تقرير من القدس

حقائق ومعطيات خطيرة عن إجراءات تهويد مدينة القدس الشريف

زينب خليل عودة

نشر مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، حقائق ومعطيات جديدة حول المدينة المقدسة التي يواجه فيها الفلسطينيون أخطار التهجير من مدينتهم ترجمة للإستراتيجية الإسرائيلية التي وضعت عام 1967 والقائمة على المبدأين المتلخصين بزيادة عدد السكان اليهود في القدس الشرقية وتقويض النمو الفلسطيني في المدينة وإجبارهم على السكن في أي مكان خارج المدينة المقدسة.

أولا: - الوضع القانوني للمدينة

تطرقت المعطيات إلى الوضع القانوني للمدينة المقدسة، وأشارت في هذا الشأن إلى الحقائق التالية: يعتبر القانون الدولي مدينة القدس جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وبالتالي تنطبق عليها اتفاقات جنيف الأربعة، مما يفند الادعاء الإسرائيلي بضم المدينة. ويرفض القانون الدولي السيطرة الإسرائيلية على كل من الضفة الغربية وبضمنها القدس الشرقية والإقرار بأن القدس 'العاصمة الأبدية الموحدة ' لإسرائيل. وباستمرار، أدان القانون الدولي المحاولات المتواصلة من إسرائيل لتغيير وضع المدينة المقدسة. في 16 كانون الأول 1949 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك دفيد بن غوريون، بأن القدس ستكون عاصمة إسرائيل بدء من الأول من كانون ثاني 1950. في عام 1948، بلغت نسبة الممتلكات العربية في القدس الغربية 40% للفلسطينيين و34% تابعة للأوقاف الإسلامية والكنائس وحكومة فلسطين في حين أن 26% فقط كانت مملوكة لليهود. في 27 حزيران 1967، صادقت الكنيست الإسرائيلية على قانون 'ضم القدس' في مخالفة فاضحة للمادة 47 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحرم ضم الأراضي المحتلة.

وفي عام 1968، صدر قرار الشؤون القانونية والإدارية (التعديل رقم 11) ليستكمل قانون العام 1967 الذي أرسى الأرضية القانونية لسريان القانون الإداري الإسرائيلي على القدس الشرقية، حيث هدف القانون إلى الضمان بأن المساحات التي ضمت والسكان خاضعين للقانون الإسرائيلي. وهناك قانون البلديات (معدل) للعام 1967 الذي يخول وزير الداخلية توسيع أية بلدية من خلال تضمينها في أية منطقة مشمولة في القانون الأول. غير أن المادة 64 من معاهدة جنيف الرابعة تدعو القوة المحتلة (إسرائيل) إلى عدم تغيير القوانين التي كانت سارية في الأراضي المحتلة إلا في الحالات التي تمكنها من الوفاء بالتزاماتها بحسب القانون الدولي الإنساني، ولغرض إدارة الأراضي ولضمان أمن القوة المحتلة فقط.

في 30 تموز 1980 أصدرت الحكومة الإسرائيلية القانون الأساس الذي يعتبر القدس عاصمة إسرائيل، حيث تنص المادة الأولى على أن 'القدس الأبدية الموحدة هي عاصمة إسرائيل.' لكن مجلس الأمن الدولي رد في نفس العام على القرار الإسرائيلي بالقرار 478 الذي أكد على أن 'تطبيق القانون الأساس من قبل إسرائيل يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا يؤثر على مواصلة انطباق معاهدة جنيف الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب في الأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى التي احتلت في حزيران 1967 وبضمنها القدس.'

كما أكد مجلس الأمن على عدم اعترافه بالقرار الإسرائيلي وأشار إلى أن 'جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والأعمال التي قامت بها إسرائيل، القوة المحتلة، التي غيرت أو تستهدف تغيير طابع ووضع مدينة القدس المقدسة، وعلى وجه التحديد (القانون الأساس) الأخير بخصوص القدس هي لاغيه وباطلة ويجب إلغاؤها فورا.  كما أن قرارات مجلس الأمن الدولي: 242، 252، 253، 254، 267، 298 إضافة إلى قراري الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة 2253 و2254 وغيرها لا تقر بالإجراءات والممارسات الإسرائيلية في المدينة.

