هناك تحديات للنيوليبرالية، فهل سيمضى ترامب في نفس السياسة؟ ام سيجد صعوبة في التخلص من ذلك الا اذا تعامل الجمهوريون معه؟ ذلك انه إن يحصل ترامب على تأييد الجمهوريين فانه قد يفعل شيئا مميزا. شيئا كان الناخبون قد جاءوا به الى السلطة من اجله.
هذا ومن المفيد تذكر ان الديون السيادية الامريكية والعجز التجاري باتا بحيث يستحيل معهما على امريكا الخروج من الحفرة، وذلك لان امريكا كانت قد درجت على سياسة الديون المتهورة تلك طويلا، ومعظمها من الصين. وقياسا فقد كانت امريكا الممثلة في أشكال هيلاري كلينتون ترمي الى حرب مع الصين حتى تدفع الصين جراء تلك الحرب فوق موت ملايين الصينيين تدفع الصين مقابل خسائر الحرب مثلما دفعت المانيا خسائر الحرب العالمية الأولى بسمسمرة روتشايلدز لفرنسا ما دمر اقتصاد المانيا، ودفعها الى التسلح وصولا الى الحرب العالمية الثانية وهكذا. فالرأسمالية المالية لا تعيش سوى بالحروب والدمار وموت الملايين.
وعلى انه من المفيد تذكر انه ان بقي كل ما يفعله الصينيون هو ان يخلقوا مسارا ويتبعوه الى النهاية، فان امريكا الاوليجاركية المالية لم يكن امامها سوى ان تخطط لتلك الحرب. فحيث لم يكن وليس هناك ما يدعو الصينيين لان يفعلوا شيئا غير ما كانوا بسبيله، فان امريكا لم يكن امامها سوى ان تجد نفسها تنحدر يوما بعد يوم الى الهاوية. (شاهدي فيلم الحرب القادمةThe Coming War انتاج واخراج بيلجر John Pilger) وتواجه امريكا قدرا مماثلا جراء م يسمى مراحل انحدار امريكا الخمس.
خمس مراحل لانحدار امريكا
مراحل تحلل الدولة الامريكية جراء دولة الكابالا العميقة المتمركزة: حلت بالدولة العميقة مع بداية الالفية الثالثة تلك التي اطلق عليها المحافظون الجدد تخاتلا القرن الامريكي the American Century. فقد خقلت الرأسمالية المالية مشاكل خارجية وداخلية، وقد باتت الاخيرة قمينة بان تجعل ثمة تحولات قادمة لا محالة. وقياسا فالمحافظين الجدد في ازمة. وبحصول ترامب على تأييد الجمهوريين فان ترامب كان حريا بان يفعل امورا مميزة لولا أن امريكا دخلت حالة مستعصية جراء كل من الديون غير القابلة للوفاء بها؛ زيادة على العجز في الموازنة. فالمسارات التي اوقعت امريكا نفسها فيها منذ سبعينيات القرن العشرين حرية بان تدفع امريكا مع العجز التاريخي Historic deficit الى اي محاولة للانتقال من هذا الوضع، صعبة ان لم تكن مستحيلة الا بحرب نووية تحت اللنيوليبراليين أو-و الى النظر الى الداخل تحت ترامب.
ذلك انه يبقى وضع امريكا رهينا بالصين التي تعمل بمناويل قصيرة وعنيدة لا تغيرها الصين ابدا كما قلنا. لذلك فقد تتحول امريكا حتى تحت ترامب الى النظر الى الداخل، وقياسا فقد لا تحاول اللجوء الى التدخل في الشئون الداخلية للدول او العدوان، وانما الى التأقلم. وداخليا فقد دمر فوز ترامب المؤسسة الجمهورية وبالتماس الديمقراطية الليبرالية الجديدة معا. ذلك ان انتخابه كان تدميرا للجمهوريين والديمقراطيين معا. وبالنظر الى الانتخابات وهو امر غاية في الاهمية فان تركز الولايات التي صوتت لهيلاري مثل شيكاغو/ نيويورك/ سان فرانسيسكو/ وفيلاديلفيا بوصفها مدنا كبيرة كانت قد استثمرت في الوضع الراهن؛ فيما بقيت الولايات التي صوتت لترامب بالمقابل ولايات صغيرة كانت المؤسسة قد استلبتها ولم تعنى هيلاري بها كثيرا، بل ارسلت زوجها بيل كلينتون للتعامل مع الاخيرة مما نالت معه هيلاري كيلتنون جزاءها والحزب الديمقراطي جزاءه مما سبب لها وللحزب الديمقراطي صعقة لن تفيق هيلاري منها ولا الحزب منها لوقت.
ذلك ان لم يعد في المؤسسة السياسية ونظيراتها شيء يدفع الناخبين للثقة بها، فقد اخذ الناس في التخلي عن المؤسسة. ولقد عبر ذلك التخلي عن نفسه في مشروع بديل يأخذ ترامب بزمامه ليخلق بديلا لا ندرك تماما كنه ذلك البديل بعد، الا بقدر ما نعرف شيئا عن ادارة ترامب، ومع ذلك فإننا نحاول التفكر والتأمل واستقراء التاريخ والجغرافيا وكل ما هو قابل للاستقراء، وراء الطموح الى ما قد يثير التفاؤل فيما هو آت بقدارت الشعوب في كل مكان. كل ذلك في وقت واحد. فهذا هو عصر الشعوب مما يدفع الصهيونية العالمية للهلع ولإبادة الشعوب بكل وسيلة وسبيل ممكن.
ادارة ترامب 45 الرأسمالية السلعية وتناقضاتها:
اختار ترامب لادارته 3 جنرالات سابقين ورجال ونساء اعمال لا غبار عليهم والا كانت الاوليجاركيات المالية نشرت غسيلهم الوسخ قبل ان نسمع نحن بهم. والمهم فورا هو ان ادارة ترامب اكثر الادارات الامريكية ثراء على الاطلاق مما يثير حفيظة الاوليجاريكات المالية اشد اثارة. ذلك ان أمثال هؤلاء الرجال والنساء غير قابلين للغواية. ذلك ان ثروات اعضاء الادارة 45 تتراوح مابين 2 مليار الى اكثر من 10 مليار، ويقول البعض ان دونالد ترامب يبقى اقل ثراء نسبيا من بعضهم. وقياسا فرغم ثروة ترامب التي تقدر بالمليارات، الا ان ترامب لن يكون بحال اثرى من بعض وزراء ادارته. فدونالد ترامب يجلب معه الى الادارة 45 ثروة كبيرة تقدرها مجلة فوربز Forbes بحوالي 37 مليارات دولار. وقد قدّر موقع "بوليتيكو" الإخباري ثروة مجلس الوزراء الجديد تبلغ مجتمعة، 35 مليار دولار زيادة على اكثر من 500 شركة.
فبيتسي دي فوس المرشحة لمنصب وزيرة التعليم ومتزوجة من ابن ريتشارد دي فوس مؤسس امبراطورية امواي التجارية وتقدر ثروة زوجها وثروة الاسرة بحوالي 5,1 مليار دولار. أما ويلبور روس الذي سيشغل منصب وزير التجارة فتقدر ثروته بحوالي 2,5 مليار دولار، يعرف روس بانه كان يرأس الجناح الذي تعين على أفلاس مؤسسة روثتشايلدز قبل ان يؤسس روس هو نفسه شركة استثمارات. ويمتلك تود ركتس نائب روس فريق شيكاغو "كابس" للبيسبول وهو ابن رجل الاعمال جو ريكتس الذي تقدر ثروته بنحو 1,75 مليار دولار. هذا ويعتبر ستيفن منشن اغنى رجال ترامب وقد عين لمنصب وزير المالية. وكان الاخير قد قضى 17 عاما في بنك جولدمان ساكس الرجل الذي نهب اليونان وليبيا. وهناك من اصحاب الملايين وحسب وتقدر ثروة ستيفين منشن بأكثر من 40 مليون دولار. وقد عين ترامب إلين تشاو وزيرة للنقل، وهي زوجة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، وابنة أحد عمالقة قطاع الشحن. ومنهم المرشح لوزارة الإسكان، بن كارسون، وتوم برايس، ويرأس الاخير الخدمات الصحية والإنسانية. هذا فيما عدى ثروة قطب النفط هارولد هام وزيرا للطاقة .
ومن المفيد تذكر ان بعض اعضاء الادارة 45 تعاطى مع اسواق المال او-و عمل مع/ بل شارك في مرحلة من حياته/ كبار الاوليجاركيين الماليين وربما راكم بدوره في تلك المرحلة من حياته ببيع المال كسلعه. ولا استبعد ان كل ذلك قد يكون مدبرا تدبيرا ومقصودا قصدا مما قد يجعل تلك الشخصيات او علي الاقل 3 شخصيات منها قمينة بسبر غور الاوليجاركيت المالية الامريكية والعالمية المعروفة والمتساررة وقد تعرفت على خفايا تجارتهم؛ بمعنى كيفية مراكمة ثروات الاوليجاريكيات المالية جراء دراية اعضاء ادارة ترامب الواسعة تلك باساليب المراكمة المالية والمصرفية واحابيلها.
وتتخوف او تشيع المؤسسة او الطبقة السياسية الخوف من الاخيرين في حين ان ترامب يدرك ان هؤلاء لثرواتهم وحسب، ناهيك عن خبراتهم، سوف يتفهمون تماما تقلبات حال المصارف كونهم يعرفون تماما دقائق افعال امثال جولدمان ساكس مما يمكنهم من التغلب قطعا على جولدمان ساكس وامثاله بوصفهم قد تعرفوا على اسرار امثال جولدمان ساكس وبي جي مورجان وغيره من المصرفيين المتخاتلين على الشعوب واقدار الشعوب. فقد دمر جولدمان ساكس وبي جي مورجان وامثالهما الاقتصاد الحقيقي Real Economy الامريكي الذي يخلق العمالة ويعيد التوزيع الخ لحساب المراكمة السلعية قياسا على اللا اقتصاد اي الاقتصاد الزائف False economy والمراكمة المالية. ورغم ان رجال ترامب من تلاميذ جولمان ساكس الا انهم يدعون انهم بسبيل ان يتعينوا على جعل امريكا غنية بالاقتصاد السلعي ليس ببيع المال كسلعة. ولا غرابة فالدولة توظف قراصنة الشبكة -الهاكرز Hackers للتغلب على القرصنة السيبرية -الهاكينجHacking . .
على انه قد لا ينبغى لنا ان نبالغ في التفاؤل كون البعض يزعم - واعترف إنني لم اجد وقتا للبحث في الامر بعد – ان بعض ثروات اعضاء الادارة 45 جاء بمراكمة فائض العمل الرخيص في علاقات انتاج تشارف القنانة. ومع ذلك وبرغمه فقد تجعل تجارب والتزامات وفوق كل شيء مرجع ثروات هؤلاء الرجال والنساء بلا حاجة الى الاوليجاركيات المالية لتمولهم لحساب الاوليجايكات المالية او المؤسسة العسكرية الخ. واجادل ان هذا امر ينبغي التنبه عليه مما يجعل رجال ونساء ادارة دونالد ترامب معصومين من العمالة للاوليجاريكيات المالية وغيرها مثل راس المال المالي والنفطي ومال الغاز، والأهم يعفيهم من الخضوع للوبيات السياسية الصهيونية.
وحيث لا يكاد كثير منا يعرف كنه رجال ادارة ترامب معرفة يقينية الا من خلال ما يشيعه الاعلام الكوربوراتي Corporate Media اي التابع للاوليجاركيات وللطبقة السياسية، او حتى الدولة العميقة، فإلي ذلك، فإننا لا نعرف يقينا ما اذا كان اعضاء ادارة ترامب بدورهم من اولاد عمومتنا اي من اعراب الشتات. الا اننا ندرك بعمق ان ترامب وبعض اعضاء ادارته يعادون أخلاق العولمة والليبراليين الجدد اي المشروع الاخلاقي او اللا اخلاقي الصهيوني. (شاهدى الفيديو المرفق بعنوان شكرا ايها اليهودي Thank you Jew.( فهل يمكن في الوقت الحاضر وفورا استبعاد ان يكونوا صهاينة عالميين؟ ذلك انهم لم يعرفوا بوصفهم رأسماليين ماليين، بل بانهم يعتبروا تصنيفا وتحليلا رأسماليين سلعيين اي صناعيين. بل ان اعضاء إدارة ترامب يكنون ما هو ليس قليلا من البغضاء للرأسماليين الماليين رغم ان جزءا من ثروات بعضهم كانت قد جاءت باكرا، اي في مراحل سابقة من حياة بعض اعضاء تلك الادارة من سوق المال كما ذكرنا في مكان اخر.
فان بقيت ثروات أولئك الرجال من الرأسمالية السلعية الا انها بقيت مع ذلك كما يصفها خصوم ادارة ترامب تتمأسس فوق علاقات العمل شبه القنى في امريكا الجنوبية واسيا كالهند والفليبين وماليزيا. ومهما يكن ذلك الامر وما اذا كان مسبة لهم جراء ضغينة الرأسمالية المالية على الرأسمالية الصناعية التى وصفتها الاولي -في الجزء الاول- بانها مسخ Oxymoron وتنويع على الاقطاع النغل بل كالإقطاع النغل Bustard Feudalism الا ان ترامب وادارته يبقون بهذا الوصف خصوم الرأسمالية المالية وبالتالي للنيوليراليين فللمحافظين الجدد فللصهيونية العالمية، وصولا الى الصهيونية القبلية بالتماس. ان ما يهمنا فورا هو انهم ليسوا من الرأسماليين الماليين.
