1
الديكُ الأحمرُ ظمآنٌ، تخادعه الريح.
ليس للحالم من مهربٍ إلاّ عربةُ الريح.
العربةُ سرقها البدوُ في ظلمةٍ حالكةٍ.
الفارسُ الذي ذهب يقتفي آثارهم، أخذته الكلاب في آخر الحكاية.
العربةُ الثانيةُ سرقها أهلُ المدينة في وضح النهار.
الضفدع المنقّط يتقدّم ليقتفي آثارهم.
2
"في سقفِ كينونتكَ، إغرسْ شجرتكَ"
قال العجوز وهو يقضي حاجته في خلاء شاسع.
الجنرالات الخمسة، يدارون سوآتهم بسف النخل،
يلوكون حكايات الملوك الذين تاهوا في صحراء النفس العفنة.
المرأة التي أخفت ملامح وجهها الشكوكُ،
ترضع ضبّاً وتهدهدُ على فخدها الفارسَ الجريح.
3
تحت القوس البرتقالي، على يمين أعلى الصفحة، شاهدةُ الميّت.
فارغةٌ كؤوسُ الحفلة، مرتخٍ لسانُ الخطيب،
مُرّةٌ حبّاتُ التمر في يد المُراجع القانوني.
الريح أغمضت عينيها حين عبرتْ قنطرة نقطة التفتيش،
لم تلمح تلويحةَ وادي وِشتاتة الحزينة،
لم تسمع خيول عزرائيل تصطكُّ سنابكُها من سقيفةٍ معتمةٍ في ريكسوس.
لم تلحظ اتّكاءةَ الجنديّ النحيفَ يسْتعذبُ كأسَ الشاي الأخضر.
4
صرتُ لا أشبهُ أحداً، ولا أحد صار يشبهني.
هل مرّتْ النوقٌ من بوّابة الموتِ؟
هل كلّمتها طيورُ السرولِ؟
هل أرخت على أهداب الجنود الفقراء ضباع التيه؟
على مَوقد الشاهي رعشةُ الشفاه المشقوقة،
وفي مُخْلة الفتى الأصغر رسالةٌ برائحة اللّيلك الفجْري
صار الموت يشبهني
صار الموت يشبهنا!
5
أيَّ هوىً أعمى
تُسْكرهُ رائحةُ الموت الرخيصُ؟!!!
الغزالةُ، الكرمةُ، الكليلُ، ضَفّة الوادي، الخيامُ الشهباء.
جاء نافخُ الريح الحليق الرأس ذو العباءة الزرقاء بزرقة الوهم. على كتفه رأسُ أسدٍ يتدلّى.
من ذؤابة شَعره حنَشٌ ضخمٌ وفراشاتٌ بحجم كفّ اليدِ الصغيرة.
جاء وفي يده اليُسرى منقوعُ التمر المخمّر.
جاء حاملُ النار وزارعُها، بين قدميه يمشي ستّون
من ضِباع القفار الموحشة،
في لمّة شَعره
أعوادُ رَندٍ وطَلحٍ ورتمٍ يابساتْ.
جاء مُدِوّرُ الحجر.
في عَطفة الوقت،
في انكسار الدمع،
في تآليل الكلمات الناقصات:
يفتحُ زنازين السنين،
ويصنعُ بمبارد الحديد واضطرام النار
أقداماً للملك السجين.
6
يئستُ من محاولة إعادة ظِلّي إلى جيبي.
لا يريد إلاّ أن ينطرحَ أرضاً،
وإن قابلَ آخرين مدّ أطرافه وانكسر
كما يفعل العائدون من الحرب.
ظِلّي مالكٌ لأمره،
في الليل يشدُّ عليه غطاءه الأرجواني
ويدخل سقيفة النسيان.