تستخرج لنا الدكتورة أثير محمد على من طوايا الذاكرة المنسية تلك المقالة التي كتبت قبل ثمانين عاما ولكنها تطرح أسئلتها المدببة على حاضر مصر الأن وهويتها بعد عودة الاستعمار إليها.

الوطنية المصرية لسلامة موسى

أثير محمد على

يبدو هذا المقال الذي كتب قبل ثمانين عاما على وجه التحديد، وكأنه يطلب منا إعادة تأمل التاريخ، ويرهف وعينا بأهمية الذاكرة التاريخية في بلورة أي شعور جمعي وطني. فسلامة موسى لا يخفي فيه انحيازه للتقدم، ويؤكد العلاقة المهمة بين أواصر الوطنية والهوية وبين الصراع من أجل الحرية والتحرر، حرية الرجل وتحرر المرأة معا. وهو يقدم أواصر المواطنة والاستقلال على أي آصرة أخرى بما في ذلك الدين، الذي كان حسن البنا قد أسس قبل شهور من نشر هذا المقال جماعته المشهورة التي تقدم الأخوة في الدين على كل ما عداها من علاقات وأواصر. إزاء هذا الارتداد الذي نعاني اليوم من عقابيله، يطرح سلامه موسى دروس التاريخ، ودروس الآخر التركي في آن. بصورة تصبح معها قراءة هذا المقال سبيلا لتأمل الحاضر وانتكاساته.

تاريخ الوطـنية المصـرية

بقلم الأسـتاذ سلامـة موسى

قبل محمد علي

لما وقف الصليبيون يحاربون المسلمين في سورية وفلسطين ومصر لم يكن للقومية أو الوطنية سوى معنى ضيئل جداً بجانب الرابطة الدينية. فكان الانجليزي والفرنسي والايطالي يقفون جنباً إلى جنب بصفة كونهم مسيحيين كما يقف المصري والسوري والعراقي لمقاتلتهم بصفة كونهم مسلمين. وبقيت الحال في أوروبا كذلك إلى أن ظهرت البروتستانتية التي كان من أكبر دواعي نجاحها الشعور الجديد بالقوميات. فاننا إذا تعامينا عن الجانب الديني في النزاع بين الكنيسة البروتستانتية والكنيسة الكاثوليكية رأينا نزاعاً آخر بين الوطنيات أو القوميات الجديدة وبين سلطة البابا. فالبابا يمثل أوربا المسيحية كأنها أمة واحدة والبروتستانتية الجديدة كانت تمثل القوميات الجديدة كل أمة على حدة. ولكن بقيت مع ذلك فكرة القوميات ضعيفة إلى القرن التاسع عشر.

ولم تكن مصر تختلف عن أوربا من هذه الوجهة فإنها إلى عهد قدوم محمد علي إليها لم تكن تعتبر نفسها إلا جزءاً من العالم الإسلامي، وبقيت تنظر إلى نفسها هذه النظرة إلى نحو أربعين سنة مضت. ومن المؤرخين من يعيب علينا بقاء مصر أكثر من ألفي سنة تحت نير الأجانب. ولكن الواقع أن الولاء للدين كان أكبر من الولاء للوطن. فلم يكن المصري يعد نفسه مصرياً بل كان يعد نفسه أيام الرومان مسيحياً، ثم أيام العرب مسلماً، ولا يبالي بعد ذلك من يحكم ما دام دينه يتفق مع دينه. ويجب أن نذكر أن اليونان مثل مصر حكمها الأجانب أكثر من ألفي سنة، ولم يكن لهم في الخمسمائة السنة الماضية عذر المصريين في الولاء للدين. ولكن في القرن التاسع عشر انتصر الولاء للوطن على الولاء للدين وشاع مبدأ القوميات وكان على أقواه في أوربا ثم تسرب إلى الشرق العربي، وكانت مصر أسبق الأمم في هذا الشرق إلى الشعور به.