رجل محب للجدل:
يعيب خصوم ترامب عليه انه محب للجدل Controversy وانه يستحب اثارة الجدل. ومن المهم تذكر انه عندما تجأر الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية بتصريح او-و تطلق مقولة فإنها غالبا ما تقصد ما لا يناسبها هي، وليس الحقيقة ابدا. ومن ذلك ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية الاوليجاركيات تقول ان حب ترامب للجدل يدل عليه توليفة الرجال الذين اختارهم لعضوية إدارته. فوزير خارجيته لا يستحب الصين، ووزيرة الاعمال التجارية تتهم الصين بالخديعة والنهب، الا ان ترامب يدرك ان امريكا تهتم بالسياسة الزراعية، فالمنتجات الزراعية محورية لأمريكا، والصين تستورد الكثير من الاخيرة. وفي التحليل النهائي فان توجه ترامب يبدو انه يتعين منذ البدء على التوافق والتفاهم وليس على الصراع وشغل العالم بالقضايا الخلافية .controversial Issues
وقياسا فقد يختلق ترامب سوق مال مواز Fiat Finance Market بمعنى سوق مال يتعامل بنقد غير قابل للاستبدال او التحويل الى نقد رسمي مما يسقط معه في ايدي المضاربين في بيع المال كسلعه، واحتكار قوة الدولار بعد ان احتكر الفيدرالي المركزي الذهب دون سواه، ونهب ذهب من عداه باكرا وبالحروب في افغانستان والعراق وليبيا وغيرها. وهم الذين تعينوا على الازمات المالية الدورية او-والفقاعات Bubbles اللا اقتصادية المنوالية، فيما يسمى الازدهار والكساد Boom and Bust. كما قد يعمل ترامب على خلق شرط هبوط سعر الذهب وهو يعلم ان روسيا تشتري مزيدا من الذهب فيما تتفاقم ديون امريكا لترتفع الى ما فوق 20 ترليار دولار معظمها للصين. والى ذلك فمثلا وزير خارجية ترامب رجل اعمال تتصل خبرته وثروته بالنفط ،وله علاقة طيبة مع روسيا وبخاصة مع فلاديمير بوتين، ويتخوف الاوليجاريكيون والديمقراطيون وكذا المؤسسة او الطبقة السياسية منه، الا ان مكانه الصحيح هو في وزراة الخارجية بسبب انه خارج المؤسسة الاوليجاركية. فهو ليس منهم.
وقياسا فسوف يضير تلك الاوليجاركيات اتجاه ترامب نحو التعاون مع روسيا وسوف يعملون كل ما في وسعهم لأن يعرقلوا ذلك المشروع؛ ولعلهم يحاولون بعد التآمر بغاية احلال كلينتون مكانه، ولكن ذلك سيكون من المستحيلات كما ان احلال نائب ترامب مايكل بينس مكان ترامب أسوأ. والى ذلك فان الرفض الروسي الشعبي الواسع للمحاصيل المعدلة جينيا يضر بمصالح الاوليجاركيات، لذلك فان تحريمها بصورة كاملة وقاطعة ليس في صالحهم.
ثورة ترامب الامريكية الشعبية:
ازعم ان حاصل جمع ما تعين عليه ترامب –سواء قصده او لم يقصده- يعنى ان ترامب اشعل ثورة شعبية يعتد بها مثلها مثل ثورة الشعب البريطاني حين خرج الاخير من الوحدة الاوربية. وقياسا فترامب يكون بذلك بسبيل خلق شرط نشوء نظام عالم جديد A New World Order وذلك جراء ما يعتقد كثيرون- وقد هدأت صدمة نتيجة الانتخابات- يقولون ان ترامب- اذا ما قيض له الثبات على كثير من تعهداته والتخلي عما يعنى العنصرية والتفرقة - وكل ما كان حريا بالا يزيد على فقاعات انتخابية Electoral Bubbles مثله مثل معظم المرشحين من قبله- ان ترامب خلق ثورة عالمية من شانها ان تقلب كثير من موازين عالم قديم عفى عليه الزمن وعلى ديمقراطية النيوليبراليين المتخاتلة ديمقراطيا بمحض اصوات ناخبين يرفضون ذلك العالم القديم الذي لم يعد للأغلبية العظمي من سكانه مكان فيه، بينما احتكرت اقلية لا تزيد على 1% من سكان العالم السيطرة على والتحكم في شان 99% من سكان العالم وثرواته وموارده. وتتعين تلك الاقلية على الذراية بالشعوب وبرأي الاخيرين وتتفيهه والعصف بتلك الأغلبيات في كل مكان وفي درجات المقياس.
ويقول جيم مار Jim Marrانهم في تيكساس يوفرون لحكومة الولاية ولوشينجتون ضرائبا بميليارات الدولارت سنويا في حين يحصلون على اقل من 10% من تلك المبالغ في شكل خدمات لا يعتد بها. ويهدد امثال جيم مار بان تكساس تملك حتى أن تنفصل او قل تنقسم الى خمس ولايات، مما يقيض لها خمس مملثين فى الكونجرس يسمحون لها بالسيطرة مع غيرها من الولايات التي تفكر في نفس الشيء على الكونجرس (شاهدي الفيديو المرفق ادناه). فقد اشعل ترامب موجه قومية مثلما ومنذ ما عبرت موجة شعبية مماثلة عن نفسها بخروج بريطانيا من الوحدة الأوربية اي ما يسمى Brexit وترامب لا يخفى اعجابه بالأخيرة حيث كان نايجيل فراج Nigel Farrag زعيم حزب بريطانيا المستقلة Independent United Kingdom (UKIP) السابق احد اهم زعماء حركة الخروج من المجموعة أول من دعى ترامب الى زيارته في امريكا، كما اقترح ترامب على تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا تعين نايجيل فاراج سفيرا لبريطانيا لدى الولايات المتحدة.
ولعل الثورة البريطانية والثورة الامريكية Trumpxitباتتا بهذا الوصف تنذران بتنويعات عليهما تباعا في فرنسا وفنلندا واسبانيا وايطاليا وجمهورية التشيك وغيرها من جمهوريات أوروبا الشرقية بدورها باجتياح عالم الاوليجاركيات المالية. ولعله من المفيد تذكر ان قلب الولايات المتحدة الصناعي العمالي وامريكا الطبقة الوسيطة والمتوسطة صوتوا جميعا لرجل اعمال يخلق عمالة، قياسا على الميليارديرات الليبراليين الجدد الذين يدمرون العمالة. They do not create labour opportunities but destroy jobs كما صوت لترامب الافانجليون مثلا وكل من وجد اغلبهم في ترامب نقيض اوباما، من حيث حق الاجهاض والمثليين وزواج المثليين اي زوجين من جنس واحد. ويقول الافانجليون الذين يناهضون الاجهاض متماهين مع الحياة بوصفهم محبين لحياة الاجنة Pro-Life وللطفل يقولون ان الليبراليين الجدد يقولون بنفس الشيء تكاذبا الا أن النسووقراط والسحاقيات اللواتي تعلو اصواتهن على غيرهن فهن اللواتي تنادين بإجهاض الطفل حتى ولو كان ذلك قبل ولادته بلحظات .
ويقول ناخبو ترامب ان هاتيك النساء الفيمينيات –النسووقرط- ونظائرهن المثليين الذين ينادون بتبنى طفل بوصف ذلك من حقوق الانسان الا انهن وانهم لا يجعلون للطفل حقا في ان يوجد بين أب وأم اي في اسرة سوية. هذا وان تلك الجماعات لا يهمها ما يحيق بالطفل الاسود أو الهسبانى بعد ان يولد ولا ما يحيق بالأسرة عندما تفرق الهجرة بين اعضائها. ويقول الافانجليون والمسلمون الذين صوتوا لترامب ان ترامب حري بان يعدل من بعد تصريحاته الانتخابية مثله مثل غيره. فترامب رجل فيما يبدو يستجيب لصوت الشعب، فلا يتجاهله مثلما تفعل النخب النغلة من كل نوع امريكى ومعولم ومعدل جينيا ومن الجنتايل Gentile ومن الطبقات المتوسطة والوسيطة الملحقة كغيرها بالنيوليبراليين وغيرهم من المتواطئين مع الصهيونية العالمية والقبلية خصما على الشعوب في كل مكان.
كيف تخترق النخب النغلة والطبقات النيوليبرالية الشعوب؟
من المفيد التعرف على بعض تلك الكائنات التى راحت تحاول ضرب الخيارات الشعبية كعادتها منذ نشأتها. ذلك ان الاوليجاركيات المالية كانت قد بدأت بخلق الطبقات الوسيطة والمتوسطة تخاتلا فجعلت منها تنويعات حسب الطلب. ذلك انه فيما عصف بتلك الطبقات- الفئات في الواقع او الشرائح - فقد احلت مكان تلك الفئات الشرائح ما يسمى طبقات في حقيقتها مشبوهة مما يطلق عليه احيانا صفة "الطبقات الثرثارة" Chattering Classes أو الطبقات الوظيفيةFunctional الى ان اطلقت على تلك الفئات اسمها الحقيقي وهو الطبقات الاجرائية Operational classes كما اكون قد ذكرتها مرارا. وتلك الطبقات او الفئات ليست سوى نماذج تعبر عن نفسها في كل مكان وعلى مر عقود طويلة فيما يشبه الجوكر Joker. وتوظف الدولة والدولة العميقة خاصة تلك الطبقات الشرائح الجوكر في عمليات القيام بالأعمال القذرة. من ذلك ادعاء تمثيل الكتل الجماهيرية الى قيادة الطبقة العاملة على غرار ما فعل حزب العمال البريطاني فيما اتصل بالحروب الاستعمارية من جنوب شرقي اسيا الى عشية حرب العراق، الى تحريض الحركات الشعبية المخترقة، وصولا الى خيانة الاخيرة مقابل مؤتمرات فنادق الخمس والسبع نجوم وبطاقات السفر وجوائز الدولة، تيسيرا للقضاء على فكر وتنظيم الحركات الشعبية.
وقد تعينت الاوليجاركيات المالية على تكوين آلية من تلك الطبقات -الكائنات بالأحرى تعبر عن نفسها في معارضات نغلة، تتصدر الثورات المضادة فتسوق الرأسمالية المالية الصهيونية القبلية بها ورائها تلك المعارضات المضادة حول عواصم الدول الغربية، للتفاوض نيابة عن الاوليجاركيات المالية، بشان تغيير نظام الدول غير المرغوب فيها. أي الدولة العاصية غير الطيعة بغاية تطويع الاخيرة في الزمن الضائع لمحادثات سلام بشان مصير مجتمعات تقرر سلفا تقسيمها او-والاطاحة بها لحساب الصهيونية القبلية خاصة.
تجفيف مستنقع الثراء والثورات المضادة:
من المفيد تذكر ان الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب اعتمد خطابا شعبويا اثناء حملته الانتخابية، متعهدا للناخبين بأنه سيجفف المستنقع يعنى بؤر الثراء الفاسد الذي يصدر عن تطويع العاملين والشعب، ولم يعد يناصر الطبقة الوسطى التي هجرتها النخبة السياسية اي الطبقة النيوليبرالية. ذلك ان أولئك الذين يكيلون التهم لأغلبية الشعب الامريكي وكافة التراكمات العددية التي لا وجوه لها من شعوب العالم بالتماس هم الاقلية التي لا تكترث بالأغلبية ولا بمشاكل او قضايا من عدى تلك الاقلية الليبرالية الجديدة الصهيونية العالمية والقبلية خصما على الاغلبية. فتلك الاقلية لا تستمع الى اغلبية التراكمات العددية التي لا وجوه لها، ولا تفهمها ان استمعت ولا تكترث لها.
ومن المفيد تذكر ان اغلبية الطبقة العاملة الامريكية والطبقة الوسطى الدنيا الامريكية وجدت نفسها وقد استلبت endemically alienated وبالإفقار المزمن chronic impoverishment فباتت معزولة في نوع من الكانتونات او الكهوف كيانات enclaves والجهويات مضطهدة متهمة بمعادات العولمة، وقد راح الليبراليون الجدد يتهمون تلك الجماعات بالعنصرية وبكراهية المرأة او بالجنسانويةMisogyny أو Sexism ومعاداة المثليين كما اتهموها بكراهية الهسبان وبالاسلاموفوبيا والجهل وضيق الافق والتخلف، وبما لا يمكن التكهن بعمق ما في كيانها من الغباء Unchartered stupidity وبعدم مواكبة العولمة بل ونكران مزايا العولمة ورفض الحياة الجديدة في ظل الاخيرة. ولعل بعضكم قد يذكر ان معظم ان لم يكن كافة تلك النعوت قد الحقت بمن صوت للخروج من المجموعة الاوربية من البريطانيين.
وتقول شيماء خليل وهي امريكية بيضاء اي اصيلة ومسلمة اعتنقت الاسلام وتحمل شهادة الماجيستير "انه قد يكون الذين انتخبوا ترامب رجال ونساء بيض الا اننا نحن لسنا عنصريين، ولسنا غير متعلمين ولا جهلة، ولا حتى من الآتين من الجنوب من الذين ولدوا مسيحين من جديد Born Again Christian او من ذوي الاعناق الحمراء Red Necks. ولا من الوطنيين المتعصبين white supremacist . وحتى من جاء من الاخيرين فان دونالد ترامب حري بان يهديء من وقعهم. وقد حدث. فقد صرح ترامب الاربعاء 23 نوفمبر 2016 بما يكافئ مثل ذلك القول تماما. تردف شيماء "ولكننا ان كان بعضنا من اي من تلك الجماعات الا اننا جميعا نجمع علي اجندة واحدة، هي خلق العمالة واعادة تصنيع امريكا مجددا، ونحن ضد الاتفاقيات التجارية من اتفاقية البرتون وودزBriton Woods لاحظ(ي) البريتون وودز يعنى الصندوق والبنك الدوليين ونافتا Nafta The North Atlantic- trade agreement Free بين امريكا وكندا والمكسيك. ولك ان تتذكر(ي) ان امريكا، والاحرى اصحاب العمل الامريكان والكنديين ربحوا من وراء تلك الاتفاقية، فيما افقرت الاتفاقية المكسيك لحساب كل من امريكا وكندا. ولعل ذلك وغيره ما يعنيه ترامب من تجفيف مستنقع الثراء للاثرياء خصما على المفقرين.
