(الحلم الأول) (الحلم الثاني) (الحلم الثالث) |
"رأيت عبدالناصر يعطيني خبز الصعيد وهو خبز جاف وخاص جداً بهذه المنطقة، فقد تم تسويته على أشعة الشمس. وهو يقدم لي يطلب مني أن آكله، ومن هذه الرواية فأنا لم أفعل شيئاً حتى الآن. ولكن إذا شعرت بالقوة لأفعل هذا فسأكتبه يوماً ما وسوف أتركه يلازمني ويخالطني. نعم فالحلم هو حدود عالمي.(9)". |
"رأيت فيما يرى النائم... أنني في حديقة من أشجار الليمون، وأن الناس يزدحمون حول أشجارها ويتبارون في ملء مقاطفهم من ثمارها، وأن ثمة بيعاً وشراء مساومات، وتنافساً حماسياً يشتعل، وأن رجال الشرطة يتدخلون أحياناً بهراواتهم فتسيل دماء، وكنت أتجول بينهم بلا مقطف، حتى قال السمسار ساخراً: رجل مجنون جاء السوق بلا مقطف! والحق أن الشذا هو الذي دعاني لا السوق، فهمت على وجهي أتغزل برشاقة الأشجار وخضرتها الباسمة وأغصانها الثرية. وتخلق حب خالص في رعاية القبة الزرقاء، وفي لحظة مشرقة استحلت غصناً، فأفلت من مطاردة السمسار، ومضى الزمن وأنا أتاود على دفقات النسيم وأنهل من حرية عبقه بشذا الليمون". |
7ـ الاقتصاد في اللغة والتكثيف والإيجاز والعمق أهم سمات العملين (الأصداء والأحلام).
8ـ الأحلام والأصداء كلاهما نابعان من مصدر واحد هو ذاكرة "محفوظ".
يقول الحالم/ الرائي [مجلة ضاد: ع (5)، نوفمبر 2006، ص ـ 8] |
الحلم (40) وذات يوم جاء لي شرطي ومعه الصبي الأخ ولما رأى أخته أمسك بها. وعلمت أني مطلوب في القسم. وهناك وجُِهّت إليّ تهمة اغتصاب البنت والاحتفاظ بها في بيتي بالقوة. وذُهلت أمام ما يوجه إلي وطلبت من البنت أن تتكلم فبكت ووجّهت إليَّ من الكبائر ما لم يخطر على بال. وكان المحضر يسجل كل كلمة والدنيا تسوّد في عيني وعلى الرغم من إيماني الراسخ فلم تغب عني خطورة الموقف. |
الحلم [84] "رأيتني في شارع الحب كما اعتدت أن أسميه في الشباب الأمل. ورأيتني أهيم بين القصور والحدائق وعبير الزهور، ولكن أين قصر معبودتي؟ لم يبق منه أثر، وحل محله جامع جليل الأبعاد، رائع المعمار ذو مئذنة هي غاية في الطول والرشاقة. ودهشت وبينما أنا غارق في دهشتي انطلق الآذان داعيًا إلى صلاة المغرب دون تردد دخلت الجامع وصليت مع المصلين ولما ختمت الصلاة تباطأت كأنما لا أريد أن أرغب في مغادرة المكان. لذلك كنت آخر الراحلين إلى الباب، وهناك اكتشفت أن حذائي قد فقد، وأن عليَّ أن أجد لنفسي مخرجا ً" [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 58]. |
حلم [199] "رأيتنى أتجول في حديقة الحيوان مع صديقة ثم جلسنا في ركن خالٍ بجزيرة الشاي، كلَّما ترامى إلينا زئير وخوار أو عواء ازددنا التصاقاً حتى ذبنا ذوباناً" [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 93]. |
حلم [123] |
(ج) هذه فكرة الحلم كما سردها محفوظ، أما عن دوال الحلم، فهي:
(ميدان الأوبرا ـ مقهى الحرية ـ الشيخ مصطفى عبدالرازق ـ أوراق الإثبات ـ خلو المقهى ـ الراوي) |
حلم [180] "رأيت أستاذي الشيخ "مصطفى عبد الرازق" وهو شيخ الأزهر وهو يهم بدخول الإدارة فسارعت إليه ومددت له يدي بالسلام، فصحبني معه ورأيت في الداخل حديقة كبيرة جميلة فقال إنه هو الذي أمر بغرسها نصفها ورد بلدي والنصف الآخر ورد أفرنجي، وهو يرجو أن يولد من الاثنين وردة جديدة كاملة في شكلها طيبة في شذاها.." [أحلام فترة النقاهة : مرجع سابق، ص ـ 88]. |