إلى عهد توفيق

لما استقل محمد علي بمصر وخصوصاً عندما قاتل الدولة العثمانية ونزع عن نفسه وعن مصر الولاء لها كان في عمله هذا ما يبعث الشعور بالوطنية، ولكن محمد علي لم يكن مصرياً، وكان سيء الظن بكفاية المصري، ولذلك كان يستخدم كثيرين من غير المصريين، فلم يقو الشعور بالوطنية في زمنه. ثم جاء عباس الأول فأعاد التصاق مصر بالدولة العثمانية، وزال في عهده الشعور باستقلال مصر أو الولاء لمصر، وعادت مصر شائعة في العالم الإسلامي أو العثماني.

ولكن جاء سعيد باشا فكان يخالف جده محمد علي من حيث أنه لم يكن يحب مصر فقط دون المصريين، بل كان يحب المصريين أيضاً، ولا يميل إلى الأتراك. وقد حكى عنه عرابي أنه أدب مأدبة بقصر النيل للعلماء والأعيان وكبار الموظفين وخطبهم قائلاً:

"أيها الأخوان. إني نظرت أحوال هذا الشعب المصري من حيث التاريخ فوجدته مظلوماً مستعبداً لغيره من أمم الأرض، فقد توالت عليه دول كثيرة كالرعاة والآشوريين والفرس، حتى أهل لوبيا والسودان واليونان والرومان. هذا قبل الإسلام. وبعده تغلب على هذه البلاد كثير من الدول الفاتحة كالأمويين والعباسيين والفاطميين من العرب. ومن الترك والأكراد والشركس. وقد غارت فرنسا عليها واحتلتها في أوائل هذا القرن في زمن بونابرت. وبما أني أعتبر نفسي مصرياً رأيت أن أربي أبناء هذا الشعب وأهذبه حتى أجعله صالحاً لأن يخدم بلاده خدمة صحيحة نافعة، ويستغني بنفسه عن الأجانب، وقد وطدت نفسي على إبراز هذا الرأي من الفكر إلى العمل" قال عرابي أنه لما انتهى من هذه الخطبة خرج الأمراء والعظماء (وكانوا من الشركس والأتراك) وهم حانقون. وخرج المصريون ووجوههم تتهلل.

وجاء بعد ذلك اسماعيل فزاد هذه النزعة الوطنية قوة بما استحدثه من الطرق الأوربية في إدارة مصر، وإجبار الموظفين على اتخاذ الملابس الأوربية، وإيجاد الصحف الوطنية. فإن كل ذلك أوجد رأياً عاماً في مصر يجري في نمطه ونقده على الطريقة الأوربية. وأوجد اسماعيل مجلس النظارة فصار للأمة شخصية لم يكن لها وجود قبلاً. وإذا عرابي قد خرج بعد ذلك على توفيق، وطالب بحقوق الأمة، وتأسيس مجلس نيابي، فالذي أوحى الثورة إليه هو سعيد واسماعيل. الأول بما بثه فيه وفي أمثاله من الوطنية، والثاني بما أوجده في مصر من الأساليب الأوربية التي تبعث في الذهن هذا المعنى. لأن الوطنية كانت إلى ذلك الوقت فكرة أوربية، لا يستسيغها المسلم مصرياً، كان أم غير مصري.