ثانيا: الأرض والاستيطان

وكشفت المعطيات التي نشرها مركز القدس عن حقائق جديدة فيما يتعلق بنهب أراضي المقدسيين واستلابها لصالح المشاريع الاستيطانية ومن أبرزها: تعاني المدينة المقدسة من نظام سكني معقد جراء السياسيات الإسرائيلية الهادفة بشكل أساسي إلى خفض عدد المواطنين الفلسطينيين في القدس. ويمكن ملاحظة ذلك بكل جلاء في الخطة الهيكلية الإسرائيلية 2020 التي تهدف إلى 'ضمان أغلبية يهودية مطلقة في المدينة من خلال خلق إطار لمواصلة تطوير المدينة كعاصمة للدولة 'اليهودية' ومقر لحكومتها،' إضافة إلى تحقيق الهدف بعيد المدى الذي يعكس الرؤية المستقبلية للمدينة كما تصوره الآباء' وفقا لما أوردته ديباجة الخطة. وبموجب المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة فإنه 'يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.' وفي محاولة من إسرائيل جعل ضم القدس حقيقة قائمة، تمنح الحكومة الإسرائيلية الأولوية العلنية لها في السيطرة على الأرض وبخاصة في مجال مصادرة الأراضي 'للصالح العام' عملا بقانون اكتساب الأرض للأغراض العامة الذي يعود للعام 1943.

غير انه ومنذ العام 1967، قامت الحكومة الإسرائيلية بإعادة رسم حدود بلدية القدس لتشمل القدس الشرقية والأراضي المجاورة لها. وفي هذا السياق جرى ضم 70,500 دونما كانت حصريا مملوكة للفلسطينيين وبضمنها أراضي 28 قرية، لكن الضم لإسرائيل تم بدون السكان.  كما انه في 28 حزيران قرر الكنيست الإسرائيلية توسيع الحدود 'لبلدية للقدس' إلى عشرة إضعاف، بعد ضم ما مجملة 28% من مساحة الضفة الغربية، بحيث أصبحت القدس الآن المدينة الأكبر. هذا مع العلم أن الضم بالقوة محظور وفقا للقانون الدولي، جاء في المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر اللجوء إلى القوة أو التهديد بها ضد سلامة أراضي الدول. ولقد جرى التأكيد على هذا المبدأ في القرار 2625 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970. ويشار إلى انه بعد عامين من التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت لجنة وزارية خطة لتطوير المدينة على نطاق واسع، أطلقت عليها خطة العاصمة، حيث تغطي ما مساحته 40% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية. وتبلغ مساحة الخطة 950 كلم مربع.

واليوم هناك فقط 7,000 دونما تمثل 10% من مساحة الأراضي الواقعة في استخدام أصحابها الفلسطينيين، قامت إسرائيل بمصادرة 35% منها للمنفعة العامة، لكنها حولت فيما بعد إلى مستوطنات يهودية. وقامت البلدية بتجميد أعمال التخطيط لما مساحته 58% من الأراضي. وكنتيجة لذلك، بقي ما مساحته 23% من الأراضي بدون تخطيط هيكلي و17% من الأراضي في طور التخطيط، فيما وضعت مخططات هيكلية لـ25% من الأراضي منها فقط 7.3% مخصصة للبناء السكني في القدس الشرقية، بينما 14% من تلك الأراضي استخدم لشق الطرق الاستيطانية، حيث توجد في القدس حاليا 15 مستوطنة، يقطنها 200,000 مستوطن. ومع حلول العام 2015 يتوقع أن يرتفع عدد المستوطنين في القدس إلى نصف مليون تقريبا.

