رسالة سوريا

مهرجان السينما، وتكريم جان ألكسان، ودمشق عاصمة للثقافة

باسمة حامد

.

بحضور عدد كبير من النجوم العرب و العالميين أسدل الستار عن مهرجان دمشق السينمائي الدولي في دورته الخامسة عشر والتي استمرت عشرة أيام قدم خلالها232  فيلما شاركت بها 46 دولة من مختلف القارات.. و كان المهرجان قد افتتح فعالياته برعاية الرئيس السوري بشار الأسد تحت شعار: "بعيون السينما نرى" على مسرح الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون في الأول من نوفمبر و استمر لغاية الحادي عشر منه حيث أعلن فوز  الفيلم الإيراني "إنه الشتاء" بجائزة المهرجان الذهبية للأفلام الطويلة فيما فاز الفيلم الفرنسي "ارفع سماعة الهاتف" بذهبية الأفلام القصيرة.. و ذكرت وكالة الأنباء السورية أن المهرجان سيتحول إلى مهرجان سنوي بعد اكتسابه الصفة الدولية و ستمتد أيامه من ثمانية إلى عشر أيام.. و يشار إلى أن المهرجان  ومنذ دورته الأولى التي انطلقت نهاية السبعينات، كان يقام كل سنتين.. 

"بعيون السينما نرى"
حضر المهرجان حشد من الإعلاميين و الدبلوماسيين و الفنانين العرب و العالميين الذين شاركوا في لجان التحكيم و منهم: المخرج الروسي كارين شاخنازاروف والمنتج الإيطالي أنزو بورتشيللي والمخرج رمضان سليم من جنوب أفريقيا والمخرج الإيراني مجيد مجيدي والمخرجة السويسرية ميشيل فالي والممثلة المصرية ليلى علوي والممثلة الفرنسية ماييغا باسكالي والممثلة التونسية هند صبري والناقد السوري رفيق الصبان والممثلة السورية واحة الراهب والممثلة الفنزويلية الفرنسية فرانسواز بريون.. و مدير التصوير البرتغالي ألزو روك ونائب مدير المركز السينمائي المغربي مدير مهرجان سلا عبد اللطيف العصاري والمخرج السوري نضال الدبس. و كان مدير المهرجان محمد الأحمد قد أكد في كلمة له خلال حفل الختام على أن المهرجان حقق الغاية المرجوة منه في أن "ينشد الحق والخير والجمال والتي يسعى إليها كل فن راق".. وبين أن ما نشر في وسائل الإعلام المختلفة حول تنظيم المهرجان والأفلام المشاركة فيه هي أمور "تبعث على الطمأنينة وتؤكد أن الجهود التي بذلت لم تذهب سدى". ‏ بينما أشار وزير الثقافة السوري الدكتور رياض نعسان آغا إلى أن المهرجان  في دورته الحالية "حقق بعض ما يطمح إليه" لافتا إلى أنه "عمق ثقافة الحوار والنقاش والتعاون".

وحضرت السينما السورية في مسابقة الأفلام الطويلة  بفيلمي بفيلمي "الهوية" للمخرج غسان شميط و"خارج التغطية" للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، بينما شاركت في مسابقة الأفلام القصيرة بسبعة أفلام من بين 54 فيلما بينها 7 أفلام سورية وبعضها إنتاج سوري  ـ  أميركي وسوري  ـ  كندى مشترك وهى: "الأب المعتقل ـ  اليوم الرابع والثلاثون ـ  كيمبو ساب ـ  حكاية كل يوم ـ مونولوج ـ  شمس صغيرة  ـ موت حياة".