فذلك هو طبع تلك الاتفاقيات بالنسبة للدول الضعيفة وذلك بإفقار الفلاحين المكسيك الذين لم ينفكوا ان نزحوا الى امريكا مهاجرين غير قانونين بمعرفة البوليس الامريكي فيما يبقون الى ذلك ورغم ذلك عمالا موسميين مطاردين من قبل الشرطة الامريكية في الوقت الذي ارتفع فيه سعر القمح المكسيكي 7 مرات. ويعد ترامب بانه سيخرج من تلك الاتفاقية ومن اتفاقية التجارة الحرة TWO التى تنتظم 64 دولة وكذا من اتفاقية الشراكة الاطلسية The Transatlantic Partnership Treaty (TPP) وتنتظم الاتفاقية الاخيرة 40% من دول العالم .
وكان اوباما قد ثابر على انشاء اتفاقية الشراكة الاطلسية ومئات القواعد العسكرية، كالعقد المنظوم حول عنق الصين، بغاية تطويق الصين مثلما حاصر روسيا الاتحادية. ولعل خروج ترامب من اتفاقية الشراكة الاطلسية قد يبعث الفرحة في قلوب الصينين الذين يتهمهم ترامب بـ"سرقة" العمالة من العمال الامريكان. والى ذلك فقد وعد ترامب بألا يشعل حروبا في بلاد بعيدة او قريبة، كما لا يتدخل في شئون الدول الاخرى. ولعل الصين تفرح بوفاء ترامب بأحد الوعدين على الاقل، ان لم يكن بكلاهما. ذلك ان ترامب تنازل نسبيا عن الوعيد والتهديد للصين.
واجادل انه من المفيد ملاحظة ان الصين وتبدو كأنها حرية بان تثابر على استيراد ارقى التكنولوجيا من وسائل الانتاج، فان ترامب يستدعي في نفس الوقت اعادة انتاج وسائل انتاج صناعات خمسينيات وستينيات القرن العشرين. ومما ينبغي التنبيه عليه ايضا هو ان السلطة المطلقة في الصين الى الطاعات الكونفيوسية الخمس للحاكم او ما يطلق عليه العرب الاستبداد الشرقي Authoritanism يبقى مع ذلك المتاريس التي تعصم الصين. وقياسا فرغم ما بدى من عداوة ترامب للصين الا انه يفعل ما من شانه اراحة الصين تجاريا وعسكريا من حيث تعويضها نسبيا بازاحة القواعد العسكرية التي تحيط بها من حيث عدد تلك القواعد الامريكية المنتشرة في كل مكان؛ فيما كان جورج ووكر بوش الذي لم يقصر في انشاء القواعد في العراق وما حواليها منذ اجتياح العراق وما عداها – كان يجأر بوش "ان هذه البلد مسالم لا يتحرش باحد.
وللمرء ان يتساءل لماذا كان ترامب باكرا متسامحا مع كوبا، ثم لم ينفك ان قال ان الكوموندانت EL Commandante فيديل كاسترو الذي نعته الملايين من شعوب العالم بوصفه الكوموندانت ابو الكوبيين وصديق شعوب امريكا الجنوبية وافريقيا وايقونة واب اهم ثورة شعبية في القرن العشرين، لم ينفك ترامب ان قال ان فيديل ديكتاتور قاسى Cruel Dictator لا يكترث بما يحيق بشعبه؟ ويتساءل البعض قياسا لماذا كان اوباما حريصا على ألا يصف كاسترو بالدكتاتور. ويقولون هل كان اوباما (او هيلاري اي الحزب الديمقراطي) يتعين على انشاء جسور نيابه عن الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية- جسورا بين الشعبين الامريكي والكوبي؟
ويبدو ذلك واضحا من خطاب اوباما الاخير بالمسرح القومي بهافانا الذى كان غوي فيه الشباب الكوبي في اول زيارة لثلاثة ايام في شهر مارس 2016 لأول رئيس امريكي لكوبا منذ 1962. فقد كان أوباما يتحدث الى الشباب وهو حريص على التركيز على التغيير وكأنه يبادر بفيروس تغيير النظام Regime change بغواية الشباب الكوبي بمحاسن الرأسمالية المالية، كالديمقراطية الليبرالية الجديدة، التي لا تعنى سوى الاقتراع كل 3 سنوات، حتى اذا لم يأت الاقتراع بما يشتهيه النيوليبراليون اشعلوا حروبا بالوكالة على غرار ما فعلوا في كل مكان في منطقتنا، وعلى غرار ما حاق بشعوب يوغسلافيا السابقة، وبشعوب الجمهوريات السوفيتية السابقة، وبالشعب العراقي والسوري والليبى واليمنى وحتى الامريكي واليوناني والبريطاني وما يحيق تباعا بالإسباني والايطالي وكافة شعوب الجمهوريات الاشتراكية السابقة.
ويقول مايك جونزاليس الذي يعيش في كوبا إن ترامب الذى قال مرة ما هو متسامح ومرة اخرى فهو الذي قال انه سوف يلغي 50 اتفاقية بشأن مساعدة الكوبيين منها تحويلات الكوبيين المقيمين في كوبا الصغيرة في ولاية فلوريدا بين امريكا وكوبا بسهولة. واعلم ان ترامب وصف فيديل كاسترو الزعيم التاريخي العالمي رمز الثورة الاشتراكية الصامدة لاكثر من خمسين عاما على مشارف اقوى وأغنى دولة رأسمالية في العالم وربما في التاريخ، وصف ترامب كاسترو صبيحة وفاته في هافانا بانه ديكتاتور قام باعمال عنف ضد شعبه، وكانه كان يردد ما يقوله المهاجرون الكوبيون الامريكان في فلوريدا. ولكنى اكاد اجزم ان ترامب حريا بان يتراجع نسبيا في وقت لاحق. فليس كمثل الثراء الذى تطمح اليه الاوليجاركيات العالمية ثراء مستنقع كوبا خصما على الكوبيين. ولعل حاصل جمع معارضة ترامب للاوليجاركيات العولمية في كل مكان من الشرق الاوسط الى روسيا وكوبا وغيرها حري بان يخلق شرط التفكير في التخلص من ترامب.
هل يفضي صراع الادارة 45 والطبقة النيوليبرالية الى اغتيال ترامب؟
لا بد من البحث في مدى مواجهة ادارة ترامب فيما بين اليمين البديل Alternative Right واليمين النيوليبرالي الى مواجهات عنيفة؟ لعل مقارنة ترامب بكينيدي لا تكون مبالغة. فقد كان جون كينيدى على وشك اعلان مشروع سلام تكون فيه امريكا والاتحاد السوفيتى على وفاق في علاقة يسودها الوئام وعدم الخلاف الذي يهدد دائما باندلاع حرب ساخنة. وكانت وراء تلك العلاقة امرأة تدعي ماري بينشوت ماير Mary Pinchot Mayer كان جون كيندي على علاقة بها منذ 1958 الا انها هي الأخرى اغتيلت في 1964 بعد اغتياله هو بعام واحد. ويقول مؤلف كتاب حول هذه القصة ان ماري بينشوت كان لها اثر كبير على مشروع كينيدي من اجل ارساء السلام في العالم؛ ولعل ذلك لم يناسب الاوليجاركيات المالية فاغتالوه في واحدة من تلك الجرائم التي درجوا عليها بغاية الاستمرار في سياسة الحرب من اجل مراكمة المال زيادة على تحقيق الاجندة القيامية التي يتخصصون فيها.
وقياسا يجتمع حلف الناتو في قمة طارئة باستانبول السبت 19 نوفمبر 2016 لمناقشة مغبة فوز ترامب وتداعيات ذلك على العالم الحر وعلى تركيا - التي ما تنفك تسعى الى عضوية المجموعة الاوربية، واعادة انتاج الامبراطورية العثمانية الجديدة في وقت واحد، فيما تتغول تركيا على جيرانها فتقضم اراضي العراق وسوريا. وتهدد تركيا في المقابل بفتح ابواب هجرة 2 مليون سوري وربما عراقي الى اوروبا وبالعدوان على سوريا وعلى العلاقة مع روسيا. كما تناقش تركيا سرا وعلنا على الوجود الماثل للأسطول الروسي، بخاصة مع حلول قطعة الاسطول الروسي الادميرال كيرنيتسوف The Warship Flotilla Admiral Kurnetsov في المياه المتوسطية في قاعدة طرطوس السورية.
ومن الملاحظ ان سياسة ترامب المعلنة حتى الان مما يقلق حكومات وشعوب اوروبا الغربية فيما لا يكاد ذلك يثير اي انزعاج يذكر او ينسى في روسيا، ولا بين شعوب اوروبا الشرقية، الا ما خلا حكومة اوكرانيا العميلة وبعض جماعات من شعبها من المرتزقة، وربما نظائر للأخيرين في القرم. ولعل ترامب صدق حين قال ان امريكا تتكبد اكثر مما يجب لحماية غيرها، في الوقت الذي عليها الاهتمام بمشاكلها الداخلية، وان على الوحدة الاوربية ان تحمي نفسها. ولكن اوروبا وغيرها مهتمة بما يحيق بالسلاح النووي، وما اذا كان ترامب صاحب مزاج قابل للالتهاب ازاء التوتر والضغط .
هل تغتال النيوليبرالية المفلسة شخصية الغريم او حتى تغتاله؟
يعبر اعلام الدولة العميقة عن الدولة العميقة فيما يعبر عن نفسه في اغتيال شخصية الخصوم، وصولا الى تصفية الخصم فيزيقيا. والى ذلك يتهم باراك اوباما ترامب بكل الاتهامات، فيوصف جد ترامب بانه كان صاحب مواخير، وان ابو ترامب كان يتاجر في الرقيق، وكأن اجداد اي من الاوليجاكيات المعروفة والخفية او اجداد النخب المالية والسياسية الامريكية والعسكرية وحتى المحافظين الجدد وانغالهم الليبراليين الجدد اطهار ابرار لم يطاردوا ويقتلوا السكان الاصليين، ولم ينكصوا حتى اليوم على المواثيق التي عقدوها مع من بقي من السكان الاصليين، مثلما يفعلون تباعا مع القبائل الاهلية في ستاندينج روك Standing Rock بشان أراضي شمال داكوتا وكولورادو North Dakota and Colorado Standing Rock حيث تحاول السلطات اليوم تمرير انابيب النفط الصخريPipeline Canon Ball ويقول رئيس القبيلة سيزوكس أفول لوكينج هورس Sioux Avol Looking Horse Chief “ان تراجع الحكومة عن الوعد بعدم المس بأراضينا يبدو حسب التاريخ غير المكتوب وتجاربنا معهم غير مضمون ابدا" هذا وما نبرح نحن اعضاء التضامن العالمي نثابر على العرائض التي تطالب بحق الاهالي الاصليين في اراضيهم، ازاء المستثمرين والاوليجاريكيات المالية. والمهم فهل اجداد وآباء الاوليجاركيين والمغامرين المبشرين الخ افضل من اجداد ترامب واباء ترامب؟ الى ذلك فقد اتهم دونالد ترامب بالعمل في صناعة اللهو والكازينوهات وملاعب الجولف الخ، وكان اي منهم لا يعمل في صناعة ما هو ادنى بكثير من ذلك؟ وكأن بيع المال كسلعة صناعة شريفة او صناعة الحرب التى تودي بملايين الناس في كل مكان أنقي أو اطهر ذيلا؟
على انه بقي الاعلام والكتاب المرتزقة يعددون مزايا هيلاري كلينتون الى ان بات الناخبون محض اغبياء يتلقون ما يلقيه عليهم الاعلام. بل ايقن الناخبون ان الاعلام يتحدث عن استمرار عهد اوباما مثلا. وقياسا فان أولئك الناخبين سوف يصوتون لمزيد مما هم عليه، اي لما قدمه لهم اوباما لـ8 سنوات اخرى لما مروا به مجددا. ورغم ما حصلت عليه كلنتون بكل تلك المخاتلة والخديعة الا انها لم تفز بالجائزة. ويتضح ذلك في كيف ان الرأسمالية المالية تواجه ثورة الشعب الأمريكي غب فوز دونالد ترامب بكل من الاعلام وهوليوود والبيت الابيض إبان حملته الانتخابية وتقف تلك الجماعات ومعها الطبقة المالية والطبقة العسكرية والطبقة السياسية والنخب بأنواعها ومعها اوباما وهيلاري وبيرني صوندز Bernie Sanders يقفون صامتين فلا يقولون شيئا في مواجهة المظاهرات المعادية لدونالد ترامب طوال الايام التالية لفوز الاخير.
فحتى بيرنى صاندرز يقف بدوره فلا يقول شيئا رغم أنه كان في مرحلة من مراحل الحملة الانتخابية، كان قد جأر بان النخب النغلة الخ قد جنت. ذلك ان بيرني صاندرز كان قد تورط في التحالف مع هيلاري بعد ان لم يرشحه الحزب الديمقراطي وما كان للأخير ان يرشح صاندرز والاخير عضو مجلس الشيوخ، وكان عمدة فيرمونت الاشتراكي المعروف لمدة 8 سنوات. واعرف بيرني صاندرز شخصيا ونتراسل جراء حملات التضامن معه طوال ايام نضاله من اجل ان ينال الترشيح عن الحزب الديمقراطي بلا جدوى. ولكن ما ان اضطر الى ربط كفاحه مع كلينتون فقد توقفت عن التبرع له، وعن التضامن معه، وكتبت له بذلك. واقر بأننا لا نفهم تماما ما يحيق بالسياسي الأمريكي ان هو وقف في تضاد مع حزبه خاصة مع عدم وجود حزب ثالث. الامر الذي يشارف المأساة التي يعانى منها الشعب الأمريكي بصورة ممضة ومربكة جدا معا. فرأس المال الذي يتحكم في الحزبين يرفض نشوء، ويكاد يحرم، ويعمل كل ما في وسعه حتى لا يتأسس حزب ثالث، بصورة تنافس الحزبين الكبيرين حزبي رأس المال، او حزبي الملك كما اكون قد ذكرت في دراسات اخرى. ويحتاج هذا الامر في وقت افضل من هذا الذي يواجهنا يحتاج الى مزيد من الدراسة المنفردة في سياق ما يحيق بالحركة الشعبية الامريكية.