ثالثا: السكان المقدسيون

وفيما يتعلق بالوضع الديمغرافي الفلسطيني في المدينة المقدسة يتضح من معطيات مركز القدس ما يلي: عقب احتلال المدينة المقدسة، قامت إسرائيل بإجراء تعداد للسكان في القدس حصرت فيه عدد المقدسيين بنحو 66,000 في الحدود البلدية المعدلة، منهم 44,000 كانوا يقطنون بالقدس في حدود ما قبل 1967 و22,000 يقطنون في المناطق التي ضمتها إسرائيل. يشار إلى أن الإحصاء استبعد جميع المقدسيين الذين لم يكونوا متواجدين في مدينتهم خلال عملية الإحصاء كالعمال والمسافرين والطلبة في الخارج وغيرهم.  وفي عام 1973، وضعت اللجنة الوزارية المعروفة باسم لجنة 'غافني' سياسة التوازن الديمغرافي. القاضية بإبقاء نسبة العرب في المدينة عند حدود 30% واليهود 70% من السكان. وتعيش قرابة الـ 56.1% من الأسر الفلسطينية و74.4% من الأطفال تحت خطر الفقر على اقل من دولار في اليوم وفقا لمعطيات العام 2008. وبلغ عدد الفلسطينيين في القدس 261,000 من بين إجمالي عدد سكان المدينة البالغ 774,000 وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي للعام 2009، في حين بلغ عدد المقدسيين في محافظة القدس 382,041 من بينهم 237,301 يعيشون داخل الحدود البلدية، وذلك بحسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. ويتوقع أن يصل عدد الفلسطينيين في المدينة المقدسة إلى نصف مليون مع حلول العام 2015.

رابعا: الإسكان وهدم المنازل:

وتطرق تقرير مركز القدس إلى سياسة هدم المنازل في القدس وواقع الإسكان الفلسطيني في المدينة المقدسة، فأشار إلى ما يلي: ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 25 الفقرة 1 على أن 'لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.' كما تنص المادة 11 الفقرة 1 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن ' تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر.'

لكن إسرائيل تقوم بفرض الكثير من القيود على الفلسطينيين في مجال الحصول على تراخيص البناء في القدس الشرقية. علما أن المقدسيين بحاجة إلى 2000 وحدة سكنية في العام لسد احتياج نموهم الطبيعي، لكن 'البلدية' أصدرت 18 رخصة بناء فقط في العام 2008 وفقا لما صرح به 'مسؤول شؤون القدس الشرقية' في بلدية الاحتلال ياكير سيغيف، حيث شملت الرخص رخصة لبناء جدار استنادي للمقبرة اليوسفية في القدس بتمويل من الحكومة التركية، مما يؤكد بأن الرخص لا تكون في مجملها للبناء السكني. وتتراوح نفقات الحصول على رخصة البناء ما بين 25 و30 ألف دولارا أميركيا. هذا في حين يضطر الفلسطيني إلى قضاء فترة انتظار تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات قبيل الحصول على رخصة، علما أن إصدار الرخص هي بنسبة 5% من الحجم الإجمالي للطلبات المقدمة 'للبلدية'. وكانت بلدية الاحتلال قد جبت 17,710,00 مليون شيقل إسرائيلي كمخالفات بناء من المقدسيين ووفقا للمعطيات التي تسلمها مركز القدس من 'البلدية'. ويصل العدد إلى الآلاف من الحاصلين على مخالفات بناء، لا تقدر غالبيتهم على دفعها بسبب ظروفهم الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسبة الفقر بينهم. وبشار إلى أن بلدية الاحتلال في القدس هدمت ما يقارب من 9,000 منزل فلسطيني منذ 1967 حيث قامت ما بين عامي 2000 و2008 بهدف 837 منزلا. وبحسب إحصاءات 'البلدية' هناك نحو 20,000 بناء غير مرخص في القدس الشرقية بضمنها 657 منزلا في حي سلوان لوحده.

وكانت سلطات الاحتلال قد أنشأت في العام 1997 وحدة خاصة بالشرطة مهمتها متابعة قضايا هدم المنازل. وحسب المعطيات المتوفرة لدى مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، قامت بلدية الاحتلال في القدس بهدم 88 منزلا عام 2009 مما أدى إلى تهجير 528 فلسطينيا. كما أصدرت في نفس الفترة 1550 أمر هدم. وفي حال تنفيذ أوامر هدم المنازل غير المرخصة في القدس، فهذا يعني أن ما يقارب من 120,00 فلسطيني سينضمون إلى قوافل المهجرين من القدس. هذا، ويبلغ معدل هدم البيوت في القدس 150 منزلا في العام. وتبلغ قيمة إيجارات المنازل في الأحياء العربية في القدس ضعف قيمتها في المستوطنات الإسرائيلية في القدس حيث يبلغ معدل الإيجار هناك نحو 400 دولار أميركي.