وكرم المهرجان في حفل الافتتاح عدداً من نجوم السينما العرب و الأجانب و هم الفنان السوري دريد لحام والمطربة والممثلة اللبنانية صباح والممثلة المصرية ميرفت أمين والمخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا والأديبة غادة السمان والمنتج المصري عادل حسنى والممثل الروماني مارسيل يوريش والممثل الأميركي جون فيليب لو والممثلة الإيطالية سيدني روم.. كما كرم في حفل الختام عدد آخر من النجوم العاملين في الحقل السينمائي وهم مدير التصوير حسن عز الدين والمونتير عنان سلوم والناقد بندر عبد الحميد و السيناريست محمود عبد الواحد والمنتج الراحل تحسين قوادري والممثل الراحل محمد الحريري والمخرج الراحل وديع يوسف والممثل محمود جبر والممثلة صباح الجزائري والمخرج نبيل المالح والمخرج العراقي محمد شكري جميل والممثل المصري محمود عبد العزيز.. 

ندوات و تظاهرات:
أقيمت  ثلاث ندوات في إطار المهرجان هي "الضوء والظل بين فني الرواية والسينما" والثانية بعنوان "الديجيتال" والثالثة حول "سينما الأطفال" إضافة إلى طاولة مستديرة عن كاتب السيناريو المصري الراحل عبد الحي أديب بحضور نجله الإعلامي المعروف عماد الدين أديب. و عرض  حفل الافتتاح  الفيلم الروماني "أربعة شهور ثلاثة أسابيع ويومان" الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي للعام الجاري.. بينما عرض في حفل الختام الفيلم الصيني "زواج كويا" الحائز على الجائزة الذهبية لمهرجان برلين للعام الجاري وهذان الفلمان للمرة الأولى في الوطن العربي. وشهد المهرجان  سلسلة من التظاهرات السينمائية المهمة منها تظاهرة البرنامج الرسمي تحت عنوان تحف السينما لعام 2007 وتضم 18 فيلما

حديثا حقق نجاحات واسعة مثل الفيلم الألماني "حياة الآخرين" للمخرج هينكل فون دونار سمارك، وفيلم "المغادرون" لمارتن سكورسيزي، وفيلم "سيكو" للمخرج مايكل مور، وفيلم "العودة" للمخرج بيدرو المودوفار، وفيلم "نشوة السلطة" للمخرج كلود شابرول..

وتظاهرة سوق الفيلم الدولي وتضم 34 فيلما و خصصت إدارة المهرجان تظاهرتين: واحدة مخصصة لأفلام المخرج السويدي أنغمار برغمان وتضم 17 فيلما، والثانية خصصت لأفلام المخرج الإيطالي الكبير مايكل أنجلو أنطونيوني وتضم سبعة أفلام بمناسبة رحيلهما. و تظاهرة الممثلة الألمانية مارلين ديترتيش وتضم 13فيلما و تظاهرة ذاكرة السينما العالمية وتضم 17 فيلما وتظاهرة مهرجان المهرجانات وتضم 13 فيلما فاز بجوائز في مهرجانات عالمية في العام 2007..

وتظاهرة "ُدرَر السينما" التي عرضت أفلاماً عالمية أصبحت من العلامات المضيئة في تاريخ الفن السابع مثل الفيلم الإيطالي "الحفلة" للمخرج ايتوري سكولا، والفيلم اليوناني "الأبدية ويوم واحد" للمخرج ثيو انجيلوبولوس، والفيلم الإيراني "باران" للمخرج مجيد مجيدي، والفيلم الأمريكي "المواطن كين"  للمخرج أورسون ويلز، والفيلم الفرنسي "ألعاب ممنوعة" للمخرج رينيه كليمان وسواها.. و تظاهرة للسينما الفرنسية وسينما الأطفال وأفلام ألفيس بريسلي بمناسبة مرور 30 سنة على رحيله بالإضافة لتظاهرة خاصة بإنتاجات أستديو موسفيلم الروسي وغيرها..و تظاهرة لأفلام الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي، و تظاهرة لأفلام المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد. 