ولكنى لمصلحة الجدل اجادل ان الاوليجاركيين الماليين -الرأسمالية المالية وهي تواجه لأول مرة وبغتة ما لم تكن تتوقعه فإنها حرية بان تكتشف انها امام ما ينوى ترامب وادارته التعين عليه وان ذلك كله حريا بان كل يضر بمصالح الاوليجاركيين ضررا غير مسبوق بعد ان كانوا قد انشأوا مؤسسات، وقيضوا نظريات وبراديجمات، واقاموا مفكرين وكتاب وفلاسفة، وصنعوا جماعات، والفوا منظومات حربية واسلحة وقواعد عسكرية، اي انشأوا عالما موازيا تماما لعالم معظم واغلبية الناس العاديين، اطلقوا عليها النظام العالمي الجديد، او- العولمة والرأسمالية المالية والنيوليرالية وكل اسم مصطنع للحقيقة الافتراضة تلك، إلا اسم الواقع الحقيقي الموضوعي أي اسم الصهيونية العالمية بمعنى تلك الحقيقة التكتيكية، بغاية التيسير لرصيفتها الصهيونية القبلية واقعا استراتيجيا.
وقياسا فان الاقلية النيوليبرالية التى كانت لوقت طويل تعيش في عالم معقم مواز- لعالم التراكمات المفقرة-تعيش تلك الاقليات في سماوات لا يطالها واقع الأغلبيات المفقرة بالضرورة ولا الحقيقة الموضوعية ان تلك الاقلية انانية بالنتيجة. بل ان تلك الاقليات تتسارر حول حقيقتها حتى بات نقد النيوليبرالية كمثل التجديف بحق الحكام في الزمان الغابر، مثلما قال فولتير من انك بإمكانك ان تعرف من يحكمك عندما تدرك من هم القوم الذين يحرم عليك نقدهم. وعليه فان كلمة الليبرالية الجديدة غالبا ما لا تذكر، وانما تزوق الديمقراطية الليبرالية الجديدة في محض الديمقراطية الليبرالية ذلك انهم يعلمون انهم عندما يقولون الديمقراطية الليبرالية يعنون شيئا اخر. ذلك انه فيما كانت الديمقراطية البرلمانية التي اسلمت نفسها او استسلمت للديمقراطية الجديدة كانت الديمقراطية البرلمانية ديمقراطية الحوار مع والاصغاء للرأي الاخر فان الديمقراطية الليبرالية الجديدة لا تقبل الحوار ولا تصغي للرأي الآخر.
ان الليبرالية الجديدة او النيوليبرالية تحرم الرأي الاخر ولا تصغي اليه ابدا، بل تنتابها الهواجس ازاء الاخير ولا تتورع عن مصادرته او-و اشاعة الظن حوله والخشية منه وتتهمه بكل صفاتها هي من المثابرة على الاكاذيب وانصاف الحقائق ومن تشويه الحقيقة ومن المجاز وتدوير الكلام الكناية وspin فقد احتكرت الديمقراطية النيوليبرالية الحقيقة والاحرى باتت تعبيرا عما يزوق فيما يسمى ما بعد الحقيقة Post Reality وقد امتلكت متاهات الفكر الاصولي.
وقياسا فان كل من الاعلام المأجور والنخب النغلة والمتثاقفين الذين يدينون بالولاء المطلق لتلك الاقلية الليبرالية الجديدة، تردد ما تطلقه الليبرالية الجديدة الصهيونية العالمية والقبلية صباح مساء بشان تلك الأغلبيات من التراكمات العددية التي لا وجوه لها. فالأقلية النيوليبرالية تتواطأ بوصفها الية لمراكمة راس المال المالي على الحركات الشعبية كافة لحساب الصهيونية العالمية. ولا تألوا الطبقة المالية والطبقة السياسية والطبقة العسكرية والطبقة الليبرالية الجديدة والصيهونية العالمية والقبلية في تنويع على المحافظين الجدد على شيء سوى ان لا تألو جهدا في تجاوز كل ما يهم المفقرين. فقد جعل المحافظون الجدد المفقرين مسئولين عن فقرهم.
وقياسا لم تألوا الطبقة الاعلامية بدورها جهدا في تضليل الجماهير بالاستطلاعات الفقاعية طوال 18 شهر من الحملة الانتخابية وفي التتفيه والتضليل والتقليل من شان والتشكيك في ومعاداة والنيل من دونالد ترامب. ذلك فقد بلغ عدد المقالات والتقارير التي خصت الصحافة ترامب بها 300 مقال وتقرير معظمه ان لم كله سالب بحق ترامب، مقارنة مع 180 الف مقال ايجابي من اجل هيلاري كلينتون، وتعنى بما لم تكن يوما عليه ابدا. هذا فقد أنتج الاعلام الماجور بمال وسلطة الاوليجاركيات الاسراتية سردية باكرة نيابة عن هيلاري كلينتون تتنبأ بفوز الاخيرة بل وتؤكد ذلك الفوز حتى صدق الاعلام وصد ق الناس وصدقنا نحن كالعادة في غياب اي بديل نظري فكرى مرة أو-و بمصادرة الاوليجاركيات لمن عداهم على القدرة على خلق شرط فكر او تنظيم بديل. المهم فقد وجد معظم الناخبين انهم لن يحتملوا 4 او 8 سنوات اخرى من حكومة حزب الديمقراطيين التي لم تقدم لهم سابقتها اي من الوعود التي قطعها باراك اوباما، والأهم ان هيلاري كلينتون تمثل واحدة من النخب السياسية، تلك النخب السياسية التي لا تهتم الا بمستقبلها هي، وتثري هي فيما يفتقر أغلبيات الناس.
وهي التي تصدر فرص الشغل اي العمالة الى الخارج خصما على فرص العمال المحلية، وتقضي على الصناعات المحلية لحساب الصناعات الاجنبية، وهي التي لا تكترث لأغلبيات الناس ولا تستمع لهم، بل يتضح لتلك الأغلبيات اليوم اكثر من اي وقت مضى كيف ان تلك النخب تتجاهل تلك التراكمات العددية التي لا وجوه لها بل اكثر ان تلك النخب تذري وتعصف بتلك التراكمات العددية، فيتفاقم افقارها الاخيرين يوما بعد يوم. وتقول النخب النغلة لماذا لا تصلح الجماهير، اي تلك الجماعات التي تقعي في اسفل المجتمع، امر نفسها وامر المجتمع؟
إلا ان احدا لا يذكر ان الجماعات التي في أعلى المراكز الاجتماعية هي التي تحتاج الى اصلاح، بحيث باتت اجور العاملين اي من بقي مأجورا او له أجر او يطمع لان يحصل على أجر باتت تلك الاجور مجمدة، فلم تزد عن تلك الأجور التي كانت تتقاضاها الطبقة العاملة في السبعينات. والى ذلك فقد بلغت ديون الفرد الأمريكي بحيث تفوق دخله مثلما فاقت الديون الولائية مداخيلها. وقياسا فقد باتت المدن الصناعية اشباح مدن مما المح اليه في مكان اخر. وفي المجتمعات الاوربية الغربية المتقدمة انحسر الانتاج السلعي كما ذكرنا في حلقة سابقة لحساب الانتاج الخدمي والمعلوماتي والمالي، مما لم يعد معه الانتاج السلعي لا يزيد على 20% من الناتج المحلي الاجمالي Gross Domestic Product (GDP) والناتج القومي الاجمالي Gross National Product.(GNP) وقياسا فقد عصف بقوة النقابات وبعضلة التنظيمات العمالية الى ادنى درجاتها منذ نهاية القرن التاسع عشر.
ما الذي حدث لمدينة أهم طبقة متوسطة في امريكا ومدينة الحلم الامريكي على يدي رأس المال المالي؟
انهارت قياسا مدن امريكا مثلا واحدة تلك الاخرى بمغبة تعقب السلطات للعمال المنظمين مثلما حدث لمراقبى المرور الجوي Air traffic controllers على يدي ايان ماكروجر Ian Mac Kroger بداية ثمانينيات القرن العشرين، مثلهم مثل نظائرهم عمال المناجم البريطانيين منتصف ثمانينات القرن العشرين. والى ذلك فعل تفشي العطالة فعله في تدنى بعض اكبر المدن الصناعية، فيما باتت تلك المدن وغيرها فريسة الديون من الدين العام سواء كانت ديون البلديات او ديون الولايات الفيدرالية. ولك ان تذكر(ي) مدينة ديترويت عاصمة الديمقراطية وقد كتبت فيها مرارا انموذجا. فقد كانت ديترويت مدينة صناعة السيارات منذ بداية القرن العشرين في العالم بلا منازع، وكانت مدينة الطبقة العاملة، وكانت تسمى مدينة الديمقراطية وكانت ديترويت عامرة ب 1.8 مليون نسمة الا انها وبورتوريكو وغيرهما من مدن الولايات المتحدة الصناعية تحورت كما ذكرنا في حلقة سابقه الى مدن اشباح.
فديترويت مثلا باتت تضم اقل من 700 الف وقد تهدمت البيوت وذهبت مباني البلدية التي كانت زاهرة ولم يبق للناس خيار سوى الصراع من اجل البقاء People left without any options but to try to survive. ذلك ان ديترويت باتت القلب النازف بالصدأ، كما ذكر في مكان اخر بمغبة الديون الخارجية، وهجرة الطبقة المتوسطة في وجه صراع طبقي يديره الميليارديرات لصالح المراكمة المالية، بلا هوادة.
وقياسا لم يقيض لراس المالي السلعي المحلي انشاء صناعات محلية ناهيك عن ان تنشئ الحركات والاحزاب الاشتراكية صناعات محلية مثلما حاول الحزب الشيوعي اللبناني والفلسطيني ان يفعل في سبعينيات الى ثمانينيات القرن العشرين مما لم تلبث الحرب الاهلية ان دمرته تقصدا بالطبع. فالأحزاب الرأسمالية المالية لا تملك ولا ترغب في خلق العمالة الصناعية بل الاحرى ان الرأسمالية المالية تدمر العمالة الصناعية. ويفسِّر حاصل جمع تداعيات تلك الممارسات اللا اقتصادية اللا اجتماعية كيف تتخاتل الرأسمالية المالية بإدِّعاء أنها تطور أي نشوء على الإقطاع، وهي التي لا تملك أن تعيش بدون علاقات العمل والإنتاج القني بل العبودي؟!! وقياسا يقول البعض ان اننا بصدد لحظة تاريخية فائقة للعادة Extraordinary حيث ينشأ مناخ الحديث عن محاولة بناء ما يسمى الديمقراطية الصناعية Industrial democracy ومعناها الذي لا ينطق به كثيرون بعد هو الديمقراطية المتمأسسة فوق او تلك التي تصدر عن سلعية المال او رأس المال المالي.
فقد ترتب على الرأسمالية المالية ما فاقم الفجوة بين الأغنياء والمفقرين مثلما فاقمت العولمة الشقة بين الاغنياء والمفقرين مما عبر عن نفسه في عجز في الموازنة الديمقراطيةDemocratic deficit ولعل المقصود يتضح فيما يلي مما حاق ببعض المدن التي عصفت بها الرأسمالية المالية ونظيرتها العولمة، وتنويعتهما الليبرالية الجديدة وغيرهما من التزويقات Euphemisms التي ابتليت بها الطبقات العاملة والوسيطة والمتوسطة في كل مكان.
كانت مدينة ديترويت منذ 50 عاما مدينة أقوى طبقة متوسطة في امريكا ومدينة الحلم الامريكي ومدينة الطبقة العاملة الصناعية وكانت ديترويت تصدر عن اعلي معدل دخل في امريكا كانت ديرويت القلب النابض لأمريكا الصناعية وقد تماسست فوق اسطورة الديمقراطية. واليوم ليس بها كهرباء ولا ماء للشرب ولا شرطة ولا سلع ولا خدمات عامة، وكل ما هناك من ضوء يأتي من حريق في وسط المدينة التي ترك اهلها ليتوفروا على العناية بأنفسهم وبقضاء وقتهم حسبما اتفق.
ومن المفيد تذكر انه لان ديترويت تعبر عن نموذج كان عظيما بحد ذاته الا انها لم تعد المدينة الامريكية الوحيدة التي تعاني ذلك المصير. فقد اعلنت معظم المدن الامريكية انها تلاقي نفس المصير تباعا بلا محالة، فيما فقدت بورتريكو الحرب ضد الديون Puerto Rico has lost its war with debt. ويتساءل كاتب مقاله حول تلك المدن عن "ما يحدث عندما تهبط علينا ديون المدينة والولاية الفيدرالية هكذا مرة واحدة؟ ويقول اذا كان التاريخ هو الدليل الوحيد امامنا فانهم سوف يأتون خلفنا لدفع الفاتورة. فقد انفقوا (يعني المصارف وحكام الولاية والحكومة الفيدرالية الخ) سنين يتدربون على ذلك- فهم يعرفون اين نحتفظ بنقودنا ومدخراتنا ويملكون القدرة على تجميد اموالنا لحسابهم، الا اذا كنت تعرف كيف تحمي نفسك واموالك ومعاشك If history is any guide, they’re going to come after you to pay the bills. They’ve spent years training for it. They know where we keep our money and have the ability to freeze it at any moment unless you take action to protect yourself.... يقول المدافعون عن المفقرين الامريكان وما اكثرهم وقد كون أولئك المدافعون منظمات وجماعات مدنية ترعى حقوق المفقرين المستهدفين من قبل ارباب العمل، نيابة عن الرأسمالية المالية ويقول الأخيرون “لذلك فقد تعينا على العمل معك على حمايتك من تلك الجماعات".
مغبة زعامة المثليين والسحاقيات للمجتمع والحركة الشعبية:
ولم تنفك نفس الصحافة التجارية Commercialist media التقليدية المعادية للجماهير كعادتها ان راحت تنظم المظاهرات فيما راحت بعض جماعات التواصل الاجتماعي تشكك في كل ما قال ترامب، وتكرس كل سالب مما صرح به وعلى راس هؤلاء المثليين والسحاقيات، فهم وهن من اعلى الاصوات كالعادة في الدفاع عن حقهم وحقهم على اجسادهم. فان كان ذلك هو كل ما يناضلون من اجله-و اسالوني فقد عملت معهم ومعهن، واعرف انهم وانهن لا لا تهمهم ولا يهمهن سوى قضية ما تحت الحزام- فان المثليين والسحاقيات خلقن مع النسووقراط شرط نشوء سوق علاقات العمل العبودي بعمل من عداهم وعداهن.