خامسا: حقوق الإقامة:

كما تناول التقرير شرحا تفصيليا عن موضوع حق الإقامة الذي يشغل بال المقدسيين، لارتباطه بسياسة 'الترانسفير' الصامت التي تطبقها إسرائيل بوتيرة عالية بحق المقدسيين القاطنين خارج الحدود البلدية المصطنعة للمدينة المقدسة، وفق ما توضحه المعطيات التالية: في 5 تموز 1950، اصدر الكنيست الإسرائيلي ما سمي بقانون العودة الذي منح 'حق العودة' لكل يهودي إلى إسرائيل. ووفقا لهذا القانون وقانون الجنسية الإسرائيلي للعام 1952، فمن حق كل يهودي في العام الحصول على الجنسية الإسرائيلية الفورية. في حين اعتبر سكان القدس الفلسطينيين، السكان الأصليين للبلاد، كمقيمين دائمين في مدينتهم. وتنص المادة 11 الفقرة أ من قانون العودة لإسرائيل أن الإقامة الدائمة قد تلغى عندما يقيم حاملها في بلد أجنبي أو خارج الحدود البلدية للمدينة لمدة تزيد عن سبع سنوات. هذا في الوقت الذي يمنح فيه قانون العودة لأي يهودية أو يهودية متزوج أو متزوجة لمواطنة أو مواطن يهودي حق المواطنة الإسرائيلية الفورية.

وفي العام 1952 تبنى 'قانون الدخول إلى إسرائيل 'سياسة التطهير العرقي صراحة، حيث منح حق سحب المواطنة الدائمة كما وفر الغطاء القانوني لذلك لغاية العام 1988. ويستهدف هذا القانون: أهالي القدس ممن يقيمون خارج الحدود للبلدية وحتى وإن كان ذلك في الضفة الغربية لمدة تزيد عن 7 سنوات، او المقدسيين الذين تقدموا للحصول على الإقامة في بلد أجنبي أو الحصول على جنسية ذلك البلد أو المقدسي الذي اقترن بحامل جنسية أجنبية وحصل عليها أو المقدسيين الذين تصنفهم إسرائيل على أنهم يشكلون خطرا على أمنها. وفي العام 1988 تم استحداث معيار جديد يتمثل في ما سمي بمركز الحياة والذي يتيح سحب هويات المقدسيين حتى وإن كانوا يعيشون في القدس لكن مركز حياتهم في الضفة، مما يعني إلغاء شرط السبع سنوات. وفي العام 2002 تبنت إسرائيل القانون رقم 1813 المؤقت الخاص بلم الشمل والجنسية والدخول لإسرائيل الذي جمد لم شمل الأسر التي احد أفرادها غير حاصل على الجنسية الإسرائيلي أو الإقامة الدائمة. غير أن تعديل القانون عام 2005 الذي حدد سن طالب لم الشمل حيث حصر سن المرأة بعمر 25 عاما والرجل 35. علما انه منذ 2005 تقدم أكثر من 120,00 مواطن بالحصول على طلبات لم الشمل.

وبلغ عدد الفلسطينيين الذين سحبت هوياتهم من تاريخ بدء الاحتلال ولغاية العام 2008 أكثر من 13,135 مواطنا.  ووفقا لمعطيات نشرتها صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية فان السلطات الإسرائيلية قامت بسحب 1,363 بطاقة هوية مقدسية عام 2006 مما يعد زيادة قدرها 500% عن عدد ما سحب عام 2005.  وفي عام 2008  قامت وزارة الداخلية بسحب 4,577 بطاقة هوية من المقدسيين بضمنهم 99 طفلا. ويشكل هذا العدد نصف عدد من سحبت هوياتهم ما بين 1967 وعام 2007.  ووفقا لمعطيات مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية هناك حوالي 10 آلاف طفل فلسطيني غير مسجلين في بطاقات هويات والديهم، مما يحرم ما نسبته 23.6% من الأطفال من الحق في التعليم وتلقي الرعاية الصحية. وفي 13 نيسان 2010 دخل حيز التنفيذ قانون منع التسلل رقم 1650 (التعديل رقم 2) الذي يشمل المقدسيين المحرومين من حق الإقامة لكنهم يعيشون في القدس، حيث يعتبرهم القانون متسللين مما يعرضهم لدفع الغرامات والسجن لغاية 7 سنوات.