التصادم بين الأمة والخديو

لما جاء توفيق كان العنصر الوطني قد قوي بعض القوة، وصار في البلاد رأي عام ينتقد ويميز نفسه من بقايا الشركس والأتراك، وينشد الاستيلاء على مصالح الحكومة والجيش. وكان هذا العنصر مكبوتاً أيام محمد علي وعباس الأول، ولكن سعيداً واسماعيل عملا على إنهاضه وتقويته. واستطاع الوطنيون أن ينالوا من توفيق مجلساً نيابياً، ولكنه بعد أن سلم به، عاد فأراد أن يجعل هذا المجلس جمعية للخطابة فقط، إذ حرمه من النظر للميزانية، مع أنها أهم ماتشتغل به المجالس النيابية، واستطاع أن يضم إليه في مناوأة الوطنيين دولتي فرنسا وانجلترا. وعندئذ اصطدمت الأمة بالعرش. وكان زعيم الأمة في ذلك الوقت رجلاً فلاحاً هو أحمد عرابي. وربما لم يقم للزعامة الوطنية قبله فلاح منذ ألفي سنة. وكان عرابي قد انضمت إليه طبقة من الأعيان، قد شعروا بمركزهم أمام الموظفين من الأتراك والشركس. ورأى الخديو أنه يمكنه أن يستعيد سلطته الاستبدادية بالإلتجاء إلى فرنسا وانجلترا، ووعده الانجليز بحمايته. ويقول المستر بلنت أن الخديو توفيق دبر مع محافظ الاسكندرية مذبحة الأجانب لكي تزول ثقتهم بعرابي ولكي يتعلل بها الانجليز للدخول إلى القطر المصري.

وتم كل ذلك كما أراد الخديو وألغي المجلس النيابي ونفي عرابي.

أحمد عرابي

الآن وبعد مضي 45 سنة من ثورة عرابي، يمكن القارئ المصري أن يعرف أغراض الثورة وأسباب الهزيمة، ويقدر كفاية عرابي ونزاهته. أما أغراض الثورة كما فهمها الأعيان فهي تقييد سلطة الخديو، وكانوا ينظرون من ذلك إلى منعه من أن يسير سيرة اسماعيل، ويرهق أصحاب الأراضي بالضرائب، ويبعثر أموال الدولة في مصالحة الخاصة. وكانت أغراض الضباط في الجيش والموظفين في الحكومة أن يستولوا على المراكز العالية التي كان يستولي عليها الأتراك والشركس. وكان بين الزعماء جميعهم روح عامة ترغب في التعليم المجاني العام، وفي تحسين حال الفلاح، ونحو ذلك من ضروب الإصلاح. وكانت كل هذه الآمال تتجسم في ذهن عرابي الذي ثبتت نزاهته عند المحاكمة أمام المجلس العسكري، إذ تبين أن كل ثروته التي جمعها طول حياته، ومنها مدة توليته الوزارة، لا تبلغ ثروة مأمور مركز الآن. وهذا غريب في رجل يتهم بالمطامع والخيانة، إذا قوبل بمئات الألوف التي تركها نوبار باشا أو رياض باشا.

ولكن عرابي كان مع نزاهته وإخلاصه للبلاد ضعيف الرأي في الحرب، قليل الاستنارة عن علاقات الدول الكبرى. ولذلك لم يستطع أن يدرك القوة الانجليزية، ولم يفهم أن حياد قناة السويس لا قيمة له في الحرب. ولذلك فإن الانجليز الذين اتحدوا مع الخديو، تمكنوا من استغواء طائفة من الضباط في جيش عرابي، أرشدوا الجيش الانجليزي إلى كبس الجيش المصري في الليل. وبلغ من عناية الضابط علي يوسف خنفس، أن وضع لهم المصابيح حتى لا يضلوا الطريق في الهجوم.

وكوفئ خنفس هذا على خيانته من جنس عمله. فإن الخديو والانجليز رشوه بمقدار من المال، ولما جاء إلى القاهرة بعد الهزيمة وأراد صرف النقود وجدها كلها زائفة. وكان عرابي مع ضعف رأيه في الحرب سليم النية، يقضي معظم وقته في الذكر على الطريقة المألوفة بين الفلاحين. وبسلامة نيته انهزم أمام الخديو والانجليز وانهزمت الأمة معه في أمانيها.