والى ذلك فمن المفيد تذكر انهم هم وهن باتوا وبتن سادة القضية الواحدةThe single issue struggle خصما على كل قضية اخرى حتى اذا كانت قضية الخبز للجوعى او السلام للمحترقين في الحروب بخاصة، وقد وفرت الحروب العمالة الرخيصة بالمهاجرين من كل مكان. وتذكروا ان انجيلا ميركيل منحت في زمان التقشف الاوربي الفظيع مليون سورى وافغانستاني وعراقي وغيرهم الإيواء دفعة واحدة. ولكم ان تتذكروا ان المانيا ما بعد الحرب اعاد تعميرها الاتراك واليونان الذين حتى وان منحوا الجنسية الا انهم ما يبرحون مواطنين من الدرجة الثالثة. فما الذي سيفعله ترامب بالقرن الامريكى The American Century الذى كان قد بدأ مع جون كينيدي ولم يعلن عنه سوى في بداية القرن الواحد والعشرين؟ ان التطور التكنولوجي غير مفهوم الا للعدو المشترك والحليف المشترك والاهم انه ليس مقبولا لدى القوى العاملة في العالم اجمع، فثمة من يقول ان العمال باتوا يستمثلون اللودايتس Luddites الذي راحوا في نهاية القرن التاسع عشر يحطمون الآلات لأنها اخذت منه فرص العمل.
ان فوز ترامب تحد للنظام العالمي الحالي الذى كان لمدة سبعة عقود وقد كان افراده يعرفون كيف يقودون العالم ويعرفون الالتزام نحو الحلفاء الا ان ترامب لا يدرك معنى الالتزام تجاه الحلفاء؛ لكن غرب الرأسمالية المالية لا يدرك ان ترامب ليس من أولئك الافراد المتحالفين مع الجولة العميقة، وليس من تلك الجماعة الغامضة التي لا يعرفها خالد نعمة (رئيس تحرير مجلة اسيا وافريقيا باريس على قناة روسيا اليوم) بالذين يدركون كيف يدفعون شعوب العوالم المفقرة والغنية معا في القياس المدرج كانوا قد دفعوا تلك الشعوب ثمن حروبهم التوسعية على مدى خمسة قرون على الاقل منذ سقوط غرناطة وتباعا.
وبالعودة الى المثليين والمثليات والنسووقاط فمن المهم اذن تذكر ان المثليين والمثليات يحتكرون زعامة الحركات السيبرية او-و يرهبونها واسألوا كل من يتابع ما يبثه التواصل الاجتماعي منذ ظهور نتيجة الانتخابات الامريكية بشان التعريض بترامب مدى النهار والليل وأبلسة رئاسته والتدبير للتشكيك فيه بل في محاولة اتهام رئاسته ان امكن والدفع برفع قضية تقول بانه لم يمثل الشعب بمحض ان هيلاري حازت على اعلى نسبة من الشعبية. وقد تكشف فيما بعد ان ذلك غير صحيح. ولا تقل عداوة الاعلام المسموع عنهم، فتقول مشتركة في برنامج ديفيد ديمبلبي الساعة الواحدة حتى الثانية والنصف يوم السبت 12 نوفمبر2016 على البي بي سي راديو 4 ان ترامب لم يفز باكثر من 16% لان مجرد 25% من الامريكان تسجلوا للاقتراع ومع ذلك يقول اخرون ان 60 مليون أمريكي صوتوا لترامب.
وقد كان ذلك وحده كاف عند الذين يدركون معنى ذلك حقيقة فعلى ايلاء ترامب الثقة حتى يثبت العكس وليس الحكم عليه بعد بضعة ايام على انتخابه. ومع ذلك فان ظاهرة ترامب بوصف انه بات يملك الفوز بأصوات غير متوقعة من قبل الكابال وعائلة روثتشايلد االصهيونية المتمأسسة فوق تاريخ طويل للدولة العميقة، ونخب المحافظين الجدد النيوليبراليين، والنخب العسكرية والنخب الاعلامية. الا ان فوز دونالد ترامب ينذر بتهديد وجودي An existentialist threat بامتياز للأخيرين جميعا. فذلك الفوز ليس حدثا محليا وانما اجادل انه قد يؤلف حدثا عالميا بامتياز ايضا. ففوز دونالد ترامب يفضح لأول مرة على الملأ حقيقة ان اغنى دولة في العالم تضم اشد الناس افقارا فى العالم. فقد قدرت نسبة ما يحصل عليه رجل الاعمال أو مدير المصرف أو البنك في امريكا الى نسبة ما يحصل عليه العامل الامريكي بما بين 475 الى 1 .
وتعبر مغبة ذلك عن نفسها في انه حيث راكمت الرأسمالية المالية او رأسمالية الكواسر مليارات الدولارات في ثروات هائلة وغير مسبوقة بما يسمى مؤامرة ال 30 مليار دولار فان اي من تلك الثروات لم تصل الى أغلبيات الناس في اي مكان بل العكس حرمت منها الشعوب في كل مكان. ولعل التفسير المنطقي -ان كان ثمة تفسير منطقي- هو ان الكابالا العولمية That global Cabal أي اصحاب المال المالي اي من يراكمون رأسمالية الكواسر ليسوا من مواطني او أولئك المستقرين مؤقتا في مجتمع من المجتمعات المعروفة لكافة الناس لان رساميلهم ترحل معهم اينما ساروا فيما اعرفه بظاهرة المال الهارب Flight Capital . فهم اقوام بلا وطن وبلا ولاء لوطن ولا يدينون لأي وطن او اي مجتمع باي ولاء ولأي شعب باي مسئولية تذكر او تنسى سوى الاثرياء منهم للدولة العبرية وللشعب العبري وذلك بقدر:
-اما ضمان الا تثور الشعوب عليهم فتبور تجارتهم اذ يقيدو الشعوب بالرقابة وبالقوانين المقيدة للحريات وبالعصف بمكتسبات الشعوب ونفي شرط وجود التنظيمات النقابية والتشريعات العمالية والمهنية وبالتشريد والعطالة الخ. او-و فرض كل ما من شانه حرمان الشعوب من القدرة على التقكير والتنظيم. فقد ادى تأميم العمل الى انقضاء شرط التنظيم المطلبي والنقابات. فلم يبق في امريكا سوى نقابة المدرسين حسب اقرار مشتركة نقابية على الفيديو المرفق لجيم مار Jim Marr
-أو لجم الشعوب عن طريق حكامهم الذين كانوا قد بيعوا، او باعو انفسهم، لتلك الكبالا مقابل ضمان سلطة أولئك الحكام خصما على شعوبهم. فحيث غدى هم كافة الحكام هو الدفاع عن سلطتهم ازاء الشعوب فقد بات الحكام بمثابة خصوم الشعوب بامتياز
- العصف بالشعوب بالافقار والاوبئة والكوارث التى هي من صنع الانسان.
ويعنى ذلك ان تغدو الشعوب في افضل الشروط عمالا اجراء. فقد تعينت الكبالا العولمية تلك منذ 1985 على تأميم بمعنى عولمة العمالة، اي اسواق العمل العالمية، والاحرى سوق العمل العالمي في كل مكان، في المقياس المدرج Nationalising the labour force everywhere ذلك ان تعين اصحاب العمل على تحديد اجر العمل الحي بصورة شبه مطلقة بحيث ان العامل الامريكي وغير الأمريكي يستعنى عنه في كل مكان ان لم يقبل الاجر الذي يفرضه صاحب العمل. وقياسا فان فرصة العمل تذهب الى اي مكان في العالم حيث من يقبل ذلك الاجر، بل اقل منه بكثير وهو راض بل ممنون. وبذلك تهاجر العمالة او-و ترحل من كل مكان الى كل مكان وراء العمل الرخيص اللامسيس اللا مدرب. فقد قيضت وسائل الانتاج عالية التقنية على نحو غير مسبوق تزويق مثل تلك العمالة اللا مدربة Untrained وبالتالي اللامنظمة un organised وغير المسيسة un politicised والطيعة flexible والرخيصة cheap labour.
عبودية العمالة وخدمة النسووقراط للنيوليبرالية:
لعله من المفيد تذكر ان تلك العمالة كانت حرية بان تناسب عمل المرأة الطيّع اللامنظم اللامدرب اللامسيس، كما يناسب ذلك العمل العمالة في الهوامش، حيث التنظيمات المطلبية والنقابية ضعيفة او غير متوفرة. وقياسا لم يعد الأجر ذلك الأجر الذى يفرضه العرض والطلب في سوق عام تحكمه التشريعات العمالية بموجب الحركات المطلبية، وتدافع عنه الحركات والتنظيمات المطلبية والنقابات في سوق عمل محلي معروف. وانما تفرض الأجور في سوق العمل الذى كانت العولمة كما ذكرنا قد أممته باكرا منذ منتصف ثمانيات القرن العشرين على الاقل. واجادل ان تأميم سوق العمل يمثل بعدا من ابعاد الرأسمالية المالية التي لا تنتج عمالة بالمفهوم الذى كنا نعرفه على عهد الرأسمالية الصناعية السلعية.
لان الرأسمالية المالية من طبعها تدمير العمالة بوصف ان الرأسمالية المالية هي تنويع على العولمة اي التى تتمأسس فوق ما يسمى رأسمالية الكواسر Predator Capitalism واعرفها بالرأسمالية المالية بتطبيقاتها الماثلة بهذا الوصف على سوق العمل المؤمم Internationalised labour marketالمهاجر من كل مكان الى كل مكان. لذلك تدافع المجموعة الاوربية التي تعبر عن نفسها بوصفها دولة العبودية الكبرى The Super slavery state تجعل من هجرة العمل شرطا لعضوية المجموعة الاوربية مثلا، والتدافع عن هجرة العمل، وتشترط في بريطانيا مثلا قبول العمالة المهاجرة مقابل عضوية السوق وإلا! فان تؤلف بريطانيا بعد خروجها من المجموعة الاوربية أنموذجا للدول الاوربية فان في ذلك خراب بيت الرأسمالية المالية التي تتراكم بالعمل الرخيص، ان خلقت يوما عمالة على الإطلاق.
ولعله من المفيد تذكر ان النسوية الغربية المغالية او ما اسميه النسووقراط هن اللواتي تعينن على خلق شرط ذلك السوق منذ ستينات القرن العشرين (1967) تحديدا بمعرفة وكالة الغوث الامريكية USAIDوالجامعات الامريكية اليمينية التي لم تنفك الجامعات الاوربية ومراكز البحث الرأسمالية المالية وما يسمى المراكز الاكاديمية لدراسات التنمية Centres for Development studies ان سرعان ما لحقت بها. فقد انشأت الاخيرة بدورها في كل مكان في المجتمعات الغنية والمفقرة مراكز ابحاث الجندرة عبورا بثمانينات القرن العشرين، مما اجادل انه ختم على مصير الطبقات العاملة وقوى العمل في كل مكان، في المقياس المدرج في كل مكان.
واجادل ان حاصل جمع ممارسات العولمة بهذا الوصف كانت وما تبرح حرية بان تصدر بدورها عن حكومات فاسدة او افسدت عن بكرة ابيها في كل مكان لحساب كابال عولمي خصما على من عداه من سكان العالم قاطبة في المقياس المدرج في افضل الاحوال. والأحرى ان ذلك التطور او النكوص في حال الطبقات العاملة والعاملين في كل مكان، كان حريا بالا يتدرج بصورة تذكر او تنسى، فينحدر هابطا ليصل حد الموت جوعا جراء تواطؤ الحكومات مع اصحاب العمل على قوى العمل حتى باتت الشعوب خصوم الحكومات. وازعم ان مغبة كوارث انسانية او بيئية من صنع الانسان والحروب العالمية الممحللة او جراء الارهاب العالمي مما هو مشهود تباعا في كل مكان من العوالم الثالثة والرابعة والعصر حجرية. كل ذلك كان حريا بان يوجه نحو الشعوب، فتكتوي الاخيرة بها بلا انتقاء، حتى في المجتمعات الغنية مثل امريكا.
الحائط بين امريكا والمكسيك قائم منذ سنين:
وهناك حيطان في عموم القارة بين الدول الاوربية: هذا وفيما جأر ترامب بانه سيبني حائطا بين امريكا والمكسيك، الا انه يتراجع تباعا هنا ايضا، ويقول ان "ربما يبنى حاجزا قصيرا". والواقع الذي يجهله الكثيرون هو ان الحائط بين امريكا والمكسيك قائم جزئيا بالفعل منذ سنين وان كل محاولة لتكملة بناء حائط فيزيقي او افتراضي كانت وما تبرح تبوء بالفشل على مر سنين عديدة. ذلك ان تكلفة الحائط تتجاوز المليارات على حساب دافع الضريبة الامريكي. هذا ولعله من المفيد تذكر ان ثمة بضعة حيطان داخل اوروبا نفسها بين بلد اواخر، ولا ينتبه احد ولا يذكر ذلك احد. المهم تقول شيماء ان "بناء حائط هو احتجاج في عين العولمة ورفضا للعولمة." ولعله من المفيد تذكر ان هناك فرق بين العولمة وبين الرأسمالية (المالية)، ولو ان الفرق مع ذلك قد يكون خيطا رفيعا لا يكاد يبين الا اذا امعنا النظر. الاحرى على ان تكون لدينا ادوات نظرية واضحة وغير مراوغة كعادة النظر الغربي وبخاصة الرأسمالي المالي الصهيوني العالمي والقبلي.
ويقول خصوم ترامب انه سوف يدفع بأمريكا الى الخروج من العولمة التي تجمع أمريكا وعلاقات السوق والعلاقات التجارية والفرص التي ينتجها السوق المعولم؛ ولا يذكرون في حديثهم عما يشارف اصولية السوق Market Fundamentalism واقتصاد السوق الاصولي المفتوح Open fundamentalist market بلا قيود لأصحاب المال وتقييد حركة العمل الحي، حيث يتمتع اصحاب المال والشركات بسلطة حتى على الدولة، فيقاضون الدولة ان سنت تشريعات عمالية في غير صالحهم هم، فيما لم يبق للعمال حقوقا تذكر او تنسى كما ذكرنا في مكان اخر. ويقولون اكثر ان خروج ترامب من السوق المقنن من شانه ان يخلق شرط الحمائية التجارية، وحرب التعريفات الجمركية. الا ان شيماء تقول "ان من صوت لترامب ليس مع اي حرب تجارية trade wars ولا مع الحمائية التجارية Trade Protectionism.