سادسا: الحقوق السياسية

أما بالنسبة للحقوق السياسية للمقدسيين والتي تنتهكها إسرائيل بصورة يومية، ولا تعترف بها، فيشير إليها تقرير مركز القدس من خلال الحقائق التالية: وفقا للمادة 27 من معاهدة جنيف الرابعة فإن 'للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم. ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير.' وبحسب المادة 75 من البروتوكول الإضافي، يجب معاملة الفلسطينيين تحت الاحتلال بـ ' دون أي تمييز مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو على أساس أية معايير أخرى مماثلة.'إلا أن سلطات الاحتلال تمنع الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم السياسية. وكانت في 2 آب 2001 أقدمت على إغلاق مقر الوفد الفلسطيني المفاوض في القدس (بيت الشرق)، على الرغم من رسالة شمعون بيرس إلى وزير الخارجية النرويجي يوهان هولست في 11 تشرين أول 1993 التي وعد فيها 'بعدم عرقلة أنشطتها' وتشجيع عملها المهم. وفي كانون ثاني 2005، مررت السلطات الإسرائيلية قانون منع السلطة الوطنية من ممارسة أي نشاط سياسي في المدينة المقدسة.

ومع أن عدد المقدسيين ممن امتلكوا حق الاقتراع في الانتخابات التشريعية عام 2006 وصل إلى 66,599 إلا أن السلطات الإسرائيلية سمحت فقط لـ 5367 فلسطيني بالتصويت في 5 مكاتب للبريد، فيها 11 محطة انتخابية بالمدينة بحجة أن تلك المكاتب لا تستوعب أكثر من ذلك العدد. وفي الكثير من المناسبات، منعت السلطات الإسرائيلية المقدسيين من إحياء حتى المناسبات الثقافية بحجة إشراف السلطة الفلسطينية عليها. فمثلا قام وزير الداخلية الإسرائيلية بالتوقع على أمر إغلاق مسرح الحكواتي لمنع تنظيم مهرجان الأدب بمشاركة أدباء من مختلف أنحاء العالم والذي كان يفترض أن ينظم ما بين 23 و28 أيار 2009. غير أنه عقب إغلاق المسرح احتضن المركز الثقافي الفرنسي والمجلس الثقافي البريطاني حفلي الافتتاح والختام للمهرجان.

سابعا: - التعليم في القدس

كما يتطرق التقرير إلى المشكلات المعقدة التي تواجه قطاع التعليم الفلسطيني في القدس ومن أبرزها النقص الحاد في الغرف الصناعية، وامتناع 'البلدية'عن إيجاد حلول ناجعة لهذه المشكلات، في وقت تواصل جهودها للسيطرة على هذا القطاع وتهويده، كما توضح ذلك الحقائق التالية: تقدر احتياجات مدينة القدس من الغرف الصفية بنحو 1400 غرفة، في وقت تعاني فيه المدارس من بنية تحتية ضعيفة، حيث تبلغ الكثافة في الصف 0.9 مترا مربعا لكل طالب، علما انه وفقا للمعايير الدولية فان معدل الكثافة يصل ما بين 1.25 إلى 2.0 مترا مربعا لكل طالب. وهناك حوالي 10,000 طالب فلسطيني خارج النظام التعليمي بسبب النقص في الغرف الصفية. وتفتقر معظم المدارس إلى البيئة الصحية والمرافق الملائمة مثل المختبرات والمكتبات والملاعب ومختبرات الكمبيوتر. مع التأكيد أن معظم المدارس تعمل في أبنية مستأجرة بنيت أصلا لتكون مساكنا وليس مدارس. وتبلغ نسبة التسرب من المدارس التي تشرف عليها بلدية الاحتلال في القدس ما بين 45 إلى 48% وسط الطلبة المقدسيين. ومن بين ما يربو عن 33,000 طالب و2,000 أستاذ في مدارس القدس الشرقية، يواجه 6,000 طالب و650 أستاذا صعوبات جمة في الوصول إلى مدارسهم بسبب جدار العزل الإسرائيلي. كما أن الآثار النفسية الناجمة عن جدار الفصل والمعابر والحواجز ترك آثارها السلبية على تحصيل الطلبة وانجاز المعلمين.