(الشيخ مصطفى عبدالرازق الأزهر الحديقة [ذات الورد البلدي والورد الأفرنجي] الوردة الوليدة الراوي) |
حلم [202] "رأيتنى أقرأ كتاباً وإذا بسكارى رأس السنة يرمون قواريرهم الفارغة، فتطايرت شظايا وينذرونني بالويل، فجريت إلى أقرب قسم شرطة، ولكنى وجدت الشرطة منهمكة في حفظ الأمن العام، فجريت إلى فتوة الحي القديم وقبل أن أنتهي من شكواي هب هو ورجاله وانقضوا على الخمارة التي يشرب فيها المجرمون، وانهالوا عليهم بالعصى حتى استغاثوا بي" [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 94]. |
(ج) دوال الحلم:
(الراوي الكتاب ـ سكاري رأس السنة ـ قسم الشرطة ـ الأمن العام ـ فتوة الحي ـ العصى)
الحلم [60] "دققت جرس الباب ففتح عن ثلاث فتيات يقينًا إني لا أعرفهن لكنى شعرت بأنني لا أراهن لأول مرة. سألت عن السيدة صاحبة الشقة فأجبن بأنها مازالت في الحج، ولم يعرفن بعد ميعاد عودتها، وسرن بي إلى حجرات الشقة وعند فتح كل باب أرى جماعة حول مائدة مستديرة غارقين في مناقشة حادة ولكني لم أعرف أي موضوع يتناقشون من اختلاط الأصوات وتداخلها، ولم أرغب في الدخول في أي غرفة مفضلاً انتظار السيدة صاحبة الشقة، ولفتت نظري إحدى الفتيات بأن السيدة سوف تتأخر بضعة أيام، ومن يأسي أجبتها بعد أن اشتركت في المناقشات دون جدوى أننى أفضل انتظار عودة السيدة" [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 46] |
(الباب/ ثلاث فتيات/ السيدة صاحبة الشقة/ الحجرات/ الراوي) |
يقف الباحث عند هذه الأحلام ليوضح كيف رسم محفوظ صورة للموت، من خلالها نكتشف فلسفة محفوظ ورؤيته للموت.
الحلم (209) فالتفت فرأيت شخصاً ملتفاً في ملاءة تغطيه من الرأس إلى القدمين، فنظرت إليه باستطلاع شديد، فرفع الملاءة عن نصفه الأعلى فإذا هو هيكل عظمي فتراجعت مذعوراً، ورجعت وأنا أتلفت والصوت الجميل يطاردني وهو يغني: زوروني كل سنة مرة! |
المخبــــــــــر "كنت أتأهب للنوم، عندما طرق الباب طارق فتحت الشراعة فرأيت شبحاً يكاد يسد الفراغ أمام عيني، وقال: ـ مخبر من القسم ومد لي يده ببلاغ يأمرني بالحضور مع المخبر لأمر هام. أصبح من المألوف في حينا أن يذهب هذا المخبر إلى أي ساكن لاستدعائه يذهب في أي وقت ودون مراعاة لأي اعتبار ولا مناص من التنفيذ ولا مفر. ولم أجد جدوى في المناقشة فرجعت إلى غرفة نومي لارتداء ملابسي. سرت في إثره دون أن نتبادل كلمة واحدة ولمحت في النوافذ أشباح الناس يتابعونا ويتهامسون، إني أعرف ما يتهامسون به فقد طالما فعلت ذلك وأنا أتابع السابقين. [أصداء السيرة الذاتية: مرجع سابق، ص ـ 79] |
حلـــــم 143 "سمعت صوتاً غير مألوف فقمت فمرقت بسرعة إلى فناء العمارة، فرأيت رجلاً غريباً أثار في نفسي الريب فناديت البواب، ولفتٌ نظره إلى الرجل الغريب، فأخبرني بهدوء أنه موظف ويؤدي واجبه الرسمي، وهو أخذ الزائد من الأفراد من المساكن المكتظة وينقله إلى مسكن يتسع له فاعترضت قائلاً: إنه يأخذ فردًا من أسرته، ويُخلِّف حزناً وينقله على رغمه إلى مكان لا يرحب به. فقال البواب بأن هذا هو القانون ونحن لا نملك حياله إلا الإذعان والتسليم". [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 78] |