ولعله يكفي عداء الجمهوريين لترامب ومناصبة المؤسسة المالية وكذا المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الليبرالية الجديدة والصهيونية العالمية وربيتهما وخادمتها المؤسسة الاعلامية الرأسمالية المالية التجارية جميعا له العداء. يكفي ترامب عداء وخصومة الاخيرات جميعا مما يتأكد معه موقع ترامب من القضايا المفصلية التي هي الى جانب ومن صالح الشعب الامريكي وما عداه من الشعوب ربما وضد كل من عدى الشعوب. هذا اذا لم يتنازل فيساوم ويذعن كما فعل غيره او-و يغتالونه.
الناتو وداعش:
كانت امريكا من الثراء بحيث تتحمل نفقات الحروب من فيتنام الى الربع الاخير من القرن العشرين تحت راية تدعو الى فجر جديد للحرية في العالم الحر، بل حتى لهوامشه تكاذبا. ويقول ترامب انه لن يتدخل مهما كانت مزاحمة غيره لأمريكا. ويقول ان امريكا لن تهب لنجدة غيرها ما لم يدفع الاخير تكلفة الدفاع عن نفسه بدءا بكوريا الجنوبية مثلا، والا فعلى تلك البلدان ان تدافع عن نفسها فالفرد الامريكي يدفع 4% من دخله تجاه الميزانية العسكرية، فيما يدقع الايطالي مثلا 3%. وعليه فالغرب والرأسمالية المالية الصهيونية العالمية تراكم جزئيا من صناعة السلاح ويزعجها موقف ترامب من الناتو، بنفس القدر الذي تزعجها سياسته نحو داعش التي يهدد ترامب بتدميرها الى شذرات؛ ولعله يعنى جبهة النصرة بالتماس. فداعش تبقى هي التي تساوي المجموعة الاوربية والليبراليين الجدد، بينها وبين روسيا من حيث خطرهما على امريكا واوروبا التي يقول ترامب انه يتعين عليها ان تنفطم من الاتكال على امريكا وتحمي نفسها بنفسها.
ومع ذلك يبدو ان باراك اوباما يستبق ترامب عشية فوز الاخير بيوم واحد بالتصريح بانه هو اوباما سيهزم جبهة النصرة. هذا فان ذكر دونالد ترامب اعضاء حلف الاطلنطي بان امريكا لن تتحمل نفقات الحلف الا انه كما يبدو من عادته بشان التراجع عن الفقاعات الانتخابية Electoral Bubbles مثل فقاعة القول بان أول ما سيفعل ترامب هو مراجعة برنامج اوباما كير Obama Care اي مشروع الرعاية الصحية الذى تعين عليه اوباما، وكما قال انه سيقدم هيلاري كلينتون للمحاكمة جراء جرائم حرب في او تواطأت عليها فى يوغوسلافيا وافغانستان وليبيا وسوريا زيادة على المتاجرة وزوجها بمكانتها لجمع اموال طائلة باسم الجمعية الخيرة التى يديرانها the Clinton foundation الى دورها في التواطؤ مع السعودية وقطر بشان تجنيد وتمويل الارهاب. الا أنه عاد وتنازل عن ذلك يوم الاثنين الماضي علنا.
المهم فورا ان ترامب تراجع عن الوعد بان يمنح اسرائيل القدس عاصمة لها. مثلما تراجع جزئيا عن التخلي عن حلف الناتو الا اذا تشاركت الدول الاعضاء معه في تكلفته. فمن المفيد تذكر أن امريكا تتكفل بما يقدر ب 74 الى 75% من نفقات حلف الاطلنطي زيادة على القوات التي تقوم بمهام دفاعية (وعدوانية غالبا) على الارض، وتسمى مجازا بأحذية المارينز او الجنود على الارض Boots on the ground. ومن المفترض ان كل او بعض الدول اعضاء الحلف تدفع 2% من ميزايتها العمومية اسهاما في نفقات الحلف، الا ان بعضها لا يدفع ويطالب ترامب كوريا الجنوبية واليابان بتحمل نفقات الدفاع عن انفسهم. ويقر جينز ستوتينبيرج Jens Stoltenberg السكرتير العام لحلف الناتو الخميس 24 نوفمبر 2016 بـ"ان ترامب على حق في مطالبة اعضاء الناتو بالمساهمة في نفقات "حلف يدافع عنهم" مما يحتم على معظمهم "رفع ميزانية الدفاع عن انفسهم". ويضيف "ان هذه فرصة امام اوروبا ان تنشئ لها جيشا" يدافع عنها. ومن المفيد تذكر ان اوروبا-المجموعة الاوربية كانت تطمح في انشاء جيش أوربي يخصها منذ زمن طويل.
ويقول جينز ستوتينبيرج، سكرتير عام حلف الاطلنطي، "ان على الغرب ان يعمل على انشاء جبهة عسكرية متحدة امام روسيا والصين. هذا وقد اجتمع وزراء خارجية اوروبا الغربية الاربعاء 16 نوفمبر 2016 بغاية مناقشة مواجهة تداعيات فوز ترامب. وستجتمع قمة حلف الناتو لنفس الغرض تباعا. وتعتمد بريطانيا على حلف الناتو لحمايتها؛ ولا تملك مثلها مثل بقية اوروبا التخلي عن مفهوم الناتو بوصفها ملتزمة Being committed to وفيما لا يرغب الصقور في كابيتول هيل Capitol Hill في المضي قدما في الحرب على العالم، الا انهم يرون احتمال ان تخلق علاقة ترامب مع بوتين عقبة في سبيل السلام الذي يرونه ويتعينون عليه، بوصفه سلامهم هم، خصما على من عداهم من كل من لا يتفق معهم او يتفق معهم على مضض، او لا يرضونه على حد سواء.
وترى النخب العسكرية مثل ذلك السلام الذي ليس هو بشروطهم خسارة عليها هي. الأمر الذي يعبر عن نفسه في تعريف مهام حلف الناتو، وتوزيع ادوار الحلفاء استراتيجيا وتكتيكيا، كما في كل مرة وفي كل وقت ومكان. فقد بعث 50 عسكريا سابقا وسياسيا متقاعدا بمذكرة في شهر يونيو 2014 الى اوباما بشأن مستقبل محادثات وترتيبات السلام الملغم في سوريا، مما قد يعتبر الخطة ب Plan B التي لم يعلن عنها بعد اتفاق وقف اطلاق النار. وكانت تلك المذكرة او الخطة ب تنتظر حلول هيلاري المزمع حسب توقعات الكابال الاوليجاركي المالي في البيت الابيض بوصف انها ليست وحسب استمرار لإدارة اوباما كما تلاحظون من كلمته في الجزء الاول، وانما والاهم بوصف ان هيلاري كلينتون كانت قد تدربت على وباتت من اهم واخطر صقور كل من المحافظين الجدد وانغالهم اليبرالييين الجدد، وبالتالي من اهم ربابي وحفظة اسرار واعضاء الكابال المالي المتسارر ابدا. ذلك ان تلك الخطة لم تكن ممكنة ولم يبق لإدارة اوباما سوى اشهر لا تسع للخطة ب التي كانت تقضى بحرب ساحقة ماحقة مما قد يكون على منوال حروب الارموجادين النووية ان لزم. ذلك ان هيلاري كان قد اعدت طويلا لدورها الماثل كما انها كانت من الطموح وقسوة عدم الاكتراث The cruelty of indifference المعروفة لدى النخب النغلة، بما يحيق بالشعوب العربية والمسلمة وشعوب العوالم الثالثة والرابعة مقارنة مع الشعب العبري.
هل باتت امريكا دولة عالم ثالثية؟
المهم فورا هو اننا في هذه المرحلة من مراحل تطور الاقتصاد العالمي ليس لنا بعد ان نطمح في اكثر من الرأسمالية الصناعية عونا على الرأسمالية المالية. فالرسمالية الصناعية اكثر "تطورا" من الرأسمالية المالية التي تعبر عن نفسها في اكثر مراحل "نكوص" الرأسمالية بأعلى وسائل الانتاج تطورا، واشدها غلواء وعربدة بالاقتصاد. ومن المفيد تذكر كيف راح الماليون يجأرون-وقد اذروا بدور العمل في خلق الثورة- بانهم هم الذين يخلقون الثروة، فيما تعينوا على نكران حق العمل على رأس المال في التوزيع واعادة التوزيع الخ. وقياسا فقد بات الماليون يصدرون عن العصف بالاقتصاد الحقيقي حيث يدمر الرأسماليون الماليون فرص العمل قياسا على الرأسماليين الصناعيين الذين يخلقون العمل مهما كان متدنيا. فان كان ترامب بسبيل استدعاء علاقات الانتاج الرأسمالية الصناعية التي كانت امريكا وغيرها قد تعينت عليها في خمسينات وستينات القرن العشرين، فلعل ترامب أدرك ان امريكا راحت تغدو ولعلها قد غدت بالفعل دولة عالم ثالثية.
خمس مراحل لانحدار امريكا:
إن مراحل تحلل الدولة الامريكية، جراء الدولة العميقة المتمركزة، باتت جلية منذ وبسبب ورغم القرن الأمريكي. وقياس فلعل تدهور الدولة الامريكية قد عبر عن نفسه في خمس مراحل. ذلك ان مشاكل خارجية وداخلية حلت علي الدولة العميقة مما يجعل ان ثمة تحولات تحققت ماثلة واخرى قادمة. وقياسا فالمحافظون الجدد في أزمة. ذلك أن امريكا دخلت حالة مستعصية جراء كل من الديون غير القابلة للوفاء بها، زيادة على العجز في الموازنة. فالمسارات التي اوقعت امريكا نفسها فيها منذ سبعينيات القرن العشرين حرية بان تدفع امريكا مع العجز التاريخي Historic deficit الى اي محاولة للانتقال من هذا الوضع الذى يبقى رهينا بالصين. وبالمقابل فان الصين تعمل بمناويل قصيرة وعنيدة لا تغيرها الصين ابدا. وقياسا فقد تتحول امريكا تحت ترامب الى النظر الى الداخل، فلا تحاول امريكا اللجوء الى التدخل في الشئون الداخلية للدول، او العدوان وانما الى التأقلم .
وداخليا فقد دمر فوز ترامب المؤسسة الجمهورية، وبالتماس الديمقراطية الليبرالية الجديدة معا. ذلك ان انتخابه كان تدميرا للجمهوريين والديمقراطيين معا. فبالنظر الى الانتخابات وهو امر غاية في الاهمية، فان تركز الولايات التي صوتت لهيلاري في مدن مثل شيكاغو نيويورك سان فرانسيسكو وفيلاديلفيا فان تلك المدن كبيرة وكانت قد استثمرت في الوضع الراهن. بالمقابل فالولايات التي صوتت لترامب ولايات صغيرة كانت المؤسسة قد استلبتها ولم تعنى هيلاري بها كثيرا، بل كانت ترسل زوجها بيل كلينتون ليزورها بدلا عنها اثناء الحملة الانتخابية. وقياسا نالت هيلاري كلينتون جزاءها على ذلك مما سبب لها وللحزب الديمقراطي صعقة لن تفوق هيلاري ولا الحزب منها لوقت طويل.
ويقول البروفيسور بول هايج روبرتس Paul Haig Roberts الذي كان عضوا فى ادارة جورج ووكر بوش الابن، وانقلب على الجمهوريين وعلى الديمقراطيين ويكتب في مجلة اليكترونية شعبية من مخرجات الحركات التضامنية مما يجعله "مارقة" Dissident بمعنى ثورية وهي ICH The information clearing House يقول البروفيسور روبرتس الساعة الثامنة والنصف الخميس 22 ديسمبر 2016 في تقرير كايزر The Kaiser Report على قناة روسيا اليوم on Russia today (RT) TV إن امريكا اصبحت مجتمعا من مجتمعات العالم الثالث a third world country ، وان ذلك زيادة على امور اخري منها انخفاض الاجور وارتفاع العطالة وانعدام الخدمات والسلع العامة Public goods and servicesوتدهور البنى التحتية. وأن ترامب عندما يأتي برجال اثرياء حقا فهو يضمن ان الاخيرين يملكون مواجهة الاوليجاركيات المالية دون خشية. كما قد يعصم رجال ترامب من الاذعان لأي من اللوبيات.
وعليه اجادل ان اعضاء ادارة ترامب الذين هم اكثر اعضاء الادارات الامريكية ثراء على الاطلاق – فان ترامب عندما يأت بهؤلاء الرجال فانه يضمن انهم لا يحتاجون الى تدخل الاوليجاركيات المالية في مجريات امور الادارة، كما ان اعضاء الادارة لن يكونوا بحاجة الى الاوليجاركيين على الاطلاق. لان رجال ترامب لم يأتوا الى السلطة كي يثروا، مثلما فعلت هيلاري كلينتون وزوجها، وفعل جون كيرى واوباما وحتى بوش من قبلهم وتوني بلير وغيرهم. ويقول البعض ان ترامب ورجاله سوف يقضون على حرية السوق الذى تعينت على تكريسه النيوليبرالية خصما على العمل الحي والطبقات المتوسطة والوسيطة؛ الا ما خلا لحظات وظفت فيها النيوليبرالية الاخيرات في عملية استغفال الشعب.
ولعل ترامب يقضي قياسا على تحرير الاقتصاد لحساب سوق مقننregulated market او حتى اقتصاد شبه مخطط سلفا لحرقة قلب المحافظين الجدد، وقضاءا على النيوليراليين. ويقول البعض فورا ان الطبقة النيوليبرالية وانغالها بسبيل ان تنقرض مثلما لاحظنا غياب المعارضات النغلة التي حاول دي ميستورا التعين على طرحها بدائل للحكومات الشرعية، مثلما فعل امثاله في العراق ويحاولون في ليبيا الخ. بل ان تلك الطبقة النيوليبرالية وانغالها قد يقضى عليها ترامب ورجاله في كل مكان. وتلاحظون ان توني بلير يحاول العودة الى سياسة بريطانيا مجددا حتى يفت من عضد جيرمي كوربين الا ان الوعي الشعبي البريطاني يقف له بالمرصاد.