وفي عام 2008 أنفقت بلدية الاحتلال في القدس مبلغ 577 شيقل لكل طالب مدرسة ابتدائية في القدس الشرقية مقارنة مع 2,372 شيقل لكل طالب يهودي في القدس الغربية، حيث أن إنفاق البلدية في القدس الغربية وصل إلى 2.7 مرة أكثر من قيمة الإنفاقات في القدس الشرقية. في العام 2007 أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا يلزم بلدية الاحتلال ببناء ما مجموعه 400 غرفة صفية حتى بداية العام 2011 ، أي بمعدل 80 غرفة صفية في العام الواحد. إلا أن 'البلدية' لم تبن إلا عدد ضئيل جدا من الغرف الصفية، اقتصر على تشييد مدرسة واحدة في رأس العمود بدأت العمل مطلع العام الدراسي الحالي، في حين يتواصل العمل ببناء مدرسة أخرى في واد قدوم من المقرر أن تفتح أبوابها العام الدراسي القادم أيلول 2010 . كما يجري في هذه المرحلة بناء طابق واحد في مدرسة الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة في بلدة العيسوية. أما المدارس الأخرى والتي تقرر بناؤها فلا تزال في إطار التصميم.

ثامنا: بناء جدار العزل والاغلاقات

وتتطرق معطيات مركز القدس إلى الجدار العازل الذي طوق مدينة القدس، والاغلاقات المفروضة على المدينة المقدسة، وتأثيراته المدمرة على الوجود الفلسطيني حيث يتضح ما يلي: في 28 آذار 1993، (عام التوقيع على اتفاق أوسلو) قامت سلطات الاحتلال بإغلاق المدينة المقدسة إمام فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي 20 أيار 2002، قررت الحكومة الاسرائيلية بناء جدار الفصل حول القدس بطول 730 كلم وارتفاع ثمانية أمتار. وفي 10 تموز 2005 صادقت الحكومة الاسرائيلية على مسار جدار العزل حول مدينة القدس الذي يعمل على عزل 55 ألف مقدسي خارجه. كما انه يعمل على عزل القدس عن محيطها الجغرافي والاستراتيجي في الضفة الغربية. وفي 9 تموز 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري الخاص باعتبار الجدار غير قانوني وطالبت إسرائيل بتفكيكه وبخاصة أجزائه الواقعة في القدس الشرقية كما دعت إلى تقديم تعويضات للمتضررين منه. ويبلغ مقطع الجدار في محافظة القدس 181 كلم وفقط 5 كليو مترات منه بنيت على الخط الأخضر. حرم الجدار نحو 15,000 مقدسي يقطنون في قلنديا وكفر عقب من الوصول إلى أماكن عملهم والأسواق في القدس, وبخاصة بعد تحويل حاجز قلنديا إلى معبر حدودي. وعزل الجدار نحو 40% من سكان القدس عن مدينتهم. كما أن الجدار حرم 72.1% من الأسر من الوصول إلى جامعاتهم وكلياتهم بسبب الجدار والاغلاقات في المنطقة. وإضافة إلى ذلك فإن 69.4% من الأسر المنخرطة في التعليم الأساسي والثانوي اجبروا على الغياب. وبالنسبة لما نسبته 94.7% من الأسر، شكل الوقت المستهلك في التحرك عبر الحواجز عائقا لأفرادها (94.5% داخل الجدار و95.0% خارج الجدار).  وفي السابع من كانون ثاني 2010 اعترف 'مسؤول ملف القدس الشرقية' في بلدية الاحتلال ياكير سيغف بأن مسار جدار العزل القدس بني لأغراض ديموغرافية بهدف استبعاد 55,000 مقدسي خارج الجدار.

دور مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية

يذكر أن مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الذي تأسس عام 1997 من أكثر المراكز الناشطة في مجال مراقبة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في القدس إضافة إلى تقديمه للاستشارات والمرافعات القانونية، ونشاطاته المختلفة في مجال العمل الأهلي في مدينة القدس في مواجهة الانتهاكات الاسرائيلية وحماية حقوق المواطنين في المدينة. فقد ترافع المركز العام الماضي عن 67 قضية في المحاكم الاسرائيلية توزعت كالتالي: 31 قضية مخالفات بناء وأوامر هدم، 13 تأمين وطني، 10 قضايا لم شمل و3 قضايا متفرقة وقضية واحدة لتسجيل الأولاد. كما قدم المركز 1050 استشارة قانونية وزعت كالتالي: 359 قضية بناء وأوامر هدم، 320 قضية أرنونا، 159 قضية لم شمل و120 قضية تأمين وطني و58 قضية متفرقة و34 قضية تسجيل أطفال.