الجوائز:
أعلنت جوائز الأفلام الفائزة في حفل الختام و كانت كالتالي: فاز الفيلم الإيراني "إنه الشتاء" بالجائزة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة و حاز الفيلم التركي "أزمان ورياح" على الجائزة الفضية و ذهبت الجائزة البرونزية للفيلم السوري "خارج التغطية". وفي مسابقة الأفلام القصيرة فاز الفيلم الفرنسي "ارفع سماعة الهاتف" بالجائزة الذهبية والفيلم السوري "مونولوج" بالجائزة الفضية فيما نال الفيلم الهنغاري "وقائع المحكمة" الجائزة البرونزية. ‏ ونال الممثل الأرجنتيني خوليو تشافيز جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "الآخر" كما نالت بطلات الفيلم اللبناني "سكر بنات" جائزة أفضل تمثيل نسائي. أما الجائزة التي خصصت باسم المخرج السوري العالمي الراحل مصطفى العقاد تقديراً للمكانة التي حققها في السينما العالمية فذهبت إلى المخرج الإيطالي ماركو بيلو كنوب عن فيلمه "مخرج حفل الزفاف". ‏ بينما نال الفيلم التونسي "كحلوشة" جائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام الطويلة فيما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام القصيرة الفيلم المغربي "آخر صرخة"،وفاز الفيلم المصري "في شقة مصر الجديدة" بجائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل مشارك في المهرجان.‏  

تكريم جان ألكسان بعد نصف قرن من الإبداع
جان ألكسان واحد من الأسماء الأدبية و الصحفية البارزة والفاعلة في المشهد الثقافي السوري فإسهاماته المتنوعة في أدب الطفل ثم في حقل القصة و الرواية و المقال الصحفي على مدى نصف قرن جعلت تجربته الإبداعية تستحق الكثير من الاهتمام و الاحتفاء و هذا ما فعلته وزارة الثقافة السورية مؤخرا حيث حظي هذا الأديب الكبير بتكريم رائع أقيم على شرفه بمكتبة الأسد و رعاه وزير الثقافة د. رياض نعسان آغا و حضره حشد من الفنانين و الإعلاميين.. فجان ألكسان لم يكن سوى أديب ملتزم وإعلامي موهوب و نشيط كرس قلمه لهموم الإنسان العربي.. وبنظرة سريعة على نتاجاته سنجد آلاف المقالات و 55 كتاباً في النقد و القصة و المسرح و الرواية ومئات التمثيليات وعشرات المسلسلات الإذاعية..فحين دراسة التجربة الإبداعية لجان ألكسان لا يمكن غض الطرف عن إسهاماته المسرحية وخصوصاً في كتابه "التشخيص والمنصة"، الذي قدم من خلاله اقتراحات تأسيسية للمسرح السوري، و في مجال أدب الطفل نجح ألكسان دائما في مخاطبة عقل الطفل بذكاء..بينما تعتبر روايته "النهر" من أجمل الروايات التي تناولت المجتمع السوري هذا فضلا عن مقالاته النقدية الهامة في الأدب و السينما.. فقد كان كما وصفه أحد أصدقائه ـ  :"ناقدا لاذعا لكنه غير جارح لأن هدفه في النهاية الوصول إلى الأفضل"..

في الندوة التكريمية التي أقيمت لجان ألكسان تحدث د.وجيه فانوس عضو جمعية القصة والرواية في اتحاد كتاب العرب و أستاذ النقد الأدبي والأدب المقارن في الجامعة اللبنانية عن خصوصية هذا الأديب وقال في كلمة ألقاها باسم المشاركين: "إنَّ الثقافة العربية اليوم في عرس؛ فلطالما كانت الثقافة كلاماً ودمعاً ثم غياباً ونسياناً، واليوم في سورية وبهمة وزارة الثقافة وبتوجيه من وزير الثقافة، أصبح للثقافة العربية عيد شهري بتكريم المبدعين، فانتعشت الثقافة فلم تعد الثقافة مجرد فكر يعبر وينتهي مع صاحبه وينسى. نلتقي اليوم مع مبدع من نسج مختلف (جان ألكسان) لم يكتب القصة وحسب، ولم يكتب النقد وحسب، بل لن يكتب إلا ليعيش الحياه بكل مافيها من تنوعات و تجددات. جان ألكسان من المبدعين ذوي الطراز، الذين لطالما عشقنا أن يكون أمثاله في عالمنا العربي. جان ألكسان، تحدى الثقافة التقليدية؛ فأتى بإبداعات جديدة، وهذه الندوة التكريمية النقدية ليست للمدح، بل هي لإعطاء الرؤية إلى حقيقة دور المبدع الغني في حياتنا الفقيرة إلى الإبداع والحرية"..

