لكي نذهب مرحلة أبعد في تحاليلنا ـ هكذا يزعم هايدغر ـ يجب الإستعانة بالشّعر العَالِم وطلب المساعدة من الفكر المفكّر بواسطة الشعر التراجيدي. وهنا تدخل جوقة أنتيغون (Antigone)، حيث تُذكَر فيها كلمة (dikè) "العدالة"، والتي تعني، حسب هايدغر، فوزيس، وهايدغر يزعم البرهنة على ذلك من خلال بعض الشذرات لأنكسيمندر وهرقليطس، والتي هي حسب ج. فال: «مصطنعة إلى درجة أنه يمكننا القول بأن هذين الفيلسوفين لا يتكلّمان عن نفس فكرة العدالة (1)». وهنا تبدأ المهزلة، علاوة على الأساطير التي رأيناها أعلاه «التفكير (noein) هو (في رأي هايدغر) عنف يستخدمه الإنسان ضدّ الطبيعة.... الإنسان بقرار عنيف يُجَمِّع، عن طريق اللوغوس، الوجود. ولكن أليس الوجود ذاته مُجَمَّعا؟ نحن هنا بإزاء تجميع مُضاعَف (بالقوّة الثانية) (à la seconde puissance) وبإزاء العنف نحو المُجمَّع الذي هو الطبيعة، والتي هي بدورها عنف بما هي تجميع للأضداد. هذا ما قرأه هايدغر في نصّ سوفكليس (2) (Sophocle)».
محمد المزوغي، أستاذ الفلسفة بمعهد الدراسات العربية والإسلامية. روما
محمد المزوغي، أستاذ الفلسفة بمعهد الدراسات العربية والإسلامية. روما