روسوفوبيا:
هناك حول الادارة والنظام الامريكيين جماعة مصابة بهستريا كراهية روسيا. لأن روسيا مكروهة لمحض انها ملكت ان تتوحد في موزايك القوميات واللغات العديدة التى تتألف منها روسيا. وروسيا فريدة وهي مكان شديد التعقيد مما يجعلها وعرة ويصعب على امريكا استيعابها او احتواءها. ولما كانت روسيا في التسعينيات ضعيفة ومفككة، كانت محببة وكان يلتسين يعتبر ديمقراطيا وكانوا يحبونه. كنت في تكساس في طريقي الى كوستاريكا اشاهد الانتخابات الروسية. وكان الرئيس الامريكي جيمي كارتر -وكان رئيسا سابقا وقتها- كان هناك يتابع الانتخابات. والواقع كان كارتر يتعاطى مع الانتخابات الروسية كما قد يتعاطى الامريكان مع انتخابات دولة من العالم الثالث. وكان الرئيس جيمي كارتر اخذ معه شيكولاته نيستلة وقهوة نيسكافيه ومرتاديلا. وكان جيمي كارتر يوزع تلك الرشاوي التافهة على الجنود والمواطنين الروس.
فقد كانت المحلات في موسكو وفي سوتشى Sochi على البحر الاسود خالية من كل شئي، وكنت انا قبلها بأشهر قليلة في موسكو، ثم في سوتشي في مؤتمر للنسوقراط، تزحمه نساء امريكيات عبارة عن زوجات موظفين وسكرتيرات ذكرنني ببعض النساء العربيات والافريقيات اللواتي يبعثن الى مؤتمرات ولا يزدن عن زوجات رجال في الدولة وسكرتيرات وزراء، وقد قابلت بعض هاتيك في المانيا وفي ايطاليا وغيرها من البلاد البعيدة. ذهبت النساء الامريكيات الى روسيا لاستدراج المرأة الروسية الى النسوية المغالية. المهم لم يكن في السوبرماركيتات الكبرى مثل جوم وقتها اي شيء يشترى. وكان الجنود قد عادوا من افغانستان لا يلوون على شيء، فيما كان الروس يتقاضون بالبطاطا وملابسهم القديمة ما يحتاجون. وكانت موسكو تحترق جراء عمليات بوريس يليتسين الارهابية للسكان، فيما كان بوريس يلتسين يشاهد على شاشة التلفاز مخمورا واحيانا يرقص.
ان الاعلام الغربي من السهل فهمه فهو عبارة عن اوليجاركيين يكرهون بوتين لأنه لا يضع اعتبارا للاورليجارك. وسوف يفعلون كل شيء ليحطمونه. وفلايدمير بوتين شخصية مهمة حقا وغريبة ايضا؛ هو قمين بان يتفه الاوليجاركيين. ويتعين على امتلاك الاعلام والاحرى التضليل 6 وكالات يملكها اوليجاركيون معروفون. ويكره الاخيرون روسيا وبوتين، لان بوتين يضع حقوق الشعب الروسي مكان حق الاوليجاركيين الروس. فالاوليجاركيين يعادون الحقيقة بوصفهم اناس يقاومون الحقائق Fact resisting beings يتعلقون باوهامهم ولا يقبلون من لا يصدق تلك الاوهام. والى ذلك فلم يغب عن الروس ما فعله الغرب بالجمهوريات السوفيتية وبتشيكوسلوفاكيا والعراق وافغانستان وليبيا وسوريا واليمن. والى ذلك فلن يروم الروس يوما التماهي مع الغرب لذلك سوف يفعل الروس ما يرغبون في فعله ولا يعنى اي امر من امور الروس الغرب It is none of the west’s businessولعل ذلك حريا بان يجعل روسيا مجتمعا مستقرا، يعاقب فيه من يلحق بحقوق الناس اي ضرر وليس هناك من هو فوق القانون.
وسوف يضير تلك الاوليجاركيات اتجاه ترامب نحو التعاون مع روسيا، وسوف يعملون كل ما في وسعهم حتى يعرقلوا مشروع ترامب. ولعلهم بدأوا منذ الان في التآمر بغاية تحقيق ذلك. ولكن محاولاتهم قد تغدو من المستحيلات الا اذا عملوا على احلال مايكل بينس Mike Pence مكان ترامب لان عودة هيلاري مستحيلة او اذا اغتالوا ترامب. ومع ذلك فان بينس يبقي خيارا رديئا حقا. ذلك ان مايك بينس سريع الانفعال، ويعادي المثليين بصورة واضحة، وهو من الذين ولدوا مسيحيين مجددا، حيث انضم الى الافانجليين منذ ان تعرف على زوجته باكرا ايام الدراسة الخ الخ.
ويقول جيرمي اوين مراسل البي بي سي على راديو 4 من الشرق الاوسط في نشرة اخبار الساعة الواحدة بعد ظهر الاثنين 14 نوفمبر 2016 ان القوات الاسلامية ومنها المجاهدين خاصة يتحاربون فيما بينهم على مدى اربعة اعوام ونصف العام في سوريا، واحيانا يتحالفون ازاء عدو مشترك. الا انهم باتوا طوال الاشهر الاخيرة يتحاربون فيما بينهم دون انقطاع؛ مما ادى الى هزائمهم المتسارعة ازاء الجيش العربي السوري. ان الخطأ ليس خطا اوروبا ولا بريطانيا وانما هو خطأ بشار الاسد وروسيا وايران. وكان اوباما قد تردد باكرا في ايتاء القوة ازاء استخدام بشار الاسد للأسلحة الكيماوية ضد شعبه. اما بالنظر الى العراق وليبيا فان كلاهما ارحم مما يحدث في سوريا في الوقت الذى ان كلاهما اقل اهمية من سوريا.
هل امريكا دولة ارهابية؟
يقول البعض ان امريكا التي تتهم من عداها بالإرهاب ولا ترعوي، أن امريكا خلقت عصابات ارهابية منذ الطالبان وصولا الى دولة الخلافة. ويقول آخرون ان امريكا دولة ارهابية بامتياز، ولكن امريكا تتعين على الارهاب بالوكالة في كل مكان على الارض، من الاتحاد السوفيتي وصولا الى اليمن. ويقولون ان الاوليجاركيات المالية الامريكية عندما تغوى الناس او-و تخدعهم فتسوقهم الى استخدام المحاصيل المعدلة جينيا، انما تفرض عليهم كلا من المرض والموت والخراب، كتنويعات على الارهاب المتخفي وكل ذلك من اجل المال. ويقولون إن الرفض الشعبي الواسع للمحاصيل المعدلة جينيا، يضر بمصالح نفس الاوليجاركيات، لذلك فان تحريمها بصورة كاملة وقاطعة يضر بتلك الاوليجاركيات.
ومن المفيد تذكر ان تحريم تلك المحاصيل هين، لان البذور التي لا تجد الري تموت وتسقط في كل مكان، لكنها عندما تزدهر وتثمر فإنها تفسد بقية المحاصيل؛ وهذا هو السبب في ان روسيا حرمتها. فلروسيا تجربة قاسية مع المحاصيل المعدلة جينيا عندما استوردت محاصيل من كندا في تسعينيات القرن العشرين وقبلها عندما استوردت قمحا معدلا جينيا وسقطت المحاصيل على مدى مواسم، مما الحق مع سباق السلح بالاتحاد السوفيتي ما ألحق. وتدرك روسيا- يدرك الشعب الروسي، ان لا سبيل الى خداعه مرة اخرى. ويقولون ان تخريب البيئة الذى تتسبب امريكا فيه بسوء استعمال الموارد والمبالغة في استخدامها، بما يمثل ما تستخدمه امريكا من الموارد الذي يقدر ب 25% على الاقل من استخدام العالم يقولون ان ذلك تنويعة على الارهاب ايضا.
شخصية ترامب وبوار استكمال مشروع سايكس بيكو:
يحلل البعض شخصية ترامب بانه رجل نفعي يريد علاقة معتدلة مع روسيا لمصلحة العالم وانه ليس وراء حرب لا تبقي ولا تذر. فغاية الحرب غير المعلنة تحت راية ما يسمى الحرب الباردة هي التوسع خصما على البشرية بإبادة نصف البشرية او حتى اكثر. فلا يهم تحويل المجتمعات الانسانية الى ارض خراب بإبادة اهلها وتهجير من بقي. وكانت اجندة هيلاري كلينتون قد تمأسست فوق تلك الغاية التي كانت هيلاري تصبو الى تحقيق ما لم يملك سايكس بيكو تحقيقه، أو لان مشروع الاخير لم يكتمل ناجزا بوصفه مشروعا للإمبراطورية الامريكية او الاليجاركية لحساب الصهيونية القبلية. فقد كانت بريطانيا العظمى تطمح لان تكرس الامبراطورية بشق الشرق الاوسط حتى الهند، الا ان فلسطين وقفت في طريق ذلك المشروع.
وكانت بريطانيا تسعى في نفس الوقت الى تدمير الامبراطورية العثمانية، وتقسيم المنطقة بينها وفرنسا. وكانت بريطانيا العظمى مفعمة بالأوهام والتخيلات تخدع نفسها، فيما كان الواقع على غير ما يصبو اليه سياكس بيكو او بلفور الذي لم ينفك ان بات مضطربا، كونه لم يكن واثقا فيما فعل، حيث لم يكن يدرك حقيقة فلسطين وكان قد تصور ان فلسطين مأهولة ببدو. وفي سنة 1925 عندما زار بيكو فلسطين لم يملك سوى ان ابتلي بانزعاج عظيم. فقد راي غير ذلك تماما. بل راى بيكو بعينيه كيف ان الفلسطينيين قمينون بان يشعلوا ثورة عظيمة في 1936. ويقول البعض الان ان بريطانيا تخدع نفسها حتى الان اذ تصورت انها تملك ان تصنع شيئا. لذلك سوف لن تحتفل بريطانيا في العام القادم بمرور 100 على اتفاقية سايكس بيكو وربما تعينت على تذكر المناسبة To merely mark the occasion لان الامر ليس محسوما بعد، بل ما يبرح كما يقول بعض المتثاقفين البريطانيين المأجورين الذين يدعون الحيدة، مايبرح الوضع غير محسوم بعد بمعنى انه لم يقيض القضاء على الفلسطينيين، في الوقت الذى يشعل الفلسطينيون ثورات تهدد اسرائيل تباعا في كل المواسم، ويهجرون الاسرائيليين افواجا من الدولة العبرية.
وقياسا فان ما قد يحسم الوضع اليوم مثلما تحسم الاوضاع تباعا هو التضامن الاممي الذي يتشارك والشعب الأمريكي وسواه من شعوب العالم الوقوف ضد اسرائيل ومع الفلسطينيين- ذلك التضامن الذي يعبر عن نفسه في تعاظم يوما بعد يوم مما يقلق الدولة العبرية على مصيرها تباعا. ذلك ان التضامن الاممي الذي بات تأثيره بحيث يحسب له حساب، حتى ان الرأسمالية المالية تسن القوانين بغاية شكم المد الشعبي ازاء الاخير، الذي يعبر عن نفسه بوضوح عظيم بشأن العديد من القضايا العامة والخاصة لدول العالم، أن ذلك الزخم الشعبي ما ينفك يحسم امورا عديدة رغم انف الكبالات الاسراتية الاوليجاركية المالية والنخب النغلة وغيرها .
وبالمقابل ينبغي ادراك كيف ان اجندة هيلاري كلينتون القيامية ما كان ليضيرها لو ان مجتمعات المنطقة تحولت الى ارض خراب، بمغبة حرب نووية تقضى على نصف البشرية بما فيهم العرب والمسلمين، وبعض سكان اسيا التي كانت اوروبا وامريكا قد تعينتا على قتالها بدون ادنى سبب، من الدفاع عن سلامة اوروبا او امريكا، وانما وراء مصالح استراتيجية غايتها محاصرة روسيا الاتحادية - الاتحاد السوفيتى سابقا والصين الخ. وفيما كان المركب العسكري الاقتصادي وما يبرح يدافع عن نصيبه في المراكمة ببيع السلاح فقد كاد المركب العسكري يحول العالم ادغال من المسلحين خاصة في المجتمعات المفقرة.
هذا وفيما يتطير الاوربيون الغربيون اصحاب المصالح لما يصرح ترامب به تجاه روسيا الا ان الاوربيين الشرقيين لا ينزعجون لإعجاب ترامب بفلاديمير بوتين. ولا يتصورون ان ثمة ما يثير القلق بشان مستقبل الحصار الاقتصادي على روسيا، بل يعتقدون ان المستقبل قد يحمل بشرى تعامل اكثر عقلانية بين امريكا وروسيا وان العالم حري بان يغدو مكانا افضل من العالم الذي كانت هيلاري كلينتون تروم خلقه او تدميره بالأحرى؛ بدءا بعقدة سوريا التي تكاد تختم على المؤامرة الكبرى خصما على دولة الخلافة الاسلامية، وجبهة النصرة وامثالهما، وما يسمى الثورة السورية باجتياح شرق حلب وادلب والرقة وغيرها من معاقل داعش والجيش الحر والمعارضة الديمقراطية وفلول السعودية وقطر وتركيا جميعا، وتعالق ذلك ودور روسيا في المنطقة.
وينبغي قياس حاصل جمع اجتياح شرق حلب على سياسة الديمقراطيين التي كانت ستتصل بفوز هيلاري كلينتون بوصف الاخيرة كغيرها من قادة الحزب الديمقراطي قد باعوا انفسهم لرأس المال المالي والاوليجاركيات الاسراتية المالية الخ، بغاية تدمير سوريا والمنطقة بكاملها وانهاء دور روسيا والصين ودول البريكس الخ. فقد بات على نخب الحزب الديمقراطي الانغال التعين على القيام بمهام عملاء المال على نحو يائس غير مسبوق. فمن اوباما الذى وصفته باكرا قبل ترشحه بالمسيح الكذاب وقبله بيل كلينتون عبورا بهيلاري كلينتون الذين ليسوا سوى بيادق وعملاء مثلما ترون ادناه قد الوا كنخب نغلة على انفسهم تكريس شرط مثول واتصال الدولة الصهيونية العميقة خصما على شعوب المنطقة والشعب الامريكي نفسه وغيره.
