هذه أحدث قصائد الشاعر العراقي الكبير يقطر فيها حوهر الحياة في المدينة المصرية العريقة في لقطات شعرية تقبض على روحها الممتدة من فرعون مصر رمسيس حتى ماسح الأحذية مصطفى.

أربع قصائد من الأقصر

سعدي يوسف

 

مصطفى الـمصريّ

له اسمُ النبــيِّ وسِــيماؤهُ

وله العُــدّةُ الخشبيّـةُ :

خِــرْقـتُهُ  ، والفَراشــي ، وأصباغُهُ

وله شارعُ الحيِّ ...

كلُّ المقاهي له

والموائدُ

حتى رصيفُ "المحافظةِ" الساحليةِ مِلْكٌ له ...

السائحونَ وما انتعَلوا

والجنودُ ،

ومَن قَدِموا بالـمُـعَــدِّيَــةِ ...

........................

........................

........................

الصبحُ شِــبْــهُ ضحىً

والنسيمُ الذي يحملُ النيلَ  نحو المدينةِ يَدْفأُ

كان الزجاجُ ثخينَ الترابِ بمقهى المحلّــةِ

والشايُ يهدأُ في الكوبِ ...

قلتُ له : مصطفى !

أنت تصبغُ أحذيةَ الناسِ منذُ الصباحِ ...

أتقرأُ في المدْرسةْ ؟

.....................

.....................

.....................

مصطفى ليس يقرأُ:

يصبغُ أحذيةَ الناسِ

هذا النبيُّ اليتيم!

لندن 16.02.2008

رمسيس الثاني

ستّ عشــرةَ منحوتةً حملتْ وجهَكَ ...

البهوُ أنت

الجنود المحيطون بالبهوِ أنتَ

المسلّــةُ أنتَ

البحيرةُ  حيث  اعتلى قاربُ الشمسِ أنتَ

لك الأقصُرُ

النهرُ والـبَرُّ

والكرْنكُ الضخمُ أنتَ ..

وما خَلَّفَ السَّــبْيُ  أنتَ

السُّلالاتُ والطيرُ أنتَ

وأنتَ الـمُـسَــمّى بما لستَ أنتَ ...

كأنّ التواريخَ لم ترَ وجهَكَ ...

لم تلمُسِ الطفلَ في شفتَيكَ

ولم تبصرِ النورَ في مقلتَيكَ ...

......................

......................

......................

لماذا  أقولُ لك الآنَ :

إني أُسَـمِّـيكَ ...

أنتَ الـمُـسَــمّى بما أنتَ

أنتَ الجميل  !

لندن 17.02.2008

الــمُــهْرُ في الـقُـرْنةِ (البرّ الغربيّ)

مُــهْرٌ وليــدٌ منذُ يومَينِ ،

الحظيرةُ كانت البستانَ

أضغاثٌ من البرسيمِ تمنحُ أرضَها ضَوعاً

من الحقلِ الـمُرَنَّحِ بالضياءِ  وبالضّـياعِ

 وذلك الـمُـهرُ الوليدُ مُرَنّحٌ

كانت قوائمُهُ غضاريفَ ...

الحظيرةُ  تنحني لتكون بيتاً

أُمُّــهُ الفَرَسُ الجميلةُ هيّأتْ في البيتِ زاويةً ومأوىً

أُمُّهُ الفرَسُ الجميلةُ تنحني لـتُقَـبِّلَ الـمُهرَ

القوائمُ غضّــةٌ

والكونُ أخضرُ ...

..........................

..........................

..........................

سوف يعْدو الـمُـهرُ

يعدو الـمُـهرُ

يعدو ...

لندن 18.02.2008

الثوبُ المرمرُ

كانت المرأةُ في لحظتِها :

 إنَّ الذراعَ اللدْنةَ الـيُمنى على كتْفِ الحبيبِ

القدَمانِ اصطكّــتا مِن قبلِ أن تنفرِدا

والثوبُ يرجو أن يشِفَّ ...

الوجهُ ، كالغافلِ ، يبدو غائباً في نشوةٍ سِــرِّيَّةٍ

والثوبُ يرجو  أن يَخِفَّ

الثوبُ يرجو أن يشِفَّ  ...

الساقُ لم تلتَفَّ

كان الثوبُ ، في ثَنْـيَـتِــهِ ،  يستبِقُ الساقَ

وكان الرجلُ (الفرعونُ؟) في هدأتِهِ

ينتظرُ ...

لندن 21.02.2008