عهد الردة

لما انهزم عرابي ظهرت الطائفة التي كان عرابي يحاربها، وهي طائفة الأتراك، ممثلة في شخص رياض باشا الذي كان أكثر الوزراء حماسة وإلحاحاً في طلب شنق عرابي. ولكن الانجليز كانوا أرحم لعرابي من رياض باشا، وقنعوا بنفيه إلى سيلان، وخصوصاً عندما دخلهم الشك بأن الخديو هو الذي دبر مذبحة الاسكندرية، وأن عرابي بريء منها. وشمل البلاد بعد ذلك نوع من الجمود والتوجس من كل نهضة. وشاع على إثر الهزيمة أن عرابي اتفق مع الانجليز، والأغلب أن توفيق وشيعته هم الذين أشاعوا ذلك، إخفاءً لما دبروه من دخول الانجليز وتشويهاً لسمعة عرابي.

وبقيت هذه الإشاعة إلى مدة قريبة بين العامة حتى بعد رجوع عرابي وهو مهدوم الصحة، محروم من أمواله القليلة التي كانت الحكومة قد استصفتها. ومع أن أملاك الثائرين مثل محمود سامي البارودي قد ردت إليهم وعفي عنهم، إلا عرابي هذا فإن الانتقام منه سواء من توفيق، أم من ابنه عباس بقي إلى يوم وفاته.

وظهر مصطفى كامل بعد الثورة العرابية بنحو عشر سنوات، فجعل يجاهد للاستقلال من سلطة الانجليز، دون أن ينشد الاستقلال من سلطة الدولة العثمانية. على أن هناك من يلتمسون العذر له عن ذلك، بأنه إنما كان يستند إلى الدولة العثمانية استناداً وقتياً، على سبيل وضع القوة التركية في وجه القوة الانجليزية، كما كان يستند أيضاً إلى فرنسا. فإن الظروف السياسية الدولية كانت تحمله على ذلك. وفي رأينا أن الحزب الوطني كان يجب عليه أن يطلب رد عرابي قبل كل شيء. وبذلك يعود الصراع بين الخديوي والأمة بشأن المجلس النيابي، فيشعر الانجليز بذلك بجنايتهم لمساعدة الخديوي على إلغاء هذا المجلس.

حزب الأمة

وجد أعيان البلاد حوالي سنة 1906 أن الحزب الوطني يساير أتوقراطية الخديوي ويرضى عنها، وأن الانجليز يعيرون الوطنيون بأنهم لا يطالبون الاستقلال لأنفسهم، بل لكي تكون بلادهم جزءاً من الدولة العثمانية. وكان بعض هؤلاء الأعيان لا يزالون يذكرون مجلس النواب الذي ألغي سنة 1882، فأسسوا "الجريدة" ووضعوا على رأسها الأستاذ أحمد لطفي السيد، وتسموا باسم "حزب الأمة". وكانت أغراض هذا الحزب تشبه كل الشبه أغراض الوطنيين أيام عرابي، وكان أهم المطالب هو الدستور. وأخذ لطفي السيد يبدي ويعيد كل يوم ثمان سنوات في وجوب الحكم الدستوري، وتحديد معنى الوطنية وقصرها على مصر، حتى أنه عندما نشبت الحرب بين تركيا وايطاليا بشأن طرابلس، وأخذ بعض الناس يتبرعون بأموالهم لمساعدة الأتراك، حضهم هو على عدم التبرع ونصح لهم بقصر جهود المصري على مصر. وبهذه النزعة الجديدة دخل عامل جديد في الحركة الوطنية، نعني الأقباط الذين كانوا يتجنبون الحزب الوطني لممالأته للأتراك ولإكثاره من ذكر جامعة الخلافة.

وجمع لطفي السيد حوله طائفة من الأدباء والمجددين، فظهر طه حسين لأول ما ظهر على صفحات الجريدة. وبينما كان المؤيد صحيفة الخديو واللواء صحيفة الحزب الوطني يجحدان أفكار قاسم أمين عن حرية المرأة، كانت الجريدة تدافع عنها. وعلى صفحاتها ظهرت مقالات السيدة مَلك الباسل أو باحثة البادية. فلما كانت الحرب الكبرى كنا قد دخلنا في طور "الوعي" الوطني.

