الدرس السيميائي واللساني المغاربي

من علاء نعماني

بقاعة الاجتماعات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، جامعة الحسن الثاني المحمدية، ومن تنظيم مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، التأم اللقاء العلمي الذي استضاف السيميائي الجزائري الأستاذ الدكتور رشيد بن مالك ( باحث أكاديمي ورئيس مركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربية) في محور حول أسئلة الدرس السيميائي واللساني المغاربي، بحضور باحثين جزائريين هما الشريف مريبعي(جامعة الجزائر) ومحمد بورونة (جامعة وهران) وثلة من الباحثين المغاربة في مجال اللسانيات والسيميائيات، وهم عبد اللطيف محفوظ ريس قسم اللغة العربية وآدابها وحسن نجمي رئيس مسلك الدراسات العربية وباحث في الصواتة والصوتيات، وعبد الواحد خيري مدير مختبر اللسانيات والتواصل، و نور الدين الدنياجي رئيس ماستر الإشهار والتواصل. بالإضافة إلى باحثين في مجالات الأدب واللسانيات ...
وجدير بالذكر أن هذا اللقاء الذي انعقد بعد الزوال، قد سبق بجلسة عمل في الصباح جمعت عبد المجيد قدوري(عميد الكلية وأستاذ باحث في التاريخ المعاصر) والوفد الجزائري بحضور شعيب حليفي وعبد اللطيف محفوظ وحسن نجمي وعبد القادر كنكاي وعبد الواحد خيري ،حيث تم التباحث في شأن ترسيخ تقاليد التعاون الثقافي والعلمي ، خصوصا في مجال الدرس اللساني والسيميائي، وذلك في لأفق دعم مبادرة كلية الآداب التي تشتغل منذ ثلاث سنوات على مشروع ثقافي وعلمي مغاربي تمكن لحد الآن من خلق تواصل مثمر بين الباحثين الأكاديميين والمثقفين المغاربيين.
افتتح اللقاء بكلمة شعيب حليفي( رئيس مختبر السرديات) عن الباحث رشيد بن مالك وإسهاماته في الدرس السيميائي، وعن أهمية التعاون المغاربي بين مختبر السرديات و ومختبرات اللسانيات والتواصل ووالتواصل والمبادرات الإشهارية والرواية والنقد الجديد، مع مركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربية بالجزائر. كما أشار إلى أن هذا اللقاء هو الحلقة الثالثة بعد لقاءين سابقين، الأول بالدار البيضاء يوم سابع دجنبر 2007 في موضوع النقد السميائي المغاربي، والثاني بالجزائر العاصمة يوم ثامن يناير 2008 في محور الندوة المغاربية حول السيميائيات. ليخلص إلى أن هذا اللقاء يندرج في سيرورة تنفيد البرنامج الذي سطره بعض السيميائيين واللسانيين المغاربة والجزائريين، والذي سيتوج بلقاء ثالث حول الدرس السيميائي المغاربي، سيعقد بكلية الآداب بنمسيك في مطلع السنة القادمة.
بعد ذاك ترأس حسن نجمي هذا اللقاء، ليعطي الكلمة للباحث رشيد بن مالك الذي افتتح محاضرته بالإشارة إلى أهمية التعاون المغاربي في مجال البحث العلميٍ، كما تحدث عن المركز الذي يترأسه(مركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربية) مؤكدا أنه كان في البداية موجها توجها شكلانيا دون الأخذ بعين الاعتبار الجانب الدلالي، وبعد ذلك تم اقتراح قسم السيميائيات، واقتراح خلية للترجمة. ويضم المركز الآن مجموعة من الأقسام: قسم المعالجة الآلية للكلام، قسم المعالجة الآلية للغة، قسم التعليميات، قسم علم أمراض الكلام، قسم الذخيرة اللغوية وصناعة المعاجم، وقسم السيميائيات.. وللمركز مجلتان(اللسانيات وبحوث سيميائية.) وينظم ندوات حول إشكالات مطروحة وينظم ملتيقيات وطنية ودولية.
بعد هذا التعريف انتقل إلى الموضوع المعرفي لمداخلته، مركزا على طرح مجموعة من الأسئلة التي يثيرها الدرس السيميائي عموما والعربي خصوصا، سواء منها ما يهم واقعه أوآفاقه أوإشكالاته، مثل بداية البحث السيميائي والعوائق الموجودة أمامه، و مشكلة ترجمة الكتب والدراسات ومعايير انتقائها، ومشكلة فهم وتعريف وترجمة المفاهيم والمصطلحات السيميائية، كما تساءل عن أولويات الانشغال؟ هل نترجم النصوص النظرية أم النصوص التطبيقية؟. كما تعرض لقضايا هامة أخرى من بينها، إشكالية تقطيع النص السردي الطويل، مثل الرواية والنص المسرحي والقصصي عموماوانتهى إلى التساؤل عن الإواليات التي جعلت سيميائيات مدرسة باريس تستطيع بفضلها، أن تتحول إلى آليات مسعفة لمقاربة موضوعات معرفية متعددة الانتماءات الأجناسية، ومتنوعة بين كون أدلتها لفظية أو أيقونية. مؤكدا على أن ذلك التعدد الغني فيما يساهم في ضمان صوغ تحليلات علمية تفيد تلك الموضوعات المعرفية الجزئية، يساهم أيضا في تطوير التفكير في الهيكل العام النظري للسميائيات. وقد مثل لذلك التنوع الغني، الذي يسم السيميائيات، بكتابات فلوش وتوليمان في مجال السيميائيات البصرية المهتمة بالصورة، ومنار حماد وآلان رينيي في مجال الهندسة المعمارية، ووباستيد في مجال البيولوجيا ومجموعة أنتروفيرن في مجال الأديان علاوة على فروعها في مجال الإهتمام بالأجناس الأدبية..
كما تعرض إلى إشكالية التوفيق الممكن بين البروطوكول المنهجي الذي يطرحه الإطار النظري لغريماس، وإكراهات النصوص الفعلية، منبها في هذا الصدد إلى أن القراءة السيميائية للنصوص عليها أن تتعامل بمرونة مع الإجراءات المنهجية لكي تستجيب لخصوصيات النصوص.. لينتهي إلى ذكر الوضع الخاص للسيميائيات السردية بعد رحيل رائدها غريماس، وإلى التساؤل عن جهود السيميائيين العرب والمغاربة خاصة النظرية والتطبيقية في تطوير الدرس السيميائي.
ثم بعد ذلك أغنى الحاضرون ،هذا اللقاء بتدخلات ثمنت مجهودات مركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربية وطرحت الوضع الاعتباري لسيميائيات السرد بعد وفاة رائدها، وهل ستصبح مجرد منهج لمقاربة النصوص الأدبية والثقافية أم ستظل أيضا موضوعا نظريا للتفكير في إنتاج النصوص والمعاني.. كما طرحت قضايا المعنى والدلالة من وجهة نظر السيميائيات ومدى تقاطعهما مع موضوعهما في علم الدلالة (السيمانتيك) بوصفه فرعا أساسيا من فروع اللسانيات..