و اختتم فانوس كلمته واصفا جان ألكسان : "إنه قاص أصيل، رائع صادق، فنان في قصه عبر ما أسميه البوح السردي، وجمالي في بوحه هذا عبر ما أحب أن أعرفه  بالسيناريو السريع، وواقعي في كتابته من خلال ما يمكن أن يشكل مرآة الذات ‏.لقد جمع جان ألكسان هذه الأمور معا، فأزال بجمعه لها ما قد يكون في كل واحد منها من صعوبة وبعد عن جمالية القص، وصهرها فيما بينها ليقدم   لدنيا القصة العربية عبر هذا الصهر الإبداعي تجربة فذة متميزة". ‏ 

و بدوره أشار د. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب إلى خصوصية هذه التجربة بالقول إن ألكسان يعد :"من مؤسسي القصة القصيرة في سورية منذ منتصف الخمسينيات" و أكد جمعة في كلمته أن القصة :"تطورت على يديه مع العديد من كتاب تلك الفترة مثل عبد السلام العجيلي وحنا مينا".. الدكتورة زبيدة القاضي بدورها تناولت  أدب الأطفال في أعمال جان ألكسان فرأت أن أعماله الأدبية المخصصة للطفل قد غلبت عليها :"سمة الواقعية و ترسم موضوعاتها أهدافاً تربوية، تقدم للطفل، المتلقي في أسلوب واقعي مباشر وتعليمي إلى حدّ كبير، بعيداً عن المتعة والتسلية".. وقدّم د. محمد إسماعيل بصل قراءة نقدية في مسرح جان ألكسان ولاسيما المسرحيات التي كتبها في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، التي تعد:"علامة فارقة في تاريخ المسرح السوري بخاصة والمسرح العربي بعامة". وتناول د. نضال الصالح رواية "النهر" بوصفها "الابنة الشرعية لشرطها التاريخي/ الجمالي"، إذ بدت وكأنها "نتاج خبرة مميزة في السرد". وفوق هذا فهي تنتمي إلى أبرز ظواهر التجربة الروائية  السورية، وهي تجربة نهر الفرات وبناء السد، وانتماء خطابها إلى "أبرز التيارات الفكرية والفنية التي ميّزت خطاب الرواية السورية في تلك المرحلة". ‏

أما كلمة الأصدقاء فألقاها د. زهير غزاوي الذي تحدث عن حال الكتاب "الكبار اليوم" وعن مدى حاجتهم "المعنوية والمادية للتكريم".. مؤكداً أن هؤلاء ومهما "خانتهم ظروف الحياة لن يتوسلوا العطاء من أحد..إنهم يعيشون الكفاف ويغالبون الرزق بأعجوبة... إنهم فعلا يشبهون أبطال التراجيديا"... ومن جانبه عبر المحتفى به جان ألكسان عن شكره لهذه اللفتة بكلمات كان لها وقع جميل في نفوس الحضور وقال: "نفاجأ أحياناً حتى بحبيبة العمر، وندفع بالمحظور المتوارث على مدى السنين إلى الزوايا المظلمة، وفي اللحظة التي يكاد الناس أن يأخذوا منك كل مأخذ تفاجأ بدفق من المحبة مثل صبح الربيع، ينتشلك من حالة اليأس إلى حالة الأمل".. وأشار ألكسان  في كلمته إلى أهمية هذا التكريم في هذه المرحلة بالذات التي :"نعاني منها من الحصار القاسي الرهيب الذي فرضه الأعداء على هذا البلد المناضل". وفي الختام، ألقى وزير الثقافة كلمة  تحدث فيها عن إبداعات المكرم الكبير وعن :"تشرف سورية دائماً بمثقفيها"، وأشاد بكتابات ألكسان الصحفية، التي كانت ـ كما وصفها ـ :"خالية من أي تجريح أو شتم فتلك الصحافة النظيفة الصادقة أصبحت شبه معدومة الآن بلدنا".