"رأيتني أعد المائدة، والمدعوون في الحجرة المجاورة تأتيني أصواتهم أصوات أمى وأختي وأخواتي وفي الانتظار سرقنى النوم ثم صحوت فاقد الصير فهرعت على الحجرة المجاورة لأدعوهم فوجدتها خالية تماماً وغارقة في الصمت وأصابني الفزع دقيقة ثم استيقطت ذاكرتي إنهم جميعاً رحلوا إلى جوار ربهم وأنني شيعت جنازتهم واحداً بعد الآخر." [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 97] |
حلم (179) |
في هذا الحلم ورد خطاءان نحويان، الأول: يقول الرائي: وسألوا عن كتاب يجمع الأفكار الحديثة. والصواب: (وسألا) حيث الضمير يعود غلى مثنى هما (الرائي والصديق) |
والثاني من الأخطاء النحوية، يقول في ختام الحلم (حتى نختمها) والصواب: (حتى نختمهما)
الحلم (201) "ياله من بهو عظيم يتلألأ نوراً ويتألق زخارف وألواناً وجدتني فيه مع إخوتى وأخواتي وأعمامي وأخوالي وأبنائهم وبناتهم، ثم جاء أصدقاء الجمالية وأصدقاء العباسية والحرافيش وراحوا يغنون ويضحكون حتى بحت حناجرهم ويرقصون حتى كلت أقدامهم ويتحابون حتى ذابت قلوبهم والآن جميعم يرقدون في مقابرهم مخلفين وراءهم صمتاً ونذيراً بالنسيان وسبحان من له الدوام." [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 94] |
حلم (103) ماذا جرى لبيتنا؟ جميع المقاعد تلاصقت وسًمِّرت قوائمها في الأرض وخلت الأسقف من المصابيح والجدران من الصوّر والأرض من السجاجيد، فماذا جرى لبيتنا؟! قالوا بأنه إجراء لتأمين البيت لتعدد حوادث السطو على المنازل، فقلت دون تردد: إن السطو أحبُّ إلىِّ من القُبح والفوضى. [أحلام فترة النقاهة: مرجع سابق، ص ـ 67]. |
ملحوظة: وردت كلمة (القُبح) على أنها (الصبح) في طبعة نصف الدنيا.. والصحيح أنها (القُبْح)
حلم (170) |
رسم "محفوظ في مفارقة دالة حالة الأمان وعدم الأمان من خلال هذا الحلم".
هوامش الدراسة:
اعتمدت الدراسة على (أحلام فترة النقاهة) الصادرة عن نصف الدنيا ع (864 بتاريخ 3/9/2006
1 ـ فيليب لوجون: "السيرة الذاتية الميثاق والتاريخ الأدبي" ت/ عمر حلِّى المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1: 1994
2 ـ مجلة الهلال: فبراير 1970، عدد خاص لنجيب محفوظ، ص74
3 ـ خالد محمدعبدالغني: هل كانت الحرافيش سيرة محفوظ التراثية أخبار الأدب ع700 ، 10ديسمبر 2006 ـ ص ـ 14
4 ـ حوار مع رجاء النقاش: نجيب محفوظ مؤلف ألف ليلة وليلة حوار (حنان مفيد) نصف الدنيا ع (864 بتاريخ 3/9/2006، ص ـ 53)
5 ـ مجلة ضاد: ع (5) نوفمير 2006 ص ـ 8، صادرة عن اتحاد كتاب مصر
6 ـ حوار مع مجلة نصف الدنيا: أجرته "زينب عبدالرازق" بعنوان (الحاج صبري كاتم أسرار نجيب محفوظ) ع (684، ص ـ 28)
7 ـ السابق ص ـ 28
8 ـ حوار مع لوفيجاروا: ترجمة "هبة سليمان" نصف الدنيا، ص ـ 12
9 ـ أصداء السيرة الذاتية: مكتبة الأسرة ـ الهيئة العامة المصرية للكتاب 2005، ص ـ 15
10 ـ عبد السميع عمر زين الدين:(أصداء الأصداء الآفاق الفكرية في أصداء السيرة الذاتية) الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتابات خاصة يناير 2007 ـ ص ـ 40
11 ـ د/ خيري دومة: تداخل الأنواع في القصة القصيرة المصرية الهيئة المصرية العامة للكتاب2002م ص ـ 259
12 ـ عبدالسميع عمر: مرجع سابق، ص ـ 45
13 ـ السابق ص ـ 46
14 ـ السابق ص ـ 47
15 ـ مجلة ضاد: يحيي الرخاوي: نجيب محفوظ (السهل الممتنع) ص ـ31