يواصل الشاعر العراقي الكبير النتح من الذاكرة لرقش الشعر في أديم الحياة اليومية، وخلق جمالياته الجديدة، وتسجيل موقف الشاعر مع الإنسان وقضاياه العادلة، برغم التباسات الواقع وتصاريفه المزرية.

ثـلاث قصـائـد

سعدي يوسف

 

الوقتُ مُحْكَمــاً

منذ الآن ، ستدخلُ في قوقعةٍ أصلبَ

قوقعةٍ تَنْدى في الفجرِ الأوّلِ كي تَظْـمأَ  طولَ اليومِ .

الساعاتُ خطوطٌ

والأعوامُ دوائرُ

والتاريخُ هو اللحظةُ .

...........................

...........................

...........................

هل أنت سعيدٌ ؟

هل أنتَ شقيٌّ ؟

هل ترغبُ في أن تخرجَ من هذي القوقعةِ

القوقعةِ/  الـحُلْمِ

القوقعةِ / الـحِصنِ

القوقعةِ الـمُلْــتَفّـةِ حولَ قميصِكَ مثلَ قِباءِ رصاصٍ ؟

.........................

.........................

.........................

حسناً   !

ماذا تفعلُ في آخرةِ الليلِ لو اخترقتْ جدرانَ القوقعةِ

الصيحاتُ... 

الصيحاتُ  الـنُّـعْمى

صيحاتُ البطِّ البرّيّ ؟

لندن 05.11.2007

أيامُ العملِ الســرّيّ

كنتُ أراقِبُ في عينيها ما كانت تَـجْهَدُ  أن  تُخفــيــهِ:

ليالي العملِ السِّــرِّيّ

بيوتَ الحزبِ

ومطبعةَ المنشوراتِ المحمولةَ في صندوقٍ خشبٍ ...

ذاكَ الرعبَ من الإعدامِ ، الغائرَ مثلَ حصاةِ رصاصٍ في الرأسِ .

تقول :

سقى اللهُ ، بما يســقــي، تلكَ الأيامَ !

لقد كنتُ فتاةً دون العشرينَ

مغامِرةً

أحمِلُ مِطواةً لِلّحظةِ

آنَ يكون الموتُ حياةً ...

آنَ أكونُ الأجملَ !

.........................

.........................

.........................

أنت الآنَ تراني

حسنا !ً

لكنْ ، بعد دقائقَ ، أو ساعاتٍ

سنكونُ بعيدَينِ

بعيدَينِ تماماً

حتى عن ذكرى هذا البارِ المكتظِّ بأهلِ المســرحِ

هذا البارِ الباردِ

حيثُ تدفّـأْنا بنبيذٍ

وبأيامٍ لن أستقبلَها حين تعود ...

لندن 07.11.2007

نـــافذة

الشرُفاتُ المفروشةُ بالحَصْباءِ

يحطُّ عليها الطيرُ

قليلاً

ويطيرُ  ...

امرأةٌ تفتح نافذةً

لتدخِّنَ .

(كانت تلبسُ  ثوباً أسودَ يكشف منها الكتِفَينِ)

نسيمُ خريفٍ يتحرّكُ تحت سماءٍ زرقاءَ  ...

سماءٍ سابعةٍ ؛

سأقولُ: صباح الخيرِ  !

وأفتحُ نافذةً  ...

باريس 06.10 .2007