وتحدّث الوزير في كلمته عن المخزون الفكري والثقافي الذي يملكه جان ألكسان :"فجعل من نفسه حاضرة في الثقافة، وقدّم مشروعه الإنساني منفقاً عمره في خدمة الإنسان وقضاياه، وهو الذي استطاع أن يقبض وباستمرار على اللحظة الهاربة" معتبرا أن تكريمه هو:"تكريم للمبدعين، وأمثولة للأدباء الشباب القادمين".. واختتمت الندوة أعمالها بالبيان الختامي الذي ركّز في توصياته على طباعة بعض الأعمال الأدبية للأديب جان ألكسان ضمن منشورات وزارة الثقافة. ‏  

دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008
أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قراراً بتشكيل مجلس إدارة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية للعام 2008 ترأسه الأمينة العامة للاحتفالية الدكتورة حنان قصاب حسن.. كما أطلق رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجى عطري الحملة الترويجية للاحتفالية حضرها  عدد كبير  من الوزراء و المسئولين وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي المعتمدون في دمشق ورؤساء وأعضاء غرف التجارة والصناعة والسياحة وعدد من المديرين العامين وحشد من المثقفين والإعلاميين. وتتجلى أهمية اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية وصفها رمزا للتاريخ الإنساني ولحضارة البشرية كأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، ولهذه المناسبة أقيم حفل كبير في مكتب عنبر حضره رئيس الوزراء السوري الذي أكد  أن هذه الاحتفالية تشكل "لحظة مؤثرة تعيش في وجدان كل مواطن سوري وكل فرد منا ينبض في أعماقه حب دمشق مدينة الياسمين وحب سورية التي كانت أرضها منذ الأزل ملتقى الحضارات وقوافل التجارة ومركز الحوار الفكري والتبادل المعرفي فضلا عن كونها مدرج التاريخ وأرض الأبجدية ومهد الديانات السماوية ومنبع القيم الروحية والجمالية ".

مضيفا أن دمشق عز الشرق و حاضنة العروبة وعاصمة القرار والقلعة الحصينة في التصدي لحملات التشويه الفكري والتضليل الإعلامي الذي يستهدف تراث الأمة العربية وقيمها لم تكن عاصمة سياسية فحسب و إنما كانت "العاصمة الثقافية والتجارية والاقتصادية ومنها انطلقت مواكب الفتح وحمل معها أجدادنا الفاتحون مبادئ الإسلام وقيمه السمحاء وفنون اللغة والحضارة والثقافة ونشروها بين أمم الأرض وشعوبها رسالة سلام ومحبة ورسالة تسامح و إخاء". مستشهدا بما تشهده الساحة الإبداعية من تكريم للأدباء والمبدعين والاحتفاء بالرموز والشخصيات التي أغنت الحياة الثقافية والعلمية والفكرية في سورية و التي امتد أثرها ليشمل الساحتين العربية والدولية.