سعد زغلول

واستمر ضغط الحرب مدة طويلة. وكان الفلاح، نعني العامل، لايزال إلى ذلك الوقت خارجاً عن الحركة الوطنية، مشغولاً بحقله وزرعه. ولكن الحرب الكبرى حزبت الانجليز إلى إستغلاله، وكان هذا الاستغلال ينحصر تحت أسماء مختلفة في تسخيره بما يشبه المجان، وفي سرقة أمواله ومواشيه أو اغتصابها بدفع أثمان إسمية أو بلا دفع شيء. ثم جاء ولسون ينشر على الناس مبادئه. وهي مبادئ ستعيش وسيتذكرها الناس في المستقبل، كأنها من أعلام الرقي الإنساني. ورأى الحلفاء أن يروجوا الدعاية لهذه المبادئ، لبث العقيدة بين الناس أنهم على حق وأعداءهم على باطل. وتعلقنا نحن في مصر بهذه المبادئ، وكنا بتعلقنا ذلك نحلم حلماً لذيذاً. ولكن للأحلام أثرها في إنهاض الأمم وتقدمها.

فلما كانت سنة 1919 ذهب ثلاثة من ساسة البلاد وأعيانها بقيادة سعد زغلول باشا يطلبون الحكومة الذاتية لمصر. وكان هذا الطلب متواضعاً بالنسبة لما فعله بث هذه المبادئ التي أذاعها ولسون على العالم. ولكن النفس الانجليزية ضنت علينا بهذا الطلب المتواضع، ثم عمدت بعد ذلك إلى الطريقة الألمانية التي كانت تشنع عليها، وهي العنف، فقبضت على سعد وأصحابه، وأبعدتهم عن مصر. وهنا ظهرت فائدة الضغط الذي لحق بالفلاح مدة الحرب في نفسه وفي ماله، فصارت الأمة المصرية بأجمعها حزباً وطنياً، لا يطلب الحكم الذاتي فقط، بل الاستقلال التام. وصار الفلاح يشتغل بالسياسة كما يشتغل الطلبة بها. وما زلنا في جهاد الاستقلال التام.

* * *

والآن يجب أن نلاحظ شيئاً اشترك فيه الثائرون المصريون مع الثائرين الأتراك. ففي تركيا الآن لا يبالي الوطني التركي بأية جامعة سوى جامعة الوطن، وقصر جهوده على تركيا حتى باتت تركيا التي تولت على سوريا أكثر من 400 سنة غريبة عنها، كأنها لا تعرفها، وباتت علاقتها بجزيرة العرب أو العراق علاقة الغريب بالغريب. وعندما نتأمل أحوال الوطنيين المصريين مثل سعيد باشا واسماعيل وعرابي ولطفي السيد نجد هذه النزعة أيضاً سائدة بين جميع الزعماء مع استثناء مصطفى كامل فقط. فهم كلهم كانوا يرغبون في ترقية مصر والعمل لاستقلالها من تركيا، وقصر الجهود المصرية على مصر. وهذا هو وجه الشبه بيننا وبين تركيا.

والغريب أن بعض أقطار الشرق العربي تنظر إلينا، كما كانت مصر تنظر إلى تركيا عقب ثورة عرابي. وسكان هذه الأقطار يغضبون منا إذا صرحنا لهم بأننا نحب أن نقصر جهودنا على مصر، ومع ذلك يجب أن يعرفوا أن الحزب الوطني الآن يقر بخطئه في اعتماده على تركيا مدة طويلة. ويرى القارئ أني قد نظرت في هذا المقال إلى التمييز بين الولاء للدين والولاء للوطن. ولكني مع ذلك لا أقصد من هذا التمييز إلى مفاضلة بينهما، وإنما إلى تقرير الواقع. وقد تكون نجمت من الحزب الوطني أشياء لا تتفق والوطنية أو التجديد، ولكن يجب أن أقر مع ذلك أن الحزب الوطني قد أدى لمصر والمصريين خدمات لاتنسى.

(الهلال، ج 3، س 36، أول يناير 1928)