تعالق الارادة الشعبية وصدمة شوارع المال في كل مكان:
اعلم ان دونالد ترامب محب لإسرائيل والأحرى يكاد يعشق اسرائيل، وانه هو الذي كان قد شجع نتاياهو ابان حملة انتخاب الاخير في 2013 وانه لم وقد لن يخرج علي تقليد الادارة في الدفاع عما يسمى أمن اسرائيل. ولكنى اقدر انه قد يكون خارج دائرة، وربما بعيدا حتى الان عن سيطرة الرأسماليين الماليين -الصهاينة العالميين- بوصفه وكيل عقار اي صاحب فنادق وملاهي وكازينوهات وملاعب جولف اي انه يوظف أيدي عاملة يراكم بها ثروته كراسمالي سلعي، رغم انه لا ينتج سلعة او لعله ينتج سلعا بعلاقات انتاج قنية. ولترامب اعمال في كل مكان من اندونيسيا والهند والفليبين الى امريكا الجنوبية، وكلها اعمال تنتمي الى الرأسمالية السلعية التي اعلن موتها فرانسيس فوكوياما باكرا، ومعها ايديولوجيتها. وكذا فان معظم طاقم ادارته من الرأسماليين السلعيين والى ذلك فهم الميليارديرات الذين راكموا ثرواتهم بالرأسمالية السلعية وبالعقار، وليس ببيع المال كسلعة، الا ما خلا نسب ضئيلة لا تتعدى ال 10% من ثرواتهم قياسا على ذلك الذي يراكم بالأسهم والسندات. المهم ان دونالد ترامب ليس ممن يراكمون ثرواتهم ببيع المال كسلعة. فدونالد ترامب يغدو ورجاله بهذا الوصف والوصف في مكان اخر خارج المؤسسة الاقتصادية وقياسا فهو خارج عصابة الاوليجاركيات المالية، فالصهيونية العالمية على الاقل.
اعلم ان دونالد ترامب غريب على الحزب الجمهوري فهو بالتالي خارج المؤسسة المالية والمؤسسة السياسية. وهو خارج المؤسسة العسكرية وحتى المؤسسة الليبرالية الجديدة والمحافظين الجدد . فدونالد ترامب يقول انه سيعيد التفاوض بشان اتفاقيات التجارة الحرة وبخاصة اتفاقية الشراكة TPP وانه لن يشعل حروبا في بلاد بعيدة وان امريكا ادارته لن تتدخل في شئون بلاد اخرى. فقد قال ترامب أن القرم ينتمي الى روسيا مثلما قال جملة اشياء يعترف حتى الغرب بانها مفيدة .فقد وعد بان يقر بان القرم امتداد لروسيا، وانه سيرفع من جاهزية امريكا ازاء داعش وانه معاد للمثليين وانه ضد نشوء طفل بين ابوين من جنس واحد، وانه معاد للإجهاض، وانه سيعيد انشاء الصناعات التقليدية، وسينعش صناعة الصلب والحديد والفحم في الشمال الغربي ووسط الغرب الأمريكي، وانه سيخلق فرصا للعمل للعاملين وينظر في ديون الطلاب التي تلاحقهم بعد التخرج حتى الشيخوخة.
فقد نجح باراك اوباما في تسديد ديون دراسته في منتصف 2014. فمن المهم اذن تأمل الفئات التي صوتت لدونالد ترامب من حيث همومهم وتطلعاتهم الفردية وليس من حيث الوانهم او جنسياتهم، او من حيث معتقداتهم وانما من حيث شواغلهم وتطلعاتهم الشعبية. فقد كان أولئك هم الذين فقدوا العمل والعقار، ولم يعد امامهم مستقبل، وليس لديهم ضمان مستقبل ابنائهم. ويتساءل الاعلام الماجور عن حقيقة سياسة ترامب، وعن حقيقة ترامب كرئيس لأكبر دولة في العالم، فما ينفك ذلك الاعلام يتهم دونالد ترامب بالانعزالية او الحمائية التجارية ومعاداة العولمة ولا ينكر احد ان كثيرين خاتلتهم العولمة وTripped off by وخدغتهم العولمة globalisation وقد اصبحوا ليجدوا انفسهم قد خسروا كل شيء بمغبة العولمة. فلقد كان ذلك في الواقع جراء نظام اقتصادي لم يجرؤ كثيرون على النطق باسمه هو الليبرالية الجديدة – بوصفها واجهة المحافظين الجدد، اي الصهيونية العالمية والقبلية تباعا. فقد خلقت الاخيرتان عدم مساواة غير مسبوقة بين سكان العالم قاطبة. مما بات معه 1% من سكان العالم يمتلك ما لا يملك بقية سكان العالم قاطبة، فبات الأخيرون بلا حاضر ولا مستقبل، لا هم ولا اولادهم. فيما صدّرت العمالة الى الخارج "اوف شور"Off Shore الى الصين والفليبين وجنوب شرقي اسيا وغيرها.
و عندما يجأر ترامب صراحة وبلا مواربة وبلا ديبلوماسية وبلا تدوير الكلام وبلا مجاز او قضمات صوتية Sound Bits يتهمونه بالكذب وبالإساءة الي قيم العالم الحر، وللتاريخ والجغرافيا وكل شيء. اي للكذبة الكبرى التي يقوم عليها ما يسمى العالم الحر، وكل ما يحوط به وينم عنه. وقياسا فان ترامب سيكون سيئا للغرب لأنه سيمزق كتاب التحالف التجاري في اسيا وغيرها الخ الخ. ولا يقولون انهم عندما يتحدثون عن الغرب انما يتحدثون عن انفسهم، عن تلك الاقلية التي لا تحسب حساب لاحد غيرها، ولا لمستقبل احد سوى مستقبلها، ولا لابناء احد سوى ابنائها. ذلك ان الاوليجاركيات الاسراتية المالية ونظائرها تؤمن بعدم المساواة وتكرسها قائلة ان عدم المساواة من طبع الاشياء الاجتماعية. الا انها لا تقول ان كانت عدم المساواة من طبع الاشياء الاجتماعية فان عدم المساواة القاسية، والقضاء على شرط الحراك الاجتماعي، بل والموت في حروب الرأسمالية المالية الخ، يتصل عضويا بسياسات وممارسات العالم الحر .
المهم ينبغي اعطاء ترامب مهلة 6 اشهر لمعرفة ما سيفعل قبل الحكم عليه. ولعل اقل ما فعل ترامب هو ان أوحى لأمريكا بالقومية حين نادى بان يجعل امريكا عظيمة مرة اخرى، والاهم هو انه الهم ما يشير اليه خصومه بالعزلة Isolationists فبالخروج عن اوروبا وغيرها فيما يسمى الـ Trumpxit على غرار خروج بريطانيا من المجموعة الاوربية. وقياسا الهم اوروبا العجوز النزوع الى القومية، واحزابها القومية سواء يمينية متطرفة –فاشية - او يمينية معتدلة وصولا الخروج من الوحدة الاوربية حيث تهدد فرنسا بالفريكسيت Frexitعلى قياس البريكسيت Brexit في اليونان وايطاليا وربما اسبانيا وجمهورية التشيك. فالقومية واحزابها التي كان النيوليبراليون قد تعينوا على القضاء عليها سنين بمعرفة الدولة العميقة المؤلفة من المحافظين الجدد بأسلحة الكوارث الطبيعية التي هي من صنع الانسان، والتضخم والديون السيادية، وبتغيير النظام وبالحروب، عادت تطل برأسها في المجتمعات الصناعية الأوربية الشمالية.
وبالمقابل فقد راحت الشعوبية وهي مفردة تعنى ما لا يستحبه الرأسماليون الماليون اي الاوليجاركيات المالية واجراء الأخيرات. والشعوبية ايضا تعبير عن ثنائية Dichotomy الاغنياء والمفقرين وهي ايضا مفردة تقول بالذراية فيما تعبر عنه تلك المفردة في اقصى معاني الرداءة؛ وكأنها ظهرت لأول مرة رغم انها كانت هناك دائما ويختلف معناها من مكان الى مكان، ومن زمان الى زمان. واهم ما تعنيه الشعوبية ان هناك شعب او جماعة يجمعون على مطامح ورغبات واماني الا ان بعض المتثاقفين يدعون ان ليس هناك ما يسمى شعب بل ان ذلك قد يعنى شيئا اسطوريا يصدر عن الخيالية وعن غير الحقيقة ويماهون بين الشعوبية من ثم وبين خروج الشعب البريطاني Brexit من المجموعة الاوربية وقياسا يماهون الاخيرة بفوز ترامب Trumpxit باصوات جهلاء اغبياء عنصريين.
المهم فورا فان الشعوب راحت تطمح الى الشعوبية واحيانا الى الاشتراكية. فقد باتت تلك الاماني تراود الاخيلة الشعبية في كل مكان. ويقول جون اوزبورن وزير المالية البريطاني السابق الثلاثاء 15 نوفمبر 2016 في البرلمان البريطاني ان ثمة فشل اخلاقي في اوروبا وان بريطانيا ليس لديها اي همة للتدخل في سوريا، مما أدى الى موت الالاف "فقد سمحنا نحن بان تنشأ دولة ارهابية مما انعكس على اوروبا ضدنا وقد انتشرت الاحزاب الفاشية تباعا". والواقع هو ان لم يعد في المؤسسة السياسية ونظيراتها شيء يدفع للثقة بها مما اخذ الناس معه التخلي عنها. ولكن المؤسسة –او المؤسسات المذكورة لا يعن لها ان تعترف بالخطأ او تنظر الى نفسها بمرأة الشعوب لترى الى ما حاق بها.
وبالمقابل لم ينجح شيء مما بادرت به امريكا في سوريا حتى اليوم بل فشل كل شيء، وكان عبارة عن حرب ارهاب بالوكالة، والكل يعلم ومع ذلك فان لم تعد امريكا تمول داعش، اي لم تعد هيلاري كلينتون المعدلة جينيا تملك تمويل داعش، فسوف تمولهم السعودية وقطر. وقياسا فان كان التعديل الجيني يخرب النبات قصدا فلا يعيد انتاج نفسه فيفشل المحصول، عندما لا يسقط المطر، يفشل النبات بصورة كاملة مثله مثل هيلاري كلينتون. فان ذلك يضير الماليين. وليس ذلك وحسب ان ما يضير الماليين عزوف بل رفض الروس وغيرهم للمحاصيل المعدلة جينيا، فهي التي اودت بالاتحاد السوفيتي فانهار دفعه واحدة؛ وكاد يصبح غير قابل للتعرف عليه. والى ذلك فان الروس حين يرفضون ان تتحكم فيهم التكنولوجيا Shaking the techno-sphere بدلا من ان يحكموا انفسهم يقولون بصورة مباشرة انه يرفضون ما تقدمه لهم امريكا في شخص نماذج كهيلاري كلينتون وجولدمان ساكس وبي جي مورجان. وامثالهم جميعا.
شروح على المتون
ان ترامب مستهبل وليس اهبلا. فهو رجل براجماتي ويعرف اكثر مما يبدو عليه فهو رجل اعمال محكم ويدرك قوة اللوبي الصهيوني القبلي في امريكا، والسؤال هو كيف يقف ترامب هكذا امام الصهيونية العالمية التى لا تخفي انها تعبر عن نفسها في الاوليجاركيات المالية؟ وكيف وقف ترامب في وجه دولة الكابالا العميقة؟ وكيف يتجاوز ترامب الصهيونية القبلية؟ اليس من الحكمة ان ننتظر ونرى بالفعل بعد ان يحل ترامب فى البيت الابيض؟
شرح على المتون الاحرى Subscript
ان روسيا دولة كبيرة بمئات اللغات والاثنيات والروس مجرد 20% من مجموع تلك الاثنيات وروسيا فريدة وشديدة التركيب بقدر لا يسمح للغرب ان يفهمها، ولا ان يستوعبها، والامر ان الغرب ليس امامه سوى ان يتعامل معها ويقبلها ولا يواجهها ويستعديها. فان كان الاعلام في امريكا يملكه عدد صغير من الاوليجاركيين وهم يكرهون روسيا، لان بوتين يضع حقوق الشعب الروسي مكان حق الاوليجاركيين الروس. فان الاخيرين يعادون الحقيقة بوصفهم اناس يقاومون الحقائق Fact resisting beings ويتعلقون بأوهامهم ولا يقبلون من لا يصدقها. وان ما فعله الغرب بالجمهوريات السوفيتية وبتشيكوسلوفاكيا والعراق وافغانستان وليبيا وسوريا واليمن لم يغب عن الروس، ولن يطمح الغرب يوما في يتماهى الروس معهم. لذلك سوف يفعل الروس ما يرغبون في فعله وليس هناك امر للروس مما يعنى الغرب It is none of the west’s business ان روسيا مجتمع مستقر ويعاقب فيه من يلحق بحقوق الناس اي ضرر، وليس هناك من هو فوق القانون.
ماذا عنا نحن؟
اذ لم يكن من معدى ان تصوت النخب النغلة والمتثاقفون الامريكان في تماهيهم مع اسيادهم الليبراليين الجدد لهيلاري كلينتون فقد صوت افتراضيا معظم نظائر الاخيرين لصالح كلينتون في عمى بصرى وبصيرة قاتلين. وقياسا حيث لا يملك معظمنا –في كل ذلك – القدرة على صياغة فرضية واحدة بشأن ما يحيق بالعرب والمسلمين فعندما يحيق ببعضنا الضيم فالقنوط يجأر بعض المتثاقفون والنخب النغلة "ان اللعنة على الشعوب" وهي الشعوب التي لم يقدم الأخيرون من اجلها يوما عريضة واحدة تندد بما يحيق بها، ناهيك عن احترام تفكيرها او-والدفاع عن حقها في ان تنظم نفسها.