و في  ضوء تلك الدلالات السامية ـ أضاف عطري ـ  فإن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ما هي في جوهرها إلا :"رسالة سورية وصورتها التي نحبها والتي نحرص على أن ننقلها للعالم بكل ما لها من ألق وضياء". ودعا المجتمع السوري أفرادا ومؤسسات وهيئات ثقافية وفعاليات اقتصادية واجتماعية عامة وأهلية إلى الوقوف إلى جانب الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية والتباري في تقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والمبادرات الجماعية والفردية التي توفر لها أسباب النجاح في أداء هذه المهمة الوطنية الجليلة.. وبذل أقصى الجهود لتكون هذه الاحتفالية بنشاطاتها وفعالياتها وما يرافقها من برامج اجتماعية واحتفالات شعبية ومشاريع تبرز الوجه الحضاري المتألق لدمشق عاصمة التاريخ وقلب العروبة النابض. كما ألقى محافظ دمشق الدكتور بشر الصبان كلمة أكد فيها أن المحافظة وضعت خطة لتهيئة مسرح الاحتفالية وتهيئة الأبنية الأثرية والتاريخية ومحيطها ولاسيما في دمشق القديمة وكافة المناطق الأثرية مضيفا أن دمشق الشام :"كانت وستبقى عنوان التراث الإنساني واهم معاقل الصداقة الإنسانية بكل معانيها". ومن جانبه أشار د.راتب الشلاح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية رئيس غرفة تجارة دمشق في كلمته  إلى دور المؤسسات والفعاليات الاقتصادية ورجال الأعمال والتجار في رفد هذه الاحتفالية بكل دعم لتظهر دمشق عاصمة للثقافة العربية بكل ما تقتضيه المناسبة مؤكدا أن الفعاليات الاقتصادية سيكون لها الدور الفاعل والكامل تجاه عاصمتنا التاريخية حاضرا ومستقبلا.

بينما نوهت د.حنان قصاب حسن الأمينة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية إلى أن دمشق مهد الفكر القومي العروبي وأول مركز جامعي لتعريب المصطلحات :"لن يكون غريبا عليها أن تكون عاصمة ثقافية" مؤكدة أن سورية ستقدم في العام /2008/ :"صورة مشرقة عن الثقافة يتناغم فيها إرث الماضي ونتاج الحاضر ومتطلبات المستقبل". واختتم الاحتفال بحفل غنائي لفنانين سورين قدما فيه مجموعة من الأغنيات المعبرة عن المناسبة..

وفي هذا السياق أطلقت الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية المنح الإنتاجية المخصصة لتمويل مشاريع ثقافية خاصة بالشباب، منوهة أن الأولوية لجودة العمل الفني وطريقة التعاطي مع الفكرة وذلك في ثلاث مجالات فنية وهي أفلام الرسوم المتحركة والأفلام الروائية القصيرة والأفلام التسجيلية، والمسرح، وعروض الرقص المعاصر. كما كان اتحاد الكتاب العرب بدمشق قد أعلن مؤخرا عن نشاطه المزمع تنفيذه في احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية وقد أقرت اللجنة التابعة للاتحاد والمكونة من :د. حسين جمعة رئيس الاتحاد, ود.خليل موسى, د. محمود الربداوي, د.عبدو عبود, الشاعر عبد القادر الحصني مجموعة من الاقتراحات منها:

أولا ـ إقامة ندوات متنوعة وهي:
ـ  ندوة الأدب العربي عند الآخر بمشاركة عالمية من أدباء وكتاب.‏‏
ـ ندوة عن الترجمة بمشاركة مترجمين ونقاد أجانب وعرب.‏‏
ـ ندوة عن اللغة العربية بالتعاون مع مجمع اللغة العربية‏‏
ـ إقامة ندوة عن أعلام النهضة.‏‏
ـ ندوة عن دور الخلافة الأموية‏‏.

ثانيا ـ إقامة معارض كتاب دائمة وبأسعار تشجيعية‏‏.

ثالثا ـ طبع مجموعة من الكتب.

رابعا ـ إقامة مهرجان للشعر العربي ومهرجان للقصة.‏‏

خامسا ـ إقامة معارض للصور الضوئية (دمشق في القرنين التاسع عشر والحادي والعشرين.‏‏

يشار إلى أن وزراء الثقافة العرب اتفقوا العام الماضي على أن تكون دمشق أقدم عاصمة في التاريخ عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 ، بعد الجزائر وهي عاصمة الثقافة العربية للعام الجاري 2007 ، فيما تم اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009. و تعكف الجهات المختصة حاليا بالتحضير للاحتفالية من خلال ترميم العديد من المواقع الأثرية والثقافية في دمشق ، وإنجاز العديد من المشاريع الخدمية، و تتضمن الاحتفالية نشاطات سينمائية ومسرحية ومعارض فنية ومعارض كتب وأمسيات ثقافية وموسيقية عديدة.